ثورة 1919 وأثرها على الحياة الدستورية في مصر

مقدمة:

لم تكن ثورة 1919 ودستور 1923 البداية الحقيقية للحياة النيابية والدستورية في مصر، فقد كان الخديوي إسماعيل هو المؤسِّس الأول لما عرف بمجلس شورى النواب، واختلفت الآراء حول السبب الذي دفع الخديوي لإنشائه، إلا أن الوقائع تظهر أنه كان يهدف من ورائه للسيطرة على الأعيان لأنه كان بحاجة إلى أشخاص على دراية بظروف الرِّيف وقادرين على مساعدته، وقد كان هذا يحدث منذ عصر محمد علي وأصبح وجودهم أمرًا واقعًا يتعيَّن التعامل معه، وأيضًا تدعيم الثقة الأجنبية في مصر وتسهيل الحصول على القروض، ومن المعروف أن دخول مصر عصر الاقتراض كان في عهده، وكذلك رغبة في زيادة موارد الدولة عن طريق فرض الضرائب، وهي سياسة غير شعبية. فاستخدم هذا المجلس لإضفاء الشرعية على السلوك المالي والإداري له، وهذا حدث عندما صادر بعض الأراضي وأعاد توزيعها على بعض من أفراد أسرته وحصل على موافقة المجلس على هذا الإجراء، وطلب من المجلس فرض ضرائب على الأراضي غير المنزرعة، وأن يرفع مقدار الضرائب القائمة، وبالتالي أصبح المجلس متورِّطًا في سلوك الحكومة غير المرحَّب به من قبل الشعب.
وبقراءة صفحات من تاريخ الخديوي إسماعيل نرى أنه كان مولعًا بتقليد الغرب، فكان يريد أن يبدو أمامه كحاكم شرقي متنوِّر، ولكن في حقيقة الأمر كان هذا التقليد ظاهريًّا وليس جوهريًّا، حيث لم ينعقد المجلس سوى ست مرات في الفترة من (1866- 1875) ولم يكن انعقاده لمدة تزيد عن ثلاثة شهور، ووفقًا لكل الأسباب المتقدِّمة فإنها كلها لا تدل على حاكم يحترم إرادة الأمة أو يراعي مصالحها، وإنما كانت غطاءً لسياسات تستهدف تكريس الحكم وتعظيم الغنائم الاقتصادية للملك والنخبة الحاكمة حوله من الأعيان(1).
وفي مرحلة تالية 1879 أسند إلى محمد شريف باشا “أطلق عليه أبو الدستور المصري” مهمة وضع دستور للبلاد وتم هذا بالفعل غير أنه لم يصدر به المرسوم الخديوي رغم إقرار الحكومة له، وكان قوام الدستور حق إقرار القوانين وإقرار الميزانية لمجلس النواب، وجعل الوزارة مسؤولة أمام المجلس، وحق سكان السودان في انتخاب ممثلين عنهم.
وبعد عزل الخديوي إسماعيل ووصول الخديوي توفيق خلفًا له أقنعه شريف باشا بأن الدستور ومشاركة الأمة ممثَّله بنوَّاب عنها هو السبيل لمواجهة التدخُّل الأوروبي، غير أن الخديوي توفيق لم يكن متحمِّسًا لفكرة الدستور وكان يؤمن بالحكم الفردي وألغى رئاسة مجلس الوزراء وتولَّى السلطة بنفسه.
ونتج عن كل هذا بالإضافة إلى التدخُّل الأجنبي، قيام الثورة العرابية ومن مطالبها تشكيل مجلس للنواب، وافتُتح المجلس وقُدِّمَ الدستور الجديد سنة 1882 وصدَّق عليه الخديوي وبعد ذلك حدثت الانتكاسة للثورة العرابية واحتلال الإنجليز لمصر.
وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني كان ظهور سعد زغلول كعضو في الجمعية التشريعية متزامنًا مع مطلب الأمة بالدستور والجلاء وبدأت تثار مسألة الحياة الدستورية وسؤال عن مصدر السلطة أهو الأمة أم الحكومة، وصولا للحظة الفارقة في ثورة 1919 وتأسيس نظام سياسي جديد ينهي علاقة مصر بالإمبراطورية العثمانية وفيه أصبح السلطان أحمد فؤاد ملكًا وأصبح يلزم للنظام الجديد وثيقة تؤطِّره فكان دستور (2)1923.
يدور سؤال هذه الورقة حول القضية الدستورية في فترة مهمَّة من تاريخ مصر الحديث، تقع ما بين ثورتين، هي الفترة من 1919 إلى 1952، وقد شهدت هذه الفترة ميلاد دستور 1923 باعتباره أحد أهم مكاسب ثورة 1919 مشكِّلا لنظام حكمٍ نيابي ومؤسِّسًا لديمقراطية مصرية جديدة، ثم شهدت الانقلاب عليه وإصدار دستور 1930 الذي يُعَدُّ بمثابة الصورة السلبية لدستور 1923 والذي عاد بعد ثلاث سنوات لكن في سياق مختلف عن نشأته، ما جعل دلالة عودته سجاليَّة، في إطار تعقُّد العلاقة بين السياسي والقانوني (الدستوري) في مصر الحديثة. ونلقي ضوءًا مكثَّفًا على تطورات القضية الدستورية في تلك الفترة من خلال إشارة موجزة إلى طرق وضع الدساتير، ثم الانتقال إلى السياق الذي أحاط بوضع دستور 23 عقب ثورة 1919 والطريقة التي وضع بها، وتكوين لجنته، قبل إلقاء نظرة على المضمون السياسي ثم الاجتماعي للدستور والإشارة إلى قضية السودان فيه. وفي قسم ثان من الورقة نتعرَّض لدستور 1930 بداية من سياق التلاعب بدستور 1923 مرورًا بطريقة إصدار دستور 1930 وما تضمَّنه من تعدِّيات على الديمقراطية الناشئة، والنضال الشعبي لحين عودة دستور 1923.

أولًا- طرق وضع الدساتير

تنقسم طرق وضع الدساتير إلى طريقتين أساسيَّتيْن:
1- طرق غير ديمقراطية تسود فيها إرادة الحاكم وتتمثَّل في صورتين:
أ) المنحة: ويقصد بها استقلال الحاكم بوضع الدستور دون أن يشاركه فيه الشعب، ويتمُّ ذلك عن طريق تنازل الحاكم عن بعض سلطاته للشعب في صورة عهود أو مواثيق، وقد يمنح الحاكم الدستور للشعب تلقائيًّا وبمحض إرادته، وقد يضطر إلى هذا المنح تحت ضغط من الشعب.
ب) العقد: في هذه الطريقة تكون إرادة الشعب بجانب إرادة الحاكم، ويعطى لكل من الطرفين الحق في أن يناقش شروط الاتفاق وفي أن يحول دون إبرامه، والذي يحدث عادة في مثل هذه الطريقة أن ممثلي الشعب يضعون مشروع الدستور ثم يعرضونه على الحاكم الذي يوافق عليه، وتعد هذه الطريقة حلقة في طريق التطور نحو الأخذ بالوسائل الديمقراطية في وضع الدستور.
2- الطرق الديمقراطية:
وينفرد الشعب هنا بالسلطة التأسيسية الأصلية، حيث يوضع الدستور بواسطه ممثلي الشعب ويلتزم بأحكامها الحاكم وأفراد الشعب، فالدستور يكون من كل الأمه ذاتها ويوضع بإحدى طريقتين:
أ) وضع الدستور بواسطة جمعية نيابية تأسيسية، وتتمثل هذه الطريقة في أن الشعب ينتخب هيئة تقوم بوضع الدستور ويعتبر الدستور الذي يصدر عن هذه الهيئة كأنه صادر عن الشعب بأسره، ويعتبر الدستور نافذًا بمجرَّد إقرار الهيئة عليه في صيغته النهائية دون عرضه على الشعب أو استفتائه عليه.
ب) وضع الدستور عن طريق الاستفتاء الدستوري: وفي هذه الطريقة يباشر الشعب بنفسه السلطة التأسيسية الأصلية لوضع الدستور، وتعد هذه الطريقة الأسلوب الأمثل لممارسة الديمقراطية(3).

ثانيًا- الخلفية السياسية لوضع دستور 1923

عقب إعلان تصريح 28 فبراير 1922 أصبحت مصر مملكة، واتخذ السلطان فؤاد لنفسه لقب “ملك مصر” وألغى لقب سلطان مصر. وإزاء ذلك سعت الحكومة لوضع دستور للبلاد يتَّفق مع وضعها السياسي الجديد، فدعت الأحزاب المصرية القائمة في ذلك الوقت لكي تشاركها في وضع الدستور، وطالبت الحركة الوطنية بأن يضع الدستور جمعية نيابية تأسيسية منتخبة وليست لجنة معينة من قبل الحكومة، ولكن الحكومة شكَّلت لجنة مكونة من ثلاثين عضوًا من رجال الحكومة المشتغلين بالقانون، وزعماء حزب الأحرار الدستوريين، وبعض الشخصيات البارزة في المجتمع المصري، وأخذ هذا الدستور بالنظام البرلماني، لذلك اعترف بالرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية(4).
في 15 مارس 1923 أرسل السلطان فؤاد خطابًا إلى رئيس الحكومة يطلب منه إبلاغ الشعب المصري أولا باستقلال مصر مع صيرورته ملكًا عليها، ولم يكن استقلال مصر قد أعلن رسميًّا حتى بادرت الوزارة برئاسة “عبد الخالق ثروت” باتخاذ سلسلة من الإجراءات في الداخل والخارج لتجسيد التحول الذي طرأ على وضع البلاد، فاعتبر يوم 15 مارس هو عيد الاستقلال يحتفل به كل عام، وبادر” عبد الخالق ثروت “بإعلام الدول الأجنبية بما تم وانهالت برقيات التهنئة من مختلف الملوك ورؤساء الدول على الملك أحمد فؤاد، بما في ذلك تهنئته من ملك إنجلترا وإمبراطور الهند.
1- تكوين لجنة وضع الدستور:
دُعي الوفد للاشتراك في اللجنة بثلاثة أعضاء، كما دُعي الحزب الوطني للاشتراك كذلك ولكن الوفد رفض، وكانت الحجة التي استند عليها في رفضه هي أن الدستور يجب أن يكون من عمل جمعية وطنية، وقد أطلق سعد زغلول على هذه اللجنة من منفاه “لجنة الأشقياء”، كما وصف تصريح 28 فبراير بأنه نكبة وطنية، ولكن بعد أقل من عام (مارس 1923-يناير 1924) سيستفيد سعد زغلول نفسه من كل ذلك فتصبح له الأغلبية الكاسحة في مجلس النواب ويصبح أول رئيس حكومة مصرية بإرادة الشعب.
في افتتاح أعمال لجنة وضع الدستور أشار “عبد الخالق ثروت” إلى أن أحكام الدستور ستراعي تقاليد البلاد المحلية وعاداتها ومختلف الاعتبارات الاجتماعية فيها، وأن يستفاد من تجارب الأمم الأخرى والاستعانة بذوي الخبرة والكفاءات من أبناء البلاد، وأن الحكومة لم تقتصر في الدعوة إلى معاونتها على فريق دون آخر، وقال أيضًا إنهم سيراعون في الدستور أحدث مبادئ القانون العام وعلى الأخص المسؤولية الوزارية أمام البرلمان(5).

2- نظرة على بعض مواد الدستور:

– المضمون السياسي لدستور 1923
تضمَّن الدستور أبوابًا ومواد تعبِّر عن الوضع السياسي الجديد لمصر بعد الحرب العالمية الأولى وثورة 1919 وعن النظام السياسي العام المراد إنشاؤه. ففي المادة الأولى -وهي الوحيدة في الباب الأول- ترد القاعدة الأساسية التي تنتج عن إلغاء السيادة التركية وإلغاء الحماية البريطانية، وهي أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وأنها تحكمها حكومة ملكية متوارثة ذات أنظمة تمثيلية.
والباب الثاني يحتوي على طائفة من النصوص الوضعيَّة التي توجد في معظم الدساتير الحديثة، من تحديد الجنسية بالقانون، والمساواة أمام القانون والمساواة في التمتُّع بالحقوق المدنية والسياسية والواجبات والتكاليف العامة بلا تمييز بسبب الأصل أو اللغة أو الدين، وعدم تولِّي الأجانب الوظائف إلا في أحوال استثنائية، في خطوة مهمَّة لتمصير الوظائف العامة ومضادة لسياسة الجلنزة التي اتَّبعها الإنجليز منذ احتلاهم مصر 1882.
وكانت المواد الأكثر أهمية التي تؤسِّس لدولة القانون تلك التي تتعلَّق بكفالة الحرية وعدم جواز القبض على إنسان وحبسه إلا وفقًا لأحكام القانون، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، وأيضًا حرمة المنازل والملكية في إطار القانون، وكفاله حرية الاعتقاد وحماية الدولة لشعائر الأديان والعقائد وفقًا للعادات المرعيَّة، وضمان حرية الصحافة في حدود القانون، والحق في الاجتماع، والحق في التعليم، والحق في تكوين الجمعيات، والحق في مخاطبة السلطات العامة.
ويتفرَّع على مبدأ عدم التمييز إلغاء جميع الامتيازات الخصوصية سواء كانت في مسألة الضرائب أو الشؤون السياسية أو فيما يتعلَّق بواجب الخدمة العسكرية.
وقد ضُمنت حرية الصحافة بالمادة 15 من الدستور، وهذه الحرية لا تقيَّد فيما يعدُّ مبدئيًّا إلا بنصوص قانون العقوبات، فلا يمكن إقامة الرقابة عليها، ويمتنع إنذار الصحف أو تعطيلها أو إلغاؤها بواسطة الإدارة، فكل نظام المطبوعات الذي سُنَّ في 26 نوفمبر 1881 يجب أن يُجعل مطابقًا للمبادئ الجديدة، ولكن يبقى هناك استثناء واحد لإنذار الصحف وتعطيلها أو إلغائها بالطرق الإدارية، فإن بعضًا من الحرية الدستورية لا يمكن تطبيقه على حملات تعتدي على أُسُسِ الهيئة الاجتماعية، كحظر الدعوة البلشفية (الشيوعية السوفيتية) الموجودة وقتها، فإنه يضطر جميع الحكومات إلى اتخاذ تدابير قد تكون مناقضة للمبادئ المقرَّرة بالدستور لأجل ضمان حريه أهل البلاد المسالمين والموالين للقانون، ولذلك نُصَّ على أن إنذار الصحف وتعطيلها أو إلغاءها بالطرق الإدارية قد يجوز في حالة ما تقضي الضرورة الالتجاء إليه لحماية النظام الاجتماعي، وأضيف تحفُّظ مماثل لهذا النص إلى نص المادة 20 التي تكفل للمصريِّين حق الاجتماع بسكينة ومن دون سلاح، والمادة التي تحظر النفي لجرائم سياسية.
أمَّا فيما يختص بالتعليم فقد وضع الدستور مبدأ التعليم الأولي الإجباري ومجانية التعليم وترك لقانون خاص تنظيم التفاصيل وتعيين الاعتمادات اللازمة له.
والباب الثالث أطول الأبواب وأهمها وهو يبحث في تنظيم السلطات، فالمادة 123 تجعل من الأمة المصدر الأساسي للسلطات وليس الملك، وبناء عليه تم الاعتراف بسيادة الأمة، بالإضافة إلى تحويل نظام الحكم إلى ملكية برلمانية، فيها يتمُّ سحب العديد من الصلاحيات من الملك إلى مجلس النواب، ولا يستطيع الأخير إلغاء الدستور أو إدخال تعديلات عليه إلا بموجب نظام تشترك فيه السلطات الثلاث (تشريعية وقضائية وتنفيذية).
أمَّا نظام وراثة العرش فلم يقرَّر بالدستور نفسه، ولكن بإشارة الدستور إلى مرسوم 13 أبريل سنة 1922 التي تكسب هذا النظام صبغه دستورية، وقد نص صراحة على أن النصوص الخاصة بنظام توارث العرش لا يمكن أن تكون عرضة لاقتراح إعادة النظر فيها.
إن الملك الذي كان من قبل يملك في يده السلطة التشريعية والتنفيذية لم يحتفظ في المواد التشريعية إلا بسلطة نظامية، وهي أن يصدر القوانين اللازمة لضمان تنفيذ القوانين، ولكن من غير أن يكون له سلطة تعديلها أو تعطيلها أو الاستغناء عن تنفيذها، وقد كانت هذه السلطة النظامية من اختصاص الوزراء المكلَّفين بإنفاذ القوانين، ولكن هناك حالة يجوز فيها للملك أن يصدر مراسيم من غير موافقة البرلمان السابقة عليها، وتحت مسؤولية الوزراء السياسية الذين يمضون المراسيم معه، وذلك في التدابير العاجلة التي لا يمكن معها انتظار عقد البرلمان، ولكن هذه المراسيم يجب أن تعرض على البرلمان في أولى جلساته، فإن رفضها أحد المجلسين سقطت.
وهناك سلطة غير عادية احتفظ بها الملك تحت مسؤولية الوزراء طبعًا، وهي إعلان الحكم العرفي الذي يجرُّ في ذيوله إيقاف بعض الضمانات الدستورية ولكن يجب أن يوافق البرلمان على إعلان الحكم العرفي(6).
أمَّا بخصوص الحكم النيابي: فينصُّ الدستور صراحة على إنشاء حكم نيابي حقيقي في البلاد، والسلطة التشريعية تكون في يد الملك ومجلس الشيوخ ومجلس النواب معًا، فلا يجوز نشر قرار تشريعي له صبغة القانون إلا إذا سبق البرلمان فأجازه، وكانت السلطة التنفيذية قبل هذا تستطيع دائمًا أن لا تَعْبَأَ برأي مجلس شورى القوانين أو الجمعية التشريعية ولم تكن موافقة الجمعية العمومية أو التشريعية مشترطة إلَّا في إجازة الأموال المقررة، العقارية أو الشخصية، وأن الملك لا يكون بعد الآن على قدم المساواة مع المجلسين التشريعيَّيْن، لأنه لم يُعترف له بحقِّ نقض قراراتهما ولو على سبيل التوفيق البسيط، بل يتعيَّن عليه أن يوافق على القوانين التي يجيزها البرلمان وكل السلطة المعترف بها للملك هي أن يطلب اقتراعًا ثانيًا في البرلمان.
وقد جُعل حقُّ البرلمان في اقتراح مشروعات القوانين مطلقًا، إلا في مسألة فرض ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب الحالية، ولم يكن هذا الحق معترفًا به لمجلس شورى القوانين بقانون 1883، وكل ما كان يستطيعه هو أن يطلب من الحكومة تقديم المشروعات، ولكن الحكومة كانت حرة في تلبية هذا الطلب أو عدم تلبيته(7).
واعترف الدستور بالرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك على النحو التالي:

أ) رقابة السلطة التشريعية للحكومة تتمثَّل في الآتي:

1- أعطى الدستور لأعضاء البرلمان الحقَّ في توجيه أسئلة إلى الوزراء وكذلك استجواب الوزراء (المادة 107).
2- قرَّر الدستور لعضو البرلمان الحق في طلب إجراء تحقيق (المادة 108).
3- قرَّر هذا الدستور مبدأ المسؤولية السياسية للوزارة، كما نصَّ على مبدأ عدم مسؤولية الملك (المادة 33)، لذلك رَتَّبَ نتائج منطقيَّة على هذين المبدأين، فقرَّرَ أن الملك يباشر سلطاته بواسطة وزرائه وأنه لذلك لا تكون أوامره وتصرُّفاته نافذة إلا إذا اشترك في التوقيع عليها رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصُّون، وأمام ذلك فإن الوزارة هي المسؤولة سياسيًّا عن أمور الدولة وتصريف شؤونها.

ب) رقابة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية تظهر في الآتي:

1- ما قرَّره الدستور من حق للسلطة التنفيذية في التدخُّل في سير عمل البرلمان وذلك عن طريق دعوة البرلمان إلى الانعقاد (المادة 96)، وفض الدورة البرلمانية (المادة 96)، وتأجيل انعقاد البرلمان (المادة 93).

2- منح الدستور السلطة التنفيذية سلاحًا مهمًّا لمواجهة المسؤولية الوزارية، حيث منحها حقَّ حلِّ مجلس النواب (المادة 38)(8).

3- النقد الاجتماعي والسياسي لدستور 1923:

وعلى الرغم من اشتمال الدستور على تقرير الحقوق السياسية وشكل الدولة والحكومة والهيئات النيابية وغير ذلك، إلا أنه كان لم يتطرق من بعيد أو قريب من تطبيق منظومة عدالة اجتماعية يتم فيها تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء بأي شكل كان، في الوقت الذي كان يعاني فيه فقراء المصريين من تبعتات انتهاء الحرب العالمية الأولى وانخفاض سعر القطن وزيادة حجم الضرائب عليهم، بل كان يشتمل على مضمون اقتصادي رجعي ينتج عنه الحفاظ على نظام الطبقات وشرعنته، حيث حافظ الدستور على النظم الاقتصادية السابقة دون تغيير في فحواها، وذلك يعني أن الدخول في معترك السياسية أصبح قاصر على الطبقة البرجوازية من الأغنياء وكبار الملاك، فصار في مستطاعهم بفضل ما يتمتَّعون به من نفوذ اقتصادي واجتماعي أن يدفعوا بأنفسهم وأنصارهم إلى البرلمان، وأن يسيطروا على الأحزاب التي يغذُّونها بالأموال وبالتالي الأداة التنفيذية، وهكذا يكفلون حماية مصالحهم.
وقد قابل الحزب الشيوعي صدور الدستور بهذه المواد بالاحتجاج، وأصدر بيانًا طعن فيه في الدستور طعنًا شديدًا ولكن أحدًا لم يأْبه لهذا البيان، وفي 9 سبتمبر صدر قانون العقوبات الذي نص على “أن يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز خمس سنين كل من يحرض على كراهية نظام الحكومة المقرَّر في القطر المصري أو ينشر الأفكار الثورية المغايرة لمبادئ الدستور الأساسية”(9).
ووجَّه الشيخ محمد شاكر وكيل الجامع الأزهر السابق وعضو الجمعية التشريعية في مقالة في جريدة المقطم نقدًا للدستور، حيث انتقد وضع الدستور في ظل حكم عرفي بريطاني ولم يوضع الدستور من خلال جمعية وطنية، ووضع بواسطة إرادة حكومية استعانت ببضعة أفراد لا يملكون من الصفات النيابية ما يخوِّلهم حقَّ التكلُّم باسم الأمَّة، وانتقد أيضًا الإلغاء الصوري للحماية البريطانية على مصر “في ظلِّ تصريح 28 فبراير” والانتقال غير القانوني للسيادة التركية إلى مصر لأنها ما زالت دولة تحت الحماية الأجنبية(10).

4- السودان في دستور 1923:

لما فشلت مفاوضات عدلي-كيرزون، صدر تصريح 28 فبراير 1922 مشتملا في تحفُّظاته الخاصَّة باستقلال مصر على مسألة السودان باعتبار بقاء الوضع الراهن بشأنها حتى تستمرَّ المفاوضات بين مصر وبريطانيا عن تسوية لها، ثم جاء أول امتحان لهذا التصريح متعلقًا بهذا التحفُّظ السوداني، إذ اضطرت لجنه الثلاثين التي أعدَّت مشروع الدستور المصري إلى مواجهه المسألة السودانية في أمرين: تحديد لقب الملك وتحديد نطاق سريان الدستور، فنصَّ المشروع في (المادة 29) على أن الملك يلقب بملك مصر والسودان، وفي (المادة 145) على أن “تجري أحكام هذا الدستور على المملكة المصرية ما عدا السودان، فمع أنه جزء منها يقرَّر نظام الحكم فيه بقانون خاص”.
ورأت اللجنة في هاتين الصيغتين أنهما تعترفان بأصل الحق المصري في السودان، وقد شهدت الفترة التي أُعِدَّ فيها دستور 1923 مناورات سياسية واسعة بين الأطراف الثلاثة في السياسة المصرية: “الإنجليز والملك والوفد”، حيث أغضب الملك تقييد سلطاته بمشروع الدستور وأزعجه تحالف الإنجليز مع الأحرار الدستوريِّين واستنادهم إليهم فيما من شأنه إضعاف نفوذه، فبدأ مناوأته لوزارة “عبد الخالق ثروت” وتقاربه مع الوفد.
وتقارب الوفد مع الملك للاستفادة منه في مواجهة حلف ألنبي-ثروت، الذي اتَّخذ خطة لضرب الوفد وترتَّب على ذلك استقالة وزارة ثروت، فبادر الملك إلى إسناد الوزارة إلى “محمد توفيق نسيم” بغير استشارة أللنبي، مما استاء له الإنجليز وبدأت الوزارة تعدِّل مشروع الدستور بما يوسِّع من سلطات الملك، وكان الإنجليز قد اعترضوا على النصَّين الخاصَّيْن بالسودان في مشروع الدستور على عهد وزارة ثروت باعتبار تعارضهما مع تصريح 28 فبراير الذي قبلته الوزارة.
واقترح كيرزون نصَّيْن بديليْن وهما: “الملك يلقب بملك مصر ولا يخلُّ هذا الحكم بأية حقوق يمكن أن يتمتَّع بها جلالته في السودان” و”تجري أحكام هذا الدستور على المملكة المصرية ولا يخلُّ ذلك بأية حقوق لمصر في السودان”، فإذا أصرَّت الحكومة على إصدار الدستور بنصَّيْه الحاليَّيْن أو نصَّيْن غير مناسبيْن، فإن بريطانيا ستسلِّم بيانًا إلى الحكومة المصرية يتضمَّن اتهامها بمحاولة إلغاء تصريح 28 فبراير.
وقابل اللورد أللنبي الملك فؤاد ونبَّهه إلى الآثار الوخيمة التي تترتَّب على عناده هو وحكومته، ثم تلا عليه بيانًا طلب منه أن يوقِّعه بما تراه الحكومة البريطانية من أن النص في الدستور على وضع الدستور في السودان يتعارض مع تصريح 28 فبراير وأنهما يتضمَّنان تغييرًا في الوضع الراهن بالنسبة للسودان، وأن الحكومة البريطانية تأمل ألا يكون إصدار الدستور موضعًا للجدال، وهي قد ألغت الحماية استجابة لمصالح الشعب المصري، ولا تنظر بعين العطف للتأخير المستمر في منح المصريِّين حريَّاتهم الدستورية، وليس لدى الحكومة البريطانية رغبة في المساس بحقوق مصر في السودان ولا حقوقها في مياه النيل.
لم يكن الإنجليز بطبيعة الحال حريصين على النظام الدستوري المصري إلا بقدر حرصهم على دعم حلفائهم “الأحرار الدستوريِّين” وغيرهم وضمان مشاركتهم في الحكم من خلال الدستور، بما يكفل وضعًا مستقرًّا في مصر، وبما يمكن من حسم المسائل المعلَّقة في تصريح 28 فبراير، وبعد مناورات سياسيَّة بين الإنجليز والملك و تمسُّك الإنجليز بتوقيع الملك على البيان رضخ لهم الملك وتمَّ النص على الصيغة المقبولة من الإنجليز ومضاها بنفسه(11).

5- تعديات على الدستور في طريق إلغائه:

عندما حلَّ عام 1924 كان سعد زغلول بطل مصر بلا منازع، وأخذت دار المندوب السامي تخطب ودَّه، ومع ذلك لم يكن بد من أن يدبَّ النزاع سريعًا بين الملك الأوتوقراطي النزعة والزعيم الدستوري، وبدأ الصراع في بادئ الأمر في صورة مناوشات خفيفة عندما قدَّم سعد زغلول للملك القائمة التي أعدَّها بأسماء الوزراء الذين اختارهم، فقد اعترض الملك على اسمين منهم، واعترض على وزيرين آخرين لكونهما قبطيَّيْن، وكانت التقاليد تقضي أن يكون في الوزارة وزير قبطي واحد، ولا يليق أن يكون وزير العدل قبطيًّا في بلد مسلم، وقد يتأثَّر الشعب بالخروج على هذا التقليد، وتمسَّك سعد زغلول بموقفه إلا أنه عدل عن تعيين وزير العدل القبطي.
كانت هذه الجولة الأولى، ثم كانت الجولة الثانية في كتاب الملك فؤاد إلى سعد زغلول الذي عهد إليه فيه بتولِّي الوزارة، فقد بنى اختياره له على كل الأسباب ما عدا السبب الوحيد الذي اختاره لأجله، وهو أنه نال ثقة الأمة في الانتخابات، وكان غرضه -كما قال الرافعي- أن ينكر الأساس الدستوري لقيام الوزارات وسقوطها ولا يعترف بسلطة الأمة وحقِّها في اختيار حكَّامها، لكن سعد باشا أجاب على هذا الإنكار في جوابه إلى الملك، فقد جعل أول سبب لولايته الحكم هو ثقة الأمَّة وضرورة احترام إرادتها، ثم لم تلبث هذه الاشتباكات الحقيقية أن دخلت في دور صدام عندما أراد الملك زيادة عدد النواب المعيَّنين من ثلاثين إلى خمسين وكان الغرض من ذلك وضع المجلسين تحت رحمة الأعضاء المعيَّنين من قبل الملك، لكن سعد زغلول تمسَّك بأن حقَّ الملك في التعيين ليس حقًّا خاصًّا يستعمله بدون أن يشرك فيه وزراءه، واضطرَّ الملك فؤاد لقبول التحكيم في هذه المسألة وانتهى إلى أن الملك لا يتولَّى سلطاته إلا بواسطة وزرائه وهو مبدأ لا يحتمل أيَّ استثناء(12).
هاجمت جماعة مسلَّحة في نوفمبر 1924 السيارة التي كان يستقلها السير “لي ستاك” سردار الجيش المصري وحاكم السودان، فأصيب إصابات خطيرة وتوفِّي في اليوم التالي متأثِّرًا بإصابته، فثارت ثائرة الحكومة البريطانية، وحمَّلت صحفها سعد زغلول مسؤولية الحادث.
واستغلت بريطانيا هذا الحادث لصالح تدعيم واستمرار الاحتلال لمصر وإحكام قبضتها على البلاد، وبالتالي القضاء على أية آثار إيجابية للثورة بزعامة سعد زغلول، فوجَّهت إنذارًا للحكومة المصرية، وطالبت الحكومة بالاعتذار عن الحادث والبحث عن الجناة ومعاقبتهم ومنع المظاهرات الشعبية وأن تدفع الحكومة المصرية غرامة قدرها نصف مليون جنيه للحكومة البريطانية وسحب الجيش المصري من السودان وأن تطلق يد الحكومة البريطانية في مصر لحماية الأجانب، واحتوى الإنذار على تصفية السيادة المصرية على السودان وإعادة السيطرة الكاملة على الحكم في مصر، وهدَّدت باتخاذ التدابير المناسبة لحماية مصالحها في مصر والسودان.
وردَّت مصر على هذا الإنذار، ونفى سعد زغلول مسؤولية الحكومة المصرية عن الحادث، وأعلن قبول بعض المطالب البريطانية، واحتجَّ على المطلب الخاص بسحب الجيش المصري من السودان، وأيضًا على السماح للسودان بزراعة مساحة من الأراضي سوف تؤثِّر على الريِّ والزراعة في الأراضي المصرية، واعترض كذلك على إعادة السيطرة البريطانية على الوظائف الحيوية في مصر.
وعلى إثر ذلك قام سعد زغلول بتقديم استقالته للملك لعجزه عن القيام بالمهام المفروضة لحماية البلاد، وقبِل الملك الاستقالة، وفي مساء نفس اليوم اجتمع مجلس النواب والشيوخ حيث أصدرا احتجاجًا على تصرُّفات الحكومة البريطانية والاعتداء الذي وقع على حقوق الأمة المصرية في سيادتها، وأعلن البرلمان المصري تمسُّكه بالاستقلال التام لمصر والسودان كوطن واحد لا يقبل التجزئة(13).
وفي تلك الأثناء عهد الملك فؤاد إلى زيور باشا بتولي الوزارة، وتعاونت الوزارة مع القصر في خطته لهدم الوفد وانبنت الخطة على وسائل ثلاث: الأولى- تحميل حكومة الوفد وبرلمانه مسؤولية النتائج التي ترتَّبت على الإنذار البريطاني. الثانية- محاولة هدم الوفد من الداخل من خلال حركة الاستقالات من الهيئة الوفديَّة. الثالثة- تأليف حزب للقصر يتولَّى امتصاص هذه العناصر الخارجة عن الوفد، ليتولَّى ملء الفراغ الذي سوف يخلفه الوفد، وكان هذا سبب قيام حزب الاتحاد أو “حزب الشيطان” كما أطلق عليه سعد زغلول(14).
واستمرَّت وزارة زيور باشا في الخضوع الكامل لمطالب الإنجليز وأخطرها انسحاب الجيش المصري من السودان، وكان ذلك بمثابة انقلاب ضد مكاسب ثورة 1919، وتبع ذلك استصدار زيور باشا مرسومًا ملكيًّا بتأجيل انعقاد البرلمان شهرًا وقبل أن ينتهي الشهر استصدرت الوزارة مرسومًا ملكيًّا بحلِّ مجلس النواب، وكان هذا التصرُّف من جانب الوزارة استهانة بالدستور وانتهاكًا له، حيث جرت الانتخابات وفقًا لقانون الانتخابات الملغي دستوريًّا، ورغم هذا جاء البرلمان بأغلبية وفديَّة، وعَهِدَ الملك إلى زيور باشا بتشكيل الوزارة الجديدة، واختار المجلس لرئاسته سعد زغلول وقبل انصراف أعضاء المجلس أعلن زيور باشا أن الملك فؤاد أصدر أمرًا ملكيًّا بحلِّ المجلس وبدعوة لإجراء انتخابات جديدة(15).
كان هذا الإجراء بحلِّ المجلس يتضمَّن اعتداءً جسيمًا على الدستور، لأن الدستور كان صريحا في أن المجلس لا يمكن أن يُحَلَّ مرتين في دورة واحدة للسبب نفسه، وهكذا عُطِّلت الحياة النيابية بعد عام واحد من قيامها، وأخذ القصر على إثر ذلك يستأثر بكل السلطة في البلاد وأصبح مصدر التعيينات في جميع الدوائر، وبخاصَّة دوائر السلك السياسي(16).
وأجريت الانتخابات وأسفرت عن فوز الوفد بأغلبية، واستقالَت وزارة زيور وجاءت وزارة عدلي يكن في نفس اليوم، واختير سعد زغلول لرئاسة البرلمان، وانتهى هذا العام بغير أحداثٍ مهمَّة، وعندما تُوفِّيَ سعد زغلول اجتمع الوفد لاختيار خليفة له، وكان الإجماع على اختيار مصطفى النحاس باشا، واختير ليكون رئيس مجلس النواب خلفًا لسعد زغلول(17).
وتمَّ التفاهم والاتِّفاق بين الإنجليز والسراي والأحرار الدستوريِّين على ضرب حكومة النحاس، باعتبارها ممثِّلة للشعب والحياة الدستورية الديمقراطية، فاستقال محمد محمود باشا وجعفر والي باشا، ثم أقال الملك فؤاد الوزارة وكلَّف محمد محمود بتشكيل وزارة جديدة، وغني عن البيان أن الإقالة عملٌ يجافي الدستور نصًّا وروحًا، لأن الحكومة كانت متمتِّعة بثقة البرلمان، وتمَّ تشكيل وزارة جديدة، وأصدرت مرسومًا بتأجيل انعقاد البرلمان شهرًا، وقبل انقضاء الشهر صدر مرسوم بحلِّ مجلسي النواب والشيوخ وتعطيل الدستور والعمل بأحكامه لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وأصدرت الأحزاب بينات للتنديد بالذي حدث، وقامت بضع مظاهرات على إثر ذلك ولكن البوليس استطاع أن يفرِّقها.
وعلى الجانب الآخر قرَّرت الهيئة البرلمانية انعقاد البرلمان مرة أخرى، واعتبرت مرسوم الحلِّ كأن لم يكن، وأعلنت عدم ثقتها في الحكومة، وكان النواب والشيوخ لكل مديرية يتوجَّهون إلى ساحه قصر عابدين ليقدِّموا عرائض للمطالبة بعودة الحياة النيابية فكانوا يمنعون بقوة البوليس من الوصول للقصر وتعرَّضوا للضرب في بعض المرَّات.
ثم عهد إلى عدلي باشا يكن بتأليف وزارة جديدة وكان أهم عمل لها هو إعادة الحياة الدستورية وإجراء انتخابات عامة، وإذ كان الدستور موقوفًا فقد استصدرت الوزارة أمرًا ملكيًّا بإنفاذ أحكام الدستور والعمل بالمواد المعطلة منه وإجراء الانتخابات والدعوة للاجتماع في 11 يناير 1930.
وفاز الوفد فوزًا كبيرًا في الانتخابات، واستقالت الوزارة، وعهد الملك إلى النحاس باشا بتأليف الوزارة باعتباره زعيم الأغلبية، وافتُتح البرلمان يوم 11 يناير 1930 وكان البرلمان الرابع منذ بداية النظام الدستوري 1924.

ثالثًا- إصدار دستور 1930

سرعان ما دَبَّ الخلاف بين الوزارة والسراي حول تعيينات لأعضاء المجلس، وانتهت باستقالة وزارة النحاس، وفي نفس اليوم عهد الملك فؤاد إلى إسماعيل صدقي بتأليف الوزارة الجديدة، وكان تأليفها تحديًا للشعب واستهانة بحقوقه وإرادته، وبدا أنها اعتزمت أخذ الأمة بالشدَّة والبطش، وانتهجت سياسات استبدادية ورجعية، وأجَّلت الوزارةُ انعقاد البرلمان شهرًا كما فعلت سابقًا وأغلقت الحكومة أبواب البرلمان ووضعت حوله قواتها المسلحة، وكَلَّفَ الأستاذ “ويصا واصف” رئيس مجلس النواب بوليس البرلمان بتحطيم السلاسل وحطَّمها رجال المطافئ، ودخل النواب قاعة المجلس واحتجُّوا على مخالفة الحكومة للدستور.
أثبت الشعب حيويَّته بمقاومة وزارة صدقي باشا، واعتزم الأخير أن يقهر الشعب بالقوة، ومن ثمَّ تجدَّدت الحوادث الدمويَّة في عهده، وأخذ الوفد وعلى رأسه النحاس باشا يطوف الأقاليم ينشر الدعوة إلى مقاومة الاعتداء على الدستور، وكانت وزارة صدقي باشا عزمت على سَنِّ قانون انتخابات جديد يجعل الانتخاب على درجتين، ويجعل حق الانتخاب في أضيق الحدود، ويضع العراقيل أمام حصول الوفد على الأغلبية في النظام الجديد غير المباشر، فحرمَ طبقة العمال والفلاحين التي تؤيِّد معظمها الوفد من أن يكون لها دور مهم في انتخاب أعضاء المجلس، واشترط في المندوبين شروطًا مالية وتعليمية لا تتوفر في أغلبية هذه الطبقة، ولما كانت هذه الفئات هي عصب الوفد فإن الدستور الجديد كان هدفه توجيه ضربة قاصمة إلى الوفد(18)، ثم صدر الأمر الملكي بإبطال دستور 1923 وإعلان الدستور الجديد، وحَلِّ المجلسين القائمين في أكتوبر 1930، وقد أرفق الدستور الجديد ببيان للملك قصد به مواجهة الرأي العام، ويتناول ثلاثة أمور: الأول- تشكيل البرلمان، الثاني- علاقة البرلمان بالسلطة التنفيذية، الثالث- قانون الانتخابات الجديد. وقد مَهَّدَ البيان لهذه الأمور بهجوم على دستور 1923 أثار فيه عدم ملاءمته لأحوال مصر، فقال إنه يعتبر صورة سويَّة لما بلغته الديمقراطية في أوروبا في العصر الحاضر، وجاء فيه أيضًا بحث أسباب فشل دستور 1923، وهاجم نظام الانتخاب العام المباشر لأنه مرتبط بالتطوُّر الصناعي وانتشار التعليم، وتساءل عن سبب التعجيل بنقله لمصر، واستفاض في الشكوى من انحطاط مستوى أعضاء المجالس النيابية، وهاجم الوفديِّين واتَّهمهم بأنهم شوَّهوا هذا التغيير لصالحهم(19).
هذا وقد قامت المظاهرات احتجاجًا على إلغاء الدستور ولكنها قُمعت بشدَّة، ومُنع عقد الاجتماعات العامَّة، واحتجَّ الوفد في خطبه وبياناته على إلغاء الدستور، واستقال عدلي يكن باشا من رئاسة مجلس الشيوخ، واتَّفقت الأحزاب على مقاطعة الانتخابات ولم تكترث بها السراي واستمرَّت في سياستها، وقامت في القاهرة والإسكندرية بعض المظاهرات لتعطيل الانتخابات، وأضرب عمال عنابر بولاق والورش الأميرية وقابلتها الحكومة بمنتهى العنف والقسوة، واجتمع البرلمان في يونيو 1931 وكان مؤيِّدًا للوزارة حريصًا على النظام الذي أقامه صدقي باشا، فكان منقطع الصلة بالشعب والرأي العام، ثم قدَّم إسماعيل صدقي استقالته في 1933 وكان استمراره بسبب تأييد السراي لوزارته، وتحجَّج بأن صحَّته لا تحتمل المنصب، وعهد الملك إلى عبد الفتاح يحيى باشا بتأليف الوزارة الجديدة، وفي 31 نوفمبر 1934 صدر أمر ملكي بإبطال العمل بدستور 1930 إلا أنه لم يأمر بإعادة العمل بدستور 1923، ونوَّه إلى أن نظامًا دستوريًّا آخر سيحلُّ محلَّه.
إلا أن الأمَّة تمسَّكت بعودة دستور 1923، وعمَّت البلاد حركة اجتماعية للمطالبة بعودة الدستور كاملًا غير منقوص، وقامت المظاهرات احتجاجًا في نواحي القاهرة وبعض المدن، وقابلها البوليس بإطلاق النار، وأثار سقوطُ الشهداء السخطَ العام وتظاهر طلاب جامعة الملك فؤاد من ساحة الجامعة وقُتل فيها عددٌ من طلاب الجامعة، وتبعَ ذلك إضراب عام يوم 28 نوفمبر؛ فأغلقت المتاجر وبدت العاصمة في حدادٍ رهيب. وكانت صورةً مصغَّرة من ثورة 1919 وكان لها أثرها على عودة الحياة الدستورية، ورضخت الوزارة للرأي العام(20).

1- التجاوزات في دستور 1930:

أُلغي دستور 1930 بأمرٍ ملكيٍّ، وهو نفس الدستور الذي أقسم الملك فؤاد على احترامه، ولذلك تعمَّد الملك فؤاد ألا يقْسم يمين الولاء للدستور الجديد، والملك لا يملك فسخ الدستور لأنه عبارة عن تعاقد بين طرفين هما الملك والشعب في أيِّ بلد، فبذلك يكون قد فسخ هذا التعاقد من طرف واحد. وقد أهدر دستور 1930 سلطات الأمة وحقوقها في مواضع كثيرة، أهمها:
1- نص الدستور الجديد على أنه غير قابل لأي تعديل لمدة عشر سنوات.
2- شوَّه الدستور حقَّ مجلس النواب في طرح الثقة أو عدم الثقة بالوزراء أو بالوزارة، رغم أنه نصَّ عليها ولكن بتحفُّظات تجعل من المستحيل ممارسة هذا الحق.
3- المادة الخاصة بحق الملك في حلِّ مجلس النواب، مادة مطلقة تعطي الملكَ الحقَّ في حلِّ المجلس دون أية حقوق للمجلس ودون مواعيد ثابتة لممارسة البرلمان حقَّ إعادة النظر في القوانين التي يرفض الملك التصديق عليها، وقد صيغت هذه المادة خالية من أيِّ ضمانات للشعب أو للبرلمان لفرض إرادة أيٍّ منهما ضدَّ رغبات وأهواء الملك أو السلطة التنفيذية، بل أعطى للسلطة التنفيذية فرصًا واسعة في حقِّ التشريع وبضمانات تحقِّق لها فرض ما ترغب من قوانين.
4- جعل هذا الدستور الحقَّ المطلق في اقتراح القوانين المالية للملك فقط، كما أعطى الحق للسلطة التنفيذية في تقرير الاعتمادات المالية في غيبة البرلمان.
5- جعل للسلطة التنفيذية -أيضًا- الحق في نقل الاعتمادات المالية من باب أو بند إلى آخر في الميزانية، بدون تصديق عليها من البرلمان.
6- لم يوجب الحق للبرلمان في تقرير ميزانية الدولة أو التصديق عليها قبل فضِّ الدورة البرلمانية.
7- أجاز للسلطة التنفيذية -فيما بين أدوار الانعقاد في فترات حلِّ مجلس النواب- حقَّ تقرير أية مصروفات غير واردة بأبواب أو بنود الميزانية بفتح اعتمادات جديدة.
8- جعل هذا الدستور الأعضاء المعيَّنين في مجلس الشيوخ الأغلبية، حيث نَصَّ على أن يكونوا ثلاثة أخماس أعضاء المجلس.
9- أعاد هذا الدستور للملك الحقَّ في الإشراف الكامل والتعيين لرجال الدين وشيخ الأزهر، بعد أن كان دستور 1923 يحتِّم أن يمارس الملك السلطة فيما يختصُّ بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية بواسطة رئيس مجلس الوزراء وبناءً على ما يعرضه رئيس مجلس الوزارة في اختيار شيخ الأزهر، وكان الدستور الجديد ينصُّ على غير ذلك، حيث جعل في يد الملك والسلطة التنفيذيه إمكان تقليب الأزهر ضدَّ أيِّ سلطة في البلاد حتى ضد الأحزاب أو البرلمان أو المؤسَّسات الوطنية عند اللزوم.
10- قضى الدستور الجديد على المقصود بالمادة الخاصة بإلزام الملك بدعوة البرلمان للانعقاد غير العادي الاستثنائي، إذا طلب أغلبية أعضاء المجلس ذلك -عند الضرورة- فجعل هذه الضرورة غير ملزمة للملك، بل أصبحت تقديرية وجوازية له.
11- جاء قانون الانتخابات الجديد متضمنًا نصوصًا تسهِّل عملية تزييف الانتخابات(21).

2- التبعات السياسية لصدور دستور 1930:

بعد أن قطع صدقي باشا شوطًا طويلًا في ممارسة العدوان على الدستور والتنكيل بالمعارضين لسياسته الاستبدادية، وجد نفسه في فراغ سياسي داخلي، وخاصَّة بعد أن وقفت جميع الأحزاب السياسية ضده -حتى التي كانت تؤيِّده في البداية- ففكَّر في تأليف حزب جديد، أسماه “حزب الشعب” وتولَّى رئاسته، وأطلقت عليه صحافة المعارضة حزب الحكومة، وكان الهدف الأساسي لصدقي باشا أن يرتكن على هذا الحزب في دخول الانتخابات وعلى مبادئ دستوره الجديد، دستور 1930.
وقد دعا الوفدُ إلى مقاطعة الانتخابات والاحتجاج على دستور 1930، وقام الحزب الوطني وحزب الأحرار الدستوريِّين بالاحتجاج، حيث اتَّفقوا على مقاطعة الانتخابات وعقدوا المؤتمرات والاجتماعات لتوعية الشعب بما يدبَّر له، وتجاوب كثيرٌ من العمد والمشايخ في أنحاء البلاد معهم، فقدَّم الكثير منهم استقالاتهم، وقامت وزارة الداخلية بمطاردتهم وإحالتهم للمؤاخذة والمحاكمة أمام مجالس التأديب وصدرت ضدهم أحكام جائرة وقاسيه بالغرامات الفادحة لتعجيزهم(22).
وأجريت الانتخابات في مايو ويونيو 1931، وانفرد حزب الشعب بالميدان، وتمادَتْ حكومة صدقي باشا في التنكيل بالأحزاب والعمد والمشايخ المعارضين وبالشعب الساخط، وكانت نتيجة ذلك أن تصاعدت حركة المقاومة الشعبيَّة، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية الطاحنة بسبب هبوط أسعار القطن، واشتدَّ الضيق بالمزارعين والفلَّاحين والمستأجرين، واستمرَّت الحكومة في استعمال القسوة في تحصيل الضرائب.
وفي هذه الفترة -وبضغط من تنظيمات الطلبة والعمال- تشكَّلت جبهة وطنية من حزب الوفد والحزب الوطني وحزب الأحرار الدستوريِّين وحزب الشعب وحزب الاتحاد، بالإضافة إلى بعض السياسيِّين المستقلِّين، وقد قوبل تشكيل هذه الجبهة بابْتهاج شعبي لا حدود له، واختيرت لجنة لوضع صيغة الخطاب الذي اتَّفقت اللجنة على رفعِه إلى الملك فؤاد، وطالبوا في هذا الخطاب بعودة دستور 1923، ثم تحرير خطاب آخر إلى المندوب السامي البريطاني طالبوا فيه باستئناف المفاوضات بين مصر وبريطانيا لتحقيق الاستقلال الكامل وإلغاء الامتيازات الأجنبية والسماح لمصر بدخول عصبة الأمم(23).
رابعًا- عودة دستور 1923 ومكاسب الشعب السياسية
صدر مرسوم ملكي في 12 ديسمبر بعودة العمل بدستور 1923 وقوبل بالفرح وتجدُّد الأمل، خاصَّة بعد تكوين الجبهة الوطنية، وكان صدور المرسوم الملكي في نفس اليوم الذي تسلَّم فيه علي ماهر باشا “رئيس الديوان الملكي” خطاب الجبهة الوطنية.
بعد ذلك أخذت وزارة نسيم باشا في الإعداد للانتخابات، بالانتخاب المباشر وليس على مرحلتين، وكان الملك فؤاد يرغب في تأليف وزارة ائتلافيَّة، إلا أن الوفد عارض ذلك بشدَّة وتمسَّك بتشكيل الحزب الذي يحوز الأغلبية الوزارة، وكان الملك فؤاد بالإسكندرية حيث اشتدَّ عليه المرض وتوفي في يوم 28 أبريل 1936، ونُودي بفاروق ملكًا لمصر، وكانت الأمَّة تأمل منه الخير، فقابلته بالبشر والحفاوة.
وجرت الانتخابات حرة في مايو 1936 وحاز حزب الوفد على الأغلبية البرلمانية، وتمَّ العهد إلى مصطفى النحاس باشا بتأليف الوزارة الجديدة، وجاء في خطابه أن برنامج وزارته الذي سيقدِّمه البرلمان هو تحقيق الاستقلال بإبرام معاهدة تحالف مع الدولة البريطانية والعمل على صيانه الدستور.
وفي عام 1937 دعت الحكومة المصرية الدول صاحبة الامتيازات الأجنبية إلى الاشتراك في مؤتمر (مونترو) يعقد في سويسرا للمفاوضة في موضوع إلغاء هذه الامتيازات، وانتهت بتوقيع الاتفاقية وأعلن إلغاء الامتيازات الأجنبية في القطر المصري إلغاءً تامًا وخضوع الأجانب المقيمين في مصر للتشريع المصري على أن تبقى المحاكم المختلطة حتى 24 أكتوبر 1949، وأقر البرلمان وصدق على هذه الاتفاقية في يوليو 1937 وتعد هذه الاتفاقية من مكاسب معاهدة 1936(24).

خاتمة

وعلى الرغم من الحراك الشعبي وقوَّته إلا أن الدستور في 1923 -شأن الدستور الذي صدر قبله- كان أداة في يد السلطة الحاكمة المكوَّنة من السراي والإنجليز، وما فعلته الثورة هو إدخال الوفد كطرف في اللعبة السياسية، وكان الوفد يرى أن النظام الملكي يجب أن يكون ملكيَّا دستوريًّا، حيث يملك الملك ولا يحكم، وإنما يمارس سلطاته بواسطة وزرائه، واستمرَّت الأمور سجالًا بين الملك والوفد في انتخابات متعاقبة، لم يستطع الوفد رغم فوزه فيها البقاء في الحكم طويلًا.
لم تكن هناك مشكلة في موادِّ الدستور، حيث أخذت عن الدساتير الغربيَّة، وهي في جوهرها تعبِّر عن المساواة أمام القانون ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان وغير ذلك من المبادئ التي تمَّت الإشارة إليها، إلا أن الملاحظة أنه لم يَرِدْ في الأمر الملكي بكتابة الدستور ولا في خطاب عبد الخالق ثروت باشا رئيس لجنة وضع الدستور أيُّ مؤشِّرٍ على مفهوم المواطنة أو أن الدستور عبارة عن عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم.
وعلى الرغم من صدور الدستور إلا أن الملك كأيِّ حاكمٍ يرغب في التفرُّد بالسلطة لم يستسلم لوجود طرفٍ مصريٍّ منتخب ومفوَّض من الأمة كشريك له، وبذل ومعه السياسيُّون المعادون للوفد والقانونيُّون والأعيان أصحاب المصالح -وهذا يقودنا للتساؤل حول طبيعة وظروف تكوين النخبة في مطلع القرن العشرين- ودَبَّرَ المؤامرة تلو الأخرى لإلغاء الدستور كأحد أهم مكاسب ثورة 1919 وألغاه فعلا، واضطر إلى إعادته فيما بعد.
واستمرَّ هذا التلاعب بعد وفاة الملك فؤاد وتولِّي الملك فاروق الحكم خلفًا له، ووفاة سعد زغلول وتولِّي مصطفى النحاس رئاسة الوفد خلفًا له، حيث استمر الملك بمعاونة علي ماهر باشا رئيس الديوان اللعب بالدستور كأداة لتحجيم الوفد وإخراجه من اللعبة السياسية كلما دخلها بواسطة الانتخابات.
ولا يخفى الوضع الدولي في هذا الوقت من إعلان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون عن مبادئه وأهمها حق الشعوب في تقرير مصيرها، ثم نكوصه عنها عندما وافق على إقرار الحماية البريطانية على مصر، وكان مبدأ تقرير المصير أداة في يد الغرب لتفكيك آخر الإمبراطوريات الكبرى وهي الإمبراطورية العثمانية وما يستتبع ذلك من أهداف سياسية واقتصادية بوراثة تركتها وغنائمها.

*****

الهوامش

(*) باحثة حاصلة على ماجستير شريعة وقانون.
(1) ف.روبرت هنتر، مصر الخديوية: نشأة البيروقراطية الحديثة 1805-1879، بدر الرفاعي (مترجم) (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013) ص 75.
(2) ماهر حسن، حكاية الدساتير المصرية في مائتي عام، (القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافه،2013) ، 25-107
(3) أحمد محمد أمين، الدساتير ومشاريع الدساتير في مصر، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2006)، ص 16.
(4) المرجع السابق، ص 27.
(5) لمزيد من التفاصيل، انظر الآتي:
– ماهر حسن، مرجع سبق ذكره، ص 111.
– عبد العظيم محمد رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر من 1918- 1936، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1983)، ص 372.
– محمد زكي عبد القادر، محنة الدستور 1923-1952، (د.ن، د.ت)، ص 47.
(6) ألبرت شقير، الدستور المصري والحكم النيابي في مصر، (القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2012)، ص 63.
(7) المرجع السابق، ص ص 58-59.
(8) أحمد محمد أمين، الدساتير ومشروعات الدساتير في مصر، مرجع سابق، ص 28.
(9) عبد العظيم محمد رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر، مرجع سابق، ص 392.
(10) ألبرت شقير، الدستور المصري والحكم النيابي، مرجع سابق، ص ص 94-103.
(11) انظر الآتي:
– طارق البشري، سعد زغلول يفاوض الاستعمار، (القاهرة: دار الشروق، 2012)، ص 98.
– عبد العظيم محمد رمضان، مرجع سابق، ص 381.
(12) طارق البشري، مرجع سابق، ص 421.
(13) محمد عبد الفتاح أبو الفضل، تأملات في ثورات مصر.. ثورة 1919، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996)، ص 211.
(14) عبد العظيم محمد رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر، مرجع سابق، ص 568.
(15) محمد عبد الفتاح أبو الفضل، تأملات في ثورات مصر، مرجع سابق، ص 216.
(16) لمزيد من التفاصيل، انظر الآتي:
– عبد العظيم محمد رمضان، تطور الحركة الوطنية، مرجع سابق، ص 581.
– محمد زكي عبد القادر، محنة الدستور المصري، مرجع سابق، ص 53.
(17) محمد زكي عبد القادر، محنة الدستور المصري، المرجع السابق، ص 62.
(18) ماهر حسن، حكاية الدساتير المصرية في مائة عام، مرجع سابق، ص 167.
(19) عبد العظيم رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر، مرجع سابق، ص 738.
(20) ماهر حسن، حكاية الدساتير المصرية في مائة عام، مرجع سابق، ص 192.
(21) محمد عبد الفتاح أبو الفضل، تأملات في ثورات مصر، مرجع سابق، ص 274.
(22) عبد العظيم محمد رمضان، تطور الحركة الوطنية في مصر، مرجع سابق، ص 745.
(23) محمد عبد الفتاح أبو الفضل، تأملات في ثورات مصر، مرجع سابق، ص ص 275-288.
(24) محمد عبد الفتاح أبو الفضل، تأملات في ثورات مصر، مرجع سابق، ص 290.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى