كيف أدارت مصر أزمة كورونا؟ ملاحظات تحليلية حول السياسات الصحية والاقتصادية

تمهيد

دفع انتشار فيروس كورونا المستجد، أغلب دول العالم إلى اتخاذ مجموعة من القرارات المصيرية غير المسبوقة تاريخيًا، في محاولة لإبطاء معدلات سريانه بين البشر، بما أدى إلى حالة شلل شبه كلي لمظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية كافة، حيث انقلبت حياة المجتمعات والدول رأسًا على عقب. وقد تركزت إجراءات الدول على مستويين: أحدهما خارجي، متمثلا في إيقاف السفر بين البلدان عبر تعليق حركة الطيران واغلاق للحدود بشكلٍ شبه كامل تحسبًا لدخول حالات حاملة للفيروس، وهذا الإجراء تشابهت في اتخاذه الدول، وإن تقدم بعضها وتأخر، كما تماثلت إجراءات الدول على المستوى المحلي في اتجاه تقييد حركة الناس واختلاطهم في الأماكن العامة قدر الإمكان، وإن اُختلفت في نطاق تقييد الحركة ما بين موسع لها ومضيق (إغلاق كلي أو جزئي).

اختارت مصر الإغلاق الجزئي مثل كثير من الدول العربية وغير العربية، ويعني الإغلاق الجزئي اتخاذ إجراءات تستهدف تقييد حركة السكان على مستوى القطر وليس منعها بالجملة، وينطبق هذا على حالة مصر، إذ لجأت إلى إغلاق الحدود والمطارات والمدارس والجامعات والمحاكم والمساجد والكنائس والنوادي الرياضية بشكل شبه كلي، بينما لجأت إلى فرض حظر تجوال جزئي لساعات محدودة جرى رفعها بشكلٍ تدريجي، وتركت آلاف المصانع تعمل بكامل طاقتها بغض النظر عن طبيعة منتجاتها ضرورية كانت أو كمالية، كما تركت مئآت الآلاف من المحلات والمنشآت الصغيرة التي يعمل بها ملايين المصريين تعمل بشكلٍ جزئي مع تخفيض ساعات عملها التزامًا بحظر التجوال الجزئي.

كما تُركت وسائل المواصلات العامة والخاصة تعمل بشكل جزئي حتى ساعات الحظر. وهذه الإجراءات كلها يجري تصنيفها باعتبارها إغلاقًا جزئيًا (جربت الحكومة نوعًا من أنواع الإغلاق الكلي فى أجازة عيد الفطر، حيث اتخذت إجراءات بمنع صلاة العيد الجماعية، وحظرت حركة كل وسائل النقل الجماعي، مثل القطارات ومترو الأنفاق والنقل العام، لتقييد حركة السكان بين المحافظات، أيضًا قررت إغلاق كل المولات التجارية والمطاعم والحدائق العامة والشواطىء وأماكن التنزه والترفيه)[1].

وتستهدف هذه الورقة تحليل قرارات الحكومة المصرية على مستوى الإدارة المركزية لأزمة كورونا؛ سواء على المستوى الصحي، عبر تحليل أداء وزارة الصحة وقراراتها تجاه الأزمة، أو على المستوى الاقتصادي، حيث القرارات الاقتصادية التي اتخذتها وزارة المالية ووزارة القوى العاملة لتخفيف حدة الأزمة على المتضررين، فضلا عن تحليل بعض قرارات البنك المركزي المصري خلال الأزمة ودلالاتها بالنسبة للحالة الاقتصادية والمالية للمواطنين. وتعتمد الورقة على طريقة منهاجية بسيطة تقوم على التقاط مجموعة من المشاهد التحليلية النقدية الجامعة التي تصلح لأن تكون وعاءً لتسكين واحتواء تفاصيل الموضوع المتشعبة وما يلحقها من تطورات قدر الإمكان، بما يمكن القارىء من وضع يده على مفاتيح السياسات الرئيسية رصدًا ونقدًا.

أولَا- كيف تعاملت الحكومة على المستوى الصحي؟:

بلغ عدد إصابات كورونا في مصر حوالي86 ألف شخص (من مارس حتى 18 يوليو 2020)، بينما بلغ عدد الوفيات حوالي 4200 تقريبًا. علمًا أن الاصابات في العالم بلغت حوالي 14 مليون شخص مات منهم 600 ألف شخص حتى التاريخ نفسه، وتتصدر دول أمريكا والبرازيل وبريطانيا والمكسيك وإيطاليا المراكز الخمسة الأولى فى العالم من حيث معدلات الإصابة والوفاة [2]، بينما تقع مصر في مراكز متوسطة عالميًا، وإن تقدم ترتيبها بين دول أفريقيا المصابة[3]. وتشير منظمة الصحة العالمية في منشوراتها دائمًا إلى أن هذه التصنيفات قد لا تعكس الواقع؛ نظرًا لضعف إمكانيات كثير من الدول في الكشف عن المصابين وتتبع المخالطين لهم ورصد أعدادهم وإحصائها بدقة، بما يجعل الأرقام المعلنة أقل بكثير من المحقق فعلا[4]، ويصدق هذا التنويه على مصر لأسباب عدة سيأتي ذكرها في سياق الملاحطات التحليلية الآتية:

الملاحظة الأولى: طريقة الإعلان عن دخول الوباء مصر

ظلت وزارة الصحة المصرية تنكر الاعتراف بوجود فيروس كورونا في البلاد لأسابيع إلى أن أعلنت أكثر من دولة أجنبية عن استقبالها سائحين مصابين بالفيروس عائدين من مصر[5]، ولم تلجأ الحكومة إلى سياسة الإغلاق الجزئي وحظر التجوال وغيرها من الاجراءات الاحترازية إلا بعد أن صنفت منظمة الصحة العالمية حالة الفيروس بالجائحة أو الوباء العالمي في 11 مارس 2020[6]، كما لم تفرض حظرًا للطيران الخارجي إلا متأخرا (أسابيع مقارنةً بدول العالم)، وظلت تستقبل الرحلات السياحية من دول آسيا بشكل طبيعي إلى أن أضطرت للإغلاق في مارس. ويمكن تلخيص موقف الحكومة المصرية الغريب من مسألة الإعلان في تصريح مبكر لوزيرة الصحة المصرية د.هالة زايد (6 فبراير 2020)، تحدثت فيه عن الفيروسات التي تصيب الجسد وقلة خطورتها مقارنةً بالفيروسات التي تصيب الأخلاق، تقول الوزيرة “الخوف على البلد ليس من فيروس كورونا، الخوف الأكيد من الفيروس الذي يصيب الأخلاق والقيم، ذلك الأشد تدميرًا للشعوب والدول”[7].

الملاحظة الثاني: حصر التحاليل بمعامل الوزارة

قيدت وزارة الصحة من إمكانيات إجراء التحاليل الطبية لكل من يشك في حالته الأطباء بالمستشفيات الحكومية كما حصرت أماكن التحاليل بمعامل الوزارة فقط[8]، مانعةً إجرائها في أي معامل خاصة. ثمة تفسيرًا لهذا القرار يُعزى إلى التكلفة المالية التي قدرتها الوزارة بحوالي 1000 جنيه (64 دولار) للتحليل الواحد[9]، بما يعني أنها لو فتحت المجال لإجراء التحليل لكل من يُشتبه في حالته، لخصصت مليارات الدولارات لاستيراد المواد اللازمة لاختبار ملايين الحالات (فمواد التحاليل لا تُصنع محليًا) على مدار مدة زمنية مفتوحة لا يُعلم مداها.

يُرد على ذلك باعتراض معقول المعنى، إذ لو كانت المشكلة في التكلفة، فلماذا لم تتح الفرصة للمعامل الخاصة أن تُجريها على نفقة القادر من المواطنين أو أن تُجريها بتسعيرة معقولة تحت إشراف الوزارة؟! بما يعني أن ثمة عاملا آخر يفسر تقييد التحاليل، لعله يتعلق برغبة حكومية في السيطرة على الوضع من خلال التحكم في مصادر البيانات الأساسية عن الإصابات والوفيات، إذ لو فُتح المجال لتحاليل أكثر، لاتضح زيادة الحالات أضعاف أضعاف الأرقام المعلنة، بما يؤدي إلى إرباك الحكومة والنظام الصحي وربما انهياره، ولعل هذا ما يفسر أيضًا حصر الوزارة لأماكن عمل التحاليل بمعامل الوزارة المركزية فقط، بما يضمن التحكم في البيانات والمعلومات دون مشاركة مع غيرها. انتبهت بعض المعامل إلى هذه النقطة تحديدًا، وحاولت تطمين الوزارة إلى أنها ستلتزم بسرية البيانات، إذا سمحت لها بالمشاركة في إجراء التحاليل للمواطنين، لكن الوزارة لم تستجب لطلبها[10].

الملاحظة الثالثة: التمييز بين المواطنين في اختبار كورونا

ارتفعت شكاوى المواطنين وبُحت حناجرهم من الاستغاثة والصراخ أمام المستشفيات الحكومية (مشاهد ذلك كثيرة)، بسبب رفض الأطباء أخذ عينات منهم للتأكد من تشخيص حالتهم، وقد وقع الأطباء في تلك الأزمة بسبب سياسة الوزارة في تقييد شروط أخذ المسحة اللازمة لاختبار كورونا، والتي شددت على استثناء من به أعراض خفيفة أو متوسطة خاصة لو كان من فئات عمرية حديثة أو متوسطة السن، أو غير مخالطة لأي مريض تأكدت إصابته بكورونا[11]. كل هذا أوقع الأطباء في مأزق اضطرهم إلى سياسة “التطفيش”، بأشكال مختلفة بدأت بتشديد الأمن على بوابات المستشفيات الحكومية لمنع دخول الحالات التي تبدو طفيفة، ثم امتدت إلى مطالبة المرضى باجراء أشعة على الصدر وتحاليل دم (معتادة) في المعامل الخاصة، كشرط للنظر في إمكانية إجراء تحليل كورونا من عدمه، كما صار بعض الأطباء ينصح المرضى-إشفاقًا- بالابتعاد عن المستشفيات وعدم الاهتمام بإجراء تحليل كورونا من أصله (من باب حتى لو علمت، فلن يفيد، لعدم وجود علاج محدد يمكن الوثوق به)، ومن ثم أصبح بعض الأطباء ينصح المرضى باللجوء إلى العزل المنزلي وعمل كمادات باردة (في حالة ارتفاع الحرارة)، مع تناول بعض الأدوية المعروفة (كالمضادات الحيوية المحددة لمثل هذه الحالات)، والأعشاب الطبيعية، مع متابعة دورية لطبيب باطنة أو صدر بالمكان الذي تقطن فيه، وهم كثر.

وفق هذه المعادلة لم يعد في استطاعة أي مريض الاطمئنان على نفسه، إلا إذا كان قادرًا على الدخول إلى مستشفى خاص باهظة التكاليف، هناك فقط يمكنه الاطمئنان إلى أنهم سيجرون له كافة التحاليل المطلوبة وربما غير المطلوبة أيضًا. المفارقة الأكبر في هذا السياق، تتعلق بامتداد ظاهرة تضييق إجراء التحاليل إلى الأطباء والممرضين في المستشفيات الحكومية ذاتها، فقد علت أصواتهم من الشكوى للسماح لهم بإجراء مسحات للاطمئنان على أنفسهم باعتبارهم مخالطين أو معالجين للمرضى بغض النظر عن ظهور الأعراض من عدمه[12].

دافعت الوزارة عن موقفها وقالت إنها تخصص دور (طابق) بكل مستشفى عزل بسعة 20 سريرًا لعلاج المصابين من الأطقم الطبية، كما قالت إنها تجري تحليل لكافة الأطقم الطبية، عند دخولهم المستشفى لقيامهم بمهام عملهم، وأيضًا عند خروجهم من المستشفى، بعد انتهاء عملهم منها بواقع 14 يوم عمل، و14 يوم إجازة. كما رأت الوزارة بأن مطالبتها بإجراء مسحة لكل الأطباء كل يوم، غير ممكن وغير مجدي، فقد تظهر اليوم نتيجة تحليل الطبيب سلبية، وغدًا إيجابية نتيجة انتقال العدوى إليه بطريقة أو بأخرى، هكذا قال رئيس المعامل المركزية بوزارة الصحة[13]. لذا فقد حددت الوزارة شروطًا لأخذ المسحات من الأطباء تقتصر على من ظهر عليه الأعراض أو خالط مصابًا بكورونا. (وعدت الوزارة بالتوسع في تحاليل الأطباء بعد موجة من السخط بسبب موت عدد من الأطباء والممرضين، وتهديدات بالاستقالة الجماعية وتدخل نقابة الأطباء)[14].

في مقابل التقييد على المواطنين والأطباء، بدت وزارة الصحة في المقابل سريعة الاستجابة لاستغاثة المشاهير من أهل الفن على سبيل المثال، كما في حالة الفنانة رجاء الجداوي وفريق عمل مسلسل لعبة النسيان (وهو لا شك حق إنساني لهم، لكن العبرة في التمييز)[15]. فقد شكرت أميرة مختار، الابنة الوحيدة لرجاء الجداوي وزيرة الصحة على إنقاذ والدتها (فجرًا) بعد ارتفاع مفاجىء في درجة حرارتها قائلة: “ما رأيته يدعو للفخر بحكومتنا، وزيرة الصحة في قمة الاحترام والتقدير، فقد أرسلت سيارة إسعاف مجهزة لوالدتي فورًا لنقلها إلى مستشفي العزل”[16]. كان من اللافت في حديث لاحق لهذه الابنة، أنها كانت تفكر في نقل والدتها لمستشفى خاص إلا أن وزيرة الصحة هي من أثنتها عن ذلك، وشجعتها على نقلها إلى مستشفى العزل الحكومي بالإسماعيلية لجودة تجهيزها[17].

امتد الاهتمام بالمشاهير إلى لاعبي كرة القدم ولكن بطريقة جماعية ودون اشتراط ظهور أعراض، فقد أعلن اتحاد الكرة المصري عن تعاقده مع إحدى الشركات للقيام بعمل مسحات وقائية للاعبي أندية الدوري الممتاز لكرة القدم وتحمل وزارة الشباب والرياضة لتكاليف ذلك. يقول وليد العطار المدير التنفيذي للاتحاد المصري لكرة القدم: “الدولة ستتحمل تكاليف المسحتين الأولى والثانية للأندية قبل بدء التدريبات، كما ستقوم بمسحتين أسبوعيًا لكل فريق من أندية الدوري قبل استئناف المسابقة وخلال المباريات”[18].

ربما يتسائل البعض، هل الأندية التي تتنافس على شراء اللاعبين بالملايين سنويًا، بحاجة إلى مثل هذا الدعم الحكومي السخي؟! وهل هذا من أولويات الإنفاق في ظل ظروف وباء؟ من مفارقات المشهد انتقاد نادي مصر -أحد الأندية الصغيرة الصاعدة للدوري الممتاز حديثًا- لهذا القرار، وتوصيته الاتحاد بالتبرع بحصته من هذه التحاليل المجانية إلى من يحتاجها من المواطنين[19]. المفارقة الأكبر ما تعرض له موقف النادي من انتقادت حادة صدرت من شخصيات مشهورة في الوسط الرياضي، على سبيل المثال قال أحمد حسام المشهور بميدو المدير الفني السابق لنادي الزمالك: “قرار نادي مصر أصفه بـ(المنظرة) حتى لا أكون قاسيًا، لا يصح أن (تتمنظر) على الحكومة مع احترامي لجميع مسؤولي الأندية، ولا يجوز لناد مصري اسمه نادي مصر أن يستغل موقفًا ويكسب قضيته في أمر ما بتلك الطريقة”[20]. في الاتجاه نفسه، انتقد نادر شوقي المدير التنفيذي لنادي الجونة قرار نادي مصر، ووصفه بـ “مزايدة غير مقبولة على حب الوطن”[21]. من الجيد أيضًا لفت الانتباه إلى أن اتحاد الكرة لم يفكر في لاعبي دوري الدرجة الثانية أو الثالثة لكرة القدم على مستوى الجمهورية، كما لم يفكر أحد في لاعبي الرياضات الأخرى.

الملاحظة الرابعة: مشكلات في تشخيص كورونا

ثمة ملاحظة مكملة في هذا السياق تتعلق بتغيير الوزارة إرشاداتها للأطباء والمرضى رسميًا باعتبار كل من يظهر عليه أعراض الحرارة أو الإسهال أو ضيق التنفس مريضًا بكورونا وإعطائه مجموعة أدوية محددة ونصحه بالعزل المنزلي دون الذهاب أو البقاء في المستشفى. ويمثل هذا قلبًا لمنظومة التشخيص القائمة بالأساس على صعوبة التمييز بالأعراض لتشابهها مع عائلة الأمراض المتصلة بالأنفلونزا الموسمية، كما يصب هذا الإجراء في اتجاه الإبقاء على سياسة تقليل عدد التحاليل أو تهميشها مع الوقت، فضلا عما يعنيه نصح المريض بالعزل المنزلي من تخفيف على المستشفيات ودرجة استقبالها للمرضى. يقول إيهاب عطية مدير إدارة مكافحة العدوى بوزارة الصحة المصرية: “تخطينا مرحلة إجراء مسحات PCR للأطباء والمواطنين في الوقت الحالي. نحن الآن في مرحلة الأعراض، فإذا كان الشخص لديه أعراض يتم حجزه دون PCR، وعندما يتم شفاؤه يخرج من المستشفى دونه أيضًا”. اللطيف إنه حاول الاستشهاد بدول أوربية: “هذه الخطوات اتخذتها دول إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا، فلو أخدنا 10 أشخاص على سبيل المثال سنجد بينهم حالات إصابة بشكل عشوائي من أي مكان في المجتمع”[22].

الملاحظة الخامسة: مستشفيات ذات لوائح خاصة:

رفضت الحكومة المصرية طلبًا من نقابة الأطباء بفتح المستشفيات العسكرية والشرطية لاستقبال المرضى في مفارقة غريبة سياقًا ومضمونًا، إذ السياق وباء يمر به العالم أجمع ويحتاج إلى تكاتف جميع الجهود الحكومية والخاصة، فما بالنا برفض المؤسسات الحكومية فتح مستشفياتها لتخفيف الضغط على شقيقاتها من المستشفيات الحكومية الأخرى التابعة لوزارة الصحة. كما امتد الرفض إلى مستشفيات أخرى تابعة لوزارات أخرى مثل وزارات البترول والطيران والاتصالات، هيئة السكة الحديد، وغير ذلك[23]. تعللت الحكومة في رفضها تخصيص بعض مستشفيات الجيش والشرطة بأن لها وضعًا خاصًا تحكمه لوائح وقوانين مختلفة[24]، ولا ينطبق على هذا التعلل إلا المثل العربي الشهير “عذر أقبح من ذنب”، إذ كيف تعقل هذه الحجة في ظل أزمة تكاد تعصف بالبلاد والعباد! (ألمح رئيس الوزراء فيما بعد إلى إمكانية استخدام بعض مستشفيات القوات المسلحة والشرطة إذا دعت الحاجة)[25].

الملاحظة السادسة: القطاع الخاص ومقاومة التسعير

غالت المستشفيات الخاصة في تكاليف الخدمة الصحية لمرضى فيروس كورونا حتى وصلت تكلفة الليلة الواحدة إلى عشرين ألف وأحيانًا إلى أربعين ألف جنيه بل وتسعين ألف جنيه وفقًا لأحد نواب البرلمان المصري الحالي (ربما تكون مبالغة منه)[26]. لم تفكر وزارة الصحة في إلزام هذه المستشفيات بفتح أبوابها لاستقبال المرضى لا بطريقة الترغيب المالي أو الترهيب السياسي والقانوني، وأقصى ما فكرت فيه الوزارة تخفيف أسعار الخدمة الطبية عبر فرض تسعيرة مرنة تمكن فقراء الطبقات الغنية أو أدنى الفئات الميسورة من تلقي العلاج بالمستشفيات الخاصة كي لا تبقى حكرًا على الشرائح العليا من طبقات الأغنياء، أما عموم عموم الشعب من الطبقات المتوسطة والفقيرة فلا تبدو التسعيرة المقترحة في متناولهم (تكلفة اليوم الواحدة للبقاء في العزل الطبي بالمستشفى من 1500 إلى 3000 جنيه، تكلفة اليوم لاستخدام رعاية مركزة بتنفس صناعي من 7500 إلى 10000 جنيه، تكلفة اليوم لاستخدام رعاية مركزة بلا تنفس من 5000 إلى 7000 جنيه)[27]. علمًا أنه يُقدر عدد الأسرة بالمستشفيات الخاصة بحوالي 60 ألف سرير من إجمالي 130 الف سرير بجميع الكيانات الطبية الحكومية والخاصة. ويبلغ عدد الأسرة المخصصة من وزارة الصحة لعلاج مرضى كورونا حوالى 30 ألف سرير، تستوعب ما بين 64 إلى 180 ألف مريض تقريبًا.

مع ذلك رفضت المستشفيات الخاصة التسعيرة، وأعلنت عدم التزامها باستقبال مرضى كورونا ما لم يتم إعادة التفاوض على أسعار خدماتها الطبية، وصولا إلى ما يسمونه “سعرًا عادلا”. رفضت المستشفيات، وسكتت الحكومة ولم تحرك ساكنًا لا تلميحًا ولا تصريحًا ولا تلويحًا، وكأننا في حالة طبيعية تحتمل الامتناع عن استقبال المرضى لأي سبب، فما بالك بالرفض لأسباب تتعلق بأن هامش الربح المتوقع من التسعيرة الحكومية غير مناسب. قارن ذلك بما فعلته أسبانيا من تأميم مؤقت للمستشفيات الخاصة طوال فترة الوباء[28]، وبما فعلته إنجلترا من تأجير المستشفيات الخاصة، وكذلك قارنه بما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية من إجبار الشركات والمصانع الخاصة مثل جنرال موتورز بتغيير نشاطها للعمل بكافة طاقتها في مجال إنتاج أجهزة التنفس الصناعي وكذلك إلزامها بمنع التصدير إلا بعد تلبية الطلب المحلي.

ثمة تفسير مركب من خمسة أسباب يساعد على فهم الموقف الحكومي الضعيف تجاه المستشفيات الخاصة: أول سبب يتعلق برفض الحكومة فتح مستشفيات وزارات أخرى (غير وزارة الصحة) أمام المرضى مثل مستشفيات (وزارة الدفاع – وزارة الداخلية –وزارة الطيران المدنى – وزارة البترول –وزارة النقل – وزارة الاتصالات، وغيرها). إذا كانت الحكومة لم ترغب أو لم تستطع إقناع أو إلزام القطاع الصحي لهيئاتها بمساعدة وزارة الصحة في تحمل العبء، فكيف يمكنها فعل ذلك مع القطاع الطبي الخاص! السبب الثاني يتعلق بهيمنة شركات إماراتية على شريحة كبيرة من مستشفيات القطاع الخاص، بما يعني أن أي قرار خشن مع هذه المستشفيات ربما يؤدي إلى مشكلة مع حكومة دولة الإمارات ذات العلاقة الوثيقة مع النظام الحاكم في مصر.

أما السبب الثالث فيتعلق بمسألة التفاوض المالي بين الحكومة والقطاع الطبي الخاص والتي تنطلق من فكرة تحميل القطاع الخاص لجزء من التكلفة من خلال التفاوض على سعر الخدمة، بما يعني خفض أرباحه خلال فترة الوباء بشكلٍ أو بآخر. ولم تطلب الحكومة التفاوض حول تأجير تلك المستشفيات (كليًا أو جزئيًا) على غرار إنجلترا[29]، كما لم تطلب التفاوض أيضًا بشأن استقبال عدد من المرضى غير القادرين ودفع تكلفة علاجهم، وأخيرًا لم تستطع إلزام المستشفيات بالتسعيرة التي ترى أنها تحقق للقطاع الخاص هامش ربح معقول. السبب الرابع يتعلق بتعامل المستشفيات الخاصة مع فئة من الميسورين والأغنياء ممن لديهم القدرة على الدفع مهما زادت تكلفة الخدمة الصحية بما يحقق أرباح خيالية لا تجعلها مضطرة لاستقبال مزيد من المرضى من الطبقات المتوسطة بأسعار أقل ولو كانت مربحة، ورربما توافقت الأطقم الطبية في تلك المستشفيات على هذا المنطق لاعتبارات صحية كذلك، حيث الخوف من علاج حالات أكثر، والخوف من ازدحام المستشفيات.

يعني هذا في التحليل الأخير أن المستشفيات الخاصة ليس لديها ما يغريها للاستجابة لتسعيرة الحكومة واستقبال حالات أكثر، طالما أن عوائدها من علاج حالات أقل أعلى بكثير ويتواءم مع رغبة الأطقم الطبية فيها، كما يعني صمت الحكومة أن هذا القطاع لم يجد أمامه ما يرهبه أيضًا. أما السبب الخامس فيختص بانخراط شخصيات من القطاع الطبي الخاص في عملية صناعة القرار الصحي الحكومي خلال أزمة كورونا (يشغل د.عوض تاج الدين منصب مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الطبية وعضو اللجنة العليا لمواجهة أزمة كورونا، وفي الوقت ذاته يشغل عضوية مجلس إدارة مجموعة مستشفيات كليوباترا، وهي أكبر مجموعة تدير مستشفيات خاصة في مصر[30].

الملاحظة السابعة: قرارات بلا مقاصد وإجراءت عكس الغرض

اضطرت الحكومة المصرية إلى سياسة الإغلاق العام للبلاد أسوةً بأغلب دول العالم، إلا أنها لم تلجأ إلى الإغلاق الكامل، كما في حالة إيطاليا وبعض الدول الأوربية، بل اتخذت نهج الإغلاق الجزئي، كما فعلت دول أخرى، عربية وآسيوية وأفريقية ولاتيتينة وكذلك أوربية. ترتيبًا على ذلك أصدرت الحكومة المصرية سلسلة إجراءات يبدو بعضها معقول المعنى والهدف (كما في إجراءات إغلاق الحدود والمطارات والمدارس والجامعات وربما المحاكم)، بينما تبدو إجراءات أخرى متناقضة وغير معقولة الغرض، ففي الوقت الذي أغلقت فيه المساجد على نظافتها وخفة روادها طوال الأسبوع، ظلت وسائل المواصلات العامة تعمل على كثافتها وشدة ازدحامها في محافظات تتسم بطبيعها بمعدلات كثافة سكانية عالية، كما في حالات القاهرة والجيزة والقليوبية (المترو نموذجًا).

ثمة تناقض آخر بين قرار حظر التجوال من ناحية، وعدم إجبار الحكومة لشركات القطاع الخاص بأن تمنح موظفيها إجازات مؤقتة من ناحية أخرى، فقد اكتفت الحكومة بمنح موظفيها إجازات طويلة باستثناء القطاعات الضرورية التي لجأت فيها لسياسة التناوب بين الموظفين (شرطة- مستشفيات-كهرباء –مياه- غاز –اتصالات). أخذًا في الاعتبار أنه يبلغ عدد موظفي الحكومة حاليًا 5.6 مليون موظف بما يشكل خمس قوة العمل في مصر تقريبًا (29 مليون شخص، يعمل أغلبهم في القطاع الخاص، إما في شركات أو أعمال خاصة أو حرفية أو أعمال غير منتظمة). مثل هذا التناقض أدى إلى حشر ملايين الموظفين والعمال في وسائل مواصلات عامة تعاني الأمرين في الظروف الطبيعية (خاصة في المحافظات الكثيفة –كما سلف الذكر)، فمال بالك بظروف استثنائية مقيدة بمواعيد حظر التجوال (كما في حالة المترو)، بما أفضى إلى شدة الازدحام في الساعات الأخيرة على نحوٍ يتنافى كليًا مع غاية إجراءات محاصرة انتشار العدوى. ويلحق بهذا التناقض أيضًا قرار إغلاق المحلات العامة والخاصة بعد ساعات معينة وحظر الأسواق العامة في المدن والقرى والمحافظات؛ بما أدى إلى حالة من الفوضى والازدحام والاستغلال خلال ساعات ما قبل الحظر.

التناقض نفسه اتسمت به إجراءات الفتح، إذ لجأت الحكومة على سببيل المثال إلى إعادة فتح المقاهي والمطاعم، رغم كونها أماكن مغلقة في أغلبها، بينما أصرت على إرجاء فتح الحدائق العامة والشواطىء إلى حين، رغم كونها أماكن مفتوحة في عمومها. وكأن الحكومة أرادت من حيث لا تدري محاصرة الفيروس في الأماكن المفتوحة ودفعه إلى الأماكن المغلقة.

ثمة إجراءات أخرى على النقيض تمامًا من احتياجات الأزمة -مثلما أُشير- كما في قرار منع مراكز التحاليل الخاصة من إجراء تحاليل كورونا للمواطنين، وحصره على المعامل المركزية لوزارة الصحة مع التشديد على الأطباء في المستشفيات الحكومية بعدم التوسع في أخذ عينات من المصابين إلا بشروط معينة، فلا الوزارة سمحت بإجراء المسحة ولا تركت غيرها يفعل، مع إنه كان بإمكانها أن تستعين بالخاص تحت إشراف مؤقت. إذا أضفنا إلى ذلك مسألة ارتفاع الإصابات والوفيات بشكلٍ مضاعف بالتزامن مع تخفيف إجراءات الحظر أكثر من مرة دون تفسير معقول من الحكومة، يمكننا فهم الارتباك الحاصل على مستوى اجراءات الإغلاق والفتح ككل.

لعل السبب في ذلك يرجع إلى افتقار سياسة الإغلاق من البداية إلى تحديد فئة مستهدفة بعينها، بما جعلها تبدو موجهة لجميع السكان بجميع شرائحهم (أصحاء ومرضى)، (شباب وشيوخ وأطفال)، (رجال ونساء)، وربما كان ذلك سببًا في ارتباك غالب الإجراءات وتناقضها مع بعضها البعض. وربما لو استهدفت الحكومة منذ البداية فئة المصابين بعائلة فيروسات نزلات البرد جمعيها لكان ذلك أنجح وأنجع. كما افتقرت سياسة الإغلاق إلى مشاركة الأهالي ومبادراتهم، واقتصر تنفيذها على أجهزة الحكومة التنفيذية على ما تعانيه من ترهل وضعف لا يخفى على ملاحظ في الظروف العادية فما بالك بالاستثنائية، يشمل ذلك أداء الوزارات، المحافظات، المحليات، وغيرها (تجدر الإشارة إلى أن الحكومة هاجمت محاولة بعض الأهالي بمدينة الرحمانية محافظة البحيرة لإقامة مستشفى عزل ميداني للمصابين على نفقتهم[31]. ذلك بينما قد توصل خبراء أجانب، درسوا تجارب الدول الأفريقية في مقاومة أوبئة سابقة آخرها الإيبولا، إلى نتيجة مهمة في هذا السياق، مفادها أن الأهالي والقبائل يمثلون مفتاحًا للحل وليس المشكلة، كما يتصور البعض في مجال مكافحة الأوبئة[32].

ثانيًا- كيف تعاملت الحكومة على المستوى الاقتصادي:

أعلنت الحكومة في وقتٍ مبكر من الأزمة (مارس 2020) عن حزمة إنقاذ بقيمة 100 مليار جنيه لدعم القطاعات المتضررة من تداعيات فيروس كورونا. تلى ذلك عدة قرارات متنوعة من وزارات المالية والقوى العاملة والتضامن الاجتماعي والتجارة والصناعة، إضافة إلى عدة قرارات من البنك المركزي المصري، تستهدف جميعها تخفيف حدة الأزمة بالنسبة للمتضررين وكذلك توفير سيولة مالية للحكومة لمواجهة الأزمة، وقد حصلت بعض قرارات الحكومة على المدح والإشادة بينما تعرضت قرارات أخرى للنقد من عدة أوجه نُجملها في الملاحظات التحليلية الآتية:

الملاحظة الأولى: كيف دُبرت ميزانية مواجهة الأزمة؟

أعلنت الحكومة المصرية في وقتٍ مبكر من الأزمة (14 مارس2020[33] عن تخصيص مبلغ 100 مليار جنيه لتعويض المتضررين من تداعيات فيروس كورونا وسياسة الإغلاق الجزئي التي اُضطرت إليها، كما فعلت أغلب حكومات دول العالم. تساءل البعض من أين دبرت أو ستدبر الحكومة هذا المبلغ؟، فأجاب رئيس الجمهورية بطريقة عجيبة ومحيرة لم توضح شيءً “مفادها أن مصر ليست قليلة”[34].

اجتمع البنك المركزي بعد يومين من تصريح الرئيس (16 مارس2020) وقرر خفض الفائدة على الاقتراض من البنوك بشكلٍ غير مسبوق منذ عقود (3% دفعةً واحدة) لتنخفض من 12 % إلى 9% تقريبًا[35]. لم يتوقع أكثر الاقتصاديين جرأة أن يقدم البنك المركزي على هذا الخفض الحاد، لكن ما علاقة خفض الفائدة بالسؤال عن مصدر الـ100 مليار جنيه؟. الإجابة في الإشارة إلى أن الحكومة تعد أكبر مقترض من البنوك في مصر، وذلك عبر “إذون وسندات الخزانة” التي تطرحها وزارة المالية باستمرار لتمويل عجز الموازنة (يقدر بنحو 450 مليار جنيه في موازنة 2020-2021). يعني هذا أن تكلفة الاقتراض بالنسبة للحكومة ستقل بنسبة 3%، بما يترتب عليه وفر في بند تكلفة الاقتراض الحكومي خلال عام، وربما أكثر إذا لم يُقرر البنك المركزي رفع الفائدة في وقتٍ لاحق. إذا أضفنا لما سبق جزئية أخرى تختص بخريطة الوادئع في البنوك ومن يملكها، ستكتمل الصورة. لك أن تعرف أن ودائع القطاع العائلي تمثل أكثر من 82 % من إجمالي الودائع في البنوك والتي تقدر بنحو 4.4 تريليون جنيه وفقًا لآخر إحصاء صادر من البنك المركزي المصري[36].

يعنى هذا أن مبلغ الـ100 مليار جنيه قد اُستُقطع من أرباح صغار ومتوسطي المودعين (القطاع العائلي) الذين سيحصلون على عوائد أقل بنسبة 3% عن السابق، وسيضطرون إلى تجديد عقود ودائعهم مع البنوك وفقًا لذلك؛ بسبب ظروف السوق التي لا تشجعهم على سحبها واستثمارها في بدائل أخرى، فضلا عن من سيقومون بالإيداع في الوقت الحالي لنفس الظروف التي تضطرهم للبنوك كملاذ أخير ولو بفائدة أقل. هكذا سحبت الحكومة الـ 100 مليار وأكثر من مدخرات المصريين. في المقابل أدرك البنك المركزي حجم الضرر الذي سيقع على ودائع القطاع العائلي من قرار الخفض الحاد للفائدة، فأقر شهادة استثمار استثنائية للموظفين وأصحاب المعاشات بفائدة 15% لمدة سنة واحدة (استفاد منها 850 ألف مودع صغير بإجمالي مبالغ وصلت إلى 150 مليار جنيه وفقًا لاحصائيات البنك الأهلي وبنك مصر[37]. نفس الإجراء فعله بعد تعويم سعر العملة المحلية في 2016 عبر طرح شهادات استثمار بفائدة لم تحصل من قبل في تاريخ البنوك المصرية (20%).

الملاحظة الثانية: كيف أُنفقت حزمة الإنقاذ؟ وعلى من؟

استخدمت الحكومة هذا المبلغ في عدة أوجه، أولها دعم قطاع الصحة بحوالي 3.8 مليار جنيه (أجور ومستلزمات طبية[38]، ثانيها دعم شريحة من العمالة غير المنتظمة (2 مليون تقريبًا)، بإجمالي مبلغ حوالي 3 مليار جنيه (1500 جنيه كل عامل يُصرف له 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر[39]. أما بالنسبة لأصحاب المصانع والشركات، فحصلوا على حزمة من الدعم الحكومي متنوع الأشكال، بعضها جاء في شكل تخفيضات على أسعار الكهرباء والغاز لمدة ثلاث سنوات، وبعضها في تأجيل سداد الضرائب وأقساط القروض لمدة ستة أشهر، وبعضها في الحصول على قروض مخصوصة بنسبة فوائد 5-8% لتسهيل سداد الرواتب للعاملين، فضلا عن الاستفادة من قرار خفض الفائدة على الاقتراض 3% (شركات القطاع الخاص ثان أكبر مقترض بعد الحكومة). كما حصل المضاربون والمستثمرون في البورصة على إعفاءات ضريبية نهائية على أي معاملات بيع وشراء للأسهم داخل البورصة، كذلك حصل هؤلاء المضاربون على إعفاءات من الرسوم الخفيفة التي كانت تُؤدى إلى هيئات سوق المال (إدارة البورصة والرقابة المالية وشركة مصر المقاصة)، كما أعلن البنك المركزي عن مبلغ ضخم (20مليار جنيه) لإنقاذ الأسهم المنهارة في البورصة المصرية، أيضًا ضخ البنك الأهلي وبنك مصر 3 مليار جنيه في شراء أسهم منهارة. من مفارقات الحكومة فيما بعد أن تلجأ إلى تشريع قانون يمنحها الحق في خصم 1% من دخول الموظفين (حكومي-خاص) وأصحاب المعاشات لمدة عام يبدأ من يوليو 2020.

تعرض إنفاق الحكومة لانتقادات طبقية واسعة، وانضم إلى النقاد -للمفارقة- نجيب ساويرس أحد أكبر رجال الأعمال المصريين، ود.محمود محيي الدين وزير الاستثمار السابق والنائب الأول للبنك الدولي سابقًا. انتتقد ساويرس خطة الحكومة لدعم البورصة بهذا المبلغ الضخم رغم وجود عدة شركات مملوكة له في البورصة: “عندما تدعم البورصة فأنت تدعم الشركات على الورق فقط.. لقد دعمت شخصًا لشراء سهم ليس له فائدة لأن الأصل في قيمة الشركة هو العمل والإنتاج”.. ذلك أنه يعتبر ألا فائدة من الأمر طالما لم يعد العمال إلى العمل والإنتاج على نحوٍ يرفع أسهم الشركات فعليًا، وبالتالي فالأجدى أن تذهب أموال الدعم تلك إلى العمال المتضررين وليس البورصة[40].

أما محمود محيي الدين فقد انتقد مقولة “البورصة مرآة للاقتصاد” الشائعة في أوساط الاقتصاديين بلغة مختلطة بين الجد والمزاح[41]: “موضوع البورصة كمرآة مبالغ فيه، اللهم إلا إذا أخذنا في الاعتبار أن المرايا أنواع: مستوية ومقعرة ومحدبة؛ وهناك أخرى مكسورة ومشوهة. الأصل أن البورصة سوق لتداول الأوراق المالية، وهي مجال هام للاستثمار وللتمويل والتوسع، وكذلك التخارج لشركات مسجلة، لكن لا توجد أدلة دامغة على أن البورصة مرآة للاقتصاد الحقيقي، الاقتصاد الحقيقي له محدداته ومؤشراته المختلفة. ستظل العلاقة بين الشارع المالي والشارع الاقتصادي أكثر تعقيدًا واختلافًا عما يُصوره أصحاب المرايا”[42].

الملاحظة الثالثة: الاقتراض من الخارج أثناء الأزمة

على عكس التعامل في الداخل في خفض الفائدة بشكلٍ حاد، تعاملت الحكومة في الخارج بشكلٍ سخي للغاية مع المقرضين الأجانب، فقد أعلنت وزارة المالية عن أكبر طرح سندات خارجية في تاريخها بقيمة 5 مليار دولار بنسب فائدة تتراوح بين 6% إلى 9% حسب مدة السداد، وذلك تحسبًا لنقص موارد الدولار (قناة السويس –تحويلات العاملين – السياحة – الاستثمارات الأجنبية –تحويلات الأجانب من مصر). ويبدو أن أسعار الفائدة التي طرحتها الحكومة كانت مغرية للأجانب بشكلٍ ملفت لنظر المتابعين، إذ تلقت مصر بعد ساعات من إعلانها طلبات أجنبية مستعدة لإقراضها حتى 22 مليار دولار وليس 5 مليار دولار فقط، بما يعني تغطية الطرح حوالي خمس مرات تقريبًا.

يُثير هذا التكالب السريع على السندات المصرية استفهامات مختلفة، حول سعر الفائدة الذي طرحته مصر، وما إذا كان مغريًا بما فيه الكفاية للمستثمرين والمضاربين الدوليين، وهل كان الطرح سيُغطى ولو مرة واحدة لو طرحت مصر أسعار فائدة أقل، بما يقلل من تكلفة الدين وخدمته (ملايين الدولارات) بالنسبة للأجيال القادمة. كما يُثير الموقف أيضًا تساؤلات حول مدى جدية قراءة وزارة المالية لأوضاع العالم المالية والاقتصادية في ظل أزمة كورونا، وكذلك مدى  تقديرها للسنوات القادمة (يمر العالم بحالة ركود غير مسبوقة دفعت بأسعار الفائدة على الدولار واليورو إلى الاقتراب من الصفر).

دافع وزير المالية المصري محمد معيط عن أسعار الفائدة المرتفعة على السندات بالقول إن معدلها لا يزال أقل من أسعار الفائدة التي طرحتها مصر على سندات العام السابق (2019)، وذلك في سياق رده على انتقادات ترى أن الظروف التي يمر بها العالم في الوقت الراهن لم تكن تستدعي مثل هذه الأسعار المرتفعة، وأن عرض أسعار أقل في حدود 3-4% كان كافيًا لجذب الأجانب الذين يعيشون في حالة أزمة لا مثيل لها في التاريخ المعاصر، كما يعيش غيرهم. أيضًا تبدو مقارنة أسعار الفائدة الحالية بالسابقة غير دقيقة بسبب تغير ظروف عام 2020 بشكلٍ حاد للغاية عن ظروف 2019، ومعروف أن العادي يُقارن بمثله، والمضطرب بمثله كذلك. كما تبدو إجابة الوزير أشبه بمحاولة طالب الهروب ممن سأله عن أسباب حصوله على درجات ضعيفة رغم سهولة الامتحانات، فلجأ إلى حيلة تقوم على مقارنة تلك الدرجات بالعام السابق، فوجدها لصالحه؟! كما ذهب الوزير إلى حجج أخرى من نفس النوع لتأييد وجهة نظره قائلا: “الأزمة قاسية والسوق العالمي كان مقفولا، وما حصلنا عليه في الوقت والظروف الراهنة جيد، والموضوع مرتبط بتصنيف مصر الدولي، والمقارنة لابد أن تكون مع الدول المماثلة في التصنيف، وهناك دول كانت تريد طرح سندات ولم تستطع، ودول أخرى لو طرحت لن تلقى إقبال على سنداتها”[43].

لا ندري ما معنى الأزمة قاسية والسوق العالمي مغلق، أهي حجة للوزير أم حجة عليه. إذ أن هذه العبارة على وجه التعيين هي محل النقد الموجه له في الأصل، فكيف يستشهد به[44]؟. أما باقي كلامه عن الدول التي رغبت ولم تستطع، فمرسل لا يمكن التعويل عليه، والأشد استرسالا استشهاده بدول أخرى ضعيفة (لم يُسمها) لو طرحت طلبات للاقتراض (سندات) لن تحظى بعروض لتردي أحوالها الاقتصادية. بل ينطوي هذا الاستشهاد على نظرة سلبية للوضع الاقتصادي واعتبار مصر دولة متردية الأوضاع بما يتناقض مع فخر الوزير بخطة الإصلاح الاقتصادي المطبقة منذ عام 2016 وإشادة المقرضين الدوليين والمستثمرين الأجانب بها، أيضًا ينطوي هذا الإستشهاد على مقارنة مصر بمن هم دونها، وهو ما يتناقض مع قول الوزير بأن مقارنة مصر لابد أن تكون بما هم في نفس تصنيفها لا من هم أعلى، فكيف يقارنها بمن هم أدنى ويعتبر ذلك إنجازًا ودليلا على صحة موقفه.

خلاصة هذه الجزئية، إذا كان وضع مصر الاقتصادي جيد ويحظى بإشادة كبار المانحين الدوليين (الصندوق والبنك)، فلماذا طرح أسعار فائدة أعلى على السندات (هذا أدعى للعكس)، وإذا كان الوضع متدهورًا بما فيه الكفاية، فيمكن فهم دوافع الوزارة في طرح أسعار فائدة مرتفعة (يرتبط الاقتراض الدولي عكسيًا بالوضع الاقتصادي للدولة، بما يعني أنه كلما كان الوضع سيئً، كلما ارتفعت فائدة إقراضك وازدادت الشروط وقلت التسهيلات).

لعل في موافقة صندوق النقد الدولي إقراض مصر مبلغ 5.2 مليار دولار إجابة على سؤال الوضع الاقتصادي ومن ورائه سؤال أسعار الفائدة المرتفعة على السندات محل النقاش، وهل كان لها داعي أم أنها كلفت الشعب ملايين الدولارات (في شكل خدمة ديون أعلى لسنوات) كان بالإمكان تجنبها لو تعاملت وزارة المالية بثقة أكبر في قدراتها أو قرأت نقاط ضعف المقرضين في الظروف الحالية أو حاولت اختبار هذا أو ذاك (إعادة طرح السندات بعد فشل تغطيتها في المرة الأولى ظاهرة معروفة في سوق السندات الدولية[45]. هكذا تبدو أخطاء وزارة المالية مكلفة للغاية بالنسبة للأجيال الحالية والقادمة (تتراوح مدة السندات الأخيرة بين 4 -12- 30 سنة).

الملاحظة الرابعة: شركات تأمين ترفض التأمين ضد كورونا

من الملاحظات الملفتة أيضًا في مسألة وباء كورونا، اختلاف شركات التأمين في مصر (الحكومية والخاصة) على مسألة دفع تعويضات للمصابين والمتوفين بسبب وباء كوورنا[46]، استنادًا إلى أن وثائق التأمين التي يعتمدونها في نشاطهم تستثني حالات الأوبئة أو الكواراث الطبيعية، كما صرح علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين[47]، وهو ما دفع الهيئة العامة للرقابة المالية إلى محاولة إلزامهم بذلك بصيغة وسط تلزمهم بالمساهمة في تغطية مصاريف علاج مرضى كورونا[48].

يبلغ عدد شركات التأمين العاملة في السوق المصرية 38 شركة، تتنوع أنشطتها ما بين تأمين الممتلكات والمسئوليات، وتأمينات الحياة وتكوين الأموال. وتعمل وفق نظامين أساسيًين؛ النظام التكافلي والنظام التجاري، وتمتلك الحكومة شركتين فقط، إحداهما تعمل في نشاط تأمينات الحياة (مصر لتأمينات الحياة)، والأخرى تعمل في نشاط تأمين الممتلكات والمسئوليات (مصر للتأمين). يقول شكيب أبو زيد الأمين العام للاتحاد العام العربي للتأمين إن 99% من الوثائق لا تغطي الخسائر الناجمة عن الأوبئة من حيث المبدأ في أغلب البلاد العربية، فقد جرت العادة أن تغطي الشركات الأضرار الناجمة عن ضرر مادي وليس عن الأوبئة[49]. يبدو هذا الاتجاه عالميًا، فقد حذرت شركات تأمين عالمية الحكومات الغربية من انهيار القطاع في حالة إجبارها على دفع تعويضات لا تغطيها بوليصات التأمين[50].

يُثير هذا الوضع الغريب تساؤلات حول نشاط شركات التأمين في المجمل وفلسفة عملها إذا كانت تختار بعناية نوعية المخاطر التي تغطيها، وتستبعد أخرى، بما يعني أن تلك الشركات تفضل العمل في نطاق ما يمكن تسميته “المخاطر الآمنة”، التي تضمن لنشاطها أن يُدر أرباحًا دائمة لا انقطاع فيها، وهو ما يعني أن ما يفهمه الإنسان العادي عن التأمين على الحياة أو الممتلكات يختلف كليًا عما تقصده شركات التأمين (لا تغطي الشركات حالات الاغتيال للمجرمين المؤمن عليهم مالم يصدر حكم نهائي بتربئتهم، كذلك لا تغطي حالات الموت تحت تأثير الكحول والمخدرات، أو حالات الموت بسبب ممارسة نشاط خطير مثل سباق السيارات والدراجات والقفز بالمظلات والجري لمسافات طويلة، أو حالات الموت بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة، كما لا تُغطي أغلب الشركات حالات الانتحار، وتلجأ أخرى إلى رفع أقساط التأمين بالنسبة للمدخنين ابتداءً، أو تخصم من مبالغ تأمينهم في حالة الاخفاء)[51].

الملاحظة الخامسة: كيف تعاملت الحكومة مع ملايين الموظفين؟

تعاملت الحكومة المصرية بشكلٍ جيد مع الموظفين العاملين في القطاع الحكومي (5.7 مليون موظف تقريبًا)، عبر منح أغلبهم أجازات طويلة مدفوعة الأجر بعد إغلاق المدارس والجامعات والمساجد والمحاكم وحظر الطيران وغيرها، كما وضعت نظامًا للتناوب بين العاملين في المؤسسات التي تقدم خدمات ضرروية لا يُستغنى عن خدماتها، مثل أقسام الشرطة والمستشفيات وشركات المياه والكهرباء وغيرها، كما قرر رئيس الوزراء منح إجازات استثنائية، مدفوعة بالكامل، للموظفين المصابين بأمراض مزمنة مثل مرضى السكر وأمراض الكبد والقلب والكلى والسرطان، وكذلك منح الموظفين العائدين من الخارج إجازة مماثلة، إضافةً إلى العاملات الحوامل، وكذلك الحاضنات لأطفال تقل أعمارهم عن 12 سنة[52].

الملاحظة السادسة: عمال القطاع الخاص بين نموذجين للتعامل

في مقابل ذلك، لم يصدر من الحكومة إلزام لشركات القطاع الخاص بمنح إجازات جماعية للعاملين لديها لمدة أسبوعين أو أكثر، كما فعلت مع موظفي القطاع العام، بل اعتمدت سياسة المناشدة الممتزجة بقليل من الترهيب وكثير من الترغيب، فذهبت تحث القطاع الخاص على سياسة التناوب بين العمال فيما تحتمله مجالات العمل إضافةً إلى تشجيعهم على تقليل ساعات العمل، ومنح المصابين أو ذوي الأمراض المزمنة إجازات مدفوعة الأجر. كل ذلك بطريقة لفظية غير ملزمة عبر تصريحات متقاربة تجتمع في دلالاتها على هذا التوجه، صادرة من رئيس الوزراء ووزير القوى العاملة وصولا إلى رئاسة البلاد التي لم يذهب خطابها أبعد من الترهيب اللفظي الممزوج بالترغيب في مساعدة الشركات وأصحاب الأعمال المتضررة من خلال حزمة الإنقاذ التي أمرت الحكومة برصدها لذلك الغرض (مبلغ الـ 100 مليار جنيه)، والوعد بزيادتها إذا دعت الحاجة.

هكذا تُرك أصحاب الشركات لضمائرهم وطبائع نفوسهم، فظهر من بعضهم شرف ومرؤة، كما في حالة مجموعة “توشيبا العربي” المتخصصة في صناعة الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية المنزلية، بينما ظهر من آخرين العكس تمامًا، كما في حالة شركات صبور العقارية وغبور للسيارات ومجموعة أوراسكوم المملوكة لآل ساويرس. وبين هذا وذاك، وقع بعض أصحاب الشركات البارزة في حرج بعد مناشدات رئاسية علنية، كما في حالة شركات، النساجون الشرقيون (يملكها رجل الأعمال فريد خميس[53]، سيراميكا كليوباترا (يملكها رجل الأعمال محمد أبو العنين[54]، مجموعة فرج الله (المملوكة لرجل الأعمال فرج عامر)[55]، كما طالب أصحاب شركات أخرى بتسهيلات حكومية لمساعدتهم على عدم تخفيض العمالة (مثل إعفاء العاملين من ضرائب الدخل ورسوم التأمينات الاجتماعية لمدة 6 شهور، وهي رسوم تدفعها الشركات نيابة عن العمال، كما طالبوا بقروض ميسرة لأغراض صرف الرواتب[56].

لنُفصل في الإجراءات التي اتخذتها بعض الشركات: منحت مجموعة العربي العمال والموظفين (34 ألف) إجازة جماعية مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين في كل مصانعها، كما صدر من مجلس إدارتها[57] خطابًا مطمئنًا يتعهد للعمال بعدم اللجوء إلى سياسة التسريح أو خفض الرواتب[58].

في مقابل نموذج العربي، جاءت تصريحات رجال أعمال آخرين شديدة الفظاظة، وإن استندت إلى حجج اقتصادية معقولة. من تلك التصريحات الفظة ما جاء على لسان حسين صبور من ضرورة عودة الناس إلى أعمالهم، وأن موت بعضهم أفضل من إفلاس الدولة، وفي حالة عدم كفاية المستشفيات لا يهم، أن يموت بعض من الشعب أفضل من ألا نجد قوتنا… وفي استشهاد في غير محله، يقول صبور أن السادات عندما دخل سيناء كان يعلم أن البعض سيموت.. والخلاصة التي أكد عليها أنه لن يتبرع بأمواله، فهو غير مسئول عن دخل الشعب من وجهة نظره[59]. لكن حين أحس المهندس أحمد صبور (رئيس شركة الأهلي صبور) بورطة أبيه جراء هذه التصريحات، قرر الانخراط في حملات التبرع لتحيا مصر وكفالة الأسر المتضررة[60]. أما رؤوف غبور صاحب أكبر شركة سيارات في مصر (جي بي أوتو)، فقد جاءت تصريحاته فظة هو الآخر، حيث قال إن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع، وأنه في حال طُلب منه التبرع فسيُجيب بعدم الاستطاعة[61]، أما المهندس نجيب ساويرس، فقد هاجم الإغلاق الحكومي بشدة وحذر من إفلاس شركات كثيرة، كما لجأ إلى تخفيض رواتب العاملين في مجموعة شركاته إلى النصف لحين انتهاء الأزمة”[62].

الملاحظة السابعة: أسعار الخدمات بين الرفع والتخفيض

على عكس كثير من الدول التي لجأت إلى إعفاء مواطنيها من فواتير الخدمات (الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات وغيرها) لمدة ستة أشهر أو أكثر[63]، فاجأت الحكومة المصرية المواطنين بزيادة أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 20% تقريبًا[64]. وقد كان هذا القرار مستغربًا من عدة أوجه، أولها تلك الزيادة ليست الأولى في أسعار الكهرباء بل الرابعة أو الخامسة على مدار خمس سنوات، بما يعني إمكانية إلغاء أو على الأقل تأجيل الزيادة الجديدة لحين تحسن الاوضاع الاقتصادية وتعافي المواطنين من آثار أزمة كورونا. الملمح الثانى من أوجه الاستغراب يتعلق بتخفيض الحكومة أسعار الكهرباء والغاز للمصانع في نفس التوقيت ولمدة ثلاث سنوات قادمة[65]. وقد سبق للحكومة تخفيض أسعار الغاز للمصانع قبل أزمة كورونا بشهور، بما يعني أن المصانع حصلت على تخفيضين في أسعار الخدمات خلال فترة لم تزد على ستة أشهر تقريبًا (أكتوبر 2019)[66]، بينما تحمل المواطنون (خمس زيادات سابقة[67] خلال ست سنوات مضت ولم تشفع لهم ظروف كورونا لا في إلغاء أو تأجيل الزيادة الجديدة في حين شفعت لأصحاب المصانع رغم حصولهم على تخفيض لم يمر عليه ستة أشهر.

الملاحظة الثامنة: من يتحمل أعباء الأزمة اقتصاديا؟

ثمة مفارقة أخرى تتعلق بطريقة تعامل الحكومة مع الأعباء المالية للأزمة وكيفية توزيعها على طبقات الشعب المختلفة، إذ يلاحظ المتابع إعفاء من هو أغنى وتحميل من هو أفقر، ويتجلى ذلك في قراراين حكوميين مثيرين للاهتمام، الأول يختص بإلغاء كافة الضرائب والرسوم على طبقة المضاربين في البورصة، والثاني يتعلق بخصم 1% من رواتب الموظفين في القطاع العام والخاص، وكذلك أصحاب المعاشات ممن يتجاوز إجمالي دخولهم 2000 جنيه ولمدة عام كامل بدايةً من يوليو 2020[68]. وهذا المبلغ وإن كان يسيرًا ومفهومًا في ظل أزمة عصفت بالعالم أجمع كأزمة كورونا، إلا أن إعفاء المضاربين لا يمكن فهمه في الظروف العادية، فما بالك بالظروف الاستثنائية التي لو زيدت فيها الضرائب على هؤلاء الذين يتكسبون أموالهم من المضاربة في الأسهم والسندات والأوراق المالية من وراء الشاشات لما جرؤ أحد على فتح فيه بشطر كلمة.

المفارقة الأكبر في هذا الإطار أن مسألة فرض الضرائب على البورصة أُثيرت منذ خمس سنوات[69] (بمقدار5% تقريبًا) وأُجلت خلالهما مرتين (مرة سنتين والثانية ثلاث سنوات[70]، بسبب ضغوط المضاربين وأصحاب الشركات المدرجة في البورصة، وكان من المقرر تفعيلها قبل أزمة كورونا بقليل، بما يعني أن أقصى آمال المضاربين كانت تتلخص في تخفيض ما يمكن فرضه عليهم، وليس الإعفاء المطلق. إذا أضفنا إلى ذلك مبادرة البنك المركزي المصري لضخ مبلغ 20 مليار جنيه لإنقاذ البورصة من الانهيار، كما حدث في أغلب البورصات العالمية، يمكننا استنتاج أحد أشكال الفساد في الإنفاق العام وقت أزمة كورونا على الأقل، كما يمكننا فهم طبيعة الانحيازات الطبقية ومدى نفاذها وتحكمها في صناعة القرار المالي بمصر. يمكنك أيضًا أن تمد الخيط التحليلي لتربط بين مسألة إعفاء المضاربين وخصومات الموظفين من جهة، وزيادة الكهرباء على المنازل، وتخفيضها للمصانع من جهة أخرى، لتستنج ما يمكن استنتاجه في نفس السياق، وحبذا لو استحضرت في هذه المقاربة آراء رجل الأعمال المشهور (نجيب ساويرس)، ووزير الاستثمار المرموق (محمود محيي الدين) حول البورصة وجدواها ومدى تعبيرها عن الاقتصاد الكلي لأي دولة.

خاتمة:

كشفت الإدارة الحكومية للأزمة عن كم هائل من الاختلالات التي يعانيها النظام الصحي في مصر منذ عقود، لعل من أبرزها ضعف جاهزية القطاع الصحي الحكومي للتعامل مع حالات الأوبئة والظروف الاستثنائية، ويتفرع هذا عن ضعف حالته فى الظروف الطبيعية والاعتيادية والمشاهدات فى ذلك كثيرة لا تعد ولا تُحصى، كما أظهرت الأزمة انقسام هذا القطاع نفسه إلى جزر فئوية منعزلة مكتفية بذاتها لا تسعى إلى مد يد العون إلى غيرها ولو كانت تستظل بنفس المظلة الحكومية الرسمية (حالة مستشفيات الجيش والشرطة وغيرها)، كما عكست الأزمة طبقية القطاع الطبي الخاص ومبالغته في الجشع وضعف قدرة الحكومة على ترويضه ترغيبًا أو ترهيبًا.

أما على المستوى الإدارة الاقتصادية، فقد كشفت الأزمة أيضًا عن اختلالات جوهرية مزمنة، أبرزها ضعف سياسات الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة والمهمشة (إعانة الـ500 جنيه للعمالة غير المنتظمة مثال جيد)، ويلحق بهذه الجزئية ضعف إرادة الحكومة في مساندة وحماية عمال شركات القطاع الخاص وقت الأزمة، وتركهم لضمائر أصحاب الشركات (لغة المناشدة الحكومية مثال واضح)، كذلك كشفت الأزمة عن خلل أولويات الإنفاق العام وقت الأزمة، ويظهر هذا بوضوح من سخاء يد الحكومة في تخصيص جزء من حزمة الإنقاذ لمساندة وتعويض فئة محددة من أصحاب الأعمال الرابحون بغير عمل (إلغاء ضرائب البورصة ودعمها بمبلغ 20 مليار جنيه مثال جيد).

كما بينت الأزمة أوجه خلل مالية ضخمة في ملف الاقتراض من الخارج، ويظهر هذا من سعر الفائدة المرتفع الذي طرحته وزارة المالية للأجانب في أكبر عملية اقتراض خارجي في تاريخها من سوق السندات الدولي (5 مليار دولار)، إذ شهد هذا الطرح إقبالا كثيفًا لدرجة تغطيته خمس مرات بعد ساعات من الإعلان عنه، بما يطرح تساؤلات حول إدارة ملف الاقتراض والديون الخارجية (بلغت 110 مليار دولار)، من يديره؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومتى؟. ويلحق بهذه الجزئية أيضًا ملف الديون الداخلية (تجاوزت 4 تريليون جنيه)، وسياسات الاقتراض المحلي، من يديرها؟ وكيف؟. ولماذا خفض البنك المركزي سعر الفائدة المحلي بهذا الشكل الحاد (3%)، ومن المتضرر منها والمستفيد، بما يطرح تساؤلات حول من يودع في البنوك، ولماذا وكم، وكذلك من يقترض من البنوك ولماذا وكم، ودلالات ذلك كله بالنسبة للمالية العامة في البلاد والنشاط الاقتصادي!

*****

 

هوامش

[1] تعرف على قرارات الحكومة خلال عيد الفطر في 9 معلومات، اليوم السابع، 17 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/fsTvHZC

[2] راجع خريطة انتشار فيروس كورونا عالميًا وترتيب الدول على موقع بي بي سي البريطاني، محدثًا أولا بأول، 18 يوليو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/0al8PHZ

[3] تشكل الجزائر ومصر وغانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا 71% من عدد الحالات، وجنوب أفريقيا وحدها تمثل 43%. وتمثل مصر 15% من عدد الحالات التراكمية..راجع تقديرات منظمة الصحة العالمية لحالة الوباء فى أفريقيا  حتى 8 يوليو 2020،  متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/RsTWyRT

[4] مدير منظمة الصحة: لا عذر للدول التي تفشل في تتبع مخالطي المصابين بكورونا، رويترز، 29 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/PalZIcG

[5] فيروس كورونا: مصر تتقصى عن إصابة فرنسيَين اثنين بعد زيارتها وتنفي وجود حالات إصابة جديدة، بي بي سي العربية، 28 فبراير 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/0aza5lw

[6] منظمة الصحة العالمية تؤكد أن فيروس كورونا وباء عالمي، بي بي سي عربي، 11 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Zad4oGW

فيروس كورونا: لماذا صنفته منظمة الصحة العالمية وباءً عالميا؟، بي بي سي عربي، 12 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Mad4cUx

[7] وزيرة الصحة: كورونا ليس خطيرًا بالمقارنة بفيروس يصيب الأخلاق والقيم، الوطن،6 فبراير،2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/YazaatO

[8] الصحة: المعامل المركزية هي المكان المعتمد لتحليل فيروس كورونا،برنامج على مسؤوليتي، قناة صدى البلد، 22 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/5ad7N2d

[9] سعر فحص فيروس كورونا،  PCR في مصر 1000 جنيه، سي إن إن العربية، 8 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/Sad5jLx

[10] رئيس معامل «المختبر» لـ«المال»: القطاع الخاص مؤهل لإجراء تحاليل «كورونا» ونرغب بالمشاركة، المال، 4 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Tad5Hti

[11] أصدر رئيس قطاع الشؤون الصحية بالقاهرة، محمد شوقي، قراراً إدارياً ينبه فيه على مديري المستشفيات المصرية بعدم إجراء تحليل PCR الخاص بمسحات فيروس كورونا إلا بعد إجراء أشعة على الصدر، وصورة دم كاملة، بالإضافة إلى توقيع اثنين من الأخصائيين على طلب التحليل، متوعداً المخالفين للقرار بـالمساءلة القانونية.  راجع مصر تضع قيوداً على تحليل PCR لخفض أعداد المصابين بفيروس كورونا، العربي، 12 مايو 2020: https://cutt.ly/AsTYbQy

[12] فيروس كورونا: الفرق الطبية في مصر تشكو “إهمال مشكلاتها”، بي بي سي عربي، 16 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/mad6xhX

[13] لماذا لا تجري «الصحة» مسحًا لكل الأطباء؟.. رئيس المعامل المركزية تكشف السبب، المصري اليوم، 26 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/gad6CMO

[14] استقالة أطباء في مصر: “مخطط إخواني” أم “مطالب عادلة”؟، بي بي سي عربي، 26 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Safq9UH

[15] إصابة الممثلة المصرية رجاء الجداوي بكورونا… ومخاوف حول فريق “لعبة النسيان”، سي إن إن العربية، 24 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Yafesbe

 [16] الصحة المصرية تسارع لأخذ عينات من الفنانين… والأطباء غاضبون، العربي، 25 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/CafrobY

[17] بعد إصابتها بـ”كورونا”.. ابنة الفنانة رجاء الجداوي تكشف سبب عدم نقلها لمستشفى خاص، مصراوي، 24 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Wafrjhe

[18] اتحاد الكرة: الدولة تتحمل تكاليف مسحات فيروس كورونا لأندية الدوري.. وهذه خطتنا، موقع الدوري المصري، 20 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/6afrGre

[19] نادي مصر يوصي اتحاد الكرة بمنح حصته في مسحات كورونا لمن يحتاجها، اليوم السابع، 21 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/naftYmO

[20] ) ميدو: ما فعله نادي مصر “منظرة”.. وندفع ثمن استهتار رؤساء الأندية، موقع يللا كورة، 21 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/9afyrFj

[21] انظر:

  • نادي مصر في مرمى الانتقادات بعد رفضه مسحات اتحاد الكرة، صدى البلد، 21 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/bafySIy
  • اشتباك غير مبرر بين نادر شوقي ونادي مصر بسبب كورونا، اليوم السابع، 21 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/nafy0dG

[22] مدير مكافحة العدوى بـالصحة: تخطينا مرحلة تحليل الـ “بي سي آر”، الشروق، 13 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/qafuJGY

[23] تنقسم المستشفيات في مصر من حيث جهة الإدارة إلى عدة أقسام: حكومية وتديرها وزارة الصحة، جامعية تعليمية وتتبع وزارة التعليم العالي وجامعة الأزهر، ومستشفيات الشرطة والجيش والمستشفيات الخاصة. ولا يُسمح لوزارة الصحة بالتفتيش أو مراجعة الإجراءات في المستشفيات الجامعية.

[24] مصر: رئيس مجلس الوزراء يرفض فتح مستشفيات الجيش والشرطة لعزل مصابي كورونا، العربي، 28 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/Xafu7BA

[25] مدبولي: لم نستعن بمستشفيات الجيش والشرطة حتى الآن لمواجهة كورونا، الوطن، 23 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/FafoUPY

[26] تصل إلى 90 ألفًا بالليلة.. عضو برلماني: أسعار إقامة مصابي كورونا بالمستشفيات الخاصة خرافية، المال، 31 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/taxWbE1

[27] الصحة تضع تسعيرة لمصابي كورونا داخل المستشفيات الخاصة منعًا للاستغلال، الشروق، 2 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/DafpeSO

[28] Spain has nationalized all of its private hospitals as the country goes into coronavirus lockdown, Business Inside, 16 March 2020, available at: https://cutt.ly/CafpWRw

[29] Coronavirus: 8,000 private hospital beds rented to NHS for £2.4million per day, Mirror, 14 March 2020, available at: https://cutt.ly/pafaWV7

[30] تأسست مجموعة كليوباترا عام ٢٠١٤، واستحوذت على مجموعة مستشفيات بارزة خلال عامي 2014-2016، منها مستشفى القاهرة التخصصي، مستشفى كليوباترا، مستشفي النيل بدراوي، مستشفى الشروق، مستشفى الكاتب، مستشفى كوينز للنساء والولادة. راجع الموقع الإلكتروني للمجموعة: https://cutt.ly/vafaHiA

[31] مستشفى الرحمانية الميداني.. «المواصفات» تعوق النوايا الطيبة، مصر العربية، 24 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/oaxO8R2

[32] فيروس كورونا: الإغلاق قد لا يكون الوسيلة المثلى لمواجهة الوباء في إفريقيا، بي بي سي عربي، 16 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/naxOVll

[33] السيسي يوجه بتخصيص 100 مليار جنيه لتمويل الخطة الشاملة لمواجهة كورونا، اليوم السابع، 14 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/CaxZVju

[34] السيسي: خصصنا 100 مليار جنيه لمواجهة كورونا.. ومصر دولة مش قليلة، فناة تن- التليفزيون المصري، 22 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/zaxZwv9

[35] البنك المركزي يُخفّض سعر الفائدة3%، المصري اليوم، 16 مارس2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/daxKRMF

[36] “المركزي”: القطاع العائلي يستحوذ على 82% من ودائع البنوك، هيرماس، 16 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/NafsqCw

[37] حصيلة شهادات الـ 15% تتجاوز 150 مليار جنيه في شهرين، الوطن، 27 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Fafscuf

[38] وزير المالية: 3.8 مليار جنيه لدعم القطاع الصحي في مواجهة كورونا، الشروق، 25 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/QafdhqJ

[39] وزير القوى العاملة: 2.5 مليون عامل يستفيدون من منحة الرئيس السيسي للعمالة غير المنتظمة، اليوم السابع، 27 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/aafffxV

[40] ساويرس: كنت أُفضل توجيه الـ 20 مليار جنيه لدعم العمالة بدلا من البورصة، المال، 20 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Cafglqd

[41] محمود محيي الدين يكتب.. عن البورصة والمرايا، حابي، 20 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/safgDyq

[42] فسر محيي الدين رؤيته بعدة شواهد قائلا: “في حالة البورصات العالمية قد تكون الشركات غير متواجدة أصلا في الاقتصاد الحقيقي للدولة، أو أن أغلب نشاطها خارجها مثل حالة الشركات الأجنبية المسجلة في لندن أو وول ستريت. كما أن هناك شركات بل وقطاعات وأنشطة اقتصادية هادفة للربح غير ممثلة في البورصات، ناهيك عن القطاع غير الرسمي”.

وأضاف محيي الدين: “الأصل أيضًا أن تعكس البورصة أداء الشركات المسجلة وتوقعات نشاطها وهذا هو المطلوب من مؤشراتها، لكن في وقت الأزمات العالمية الحالية تضطرب المعايير، خاصةً مع وجود تمويل رخيص متاح لبعض المستثمرين، ويتزايد نشاط المقامرين وليس المضاربين فقط أو المتقبلين للمخاطر العالية. كما طالب محيي الدين بضرورة تشديد الرقابة على سوق المال، وإتاحة المعلومات المدققة عن الشركات المتداولة في البورصات، وتبصير المستثمرين بالمخاطر والعوائد.

[43] وزير المالية يحسم قرار عودة الاقتصاد الكلي وتفاصيل قرض صندوق النقد، قناة الحدث، 7 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/nafhPZg

[44] وزير المالية عن طرح السندات الدولية بـ 5 مليار دولار: الأزمة قاسية والسوق كان مقفول، المال، 7 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/safjH2F

[45] أوروبا تفشل في بيع ثلث السندات المطروحة للاكتتاب.. لماذا؟، عربي 21، 10 أكتوبر 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/JafldoY

[46] شركات التأمين تتفق على أن لا تتفق في تغطية كورونا، المال، 18 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/MafxQj0

[47] رئيس الاتحاد المصري للتأمين: لا يوجد تغطية تأمينية على الأوبئة ومنها “كورونا”، اليوم السابع، 2 مارس2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/Cafc8v9

[48] إلزام شركات التامين بالمساهمة في تغطية تكاليف علاج المصابين بفيروس كورونا من حملة الوثائق، المال، 10 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Gafvhqo

[49] الاتحاد العربي للتأمين: 99% من الوثائق لا تغطي خسائر كورونا، الأسواق- العربية، 20 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/safvO9Z

[50] شركات التأمين تحذر من دفع تعويضات قسرية عن خسائر فيروس كورونا، حابي، 6 ابريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/Gafv1RP

[51] حالات ترفض شركات تأمين الحياة صرف تعويضات لها.. تعرف عليها، المال،20 أغسطس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/qafbtFw

[52]  رئيس الوزراء يُصدر قرارًا بتخفيض عدد العاملين فى المصالح والأجهزة الحكومية، اليوم السابع، 16 مارس2020، متاح عبر الرابط التالي :

https://cutt.ly/9sGimGK

[53] فريد خميس يؤيد تصريحات الرئيس: لم أتخل عن 30 ألف موظف ولا مساس برواتبهم، اليوم السابع، 8 ابريل 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/QsGsunW

وراجع أيضًا، محمد فريد خميس: لن نتخلى عن عمالة حتى إذا لزم الأمر لبيع ممتلكاتي الشخصية، المال، 13 ابريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/PsGduMm

[54] “أبو العينين”: تسريح العمالة وخفض الرواتب أسلوب منزوع الإنسانية، البورصة، 7 ابريل 2020،متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/ssGgxfn

[55] فرج عامر لـ«الشروق»: 24 ألف عامل في رقبتي.. وحياة واحد منهم أهم من مليارات الجنيهات، الشروق، 8 ابريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/QsGhtJc

[56] العمالة صداع في رأس رجال الأعمال بسبب كورونا.. مقترحات لإعفاء العمال من الضرائب والتأمينات، اليوم السابع، 5 ابريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/4sGj5bJ

[57] رئيس شركة العربي يُطمئن العمال ويشرح إجراءات كورونا،موقع يوتيوب، 7 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/vafb5Vg

[58] مجموعة العربي تساهم بـ140 سريرًا دعما للمنظومة الصحية في مواجهة كورونا، الشروق، 22 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/KafnWLM

[59] حسين صبور: رجَّعوا الناس للشغل فوراً.. لما شوية يموتوا أحسن ما البلد تفلس، اليوم السابع، 4 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://cutt.ly/Tafn9NS

[60] “الأهلي صبور” تتبرع بأجهزة تنفس صناعي و75 ألف مجموعة اختبار للكشف عن الإصابة، المال، 12 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/8afIcQO

[61] راجع تصريجات رؤوف غبور، برنامج المواحهة مع النفس (حلقة كورونا والاقتصاد المصري)، القاهرة والناس، 3 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/tafOlZ3

[62] انظر:

  • من العربي إلى ساويرس.. مواقع التواصل تقارن بين مواقف رجال الأعمال، الجزيرة، 7 أبريل 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/pafOCdI
  • كيف رد مغردون مصريون على تصريحات ساويرس حول كورونا؟، 31 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/jafPsLp

[63] منها إعفاء الفقراء من فواتير الماء والكهرباء.. 7 إجراءات بموريتانيا لمواجهة فيروس كورونا، دويتشه فيليه، بتاريخ 26 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/9azctP4

[64] شاكر: زيادة أسعار الكهرباء للمنازل بنسبة 19%| فيديو، بوابة الأهرام، 9 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/AafSgOZ

[65] خفض سعر الغاز والكهرباء.. 10 قرارات من الحكومة لدعم الصناعة بسبب كورونا، مصراوي، 17 مارس 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/1afDbX5

[66] الجريدة الرسمية تنشر قرار خفض أسعار الغاز لـ 5 صناعات، مصراوي، 12 أكتوبر 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/nafXxn4

[67] مصر ترفع أسعار الكهرباء للمرة الخامسة في عهد السيسي، الجزيرة، 4 أبريل 2019، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/AafCGtv

[68] الحكومة: خصم 1% من دخل العاملين بقطاعات الدولة لمدة 12 شهرًا بداية من يوليو، اليوم السابع، 20 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/xafBvUa

[69] مصر تقرر إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة عامين، رويترز، 18 مايو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/8afNKBT

[70] حكومة مصر تقر وقف ضريبة الأرباح الرأسمالية 3 أعوام، روتبرز، 21 مارس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.ly/xafMf8m

 

  • نشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات – العدد الثامن عشر – يوليو 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى