عرض كتاب المقاومة الحضارية: دراسة في عوامل البعث في قرون الانحدار

مقدمة:

صدر عن كل من مركز الحضارة للدراسات السياسية، ودار البشير للثقافة والعلوم كتاب “المقاومة الحضارية: دراسة في عوامل البعث في قرون الانحدار” لهاني محمود، وهو باحث وأكاديمي في أصول الفقه، ليكون هذا الكتاب هو الكتاب السابع عشر في سلسلة الوعي الحضاري التي تصدر عن مركز الحضارة وترتكز على تجديد الوعي الحضاري وإيقاظه خاصة بعد الثورات العربية.

وينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول وتمهيد، وفي التمهيد تأملات في مفهوم المقاومة الحضارية، والفصل الأول عن دور الناس والقيادات الشعبية في مقاومة الحملة الفرنسية، والفصل الثاني عن دور الأزهر باعتباره مؤسسة وسيطة وتتبع مسار قوتها وضعفها حتى الوقت الحالي، أما الفصل الثالث فهو عن أهمية دور الفتوى في مراحل الانتقال.

وسيتم عرض الكتاب وفقًا لخماسية توماس كون والتي تتمثل في: أولًا الرؤية الكلية للكتاب، وثانيًا الإطار المفاهيمي المستخدم في الكتاب، ثالثًا الإطار التحليلي ويشمل مستوى التحليل ووحداته، رابعًا الإطار التفسيري، والخاتمة وتشمل القضايا الأجدر بالتناول التي تناولها الكاتب وكررها في خلال الكتاب.

أولًا الرؤية الكلية للكتاب:

يركز الكاتب على دور الأزهر في المقاومة الحضارية من خلال التركيز على دوره باعتباره مؤسسة وسيطة في مشهد الحملة الفرنسية على مصر، ويرى الكاتب أن استعادة دور الأزهر كفيلة للقيام بدور محوري يعد من أهم عوامل البعث في أحلك عصور الانحدار، وذلك لكونه قادرًا على إحياء المفاهيم الحضارية الإسلامية وتفعيلها وتشغيلها على الصعيد المجتمعي من خلال حثه على المقاومة بشكل حضاري في مواجهة مختلف التحديات؛ وذلك على عدة مستويات أهمها: مستوى النخبة والمتمثل في مشايخ الأزهر بوصفهم قيادات شعبية عملت على مقاومة الحملة الفرنسية، ومستوى الأزهر نفسه باعتباره مؤسسة ذات دور تشريعي من خلال الفتوى أو معارضة السلطة في محاولتها للتقليل من سلطة الأزهر.

ويتضح ذلك الاهتمام بدور الأزهر من خلال تتبع الكاتب لمسار دور الأزهر حتى الوقت الحالي وبيان أثر ضعفه كمؤسسة وسيطة على الصعود والانحدار في مستوى الأمة والدولة بشكل عام، فالكاتب يستعرض دور الأزهر والتغيير الذي طرأ على سلطاته وصلاحياته في المراحل التاريخية المختلفة مرورًا بدور الأزهر في خلال كل من ثورة الخامس والعشرين من يناير ومشهد 30 يونيو وما تلاه من أحداث سياسية انخرط فيها الأزهر.

ثانيًا الإطار المفاهيمي للكتاب:

يرتكز الكتاب على مفهوم محوري وأساسي ألا وهو مفهوم المقاومة الحضارية؛ حيث عرفها الكاتب بأنها “وضع الحركة المقاوِمة لنفسها حدودًا وضوابط أخلاقية تلتزم بها وتعد الإخلال بها انحرافًا عن المسار الصحيح للمقاومة؛ فإنها تكون حينئذ مقاومة حضارية؛ لأنها) مقاومة منتمية للحضارة(؛ إذ التزمت بمرجعيتها الأخلاقية والتشريعية”.

ليقوم الكاتب بإضفاء صفة الحضارية على مستويات المقاومة في مشهد الحملة الفرنسية ومنها مستوى الأمة الإسلامية، حيث قدم إلى مصر مقاومون من شتى أنحاء الأمة لمقاومة الحملة الفرنسية على سبيل المثال سليمان الحلبي، أو مستوى النخبة المتمثلة في القيادات الأزهرية ومنها على سبيل المثال الشيخ عمر مكرم، ومنها مستوى المؤسسات المتمثل في الأزهر، والمستوى الأخير هو مستوى الناس والمقاومة الشعبية.

المفهوم الآخر المحوري في الكتاب هو عصور الانحدار، ويعرفها الكاتب بأنها “القرون الثلاثة الأخيرة من عمر الأمة، وهي القرون التي شهدت – في نطاق الداخل – انحلال القيادة وفسادها، وضعف المجتمعات الإسلامية، وتفكك أواصر الوحدة العربية والإسلامية.

وشهدت – في نطاق الخارج – أول تفوق معرفي وعسكري كاسح يتمتع به الغرب، الأمر الذي سهل دخول موجات متتابعة من الاحتلال إلى أراضي العرب والمسلمين، مع حرص الاحتلال على كبح أية نهضة محتملة يمكن أن تقوم في الشرق الإسلامي وتكسبه استقلالًا يحرره من حالة التبعية للمحتل الغربي”.

واختيار مشهد الحملة الفرنسية على مصر يؤكد اختيار الكاتب ووجهة نظره في أن القرون الثلاثة الأخيرة هي عصور الانحدار، ويبرر ذلك بقوله: “يعد دخول الحملة الفرنسية إلى مصر النتيجة المنطقية لدخول الأمة في حقبة الانحدار، وعلامةَ هذا الدخول في الوقت ذاته”، ولكن السؤال المطروح ها هنا: هل عصور الانحدار لم يكن لها ممهدات من قرون سابقة يمكن أن نعتبرها ضمن عصور الانحدار ومنها الانحدار المادي – الذي أكده الكاتب مرارًا خلال كتابه – الذي اتضح بين الأمة الإسلامية والقوات الفرنسية، لتتسع الفترة الزمنية المطلق عليها عصور الانحدار لتشمل التفكك والتحول اللذين شهدتهما الأمة في قرون سابقة كثرت أم قلت، جعلتها تتخلف عن الإنتاج المادي الحضاري على الأقل مقارنة بالغرب؟

يتردد الكتاب بين هذين المفهومين لإيضاح رؤية الكاتب ونقله لذلك المشهد التاريخي الهام في مسار التحولات التي طرأت على الأمة الإسلامية بشكل عام، وتحول الأوضاع في مصر بشكل خاص بعد ذلك وانفصالها بشكل معنوي عن الخلافة العثمانية، وإيضاح دور الأزهر بشكل خاص في هذا المشهد وتحولاته.

ثالثًا الإطار التحليلي:

يتخذ الكاتب من التاريخ ومساراته ومشاهده مستوى تحليليًا في طرح وجهة نظره، والتي مفادها: أن في استطاعة المؤسسات الوسيطة التي لديها صلاحيات أن توثر في إحياء المقاومة الحضارية في عصور الانحدار،  مع التطبيق من خلال تتبع دور الأزهر ومشايخه خلال مشهد الحملة الفرنسية على مصر، حيث قادوا الناس في مقاومة نابليون حتى الفرنسيون اضطر للخروج من مصر بعد ثلاثة أعوام فقط، وكان من الممكن أن يستمر دور الأزهر المحوري في المقاومة الحضارية ضد الهجمات التي تتعرض لها الأمة لولا تدخل محمد علي من أجل تحجيم دور الأزهر وتضييقه في مقابل بسط سلطاته هو.

في بداية الكتاب يمهد الكاتب بوصف حال مصر والمصريين قبيل الحملة الفرنسية من تخلف وانحدار وعدم استعداد لمواجهة مثل هذا الخطر، ومساهمة القيادة المملوكية في تسريع عملية استيلاء الفرنسيين على البلاد نتيجة تخبطهم وانشغالهم بجمع المال ووسائل الرفاهية دون الإعداد لكيفية صد تلك الهجمة، كما أسهمت القيادة السياسية -سواء في مصر أو على مستوى الخلافة في ذلك الوقت- في تخلف الأمة وانحدارها، حيث أهملوا قضايا التجديد والعلم والتنمية ولم يرصدوا حركة التطور في شمال المتوسط التي ظهرت على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، مما أدى بالتبعية إلى الوقوع فريسة للاحتلال الأجنبي.

أما فيما يتعلق بوحدات التحليل، فالأولى كان الأزهر كمؤسسة وسيطة قاومت كلًّا من الحكام المستبدين وعملت على حقوق الناس والوقوف بجوارهم، وقاومت المستعمر ورفضت التماهي معه، فرأى الكاتب أن الأزهر هو رمز سيادة الأمة ومركز قوتها، ويعبر الكاتب عن تلك الفكرة بقوله: “وقاد الأزهر مقاومة الأمة على جميع المستويات، من المقاومة السلبية التي قادها الشيوخ الكبار داخل مجالس نابليون وداخل التشكيلات الإدارية التي أقامها لحكم البلاد، إلى المقاومة الوطنية العنيفة التي قادها الشيوخ الصغار بتنظيم حركات سرية وأعمال المقاومة الشعبية التي وصلت ذروتها بقيام ثورتي القاهرة الأولى والثانية، إلى أعمال الاغتيال التي نظمها ونفذها طلاب الأزهر”.

والوحدة الثانية هي النخبة وهي المشايخ ودورهم القيادي في مقاومة المستعمر والحفاظ على كيان الأمة والدفاع عن الناس مثل الإمام علي الصعيدي والإمام الدردير والسيد عمر مكرم، وإن لم يوضح الكاتب بشكل كافٍ مسار حركتهم المقاوِمة وتأثيرهم في الشارع من حيث الحث على المقاومة.

أما الوحدة الثالثة- وما أكد على أهميته الكاتب في العديد من مواضع الكتاب فهي دور العامة ودورهم في مقاومة المستعمر،  فيؤكد الكاتب على أن للعامة الدور الأكبر في مسيرة الأمة النضالية وكان لاندفاعهم للمقاومة الأثر الأكبر في إنهاء الاحتلال الفرنسي في مصر، ودور العامة في الكتاب مثله كدور النخبة دور غير مفصل بشكل كبير في الحوادث التاريخية، وإن كان الكاتب ذكر بعض التجاوزات التي حدثت من العامة في مقاومتهم المستعمر واعتبرها تجاوزات فردية لا تنفي عن المقاومة حضاريتها، في ظل الدهشة ورد الفعل الذي صاحب دخول الفرنسيين إلى مصر.

رابعًا -الإطار التفسيري:

يستند الكتاب إلى قاعدة تفسيرية أساسية؛ وهي: أنه وفي ظل قرون الانحدار ليس بالضرورة أن تأتي عوامل البعث من القيادات السياسية، بل يمكن أن يصعد المجتمع نخبًا ومؤسسات وسيطة لتقود البعث في الأمة أثناء عصور الانحدار، ويستعرض الكاتب هذه القاعدة بطول الكتاب من خلال مشهد الحملة الفرنسية ودور الأزهر ومشايخه بالإضافة إلى دور المجتمع المتمثل في العامة الذين وبشكل غير مباشر قادوا المقاومة من خلال رفض النخب التي اشتركت في ديوان نابليون وانتخاب ديوان للثورة، ومن جانب آخر رفض العامة السكون عن محاسبة أحد شيوخ الأزهر والذي عرف عنه التماهي مع السلطة الفرنسية وتمت محاسبته وهو الشيخ البكري مع ابنته زينب.

ويستعرض الكاتب المسار التاريخي للأزهر كمؤسسة وكيف كان تأميمه -حسب الكاتب- سبيلاً إلى ضعف قوته وانفصال مشايخه عن الناس منذ ما بعد الحملة الفرنسية والأمر الذي أفقده الكثير من قوته وقدرته على التأثير والإحياء، ووضح ذلك الانفصال في أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011و مشهد 3 يوليو2013.

ويربط الكاتب بين لحظتي ضعف في حياة مصر: الأولى هي الحملة الفرنسية، والثانية حالة الاستبداد التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي، وكيف أن اختلاف دور الأزهر في هذين المشهدين أثر على سير الأمور في كل منهما، ففي الأولى استطاع الناس هزيمة الحملة الفرنسية، أما في الثانية فعاد الاستبداد في صورة الثورة المضادة.

ويؤكد الكاتب على أهمية الأزهر في المفاصل التاريخية في حياة البلاد بقوله “إن وظيفة الأزهر ومشايخه كانت وظيفة مركبة لا تنحصر في التعليم والدعوة والإفتاء – كما يراد للأزهر في العصر الحالي – وإنما كان الأزهر يقوم بالوظائف الأربع التي تقوم بها السلطة التشريعية لمنع طغيان السلطة التنفيذية، وهي: الرقابة والنيابة والتشريع والمساءلة، وكانت الطبقة الحاكمة تذعن لقيام الأزهر بهذه المهام”.

وينتقل الكاتب للتأكيد على دور المشايخ كنخبة، فيقول “لم تكن قوة المشايخ شكلية بأي حال، فكانت لديهم القدرة على تحريك العامة وإصابة البلاد بالشلل التام: إما بالتوقف عن الإنتاج والتوقف عن ممارسة الشعائر الدينية، أو حتى بقيادة مقاومة مسلحة”.

وكجزء هام من صلاحيات الأزهر ومشايخه ينتقل الكتاب للحديث عن دور الفتوى ويخصص لها الفصل الثالث بأكمله، اعتبر الكاتب أن الفتوى تعد من أنواع مقاومة الكلم أو المقاومة بالكلمة، حيث أكد على أهميتها بقوله “للفتوى دور مهم في الحفاظ على كيان الأمة المادي فضلًا عن أهميتها في حفظ الكيان المعنوي المتمثل في العقيدة والهوية لأنها من أهم وسائل بيان المنهج الرباني”.

أما دور العامة فيتلخص في الكتاب في مقاومتهم للحملة الفرنسية دون بيان مسار تطور تلك المقاومة في الهجمات اللاحقة مثل دور الأزهر والفتوى اللذين وضح الكتاب مسار حركتهم حتى الوقت الحالي، هذا من جانب، ومن جانب آخر يوضح الكاتب أهمية دور العامة فيقول: “لا تتضح أهمية العامة في وقت مثلما تتضح في الأوقات التي تنهار فيها القيادة الرسمية (المقصود المماليك) بفعل الهزات الكبرى التي تتعرض لها الأمة، وذلك مثلما جرى في أوقات اجتياح العدو لأرض الإسلام، فحينئذ تجد العامة نفسها في موقع المسئولية المفاجئة التي لم تكن تخطر لها على بال، ولا كانت مستعدة لها بحال، لأن غرور القيادة – والتفاتها عن تطوير المجتمع – لم يدع مجالًا لإعداد العامة لتولي زمام القيادة على نحو يقي المجتمع من السقوط المدوي بفعل الهجمات المعادية فتكون المحصلة هي اضطراب الأمور مدة من الزمان تستغرقها عملية الإفاقة من الصدمة واستيعاب ما جرى مما لم يكن في الحسبان بفعل تغييب العامة من قبل القيادات المغرورة أو العاجزة، لكن يحدثنا التاريخ أن العامة تنجح بعدها في إعادة تنظيم نفسها وإفراز قيادات شعبية حقيقية تكون أصدق تعبيرًا عن تطلعات الجماهير، وتنجح فيما فشلت فيه القيادات الرسمية المنهارة، التي غالبًا ما لا تكون طريقة اختيارها وتعيينها معبرة بدقة عن نبض الجماهير”، لتتحول تلك الجماهير إلى “قوة مقاتلة متشبثة بأرضها تعرف كيف تستخدم السلاح، بل وتصنعه، وتواجه الجيش ذاته الذي قابلته بالصياح وفرَّت فور انتصاره… لتقاتل من بيت لبيت ومن شارع إلى شارع عندما تحمل هي مسؤولية الدفاع عن وطنها وستظهر قيادة جديدة من بينها وتقودها إلى تحقيقه”.

وذلك يتضح بانتخاب العامة ديوانًا للثورة من بين مشايخ الأزهر الذين رأى الشعب أنهم الأقدر على القيادة وذلك في مقابل ديوان نابليون ورفض الشيوخ المنضمين إليه مثل الشيخ البكري، ويطرح الكاتب المعايير التي استندت إليها العامة في اختيار ممثليهم في ديوان الثورة من معايير موضوعية وشخصية ليظهر حجم الرشادة في منطق العامة في اختيار قيادتهم.

وفي الختام: فكتاب “المقاومة الحضارية: دراسة في عوامل البعث في قرون الانحدار” يعد كتابًا هامًا في تلك المرحلة من مراحل الأمة في فهم أسباب الانحدار وطرح رؤى حول أسباب البعث في تلك الأوقات وأهمية دور المؤسسات الوسيطة أو العامة في الإحياء بصرف النظر عن فساد القيادات؛ كما يطرح الكتاب رؤية جزئية حول مفصل تاريخي من مفاصل تاريخ الأمة الإسلامية ومصر، حيث إن مشهد الحملة الفرنسية يعد معبرًا عن دخول الأمة عصور الانحدار ويحتاج إلى مزيد من الدراسة حول أسبابه ونتائجه سواء على مصر أو الأمة الإسلامية بشكل عام لفهم أن عصور الانحدار تبدأ قبل الانحدار الفعلي بفترة طويلة ويتضح ذلك من خلال الاختلاف والاختلال في الإنتاج المادي للحضارة بين الأمة الإسلامية وبين الغرب في ذلك الوقت.

اعتمد الكاتب على مرجعين أساسيين وهما: تاريخ الجبرتي، و”دخلت الخيل الأزهر” لمحمد جلال كشك، ويتضح من الكتاب أن الكاتب اشتبك بشكل خاص مع الجبرتي وفي أحيان كثيرة غلبت عليه لغة الجبرتي لدرجة يصعب معها الفصل بينهما، ومن جانب آخر اعترض الكاتب على وصف الجبرتي لمقاومة العامة بالغوغائية، وبرر ذلك أن التجاوزات الفردية لا تنفي عن المقاومة حضاريتها، ويمكن الاعتراض على الكاتب هنا؛ فصفة الحضارية لا يمكن أن تضاف إلى تجاوزات وعدم فهم كامل لمعناها وتطبيق لقواعدها – خاصة التي فصلها الكاتب في كل من مقدمة الكتاب وخاتمته – حيث يمكن أن تتفهم التجاوزات في ظل السياقات في عصور الانحدار ولكن لا تنطبق عليها صفة الحضارية، وإنما تأخذ صفة المقاومة لأنها حسب رؤية الكاتب “عنصر ذاتي مستمر الحضور في كيان الأمة على اختلاف العصور ويمثل جزءًا مهمًا من فاعلية الأمة المستمرة على اختلاف الأطوار التي تمر بها” فحركات العامة ليست بالغوغائية وإنما هي مقاومة ولكنها ليست  بالضرورة حضارية دائما .

اعتمد الكاتب في طرح حججه في طول الكتاب على تكرار بعض الحوادث التاريخية مع اختلاف الدلالات المستفادة منها لبيان دور الأزهر ومشايخه بأشكال مختلفة مثل: حادثة السيدة نفسية المرادية، وحادثة مقتل زينب ابنة الشيخ البكري، وإن كان الهدف الأساسي منها هو توضيح دور المشايخ وفعاليتهم مع الأحداث المختلفة، فدور المشايخ والأزهر يعد القضية الأكثر تداولًا في الكتاب يليها دور الفتوى وذلك كما سبق الذكر نتيجة لتتبع المسار التاريخي لكل منهما، ثم يأتي دور العامة.

وفي النهاية فأهمية الكتاب تأتي من استقراء عناصر البعث التي يمكن تقويتها وتتخذها الشعوب معالم للخروج من مأزقها الحضاري في ظل مرورها بمراحل انحدار سياسي واجتماعي واقتصادي وفي ظل استبداد الحكام وفسادهم.

 

هوامش

* هاني محمود، “المقاومة الحضارية: دراسة في عوامل البعث في قرون الانحدار”، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، دار البشير للثقافة والعلوم، 2017).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى