طوفان الأقصى في الخطاب الإسرائيلي

(تقرير الأسبوع الثالث من الأحد 22 أكتوبر إلي السبت 28 أكتوبر)

مقدمة:

ما بين المستمر والمتغير في الرواية الإسرائيلية حول أحداث حرب “طوفان الأقصى”، ينقضي الأسبوع الثالث من الحرب في ظل مشاهد مروعة وقصف إسرائيلي بري وبحري وجوي عنيف لقطاع غزة، وسط تخاذل وصمت عربي وعالمي، ودعاية إسرائيلية مسمومة ومهزومة؛ حيث لم تهز حرب “طوفان الأقصى” نظرية الأمن الإسرائيلي فقط، بل هزت أيضاً الإستراتيجية الدعائية الإسرائيلية، لتمثل الحرب سقوطا مدويا لدعايتهم الكاذبة ودبلوماسيتهم الرقمية المدعية، فالكذب والتزييف لم يصمد أمام حقيقة الصورة التي انكشفت للكيان الاستيطاني المحتل الذي نشأ بالقوة ويستمر بالدم .

فقد ارتبطت الاستراتيجية الخارجية الإسرائيلية منذ بداياتها بنسج شبكة علاقات خارجية بسبب حاجتها الدائمة لأن تجد محيطًا من الأصدقاء في المحيط الدولي والاقليمي على حد سواء، فبعد أن شكلت علاقات إسرائيل الخارجية مدخلاً أساسيًا في صراع إسرائيل من أجل البقاء، وذلك في إطار بحثها عن الاعتراف والشرعية لوجودها في المنطقة العربية[1] (التطبيع مع الأنظمة العربية )، كان التوجه الأحدث في تلك الاستراتيجية والموجه بالأساس نحو الشعوب ( التطبيع الشعبي )، سواء على مستوى العالم بصفة عامة، أو على مستوى الشعوب العربية بصفة خاصة، فجاءت استراتيجيتها الدعائية ودبلوماسيتها الرقمية، إلى أن جاءت حرب “طوفان الأقصى” لتهدم جبال الزيف الإعلامي الإسرائيلي ولتعييد إسرائيل لنقطة الصفر.

وفي هذا الصدد، يرصد التقرير الخطاب الإعلامي الإسرائيلي في الأسبوع الثالث، منذ بدء انطلاق عملية طوفان الأقصى؛ وذلك علي الجانب الرسمي وغير الرسمي، في محاولة لرسم أهم ملامح الاستراتيجية الدعائية الإسرائيلية في أسبوعها الثالث من العملية؛ لبيان الأهداف السياسية والدبلوماسية منها، وبيان الاستمرارية والتغير في الرواية الإسرائيلية، من خلال تحليل أهم ما جاء علي اللسان الاسرائيلي خلال الأسبوع الثالث من انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، سواء على مستوى الخطابات الرسمية (مسؤولون إسرائيليون)، أو خطابات إعلامية غير رسمية ( كتابات ولقاءات إعلامية لصحفيين وأكاديميين ومسؤولين إسرائيليين سابقين).

أولاً- طوفان الأقصى في الخطاب الإسرائيلي الرسمي:

  • الهجوم البري علي قطاع غزة

في نهاية الأسبوع الثالث، أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء استعداداته للمعركة البرية في غزة، ومع الساعات الأولي من ليلة يوم السبت 28 أكتوبر 2023 ، تم الإعلان عن بدء الهجوم البري علي منطقة شمال غزة، وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي “دانيال هاغاري” أن المعركة ستستمر لعدة أشهر، وسيُخصَّص الجزء الأول منها للسيطرة على الأرض، ولاحقًا للهجوم على البنى التحتية لحماس، وفي خلال الأسبوع الثالث، تنقّل كبار المسؤولين في الجيش الاسرائيلي بين الوحدات العسكرية لرفع الروح المعنوية بين الجنود، ونقلوا إليهم الرسالة التالية: “من المتوقع أن تكون المعركة قاسية في منطقة مكتظة بالسكان، ومعقدة، ومع مفاجآت كثيرة أعدّتها (حماس) عبوات وصواريخ مضادة للدروع ومنازل مفخخة ومعركة  فرعية ضد الأنفاق وتحت الأرض”[2] .

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” في تصريحات أدلى بها إلى وسائل الإعلام خلال زيارة قام بها إلى لواء وحدات الكوماندوز، بالقرب من منطقة الحدود مع لبنان الأحد 22/أكتوبر، إنه في حال اتخاذ حزب الله قراراً يقضي بالدخول في حرب مع إسرائيل، سيرتكب الخطأ الأعظم في حياته، وسيحنّ إلى حرب لبنان الثانية [2006]، لأن إسرائيل ستضربه بقسوة لا يمكنه تخيُّلها على الإطلاق، وستكون بمثابة ضربة مدمرة له ولدولة لبنان ، وأضاف “نيتنياهو” مخاطباً جنود لواء الكوماندوز: “لقد حاربتم ببطولة في غزة، وفقدتم أصدقاء، وهذا أمر صعب جداً، لكننا نحارب من أجل الحياة، وهذه المعركة من أجل الحفاظ على البيت، أي أنها تعني الوجود أو الفناء.”

وقال نتنياهو: “إننا في معركة مزدوجة الآن هناك من جهة، معركة الكبح هنا [منطقة الحدود مع لبنان]، ومن جهة أُخرى، هناك معركة تحقيق انتصار ساحق يؤدي إلى محو حركة (حماس) [في قطاع غزة]، ومن أجل ذلك، أنتم تدافعون عن الحدود هنا، وزملاؤكم هناك مستعدون لتنفيذ أي مهمة  في الجنوب، وتابع رئيس الحكومة: “إن ما تفعلونه هنا، وما سمعت عنه من قادتكم، هو أمر لا مثيل لأهميته، أنتم تقتلون عناصر حزب الله الذين يحاولون مهاجمة خط جبهتنا، ولا يمكنني القول لكم الآن ما إذا كان حزب الله سيقرر الدخول بشكل كامل في الحرب، لكننا جاهزون لمواجهة أي سيناريو، وأنتم جاهزون لأي سيناريو”[3].

ورداً علي ما تردد حول الخلافات بين” نيتنياهو” ووزير دفاعه “يوآف غالانت”، خرج كلاً منهما في مؤتمر صحفي مشترك مع  رئيس الأركان اللواء “هرتسي هاليفي”  يوم 24 أكتوبر 2023

حيث قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو:”إنني موجود هنا مع وزير الدفاع يوآف غالانت، ومع رئيس الأركان هرتسي هاليفي، إننا نعمل معًا كقبضة ساحقة لتحقيق هدف واحد، وهو القضاء على حماس، نحن نساند بعضنا البعض، ونساند قوات الدفاع الإسرائيلية – مقاتلينا وقادتنا، أطلب من مواطني إسرائيل أن يعرفوا شيئًا آخر: نحن نتخذ القرارات هنا وفي مجلس الوزراء لإدارة الحرب بالإجماع، نحن نفعل ذلك بمسؤولية كبيرة، ونحن نفعل ذلك أيضا من منطلق الخشوع لقدسية الموقف لنقاتل معًا وسننتصر معًا، فقط معًا”.

كما قال وزير الدفاع “يوآف غالانت”” لقد قمت بزيارات وجولات في جميع أنحاء البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، ألتقي بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي في الشمال، في الجنوب، على الأرض، في الجو، في البحر، ألتقي بجنود الاحتياط والجنود النظاميين، كل هؤلاء الجنود مصممون جدًا على تنفيذ مهامهم، ويقومون بعملية إعداد شاملة وطويلة، وهم مستعدون لمهامهم، وأذكر بشكل خاص القادة، من ضباط الصف الاول إلى غاية رئيس الأركان، الذين يقومون بعمل ممتاز خلال الحرب وعلى استعداد لمواصلة ذلك، انني أبارك إقامة المجلس الوزاري الحربي المصغر، إنني اعتقد بأن هذا يعود بالبركة لدولة وشعب اسرائيل، وكذلك يمثل رسالة لنا حول وحدتنا جميعا هنا في إسرائيل، وايضا لأعدائنا امام المراحل الصعبة التي نتوقعها خلال الحرب”.

وأضاف رئيس الاركان “هرتسي هليفي” “نحن ندير الحرب، رأيت القوات في الميدان مستعدون، نناقش هنا كل مساء قضايا معقدة، أمام أعيننا شيء واحد فقط: أمن دولة إسرائيل”.[4]

وفي تصريحات أخري لنيتنياهو لوسائل إعلام إسرائيلية يوم 24 أكتوبر 2023، قال فيها “مواطنوا إسرائيل، نشهد أوج معركة من أجل بقائنا، وقد حددنا هدفين لهذه الحرب، هما القضاء على حماس من خلال تدمير قدراتها العسكرية والسلطوية، والقيام بكل ما في وسعنا لإعادة مخطوفينا إلى بيوتهم، جميع العناصر الحمساوية مصيرها الموت – فوق الأرض وتحت الأرض وداخل غزة وخارج غزة”.

وتابه قائلا،:” ألتقيت مع وزير الدفاع غالانت، والوزير بيني غانتس، والمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية، ورئيس الأركان ورؤساء الأجهزة الأمنية، حيث نعمل على مدار الساعة من أجل تحقيق أهداف الحرب حتى النصر، ونقوم بذلك بشكل يخلو من الاعتبارات السياسية، والذي نضعه نصب عيوننا شيء واحد فقط .. هو إنقاذ الدولة وتحقيق النصر، نحن نطلق على حماس نارًا ضارية، وقد قضينا بالفعل على آلاف المخربين، وهذه ليست سوى البداية، تزامنًا مع ذلك، نستعد للدخول البري، ولن أخوض في تفاصيل التوصيل والطرق والعدد وكذلك مجمل الاعتبارات التي نأخذها في عين الاعتبار، والتي لا يعرف الجمهور معظمها وهكذا ينبغي للأمور أن تصير حرصًا على حياة جنودنا”.

“وأقولها بكل وضوح أن توقيت عملية جيش الدفاع، تم تحديدها بالإجماع من قبل المجلس الوزاري المصغر القائم على إدارة الحرب؛ حيث نعمل مع رئيس هيئة الأركان العامة ومع المجلس الوزاري المصغر من أجل ضمان أفضل الظروف للإجراءات التالية التي سيتخذها مقاتلونا وبدخولنا إلى غزة في المراحل اللاحقة من القتال، سنكبّد القتلة ممن ارتكبوا الفظائع المروعة لحماس داعش ثمنًا كاملاً، وأناشد السكان غير المتورطين في غزة التنقل إلى جنوب القطاع”[5].

وفيما يتعلق ببدء الهجوم البري المكثف علي شمال قطاع غزة، أكد المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي “دانيال هاغاري” صباح السبت 28 أكتوبر، القضاء علي عدد كبير من قادة حماس الذين وصفهم “بالمخربين”، من بينهم قائد القوة الجوية لحماس، وقتل قائد كتيبة غزة، كما أكد أن القوات الإسرائيلية لاتزال في مواقعها، وأنه لا توجد إصابات وسط الجنود الإسرائيلين، كما حدد ثلاثة أهداف للجيش الإسرائيلي، وهي ( تفكيك حماس، تأمين الحدود، جهود وطنية لإعادة المخطوفين)، وقال “سنواصل التحرك نحو حماس، والتي تأكدنا من وجود مرتكزات لها تحت (مستشفي الشفاء)، حتي الأن أبلغنا عائلات (311 ) من جنود جيش الدفاع القتلى، و129 مخطوفاً، وإعادة المخطوفين هدف كبير وأولي”[6].

  • ملف الأسري والمخطوفين :

وفيما يتعلق بملف الأسري الإسرائيلين قال نيتياهو في خطابه لوسائل الإعلام الإسرئيلية

“مواطنو إسرائيل، حتى وسط عاصفة المعركة، لا ننسى ولو للحظة ذلك الألم الرهيب بفقدان أكثر من 1400 من إخوتنا وأخواتنا الذين تم ذبحهم بدم بارد، والذين سقطوا في معارك بطولية في مواجهة الوحوش المفترسة التي جاءت للقضاء علينا، ويشكل مصرعهم وابلا من الأسهم في قلوبنا، وروح الأمة تنزف الدم، وستعلن الحكومة عن أيام حداد وطنية، إحياء لذكرى تلك الكارثة الرهيبة، مقاتل غولاني دفير ليشا سقط في عيد فرحة التوراة دفاعًا عن بلدات منطقة غلاف غزة، وقد رثته والدته قائلة: (من آلام هذه الحرب ستعاد ولادتنا كشعب)، ولا مقولة أصح من ذلك”.

“أنا أطأطئ رأسي أمام كافة العائلات التي انتابها الخراب، وأعلم أن حياتها لن تكون نفس الحياة التي عاشتها أبدًا، وأبعث لها من صميم قلب الشعب بأكمله عناق المحبة والمواساة، وزراء الحكومة يعملون على مد يد العون لكل من يحتاج ذلك، وقد قمنا بإخلاء آلاف المدنيين من بلدات خط الاشتباك إلى فنادق، ومجمعات ضيافة وغيرها من الأماكن، بتمويل كامل من الدولة، وتعمل الوزارات الحكومية على إعداد الخطط للمراحل اللاحقة، وعلى تقديم الدعم واسع النطاق لجميع مواطني الدولة، تمامًا كما فعلنا خلال فترة الكورونا، ولن نترك أحدًا وراءنا، وسيتطرق وزير المالية إلى ذلك باستفاضة في أسرع وقت ممكن، وسنعمر البلدات والكيبوتسات من التراب ونعيد تأهيل المجتمعات التي تضررت”.

“منذ بداية الحرب أنشأنا 600 فرقة طوارئ جديدة، أيضًا من خلال شحنات الأسلحة الكثيرة التي نأتي بها من الخارج، ونجند المزيد من القوات لهذا المجهود. نحن نشجع المواطنين ونساعدهم على التزود بالأسلحة الشخصية للحماية، ونقوم بذلك بشكل مضبوط، نحن نحشد دعم القادة حول العالم للمراحل اللاحقة من المعركة؛ حيث يدرك العديد منهم حاليًا ما كنا نقوله لهم بشكل متكرر منذ 2014، أن حماس هي داعش، وداعش هي حماس، وأقول لهم إن حربنا ضد حماس هي حربهم أيضًا، وحربنا على حماس اختبار للبشرية جمعاء،  وصراع بين محور الشر الذي يضم إيران وحزب الله وحماس، ومحور الحرية والتقدمية، نحن أبناء النور، بينما هم أبناء الظلام وسينتصر النور على الظلام”.

“مواطنو إسرائيل، كان السابع من شهر أكتوبر يومًا أسودا في تاريخنا، وسنجري تحقيقًا جوهريًا فيما حدث على الحدود الجنوبية، وفي منطقة غلاف غزة، وسيتم التحقيق في هذا الإخفاق بشكل شامل، وسيتعين على الجميع بمن فيهم أنا شخصيًا تقديم الإجابات، لكن لن يحدث ذلك إلا ما بعد الحرب”.

” بصفتي رئيسًا للحكومة، فإنني أتولى المسؤولية عن ضمان مستقبل الدولة، والآن دوري قيادة دولة إسرائيل والشعب لتحقيق نصر ساحق على أعدائنا، لقد حان الوقت لتوحيد القوات من أجل هدف واحد، وهو الاندفاع إلى الأمام والنصر بقوانا المشتركة، وإيماننا الراسخ بعدالة قضيتنا وبخلود إسرائيل، سنحقق نبوءة يشعياهو: (لن تشهدي فيما بعد مزيد من الخراب في بلادك والكوارث على حدودك وجاء الخلاص بلداتك والمجد كان من نصيبها)، معًا سنقاتل ومعًا سننتصر”[7].

  • شعبية حكومة نيتناهو :

قال موقع “واللا” إن وزيراً إسرائيلياً عضواً في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية – الأمنية [الكابينيت] ، وجّه انتقادات إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع الذي عقده المجلس، على خلفية أن هذا الأخير يعارض القيام بخطوات هجومية في الحرب على غزة، ونقل الموقع عن هذا الوزير، الذي رفض الكشف عن هويته، قوله “إن نتنياهو يكبح أي اقتراح بشن هجوم، لأنه بكل بساطة، جبان”، ورجّح الموقع أن تكون هذه الانتقادات جاءت في إثر مواصلة الكابينيت إرجاء شنّ اجتياحا برّيا لقطاع غزة، عازياً ذلك إلى عدة اعتبارات، بينها التأكد من عدم وجود عناصر من “حماس” في منطقة “غلاف غزة”، وتحسين الدفاعات الإسرائيلية وكفاءات القوات النظامية، وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومطالبته بإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع، وزيارة رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، كما أشارت تقارير وسائل إعلام إسرائيلية، إلى أن الضغوط التي يمارسها حزب الله، تؤثر في قرار إسرائيل بشأن الاجتياح، وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي يسعى لاستكمال استعداداته، تحسباً لاحتمال انضمام حزب الله إلى الحرب واتساعها، وفقط بعد ذلك، سيتخذ القرار بشأن الاجتياح البريّ[8].

وعلـــيه ومما سبق، يتبين من متابعة الخطاب الرسمي الإسرائيلي، ولاسيما خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي الإعلان الرسمي عن أهداف الهجوم البري، وهو أولاً القضاء علي حماس وتأمين الحدود، وثانياً إعادة المختطفين، ويبدو هنا أن ملف إعادة المخطوفين، لا يحتل الاولوية الأولى لدى الحكومة الإسرائيلية، إنما يأتي في مرتبة ثانية بعد القضاء علي حماس.

كما أكد الخطاب الرسمي، على وحدة الصف الداخلي الإسرائيلي، لاسيما بعد تردد الأحاديث حول خلافات داخلية عسكرية بين نيتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي، جاءت المؤتمرات الصحفية المشتركة لدحض تلك الأقاويل.

وعلي المستوي الداخلي، وفي نطاق محاولة الحفاظ علي ما تبقي من الدعم الداخلي لنيتنياهو وحكومته المأزومة، أكدت الخطابات الرسمية له الدعم الحكومي الكامل للمواطنين الإسرائيلين المهجرين من أماكن إقامتهم، وتقديم التمويل الكامل لهم، وحرص الحكومة علي تسليح المواطنين، فضلاً عن الإعتراف المباشر بالفشل والإخفاق في أحداث عملية “طوفان الأقصى”، ومحاولات حفظ ماء الوجه والتأكيد على التحقيق الكامل في أسباب هذا الإخفاق.

أما علي المستوى الخارجي، أكدت الرواية الرسمية الإسرائيلية حشد الدعم من قادة دول العالم ومحاولتهم الكلاسيكية لشيطنة العدو؛ حيث جاء الحديث حول محور الخير والحرية والتقدمية ومحور الشر، محور النور ومحور الظلام، وأن داعش هي حماس وحماس هي داعش.

ثانيًا- طوفان الأقصى في الخطاب الإسرائيلي غير الرسمي:

  • الهجوم البري علي قطاع غزة

  أظهر استطلاعا للرأي العام الإسرائيلي أجرته صحيفة “معاريف”  27في  أكتوبر  وجود انقسام شعبي داخلي حول الهجوم البري علي غزة؛ حيث قال 49% من المستطلعين، إنه يتعيّن على الحكومة الانتظار قليلاً قبل أن تتخذ قراراً بشأن شنّ عملية اجتياح عسكرية برية واسعة في قطاع غزة، في حين قال 29% منهم فقط، إنه يجب شنّ مثل هذه العملية فوراً، بينما قال 49% من المستطلعين، إن رئيس تحالُف “المعسكر الرسمي” بني غانتس، هو الأنسب لتولّي منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية، في حين قال 28% منهم فقط، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو الأنسب، وشمل الاستطلاع عيّنة مؤلفة من 522 شخصا، مثلوا جميع فئات السكان البالغين في إسرائيل، مع نسبة خطأ حدّها الأقصى 4.3%[9].

  • ملف الأسري والمخطوفين

فيما يتعلق بملف الأسري والمخطوفين الإسرائيلين، يتساءل الصحفي الإسرائيلي “غدعون ليفي” في مقاله في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية  قائلاً:” هل تكترث إسرائيل حقاً لبناتها وبنيها؟ من يرغب في تحقيق الإفراج عن المخطوفين الـ210 (مَن لا يرغب في ذلك أصلاً؟) عليه أن يكافح الآن وبكل طاقته ضد الاجتياح البري لغزة، وفي الوقت ذاته، عليه أن يمارس كل ضغط ممكن على الحكومة، من أجل التوصل إلى اتفاقية تقضي بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، لا مغزى مطلقاً من مناقشة الأخطار الحقيقية وتلك المتخيلة التي يمكن أن تنجم عن تحرير جماعي على هذا النحو، ومن دون ذلك، لا ولن يحدث أيّ إطلاق للمخطوفين، ومَن يعارض الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، يعارض عملياً إطلاق سراح المخطوفين، وستُلطَّخ يداه بدماء هؤلاء، لا شيء هنا بالمجان، ولن يكون، ومن المستحسن أن ندرك هذا الأمر منذ الآن، فمن يرغب في إطلاق سراح المخطوفين، عليه أن يقول الآن، وبصوت عالٍ وواضح: أوقفوا الاجتياح البري – لن تُعقَد صفقة في ظل الاجتياح البري – وعليه أن يدخل في مفاوضات تفضي إلى الإفراج عن الأسرى، من المؤسف أن عائلات الإسرائيليين المخطوفين لا تتبنى هذا الموقف”[10].

كما تناول ملف إطلاق الأسري الفلسطينيين في حديثه عن العدالة الواجبة، قائلا” “ممكن أن يكون هناك من ضمن الأسرى، مَن سيخدم الإفراج عنه فعلاً المصلحة الإسرائيلية الحقيقية: مروان البرغوثي هو أبرزهم طبعاً، فهو الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يمكنه أن يُحدث التغيير، ربما حتى في غزة، كما أن إطلاق الأسرى العرب الحاملين للجنسية الإسرائيلية، الذين يقبعون في السجون منذ ما يزيد عن 40 عاماً، من دون أيّ منطق عقلاني يبرر ذلك، على غرار وليد دقة المريض، وطبعاً إطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين والمعتقلين الذين تم اعتقالهم من دون محاكمات، سيكون هو الصحيح والعادل فعلاً، لكن العدالة باتت أقل أهمية في هذه المرحلة. الأهم هنا هو إنقاذ حياة البشر، المئات من البشر”[11].

وفيما يتعلق بإطلاق سراح حماس لأسيرتين، قال “شاني ليتمان” صحفي إسرائيلي في مقال له بصحيفة  “هآرتس” الإسرائيلية بتاريخ 23 أكتوبر2023 “:”هما ونحن، نعلم أنه لولا بايدن، لكانتا لا تزالان بين براثن الخاطفين في غزة، تنطوي هذه الصور على الخطر على هوية الدولة الإسرائيلية، فإذا تبين في نهاية الأمر، أن المخطوفين الوحيدين الذين سيُطلق سراحهم، هم الذين يحملون هويات أجنبية، فإن هذا يعني بصورة قاطعة للمواطنين الإسرائيليين أنه ليس لديكم دولة، وبعد الصدمة جرّاء فشل الجيش في الدفاع عن المدنيين في مواجهة (المخربين) في غزة، ستأتي صدمة أكبر بكثير، أي تخلّي الدولة عن مواطنيها، واستعدادها لأن يُقتلوا في مقابل استمرار جولة سفك الدماء والحرب العقيمة في غزة، وإذا كان الهدف قيام إسرائيل بالدفاع عن اليهود، فإن الحكومة الإسرائيلية تقول لمواطنيها اليوم: عودوا إلى بولندا والمغرب وأميركا، ربما يعتنون بكم أكثر هناك”[12].

وفي نفس السياق، وفيما يتعلق بقضية الأسرى، قال الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي علي قناة N12 الإسرائيلية أمنون ابراموفيتش،: “مَن قام بتعيين غال هيرش [المسؤول الإسرائيلي عن ملف الأسرى المحتجزين لدى المقاومة] في منصبه، يتعامل مع موضوع الأسرى بإهمال، أيّ أنانية وأيّ نرجسية مرضية يمكن أن يصاب بها شخص منتخَب لكي يدير ظهره للشعب، حتى في ظل ظروف مأساوية تقطّع نياط القلب، كالظروف التي نمرّ بها، ويعيّن شخصاً كهذا؟ يتساءل الناس، مثلاً، لماذا لم يتم تعيين يوسي كوهين [الرئيس السابق لجهاز الموساد] في هذا المنصب، وقد يأتي وقت أفصّل فيه هنا الخدعة الإعلامية التي جرت، لكي تتم دعوة كوهين للتشاور معه فقط، في اليوم الرابع للحرب، حوالي الساعة السادسة مساءً، بينما كان ديوان رئيس الوزراء خائفاً من النشر في وسائل الإعلام،إن العرض المرعب الذي قدّمه هيرش أمام السفراء، أو ما يمكن أن نطلق عليه Hirsch Horror show، وصورته مصافحاً أيدي المختطفتين المحرّرتين، قد أثار موجة من الصرخات الاحتجاجية والازدراء الشديد له، لكن مَن يعرف الرجل، لم يُفاجأ قط بسلوكه الانتهازي”[13].

وحول الحديث عن صفقة لتبادل الاسرى بين حماس وإسرائيل، قال شيركي _محلل عسكري اسرائيلي علي قناة 12 الإسرئيلية،: “نحن سنؤيد أي صفقة تتوصلون إليها، حتي لو كان الثمن مكلف، سمعت إيهود يقول أنهم يريدون الإفراج عن ستة الاف مخرب، حتي لو كان هناك انتقاد جماهيري، إلا أننا لن ننتقد هذا”[14].

وحول نفس الملف، كتب “رون بن ياشاي” محلل وصحفي إسرائيلي مقال رأي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بتاريخ 24 أكتوبر 2023، قال فيه “لن تتمكن حماس، أو الجهاد الإسلامي، من استخدام الأسرى والجثث لديهم لتحقيق الهدف الأساسي من مجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، من دون إجراء تسوية مع إسرائيل، فالهدف الأساسي هو تحرير السجناء والأسرى الأمنيين الفلسطينيين من السجون في إسرائيل، وهنا يتضح أن الطرفين الأساسيين في هذه الحرب، أي إسرائيل وحماس، لديهما الآن مصلحة كبيرة في إنهاء قضية المخطوفين والرهائن بصورة إنسانية، ومن دون سفك المزيد من الدم، إن هذه المصلحة المشتركة والمروعة، يجب استغلالها ويمكن استغلالها، من خلال صفقة تبادُل تتحقق عبر الوساطتين القطرية والمصرية، بضغط من الولايات المتحدة وحلفائها من خلف الكواليس، يجب التوضيح للوسطاء أنه يجب تنفيذ هذه الصفقة قبل دخول الجيش الإسرائيلي في مناورة برية كبيرة في القطاع، ويجب التوضيح للوسطاء، ولكلّ من حماس والجهاد الإسلامي، أن الجيش الإسرائيلي سينفّذ الاجتياح البري في أي حال، وعندها، ستتشدد إسرائيل بصورة كبيرة في شروط موافقتها على الصفقة، هذا إذا وافقت عليها أصلاً”.[15]

  • شعبية حكومة نيتنياهو:

وفيما يتعلق بالأزمة الداخلية لحكومة نيتنياهو، أظهر استطلاعا للرأي العام الإسرائيلي أجرته صحيفة “معاريف” الخميس 26 أكتوبر، أنه في حال إجراء الانتخابات الإسرائيلية العامة الآن، سيحصل كلٌّ من قوائم معسكر الأحزاب المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 43 مقعداً (عدد المقاعد نفسه الذي حصلت عليه في استطلاع الأسبوع ما قبل الماضي)، في حين أن قوائم معسكر الأحزاب المناوئة له، ستحصل على 67 مقعداً (أقل بمقعد واحد من عدد المقاعد التي حصلت عليها في استطلاع الأسبوع ما قبل الماضي)، ويحصل كلٌّ من قائمة التحالف بين حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة]، وتعل [الحركة العربية للتغيير]، وقائمة راعام [القائمة العربية الموحدة] على 5 مقاعد، ووفقاً للاستطلاع، ستحصل قائمة حزب الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 19 مقعداً، وتحصل قائمة تحالُف “المعسكر الرسمي” برئاسة عضو الكنيست بني غانتس على 36 مقعداً، وتحصل قائمة “يوجد مستقبل” برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد على 17 مقعدا[16].

أيضا في نفس السياق، وحول شعبية نيتنياهو، كتب  “سامي بيرتس” صحفي إسرائيلي في صحيفة  “هآرتس” بتاريخ 25 أكتوبر مقالاً بعنوان “معركة بنيامين نتنياهو الأخيرة”، وقال :”على الصعيد السياسي، استخلاص الدروس لا يقلّ أهمية، خلال الأعوام الأخيرة من حُكم بنيامين نتنياهو، شهدت الدولة أزمة سياسية خطِرة أضعفت مؤسساتها، بما فيها المؤسسة الأمنية،  في جذور المشكلة، هنا نتنياهو المتهم الجنائي الذي يخوض صراعاً على البقاء، ويجرّ معه مؤيّديه وحزبه وشركاءه في اليمين، وهو الذي حوّل كلّ مَن لا يقف إلى يمينه إلى عدو: المنظومة القضائية، والشرطة، وقسم من وسائل الإعلام، وقادة الأجهزة الأمنية، ومعارضو الانقلاب القضائي، وفي موازاة ذلك، حسّن وضع المتملقين من حوله، من الصعب تخيُّل سيناريو ينجو فيه نتنياهو من هذه الكارثة، ويبقى رئيساً للحكومة، حتى قبل المذبحة في “غلاف غزة”، تراجعت شعبيته وشعبية حكومته بسبب أضرار الإصلاح القضائي، بعد أكثر من 1300 قتيل، ونحو 220 مخطوفاً، هذا يبدو أكثر وضوحاً، يبقى السؤال: كيف سيحدث هذا؟ ومتى سيدرك شركاؤه في حزبه، وفي الائتلاف، أنه تحول من رصيد إلى عبء”.[17]

ومن التحليل السابق للخطابات غير الرسمية الإسرائيلية، يتضح وجود انقسام داخلي كبير بشأن الهجوم البري علي قطاع غزة، فضلاً عن وضع ملف المخطوفين والأسرى الإسرائيليين علي أولوية الأهداف، وهو بعكس الرؤية الإسرائيلية الرسمية، التي تضع الأولوية للقضاء علي حماس، فالأولوية هي عودة المخطوفين، حتى لو قبلت إسرائيل بالمقايضة بإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين لديها، وهو ما يبدو مستبعداً من قبل الخطة الإسرائيلية الرسمية، كما يتضح أيضا من الرصد السابق للخطابات غير الرسمية، واستطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، انهيار شعبية حكومة نيتنياهو بشكل كبير، ووجود شبه إجماع علي ضرورة الاستقالة فور انتهاء الحرب، وهو ما يبرر استماتة “نيتنياهو” علي خوض الحرب والقضاء علي حماس مهما كلفه الأمر، وهو ما سيتضح مستقبلاً فور انتهاء الحرب.

ومن متابعة تقارير الخطابات الاسرائيلية، سواء الرسمية أو غير الرسمية خلال الأسابيع الثلاثة  الماضية منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، يتبين استمرار الدعاية الإسرائيلية الكاذبة لحشد الرأي العام العالمي، لكنها لم تعد تلقى الصدى المطلوب، وهو ما يتبين من اندلاع المظاهرات الشعبية العارمة في عدد من الدول الغربية والعربية، وحملات المقاطعات الشعبية للمنتجات الأمريكية واليهودية المناصرة لإسرائيل، مع التبجح الإسرائيلي الرسمي، بإعلان واستباحة قتل المدنيين، في مقابل تحقيق الهدف الأسمى لها، وهو القضاء علي حماس، حتي لو على حساب ملف عودة المخطوفين الإسرائيليين.

 

هوامش

*  دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية، باحث متخصص في العلاقات الدولية.

[1] لمزيد من التفصيل حول شبكة علاقات إسرائيل الدولية، انظر: عاطف أبو سيف، علاقات إسرائيل الدولية السياقات،الأدوات،الاختراقات، رام الله، مدار المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية، 2014.

[2]  الاستعدادات للدخول البري أُنجزت، وهذه هي الأهداف التي سيحاول الجيش تحقيقها،يواف ليمور، يسرائيل هيوم، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، متاح عبر الرابط التالي:  https://t.ly/bUffm

[3] زيارة نيتنياهو لفرقة الكوماندوز، متاح عبر الرابط التالي:  https://t.ly/SgsGy

[4] تصريحات مشتركة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي، متاح عبر الرابط التالي: https://t.ly/uoNh2

[5] تصريح نتنياهو لوسائل الإعلام الأربعاء26 أكتوبر، متاح عبر الرابط التالي: https://t.ly/kz–i

[6] لمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: عملياتنا العسكرية مستمرة حتى القضاء على “حـ.مـ.اس”، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/mshbanbe

[7] المرجع السابق

[8] مصادر إسرائيلية: نتنياهو يحاول المحافظة على هدوئه، لكنه معزول، متاح عبر الرابط التالي:  https://t.ly/IXJLg

[9] استطلاع رأي ، دريدة معاريف، 27 أكتوبر 2023، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، متاح عبر الرابط التالي:   https://cutt.us/933q2

[10] الوقت ثمين، والساعة تدق. يجب الإفراج عن المخطوفين فوراً،غدعون ليفي، هآرتس، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ،22 أكتوبر 202 ، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/32zxesdb

[11] المرجع السابق.

[12] يجب إعادة المخطوفين بأيّ ثمن،شاني ليتمان،هآرتس، مؤسسة الدراسات الفلسطينية،23 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي:   https://cutt.us/g876v

[13]المخطوفون أولاً، الحرب تالياً،أمنون ابراموفيتش،قناة N12، مؤسسة الدراسات الفلسطينية 23أكتوبر 2023 ، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/mum798ae

[14]نقاش في الإعلام الإسرائيلي حول قضية احتمال عقد صفقة لتسليم المحتجزين في قطاع #غزة#الأخبار#حرب_غزة، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4249ywfp

[15] استبدال المخطوفين والأسرى بالسجناء: مخطط فوري، وإنساني، وواقعي، ومؤلم ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/3tn9uwuh

[16] استطلاع رأي ، دريدة معاريف، 27 أكتوبر 2023، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، متاح عبر الرابط التالي:   https://cutt.us/GbDSZ

[17]سامي بيرتس،  معركة بنيامين نتنياهو الأخيرة،  مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 25 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/Weg5K

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى