مسلمو الولايات المتحدة الأمريكية.. بين رد الفعل والمبادرة
(دراسة نموذج مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية)
جاء حادث الحادي عشر من سبتمبر ليقلب معايير وموازين العالم كله وليضع الإسلام داخل بؤرة الاهتمام والاتهام معًا، ينطبق ذلك جليًا على الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية(1)، والذي أصبح محطًا لأنظار الأمريكيين والمسلمين على حد سواء؛ فالأمريكيون لهم أسبابهم؛ حيث فوجئوا بحادث عَصَفَ بما يقوم عليه المجتمع الأمريكي من أمن واستقرار، وخوفهم من تكرار مثل هذا الحادث، جعل بعضهم ينظر لهذا الوجود على أنه مصدر تهديد قابل للانفجار في أي وقت؛ لأنه من وجهة نظرهم وجود مزدوج الانتماء؛ حيث إنه ينتمي للولايات المتحدة كوطن، وينتمي للإسلام؛ كدين وخاصةً أن مرتكبي الحادث ارتكبوه تحت غطاء الإسلام. ومن ثم وجد الأمريكيون أنفسهم مضطرين للتعامل مع ذلك الوجود تبعًا لوضعه المستجد كمصدر تهديد محتمل على الأمن الأمريكي، كما أصبح التساؤل الأساسي في العقول الأمريكية: أي انتماء سوف يطغى على الآخر لدى المسلمين الأمريكيين؟
وعلى الجانب الآخر يعد ذلك الوجود الإسلامي في أمريكا شديد الأهمية للأمة الإسلامية برمتها؛ فبالرغم من أن المسلمين يمثلون أقلية داخل المجتمع الأمريكي، إلا أنها أقلية في دولة عظمى ذات تأثير قوي على الساحة الدولية؛ مما يجعلهم عنصرًا هامًا من عناصر مساندة الأمة الإسلامية وقضاياها.
ومن ثم، فإن وضع مسلمي الولايات المتحدة يثير كثيرًا من التساؤلات عن عواقب الحادي عشر من سبتمبر على هذا الوضع، وكيف جاءت ردود الفعل تجاهه؟ وتصب جميع هذه الأسئلة –كما سنرى في منهج الدراسة- عند سؤال جوهري: كيف أثرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعواقبها على قضايا الهوية، الانتماء، الاندماج؟
وتنقسم الدراسة إلى مستويين للتحليل:
المستوى الأول- المسلمون الأمريكيون في مواجهة أحداث سبتمبر وتداعياتها داخل المجتمع الأمريكي
نظرًا لأن الوجود المسلم ليس متجانسًا أو موحدًا في مصادر التعبير عنه، فإنه سيتم تناول هذا المستوى عن طريق دراسة شاملة لدور مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية -أو منظمة كـيـر(2)- في تفاعله مع الأحداث. ويعد هذا المجلس من أهم المنظمات الإسلامية داخل الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل الوجود الإسلامي في أمريكا، والمعبرة عن توجهاته.
وستشتمل الدراسة على تحليل خطاب منظمة كـيـر في مواجهة المجتمع الأمريكي بشقيه الرسمي (أي السلطات التنفيذية، التشريعية، والقضائية)، وغير الرسمي (النخب المثقفة، المواطن الأمريكي)، وأيضًا تجاه المسلمين الأمريكيين. ذلك بالإضافة إلى تحليل سلوك كـيـر؛ أي كافة الأدوات والقنوات المستخدمة في تعاملها مع الأحداث وتداعياتها.
وسوف يتم التعرف على الخطاب والسلوك من خلال الرصد التراكمي للبيانات الصادرة عن كـيـر، التي تبثها عبر صفحتها الإلكترونية، والتي نقدم لها في هذه الدراسة تحليلًا تراكميًا. ويحيط بهذا المستوى مجموعة من الأسئلة الهامة تتلخص كالآتي:
ما الموقف من اتهام العرب والمسلمين بارتكاب الهجوم؟ وهل هناك إدراك بوجود اضطهاد موجه ضد المسلمين الأمريكيين؟ هل هناك إحساس بأن الوجود الإسلامي داخل أمريكا بات مهددًا؛ مما يوجب الدفاع عنه، وإن تطلب ذلك الكف عن الانتقادات السابقة للسياسات الأمريكية؟ في ظل الأحداث، هل تنامى الشعور بضرورة التوحد كجماعة ضغط فعالة داخل أمريكا؟، كيف يرى المسلم الأمريكي نفسه، وهل هناك انتماء يطغى على الآخر؟ هل المسلمون الأمريكيون على وعى ودراية بحقوقهم داخل المجتمع؟ وهل لديهم القناعة بأهمية الدفاع عنها؟ هل انتهزت المنظمات الإسلامية فرصة تزايد الاهتمام بالإسلام لإظهاره كما يجب أن يكون؟ هل أثرت الأزمة على دور منظمات الإغاثة الإسلامية في أمريكا كمصدر هام من مصادر المساندات الإنسانية للعالم الإسلامي؟
المستوى الثاني- المجتمع الأمريكي في مواجهة الوجود الإسلامي عقب أحداث سبتمبر
ونعني المجتمع الأمريكي بشقيه الرسمي وغير الرسمي؛ حيث يتضمن ذلك تحليل خطاب النخب الرسمية، متمثلًا في جل التصريحات الرسمية حول أوضاع المسلمين الأمريكيين، وخطاب النخب غير الرسمية؛ أي الاتجاهات التي تضمنتها مقالات الرأي الأمريكية حول تلك الأوضاع، بالإضافة إلى سلوك النخب الرسمية وغير الرسمية في التعامل مع الجماعة المسلمة في أمريكا.
ويطرح على هذا المستوى العديد من الأسئلة تتلخص كآلاتي:
كيف يرى المجتمع الأمريكي المسلمين بداخله؟ هل هناك إحساس بالغضب تجاه المسلمين؟ هل هناك من يتصور بديلًا آخر يدينه بارتكاب الهجمات دون المسلمين؟ هل هناك اتساق بين الخطاب الأمريكي وسلوكه تجاه المسلمين الأمريكيين؟ هل اتُخذت إجراءات ضد المسلمين من قبل السلطات الرسمية؟ وهل يقر أعضاء النخب غير الرسمية هذه الإجراءات؟ هل أثرت الأحداث على أولويات القيم الأمريكية؛ أي هل باتت متطلبات الأمن الداخلي توجب عدم احترام الحقوق المدنية؟ هل لدى المجتمع الأمريكي قابلية للتعايش مع المسلمين الأمريكيين بعد الأحداث؟
وبمتابعة الأحداث والتصريحات والإصدارات،التي تبثها منظمة كـيـر عبر صفحاتها الإلكترونية، في الفترة ما بين وقوع الأحداث حتى منتصف شهر ديسمبر، نستطيع تقسيم الدراسة إلى ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى- التهدئة والطمأنة في مواجهة الغضب والاتهام
وهي المرحلة التي امتدت منذ وقوع الضربات إلى أوائل شهر أكتوبر؛ وقد شهدت هذه المرحلة موجة هائلة من الغضب الأمريكي الموجه ضد المسلمين الأمريكيين؛ مما دفع منظمة كـيـر إلى تبني استراتيجية تهدف إلى تهدئة هذه الموجة، وبث الطمأنينة بين المسلمين في أمريكا.
المرحلة الثانية:- التوعية والتوجيه في مواجهة الاهتمام بالإسلام واتهامه
وقد استمرت هذه المرحلة طوال شهر أكتوبر وبدايات شهر نوفمبر، واتسمت بتزايد مطرد في اهتمام المجتمع الأمريكي بالإسلام، كذلك اتهامه؛ مما دفع منظمة كـيـر إلى تبني استراتيجية جديدة لاستغلال هذا الشغف لتوعية الأمريكيين بحقيقة الإسلام،كذلك توجيه المسلمين الأمريكيين نحو مزيد من المشاركة والاندماج.
المرحلة الثالثة- التوحد والمبادرة في مواجهة التصعيد والتفكك
وامتدت من أوائل شهر نوفمبر حتى منتصف ديسمبر، وقد واجهت فيها منظمة كـيـر تصاعدًا في التحديات من الجانب الأمريكي تجاه المسلمين، ومن ناحية أخرى دخول الرأي العام الأمريكي في دوامة من الجدالات الفكرية؛ الأمر الذي دفع كـيـر لتبني استراتيجية جديدة تقوم على الدعوة إلى التوحد والمبادرة لمواجهة هذه التغيرات.
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى نقطة منهاجية هامة، وهو عدم الفصل بين كل من تطور المستوى الخاص بالجماعة المسلمة، والمستوى الخاص بالمجتمع الأمريكي داخل هذه المراحل الثلاث؛ حيث إن هناك علاقة تأثير وردود أفعال متبادلة بين كلا المستويين.
ويبقى لنا أن نتساءل: ما هو الهدف وراء الدراسة؟ الهدف الأساسي من الدراسة هو محاولة الإجابة عن أربعة أسئلة كبرى، وهي الأسئلة التي سوف تساعد في التوصل إلى رؤية عن مستقبل الوجود الإسلامي في أمريكا ومآله، وأثر ذلك على الأمة الإسلامية برمتها. وتتلخص هذه الأسئلة كالآتي:
1. هل أصبح المسلمون الأمريكيون أحد مصادر تهديد الأمن داخل أمريكا؟
2. ما هو مستقبل الوجود الإسلامي في أمريكا؟ هل يتجه نحو مزيد من التواجد والمشاركة، أم ستحدث ردة مضادة؟
3. هل سيتأثر وضع المسلمين في أمريكا كمصدر هام من مصادر مساندة قضايا الأمة في الخارج؟
4. إلى أي مدى تعكس الأزمة أثر الاختلاف الثقافي والحضاري على المجتمع الأمريكي؟ ومن ثم، ما مدى تماسك ومصداقية النموذج الأمريكي، باعتباره البوتقة التي تصهر الكل في نظام واحد، مع إعلاء الحقوق والحريات المدنية، في ظل احترام التعددية الثقافية؟
هذه الأسئلة تعكس حقيقة الوضع الذي وصل إليه المسلمون في أمريكا قبل أحداث 11 سبتمبر، وقدر التحدي الذي فرضته هذه الأحداث على هذا الوضع؛ ومن ثم جاءت الأحداث وتداعياتها اختبارًا لعدة إشكاليات، وهي: إشكالية الاندماج والمشاركة في المجتمع الأمريكي، إشكالية الهوية الأمريكية المسلمة التي تتخطى الهويات الوطنية للدولة الأم، إشكالية العلاقة بين المشاكل الداخلية لمسلمي أمريكا، ومشاكل الأوطان الأم والأمة الإسلامية.
المرحلة الأولى- التهدئة والطمأنة في مواجهة الغضب والاتهام
أولًا- اتجاهات الرأي الأمريكية
منذ اللحظات الأولى فور وقوع الهجمات على مركز التجارة العالمي، وأصابع الاتهام الأمريكية تشير إلى العالم الإسلامي؛ فلم يكن من بينهم من يتصور بديلًا آخر للاتهام. وقد أدى التسرع في اتهام الإسلام إلى تنامي العداء الشعبي، والغضب العارم ضد المسلمين والعرب في أمريكا، وهو ما أكدته إحدى مقالات الرأي الأمريكية بأن: “الهجمات الإرهابية جلبت العنف تجاه المسلمين والعرب الأمريكيين”(3).
وقد انعكس هذا الغضب فيما تعرض له المسلمون الأمريكيون من عمليات عنف، أو ما تم تسميته بجرائم الكراهية Hate Crimes؛ حيث رصدت منظمة كـيـر في الفترة ما بين 11-9-2001 إلى 21-9- 2001 ما يقرب من (500) بلاغ، منهم (4) حالات قتل، (60) اعتداءً على أماكن العبادة، (45) حالة اعتداءات جسدية، (10) حالات فصل من العمل، (140) حالة اعتداء لفظية(4).
وامتدت موجة الغضب هذه إلى مقالات الرأي العام الأمريكي، التي نشرت بعد الأحداث مباشرة، سواء على مستوى المفكرين الأمريكيين، أو على مستوى المواطن الأمريكي العادي. وبتحليل مضمون بعض من هذه المقالات يتضح بروز اتجاه داخل الأوساط الفكرية الأمريكية يقرن الإرهاب بالإسلام؛ فالإرهابي –كما يدَّعي هولاء— يجب أن يكون مسلمًا، وبالتالي يؤيد أنصار هذا الاتجاه تبني إجراءات أمنية مشددة ضد هذا العدو الجديد -وهو المسلم الأمريكي- للحيلولة دون تكرار أعمال إرهابية. ومن أشهر من نادى بهذه الآراء المحللة السياسية الأمريكية “آن كولتر”، وذلك في مقالة لها نشرت في 26-9-2001 بقولها:
“ليس كل مسلم إرهابيًا، ولكن كل إرهابي مسلم… فكل ما نعلمه عن عدونا الجديد أنه يعيش بيننا، ومولود خارج أمريكا، وأنه مسلم…، ومن ثم فعلى كل مسلم مهاجر داخل أمريكا العودة إلى بلاده فورًا”(5)
كما أكدت الكاتبة والمحللة السياسية الأمريكية “مونا شارين” على أنه: “لا يجب أن نخوض حرب ضد الإسلام، ولكن يجب أن نأخذ في اعتبارنا الأيديولوجية الإسلامية القادرة على توليد الكراهية……”(6).
وبسبب موجة الغضب الأمريكية سيطرت على المسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية حالة من الخوف والقلق الشديدين، من جراء ردود الأفعال الأمريكية تجاههم، وبالذات في ظل تصاعد جرائم الكراهية، وذلك ما أعرب عنه أحمد عيسى وهو مواطن أمريكي مسلم لإحدى الصحف الأمريكية بقوله: “كل شئ تغير الآن… فأنا أصبحت خائفًا”(7)
وتؤكد الكاتبة الأمريكية -سومينىسينجوبتا- على تنامي هذا الشعور: “الآن هناك إحساسان يسيطران على المسلمين في أمريكا، الفزع مما حدث، والخوف مما سوف يحدث… هذا الخوف يمكن تبريره في ظل جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين الأمريكيين”(8).
ثانيًا- خطابات كـيـر ووسائلها:
وبناء علي ما سبق، وفي ظل موجة الغضب وانعكاساتها؛ أدركت منظمة كـيـر أن الوجود الإسلامي في أمريكا بات مهددًا، وبالتالي فعليها السعي لتحقيق هدفين:
الهدف الأول: احتواء الغضب الأمريكي وتهدئة الأوضاع المتوترة:
ومن أجل تحقيق هذا الهدف قادت منظمة كـيـر حملة لتهدئة الشارع الأمريكي؛ حيث عملت على ما يلي:
1- توضيح موقف المسلمين الأمريكيين من أحداث سبتمبر بصفة خاصة، ومن الإرهاب بوجه عام؛ فقد أعربت منظمة كـيـر عن شعور المسلمين في أمريكا بالاستياء والغضب من الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة، وتنديدهم بكافة الأعمال الإرهابية، التي ترتكب ضد المدنيين الأبرياء. ويتضح ذلك جليًا عند استعراض البيان الذي أصدرته منظمة كـيـر في 11-9-2001، عقب وقوع الهجمات مباشرة،ً والذي أكدت من خلاله على نقطتين أساسيتين:
أ-إدانة الهجمات باعتبارها عملًا إرهابيًا، يتسم بالوحشية والجبن ضد المدنيين الأبرياء
ب- إن الإسلام دين يرفض كافة الأعمال الإجرامية، وعلى رأسها الإرهاب.
2-التأكيد على ضرورة التضامن باعتباره من أهم أسس المجتمع الأمريكي، وما تمثله جرائم الكراهية من انتكاسة لهذه القيمة. ومن أجل إثبات تمسك المسلمين الأمريكيين بقيمة التضامن عملت منظمة كـيـر على:
أ- حث المسلمين الأمريكيين على ضرورة القيام بواجبهم كمواطنين أمريكيين، وتقديم كافة أوجه المساعدة لمواجهة هذه الأزمة. وقد كان هذا واضحًا في البيان الذي أصدرته كـيـر في 11-9-2001، عندما ناشدت المسلمين بضرورة تقديم كافة المساعدات الممكنة في إطار عمليات الإنقاذ، ومساعدة ضحايا الهجمات الإرهابية، كما شاركت كـيـر في اجتماع صحفي أمام مستشفى جامعة جورج واشنطن في 12-9-2001؛ لمطالبة المسلمين الأمريكيين بالتبرع بدمائهم لصالح المصابين.
ب- نشر بيان في جريدة “واشنطن بوست” في 16-9-2001 لتعزية ضحايا العملية الإرهابية، والإشادة بجهود رجال الإنقاذ.
ج- إبراز مؤشرات التضامن بين أعضاء المجتمع الأمريكي والمسلمين الأمريكيين؛ حيث حرصت كير في هذه الفترة أن تنشر على صفحاتها الإلكترونية العديد من المواقف الواقعية التي تعرض لها المسلمون، والدالة على وجود تعاطف من جانب الأمريكيين تجاههم، ومنها على سبيل المثال قيام بعض الأمريكيات بارتداء الحجاب لمدة يوم واحد إظهارًا لتضامنهم مع زميلاتهن المسلمات(9).
الهدف الثاني- منع المسلمين الأمريكيين من التقوقع من خلال بث الطمأنينة والدفاع عنهم:-
أكد على هذا الهدف هاريس أحمد- رئيس منظمة كـيـر فرع ولاية ميشيغان – في تصريح له في 28-9-2001- بقوله: “يجب أن يعلم المسلمون الأمريكيون أن لديهم أنصارًا يدافعون عنهم”(10).
ولتحقيق هذا الهدف قادت كـيـر حملة لتوعية المسلمين بحقوقهم كمواطنين أمريكيين، وذلك تأكيدًا منها على أن المسلم الأمريكي هو مواطن أمريكي له نفس الحقوق والحريات التي يجب احترامها وعدم المساس بها.
وبناء على ذلك نشرت كـيـر على صفحتها الإلكترونية قوائم لبعض الحقوق المدنية التي يتمتع بها المواطن الأمريكي، ومنها على سبيل المثال؛ حق العامل في ممارسة شعائره الدينية في مكان عمله دون اضطهاد، وذلك في 25-9-2001(11)،.هذا بالإضافة إلى توزيعها لكتيب بعنوان “اعرف حقوقك” الذي يحتوي على كافة الحقوق المدنية التي نص عليها الدستور الأمريكي،كما لعبت منظمة كـيـر في هذه المرحلة دورًا هامًا في الدفاع عن المسلمين الأمريكيين أمام جرائم الكراهية؛ حيث أنشأت بريدًا إلكترونيًا مخصصًا لتلقى بلاغات المسلمين، الذين تعرضوا لمثل هذه الجرائم؛ وذلك من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة مع السلطات الأمنية الأمريكية.
وبالفعل شاركت فروع منظمة كـيـر في التحقيقات حول عدد من البلاغات، ومنها على سبيل المثال مشاركة منظمة كـيـر فرع ولاية ميشيغان في التحقيق حول حريق نشب في إحدى المتاجر المملوكة لأمريكي عربي، على يد أحد مضطهدي المسلمين، وذلك في 26-9-2001 (12).
ولبثِّ الطمأنينة في وجدان المسلمين الأمريكيين عملت منظمة كـيـر على إبراز مضمون الخطاب الأمريكي الرسمي في هذه المرحلة، والذي يؤكد تعاطفه مع الجماعة المسلمة في أمريكا، وأهمية احترام التعددية الدينية، وتصديه لجرائم الكراهية التي يتعرض لها المسلمون، وذلك ما أكده عمر أحمد -رئيس مجلس إدارة منظمة كـيـر في 26-9-2001- بقوله: “إن الرئيس الأمريكي يؤكد دومًا على دعمه للتعددية الدينية في مجتمعنا”(13).
ثالثًا- الخطابات الرسمية ووسائلها:
إذا انتقلنا إلى النخب الرسمية الأمريكية فقد حرص خطابها على احتواء موجات الغضب ضد المسلمين، وتقييد عواقبها، بالإضافة إلى محاولة كسب دعم المسلمين الأمريكيين لحملتها ضد الإرهاب، وكذلك دعم حكومات بعض الدول الإسلامية. ولهذا بادر الرئيس الأمريكي جورج بوش بعقد ثلاثة لقاءات مع القيادات الإسلامية في أمريكا، وعلى رأسهم عمر أحمد، ونهاد عوض -رؤساء منظمة كـيـر–: اللقاء الأول- في 14-9-2001 في الكاتدرائية بواشنطن، والثاني- في 17-9-2001 بالمركز الإسلامي بواشنطن، و الثالث- في 26-9-2001 بالبيت الأبيض. وقد حرص بوش في اجتماعاته على دعوة العديد من القيادات الإسلامية بأمريكا، الذين اشتهروا بانتقاداتهم السابقة للسياسات الأمريكية، وذلك لإعطاء الانطباع بالتوحُّد وراء الحملة الأمريكية.
وقد ركزت الخطابات الأمريكية الرسمية في هذه المرحلة على عدة نقاط أساسية(14):
أولًا- أن الإسلام دين لا يؤيد الفكر الإرهابي، فهو يدعو إلى السلام والتسامح، وذلك ما أكد عليه الرئيس بوش في لقائه الثالث مع القيادات الإسلامية بقوله:
“إن التعاليم الإسلامية تدعو إلى الخير والسلام”
ثانيًا- أهمية المسلمين في بناء المجتمع الأمريكي، وقد نص بوش على ذلك في لقائه الثاني بقوله: “أمريكا تحتسب الملايين من المسلمين كمواطنيها، فالمسلمون يشكلون عنصرًا أساسيًا للمساهمة في المجتمع فمنهم أطباء، محامون، أساتذة قانون، أعضاء في الجيش….”،كما أكد الرئيس الأمريكي على ولاء المسلم الأمريكي لوطنه في تصريح له في 19-9-2001: “هناك ملايين من الأمريكان يعتنقون الإسلام، ويحبون بلادهم بنفس القدر الذي أحبها به، ويحيون العلم الأمريكي بنفس الحرارة التي أحي بها العلم…”
ثالثًا- التنديد بجرائم الكراهية التي ترتكب ضد المسلمين، والحث على ضرورة ضبط النفس، ومعاقبة الجناة، وهو ما أكد عليه الرئيس بوش في لقائه الثاني بقوله: “في ظل شعورنا بالغضب يجب أن نعامل بعضنا البعض باحترام..”.
كما صرح آرى فليشر المتحدث الرسمي للبيت الأبيض في 2-10-2001 بأنه: “يجب أن يعلم الأمريكيين أنه حتى وإن كان لهم آراء مخالفه، فإن حقوق العرب الأمريكيين والمسلمين يجب أن تحترم..”. أما بخصوص جرائم الكراهية فقد أكد جورج مولر –رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية في 27-9-2001 أنه: “بالفعل تم توجيه اتهامات في حادثين من جرائم الكراهية ضد المسلمين الأمريكيين؛ الأمر الذي يدل على أن من يحاول التعدي على مواطنين أمريكيين أبرياء، سوف يتم التحقيق معه ومعاقبته… سوف نظل نعمل مع العرب والمسلمين الأمريكيين لضمان التحقيق في جرائم الكراهية ومحاكمة الجناة”.
وقد أصدرت وزارة المواصلات الأمريكية بيانًا في 25-9-2001 تحذر كافة شركات الطيران من أن تسلك سلوكًا اضطهاديًا ضد العرب أو المسلمين الأمريكيين.
وقد صرح نورمان ستركمان – مسؤول رسمي في وزارة المواصلات الأمريكية- بقوله “على شركات الطيران أن تتخذ خطوات لكي تضمن فهم موظفيها أن التمييز ضد الأشخاص بناء على عرقيتهم أو دينهم أمر ضد القانون…”، كذلك أصدرت لجنة المساواة في فرص التوظيف بيانًا في 25-9-2001 تحذر فيه من: “توجيه الغضب تجاه مواطنين أبرياء بسبب عرقيتهم أو ديانتهم”.
ولكن مع هذا شهدت هذه المرحلة بداية محاولات من جانب الإدارة الأمريكية لتمرير قانون ضد الإرهاب، والذي يضاعف من صلاحيات السلطات الأمنية في تصديها للإرهاب داخل أمريكا. وقد عرض جون أشكروفت- وزير العدل الأمريكي- مشروع القانون على الكونجرس في 24-9-2001، والذي أثار نقاشًا حادًا من جانب أعضاء الحزب الجمهوري والديمقراطي؛ حيث أعرب البعض عن قلقهم في منح مزيد من الصلاحيات للسلطات الأمنية؛ مما يترتب عليه التضحية ببعض الحقوق المدنية التي نص عليها الدستور الأمريكي. وقد أصدر اتحاد الحقوق المدنية الأمريكية بيانًا حول هذا المشروع في 24-9-2001:
“إن القانون الجديد يتضمن بعض الصلاحيات المعقولة التي سوف تمد السلطات الأمنية بالأدوات التي تحتاجها في عملية التحقيق حول الأحداث، مع وجود بعض الصلاحيات الأخرى التي تتعدى مجرد التصدي للإرهاب…”(15).
كذلك شهدت هذه المرحلة موجة من التحقيقات والاعتقالات العشوائية لبعض المسلمين الأمريكيين، وذلك من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالية؛ حيث صرح جون أشكروفت أمام اللجنة القضائية في الكونجرس الأمريكي في 24-9-2001 أنه حتى الآن تم احتجاز 352 شخصًا، وجاري البحث عن 40 آخرين كلهم مسلمون ذوو أصول عربية(16).
وتمت هذه الإجراءات بشكل سرى؛ حيث رفضت الجهات الأمنية الإفصاح عن أسماء المحتجزين، أو أماكنهم، أو مدة احتجازهم.
ويأتي مثل هذا السلوك متعارضًا مع ما حرص المسئولون الأمريكيون على تأكيده التأكيد عليه، وهوعدم اضطهاد المسلمين الأمريكيين، أو التمييز ضدهم، مع ضرورة احترام حقوقهم المدنية.
رابعًا-موقف كـيـر من الخطابات الرسمية
نتيجة لما سبق -أصبح جل اهتمام منظمة كـيـر الموجه لمستوى الخطاب الأمريكي الرسمي منصبًا على الإجراءات الأمنية التمييزية ضد المسلمين الأمريكيين، وللتصدي لها عملت كـيـر على ما يلي:
1- نشر وقائع ما يتم في إطار عملية الاستجواب، والتي يستدل من خلالها على عدم وجود دليل لتبريرها سوى كونها إجراء تمييزي ضد المسلمين، ومن أمثلة ذلك: قيام رياض عبد الكريم: رئيس اتصالات منظمة كـيـر فرع كاليفورنيا- بنشر تجربة التحقيق معه من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالية في 26-9-2001 والتى أكدت أن: “المحققين الأمريكيين لا يعملون بناء على أدلة محددة….”(17).
2- إعراب عدد من قيادات منظمة كـيـر عن تخوفهم من هذه الإجراءات، ومن أمثلة ذلك ما نص عليه حسام أيلوش- رئيس منظمة كـيـر فرع جنوب كاليفورنيا- بأنه: “حين نتحدث عن مئات من الأشخاص يتم اعتقالهم؛ فهذا مصدر قلق للمجتمع الأمريكي بأسره….”(18).
ولكن مع هذا حرصت قيادات كـيـر في تصريحاتهم التأكيد على:
1- ثقة المسلمين الأمريكيين في الحكومة الأمريكية، وذلك ما أكد عليه حسام أيلوش في 25-9-2001 بقوله: “نحن نضع ثقتنا في الحكومة بأنها لن تسئ استخدام السلطات الممنوحة لها..”(19)
2- إن اعتراضهم ليس ضد تبني إجراءات أمنية، وإنما ضد التمييز في تطبيقها، وإضفاء عليها الطابع السري عليها، وذلك ما تضمنه رياض عبد الكريم في مقالته بقوله:
“مثلي مثل أي مسلم في أمريكا أدعم الجهود التي يقوم بها مكتب التحقيقات الفيدرالية في إطار عملية التحقيق حول العملية الإرهابية، ولكن ما أعترض عليه هو تعرضي لإجراءات أمنية تمييزية بسبب ديانتي، أو عرقيتي أو نشاطي السياسي…”(20)
المرحلة الثانية: التوعية والتوجيه في مواجهة الاهتمام بالإسلام واتهامه
أولًا- اتجاهات الرأي الأمريكية
“إن دلائل وجود رغبة جديدة لمعرفة المزيد عن الإسلام تحيطنا من كل جهة”(21).
بهذه الكلمات عبرت الكاتبة الأمريكية “كارين جيمز” في 6-10-2001 عما يجري من تحولات داخل المجتمع الأمريكي، ودخوله مرحلة جديدة تتسم بتنامي اهتمام الأمريكيين بالإسلام، وتزايد ملحوظ في شغفهم لمعرفة المزيد عن ذلك الدين الذي أصبح محط أنظار الجميع، كذلك بداية لطرح تساؤلات عديدة عن ما هي مبادئ الإسلام ومعتقداته، وطبيعة من ينتمون إليه، وعلاقته بالإرهاب.
ويمكن الاستدلال على ذلك بالنظر إلى وسائل الإعلام الأمريكية في هذه الفترة؛ حيث شهدت تزايدًا واضحًا في أعداد البرامج التلفزيونية التي تتناول الحديث عن الإسلام، وقد رصدت منظمة كـيـر على صفحتها الإلكترونية عددًا من تلك البرامج، ومنها على سبيل المثال(22): البرنامج التلفزيوني الأمريكي الشهير ” نايت لاين Nightline” في 1-10-2001 حلقة عن ” أثر أحداث 11-9 على مسلمي أمريكا”، أذاعته محطة “بى بى سى BBC” برنامج بعنوان “الإسلام: إمبراطورية العقيدة”، والذي بث في 3-10-2001 بهدف:
“إيجاد بناء جديد لفهم أعمق للإسلام، والذي أصبح مجالًا لسوء الفهم منذ وقوع الهجمات”، كما عرضت محطة الأخبار الأمريكية “سى إن إن CNN” في 11-10-2001 برنامجًا يتناول الكيفية التي استغل بها الإسلام كغطاء لتبرير الأعمال الإرهابية.
وقد انعكس هذا الاهتمام المطٌَرد بالإسلام، على مقالات الرأي الأمريكية؛ حيث ظهر اتجاه آخر داخل الأوساط الفكرية الأمريكية يتبنى آراء مخالفة لآراء الاتجاه الأول، الذي برز في المرحلة السابقة، وتتلخص هذه الآراء حول ما يلي: أولًا- الإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالإرهاب والإرهابيين؛ فالإسلام-كما يؤكد أنصار هذا الاتجاه- دين ليس له علاقة بالفكر الإرهابي؛ فالإرهاب -من وجهة نظر الكاتب الأمريكي روبرت مالي- ليس حكرًا على الإسلام؛ حيث شهد القرن العشرين نمو جماعات إرهابية عديدة لا تنتمي لأي دولة إسلامية(23).
كما ترى الكاتبة كارين آرمستونج أن: “هناك ما يقرب من 1.2 بليون مسلم في العالم، ويعد الإسلام أكثر الأديان انتشارًا. فلو كان الشر المتجسد في أحداث سبتمبر يؤيده ويبرره الإسلام؛ فإن مؤشرات نمو الإسلام في أوروبا وأمريكا أمر يثير الذعر، ولكن الوضع ليس كذلك…فالإسلام كلمة مشتقة من السلام… والقتل يتنافى مع نصوص القرآن… والإرهابيون ينتقون أجزاء من الآيات القرآنية ويحرفونها لتخدم أهدافهم…”(24).
ويحذر المفكر الأمريكي جراهام فولر من الفكرة الخاطئة بأن الإسلام ضد أمريكا، والقيم التي تقوم عليها: “نحن نسمع دائمًا إن العالم الإسلامي يكره القيم الأمريكية، هذه نظرة خاطئة…فالمسلمون لا يعادون تلك القيم، وإنما هم غاضبون من عدم رغبه أمريكا في مشاركة الآخرين لهذه القيم…”(25). ذلك بالإضافة إلى قيام جريدة واشنطن بوست في 29-9-2001 بنشر بعض الآيات القرآنية، التي تنادي بالتسامح الديني في الإسلام، وحسن معاملة الغير.
ثانيًا- وضع المسلمين في أمريكا والإجراءات الأمنية ضدهم ينادي أنصار هذاالاتجاه بضرورة إدماج المسلمين الأمريكيين في المجتمع، وإثبات تواجدهم على الساحة الأمريكية. وذلك ما أكد عليه المفكر الأمريكي جون اسبوسيتو- أستاذ الدين والعلاقات الدولية والدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون- أثناء العشاء السنوي لمنظمه كـيـر في 6-10-2001، والذي حذر فيه الجماعة المسلمة من الظهور كأقلية مغتربة داخل المجتمع، وضرورة الاهتمام بالكوادر الشبابية من المسلمين الأمريكيين وإدماجهم في المجتمع.(26)، فالإسلام -كما يؤكد أيضًا الكاتب الأمريكي جرجوري- كان له جذور تاريخية عميقة داخل المجتمع الأمريكي(27)، ويتصدى أنصار هذا الاتجاه للإجراءات الأمنية الأمريكية ضد المسلمين؛ فالسرية التي تحيط بالتحقيقات -من وجهة نظر الكاتبين لويس رومانوا وديفيد فاليس- تثير قلق أنصار الحقوق المدنية الذين يخشون انتهاكها في إطار عملية البحث عن الإرهابيين(28).
كما يؤكد –دافيد هاريس- أن الإجراءات الأمنية التي تستهدف فئة بعينها (المسلمين الأمريكيين) سوف تضر بالتحقيقات، وعملية جمع المعلومات؛ وذلك لأنها تثير الخوف لدى هذه الفئة؛ مما يدفعها إلى عدم التعاون، أو التقدم للإدلاء بأي معلومات قد تفيد التحقيقات(29)، ويتشكك الكاتب الأمريكي دون فون ناتا بالنتائج التي أسفرت عنها التحقيقات والاعتقالات التعسفية؛ حيث: تم اعتقال ما يقرب إلى (830) شخصًا, ولكن لا يوجد دليل واحد ضدهم حتى الآن(30).
وقد لعب اتحاد الحقوق المدنية الأمريكية في هذه المرحلة دورًا هامًا في التصدي لهذه الإجراءات؛ حيث أرسل خطابًا إلىجون أشكروفت في 18-10-2001؛ لمطالبة وزارة العدل الأمريكية بالإفصاح عن معلومات حول (700) شخص محتجزين لدى السلطات الأمنية. كما أرسل خطابًا آخر لأعضاء الكونجرس الأمريكي في 23-10-2001 يحثهم على التصويت ضد القانون الجديد للتصدى للإرهاب، والذي تحاول إدارة بوش تمريره.
ويجدر هنا الإشارة إلى نقطة هامة، وهي أن ظهور هذا الاتجاه الفكري لم يعنِ انتفاء موجة الغضب الأمريكية، التي شهدتها المرحلة السابقة؛ فلقد ظل هناك اتجاه قوى يرفع شعار أن الإسلام دين الإرهاب؛ فالإسلام-من وجهة نظر مايكل سكوب- دين لا يقبل التسامح فهو معادٍ لكل من لا يؤمن به(31). ويتشكك الكاتب الأمريكي كال توماس في إضفاء الطابع السلمي على الإسلام: “الإسلام هدفه الأساسي هو السيطرة على الدولة التي ينمو بداخلها، وحين يحقق هدفه، فهو يقضى على حق الاعتراض…”(32).
ويحذر روبرت درهر من انخداع الشعب الأمريكي بالصورة المغلوطة التي تحاول أن تبثها وسائل الإعلام الأمريكية، وهي أن الإسلام دين يدعو إلى السلام.(33)، أما الكاتب الأمريكي دانيل بيبس فينادى بضرورة: “اعتبار كل مسلم إرهابيًا محتملًا”(34).
ويستمر أنصار هذا الاتجاه في تأييدهم لتطبيق إجراءات أمنية ضد المسلمين الأمريكيين، وذلك ما أكدته الكاتبة مونا شارين: “ليس هناك نص في الدستور يعطى للطلبة أو السياح العرب حق التواجد داخل أمريكا؛ وبالتالي يجب إعادتهم إلى بلادهم”(35).
ثانيًا- خطاب كـيـر ووسائلها
نتيجة لما سبق-في ظل تنامي الاهتمام بالإسلام، وكل ما يحيط به من اتهامات أو دفاعات-أدركت منظمة كـيـر أن أمامها هدفين يجب تحقيقهما في هذه
المرحلة(36):
الهدف الأول- ضرورة الاستفادة من هذا الاهتمام لرفع مستوى وعي المجتمع الأمريكي بالإسلام وبصورته الصحيحة؛ ولتحقيق هذا الهدف قادت منظمة كير حملة لتوعية المجتمع الأمريكي بالإسلام, مستخدمة في ذلك عدة أدوات:
1- أصدرت منظمة كـيـر بيانًا على صفحاتها الإلكترونية في 28-9-2001 تناشد فيه كافة المساجد عبر الولايات بضرورة فتح أبوابها أمام المجتمع الأمريكي، وذلك من خلال إقامة ما سُميَ باليوم المفتوح “Open House “، وقد نص نهاد عوض في هذا البيان على أن: “تداعيات أحداث سبتمبر، وردود الأفعال ضد المسلمين، تدل على أن أتباع المعتقدات الأخرى داخل أمريكا في حاجة إلى مزيد من المعلومات عن الإسلام..”، وقد تضمن البيان الخطوات اللازم اتخاذها لإقامة هذا اليوم المفتوح، ومنها على سبيل المثال: دعوة القيادات المحلية والدينية والأمنية، وأعضاء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية للحضور، والمشاركة في هذا اليوم، وتوعية المجتمع المحلي بإقامة مثل هذا النشاط، والإعلان عنه بشكل واضح، وتوزيع بعض القراءات عن الإسلام على زوار المساجد…
2-ظهور قيادات منظمة كـيـر في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية للحديث عن الإسلام، والرد على أي أسئلة تطرح حوله، مع بيان موقف المسلمين الأمريكيين من القضايا المطروحة على الساحة. ومثال على ذلك؛ ظهور نهاد عوض على قناة الأخبار الأمريكية -سى إن إن-في 25-10-2001؛ للحديث عن موقف المسلمين من الإجراءات الأمنية التي تتخذ ضدهم في المطارات الجوية.
3- إقامة ورش عمل تهدف إلى تعريف المجتمع الأمريكي بمبادئ الإسلام، ومنها ورشة العمل التي نظمتها منظمة كـيـر-فرع لوس أنجلوس في 20-10-2001؛ للإجابة عن الأسئلة الصعبة عن الإسلام والمسلمين.
4- عقد الندوات ودعوة أعضاء المجتمع الأمريكي البارزين، سواء رسميين أو غير رسميين للنقاش، والتشاور حول العديد من القضايا. ومن ذلك قيام منظمة كـيـر –فرع جنوب كاليفورنيا- بعقد اجتماع تحت عنوان “تحديات جديدة للمسلمين الأمريكيين: هل هناك صراع حضارات”, وذلك في 6-10-2001، وقد تم توجيه الدعوة لكل من د. جون أسبوسيتو، وشينثيا ماكينى -عضو الكونجرس الأمريكي- للتحاور حول هذه القضية.
5- القيام برصد ونشر مقالات الرأي الأمريكية التي تهاجم الإسلام والمسلمين. ويتم الرد على هذه المقالات من جانب قيادات كـيـر، ولكن ليس لمجرد الدفاع فقط، وإنما في إطار عملية تصحيح المفاهيم حول الإسلام؛ فعلى سبيل المثال تأتي مقالة أرسلان افتخار- رئيس اتصالات منظمة كـيـر- بعنوان “فهم الإسلام”(37)، والتي نشرت ردًا على مقالة الكاتب الأمريكي مايكل سكوب(38) -التي سبق ذكرها- وقد أوضح افتخار في مقالته الكيفية التي أساء بها الكاتب الأمريكي فهم الإسلام، وبعض النصوص القرآنية، مع بيان التفسيرات الصحيحة لهذه الآيات.
الهدف الثاني- توجيه المسلمين الأمريكيين نحو كيفية استغلال تزايد الاهتمام الأمريكي بالإسلام، ولتفعيل دورهم في المجتمع ليصبحوا أقلية فعالة، وقد عبر عن هذا الهدف عمر أحمد في تصريح له في 14-10-2001 بقوله: “الوقت الآن ليس وقت التقوقع, وإنما وقت التواجد، ولتعريفهم من نحن لرفع مستوى فهمهم لنا… يجب على المسلمين اتخاذ خطوات ليصبحوا قيادات في المجتمع…”
وأيده في ذلك فؤاد خطيب -رئيس منظمة كـيـر فرع كاليفورنيا- في 6-10-2001: “سوف تعمل المنظمة على تدريب الشباب ليصبحوا نشطين، ولتمكينهم من بناء علاقات مع الأقليات الأخرى…”. ولتحقيق هذا الهدف تبنت كـيـر استراتيجية جديدة لتوجيه المسلمين الأمريكيين نحو قنوات المشاركة, وذلك من خلال:
أولأ- تشجيع المسلمين الأمريكيين على إرسال خطابات لأعضاء السلطات الرسمية؛ لتعريفهم بوجهة نظرهم حول العديد من القضايا التي تهمهم، ومن أمثلة ذلك حث كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية على إرسال خطابات لجيمس ترافيكانت – عضو الكونجرس الأمريكي، وذلك في 11-10-2001؛ للتعبير عن امتنانهم، وتأييدهم له؛ بسبب دعمه المستمر للقضية الفلسطينية، كما طالبت منظمة كـيـر بإرسال خطابات لعضو الكونجرس جون كوكسى في 11-10-2001؛ ليوقف بث إعلانه التلفزيوني الذي يؤيد من خلاله الإجراءات الأمنية ضد المسلمين الأمريكيين.
ثانيًا- حث المسلمين الأمريكيين على ضرورة الرد على المقالات الأمريكية التي تسئ للإسلام، وقد أصدرت منظمة كـيـر بيانًا على صفحاتها الإلكترونية في 18-10-2001 تناشد المسلمين بضرورة ضبط النفس في ردودهم لكي لا يتم استغلالها لمزيد من الإساءة للإسلام.
ثالثًا- دفع المسلمين للمشاركة في تنظيم مسيرات سلمية، يمكنهم من خلالها التعبير عن آرائهم، ومن أمثلة ذلك قيام منظمة كـيـر –فرع ولاية تكساس- بتنظيم مسيرة سلمية ضد الإرهاب, وذلك في 20-10-2001, ويعد الهدف من ورائها، كما ذكر محمد الموجى رئيس منظمة كـيـر فرع تكساس: “التأكيد على تنديدنا بالإرهاب، وقتل المدنيين الأبرياء…”(39).
ثالثًا- في مواجهة السياسات الرسمية: نحو مزيد من المبادرة والانتقاء
وبالانتقال إلى المستويات الرسمية نجد أن الخطاب الأمريكي عبر هذه المرحلة لم تتغير عناصره الأساسية عن المرحلة السابقة، والقائمة على الإعلان عن احترام التعددية الدينية، والحريات المدنية. وقد أعرب عن ذلك الرئيس بوش في تصريح له أثناء إعلانه قائمة الإرهابيين في 10-10-2001 بقوله: “أريد أن أنبه إخواني الأمريكيين بأنه في إطار البحث عن هؤلاء الأشرار يجب أن نتذكر عدم المساس بحقوق الأبرياء، فحربنا ليست حربًا ضد دين محدد وإنما ضد قوى الشر…فهناك آلاف من المسلمين الأمريكيين الذين يحبون أمريكا كما أحبها، ويجب احترام حقوقهم؛ فلن نترك الإرهابيين يدمرون الحقوق الأساسية التي يقوم عليها مجتمعنا…”.
ولكن بالنظر إلى السلوك الرسمي في هذه المرحلة نجده يزداد تناقضًا مع الخطاب؛ حيث شهدت هذه المرحلة تنامي أعداد المحتجزين، والذي وصل عددهم إلى ما يقرب من (830) محتجزًا، مع استمرار رفض السلطات الأمنية الإدلاء بمعلومات عنهم، وقد بدأت منظمة كـيـر- في هذه المرحلة(40)- تغيير استراتيجيتها من مجرد الاعتراض فقط، إلى اتخاذ خطوات إجرائية للتصدي لهذه الإجراءات؛ فقد عقدت منظمة كـيـر اجتماعًا مع ممثلي مكتب التحقيقات الفيدرالية في 10-10-2001؛ للمطالبة بمزيد من المعلومات عن المحتجزين والمعتقلين، كما اجتمعت مع وزير المواصلات الأمريكي في 26-20-2001؛ لمناقشة المضايقات التي يتعرض لها المسلمون الأمريكيون في المطارات ووسائل الطيران؛ حيث رصدت كـيـر منذ وقوع الهجمات ما يقرب من 90 بلاغًا بهذا الخصوص.
ومن ناحية أخرى، شهدت هذه المرحلة بداية توجيه منظمة كـيـر انتقادات صريحة للسياسة الأمريكية؛ الأمر الذي كان قد تم التغاضى عنه منذ وقوع الهجمات في سبيل التضامن مع المجتمع الأمريكي لمواجهة الأزمة، ويتضح ذلك بمقارنة البيانات التي أصدرتها منظمة كـيـر بخصوص الحرب على أفغانستان؛ ففي بيانها الأول الصادر عقب بداية الحرب مباشرة – وبداية هذه المرحلة أيضًا في 8-10-2001 لم تعترض كـيـر صراحة على السياسة الأمريكية تجاه أفغانستان، وإنما اكتفت بالنص على أن: “الجماعة المسلمة تدعم الحملة الاستراتيجية التي يقودها الرئيس بوش لمحاربة الإرهاب، وحماية حقوق الأمريكان، وسوف يستمر هذا الدعم قائمًا سواء وافقنا أم لم نوافق على بعض الممارسات، التي قد تتم في إطار الحملة…”.
أما في البيان الثاني، والذي نشر في 22-10-2001، وذلك في نهاية هذه المرحلة فنجد أن هناك تغيرًا واضحًا في لهجة الخطاب؛ حيث يتضمن انتقادًا صريحًا ومباشرًا للسياسات الأمريكية في أفغانستان:
“نحن نؤمن بأن ضرب أفغانستان ليس من المصلحة القومية طويلة الأجل… نطالب الحكومة بإعادة تقييم سلوكها في أفغانستان، ووقف الضربات، وكافة الأعمال العسكرية، والبحث عن استراتيجية جديدة طويلة المدى في تصديها للإرهاب…”.
كما أعربت منظمة كـيـر عن اعتراضها على قائمة الإرهابيين التي أعلن عنها الرئيس بوش في 10-10-2001، وذلك لاحتوائها على عناصر ذات أصول عربية فقط، الأمر الذي يعطى-كما يرى إبراهيم هوبر: “رؤية مضللة بأن ليس كل مسلم إرهابيًا وإنما كل إرهابي مسلم…”.
وقد حرصت منظمة كـيـر أن تؤكد على نقطة هامة، وهي أن انتقاداتها للسياسات الأمريكية نابعة من حق المسلمين كمواطنين أمريكيين في توجيه انتقادات لسياسات حكومتهم، وأن هذه الانتقادات لا تؤثر على ولائهم لأمريكا، وذلك ما نص عليه بيان كـيـر حول الضربات الأمريكية لأفغانستان في 22-10-2001: “كأمريكيين نحن نؤمن بأن من حقنا، بل من واجبنا ومسئوليتنا أن نعبر عن آرائنا حول ما نراه في مصلحة بلدنا، ونحن نرفض بقوة القول بأن هذا الاعتراض يمثل عدم الولاء…”
المرحلة الثالثة- التوحد والمبادرة في مواجهة التصعيد والتفكك
واجهت منظمة كـيـر عبر هذه المرحلة عددًا من التحديات فاق ما واجهته في المرحلتين السابقتين، والتي أجبرتها على أن تطور خطة عمل جديدة للتعامل معها، وتمثلت التحديات كالآتي:(41)
التحدي الأول- تصاعد حدة الإجراءات الأمنية التمييزية ضد الجماعة المسلمة؛ حيث شهدت هذه المرحلة:
1- تمرير قانون جديد يتصدى للإرهاب، والمسمَّى Patriot Act، والذي صدق عليه الكونجرس الأمريكي في 26-10-2001. هذا القانون يمنح للسلطات الأمنية الأمريكية مزيدًا من الصلاحيات في مواجهة الإرهاب، وقد صرح الرئيس الأمريكي بوش أثناء توقيعه على القانون: “اليوم نخطو خطوة هامة في القضاء على الإرهاب، في ظل حماية الحقوق الدستورية للموطنين؛ فالقانون يمنح المخابرات والسلطات الأمنية أدوات جديدة للتعامل مع هذا الخطر…”ومن أهم نصوص القانون حق قيام السلطات الأمنية بالتجسس، ومراقبة اتصالات المشتبه فيهم، بالإضافة إلى حق احتجاز المشتبهين بدون تهمة محددة لمدة أقصاها سبعة أيام.
2-تم إطلاق حملة استجواب واسعة النطاق تشمل 5000 مسلم أمريكي ذوي أصول عربية. وتهدف هذه الحملة-كما أوضح جون أشكروفت- في تصريح له في 13-11-2001 إلى: “زيادة معرفتنا بالشبكات الإرهابية داخل الولايات المتحدة”.
3-أصدر الرئيس جورج بوش قرارًا بتجميد أرصدة عدة منظمات أمريكية للإغاثة الإسلامية؛ وذلك بحجة قيامهم بتمويل الجماعات الإرهابية بالخارج. وبالفعل شهدت الفترة ما بين 4-15/12/2001 تجميد أرصدة كل من: Global Relief Foundation, Holyland Foundation, Benevolence International Foundation”.
4-استمرار احتجاز أعداد كبيرة من المسلمين الأمريكيين، مع رفض الإدلاء بمعلومات كافية عنهم.
التحدي الثاني- أطلقت في هذه المرحلة حملة قوية لتشويه الإسلام، وذلك من جانب بعض الجماعات اليهودية وأنصارهم. وقد أعلن عن هذه الحملة في 3-11-2001، حين نشرت جريدة لوس انجليس تايمز مقالًا للكاتب سولمان مور(42)، والذي ألقى مسئولية الحملة على كاهل الجماعات اليهودية، وعلى رأسهم الجماعات الآتية:Anti Defamation League, Middle East Forum, Jewish Defense League؛ حيث قامت هذه الجماعات بإمداد وسائل الإعلام الأمريكية بمستندات، ووثائق تحمل معلومات خاطئة، ومغالِطة عن الوجود الإسلامي والقيادات الإسلامية بأمريكا.
كما شهدت هذه المرحلة عدة محاولات من جانب أعضاء هذه الجماعات لتخريب المنشآت الإسلامية؛ فعلى سبيل المثال تم القبض على أرف روبى- رئيس جماعة الدفاع اليهودي Jewish Defense League – في 11-12-2001 بتهمة التخطيط لتفجير مسجد الملك فهد في أمريكا.
التحدي الثالث- دخول الرأي العام الأمريكي في دوامة من الجدالات الفكرية حول قضيتين أساسيتين؛ مما أدى إلى حدوث انشقاق في الرأي العام إلى اتجاهات فكرية مضادة:
الجدال الأول- الأمن الداخلي أم الحقوق المدنية: دخل الرأي العام الأمريكي في جدال حول: هل يمكن التضحية ببعض الحقوق المدنية؛ للوفاء بمتطلبات الأمن الداخلي، أم أن الحقوق المدنية من المقدسات الأمريكية التي لا يجب مساسها أبدًا.
وقد أسفر عن هذا الجدال بروز اتجاهين:
الاتجاه الأول- يدعي أنصاره أنه لا يجب التغاضي عن أي حق من الحقوق المدنية، حتى في مقابل متطلبات الأمن؛ فالحقوق المدنية من أهم أسس بناء المجتمع الأمريكي، والذي يكفلها الدستور بالنص والحماية، ومن ثم يتصدى أنصار هذا الاتجاه لأي إجراء تمييزي تتخذه السلطات الأمنية، ويتساءل أحد الكتاب الأمريكيين: “هل يجب التضحية بالحقوق الفردية لمنع عمليات إرهابية جديدة؟!!…”(43).
وتنتقد إحدى المقالات جهود الرئيس الأمريكي بوش في استراتيجية التصدي للإرهاب حيث إنه: “في محاولته للدفاع عن أمريكا ضد الإرهاب فهو ينتهك كافة القيم والمبادئ التي يدعي حمايتها، وعلى رأسها سيادة القانون… فسلوك الإدارة الأمريكية منذ أحداث سبتمبر سوف تهدم الدستور…”(44)، ويحذر الكاتب روبرت شيير من الافتراض بأن هناك: “حربًا ضد قوى الشر… فهذا الافتراض تم استغلاله للدفاع عن بعض الإجراءات غير الديمقراطية، التي ستدمر مجتمعنا (أي المجتمع الأمريكي)”(45).
وأخيرًا يؤكد الكاتبان دبورا راميرز، وجاك لفين أن التمييز الذي يحدث ضد العرب والمسلمين يمثل “اختيارًا حرجًا”(46) للديمقراطية الأمريكية القائمة على التعددية العرقية والدينية.
ويجدر بنا الإشارة إلى ملاحظة هامة، وهي أن الدفاع عن الحقوق المدنية لم يقتصر فقط على مستوى مقالات الرأي الأمريكية، بل لعب اتحاد الحقوق المدنية الأمريكية -امتدادًا للمرحلتين السابقتين- دورًا هامًا في الدفاع عن حقوق المسلمين الأمريكيين في مواجهة الإجراءات الأمنية التعسفية؛ حيث قام الاتحاد في هذه المرحلة بإنشاء خط تليفوني، وذلك بالتنسيق مع منظمة كـيـر فرع فلوريدا في 9-12-2001؛ بهدف تقديم استشارات قانونية مجانية للمسلمين، الذين تم استدعاؤهم في إطار حملة الاستجواب، كما وزَّع الاتحاد كتيبات باللغة الإنجليزية والعربية؛ من أجل توعية الأمريكان بحقوقهم في حالة إذا تم إيقافهم أو استجوابهم من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالية، بالإضافة إلى مشاركة الاتحاد مع عدة منظمات أمريكية، برفع دعوى أمام المحكمة الفيدرالية بواشنطن، وذلك في 5-12-2001 بهدف التوصل إلى معلومات حول المحتجزين (47).
ويلاحظ أيضًا، أن الاعتراض على الإجراءات الأمنية التمييزيه ضد المسلمين، وانتهاك حقوقهم المدنية، لم يقتصر على المستويات غير الرسمية فقط، وإنما امتدت إلى المستويات الرسمية؛ حيث شهدت هذه المرحلة رفض عدد من أعضاء السلطات الأمنية المحلية التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالية في إطار حملة الاستجواب واسعة النطاق؛ لما تتسم به هذه الحملة من طابع تمييزي؛ الأمر الذي يجعل مشاركتهم مفقدة لمصداقيتهم أمام المواطنين كحماة للحقوق المدنية، وقد أكد على ذلك الكاتب الأمريكي فوكس بترفيلد بقوله: “الشرطة الأمريكية في أنحاء الولايات منقسمة بين ضرورة مساندة حملة الاستجواب من ناحية، وخوفهم من الطابع التمييزى لهذه الحملة من ناحية أخرى”(48).
والجدير بالذكر هنا أن وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت يستنكر بشدة هذا الاتجاه – أي إعلاء الحقوق المدنية على متطلبات الأمن- وذلك في تصريح له في 6-12-2001 بقوله: “الإرهابيون تعلموا كيفية استغلال الحريات الأمريكية كسلاح ضد الأمريكان..”(49).
الاتجاه الثاني: يطالب أنصار هذا الاتجاه بضرورة إعلاء متطلبات الأمن، حتى وإن ترتب على ذلك انتهاك بعض الحقوق المدنية؛ ومن ثم يؤيدون كافة الإجراءات الأمنية لمواجهة الإرهاب؛ فينتقد الكاتب الأمريكي كال توماس سياسة بوش في إقامة صداقات مع المسلمين: “فمهمة الرئيس بوش ليست إقامة صداقات، وإنما حماية أمريكا وشعبها…”(50) وينادى عضو الكونجرس الأمريكي روبرت مكينك بضرورة: “تبنى إجراءات تمييزية ضد المسلمين لحماية أمننا القومي؛ فكل ما نعرفه عن الإرهابيين أنهم ينتمون إلى فئة عمريه معينة، وأنهم ذكور من العرب أو المسلمين…”(51). ويؤيده في ذلك الكاتب الأمريكي دانيل بيبس بقوله: “على المسئولين الأمريكيين مراقبة كافة الاتصالات، وأنشطة المهاجرين والزائرين العرب والمسلمين لملاحظة أي إشارة تدل على وجود انتماءات إسلامية، ومنع المشتبه فيهم من الدخول لأمريكا…”(52).
الجدال الثاني- حول مستقبل الوجود الإسلامي في أمريكا: إدماج أم تهميش
شهدت هذه المرحلة تصاعد الجدال حول مستقبل الوجود الإسلامي في أمريكا، والذي تركزت في اتجاهين أساسيين: حول أهمية دمج الوجود الإسلامي داخل المجتمع, أم الإصرار على تهميش دوره بدعوى خطورته.
الاتجاه الأول- ينادى أنصار هذا الاتجاه بإمكانية استيعاب الوجود الإسلامي داخل المجتمع الأمريكي؛ حيث إن الإسلام يقوم على مبادئ السلام والتسامح، وهو ما يتسق مع المبادئ التي تقوم عليها أمريكا؛ فالإسلام وفقًا لـ انثونى سوليفان: “جزء هام من الغرب… فأحداث سبتمبر هي في الحقيقة هجمات على الإسلام…”(53). وتؤيده في ذلك الكاتبة الأمريكية كارين أرمسترونج:
“للأسف فهجمات سبتمبر دعمت رؤية أن الإسلام دين غير عادل، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فالإسلام لا يدعم العنف، الحروب الدينية أو الإرهاب وإنما ينادى –مثل كافة الأديان- بالمحبة والعدالة”(54). وتستطرد الكاتبة في قولها بالتحذير من اعتبار كافة المسلمين متطرفين: “جزء صغير من العالم الإسلامي يضم مسلمين متطرفين، وجزء صغير من هؤلاء هم الذين يرتكبون أعمالًا إرهابية… فالأغلبية العظمى من المسلمين ينددون بأحداث سبتمبر باعتبارها تسئ لعقيدتهم…”(55).
الاتجاه الثاني- يطالب أنصاره بضرورة تهميش الوجود الإسلامي لما يمثله من خطورة كامنة داخل المجتمع الأمريكي، ويستدل الكاتب الأمريكي بول روبرت بالتاريخ ليدعم رؤيته بأن: “الإسلام كحضارة لا يمكن استيعابها داخل الحضارات الأخرى…. ولهذا فإن أي محاولة لاستيعاب المسلمين داخل المجتمع الأمريكي خطر..”(56). فالمسلمون كما يدعى دانيل بيبس “هدفهم خلق دولة إسلامية داخل أمريكا؛ ومن ثم يجب استخدام كافة وسائل الضغط السياسية، والاجتماعية للحيلولة دون اكتساب الإسلام وضعًا خاصًا داخل المجتمع”(57).
وقد حاولت بالفعل بعض الجماعات اليهودية، اتباع سلوك يهدف إلى تهميش الوجود الإسلامي في المجتمع، ومن ذلك اعتراضها على مشاركة القيادات الإسلامية في ساحات الحوار العامة، ومن أمثلة ذلك(58): محاولة جماعة اللجنة اليهودية في 18-11-2001 منع غازي حاخان- أحد قيادات منظمة كـيـر فرع نيويورك- من إلقاء كلمته أمام منتدى ثقافي حول الإسلام, كما اعترضت الجماعة اليهودية Anti Defamation League في 11-12-2001 على حق هلال عمارة- مدير منظمة كـيـر فرع شمال كاليفورنيا في الإدلاء بشهادته أمام لجنة قضائية تنظر في إحدى جرائم الكراهية.
ولمواجهة التحديات السابقة أدركت منظمة كـيـر أهمية استغلال هذا الانقسام داخل المجتمع الأمريكي, وتبني استراتيجية جديدة تقوم على التوحد والمبادرة(59)؛ فأمام حملة الاستجواب واسعة النطاق أصدرت منظمة كـيـر بيانًا في 13-11-2001 تعرب فيه عن: “قلقها من خطة وزارة العدل الأمريكية لإجراء تحقيقات مع 5000 مهاجر عربي مسلم؛ وذلك لما يعكسه هذا الإجراء من انطباع يوحي بوجود تمييز ديني وعنصري”.
أكد على ذلك نهاد عوض في تصريح له في 13-11-2001 بقوله: “حملة التحقيقات تعكس انطباعًا بأنها تتم بشكل تمييزي…نحن نطالب تنفيذ هذه الحملة في إطار القانون، واحترام الحقوق المدنية…”.
أما بخصوص قرار تجميد أرصدة منظمات الإغاثة الإسلامية؛ أصدرت منظمة كـيـر فور إعلان القرار، وبالتعاون مع بعض المنظمات الإسلامية الأخرى داخل أمريكا بيانًا مشتركًا، وذلك في 4-12-2001 يستنكرون فيه هذا القرار، ويطالبون بضرورة التراجع عنه، وقد نص البيان على ما يلي:
1-أن المسلمين الأمريكيين يدعمون الجهود التي يبذلها الرئيس الأمريكي جورج بوش لقطع تدفق موارد الإرهاب, والمطالبة بحل سلمي لمشكلة الشرق الأوسط، إلا أن تلك الأهداف لن تتحقق من خلال منع وصول الطعام إلى أفواه الأطفال الفلسطينيين.
2-هذا القرار بمثابة دعم لحملة تشويه الإسلام، وهي حملة ذات دوافع سياسية، تقودها جماعات تؤيد السياسات الإسرائيلية الوحشية.
3-إن الزكاة في الإسلام ركن أساسي وواجب على كل مسلم، ولمنظمات الإغاثة دور هام في مساعدة المسلمين بأمريكا على أداء واجبهم الديني.
4-بناء على ما سبق، فإن موارد تلك المنظمات ليست ملكهم، وإنما ملك الأمة الإسلامية برمتها.
5-ضرورة تراجع بوش عن هذا القرار التعسفي، والذي له مردود سلبي على مصداقية الحكومة الأمريكية لدى المسلمين, سواء بالداخل أو الخارج.
6-إن مثل هذا القرار يعطى انطباعًا بأن الحرب ليست ضد الإرهاب، وإنما ضد الإسلام، وقد رصدت الكاتبة الأمريكية لورى جودستين الغضب الذي اجتاح الجماعة المسلمة في أمريكا نتيجة هذا القرار(60)، كما صعدت منظمة كـيـر من ضغوطها على السلطات الأمنية للإدلاء بمزيد من المعلومات عن المحتجزين(61)؛ فقد تحالفت كـيـر مع عدد من منظمات الحقوق المدنية، وعلى رأسها اتحاد الحقوق المدنية الأمريكية في رفع دعوى أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن، وذلك كما سبق الإشارة إليه، ذلك بالإضافة إلى إرسالها خطابًا للكونجرس الأمريكي تطالب فيه بالوقوف ضد تمرير قانون جديد يسمح بترحيل المحتجزين، بناء على أدلة سرية، وذلك في 3-12-2001. ونتيجة لهذه الضغوط أفصح جون أشكروفت في 16-12-2001، عن أعداد المحتجزين، والذين بلغوا 563 محتجزًا، كما وجه الاتهام إلى 110 أشخاص.
أما في مواجهة حملة تشويه الإسلام؛ فقد أصدرت منظمة كـيـر بيانًا في 8-11-2001 تحذر المجتمع الأمريكي من أن المسلمين بالداخل يتعرضون لحملة شرسة غرضها تشويه الإسلام، وذلك من جانب بعض الجماعات اليهودية التي تشعر بالرهبة من التزايد المطرد في الاهتمام بالإسلام، وتضامن الشعب الأمريكي مع المسلمين، وتهدف الحملة إلى تهميش الوجود الإسلامي داخل أمريكا، وذلك من خلال نشر معلومات مضللة عن المسلمين والقيادات الإسلامية، وقد أكد على ذلك عمر أحمد في تصريح له في 12-12-2001: “منذ الهجمات الإرهابية، وقد أطلقت حملة ضد الإسلام من جانب بعض الجماعات التي تدعم إسرائيل؛ بسبب تخوفهم من تنامي الوجود الإسلامي في أمريكا، وذلك بهدف تهميشنا، فمن أجل حماية أمن مجتمعنا يجب وقف هذه الحملة…”.
وناشدت منظمة كـيـر وسائل الإعلام، وأعضاء النخب الرسمية عدم الانجراف وراء تيار الحملة، وذلك ما دعا إليه نهاد عوض في تصريح له في 12-12-2001: “نحن نطالب الرئيس بوش بالتنديد بهذا المخطط… ونطالب السلطات الأمنية بمزيد من الحماية…”.
ولم تقف منظمة كـيـر عند مستوى التصريح فقط، وإنما لعبت قياداتها دورًا هامًا في التصدي لهذه الحملة، والرد عليها عبر وسائل الإعلام. ومثالًا على ذلك رد أرسلان افتخار على مقالة الكاتبة الأمريكية دايانا وست، والتي تري أن تضامن المسلمين الأمريكيين مع المجتمع الأمريكي بعد أحداث سبتمبر كان ضعيفا
للغاية(62). جاء رده في مقال له نشر في واشنطن تايمز في 29-10-2001 أعرب من خلاله عن اعتراضه على هذا الادعاء ؛ حيث يرى أن الكاتبة تهدف من وراء ذلك إلى “تهميش المسلمين”(63).، وقد حرص افتخار على الاستدلال بالعديد من الأمثلة التي تؤكد تضامن المسلمين الأمريكيين مع المجتمع الأمريكي في مواجهة الأحداث، ويتساءل افتخار في مقالته: “لماذا عندما يرتكب إنسان جريمة فلا يتم إدانة دينه؟ ولكن عندما يرتكب مسلم جريمة، فالإسلام يصبح عدوًا؟؟؟”.
وفي ضمن استراتيجيتها الجديدة، أدركت كـيـر(64) أنه: “حان الوقت للتأكيد على حقوقنا القانونية والمدنية الكاملة في المجتمع الأمريكي… نحن نرفض أن يتم معاملتنا كمواطنين من الدرجة الثانية…”.
ورأت كـيـر أن هذا يتطلب دورًا جديدًا وهامًا للمسلمين داخل المجتمع الأمريكي، ودفعهم للاعتراف بأهمية الوجود الإسلامي ودوره الجديد(65): “للمسلم الأمريكي دور هام كهمزة الوصل لفهم العالم الإسلامي..”. وهو الدور الذي أكد عليه عمر أحمد في تصريح له في 29-11-2001: “يلعب المسلمون الأمريكيون دورًا هامًا في الحرب ضد الإرهاب, وذلك من خلال دورهم كهمزة وصل للعالم الإسلامي”.
وأصرت منظمة كـيـر- في هذه المرحلة- على أن يعترف المجتمع الأمريكي بالوجود الإسلامي، ودوره الهام في المجتمع. ومن أهم ما قامت به على هذا الصعيد؛ الضغط على وسائل الإعلام الأمريكي للاعتراف بالأعياد الإسلامية؛ وذلك من خلال بث التهاني للمسلمين الأمريكيين بمناسبة رمضان، وقد تقدمت منظمة كـيـر بمطلب رسمي للمحطات التلفزيونية الأمريكية في 6-11-2001؛ من أجل بث تهانيهم للمسلمين الأمريكيين بهذه المناسبة، كما ناشدت كـيـر المسلمين في كافة أنحاء الولايات بمتابعة هذا المطلب، والضغط على المحطات التلفزيونية المحلية لتنفيذه، وبالفعل استجابت العديد من المحطات التلفزيونية لهذه الضغوط، وقامت ببث تهانيها على قنواتها بمناسبة شهر رمضان.
ولم تقف إنجازات كـيـر عند المستويات غير الرسمية فقط، وإنما امتدت للمستويات الرسمية؛ حيث حرص كل من الرئيس الأمريكي بوش، وكولين باول -وزير الخارجية- على إقامة حفل إفطار رمضاني دُعيَ إليها العديد من القيادات الإسلامية بأمريكا (66).
وصرح بوش أثناء حفلته في 19-11-2001 بأن: “الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أفضل بسبب الوجود الإسلامي بها..”،كما أكد على ذلك كولين باول أثناء حفلته في 29-11-2001 بقوله: “ما زال هناك جهل، وسوء فهم حول الإسلام، ومن ثم على المسلمين لعب دور هام لتوعية الآخرين بمعتقداتهم…” وإضافة إلى ذلك أصدر بوب تافت – محافظ ولاية أوهايو- برقية تهنئة للمسلمين في 7-11-2001 بمناسبة حلول شهر رمضان، كما لعبت منظمة كـيـر دورًا بارزًا في الضغط على مكاتب البريد الأمريكية؛ من أجل إعادة إصدار الطابع البريدي الخاص بمناسبة عيد الفطر المبارك، كذلك حثت المسلمين الأمريكيين على ضرورة المشاركة بشراء الطابع؛ لترويجه، والضغط على مكاتب البريد المحلية لتوفيره، وقد أشادت الكاتبة الأمريكية أنستازيا هندريكس بالدور البارز الذي لعبته الجماعة المسلمة في أمريكا، من أجل رفع معدل بيع الطابع، مستخدمين في ذلك كافة الوسائل المتاحة, ومنها: “حرص الأئمة في المساجد على حث المسلمين على شراء الطابع، كما ناشدت المنظمات الإسلامية المسلمين الأمريكيين عبر الإنترنت على شراء الطابع”(67).
وتأكيدًا على ضرورة اعتراف السلطات الرسمية بأن المسلم الأمريكي هو مواطن أمريكي له نفس الحقوق والحريات، أصدرت منظمة كـيـر بيانًا في 15-12-2001(68) تناشد من خلاله المسلمين عبر الولايات المتحدة بضرورة الاتصال بجون أشكروفت؛ لمطالبته بـ “السماح للمنظمات الإسلامية التي تم تجميد أرصدتها للمثول أمام المحكمة، وإعطاء مزيد من المعلومات عن المحتجزين، وإنهاء التمييز..” ويجدر بنا القول بأن هذا البيان جاء مختلفًا عن المرحلتين السابقتين؛ حيث إنه لم يحمل في طياته لهجة دفاعية, وإنما أصبح خطابًا محدد المطالب.
وقد استطاعت كـيـر عبر هذه المرحلة أن تحقق عددًا من الانتصارات –كما سبق توضيحه- ولكن إنجازها الحقيقي جاء في حصادها لنتاج الجهد الذي بذلته من أجل تفعيل دور المسلمين داخل المجتمع؛ حيث تنامى وعي المسلمين الأمريكيين بأهمية توحدهم وتواجدهم على الساحة الأمريكية، واتخاذهم زمام المبادرة؛ لنقلهم من مجرد أقلية مهمشة، إلى أقلية فعالة قادرة على تنظيم نفسها للضغط والتأثير على القضايا التي تمسها، وهو الأمر الذي عملت كـيـر جاهدة في المرحلتين السابقتين على تحقيقه؛ فقد اتخذ العديد من المسلمين الأمريكيين زمام المبادرة للتوحد داخل المؤسسات التعليمية، أو أماكن العمل التي ينتمون إليها؛ من أجل تكوين جبهة ضغط للدفاع عن القضايا التي تمسهم، وتنمية الوعي بالإسلام.
وعلقت الكاتبة الأمريكية جين لامبمان على هذه الظاهرة في مقال لها في 8-11-2001 بقولها إن: “المسلمين في الجامعات الأمريكية يعملون الآن من أجل خلق مجتمع إسلامي صغير داخل تلك المؤسسات التعليمية…؛ فأحداث سبتمبر دفعتهم إلى التوحد والمشاركة, سواء داخل مؤسساتهم أو في المجتمع بصفة عامة…(69)”. كما أكدت هذه المقالة على تبني المسلمين دورًا هامًا وجديدًا داخل المجتمع الأمريكي؛ كهمزة الوصل بين الإسلام والمجتمع الأمريكي: “التحديات الجديدة التي أفرزتها ضرورة الرد على التساؤلات حول الإسلام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة بالإضافة إلى الانفجار المفاجئ في الاهتمام بالإسلام أعطي المسلمين الإحساس بوجود هدف جديد يجب السعي لتحقيقة…”(70).
ولهذا أقامت منظمة كـيـر برامج تدريبية عبر فروعها المختلفة, بداية بفرع ولاية ميشيغان، وذلك في 1-12-2001. وذلك بهدف: “تدريب الكوادر الجديدة على كيفية إمداد المجتمع بمعلومات عن الإسلام..”(71).
وبالفعل أثمرت جهود الجماعة المسلمة في هذه المرحلة تحقيق بعض الإنجازات الهامة في إطار الاعتراف بالوجود الإسلامي في أمريكا، ومن أمثلة ذلك: الحصول على موافقة لتخصيص مكان للصلاة في العديد من المدارس الأمريكية؛ ليؤدي الطلاب المسلمين شعائر دينهم، ممارسة الضغوط لمساعدة عدد من الموظفين المسلمين على استعادة وظائفهم التي فقدوها في إطار موجة الاضطهاد التي تعرضوا لها بعد 11/9.
وأخيرًا، فإن هذه الدراسة لا تغطي إلا حيزًا محدودًا من أنشطة المنظمات المسلمة في أمريكا، ألا وهو الحيز الخاص بكـيـر.، ومع ذلك فإن قراءتها تقدم بعض الإجابات –في حدود مصداقية النموذج المعتمد عليه كمصدر للمعلومات- عن الجدل حول: هل أضحى مسلمو أمريكا بدورهم ضحية للحرب التي تقودها الإدارة الأمريكية ضد الإرهاب؟ أم أن الفرص التي تكمن في عواقب وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر ما زالت كبيرة، وتقدم الكثير من الآفاق أمام مستقبل الوجود المسلم في الولايات المتحدة الأمريكية وفعاليته؟
الهوامش:
1. يبلغ تعداد المسلمين في أمريكا ما يقرب من سبعة ملايين مسلم، والأعداد في تزايد مستمر؛ حيث يعد الإسلام من أسرع الديانات انتشارًا داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وتتعدد مصادر هذا الوجود المسلم ما بين الأمريكيين المسلمين من أصل أفريقي، والمهاجرين المسلمين من أرجاء العالم الإسلامي العربي، وغير العربي.
2. يعتبر مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “كـيـر” أحد أكبر وأهم المنظمات الإسلامية في أمريكا، والذي تكون في 1994، ويتخصص المجلس في الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين، وتوعية الرأي العام الأمريكي حول الإسلام والمسلمين، وتشجيع مشاركة المسلمين في الحياة السياسية الأمريكية، ويقوم المجلس بإعداد البحوث والدراسات العلمية عن المسلمين في أمريكا. انظر موقعه على شبكة المعلومات الدولية http://www.cair-net.org
3. Minnesota not immune to backlash against Muslims, Associated Press, 26-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال
صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
4. انظر إلى تقرير كـيـر حول الاعتداءات على صفحتها الإلكترونية.
5. Ann Coulter, “Future Widows of America”,
http:// www. townhall.com/columnist/anncoulter, 26-9-2001.
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
6. Mona Charen, “Religious War”,
http://www.townhall.com/columnist/monacharen, 21-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
7. Patricia Anstett, “ Fired or Furloughed ”, Detroit Free Press, 28-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http://www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
8. Somini Sengupta, “ A nation challenged: Muslim Americans torn between Silence and open discussion”, New York Times, 19-9-2001 –
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http://www.cair-net.org، وذلك من اجل رصدها والرد عليها
9. Unveiling Ignorance: In Solidarity with American Muslims, The University of Michigan School of Social work and Nursing, 26-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http://www.cair-net.org،وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
10. انظر: التصريح السابق المنشور على موقع كـيـر الإلكتروني في اليوم المناظر.
11. انظر: موقع كـيـر في اليوم المناظر.
12. انظر: موقع كـيـر في اليوم المناظر.
13. انظر التصريحات السابقة على موقع كـيـر الإلكتروني.
14. انظر التصريحات السابقة المنشورة على موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
15. ACLU Statement on anti-terrorism act of 2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
16. Eric Lichtblau, 352 held, 400 sought in dragnet, Ashcroft says, Los Angeles Times, 25-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
17. Riad Abdel Karim, Questioned by the FBI, Miami Herald, 26-9-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org من أجل رصدها، والرد عليها
18. انظر التصريحات السابقة على موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
19. انظر التصريحات السابقة على موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
20. Riad Abdel Karim- op-cit.
21. Caryn James, Islam and its adherent ride the publicity wave, New York Times, 6-10-2001.
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org، وذلك من أجل رصدها، والرد عليها.
22. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
23. Robert Mally, Faith and Terror, Washington Post, 11-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
24. Karen Armstrong, The true peaceful face of Islam, Time Magazine, 1-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
25. Graham Fuller, Muslims abhor the double standard, LA Times, 5-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
26. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
27. Gregory Kane, Islam as American as other religions, Miami Herald, 10-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
28. Louis Romano and David Fallis, Questions swirl around men held in probe, Washington Post, 15-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
29. David Harris, Profiling by fear, Wall Street Journal, 11-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
30. Don Von Natta, Arrests have yielded little so far, NewYork Times, 21-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
31. Michael Skube, Either you’re a believer or an infidel, Washington Post, 21-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
32. Cal Thomas, Skeptical of the peaceful label, Washington Times, 24-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية
– http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
33. Robert Dreher, Islam according to Oprah, New York Post, 8-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية
– http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
34. Daniel Pipes, Interview in Philadelphia Daily News, 8-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية
– http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
35. Mona Charen, Survival Instinct Vs Political Correctness, Washington Times, 18-10-2001
– هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية
– http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
36. انظر: موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور هذه التصريحات.
37. Arsalan Iftikhar, Understanding Islam, The Washington Post, 25-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
38. Michael Skube, op-cit
39. انظر: موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة.
40. انظر: البيانات المعنية على موقف كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور هذه البيانات.
41. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور هذه التصريحات.
42. Solomon Moore, Religion; Fiery Words, Disputed Meanings, The LA Times, 3-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
43. Deborah Ramirez and Jack Levin, Profiling terrorist not the answer, Boston Herald, 7-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
44. A travesty of justice, NY Times, 16-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
45. Robert Scheer, It is crazy to curtail due process rule, LA Times, 4-12-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
46. Deborah Ramirez and Jack Levin, Profiling Terrorist not the answer, Boston Herald, 7-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر عبر صفحتها الإلكترونية http:///www.cair-net.org وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
47. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور هذه البيانات.
48. Fox Butterfield, Police are split on questioning of Middleeast men, NY Times, 22-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
49. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
50. Thomas, Kindness Offensive, Washington Times, 21-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
51. Interview with congressman Robert Mcinnic, www.cnn.com, 31-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
52. Interview with Daniel Pipes, www.saloon.com
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
53. Interview with Anthony Sullivan, www.insightmg.com, 5-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
54. Karen Armstrong, Understanding Islam, Newsweek, 29-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
55. Karen Armstrong, ibid
56. Paul Robert, multiculturalism nascent stress point, Washington Times, 16-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
57. Daniel Pipes, www.salon.com, 9-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
58. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
59. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
60. Laurie Goodstein, Groups protest Bush’s freezing of foundations assets, NY Times, 5-12-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
61. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
62. Diana west, Islam is in the dark ages, The Washington Times, 26-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
63. Arsalan Iftikhar, Don’t generalize about Muslim response to attacks, The Washington times, 29-10-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
64. تصريحات كـيـر بتاريخ 15-12-2001، انظر: موقعها الإلكتروني.
65. انظر: موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
66. انظر: موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
67. Anastasia Hendrix, Muslims try to boost sales of stamp with Arabic greeting, San Francisco Chronicle, 30-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها والرد عليها.
68. انظر: موقع كير الإلكتروني في التاريخ المناظر.
69. Jane Lampman, In the limelight Muslim students embrace proactive role, Christian Science Monitor, 8-11-2001
هذه مقالة أحالت إليها منظمة كـيـر من خلال صفحتها الإلكترونية، وذلك من أجل رصدها، والرد عليها.
70. Jane Lampman, ibid
71. انظر موقع كـيـر الإلكتروني في الأيام المناظرة لتواريخ صدور التصريحات.
نشر في حولية أمتي في العالم، عدد 2003
للتحميل اضغط هنا