الفن في مصر من 1919 حتى 1952

مقدمة

ترتبط المجتمعات بالفن بعلاقة تفاعلية وثيقة، فالمجتمعات قد تلهم أرباب الفن بالمواضيع التي تدور حولها أعمالهم الفنية، كما أنها تتحكَّم في الأطر التي يتم تناول المواضيع بداخلها ولا ينبغي تجاوزها، وهي أيضًا الحاضنة لمختلف أنواع الفنون مما يمكِّنها من دعم أحد الأنواع ولفظ الآخر، لكن من ناحية أخرى، فإن الفنون وإن كانت تستمد مواضيعها من واقع المجتمعات لكنها من خلال معالجتها لهذه المواضيع تقدِّم رؤى وتبثُّ قيمًا وتخلق مساحات جديدة، ترفع من سقف المسموح وتتخطَّى الأطر وتقفز فوق حواجز الممكن والمتاح، فينعكس ذلك على المجتمع مرة أخرى فيتغيَّر وربما يعيد تشكيل نفسه بواسطة الفن وعوامل أخرى، وهكذا تستمر العلاقة بين الفن والمجتمع، عاكسة لطبيعة السياق الذي يتفاعلان فيه، وما يحوي هذا السياق من أحداث تاريخية وتحديات مجتمعية وصراعات طبقية. يتفاعل خلال هذه العلاقة أيضًا كلٌّ من مستوى الواقع والخيال، وما يرتبط بكل مستوى من مساحات دلالية وتعبيرية تميِّز كلًّا منهما عن الآخر.
وهذا التقرير يحاول رصد حالة الفن في مصر بين عامي 1919 و 1952 و تتبُّع التطور التاريخي لبعض الفنون في هذه الفترة والإجابة عن بعض التساؤلات المثارة حولها، فمثلا كيف تفاعل المجتمع بعد الثورة مع الفنون الموجودة بالفعل؟ وكيف استقبل الفنون الجديدة؟ وما العلاقة بين أنواع الفنون والتراتبية الطبقيَّة في مصر؟ وغيرها من القضايا المطروحة في هذه الفترة .

أولًا- السينما

جاءت العروض السينمائية الأولى في مصر بعد العرض الأول في باريس بعامين فقط، وكانت أفلام البدايات توثيقية بالأساس، عبارة عن لقطات للطبيعة صورت بتقنية الصورة المتحركة دون أي سياق روائي، جاء هذا متزامنًا مع بعثة لوميير الأولى عام 1897، لكن يمكن القول إن البداية الحقيقة للسينما المصرية كان عام 1907 عندما نجحت كل من عزيزة أمير وإمبرتو ملافاس في خوض أول تجربة مصرية في التصوير والتحميض والإخراج والطبع بأموال مصرية بل والعرض داخل مصر أيضًا، كان هذا في الفيلم الإخباري “زيارة جناب الباب العالي للمعهد العلمي في مسجد سيدي أبو العباس”، وكان الإنتاج بمباركة من الخديوي “عباس حلمي الثاني”، ممَّا يدلُّ على أن النظام ممثَّلا في الخديوي كان مؤيدًا لهذا النوع من الفن(1).
وكان أول عرض سينمائي شهدته مصر في مدينة الاسكندرية قد تم بواسطة أحد أجهزة لوميير ثم توقفت العروض بعدها حتى تم إنشاء دور العرض، بينما كان أول عرض شهدته القاهرة قد تم في أحد المقاهي بجوار حديقة الأزبكية وكانت أسعار الدخول وقتها تتراوح ما بين قرش وثلاثة قروش، وشهد عام 1917 إنشاء أول شركة سينمائية مصرية بالإسكندرية، لكن الشركة كانت قد أفلست بعد عام واحد بسبب الخسائر التي تكبدتها، لكن بعد ذلك وفي عام 1920 كان تأسيس بنك مصر على يد طلعت حرب ومجموعة من رجال الأعمال المصريين قد ساهم بدور واضح في نشر سياسة التصنيع في مصر بما في ذلك صناعة السينما.
بعدها قام محمد بيومي أحد رواد السينما المصرية بتصوير واخراج فيلم تسجيلي لترحيب المصريين بسعد زغلول ويعد أول فيلم قام على اخراجه وتصويره سينمائي مصري(2)، خصوصا بعد أن ألتقى محمد بيومي بطلعت حرب عام 1925 وعرض عليه تصوير مراحل بناء بنك مصر لتوثيق الحدث ثم يتطور الأمر إلى إنشاء قسم خاص بالتصوير السينمائي في شركة الإعلانات المصرية التي يملكها طلعت حرب تلك الخطوة التي حولت مشروع محمد بيومي السينمائي لنشاط صناعي اقتصادي، لكن بعد سفر بيومي للخارج للإطلاع على أحدث ما توصل له في مجال السينما تم افتتاح الشركة التي ساهم فيها بمعداته دون وجوده وانطلاقها دون مشورته فاستقال منها(3).
بعدها جاءت بدايات السينما الروائية الطويلة والمتعارف عليها اليوم من خلال فيلمي “قبلة في الصحراء” و”ليلى”، وكلا الفيلمين كانا في عام 1927، في هذه الفترة أيضًا شهدت السينما أول فيلم مأخوذ من عمل روائي طويل، وهو “زينب” للدكتور محمد حسين هيكل، عن روايته المنشورة في عام 1914، ونجح كل من محمد كريم ويوسف وهبي في تحويله إلى فيلم، وكانت تدور أحداثه حول قصة حب بين زينب وإبراهيم الشاب القروي البسيط، وتم عرضه عام 1930 ولاقى نجاحًا كبيرًا، الأمر الذي شجَّع مخرجَه على إعادة إنتاجه مره أخرى بالتقنية الناطقة عام 1952 مع تلوين أحد مشاهد الفيلم في باريس، هذا الفيلم يمكن القول إنه أول فيلم قام عليه مصريون بشكل كامل فيما عدا قسم التصوير، بينما كان أول فيلم مصري ناطق هو فيلم ” أولاد الذوات” عام 1932 من بطولة يوسف وهبي وأمينة رزق بعد أربع سنوات فقط من ظهور التقنية عالميًّا، وتدور أحداث الفيلم حول “حمدي بك” الذي هجر بيته وأهله لاهثًا وراء فتاة فرنسية سرعان ما اكتشف خيانتها له فقتلها ودخل السجن، ثم عاد بعد خروجه من السجن إلى أهله يوم عرس ابنه الذي لم يعرفه فانتحر، ثم تلاه في العرض فيلم “أنشودة الفؤاد” والذي تشابهت حبكته الدرامية مع فيلم “أولاد الذوات” فيما يخصُّ حب البطل لفتاة أجنبية، لكن ما ميَّزه أنه كان أول فيلم موسيقي غنائي في السينما المصرية، بالإضافة إلى أنه في نفس العام بدأ إنتاج الأفلام المصرية وصدورها بانتظام، وتم إنشاء ستوديو سينمائي في الإسكندرية يضاهي ما في القاهرة من ستديوهات، وبات يُنظر إلى صناعة السينما باعتبارها صناعة وطنية ومن ثم فإن دعمها ومشاهدتها هو واجب وطني أيضًا(4)، وفي 1933 كان فيلم “الوردة البيضاء” لمخرجه محمد كريم والظهور الأول لمحمد عبد الوهاب في السينما كممثل ومنتج، وفي عام 1935 قام طلعت حرب بإنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما “ستوديو مصر” كأحد المؤسسات الوطنية التي تهدف لكسر السيطرة الأجنبية على صناعة السينما في مصر وبالفعل أحدثت الشركة نقلة في صناعة السينما المصرية، منها مثلًا إنتاجه لفيلم “وداد” بطولة أم كلثوم، وهو أول فيلم مصري يتم عرضه خارج مصر، بعدها أنتجت الشركة فيلم “لاشين” والذي شهد معركة شرسة بين الرقابة والشركة المنتجة حيث منع حسن باشا رفعت وكيل وزارة الداخلية عرض الفيلم لأنه يحوي مساسًا بالذات الملكية، لكن طلعت حرب تدخل للحفاظ على أموال الشركة وبالفعل وافق رئيس مجلس الوزراء على عرض الفيلم عام 1938 وحقق إيرادات عالية(5)، وظل هذا الأستوديو محور الحركة السينمائية في مصر حتى نشوب الحرب العالمية الثانية(6)، بعد الحرب تضاعف عدد الأفلام المصرية وظهرت العديد من الأفلام الاستعراضية والغنائية، بالإضافة لظهور العديد من الفنانين أمثال ليلى مراد وشادية وفاتن حمامة وعمر الشريف وفريد شوقي وأحمد رمزي وغيرهم(7)، في أواخر الأربيعنيَّات بدأت محاولات تلوين الأفلام، حتى كان 1950 حيث تمَّ إنتاج فيلم “بابا عريس” وهو أول فيلم مصري بالألوان الطبيعية، وبعدها بدأ محمد فوزي في الاستعانة بالخبرات الفرنسية في تلوين أفلامه، واستمرت السينما في نموِّها بعيدًا عن الأطر التنظيمية للدولة وغير تابعة لأيٍّ من قطاعاتها حتى تمَّ تأميمها في ستينيَّات القرن العشرين.
شهدت السينما في هذه المرحلة تسارعًا هائلًا في الإنتاج بالنظر لكونها فنًّا وليدًا حيث ارتفع معدل الانتاج السينمائي من تسعة أفلام في الموسم إلى ستة عشر فيلمًا، وبلغ الانتاج السينمائي ذروته بين عامي 1945 و1951 حيث تضاعف الإنتاج من معدل يتراوح بين 20- 50 فيلم سنويا إلى 241 فيلم؛ يرجع السبب في هذا بالأساس إلى تدفق المزيد من رؤوس أموال الأغنياء في ميدان صناعة السينما بالإضافة لقيام الكثير من الفرق المسرحية بعمل أفلام سينمائية وظهور العديد من الممثلين الجدد خصوصاً المطربين منهم، بالإضافة لهذا التنوُّع الشديد في الموضوعات والتي كانت في مجملها واقعيَّة تنقل صورًا صادقة عن المجتمع إلى حدٍّ بعيد وتستلهم معظم قصصها من الريف وليس القصور، بالإضافة لنقلها حقيقة التفاوت الطبقي الموجود في مصر، كما تعدَّدت ألوانها الفنية ما بين تاريخية وكوميدية وغيرها، اللافت أيضًا في هذه الفترة أن النساء هي التي حملت على عاتقها تأسيس صناعة السينما في مصر، فأول فيلم صامت مصري جاء بفضل السيدة عزيزة أمير والتي يعدُّ ما فعلته تجاوزًا للعادات المجتمعية في ذلك الوقت، ورغم العقبات التي واجهتها يحسب لهذه السيدة أيضا أنها أول من أنتجت فيلمًا يتناول القضية الفلسطينية عام 1948، بالإضافة لبهيجة حافظ أول سيدة تعمل بالتأليف الموسيقى في مصر والتي أقامت صالونًا ثقافيًّا جذب مجتمع الفنَّانين في القاهرة ووقفت أمام أسرتها التي كانت ترفض أن تعمل ابنتهم وهم العائلة الكبيرة المرموقة في التمثيل وهددت بالقتل حتى تزوجت وأعلن زوجها موافقته أن تمثل زوجته، وغيرهن الكثير أمثال فاطمة رشدي وأمينة محمد وآسيا داغر التي تعدُّ رائدة الإنتاج السينمائي في مصر(8).

ثانيًا- المسرح

ارتبطت نشأة المسرح العربي بالثلاثي مارون النقاش في بيروت والشيخ أبو خليل القباني في دمشق ويعقوب صنوع في مصر، وكانت الأعمال المسرحية في البدايات تعتمد بشكل أساسي على مصدريْن رئيسيَّين: إما أعمال المؤلف المسرحي الفرنسي موليير، ومرد هذا ربما إلى رغبة المؤلفين المسرحيِّين -في ذلك الوقت- في نقد مجتمعاتهم كما كان يفعل هو، بالإضافة إلى إتقانهم الفرنسية وهذا ما ظهر فيما قدَّمه كل من مارون النقاش وصنوع، أو يتم اللجوء إلى حكايات التراث العربي مثلما فعل الشيخ أبو خليل القباني، بعد هؤلاء الثلاثة ظلَّ المسرح العربي يسير على دربهم فتقدَّم المسرحيات المقتبسة سواء كان مصدر الاقتباس معروفًا أم لا، والمسرحيات الغنائية التي تتخلَّلها مقطوعات منظومة يؤدِّيها أفراد أو جماعات. وقد تمركز روَّاد المسرح بشكل ثابت في العواصم العربية الثلاث (بيروت، دمشق، القاهرة)، ثم اتَّجهت التيارات المسرحية بعد ذلك للتمركز في القاهرة بشكل أساسي، حيث يأتي إليها فنَّانو الشام يؤسِّسون فرقهم المسرحية ويقدِّمون عروضهم وينطلقون من القاهرة لبقية العواصم العربية ويعودون إليها مرة أخرى(9).
خلال هذه الفترة ظلَّ المسرح بعيدًا عن اهتمامات المصريين واحتياجاتهم، ولم يشتبك مع أيٍّ من قضاياهم السياسية ومطالبهم الاجتماعية، لذا ربما لم تتدخَّل السلطة في منع عرض عمل مسرحي إلا مرات قليلة جدًّا منها مسرحية “عرابي” التي كانت تذمُّ في الرجل وتعتبره سبب تردِّي الأحوال المصرية آنذاك، أمَّا التيار الغالب للأعمال المسرحية فقد كان يهدف إلى التسرية عن الأعراق الأجنبية التي تسكن مصر خصوصا الأتراك بالإضافة إلى الطبقات العليا من المجتمع المصري، لذا ربما لم يذكر أي دور لعبه المسرح قبل ثورة 1919 أو حتى في مواكبتها، فقط ما كان يقدِّمه سيد درويش هو ما يمكن اعتباره معبِّرًا عن المصريِّين في ذلك الوقت(10).
شهد المسرح في تلك الفترة وحتى مطلع الثلاثينيَّات عدَّة تغيُّرات كانت لها آثار واضحة في تاريخه، فبدأ الاستعاضة عن النصوص الأجنبية والتراثية بنصوص واقعية أيًّا كانت الشريحة التي يمثِّلها النص، وتعدُّ مسرحية فرح أنطون “مصر الجديدة ومصر القديمة ” من أوائل الأعمال التي اعتمدت على نصٍّ مسرحيٍّ واقعيٍّ يتَّخذ من الواقع وأحداثه مادَّة لمسرحيَّته، بالإضافة لذلك كان الطابع الغالب على النصوص المسرحية هو الوعظ والنصح والتحذير من الفساد والانحلال الغربي، استجابت الأعمال المسرحية أيضًا للتحديات الواقعية التي كانت تواجه الطبقة العليا والمتسلِّطة في المجتمع من بقية الطبقات، فأصبحت الأعمال التي يتم إنتاجها وتقديمها من قبل الأعيان تناقش بعضًا من قضايا الطبقة الوسطى وغيرها كوسيلة لاحتواء هذه الطبقات وامتصاص غضبها وحنقها تجاههم، وتعدُّ مسرحية “عبد الستار أفندي” التي كتبها محمد تيمور وريث الأسرة التيمورية في مصر مثالًا واضحًا على ذلك، فقد كانت تناقش العديد من قضايا الطبقة الوسطى بشكل كوميدي بالإضافة لإشراكه سيد درويش في تلحين أوبريت “العشرة الطيبة” الذي كتبه هو، على الرغم من قناعة تيمور الفكرية بأن المسرح لتسرية النخبة وليس لمناقشة قضايا الفقراء، وشهدت هذه الفترة أيضًا ظهور تيار مسرحي يتَّجه إلى الكتابات التاريخية فيقوم بتصوير لحظات أو أحداث من التاريخ المصري دون إعادة صياغتها أو تفسيرها أو حتى تفسير أسباب استدعائها، ممَّا دفع النُّقَّاد للنظر لهذه النوعية من الأعمال باعتبارها مجرد إلهاء عن الواقع المعاصر فقط(11).
من الثلاثينيَّات وحتى مطلع الخمسينيَّات سيطرت ثلاث فرق مسرحية على المسرح في هذه الحقبة، الأولى- فرقة علي الكسار: والذي استمرَّ في تقديم مسرحيَّاته حتى أواخر الأربعينيَّات، هذه المسرحيات كانت تعتمد عليه بشكل أساسي كونه المخرج والمؤلِّف والممثل الرئيسي، بالإضافة إلى أن الكسار لم يكن يعتمد في مسرحياته على نص مكتوب بقدر ما كان يعتمد على تفاعله المباشر مع الجماهير من الطبقات الدنيا التي عادة ما كان يختار الكسار أبطاله منهم، مؤمنًا في حقِّهم بالعيش كالسَّادة. ورغم كون الكسار ممثلًا من طراز فريد لكن فرقته لم تستمر بعده طويلًا لاعتمادها عليه بشكل أساسي وافتقادها للنصوص المكتوبة، فكان مصيرها النسيان السريع، وقد تزامنت فرقة نجيب الريحاني مع فرقة الكسار، والذي كان منافسًا له ليس فقط في المهنة الواحدة بل في الشكل الكوميدي الذي اعتمده كل منهم أيضًا، كان مسرح الريحاني هو الآخر مناصرًا للطبقات الدنيا، منتقدًا للسلَّم الاجتماعي، لكنه بقي نقدًا مسالمًا في الحدود المسموح بها ومتجنِّبا لغضب الطبقات العليا أيضًا، ثالث الثلاثة كانت فرقة يوسف وهبي والذي شغل مساحة كبيرة من الساحة المسرحية منذ إنشائه مسرح رمسيس عام 1923، كان مسرح يوسف بك وهبي مسرحًا نخبويًّا بامتياز ينسب فيه من خلال مسرحياته كل فضيلة إلى الطبقات العليا، بينما الرذائل محلها الطبقات الفقيرة والدنيا دائمًا، تحدَّث البعض عن كون مسرحه مدعومًا من قبل السلطة والنخبة، ولذا تتاح له المسارح القومية لمواسم كاملة. وقد شغل هؤلاء الثلاثة الساحة المسرحية المصرية بل والعربية لمدة طويلة امتدَّت لعقدين من الزمان.
كان هناك أيضًا نمط آخر من المسرحيات، جاءت بداية على يد أحمد شوقي وهي المسرحيات الشعرية والتي كان أهمها مصرع كليوباترا، مجنون ليلى، عنترة، قمبيز، أميرة الأندلس، علي بك الكبير.. وغيرها، كان يُؤخذ على مسرح شوقي أنه متأثِّر بشكل مبالغ بالرومانسيِّين الفرنسيِّين، فأبطال مسرحياته تحرِّكهم العاطفة دون العقل، هذا بالإضافة إلى الأخطاء التاريخية وتزييف الأحداث التي تعرض للنقد بسببها، وبالطبع فإن شوقي الذي تربَّى في قصر الملك لم يكن ليتغنَّى في أيٍّ من مسرحياته بالشعوب ونضالها، بل دائمًا حكمة الملوك وشجاعتها هي التي تنقذ الموقف دائمًا، ولا يدور التاريخ إلا حول الملوك والنخب، وكان عزيز أباظة هو الآخر يكتب المسرحيات الشعرية، ولكن يرى النقَّاد بأنها لم تصل إلى شاعرية شوقي، كما أن الرجل أُخذ عليه التمادي في استخدام غريب الألفاظ حتى تحدَّث أحد النقاد متهكِّمًا بأنه لا بد لمن يذهب لمشاهدة مسرحياته اصطحاب “لسان العرب” معه وبأن الهالة التي اكتسبتْها جاءت من علاقاته الوطيدة بالملك وكبار رجال القصر(12).
خلال هذه الفترة أيضًا نشر توفيق الحكيم العديد من أعماله المسرحية، ويرى النقَّاد بأن نصوص الحكيم قد طوَّرت من شكل المسرح المصري واستفادت من غيرها من المدارس الأوروبية، وقرَّبت المسرح لكثير من الطبقات التي كانت قد عزفت عنه، لكن تبقى هذه النصوص محل جدل واسع في تأويلها ومحاولة فهم أفكار الكاتب وآرائه ودلالة ما يلجأ إليه من أحداث واستعارات، فيرسل ما يريد قوله من خلالها، و هذا الجدل طال أعماله كلها منذ بداياته وحتى ما كتبه بعد 1952.
استمرت الفرق المسرحية في تقديم أعمالها بعيدًا عن أيِّ أطر تنظيمية من قبل الدولة، حتى أزمة الثلاثينيَّات التي عصفت بالعالم ومن ضمنها مصر، فلجأت كثيرٌ من الفرق لحلِّ نفسها وتسريح أعضائها، ثم التظاهر لإجبار الحكومة أن تدخلهم ضمن الفئات المستحقة للمعونة، حتى صدر قرار حكومي بإنشاء فرقة مسرح كبيرة تجمع أبطال المسرح المصري، وأُلحقت الفرقة بوزارة الشؤون الاجتماعية وشُكِّلت لجان للإشراف عليها، وصدر قرار من قبل هذه اللجان بعدم تقديم أي عمل بالعامية حيث يقدم أدب مترجم فقط بأقلام الأدباء بالفصحى، لكن عام 1942 ومع حكومة الوفد تم حل هذه اللجان واستُبدلت بأخرى وتمَّ إلغاء قرار الفصحى، لكن حدثت مشاكل بين أعضاء هذه اللجان على رأسهم يوسف وهبي وجورج أبيض استمرَّت حتى انسحاب يوسف وهبي من إدارة الفرق عقب حريق القاهرة يناير1952(13).

ثالثًا- الموسيقى والغناء

عادة ما يعبِّر الطابع الغنائي والموسيقي الذي يسود في أي مجتمع عن طبيعة المرحلة التي يمرُّ بها والقيم السائدة فيه، وقد نتج عن طبيعة العلاقة المتشابكة بين المجتمع و السياسية والغناء في مصر بعد ثورة 19 أنماط متعدِّدة يتاوءم كلٌّ منها مع طبيعة الأحداث التي مرَّت بها البلاد من جهة وطبيعة تفاعل أرباب الغناء والمواقف التي يتَّخذونها تجاه تلك الأحداث من جهة أخرى(14).
وفي هذه المرحلة من تاريخ مصر ترواحت المواقف بين من انحاز للثورة ومطالب الشعب، وبين من حافظ على علاقته مع أبناء شعبه والسلطة في آن واحد، ومن وجد في أهل السياسة بغيته فاكتفى بهم، وشهدت الأغاني الوطنية والسياسية في هذه المرحلة أيضًا تطوُّرًا ونموًّا مضطردًا، وباتت هي المسيطرة بشكل كبير على الغناء في مصر حتى أواخر العشرينيات.
فقد كان سيد درويش أحد أبرز مطربي هذه الفترة الذين قرَّروا الانحياز إلى الشعب بشكل تام، ولقد شهدت الأغنية الوطنية تطورًا ملحوظًا بفضله هو وصديقه بديع خيري، حيث كان الغناء الوطني قبلهما مقصورًا على المارشات العسكرية أو المدح في الزعماء، لكن الاثنين نجحا في إحداث نقلة مهمَّة في الغناء الوطني على صعيد الكلمات والألحان من خلال تعلُّم وفهم الموسيقى الغربية والاستعانة بما يطوِّر الألحان العربية منها، اختلف درويش كذلك في طبيعة القضايا التي يثيرها، فكثيرًا ما قدَّم أغنيات ناقدة للأوضاع السياسية والاجتماعية ومتحايلة على السلطة، فمع الثورة مثلا غنَّى “قوم يا مصري.. مصر دايمًا بتناديك” ثم أغنيته التي تحوَّلت إلى نشيد وطني “بلادي بلادي لك حبي وفؤادي” والتي أطلقها في غمار الثورة، ثم رفض الغناء لملك مصر في ذلك الوقت اتِّساقًا مع مبادئه، وغنَّى لسعد زغلول رغم منع السلطات الغناء له، فتحايل على ذلك حين غنى “يا بلح زغلول يا حليوة يا بلح”، ولم تَغِبْ قضايا الشعب عن موسيقاه وألحانه؛ فغنَّى “الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية”، وغنَّى لعمَّال مصر أغنية “صبح الصباح فتاح يا عليم والجيب مفيهش ولا مليم”، وأغنية “القُلل القناوي” التي وصف فيها حال الفلاح المصري وأرضه التي تهدِّدها البنوك والديون، بالإضافة إلى مشاركته في المسرح الغنائي مع الشيخ سلامة حجازي و التلحين للعديد من الفرق المسرحية الأخرى التي كانت متواجدة في ذلك الوقت، وظل هكذا حتى مات عام 1923.
من ناحية أخرى، فقد مثَّلت منيرة المهدية نمطًا آخر من تعاطي أهل الغناء في ذلك الوقت مع السلطة، فقد حافظت على العلاقة بينها وبين كبار رجال السياسة في ذلك الوقت، هذه العلاقة التي مكَّنتها من الاستمرار في فتح المقهى الخاص بها، رغم إغلاق الإنجليز للمسارح والمقاهي الأخرى، فاستغلَّت منيرة هذه الامتيازات في تقديم الأغاني التي تدعو إلى الاستقلال، بالإضافة إلى الغناء لسعد زغلول بشكل متحايل بعد منع السلطات الغناء له فغنَّتْ “شال الحمام حط الحمام.. من مصر السعيدة للسودان.. زغلول وقلبي مال إليه.. أنده له لما أحتاج إليه”، كما غنَّت للفلاحين وأهل الريف، بل وتوسَّطت لدى المعتمد البريطاني في الإفراج عن العديد من الطلبة والسياسيِّين في ذلك الوقت، وكانت الكثير من تجمُّعات مجلس الوزراء الذي كان يرأسه حسين رشدي تتم في عوامتها بعد منع الاحتلال لأي تجمُّعات.
بعد وفاة سيد درويش وعودة سعد زغلول من المنفى وإصدار الدستور وصولًا إلى أواخر العشرينيات هدأت الروح الثورية التي كانت مسيطرة، وحاول الكثيرون طمس ونسيان ما تركه سيد درويش وكل فن ارتبط بالمقاومة الاجتماعية، ومع بداية الثلاثينيات سطع نجم أهم مطربي هذه الفترة: محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، عبدالوهاب الذي تتلمذ على يد سيد درويش بعد تركه الكتَّاب وذهابه لتعلم الفن رغم معارضة أهله، بدأ مطربًا في الفرق المسرحية أهمها فرقة منيرة المهدية والتي استغنت عنه بعدما بدأ يزاحمها في دورها المسرحي وفي جمهورها أيضًا فطردته، ورآه أحمد شوقي يغني ذات يوم فأشفق عليه وعلى صحته لكنَّه تبنَّاه بعد ذلك وقدَّمه إلى طبقة الباشاوات المصرية واصطحبه في رحلاته خارج مصر، بل وهو من دفعه إلى التجديد في الموسيقى العربية وألحانها، ولم يقتصر على الغناء فقط، فكان له دور في المسرح الغنائي أيضًا، ولعب عدَّة أدوار فيه، كما قام بالتمثيل وكانت أول أفلامه الوردة البيضاء بالإضافة لاكتشافه العديد من الممثلات والمطربين، وتعاون كملحن مع أم كلثوم فيما يقرب العشر أغنيات لعل أهمها “أمل حياتي” و”أنت عمري”، وعلى الرغم من أن أستاذه كان منحازًا للطبقات الفقيرة من الشعب والتي يعدُّ عبد الوهاب أحد أبنائها أيضًا لكنه في فنه وآرائه كان أرستقراطيًّا يغني لطبقة الباشاوات بالأساس ويدعم السلطة السياسية بأغانيه وألحانه الوطنية(15).
أمَّا أم كلثوم فبدأت بقراءة القرآن وغناء التواشيح والقصائد ثم غنت في الموالد، حتى اكتشفها الشيخ أبو العلا محمد، لكن كان من الصعب على والدها قبول أن تذهب ابنته إلى القاهرة للغناء، خصوصا وأن هذه المهنة ارتبطت في أذهان الريف بالخمر وغيره وهي امرأة أيضًا؛ لكنه اقتنع بعد الحاح أعيان القرية عليه(16)، فقد قَدِمَتْ من الدقهلية إلى القاهرة، وغنَّت على الكثير من المسارح حتى تبنَّتْها أسرتا عبد الرازق وآل المهدي مع الشيخ أبو العلا، ومنذ قدومها إلى القاهرة وهي مقرَّبة من العائلات الشهيرة والثريَّة فيها ومقرَّبة من السلطة أيضًا ومواكِبة للأحداث السياسة كذلك، فأحيت الأعياد الوطنية وغنَّت لسعد زغلول وفلسطين وجابت البلدان دعمًا لعبد الناصر وجمعًا للأموال من أجل مصر، وباتت الصوت الأكثر استماعًا وانتشارًا في مصر والأقطار العربية.
وظهرت بالتزامن مع كل من عبد الوهاب وأم كلثوم أسماءٌ من أبرز الملحِّنين الذين عرفتهم مصر أمثال: زكريا أحمد ورياض السنباطي ومحمد القصبجي، بالإضافة للعديد من المطربين أمثال: محمد عبد المطلب وكارم محمود ومحمد فوزي وليلى مراد وأسمهان، لكنهم جميعا بقوا دون عبد الوهاب وأم كلثوم(17).

رابعًا- الفنون الجميلة

في بداية القرن العشرين ومع الضغط الاستعماري والصراع السياسي الذي كانت تشهده مصر، تكوَّنت طبقة برجوازية داعمة بشكل أساسي للأسرة المالكة، مما دفع بالأسرة المالكة إلى السعي للحفاظ على هذه الطبقة، فأقامت لها العديد من المشروعات التي تتناسب معها، وكان من ضمن هذه المشروعات إنشاء الأمير يوسف كمال لمدرسة الفنون الجميلة التي كانت تحاكي المدرسة التي تم إنشاؤها في باريس، والتحق بالمدرسة العديد من الطلاب من أبناء طبقة البرجوازية المصرية، كما تمَّ إرسال العديد منهم إلى بعثات في العديد من الدول الأوروبية، وكان أشهر هؤلاء الفنانين محمود مختار والذي حاول بنحته للتماثيل التفاعل مع المطالب المصرية في الاستقلال ولعل تمثال نهضة مصر من أبرز الأمثلة على ذلك حيث نظم اكتتابًا شعبيًا لأجل نصب هذا التمثال في ميادين مصر وساهمت فيه الحكومة المصرية أيضًا(18)، بالإضافة لغيره من الفنانين أمثال: يوسف كامل وراغب عياد وأحمد صبري ومحمود سعيد ومحمد ناجي وغيرهم من الفنانين الذين وضعوا الركائز الأولى للفن التشكيلي في مصر، لكن على الرغم من التطوُّر السريع الذي حدث للفن التشكيلي في مصر فإنه بقي أسير أو حبيس المعارض والقصور، بعيدًا عن الطبقات الوسطى والدنيا في المجتمع، ربما يعود سبب هذا إلى أن نشأته ارتبطت بالطبقة البرجوازية المصرية بالأساس، كما أنه يعد فنًّا دخيلًا على الثقافة العربية والإسلامية، ومن ثم فقد استلهم طرق التعبير الأوروبية بشكل كبير مما أدَّى إلى انقطاع الصلة بينه وبين المجتمع المصري في ذلك الوقت، بالإضافة لكونه يحتاج قدرًا كبيرًا من الدراسة والتخصُّص حتى يتمَّ التفاعل معه وإدراك فنيَّاته، وهو ما لم يكن متوفِّرًا لدي الكثير من أبناء الشعب في ذلك الوقت(19).

خاتمة

كانت العلاقة بين الفنِّ والمجتمع في هذه المرحلة من تاريخ مصر علاقة متشابكة ومعقَّدة، تعكس إلى حدٍّ بعيدٍ طبيعة المرحلة التي كان المجتمع يمرُّ بها، من احتلال بريطاني وضغوط اقتصادية ومحاولة للالتفاف حول الرموز الوطنية، بالإضافة لظهور طبقة برجوازية في المدن المصرية وغير ذلك من التغيُّرات التي حفلت بها مصر في ذلك الوقت.
فمن جهة، كان الفن المصري في بعض الأحيان مواكبًا للأحداث الوطنية داعمًا لها، ومؤمنًا بالمشروع الوطني الذي

تمَّ تبنِّيه في هذه المرحلة، لكن في كثير من الأحيان كان الفن لا يتجاوز حدَّ الترفيه والتسلية، وأرباب الفن أنفسهم كانت تختلف أعمالهم المقدَّمة تبعًا لرؤيتهم للغرض من الفن وإلى أيِّ الطبقات يوجَّه وعن من يتحدَّث ويعبر؛ لذا فقد وجدنا بعض الأعمال تعبر عن الطبقات الفقيرة، بينما ارتمى البعض الآخر في أحضان طبقة الباشاوات المصرية، وتأثَّر الفن في تلك الفترة أيضًا بالجاليات الأجنبية الكثيرة الموجودة في مصر في ذلك الوقت ومن ثم جاءت أعمال كثيرة تتحدَّث إلى هذه الجاليات مع غضِّ طرفها عن المجتمع الأصلي.
ومن جهة أخرى، ساهمت العلاقة بين مصر وأوروبا في تلك الفترة بتأثُّر الفن في كثيرٍ من نواحيه بالثقافة الأوروبية، سواء في طبيعة الأعمال المقدمة والموضوعات، واقتباس كثير من الأفلام والمسرحيات عن أعمال أوروبية، ساهمت هذه العلاقة أيضًا في نموِّ الفنون المختلفة في مصر نموًّا سريعًا خصوصًا على مستوى التقنية والآلات المستخدمة، بالإضافة لذلك أدَّى بروز طبقة البرجوازية المصرية وابتعاث أبنائها للخارج إلى استقدام العديد من الفنون التشكيلية وظهور طبقة من الفنانين القائمين عليها، لكن هذه الفنون ظلَّتْ قاصرةً على الطبقة البرجوازية ولم تتخطَّها إلى عموم الشعب، ولم يتفاعل الشعب معها أيضًا لأنها بعيدة كثيرًا عن ثقافته، وهو يجهل عنها أكثر مما يعرف، كما كان لهذه الطبقة أيضًا الفضل في انتشار ظاهرة الصالونات الثقافية واستمرارها بعد ذلك بين الأدباء والفنانين وغيرهم، ولا يمكن أيضًا إغفال الدور الذي لعبه الفن في البنية المجتمعية المصرية، وطبيعة الدور المنوط بكل من المرأة والرجل في المجتمع والمساحات الخاصة بكل منهم، بالإضافة للقيم التي استجدَّتْ على المجتمع والتي ربما يعود سببها للاعتماد بشكلٍ أساسي على الاقتباس أو تقليد الأجانب في أعمالهم الفنية بالإضافة لطبيعة تواجد الأجانب أنفسهم في المجتمع في ذلك الوقت.
*****

الهوامش

(*) طالبة ماجستير بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
(1) سامي حلمي، بدايات السينما المصرية 1907-1939، ( القاهرة: الهيئة العامة للقصور الثقافة، 2000)،ص17.
(2) سلمى مبارك، السينما المصرية شاهدًا: قصة أول فيلم مصري لمخرجه محمد بيومي، أخبار الأدب، العدد 894، (القاهرة:مؤسسة أخبار اليوم، سبتمبر 2010)، متاح عبر الرابط التالي: http://cutt.us/7tcJz
( [3) سامي حلمي، مرجع سبق ذكره،ص39
(4) محمود قاسم، تاريخ السينما المصرية: قراءة الوثائق النادرة،( الجيزة: وكالة الصحافة العربية، 2018)، ص5-7
(5) سامي حلمي، مرجع سبق ذكره، ص72
(6) صلاح العبيدي، الدور الاقتصادي للبرجوازيين الوطنيين في المشرق العربي حتى ستينات القرن العشريين، (عمان: دارغيداء، 2010)، ص 97- 99.
(7) محمود قاسم، الفيلم الغنائي في السينما المصرية، ( الجيزة: وكالة الصحافة العربية، 2018)،ص13-20 .
(8) أيمن عثمان، تراث مصري، ( القاهرة: داردون، 2017) ص97-102.
(9) فاروق عبدالقادر، ازدهار وسقوط المسرح المصري، ( القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2015)، ص19
(10) فتحي العشري، نبضات المسرح، ( الجيزة: المكتبة الأكاديمية، 2009) ص35.
(11) فاروق عبدالقادر، مرجع سبق ذكره، ص20-21
(12) المرجع السابق ، ص26
(13) فاروق عبدالقادر، مرجع سبق ذكره، ص35
(14) ياسمين فراج، الغناء والسياسة في تاريخ مصر،( القاهرة: نهضة مصر، 2014)، ص8.
(15) لطفي المطيعي، موسوعة رجال ونساء مصر، ( القاهرة: دارالشروق، 2003)، ص695-701
(16) سعيد الشحات، أم كلثوم وحكام مصر، ( القاهرة: دار كتاب، 2000)، ص 24-28
(17) لطفي المطيعي، مرجع سبق ذكره، ص12-13
(18) شوكت الربيعي، مقدمة في تاريخ الفنون التشكيلية العربية، (العراق: الوركاء،2014)،ج 1،ص35
(19) المرجع السابق،ج1،ص87-88

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى