نظرية الأمن القومي العربي والتطور المعاصر للتعامل الدولي في منطقة الشرق الأوسط
صدر بحمد الله عن مركز الحضارة للدراسات والبحوث
نسخة محققة ومنقحة من كتاب نظرية الأمن القومي العربي والتطور المعاصر للتعامل الدولي في منطقة الشرق الأوسط للعلامة الدكتور حامد ربيع ضمن مشروع تجديد نشر مؤلفات الدكتور حامد ربيع
لم تعد السياسة الخارجية صنعة الهواة، ولم يعرف الإنسان في تاريخه الطويل مرحلةً بلغت فيها إدارة سفينة التعامل الدولي ما بلغته اليوم من تعقيد. إن فهم الحقائق التي تحيط بنا -ولو في إطار محدود- في حاجة إلى حياة كاملة. ولا يجوز أن يخدعنا سماع أن أشخاصًا محدودي الثقافة والتاريخ العلمي، قدِّرت لهم القيادة العليا في مجتمعات عظمى كالولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي! وذلك أن حول القائد في تلك النظم مجموعةً كاملةً من الخبراء، والسياسة القومية في تلك الدول لا تصنعها إرادة فردية، وإنما هي وليدة تقاليد ثابتة صاغتها مؤسسات قد لا تبدو واضحة للعيان ولكنها ذات فاعلية ثابتة. هذه الحقيقة تزداد خطورتها عندما نرتفع إلى مستوى التعامل الإيجابي، بما يعنيه من محاولة التحكم في الأحداث وقيادة سفينة الصدام الدولي، بما يفرضه ذلك من ضرورة بناء تصور واضح للأهداف وأساليب للممارسة، ليس في حالة النجاح فحسب، بل في حالة الفشل كذلك، حيث إن كلا الافتراضين -النجاح والفشل- يملك درجاته المختلفة. وتزداد الخطورة عندما يجد القائد نفسه وقد تعيَّن عليه أن يتخذ قرارًا سريعًا في عدة لحظات، وهو قادر -ذلك القرار- على أن يحدد مصير أمته ومصير نظامه لعدة أجيال.ي أعقاب هزيمة حزيران (يونيو) 1967م اكتشف الرأي العام العربي فجأةً أن أحد أبعاد المخطط الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط هو تشويه الصورة القومية للأمة العربية. وبدأنا منذ تلك اللحظة نتحدث تارةً عن إخفاق الإعلام العربي، وتارةً عن قوة الدعاية الصهيونية، وتارة ثالثة عن عملية المواجهة النفسية باعتبارها إحدى أدوات المعركة التي يخوضها العالم العربي.