الأدوار والمواقف العالمية من الحرب الإسرائيلية–الإيرانية: الدلالات والآفاق

كشفت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية (أو يمكن تسميتها حرب الاثني عشر يومًا من 13 حتى 24 يونيو 2025) عن الكثير بشأن مواقف القوى العالمية والإقليمية وأدوارها ليس فقط تجاه عالمنا العربي – الإسلامي (أو ما يعرف في الدراسات الغربية بالشرق الأوسط)، ولكن بمجمل أدوار وتصورات هذه القوى للنظام الدولي ومواقف بلادها فيه. والأهم أنها يمكنها أن تقول الكثير بشأن علاقات الدولتين (إسرائيل وإيران) بالقوى والدول الكبرى، ومدى تأثير كل واحدة منها، وتأثرها بهذه القوى، وعمق علاقاتها بهم من جانب، وطبيعة تحالفاتها الدولية من جانب آخر.

يستهدف هذا التقرير فهم مواقف القوى العالمية في هذه الحرب، وعلى رأسها: الولايات المتحدة، وأوروبا (ممثلة تحديدًا في قواها الثلاث الرئيسة: بريطانيا- فرنسا – ألمانيا)، وموقف المؤسسة الرسمية للاتحاد الأوروبي، وكل من الصين وروسيا، ونضم إليهم موقف باكستان بوصفها الجار الإسلامي الأكبر المتاخم لإيران.

لا يُعنى هذا التقرير في المقام الأول برصد كل تصريح أصدرته هذه الدول خلال فترة الحرب، ولا تتبع القوى الداخلية المؤثرة في صنع سياساتها الخارجية، ولكن يحاول رسم ملامح صورة بانورامية عن تصورات هذه القوى ومواقفها، والدوافع وراءها، وكيفية فهمها في نطاق تفاعلات العلاقات الدولية ونظرياتها وخاصة من منظور حضاري إسلامي، وما أنبأتنا به الحرب بشأن شبكة علاقات الأطراف الدولية، أو ما يمكن أن تنبأنا به عن مستقبلها.

وعليه، ينقسم التقرير إلى ثلاثة محاور: يستعرض الأول القوى الغربية القريبة من إسرائيل ومواقفها، وعلى رأسها: الولايات المتحدة والقوى الأوروبية. والثاني: يحلل مواقف القوى الشرقية القريبة من إيران، وفي مقدمتها: الصين وروسيا وباكستان. ثمّ يختتم -بقسم أخير- عن الدلالات والسيناريوهات المتوقعة بشأن علاقات هذه القوى بالطرفين بصفة عامة في الأجل القريب، وحال وقوع حرب مستقبلية بين إيران وإسرائيل أو تجددها.

المحور الأول- حلفاء إسرائيل وداعموها: بين الخداع الأمريكي والمناورة الأوروبية

اتخذ حلفاء إسرائيل وداعموها (في الغرب) موقفًا شبه موحدًا من هجماتها ضد إيران، إذ أعلنوا ومنذ اللحظات الأولى دعمهم لهذه الهجمات، فيما أسموه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وما اعتبروه “دفعًا جيدًا لإيران للجلوس على طاولة المفاوضات” التي لم تغادرها أصلًا. ولذلك جاءت مواقف الحلفاء بين ثنائية الخداع (الأمريكي)، والمناورة الأوروبية، وذلك على النحو الذي نوضحه فيما يلي:

أولًا- خدعة ترامب لإيران والانخراط في الحرب

جاءت الضربة الإسرائيلية لإيران في اليوم الأخير من مهلة الستين يومًا التي وضعها ترامب بشأن الوصول إلى اتفاق حول السلاح النووي الإيراني، على الرغم من أن الطرفين لم يعلنا انتهاء المفاوضات، بل كانا على استعداد لجولة جديدة! وتلك كانت الخدعة الأمريكية الأولى لإيران: “وظف الحرب في حين أنك في خضم العملية الدبلوماسية/ التفاوضية”.

بارك الرئيس الأمريكي ترامب الضربة الإسرائيلية، وأشاد بقدرة إسرائيل على ضرب إيران، وقدرتها على السيطرة على الأجواء الإيرانية بفضل المعدات الأمريكية المتطورة، التي لا يمتلكها أحد غير الولايات المتحدة. ثمّ طالب “إيران بالاستسلام غير المشروط”، وإلا فيمكن أن تتدخل الولايات المتحدة. وبعد الكثير من التصريحات والمراوغات بشأن هل ستدخل الولايات المتحدة الحرب بتوجيه ضربة مباشرة لإيران أم لا؟، أعلن ترامب أنه سيتخذ قراره خلال أسبوعين (19 يونيو 2025). ثمّ بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أيام (22 يونيو 2025) نُشرت صور متابعة ترامب (مرتديًا قبعة حملته الانتخابية الشهيرة) للضربة العسكرية الأمريكية على منشآت إيران النووية: فوردو، نطنز، وأصفهان باستخدام قاذفات B2 العملاقة، (دون رصد آثار تدمير واسعة أو إشعاعات نووية!)[1]. وتلك كانت الخدعة الثانية: “اعط مدة ولا تلتزم بها”. ثمّ بعدها بيوم واحد تعلن إيران توجيه ضربة مكونة من 19 صاروخًا تجاه قاعدة العديد الأمريكية في قطر (دون وقوع أي خسائر ومع اعتراض كل الصواريخ إلا واحدًا). وأخيرًا يعلن ترامب آخر فصل في القصة: أن إيران قامت بضربتها، وأنه حان وقت وقف الحرب، وهو ما قد كان (فجر 24 يونيو 2025)!

ماذا تكشف لنا هذه القصة؟

1- مقاربة Red Alert للحرب: تذكرنا تصريحات ترامب -وتصوراته عن السلاح النووي، والحرب على أنها جزء من لعبة- تذكرنا بلعبة Red Alert  الشهيرة (الإنذار الأحمر)، التي يفوز فيها من يوجه أولًا ضربة خاطفة للطرف الآخر بالقضاء على سلاحه النووي، ليعلن الطرف الآخر استسلامه. وأن الحرب يمكن أن تبدأ وتنتهي بمجرد كبسة زر! والغريب ليس في سذاجة هذا التصور، بقدر صدقه عمليًا مع حرب الـ 12 يومًا وموقف الرئيس الأمريكي منها الذي قاربها بنفس منطق اللعبة المشار إليها.

2- استعراض القوة العسكرية الأمريكية: رغم تقدير الولايات المتحدة لما لدى إسرائيل من إمكانات هائلة (زودتها بها أمريكا)، فإنها لا زالت تتفرد بعناصر قوة وأسلحة لم تمنحها لحليفاتها. وأنها غير موجودة لدى قوى أخرى في العالم. نعم، استعرضت الولايات المتحدة قوتها العسكرية بأن حركت معداتها على طول البحار وعرضها، ووجهت ضربة مباشرة لدولة عضو في الأمم المتحدة، وصديق لروسيا والصين دون أن يقدم أيٌّ منهم أكثر من مجرد كلمات الإدانة!

3- قوة التحالف الأمريكي-الإسرائيلي والعلاقة الخاصة: لا تستطيع إسرائيل البقاء من دون الولايات المتحدة، كما لا تستطيع الولايات المتحدة أن تترك إسرائيل وحدها! يتحدث الاثنتان إحداهما عن الأخرى وكأنهما كيانان منفصلان، في حين أن علاقة المصاهرة بينهما أقوى من أن تفككها خطابات المصالح الواقعية التقليدية، وإنما وراءها شبكة توازنات ومصالح داخلية، وكذلك قيم وثقافة انعكست في ممارسات وسياسات مترابطة.

4- بشأن مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: على الرغم من عمق الحديث عن التغيرات في هيكل القوى السائد وطبيعة النسق الشرق أوسطي خلال السنوات الماضية، ودخول الصين بقوة اقتصاديًا وثقافيًا، وروسيا عسكريًا، فإن الولايات المتحدة تؤكد (ومعها حرب الـ 12 يومًا) هذه أنه لا قوة قادرة ولا راغبة على أن تأخذ مكان القوة المهيمنة عسكريًا فيما يتعلق بصراعات المنطقة، والعلاقات المعقدة داخلها، ولا تزال الولايات المتحدة هي القوة الوازنة التي تمسك بخيوط الأزمات والقضايا الرئيسة في هذه المنطقة، وبالتبعية مسارات حلحلتها.

ثانيًا- المناورة الأوروبية: التفاوض من أجل أهداف الحرب؟!

تحرك الثلاثي الأوروبي الأهم: ألمانيا – المملكة المتحدة – فرنسا، بطريقة شبه منسقة تجاه الحرب. على مستوى الخطاب: “أكدت الدول الثلاث التزامها بالسلام والاستقرار لجميع دول المنطقة، ودعمها لأمن إسرائيل”، في حين سعت إلى الاستمرار في مفاوضاتها مع إيران بشأن السلاح النووي؛ حاملين همّ التقريب بين الرؤى الأمريكية والإيرانية في هذا الصدد[2].

لكن تحت هذا الموقف العام تندرج العديد من التصريحات التي بينت ما يمكن وصفه “بالحق الاستثنائي المطلق” الذي تمنحه أوروبا لإسرائيل. إذ صرح المستشار الألماني – أثناء اجتماع مع دول السبع بكندا – أن إسرائيل “تقوم بالأعمال القذرة نيابةً عنا جميعًا”، كما ألمح ماكرون إلى “نجاح الضربة الإسرائيلية”، و”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، فأشار إلى أن الضربات قد قلّصت قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم وقدرتها الباليستية. وتتوافق نتائجها مع توجهنا الاستراتيجي. والآن، علينا العودة إلى المفاوضات”. وفي الوقت الذي نفت فيه حكومة المملكة المتحدة تقديمها دعمًا عسكريًّا لإتمام الضربات الإسرائيلية لإيران، فإنه لا يمكن إنكار علمها أو أنها وافقت على الضربة الأمريكية التي انطلقت من قاعدة دييجو جارسيا التي يتم تشغيلها بشكل مشترك بين الولايات المتحدة والمملكة[3].

أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد على المعاني نفسها، وإن بعبارات مختلفة؛ حيث دعا إلى العودة إلى الدبلوماسية؛ مؤكدًا -على لسان رئيسة مفوضية الاتحاد”- أنه لا يمكن لإيران أن “تملك القنبلة النووية”[4]. وهو ما يجعل المحللين يتساءلون بشأن أهمية دور القوى الأوربية في التفاوض وازدواجية مواقفها: فهل لهذه القوى دور “مؤثر” فعلًا، أم مجرد “ميَّسر” ودافع للحوار بين الولايات المتحدة وإيران؟ بل يمكن القول إن قوى أخرى يمكنها تجاوز أوروبا في لعب هذا الدور (مثل قطر!)، التي قامت بهذا الدور في وقف الحرب على نحو ما أُعلِن[5]، وهل تتمسك أوروبا بأي مبادئ ومعايير في موافقها من الضربات الإسرائيلية لإيران؟ هذه الأسئلة ربما تتكشف لنا إجاباتها انطلاقًا من فهم عدد من العوامل التي شكلت الموقف الأوروبي في الحرب، بعضها يأخذ شكل أسئلة أمامها رؤى معينة:

  • هل تراجع الاهتمام الأوروبي بالشرق الأوسط؟ فلم يعد الاهتمام الأوروبي بمنطقة الشرق الأوسط بوصفها منطقة الفرص الواعدة، ومجال نفوذ دبلوماسي مستمر لقوى القارة البارزة، كما كان من قبل، فصراعات الشرق الأوسط المستعصية والمستجدة بدت وكأنها أكبر من قدرات أوروبا الدبلوماسية والسياسية والعسكرية في ظل هيمنة الولايات المتحدة، ووجود تنافس إقليمي ودولي قوي على المنطقة.
  • هل فقدت أوروبا الثقة في أن حل الصراع “الفلسطيني – الإسرائيلي” هو مفتاح حل مشكلات الشرق الأوسط؟ وهذه تتصل بالنقطة السابقة؛ فالصراعات والأزمات المستمرة في المنطقة (ليبيا، اليمن، سوريا،.. ) فضلًا عن القضايا المتجددة من لجوء وهجرة وتغير مناخي كلها عوامل دفعت قوى أوروبا لتقليل قناعاتها بأن إيجاد الدولة الفلسطينية المستقلة سيحل كل أزمات المنطقة[6]، وإن كانت لا زالت تنادي دبلوماسيًا بهذا الحل. وذلك فضلًا عن تخلي الدول العربية الأهم لأوروبا عن تبني خط متشدد تجاه إسرائيل، واتجاه كثير من الدول في المنطقة نحو التطبيع معها.
  • هل لأزمة الهوية في أوروبا دور في تراجع دورها؟ في مقالٍ من وجهة نظر إسرائيلية، طرح الكاتب فكرة أن أوروبا تعيش أزمة إيجاد هوية جامعة لها، تجعلها أكثر إصرارًا على تبني حلول جذرية تجاه الأزمات، فحتى الكاتب يلوم أوروبا على مواقفها المائعة من إيران بسبب التعددية الثقافية داخلها، وحاجة دولها إلى مراعاة توازنات خارجية دقيقة بسبب زيادة تعداد وتأثير المسلمين داخل القارة[7]. ومع بعض التعديل في الصياغات يمكن أن نجد مظاهر كثيرة لأزمة الهوية الأوروبية المشتركة في ظل صعود اليمن المتطرف، وتراجع خطاب الديمقراطية والليبرالية الأوروبية المعتاد، وتأرجح علاقات دول أوروبا بين الولايات المتحدة والصين.
  • أليست أوروبا حليفة استراتيجية لإسرائيل؟ يمكن تلمس إجابة ذلك من خلال الملامح الآتية:
  • زيادة التعاون المتبادل المعقد بين أوروبا وإسرائيل: على مدار عقود استثمرت إسرائيل كثيرًا في كسب أوروبا لصفها، عن طريق زيادة وتعميق مستوى التعاون الاقتصادي والتكنولوجي خاصة في مجالات الابتكار والصناعات العسكرية الدقيقة؛ ومن ثمّ سعت إسرائيل إلى ما يمكن تسميته بالتعاون المتبادل المعقد، الذي معه تجنح الدول إلى مهادنة الدول التي تدخل معها في هذا النمط من العلاقات المتشعبة[8].
  • تقارب الرؤى الأوروبية والإسرائيلية بشأن التهديد الإيراني: تشير غالبية التقارير – وكذا المواقف المعلنة من الدول الأوروبية بصفة عامة، ودول الترويكا بصفة خاصة – إلى تقارب في الرؤى الأوروبية مع إسرائيل بشأن الخطر الإيراني، وتهديده ليس فقط لأمن إسرائيل، ولكن على سلامة ]العالم بأسره[9][.
  • تفوق “البروباجاندا” الإسرائيلية: لا شك أن الرواية الإسرائيلية دائمًا ما تأخذ موضعًا موثوقًا لدى الساسة والنخب الأوروبية، وهو ما أثبته حرب غزة إذ لم تتزحزح المواقف الأوروبية إلا ببطيء شديد بعد شهور من الدمار وآلاف القتلى والجرحى من الأطفال والنساء، ولأن عملية إسرائيل الخاطفة لإيران روجت لها على أنها وجهت للبنية التحتية العسكرية في مقابل الرد الإيراني الذي استهدف المدنيين كانت أوروبا أكثر استعدادًا للوقف إلى جانب إسرائيل[10].
  • تآكل مصداقية “القوة المعيارية” لأوروبا: تصف روكاسنا نياكامي، أستاذة الدراسات الإقليمية بجامعة طهران، الموقف الأوروبي (لدول الترويكا) بالعمى المعياري Normative Blindness، وذلك في ضوء تخلي أوروبا عن موقفها كقوة معيارية، أي ترعى القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والقيم والمثل الأخلاقية النبيلة على المستوي الدولي، وهو ما اعتبرته يهدد صورة أوروبا ككل[11]. وليس اعتراض أوروبا على امتلاك إيران لسلاح نووي في حين تقبل لإسرائيل ليس فقط بذلك، ولكن بتدمير أي محاولات لامتلاك إيران أسلحة نووية حتى لو كان باستخدام القوة العسكرية، دون وجود دلائل ومؤشرات حقيقية على ذلك.

المحور الثاني- إيران والبحث عن صديق حميم: مواقف قوى شرقية من الحرب

بدا من الكثير من المواقف والتصريحات الإيرانية[12] خلال الحرب أن إيران كانت تنتظر أكثر بكثير مما قدمه الأصدقاء والقوى الفاعلة غير الغربية (القوى الشرقية) في سياق مواقفها من الحرب. فطهران كانت تنتظر الكثير من الصين التي تفتح لها كل مجالات الاستثمار، وتمثل قاعدة أساسية في مبادرتها الحزام والطريق في عالمنا العربي – الإسلامي، كما كانت تأمل في موقف روسي داعم مماثل لما قدمته للروس في أوكرانيا. لكن المواقف لم تكن أكثر من مجرد تصريحات “باردة”.

أولًا- الموقف الروسي: شراكة استراتيجية غير دفاعية

وقعت روسيا وإيران في يناير 2025 اتفاقية شراكة استراتيجية في كافة المجالات، لترقية علاقات التعاون بين البلدين، لكنه وخلال الحرب، وبعد أن أدانت الهجمات على إيران، أكدت روسيا أن هذه الشراكة لم تشمل اتفاقًا على الدفاع المشترك ضد أي عدوان خارجي. وأن إيران لم تطلب الدعم العسكري من روسيا، في الوقت الذي عرضت فيه روسيا أن تتدخل لتقريب وجهات النظر بين الإيرانيين والأمريكيين[13]. ومن جانب آخر، استخدمت روسيا أعلى الأجراس صوتًا لإطلاق التحذيرات: من تدخل الولايات المتحدة في الحرب وضرب طهران، ومن ضرب المنشآت النووية، ومن إسقاط النظام الإيراني.. ! دون أن تُحدد ما الخطوة المقبلة بعد إطلاق هذه الأصوات إذا حدثت، ثم قد حدثت بالفعل، ولم تفعل روسيا شيئًا سوى ضبط أصوات الأجراس على نغمة أعلى! فلماذا اكتفت روسيا بالأجراس والكلمات دون الأفعال؟ لعل المانع يتمثل في الآتي:

1- الملف الأوكراني: وفق أغلب المحللين فإن الموقف الروسي نابع من رؤية مفادها أن الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الحالية ربما تشغل الغرب عما تقوم به روسيا في أوكرانيا، وهو ما استغلته بالفعل وشنت حملة عسكرية خلال هذه الأيام. التفسير النظري هنا أن روسيا تتحرك في السياسة الخارجية وفقًا لنظرية “ملفات السياسة الخارجية” التي تشير إلى أن لدى الدولة ملف “ما هو الأهم”، وما عداه يجب أن يخدم التحرك في هذا الملف.

2- عدم الرغبة في رؤية إيران مسلحة نوويًا: على الرغم من أن روسيا كان لها إسهام في المؤسسات النووية السلمية في إيران، وحسب بوتين يوجد 200 فرد روسي يعمل في هذه المنشآت مستشارًا وخبيرًا[14]، فإنها لا ترغب في رؤية إيران الجارة دولة تمتلك سلاحًا نوويًّا يزيد من أهميتها وقوتها على الساحة الدولية، وفي نطاق الجوار الروسي. يذكرنا ذلك بالمعنى الشهير الذي يعمد إليه الواقعيون أن العلاقات الدولية هي أشبه بلعبة بلياردو لا يهم فيها لون الكرات، بقدر ما يهم فيها حجمها. فنظر روسيا هنا أن إيران ينبغي ألا تأخذ حجمًا أكبر وبالتالي تأثيرًا أوسع نطاقًا. كما أشار البعض إلى أن استمرار الحرب وارتفاع أسعار النفط يفيد روسيا في ظل العقوبات المفروضة عليها غربيًا[15].

3- الرغبة في التهدئة مع الولايات المتحدة: ترى روسيا أن الولايات المتحدة في ظل عهد ترامب تهدي الكثير من الفرص لإدارة بوتين، خاصة فيما يتعلق بالحرب مع أوكرانيا، والعلاقة مع أوروبا؛ وبالتالي لا يجد ضرورة لإفساد هذه العلاقة (والمصالح المضمونة) على حساب (مصالح محتملة أو بعيدة) على الأقل في هذه المرحلة[16].

إذن، مجمل الموقف الروسي يشير إلى أنه غلب عليه الواقعية بالمعنى التقليدي، ولم ينظر إلى دعوات “الأوراسية”، أو “النظرية السياسية الرابعة”*، وإنما تماهى في إطار اللعبة الأمريكية دون أن يضفي على نفسه أي خصوصية. بل شكك في رغبة وقدرة روسيا في التدخل في قضايا الشرق الأوسط، فضلًا عن رؤيتها لنفسها كقوة عظمى!

ثانيًا- الصين في جنوب شرق آسيا

أين الصين من الحرب؟ الإجابة المباشرة عن هذا السؤال: هي في جنوب شرق آسيا، هناك تدين من بعيد ولا ترغب في الاقتراب.

أكدت الحرب أن الصين لا زالت غير راغبة في الانخراط في الصراعات المسلحة بصفة عامة، وصراعات الشرق الأوسط بصفة خاصة، رغم عظم ما لها من مصالح مع إيران، ومع عظم ما تمثله إيران كدولة شريكة اقتصاديًا واستراتيجيًا. أدان شي جين بينج، الرئيس الصيني، في مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهجمات الإسرائيلية على إيران. فقط وقفت الصين تؤكد على منظومة المفاهيم التي ترى بها العلاقات الدولية: السيادة الإقليمية، حسن الجوار، والدعوة إلى الحوار[17].

ولكن يظل السؤال مطروحًا: لماذا لم تصعد الصين لهجتها؟ أو على الأقل تُفعل جرس الإنذار كما فعلت حليفتها روسيا؟ الإجابة تكمن إلى جانب ما سبق في:

1-  رؤية الصين لنفسها: تؤمن الصين بأنها تحتاج إلى أن تأتي قيادتها للعالم طواعيةً لا عن طريق الإكراه وفرض القوة، أو التدخل المباشر في الصراعات الإقليمية والدولية المُعقدة؛ ومن ثم لا تفضل التدخل القهري في الصراعات والأزمات الدولية.

2- رؤية الصين للعالم: تقسم الصين العالَم إلى نطاقات جغرافية، أكثرها أهمية بالنسبة لها جنوب شرق آسيا. والتي ترى أنها منطقة اهتمامها ونفوذها المباشر، والتي عليها أن تضمن هيمنتها عليها أولًا، ثمّ بعدها تنطلق إلى غيرها من المناطق والأقاليم الفرعية. كما أنها تعرف أن الولايات المتحدة أكبر متحدٍ لهيمنها فيها؛ وبالتالي فإن أي انشغال لهذه القوة عن المنطقة؛ وهو بمثابة مؤشر إيجابي للصين؛ فرؤية الصين أن الولايات المتحدة كلما تشتت تركيزها عن الصين، تمكنت الأخيرة من تحقيق أهدافها بطريقة أفضل.

3- رؤية الصين للشرق الأوسط: يحوي الشرق الأوسط فرصًا عظيمة كما يضم أبرز القضايا والصراعات المُعقدة. أما الفرص (الاقتصادية والاستثمارية والجيوسياسية) فعلى الصين استثمارها بأقصى قدر ممكن دون إثارة الآخرين. وأما الصراعات والقضايا المُعقدة فعليها الابتعاد عنها أكبر قدر ممكن بما لا يؤثر على مصالحها في المنطقة.

ثالثًا- باكستان تعرض تصريحات.. فهل من مشترٍ؟

في أول الحرب قدمت باكستان تحديدًا الخطاب الأكثر حدةً تجاه إسرائيل وعدوانها على إيران، منددةً بخطورة الاعتداء على دولة إسلامية. كما أعربت عن دعمها الدبلوماسي الواضح لطهران، بل ظهر في خطابها روح مختلفة عن القوى السابقة، إذ صرح وزير الدفاع الباكستاني: “إن إسرائيل استهدفت إيران واليمن وفلسطين، وإذا لم تتحد الدول الإسلامية في الوقت الراهن فيما بينها، فإنها ستواجه المصير نفسه”[18]، موكدًا وقوف بلاده إلى جانب إيران في كافة المنظمات الدولية.

جاءت هذه التصريحات، في سياق نفي الوزير الباكستاني تقديم بلاده أي دعم عسكري لإيران، أو حتى التلويح باستخدام السلاح النووي ضد إسرائيل حال أقدمت على استخدامه ضد إيران! وبالتالي انتهت باكستان هي الأخرى إلى الكلمات البعيدة عن التأثير في الواقع. فلماذا انحصر الموقف الباكستاني في مجرد عرض الكلمات؟ لعل الإجابة أن:

1- الهدف هو الهند: الملف الأبرز أمام الساسة في باكستان هو الهند والتصدي لها، وملف كشمير. وبالتالي يأتي ما عداه في مرتبة أدنى، كما ينبغي أن يُنظر له من خلال هذه العدسة؛ عدسة التهديد الهندي، وسبل بناء شبكة علاقات إقليمية ودولية تدعم باكستان في مواجهة هذا التهديد[19].

2- الدور الأمريكي الأخير أثناء التصعيد مع الهند: لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في وقف التصعيد الأخير بين باكستان والهند (مايو 2025)، وبالتالي تفهم باكستان أن للولايات المتحدة دورًا وازنًا في سياق العلاقات مع الهند، وهو ما ينقلنا إلى النقطة التالية.

3- الحاجة إلى ترميم العلاقة مع الولايات المتحدة: زار قائد الجيش الباكستاني واشنطن قبل الضربة الأمريكية لإيران (في 19 يونيو 2025)، في سابقة من نوعها، أن يستضيف رئيس أمريكي قائد الجيش الباكستاني في البيت الأبيض دون أن يرافقه مسؤولون مدنيون! لم يُكشف بالضبط مضمون هذا الاجتماع أو مخرجاته، ولكن المؤكد أن الولايات المتحدة استطلعت موقف باكستان من الحرب الإيرانية الإسرائيلية. ما كشفت عنه هذه الزيارة أن الطرف الباكستاني في حاجة لترميم علاقته مع الولايات المتحدة واستعادة ثقتها كشريك اقتصادي وعسكري لإسلام آباد[20].

4- ضعف مصالح باكستان مع إيران في مقابل لها  مع السعودية والإمارات: على الرغم من أن باكستان وإيران ترتبطان بحدود مشتركة، فإن العلاقات بينهما ليست دائمًا في أفضل حال، فدائمًا ما يكون بين الدولتين اتهامات متبادلة بوجود مهربين على الحدود، كما يلوم الطرفان بعضهما بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة. في المقابل، تُعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات أكبر الداعمين لدولة باكستان، وبالتالي فإن الحاجة لإرضائهما تُقدم على الحاجة لإرضاء طهران[21].

إذن، مثلت هذه المُحددات السابقة قيودًا وحدودًا لدور باكستاني أكثر فاعلية في سياق الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ومع ذلك فإن زيارة رئيس أركان الجيش لترامب في هذا الوقت، تشير إلى أن الجيش الباكستاني مما يحسب له حسابه في المنطقة من جانب، ولكنه ينضوي بشكلٍ أو بآخر تحت القيادة الأمريكية من جانب آخر.

خاتمة: التحالفات الدولية لإسرائيل وإيران وآفاق ما بعد الحرب

يهتم هذا الجزء بفهم الدلالات والتداعيات الخاصة بهذه المواقف على شبكة العلاقات الدولية الخاصة بكل قوة (إسرائيل وإيران)، والتي ربما تحمل في طياتها احتمالات تكرار سناريو الحرب بينهما.

أولًا- بالنسبة لإسرائيل:

أثبتت الحرب أن شبكة علاقات إسرائيل الدولية خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها مع إيران تميل إلى صالحها بلا جدال:

  • فالقوى الصديقة والحليفة تدعمها بلا أي انتقاد يُذكر.
  • كما تقف القوى الأخرى –ولا أقول العدوة لأن إسرائيل تربطها علاقات جيدة مع الصين وروسيا– مكتوفة الأيدي، مكتفية بالخطاب الدبلوماسي “البارد” الأقرب للحياد.
  • وبالتالي يُرجح أن تعمل إسرائيل على أكثر من مستوى:
  • أولها: يركز على العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب، وتحسين صورتها أمام أوروبا في مقابل شيطنة الطرف الآخر (إيران).
  • ثانيًا: السعي إلى تقوية العلاقات مع الصين وروسيا، بالحفاظ على التواصل السري والعلني معهما، وتمتين العلاقات مع كل جانب بما يعزز المنافع المتبادلة بينهما، خاصة في ظل الموقف الأمريكي المهادن لروسيا، والموقف الأوروبي المتأرجح بين الولايات المتحدة والصين فيما يخص التعامل مع ملف العقوبات على الصين والتعاون الاقتصادي.
  • وبالتالي ستلعب إسرائيل على أوتار القوى المختلفة؛ لتحقيق مزيد من المكاسب، والذي ربما يسمح لها إن عاودت الضربات على إيران ضمان نفس المستوى من التفاعل (غير المعيق لحركاتها).

ثانيًا- بالنسبة لإيران:

إيران على العكس من ذلك، أثبتت الحرب هشاشة شبكة علاقاتها الدولية، وحاجتها لترميمٍ كبير، وأن الاعتماد على القوى الشرقية وحدها ربما لا يضمن لإيران الدعم الدبلوماسي ولا العسكري اللازم، كما أن مستوى العلاقات الحالي مع أوروبا لا يساعد إيران في أي حرب مقبلة مع إسرائيل حتى لو كانت الطرف المُعتدى عليه.

وبالتالي تقف إيران أمام سيناريوهات تحمل بعض التناقض منها:

  • الاستمرار في الاعتماد على القوة الشرقية ومعالجة أوجه القصور في العلاقات مع روسيا والصين وباكستان.
  • الميل ناحية الغرب، والتخلي عن البرنامج النووي والصاروخي!
  • أخذ اتجاه العزلة، وتوجيه اللوم إلى الشركاء.

لعل السيناريو الأخير يبدو مستبعدًا؛ إذ لا تريد إيران أن تزيد عزلتها، بل تريد أن تفكَّها؛ ولذا يبدو الأمر واقعًا بين سيناريوهين: الاعتماد على القوى الشرقية أو الميل نحو القوى الغربية؛ وقد رأت في كل منها مكامن ضعفها، فبينما لم تمدها القوى الشرقية – بسبب القيود الغربية أو غيرها – بما تحتاجه من معدات، وقبلها بدعم دبلوماسي قوي في مواجهة الغرب، فإنها بحاجة إلى رفع العقوبات عنها، التي ما زالت تكبّدها خسائر قد تكون أكبر من أن تُحتمل بفعل التحديات الداخلية والخارجية إلا أنها في الوقت نفسه لا يمكنها التخلي الكامل عن البرنامج النووي والصاروخي فهو بمثابة المشروع الذي لا تنازل عنه، ويُبنى عليه جزء كبير من شرعية النظام.

إذن، سيكون الأمر –غالبا- منزلة بين المنزلتين؛ ستسعى إيران إلى إعادة تقييم علاقاتها بالقوى الشرقية، التي كانت الحرب كاشفة لضعف الدعم الخاص بهم، مع محاولة الدخول في مفاوضات جادة مع الولايات المتحدة وأوروبا، بغرض الحصول على منافع اقتصادية وتكنولوجية، مع احتمال تجميد مرحلي لمشروعها النووي ربما لمدة عشر سنوات دون التخلي الكامل عنه.

[1] مها علام، كيف يمكن قراءة الموقف الأمريكي من التصعيد الإسرائيلي الإيراني؟، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 23 يونيو 2025، تاريخ الاطلاع: 24 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://ecss.com.eg/54190/

[2] Liza Rozovsky, How Europe Came to Cautiously Support Israel’s ‘Dangerous Gamble’ in Iran, HAARETZ, 15 June 2025, Accessed:  28 June 2025, Available at: https://cutt.us/uWftr

[3] Frank Gardner, Is the UK about to get dragged into Iran-Israel conflict?, BBC, 20 June 2025, Accessed: 28 June 2025, Available at: https://cutt.us/ZWy7r

[4] الاتحاد الأوروبي يؤكد على أن إيران “يجب ألا تمتلك أبدا القنبلة” النووية، فرانس 24، 23 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/SpzpY

[5] حفصة علمي، أوروبا عالقة بين الرفض الضمني والقلق المعلن من التصعيد في إيران، الجزيرة.نت، 23 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/zqSg2

[6] Sedat Laçiner, Europe’s Blind Spot: The Israel–Iran War and the Coming Refugee Surge, Modern Diplomacy, 24 June 2025, Available at: https://cutt.us/Xp1Lt

[7] Giulio Meotti, Europeans Want Israel to Do the Dirty Work So They Can Then Blame It, Middle East Forum, 26 June 2025, Available at: https://cutt.us/MPN1L

[8] Benjamin Haddad, How Europe Became Pro-Israel, Foreign Policy, 20 May 2021, Accessed: 28 June 2025, Available at: https://cutt.us/cgkvN

[9] Liza Rozovsky, How Europe Came to Cautiously Support Israel’s ‘Dangerous Gamble’ in Iran, Op, Cit.

[10] Itamar Eichner, Europe’s surprising support for Israel’s offensive on Iran—here’s why, Y net News, 15 June 2025, Available at: https://cutt.us/nZeZu

[11] Roxana Niknami, The Normative Blindness of Europe: The European Troika’s Response to Israel’s Attack on Iran, WGI.WORLD, 21 June 2025, Available at: https://surl.li/qyjbfa

[12] طلب ورسالة من خامنئي إلى بوتين.. والأخير: نحاول المساعدة، سكاي نيوز عربية، 23 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/hnrb8

[13] سيرجي ساتانوفسكي، لماذا تتردد روسيا في مساعدة إيران في صراعها مع إسرائيل؟، 29 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/p0NEG

[14]هذا ما قاله بوتين عن إرسال روسيا أسلحة إلى إيران، أخبار الشرق، يوتيوب، 19 يونيو 2025، متاح على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=mbNObD3qLJs

[15] Steve Gutterman, Drones, Distractions, Diplomacy: How Could The Israel-Iran Conflict Affect Russia’s War Against Ukraine?, Radio Free Europe,16 June 2025, Available at: https://www.rferl.org/a/33443724.html

[16] Hanna Notte, Why Isn’t Russia Defending Iran?, The Atlantic, 18 June 2025, Available at: https://cutt.us/UdYpe

* إشارة إلى طرح الفيلسوف وأستاذ العلاقات الدولية ألكسندر ديوجين في كتاب بهذا العنوان؛ يستوعب المنظورات السياسية الكبرى (الليبرالية والماركسية والقومية الفاشية) ويتجاوز ما يراه من سلبياتها كالعنصرية، مع العناية بالتقسيم العرقي والثقافي للأمم. ويعتبر كثيرون ديوجين ملهم السياسة الخارجية البوتينية، كما أن علاقته بطهران قوية.

[17] شي وبوتين يتفقان على أولوية وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ويدعوان لتكثيف الجهود الدبلوماسية، فرانس 24، 20 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/6mx8d

نوران عوضين، انخراط محسوب: أبعاد الموقف الصيني من التصعيد الإسرائيلي الإيراني، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 24 يونيو 2025، متاح على الرابط التالي: https://ecss.com.eg/54216/

[18]  علي عاطف، الدعم الباكستاني في معادلة الحرب الإسرائيلية الإيرانية، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 22 يونيو 2025، متاح على الرابط: https://ecss.com.eg/54168/

[19] وزير الدفاع الباكستاني: لا تنسيق مع إيران منذ بدء حربها مع إسرائيل، أخبار الشرق، 18 يونيو 2025، متاح على الرابط: https://cutt.us/s61LT

[20] ترامب يستضيف قائد الجيش الباكستاني في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض، الجزيرة.نت، 19 يونيو 2025، متاح على الرابط: https://cutt.us/8NXqH

[21] Sahar Khan, Pakistan is maintaining strategic clarity amid the Israel-Iran war, The Atlantic Council, 23 June 2025, Available at: https://cutt.us/TxFqx

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى