قوى الشرق والعرب: كيف يزداد نفوذ الصين وروسيا في المنطقة

مقدمة:

وقف الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب أمام الكونجرس، في عام 1990، معلنًا بدء النظام العالمي الجديد. في العام التالي، سقط الاتحاد السوفيتي، وانفردت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم فارضةً تصوراتها وإرادتها على القرار الدولي خاصةً في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي عبر عدد من التدخلات العسكرية بدءًا بحرب تحرير الكويت ومرورًا بغزو أفغانستان واحتلال العراق وحصار ليبيا بعد واقعة لوكيربي وليس انتهاءً بتشكيل وقيادة التحالف الدولي لقتال داعش في 2014. لم تمر على الهيمنة الأمريكية تلك سوى عقدين ونصف من الزمان حتى أصبح الصعود الروسي – الصيني يهدد ريادة الولايات المتحدة التي سعت إلى تحجيم دور موسكو – بيجين باستراتيجيات مختلفة.

تزايد الحضور الروسي – الصيني في المنطقة العربية نتيجة عدد من العوامل، من بينها: أولا، تراجع أهمية المنطقة في الاستراتيجية الأمريكية، ففي إحْدى وثائق الأمن القومي الصادرة في 10 يونيو 2020، عن 13 نائبًا جمهوريًا من أعضاء لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية بالكونجرس، نجد أن مُحدّد علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة أضحى بما تمثله من تهديدات للأمن القومي الأمريكي وليس لأهميتها الاستراتيجية للمصالح الأمريكية والتي كانت تتمثل في أمن الطاقة وتأمين الممرات المائية وأمن إسرائيل([1]). ثانيًا، على الصعيد الإقليمي، فإن التوترات بين عددٍ من الدول العربية وبعض الإدارات الأمريكية خاصةً الديمقراطية عقب أحداث الربيع العربي، قد كشفت عن نقاط تقارب بين بعض الدول العربية وكل من روسيا والصين؛ الأمر الذي يفسر اتجاه الدول العربية للانفتاح على علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية أكبر، بعيدًا عن الشركاء الغربيين التقليديين الذين يولون قدرًا من الأهمية لمسائل الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان، والتي وإن كانت شكلية في بعض الأحيان فإنها تؤرق صناع القرار في العالم العربي. وهو ما دأب المحللون على تسميته التحول شرقًا نحو شراكة أكبر مع الصين وروسيا أو تنويع العلاقات مع القوى العالمية الصاعدة.

عقب أحداث الربيع العربي انتهجت بعض الأنظمة العربية سياسات خارجية أكثر عدوانية خوفًا على عروشها من السقوط، وسعت إلى تنويع تحالفاتها الاستراتيجية للخروج من أسر مطالب الإصلاحات الديمقراطية ومراعاة حقوق الإنسان حسب الأجندة الأمريكية والغربية. ومع ذلك، وبهدف مواجهة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، تقوم الولايات المتحدة بإعادة تكييف استراتيجياتها للأمن القومي سواء في عهد ترامب أو بايدن حتى لا تترك المنطقة بشكل شبه كامل لمنافسيها([2]). ومن جانب آخر، يتجه هذا الصعود الآسيوي نحو المنطقة العربية والعالم الإسلامي بقوة لإقامة تحالفات واستعادة مناطق نفوذ وبسط سيطرة، فالدور الروسي في سورية وليبيا يعد من أهم أبعاد صراعها مع الانفراد الغربي بالعالم العربي، وبتدخلها ذلك أطالت روسيا أمد الأزمتين السورية والليبية وفاقمت من آثارهما على المنطقة برمتها، في الوقت الذي تواصل الصين فيه توغلها الاقتصادي وشراكاتها الأمنية مع دول الشمال الأفريقي والخليج العربي.

نسعى في هذه الورقة للإجابة عن عدد من الأسئلة مثل: لماذا تتجه كل من الصين وروسيا إلى المنطقة العربية؟ وما هي أهم الدول ذات الاهتمام؟ وما هي أهم الأدوات الصينية والروسية في المنطقة العربية؟ وما هي حركة تحالفات كل من روسيا والصين في المنطقة العربية؟ أو كيف تتحرك وتتحالف كل من الصين وروسيا في المنطقة؟ وما هو أثر البعد الثقافي (القنوات الإخبارية، الدراما والأفلام، الترجمات…) في السياسات الصينية والروسية على المنطقة العربية؟

أولًا – النفوذ الروسي في المنطقة العربية: حدود الدور

على عكس التعاون الذي أبداه فلاديمير بوتين مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001([3])، فإنه ومنذ فترته الرئاسية الثالثة بدايةً من عام 2012، قد تبنى سياسات صدامية مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بدأت بضم موسكو لشبة جزيرة القرم من أوكرانيا نهاية فبراير 2014)[4](. ترافقت هذه السياسة التوسعية الجديدة لبوتين مع الموجة الأولى للربيع العربي، والتي مثلت تهديدًا مباشرًا للنفوذ الروسي خاصةً في كل من ليبيا وسورية، الدولتين الأقرب لموسكو في العالم العربي واللتين شهدتا حربًا أهلية وتدخلات إقليمية ودولية عقب الاستخدام الوحشي للقوة ضد الشعبين الليبي والسوري والمعارضين لنظامي القذافي والأسد.

ظهرت الخلافات الروسية – الصينية مع الغرب والولايات المتحدة حول المنطقة العربية منذ إصدار مجلس الأمن الدولي قراره حول الوضع في ليبيا في 17 مارس 2011([5])، وهو القرار الذي تضمن إغلاق المجال الجوي الليبي وقصف مواقع الجيش الحكومي لحماية السكان المدنيين. لقد لاقى هذا القرار امتناع كل من موسكو وبيجين عن التصويت عليه حيث رفضت الدولتان التدخل العسكري في ليبيا بدون تنسيق، مثّل هذا القرار تحولا في سياسة الدولتين الخارجية ولو أنه لم يكن بحدة المواقف التي أعقبته من كلتا الدولتين إلا أنه كان مؤشرًا على تحول في السياسة الخارجية وصياغة جديدة لمفاهيم الأمن القومي([6]).

استمرت موسكو في عرقلة المحاولات الغربية لفرض عقوبات على سورية، وواصلت تقديم الدعم لقوات الأسد بالأسلحة والمعدات والمعلومات الاستخبارية والمستشارين العسكريين حتى عام 2015)[7](، وفي سبتمبر من نفس العام بدأت روسيا تدخلها المباشر بنشر قوات عسكرية في قاعدة حميميم العسكرية بهدف مُعلن هو القتال ضد المجموعات الإرهابية؛ حيث شنت موسكو ضربات جوية على آلاف الأهداف المدنية والعسكرية، ونشرت قوات خاصة ومستشارين عسكريين في سورية؛ أدى هذا التدخل العنيف لصالح الأسد إضافة إلى التناحر بين الجماعات المسلحة المعارِضة للأسد إلى تغيير الوضع العسكري لصالح الأسد وقواته وهزيمة كافة خصومه، والأهم أن موسكو بعثت رسالة قوية إلى دول المنطقة بأنها لا تترك أصدقاءها من الحكام الذين لا يحظون بشرعية في بلدانهم([8](.

سمح هذا التدخل لروسيا بالظهور كلاعب رئيسي في العالم العربي، ويرجع الفضل في ذلك إلى الاستخدام الصارم للقوة الذي أبدته موسكو في دعم حلفائها عسكريًا ودبلوماسيًا. لقد تشكل النهج الجديد لسياسة روسيا الخارجية عبر عدد من وثائق السياسة الخارجية، التي أخذت في حسبانها الثورات العربية في عام 2011 وما نتج عنها من عدم استقرار إقليمي ومن خطورة على عروش حلفاء موسكو في المنطقة، الأمر الذي يزعزع مصالح موسكو في المنطقة. فبدءًا بالوثيقة المتعلقة بــ”مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي” التي صدرت في 12 فبراير 2013([9])، ومرورًا بوثيقة “العقيدة العسكرية للاتحاد الروسي” الصادرة في 25 ديسمبر 2014([10])؛ عملت الوثيقتان على صياغة سياسة خارجية جديدة تستند إلى حماية المصالح الوطنية الروسية في الخارج، بما في ذلك عسكريًا إذا لزم الأمر، وزيادة دور موسكو في الحفاظ على الأمن العالمي.

واصلت موسكو تحديث استراتيجيتها للتكيف مع المتغيرات الدولية والإقليمية بما يسمح لها من تعظيم مكاسبها وحماية أمنها القومي، وفي الحادي والثلاثين من ديسمبر 2015 وقَّع الرئيس بوتين “وثيقة استراتيجية الأمن القومي الروسية 2015([11])، تلك الوثيقة توضح مُحدِّد التعاطي الروسي مع بلدان الربيع العربي، حيث تشير إلى مخاوف القادة الروس من تشابه تلك الثورات مع “الثورات الملونة” في الدول السوفيتية السابقة، وهو ما يجعلها ترفض هذا التغيير وتدعم هياكل الدولة القديمة والحكومات العربية الاستبدادية ضد ما تعتبره تدخلا خارجيًا وتمردًا داخليًا، وذلك من منطلق أن التغيير يجب أن يحدث فقط من خلال الوسائل الدستورية وأجهزة الدولة، وليس من خلال انتفاضات شعبية، يرجع ذلك إلى أن روسيا تُحمِّل الغرب المسؤولية عن الوضع الحالي واصفة التدخلات الغربية في العراق وليبيا وسورية بالكارثية)[12](. في المقابل، تؤكد روسيا أنها تدعم مبدأ سيادة الدولة وفقا للقانون الدولي وتعارض التدخل الخارجي.

أعقب ذلك قيام موسكو، في نوفمبر 2016، بتحديث وثيقة “مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي” التي كانت أصدرتها في 2013، ويركز ذلك التحديث بشكل خاص على الشرق الأوسط، واصفًا التدخل الأجنبي فيها باعتباره أحد أسباب عدم الاستقرار والتطرف في المنطقة التي تؤثر بشكل مباشر على روسيا([13](. يُعتبر ذلك التحديث بمثابة أول وثيقة رسمية توضح طموح موسكو للعب دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ حيث أظهرت السنوات الثلاث التي تفصل بين المفهومين نهج فلاديمير بوتين في السياسة الخارجية الآخذ نحو مزيد من الأمننة([14])، كما يوضح مفهوم السياسة الخارجية أيضًا الطموح المتزايد للرئيس الروسي للتعامل مع عدم الاستقرار من حيث نشأ قبل أن يصل إلى الحدود الروسية.

في مقالة ثاقبة، ولكنها تجريدية نوعا ما، يذهب الباحث هشام جعفر إلى “إن انخراط موسكو في المنطقة العربية تحركه أهداف جيو-استراتيجية واقتصادية وسياسية عالمية وحتى دينية“، مُرجِعًا ذلك إلى الجغرافيا الروسية، التي تدفع قادة الكرملين إلى النظر دائمًا إلى البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي على أنهما مهمان لمصالح روسيا الأمنية، كذلك إلى الأرثوذكسية الروسية التي كان لديها تطلع دائم للمنطقة باعتبارها مسقط المسيح. مضيفًا أن “المنطقة مهمة لصناعات النفط والغاز الروسية ومبيعات الأسلحة، وحققت روسيا نجاحات اقتصادية أخرى في المنطقة حيث أوجدت لها منافذ أخرى للتحايل على العقوبات الغربية عليها([15]).

ثانيًا- حركة التحالفات الروسية في المنطقة العربية

كانت موسكو ولا تزال تنظر إلى الشرق الأوسط على العموم والعالم العربي على وجه الخصوص على أنه جار جنوبي مهم، يؤثر استقراره على استقرار روسيا، وتنعكس الاضطرابات والحروب فيه عليها حتمًا. وقد طبعت أهمية الشرق الأوسط تلك لدى صانعي القرار الروسي معظم اتفاقياتهم مع دول المنطقة، التجارية منها والعسكرية، أو تلك التي تحمل عنوان الصداقة أو تؤسس لأحلاف ثابتة لاحقًا.

لذا تعاطت موسكو في المنطقة مع ثلاث دوائر عربية (المشرق العربي، والخليج وشمال أفريقيا) عبر نهج مختلف يتوافق والمصالح والأدوات الروسية، الأمر الذي يجعلنا بحاجه إلى إبراز نهج موسكو في التعاطي مع الدوائر الثلاث السابقة، مع إبراز العلاقات مع أكثر من فاعل في أي من الدوائر الثلاث.

  • الدائرة الأولى (المشرق العربي)

سبق أن ذكرنا النهج الروسي في التعاطي مع سورية خاصةً عقب التدخل الغربي فيها أعقاب ثورات الربيع العربي وانتهاج نظام الأسد لسياسات وحشية لقمع التظاهرات السلمية، والتي حولتها إلى حرب أهلية دامية. إلا أن هذا النهج الروسي لابد من توسعته ورؤية مثال آخر قريب منه في الشبه، من حيث التحديات وبينة النظام السياسي، وأقرب حالة في المشرق العربي قريبة الشبة بالحالة السورية هي الحالة العراقية عقب اجتياح تنظيم “داعش” في 2014.

في مواجهة هذا التهديد الوجودي من داعش، وبعد أن لم يستطع الحصول على مقاتلات F-16 من الولايات المتحدة الأمريكية التي طلبها في سبتمبر 2011، اتصل رئيس الوزراء العراقي حينها “نوري المالكي” بروسيا للحصول على إمداد سريع بالمقاتلات النفاثة([16]). سارعت موسكو إلى تقديم الدعم بالعتاد العسكري إلى العراق لمحاربة تنظيم داعش، مستغلةً إبطاء واشنطن في توريد صفقات الأسلحة، وبلغت قيمة الواردات العسكرية الروسية إلى العراق حوالي 7.1 مليار دولار، شملت طائرات ومنظومات قاذفة ومروحيات عسكرية متنوعة، إضافة إلى منظومات دفاع جوي أرض–جو([17]).

تجسد التعاون العراقي – الروسي في مجال مكافحة الإرهاب وعناصر تنظيم (داعش) بتشكيل التحالف الرباعي الذي ضم كلا من: العراق وروسيا الاتحادية وسورية وإيران، إذ كان المقر الرئيس لهذا التحالف في بغداد وله مكاتب أخرى في دول التحالف المذكورة، وكان هذا التحالف يهدف إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية بين وزارات الدفاع والأجهزة الأمنية لهذه الدول. علمًا بأن هذا التحالف الرباعي كان قد تشكَّل عقب الإعلان الصادر من قيادة العمليات المُشتركة في العراق والتي أفصحت عن وجود تعاون أمني واستخباراتي مفيد قائم بين العراق وروسيا الاتحادية وسوريا وإيران في بغداد للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي ولكنه لم يصل إلى حد التعاون العسكري؛ فضلا عن أن معالم التعاون الثنائي بين العراق وروسيا الاتحادية قد ظهرت من خلال مساعي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للاستعانة بالطيران الروسي لتوجيه ضربات مباشرة ضد مقرات وعناصر التنظيم المتواجدين على الأراضي العراقية([18]).

ولم يقتصر الطموح الروسي في بناء العلاقات الثنائية مع العراق على التفكير بالمكاسب السياسية والأمنية والعسكرية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى السعي من أجل خلق شراكة استراتيجية اقتصادية وتقنية تجلب عائدًا اقتصاديا مباشرًا لموسكو، حيث يوجد ما يقارب 300 شركة روسية عاملة في العراق ولها اتفاقيات ضخمة مع العراق في مختلف المجالات خاصة في مجال النفط والغاز، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2015، نحو 2 مليار دولار، فيما سجل في عام 2016 (765) مليون دولار([19]). هذا التراجع يرجع إلى المعوقات والعراقيل الأمريكية التي تضعها أمام أي تحركات اقتصادية روسية في العراق سواء عن طريق العقوبات أو الضغط على الحكومة العراقية لكي تخفض من شراكتها الاقتصادية مع الحكومة الروسية.

خلاصة الأمر أن علاقات العراق التقليدية مع روسيا ستستمر في الازدهار ليس فقط في قطاع الطاقة، ولكن في العديد من القطاعات الاقتصادية والبنية التحتية الأخرى أيضًا؛ حيث إن موسكو تدرك جيدًا بأن التحرك صوب العراق سيحقق أهدافًا مرحلية ومستقبلية في عموم المنطقة، إذ أن تقاربًا مع العراق سيمكنها من الترابط مع المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى إلى الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. وفي المُقابل يسعى العراق إلى الاستفادة من العودة الروسية القوية للساحة الدولية لتوسيع مساحة التحرك الخارجي بما قد يسهم في تغيير مسار الأزمات الداخلية الأمنية والاقتصادية([20]).

  • الدائرة الثانية (الخليج العربي)

أدت نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي إلى تقليص أهمية منطقة الخليج بشكل كبير بالنسبة للمصالح الروسية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تقليص علاقة روسيا بدول مجلس التعاون الخليجي لعدة سنوات، حيث كانت موسكو تشتبه في قيام دول الخليج بتقديم الدعم المالي والأسلحة للشيشان، الأمر الذي أدى إلى تخفيض العلاقات الدبلوماسية الروسية في المنطقة إلى الحد الأدنى)[21](. تغيرت تلك العلاقات عقب مجيء فلاديمير بوتين رئيسًا، والذي قام بتحويل مسار السياسة الخارجية للاتحاد الروسي ببدء اتصالات مكثفة مع كل من دول مجلس التعاون الخليجي. عادت روسيا، وفق منظور بوتين لـــ “مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي” الصادر في يونيو عام 2000، لتلعب دورًا نشطًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط من خلال اتباع سياسة استقرار على عكس سياسة الولايات المتحدة وأوروبا. ومن ثم، فقد حددت موسكو أولوياتها ومشاريعها السياسية، وكانت تهدف إلى استعادة دورها في المنطقة وتعزيز مواقفها، وخاصة الاقتصادية)[22](.

على هذا النحو قامت موسكو بتكثيف علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال تعزيز الشراكات في قطاع الطاقة وتعزيز الصناعة الدفاعية، وشهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين زيادة مطردة في كثافة واتساع العلاقات بين روسيا ودول الخليج، التي وقعت معها موسكو العديد من اتفاقيات التعاون لبدء سلسلة مربحة من الإجراءات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف من خلال دول مجلس التعاون الخليجي)[23](.

شكلت الأزمة السورية منعطفًا جديدًا في علاقات موسكو بدول الخليج العربي؛ حيث بدأت موسكو في إلقاء اللوم على كل من المملكة العربية السعودية وقطر لدعم الميليشيات الجهادية داخل المعارضة السورية المسلحة، وعقب التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015 لدعم نظام الأسد. أدت مشاركة موسكو في الحرب الأهلية السورية إلى فتور علاقات روسيا مع قطر بشكل كبير، في حين احتفظت العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بمسار طبيعي.

شهد العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تغييرًا جديدًا في قدرة روسيا على إدارة علاقاتها مع منطقة الخليج، بالانتقال من مرحلة العلاقات التعاونية والإيجابية في العقد الماضي إلى حالة من الجمود الخطير القائم حول دعم بشار الأسد والتحالف مع إيران. إلا أن العلاقات الروسية الخليجية شهدت تطورًا جديدًا في عام 2019، بالتوقيع على ميثاق التعاون داخل (أوبك بلس)، الذي نص على إطلاق شراكة نفطية واسعة النطاق بهدف ربط استراتيجيات الإنتاج بتحقيق أهداف مشتركة على رأسها الأهداف الاقتصادية. تم التوصل إلى هذا الاتفاق من خلال مفاوضات سياسية طويلة ومعقدة بدأتها الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى روسيا في سبتمبر 2017)[24](.

كما أن العلاقات الروسية الإماراتية تعتبر في أوج قوتها، حيث كُلِّل التواصل الدبلوماسي بين موسكو وأبو ظبي بمصادقة الجانبين في يونيو 2018 على اتفاقية شراكة استراتيجية؛ حيث غالبًا ما توصف الإمارات بأنها الشريك الأمني ​​للولايات المتحدة الأكثر ثقة في العالم العربي)[25](. تؤشر هذه الشراكة على التلاقي الفكري الذي يجمع بين قيادة البلدين، حيث تشترك قيادت البلدين في النفور من الثورات الشعبية والعداء تجاه الحركات الإسلامية الشعبية في بلدان الربيع العربي. الأمر الذي أدى إلى قيام الإمارات في ديسمبر 2018، باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سورية والاعتراف بشرعية الأسد، كما تعاونت الدولتان في تقديم الدعم المالي والعسكري للهجوم الذي يشنه زعيم الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر على طرابلس، كما انخرطت روسيا دبلوماسيًا مع المجلس الانتقالي الجنوبي المتحالف مع الإمارات العربية المتحدة في اليمن)[26](.

هذا التلاقي في الملفات الإقليمية مهَّد بدوره الأساس لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أبو ظبي في أكتوبر 2019، وأسفرت رحلة بوتين عن عقد عدد من الصفقات التجارية الثنائية بقيمة 1.3 مليار دولار، ودفعت المسؤولين الروس والإماراتيين إلى التفاؤل بشأن المسار المستقبلي للشراكة الاستراتيجية)[27](.

  • الدائرة الثالثة (الشمال الأفريقي)

في دراسة شديدة الأهمية بعنوان “روسيا والولايات المتحدة في حالتي مصر وليبيا” يعرض أندري تشوبريجين (Andrey Chuprygin) الخبير الروسي في مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC)، للعلاقات بين موسكو والقاهرة في حقبتين، الأولى عقب الحرب الباردة وحتى ثورة 25 يناير، والثانية بعد ثورة يناير 2011 حتى اعتلاء الرئيس السيسي سدة الحكم. يرى تشوبريجين أن العلاقات المصرية الروسية بعد الحرب الباردة وحتى سقوط مبارك اتسمت بعدم الثقة واستخدمتها القاهرة كورقة تفاوضية مع الغرب، أي أن موسكو زودت القاهرة بأداة “للابتزاز السياسي” في المحادثات مع نظرائها الغربيين، إضافة إلى عوائد السياحة والتي بدورها كانت توظفها القاهرة في شراء البضائع والسلع التي كانت تزودها بها الولايات المتحدة)[28](.

أما عقب ثورة يناير، فيري تشوبريجين أن العلاقات المصرية الروسية تم تعزيزها نتيجة الأخطاء الأمريكية في التعاطي مع الاحتجاجات خلال هذه الفترة. والتي يراها تشوبريجين تتمثل في: أولا، سوء تفسير طبيعة الاحتجاجات والتي يرى أنها كانت اقتصادية بالأساس وليست مناديةً بتغييرات ديمقراطية. ثانيًا، سوء فهم دور جماعة الإخوان المسلمين. ثالثًا، استهانة واشنطن بنفوذ الجيش. رابعًا، تخلي الولايات المتحدة المفاجئ عن مبارك)[29](. إلى جانب هذه الأخطاء بدأ النهج الروسي في التعاطي مع الربيع العربي بحسبانه مؤامرة غربية يؤتي ثماره خاصةً في ظل تطابق رواية النظام المصري مع النظام الروسي بخصوص أحداث المنطقة.

في سبتمبر 2014، أبرمت مصر وروسيا صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار لشراء طائرات مقاتلة ومروحيات وأنظمة مضادة للصواريخ الباليستية)[30](، وذلك في الوقت الذي قامت فيه إدارة أوباما بتجميد نقل بعض المعدات إلى القاهرة، وفرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على تصدير الأسلحة إلى مصر. وكدليل على تعميق العلاقات بين مصر وروسيا، وقع السيسي وبوتين في أكتوبر 2018 اتفاقية شراكة شاملة خلال زيارة إلى موسكو)[31](، تغطي الاتفاقية الجوانب العسكرية والأمنية والتجارية والتعاون الاقتصادي.

وبدأت القاهرة، في 2018، بشراء 31 طائرة مقاتلة من طراز Su-35 في صفقة قيمتها 2 مليار دولار، وتشترك شركة روساتوم المملوكة للدولة الروسية في مشروع بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر بالضبعة، وذلك بموجب عقد تم توقيعه في ديسمبر 2017)[32](. كما صادق البرلمان المصري، في ديسمبر 2020، على اتفاقية شاملة أخرى بين مصر وروسيا، وبموجب الاتفاقية، اتفقت الدولتان على تبادل الزيارات الدورية على مستوى الرئاسة ووزراء الخارجية والدفاع. كما تضمنت بنودًا حول مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية والسياحة والشباب([33]). وبلغ حجم التبادل التجاري بين القاهرة وموسكو 6.2 مليار دولار في عام 2019، بما في ذلك 5.7 مليار دولار من الصادرات الروسية إلى مصر، مما يجعلها أكبر شريك تجاري لروسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويضع روسيا في المرتبة الثالثة كأهم شريك لمصر بعد الاتحاد الأوروبي والصين([34]).

أما سياسات موسكو في الجار الغربي لمصر، ليبيا، فجاءت متوافقةً مع السياسات الروسية في دعم الأنظمة الاستبدادية وهياكل النظم القديمة، لذا قامت بدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في حملته العسكرية على طرابلس، وفي أواخر 2019 وحتى أوائل 2020، تزعم الهجوم على طرابلس مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية بقيادة رجل الأعمال التابع للكرملين يفغيني بريغوزين)[35](. إلا أنه ومنذ فشل هجوم حفتر على طرابلس، فإن موسكو نأت بنفسها عن حفتر، وأقبلت على التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية والتي شُكلت كنتيجة للحوار الذي رعته الأمم المتحدة برئاسة عبد الحميد دبيبه([36]).

خلاصة الأمر؛ عادت موسكو تدريجيًا للمنطقة العربية لتلعب دورًا مركزيًا في التعاون الإقليمي، منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثانية، بعد توقف استمر لعقود طويلة. لقد عزز التدخل الروسي في سورية لدعم نظام الأسد منذ نهاية 2015 وحتى الآن دورها كقوة فاعلة في المنطقة، وعملت موسكو منذ ذلك الوقت على توسيع وجودها السياسي والدبلوماسي بالإضافة إلى تأسيس وترسيخ علاقاتها مع كل تكتلات وأطراف القوة الرئيسية، بما فيها الأطراف الإقليمية المتصارعة، حيث أظهرت روسيا مرونة في التعامل مع صراعات القوى في المنطقة.

ثالثًا– الاستراتيجية الصينية في المنطقة العربية:

لا يعتبر العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط مجال التأثير الجيوسياسي الأساسي للصين، لكن على الرغم من ذلك فإن أهمية المنطقة لبيجين تأتي من كونها مورِّدا رئيسيا للطاقة وسوق كبير للمنتجات الصينية وللاستثمارات خاصةً في مجال البنية التحتية والموانئ والطرق التي تخدم مشروع الحزام والطريق، كذلك ظهرت بوادر لأهمية الجانب الأمني في تعاطي الصين داخل المنطقة تمثلت في التأثير على الحكومات العربية للتضييق على الأقلية الإيجورية. لقد توسع الحضور الصيني في العالم العربي بشكل كبير مع إعلان الرئيس الصيني شي جين بينج، في عام 2013، عن مبادرة الحزام والطريق (BRI)، والتي تعد بمثابة حجر الزاوية في استراتيجية الصين الخارجية.

إن الاستراتيجية الصينية في العالم العربي على وجه الخصوص وفي الشرق الأوسط في العموم، ترتكز على التعاون الاقتصادي، فالرئيس الصيني يعتبر أن تعزيز النمو الاقتصادي هو أفضل نهج في التعامل مع المشاكل التي تُلمُ بالمنطقة، حيث “إن التنمية قضية الحياة وكرامة الشعوب، وهي سباق مع الزمان وصراع بين الأمل واليأس. وإن تحقيق كرامة الحياة للشباب من خلال تطويرهم وتنميتهم هو الطريق الوحيد لأن ينتصر الأمل على اليأس في عقولهم، وأن يستبعدوا طوعا عن أعمال العنف وموجات التطرف والإرهاب في سلوكهم([37]).

لقد تشكل نهج السياسة الصينية تجاه الدول العربية عقب الاضطرابات التي أعقبت الربيع العربي عبر وثيقتين؛ الأولى هيالرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” التي صدرت في عام 2015([38])، والثانية هي وثيقة “سياسة الصين تجاه الدول العربية” الصادرة عام 2016([39])، يركز إطار التعاون الذي تم تحديده في هاتين الوثيقتين على المجالات الاقتصادية بالدرجة الأولى كالطاقة والبنية التحتية والتجارة والاستثمار؛ حتى تبرهن بيجين على أن نهجها ليس استعمارًا ولا يصبو إلى الهيمنة على دول المنطقة فجعلت الوزن الأكبر في وثيقتيها لمسألة التعاون الاقتصادي والتنمية في الشراكة الصينية مع دول العالم العربي.

تعتبر الوثيقة الأولى “الرؤية والتحرك” أن هناك خمس أولويات للتعاون بين الدول الواقعة في إطار مبادرة الحزام والطريق حتى تطور العلاقات فيما بينها، هي: التنسيق السياسي، وتوصيل المرافق، والتجارة غير المعوقة، والتكامل المالي، والتبادل الثقافي([40]). إن غياب الحديث عن المجالات الأمنية والعسكرية في تلك الوثيقة يدعم الرواية الصينية القائلة بأن مبادرة الحزام والطريق هي مبادرة تتمحور حول التنمية وليست جزءًا من استراتيجية جيوسياسية. أما الوثيقة الثانية المتعلقة بـ “سياسة الصين تجاه الدول العربية” فحددت رؤية الصين للتعاون مع العالم العربي حيث ترغب الصين في تنسيق استراتيجيات التنمية مع الدول العربية، والاستفادة من مزايا وإمكانيات بعضها البعض، وتعزيز التعاون الدولي في مجال القدرة الإنتاجية وتعزيز التعاون، ومن الأمور المركزية في هذا الإطار معادلة التعاون “1 + 2 + 3“، المتمثلة في اعتماد مجال الطاقة محورًا رئيسيًا، ومجالَيْ البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحَين و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق في التعاون، وتعزيز التعاون في الطاقة الإنتاجية([41]).

عززت الصين تواجدها في المنطقة العربية من خلال شبكة من “الأطر الاقتصادية” التي شملت شراكات استراتيجية مع بعض من دول المنطقة (مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، السودان، المغرب والجزائر)، والمنتدى الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية (CASET)، الذي يعتبر ثمرة لمنتدى التعاون العربي الصيني الأساسي الذي أطلق عام 2004([42])، ومن المرجح أن تزداد تلك الروابط الاقتصادية وتعزز من خلال اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي الذي تم إرجاؤها أكثر من مرة نظرًا لاختلاف وجهات النظر حول فرض الصين لتعريفات جمركية مرتفعة على واردات الخليج من النفط ومصادر توليد الطاقة وكذلك لاختلاف الجانبين حول الصراع في سورية([43]).

رابعًا- من المصالح الاقتصادية إلى بوادر شراكة سياسية وأمنية:

تُعبِّر وثيقة “سياسة الصين تجاه الدول العربية” عن رغبة بكين في بلورة سياسة أكثر شمولا إزاء العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ومع أن هذه الوثيقة لا تغطي التفصيلات، وتركز بشكل رئيسي على “معادلة التعاون 1+2+3“، إلّا إنها تدعو بصورة عامة إلى تعميق التعاون السياسي والتنسيق الأمني مع الدول العربية. حاليًا، تستمر بكين علنًا في التقليل من دور الحسابات العسكرية أو الجيوسياسية الكبرى في تحريك علاقاتها في الشرق الأوسط، غير أن نشاطها الاقتصادي ما انفك يقترن بالجوانب السياسية والأمنية “التي تشكل جزءًا من استراتيجية أعمق وأوسع وأكبر ممّا قد تبدو عليه للوهلة الأولى”)[44](. وعلى الرغم من كون ذلك بوادر أولية، فإنه قد يصبح خلال الأعوام المقبلة واقعًا ماديًا يشهد استراتيجية سياسية وأمنية صينية.

لقد مثّلت ثورات الربيع العربي في عام 2011، نقطة تحوّل بالنسبة إلى الصين في العالم العربي والشرق الأوسط، عندما أُجبرت على إجلاء 36,000 عامل صيني بعد إخطارهم بالخروج من ليبيا جرّاء تصاعد أعمال العنف بسبب الحرب الأهلية؛ حيث شكل هذا الإجلاء تحديًا كبيرًا للصين نظرًا إلى عدم وجود قوات عسكرية أو بنى تحتية قريبة، الأمر الذي اضطرها عمليًا إلى تنفيذ مهمة إنقاذ بعيدة المدى شملت نشر أربع طائرات وفرقاطة، علاوة على استخدامها بُنى تحتية سياحية في الدول المجاورة لإيواء رعاياها موقتًا([45]). وجاءت تلك الحادثة لتسلط الضوء على هشاشة المصالح الاقتصادية الصينية، واقترن ذلك بغياب استراتيجية سياسية وأمنية. نتيجة ذلك، سعت الصين لإنشاء بنية تحتية بحرية خاصة بها، وخصوصًا في موانئ البحر الأحمر التي يمكنها أن تشكل نقاط ارتكاز مهمة لتنفيذ عمليات أمنية وخطط إنقاذ في المستقبل، الأمر الذي طوَّر التعاطي الصيني مع الاضطرابات في العالم العربي وساهم بشكل إيجابي في مساهمة الصين في جهود إجلاء 600 من رعاياها)[46]( و225 من رعايا عشر دول أخرى من اليمن في عام 2015)[47](.

إلى جانب جهودها في إجلاء المواطنين من دول الصراع في العالم العربي، شاركت بكين في مهام مكافحة القرصنة والأمن البحري في بحر العرب وخليج عدن، وزادت جهود الوساطة التي تبذلها في أزمات سورية واليمن -وإن كان ذلك بحذر- كما عينت الصين مبعوثين خاصين لدول الشرق الأوسط المتنازع عليها. علاوة على ذلك، فإن إنشاء الصين لأول قاعدة عسكرية خارجية لها، في جيبوتي، فضلا عن احتمال عسكرة ميناء جوادر الباكستاني، يسهمان في نمو الوجود العسكري للبلاد بالقرب من الممرات البحرية الخانقة الحاسمة في مضيق هرمز وباب المندب)[48](.

زودت الصين العديد من دول المنطقة مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق والأردن بالأسلحة خاصة المسيرات من نوع (Wing Loong)، وكانت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا والمؤسسة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء الجوي وقعت اتفاقية شراكة لإنتاج الطائرات بدون طيار CH-4 الصينية في مارس 2017([49]). هذا الإقبال العربي المتزايد على المسيرات الصينية أرجعه مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الأمن في منطقتي المحيط الهندي والهادئ راندال شرايفر، إلى حظر الولايات المتحدة تصدير تلك المعدات باعتبارها من الدول الموقعة على المعاهدات الدولية للحد من التسلح)[50](. تجدر الإشارة هنا إلى أن تلك الأسلحة يُعاد توريدها داخل المنطقة في مناطق الصراع حيث ظهرت تلك الطائرات مع قوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر في هجومه على طرابلس في عام 2019)[51](.

ملمح آخر من التعاطي الأمني الصيني داخل العالم العربي، يتضح في التعاون الصيني مع الأجهزة الأمنية العربية في ملاحقة الأقلية الإيجورية؛ تلك الإجراءات التي تزعم الحكومة الصينية بأنها تأتي لمكافحة التطرف الجماعي والحدّ من الإرهاب تلقى ترحيبًا من كثير من الأنظمة في العالم العربي خاصةً في ظل عداء تلك الأنظمة للحركات السياسية الإسلامية، المفارقة التي نجدها هنا أن الضغوط الصينية تتجاوز المؤسسات الأمنية التي قد تتوافق مع السياسات الصينية، بل تنصب على مؤسسات إسلامية عالمية ومحلية تجعلها تلك الضغوط تحجم عن التعاطي مع قضايا الأقليات المسلمة والاضطهاد الصيني لهم([52]).

خامسًا – البعد الثقافي في السياسات الروسية الصينية تجاه المنطقة العربية

لا تقل الأبعاد الثقافية في سياسة القوتين الصاعدتين على المسرح الدولي عن الأبعاد الاقتصادية والأمنية والعسكرية، بل أننا نجد أن قواهم الناعمة تلعب دورًا كبيرًا في حشد التأييد ومجابهة النفوذ الغربي داخل العالم العربي، حيث تسعى كل من روسيا والصين إلى تقديم نموذج مضاد أو بديل للنموذج الأمريكي والغربي الذي يؤكد على القيم الليبرالية والساعي إلى تطبيق الديمقراطية الغربية ولو بالقوة المسلحة كما حدث في أفغانستان والعراق.

تلقفت كل من موسكو وبيجين هذه النزعة الغربية الإمبريالية وعملتا على التأكيد من خلال الوثائق الصادرة عنهما أو في تصريحات المسؤولين الروس والصينيين، على أن سياساتهما لا تسعى إلى فرض النموذج الروسي/ الصيني بالقوة على دول المنطقة وأنهما تحرصان على الشراكة البناءة من دون التدخل في سياسات الدول، مشددتين على مبدأ سيادة الدولة وفقًا للقانون الدولي، واصفتين التدخل الأجنبي فيها باعتباره أحد أسباب عدم الاستقرار والتطرف في المنطقة([53]). تلك هي القيم الحاكمة التي تؤكد عليها موسكو وبيجين، وتتوافق بشدة مع الأنظمة في العالم العربي: تنمية بدون إصلاح ديمقراطي أو مساءلة.

على صعيد متصل استخدمت القوتان عدد من الأدوات في تأكيد قيمهما، وتنوعت تلك الأدوات بين القنوات الإعلامية والمعاهد العلمية والمراكز الثقافية، وذلك على النحو التالي:

  • صناعة الإعلام:

تشكّل هذه الصناعة جزءًا مهمًّا من الصناعة الثقافية، وتشمل صناعة الكُتب، والأفلام، والمحطات الإخبارية والإذاعة. وتهتم بيجين بتلك الأدوات؛ حيث قامت الحكومة الصينية بتوقيع مذكرة تفاهم في مجال ترجمة الكتب ونشرها وتأسيس عدد من المبادرات والمشاريع في مجال الترجمة، مثل: مشروع ترجمة “حضارة واحدة” بين مؤسّسة الفكر العربي والمجموعة الصينية للنشر الدولي الذي أطلق في ديسمبر 2009([54])، ومشروع “الترجمة المُتبادَلة لأمّهات الكُتب الصينية والعربية” في مايو 2010، ومركز تبادُل الترجمة وحقوق النشر بين الصين والدول العربية في العام 2016، وتهدف هذه المشروعات إلى ترجمة أهمّ المؤلّفات والكُتب الصينية في مجالات الفكر والتنمية والتعليم والتكنولوجيا، وتجربة الصين الناجحة في مجالات أخرى([55]).

كما دخلت وسائل الإعلام الصينية الرئيسة إلى الدول العربية أيضًا، ومن ذلك على سبيل المثال، القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية التابعة لتلفزيون الصين المركزي (CGTN)([56])، والقسم العربي في إذاعة الصين الدولية، فضلا عن “وكالة أنباء شينخوا” الذي يوجد فرعها الرئيس في الشرق الأوسط في القاهرة، وأنشأت القسم العربي في العام 2011([57]). بالإضافة إلى هذه القنوات والوكالات، عمل الصينيون على إهداء المسلسلات التلفزيونية الصينية لشبكات التلفزيون العربية، وعرض الفن الصيني في المتاحف المحلية([58]).

أما موسكو فقامت بتطوير القناة التلفزيونية الدولية “روسيا اليوم RT)[59](، ووجهت نسخة منها إلى العالم العربي، كما انشأت وكالة أنباء وإذاعة “سبوتنيك([60])، وأضحت تلك الوسائل بمثابة “بوق دعائي” لموسكو في العالم العربي، وتعمل في كل برامجها على تقديم رؤية مضادة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب. وتحاول قناة روسيا اليوم التلفزيونية الناطقة باللغة العربية، التي تعمل منذ مايو 2007، تقديم روسيا في صورة دولة حديثة وديناميكية، واكتساب القناة شعبية وتجاوزت القنوات المماثلة الأوروبية والأمريكية الناطقة بالعربية من حيث التصنيف، ووفقا لدراسة تم إجراؤها في عام 2010، فإن أكثر من خمسة ملايين شخص يشاهدون القناة في سبع دول عربية (سورية ولبنان والكويت والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر والمملكة العربية السعودية))[61](.

  • المعاهد والمراكز الثقافية:

اعتبارًا من عام 2006، بدأت مراكز معهد كونفوشيوس في الظهور في البلدان الناطقة باللغة العربية، وبحلول عام 2020 أنشأت الصين 15 معهدًا في ثمان دول عربية (لبنان، مصر، الأردن، المغرب، السودان، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، تونس)، وذلك من أصل 512 معهدًا و1073 فصلا في 140 دولة (منطقة) في العالم. إن الهدف الرسمي للمعاهد، كما يظهر من مواقعها على شبكة الانترنت، هو تقديم دورات في اللغة الصينية وأنشطة ثقافية صينية، بحيث يكون الجمهور المستهدَف بشكل أساسي من الطلاب والباحثين. ومع ذلك، فإن المعاهد تخدم غرضًا آخر، كونها “جزءًا مهمًا من بنية الدعاية الخارجية للصين”)[62]).

على الجانب الآخر استمر الكرملين في استخدام أدوات قوته الناعمة من خلال المنظمات التي تسيطر عليها الحكومة والتي تم تقديمها على أنها منظمات غير حكومية؛ خاصةً المراكز الثقافة الروسية، وترى آنا بورشفسكايا الخبيرة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن موسكو عززت الثقافة الروسية في جميع أنحاء المنطقة، في المقام الأول من خلال المراكز الثقافية التي تديرها وكالة الجاليات الروسية (Rossotrudnichestvo)([63]) ومؤسسة (RusskiyMir)، وتعمل هذه المراكز على نشر اللغة والثقافة الروسية كالباليه والأفلام)[64](، وكذلك التعاون العلمي والعمل مع المواطنين في الخارج وتعزيز العلاقات مع الشتات الروسي، وتنقسم الأحداث التي يعقدها RCSC في البلدان العربية إلى عدة فئات: الأحداث العامة، والعمل مع المواطنين، وتعزيز اللغة والثقافة الروسية، وتعزيز الخدمات التعليمية في روسيا)[65](.

خاتمة – مستقبل الدور الروسي الصيني في المنطقة

استطاعت موسكو وبيجين أن تجدا لنفسيهما مواطئ قدم في المنطقة العربية وعملتا على تعزيز حضورهما وتحالفاتهما مع عدد من الدول في المنطقة، مستفيدتين من التخبط الأمريكي في التعاطي مع قضايا المنطقة وصعود قيادات عربية –خاصةً بعد الربيع العربي الذي مثل تهديدا لكثير من العروش العربية– أكثر حساسية في تعاطيها مع قضايا الإصلاح الديمقراطي من منظور غربي وأكثر تمردًا على التحالفات القديمة مع الولايات المتحدة والغرب الذين وجدوا أنهم حلفاء لا يُعتمَد عليهم في ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة.

تعالج مبادرة الحزام والطريق الصينية مخاوف التنمية في العالم العربي، وفي الوقت نفسه، تنظر بعض القيادات العربية إلى الدور الروسي على أنه عامل للاستقرار في المنطقة وأن موسكو حليف ملتزم بأداء التزاماته تجاه حلفائه كما ظهر في سورية. كما أن القوة الناعمة للقوتين الصاعدتين تعمل على تعزيز تلك الصورة في العالم العربي وهو ما تجلى مؤخرًا في ردود الأفعال على الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث أظهر استطلاع رأي عالمي ردود فعل إيجابية تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا خارج الدول الغربية في الصين وماليزيا وغيرها وفي عدد من الدول العربية (مصر، الجزائر، المغرب والمملكة العربية السعودية))[66](، يُظهر هذا نجاح القوى الناعمة الروسية في تعزيز صورة موسكو والرواية الروسية للأحداث في العالم.

لكن ثمة معوقات لهذا الدور الروسي الصيني في المنطقة العربية؛ حيث إنه بينما تسعى القوتان إلى وراثة الدور الأمريكي في المنطقة، فإنهما لا ينفقان الموارد المطلوبة لتحقيق ذلك الدور. فروسيا على الرغم من تنامي حضورها العسكري في بعض دول المنطقة فإنها تنقصها الموارد الاقتصادية للتمدد لدول أخرى، على العكس من ذلك فإن الحضور الاقتصادي التنموي والاستثماري الصيني يتطلب اضطلاع بيجين بدور أمني وعسكري خاصةً لتأمين موارد الطاقة وتعزيز الاستقرار في مناطق الفراغ التي تخلفها واشنطن.

__________________________

الهوامش

([1]) وثيقة “تقوية أمريكا ومواجهة التحديات العالمية”، د.ت، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/hIjYn

([2]) طرح بعض النواب الجمهوريين في عهد ترامب وثيقة “تقوية أمريكا ومواجهة التحديات العالمية”، بهدف تجاوز المأزق الذي وقعت فيه استراتيجية ترامب للأمن القومي “أمريكا أولا” الصادرة عام 2017، وذلك بإعادة تفسير هذه الاستراتيجية “أمريكا أولا” بأنها لا تعني وفق التفسير الجديد الانعزال أو الانسحاب من المسرح الدولي، بل تعني تقوية أمريكا حتى تتمكن من قيادة النظام الدولي. أما في عهد بايدن فقد طرح “معهد بروكينغز” (Brookings Institution)‏ كتاب “إعادة الانخراط في الشرق الأوسط: رؤية جديدة لسياسة الولايات المتحدة”، لمناقشة حجج أطروحتي “الانسحاب والهيمنة” تمهيدًا لتقديم طرح يتجاوز تلك الثنائية المتعارضة.

([3]) توفيق المديني، التوليتارية الليبرالية الجديدة والحرب على الإرهاب، (دمشق: اتحاد الكتاب العرب، 2003)، ص 207 وما بعدها.

([4]) John Simpson, Russia’s Crimea plan detailed, secret and successful, BBC News, 19 March 2014, Accessed at: 13 May 2022, 03:00, available at: https://cutt.us/0zGAh

([5]) نص القرار مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا في 17 مارس 2011، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/R8pU0

([6]) مجلس الأمن يتبنى قرارا بفرض حظر جوي فوق ليبيا، بي بي سي عربي، 17 مارس 2011، تاريخ الاطلاع: 15 مايو 2022، الساعة 05:10، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/RsMBV

([7]) Jonathan Saul, Exclusive: Russia steps up military lifeline to Syria’s Assad – sources, Reuters, 17 January 2014, Accessed at: 13 May 2022, 04:00, available at: https://cutt.us/nJMDe

([8]) Russia joins war in Syria: Five key points, BBC News, 1 October 2015, , Accessed at: 13 May 2022, 05:00, available at:  https://cutt.us/1eZ1r.

)[9]) The Foreign Policy Concept of the Russian Federation, The Embassy of The Russian federation to The united kingdom of great Britain and North Ireland, 12 February 2013, Accessed at: 16 May 2022, 9:00, available at: https://cutt.us/sLXIz

([10]) Military Doctrine of the Russian Federation, The Embassy of The Russian federation to The united kingdom of great Britain and North Ireland, 29 June 2015, Accessed at: 16 May 2022, 9:30, available at:  https://cutt.us/kx2Cf

([11]) تعتبر بمثابة وثيقة التخطيط الاستراتيجي الأساسية التي تحدد المصالح الوطنية لروسيا الاتحادية والأولويات الوطنية الاستراتيجية والأهداف والمهام والتدابير في مجال السياسة الداخلية والخارجية التي تهدف إلى تعزيز الأمن القومي لروسيا الاتحادية وضمان التنمية المستدامة للبلاد على المدى الطويل. راجع: سيد غنيم، الأصابع على الزناد، استراتيجيات الأمن القومي للدول الكبرى وتأثيراتها على الشرق الأوسط، (الجيزة: دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات، الطبعة الأولى، 2021)، ص 60.

([12]) Vladimir Putin, speech delivered to the 70th session of the united nations, Official Internet Resources of the President of Russia, 28 September 2015, Accessed at: 16 May 2022, 07:30, available at: https://cutt.us/2ltOT

([13]) Foreign Policy Concept of the Russian Federation, Approved by the President of the Russian Federation Vladimir Putin, The Ministry of Foreign Affairs of the Russian Federation, 1 December 2016, Accessed at: 16 May 2022, 09:30, available at: https://cutt.us/RVWaA

([14]) كلمة “الإرهاب” تظهر 16 مرة في مفهوم 2013 مقابل 36 مرة في تحديث 2016.

([15]) هشام جعفر، سردية الربيع العربي ورهانات الواقع، (القاهرة: دار المرايا للإنتاج الثقافي، الطبعة الأولى، 2021)، ص 115.

([16]) Chris Pocock, Frustrated Iraqi PM Buys Russian Fighters, AINOnline, 27 June 2014, Accessed at: 16 May 2022, 09:30, available at: https://cutt.us/gaqnQ

([17]) معمر فيصل خولي، العراق في الاستراتيجية الروسية: تحديات تواجه استعادة النفوذ، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 23 مارس 2021، تاريخ الاطلاع: 18 مايو 2022، الساعة 03:30، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/2tBX5

([18]) حسام محمد خضير، العلاقات العراقية – الروسية (2014 – 2018)، مجلة مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – جامعة بغداد، العدد 82، 2020، ص 521.

([19]) فاطمة حسين فاضل المفرجي، تطور العلاقات الروسية – العراقية للمدة (2011 – 2019)، مجلة العلوم السياسية، العدد 62، ديسمبر 2021، ص 338–339.

([20]) Abbas Kadhim, Iraqi-Russian Relations amidst US Security-Focused Engagement, (in): Karim Mezran and Arturo Varvelli (eds.), The MENA region: A great power competition, (Milan: ISPI and The Atlantic Council, First edition, October 2019), P. 91.

([21]) Nicola Pedde, Russia’s Strategy Toward Iran and the Gulf, (in): Karim Mezran and Arturo Varvelli (eds.), The MENA region: A great power competition, op. cit., P. 136.

([22]) The Foreign Policy Concept of the Russian Federation, Approved by the President of the Russian Federation Vladimir Putin, 28 June 2000, Accessed at: 19 May 2022, 02:30, available at: https://cutt.us/eHisX

([23]) Nicola Pedde, Russia’s Strategy Toward Iran and the Gulf, Op. cit., p. 136.

([24]) Marc Bennetts, Saudi king to make historic visit to Russia, The National, 30 September 2017, Accessed at: 19 May 2022, 05:00, available at: https://cutt.us/fvh4X

([25]) UAE, Russia forge strategic partnership, Gulf News, 01 June 2018, Accessed at: 20 May 2022, 02:00, available at: https://cutt.us/bpHyS

([26]) Samuel Ramani, Russia and the UAE: An Ideational Partnership, Middle East Policy, Vol. 27, NO. 1, Spring 2020, pp. 125–126.

([27]) Russia’s Putin signs deals worth $1.3bn during UAE visit, Al Jazeera English, 15 October 2019, Accessed at: 20 May 2022, 02:30, available at: https://cutt.us/aikGa

([28]) Andrey Chuprygin, Russia and the United States in the Cases of Egypt and Libya, (in): Karim Mezran and Arturo Varvelli (eds.), The MENA region: A great power competition, op. cit., P. 99.

([29]) Ibid., p. 100.

([30]) Russia, Egypt seal preliminary arms deal worth $3.5 billion: agency, Reuters, 12 August 2014, Accessed at: 21 May 2022, 01:00, available at: https://cutt.us/w81ID.

([31]) VLADIMIR ISACHENKOV, Russian and Egyptian presidents sign partnership treaty, AP News, 17 October 2018, Accessed at: 21 May 2022, 12:00, available at: https://cutt.us/fR8BQ

([32]) Russia, Egypt sign deal to construct nuclear power plant, DW English, 11 December 2017, Accessed at: 21 May 2022, 01:30, available at: https://cutt.us/RjAJP

([33]) Egypt’s parliament ratifies deal on strategic cooperation with Russia, Russian News Agency, 16 December 2020, Accessed at: 21 May 2022, 01:00,  available at: https://cutt.us/E2Drw

([34]) بالأرقام.. العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا ومصر، روسيا اليوم أونلاين، 11 يونيو 2020، تاريخ الاطلاع: 21 مايو 2022، الساعة 03:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/IE9X0

([35]) Ilya Barabanov & Nader Ibrahim, Wagner: Scale of Russian mercenary mission in Libya exposed, BBC News, 11 August 2021, Accessed at: 21 May 2022, 04:00, available at: https://cutt.us/OOo0i

([36])  الحرب في ليبيا: انتخاب حكومة وحدة وطنية ليبية مؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبه، بي بي سي عربي، 5 فبراير 2021، تاريخ الاطلاع: 21 مايو 2022، الساعة 05:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/kZH91

([37]) كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في جامعة الدول العربية، سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق، 22 يناير 2016، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022، الساعة 13:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/1ZKWa

([38]) وثيقة الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، صفحة سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية مصر العربية، 28 مارس 2015، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022، الساعة 13:30، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/smURC

([39]) وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق، 14 يناير 2016، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022، الساعة 14:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/Bx0LL

([40]) وثيقة الرؤية والتحرك، مرجع سابق.

([41])  وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، مرجع سابق.

([42]) سياسة الصين الخارجية، مجلة مسارات التابعة لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، العدد 11، فبراير 2014، ص 4.

([43]) مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج العربية: التحديات والفُرَص، مركز الإمارات للسياسات، 25 فبراير 2022، تاريخ الاطلاع: 11 يونيو 2022، الساعة 14:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/ioH0p

([44])  Jonathan Fulton, China’s challenge to US dominance in the Middle East, (in): Camille Lons (ed.), China’s Great Game in the Middle East, European Council on Foreign Relations/ ECFR, October 2019, p. 15.

)[45]) Royston Chan, Tom Miles, CORRECTED – China evacuates 12,000 from Libya, sends frigate to help, Reuters, 25 February 2011, Accessed at: 15 June 2022, 07:00, available at: https://cutt.us/NPWQD

([46]) Yemen crisis: China evacuates citizens and foreigners from Aden, BBC NEWS, 03 April 2015, Accessed at: 15 June 2022, 07:30, available at: https://cutt.us/1drPg

([47]) Adam Taylor, What Yemen’s crisis reveals about China’s growing global power, The Washington post, 31 March 2015, Accessed at: 15 June 2022, 08:30, available at: https://cutt.us/RHBM6

([48]) Camille Lons, China’s evolving role in the Middle East, (in): Camille Lons (ed.), China’s Great Game in the Middle East, op. cit., p. 2.

([49]) Christopher Diamond, China to open a drone factory in Saudi Arabia, defense news, 28 March 2017, Accessed at: 15 June 2022, 11:00, available at: https://cutt.us/9ZeOJ

([50]) Jack Detsch, Pentagon fears China’s growth in Middle East arms market, al-monitor, 29 May 2019, Accessed at: 15 June 2022, 11:30, available at: https://cutt.us/GIkcS

([51]) David Axe, Welcome to Libya’s War of Drones (Courtesy of China?), 1 May 2019, Accessed at: 15 June 2022, 12:00, available at: https://cutt.us/f53GI

([52]) في أثناء إعدادي لدراسة عن جهود المؤسسات الإسلامية في مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا كنت قد التقيت بأحد المسؤولين عن المراكز البحثية في إحدى المؤسسات الإسلامية الرسمية، وذكر لي أنهم لا يجرؤون على إدانة الانتهاكات الصينية ضد الأقليات المسلمة في شينجيانج، وعلل ذلك بالدور النشط للسفارة الصينية بالقاهرة التي لن تجعل الإدانة تمر. لمزيد عن تعاطي المؤسسات الإسلامية مع السياسيات الصينية راجع: محمد علي إسماعيل، جهود مؤسسات إسلامية رسمية في مقاومة الإسلاموفوبيا: الأزهر الشريف نموذجا، (في) سلسلة أمتي في العالم: الجديد في حالة الإسلام والمسلمين في العالم (2010-2020): ما بعد الإسلاموفوبيا؟، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2021)، ص 514 وما يليها.

([53]) كاظم هاشم نعمه، القوة الناعمة الصينية والعرب، مجلة سياسات عربية، العدد 26، مايو 2017، ص 30.

([54]) مؤسسة الفكر العربي تطلق مشروع ترجمة “حضارة واحدة”، بوابة الرأي، 17 ديسمبر 2009، تاريخ الاطلاع: 17 يونيو 2022، الساعة 07:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/92ZiO

([55]) القوّة الناعمة الصينيّة في العالَم العربيّ، بوابة الشروق، 12 سبتمبر 2017، تاريخ الاطلاع: 17 يونيو 2022، الساعة 07:00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/qaZ1p

([56]) موقع القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية، على الرابط التالي: https://arabic.cgtn.com/

([57]) نفس المرجع.

([58]) Roie Yellinek, Yossi Mann & Udi Lebel, Chinese Soft-Power in the Arab world – China’s Confucius Institutes as a central tool of influence, Taylor and Francis Online, 06 November 2020, Accessed at: 17 June 2022, 07:20, available at: https://cutt.us/cbp5c

([59]) موقع روسيا اليوم بالعربي، https://arabic.rt.com/

([60]) موقع سبوتنك على الرابط التالي: https://cutt.us/Ujgkd

([61]) Mokhova I.M, The image of Russia in the Arab world: from Soviet-Arab friendship to the problem of finding a new image, 01 February 2013, Accessed at: 17 June 2022, 08:00, available at: https://cutt.us/s7jNv

([62]) Roie Yellinek, Yossi Mann & Udi Lebel, Chinese Soft-Power in the Arab world – China’s Confucius Institutes as a central tool of influence, Op. cit., pp. 523–524.

([63]) المعروفة باسم “الوكالة الفيدرالية لاتحاد الدول المستقلة والمواطنين الذين يعيشون في الخارج والتعاون الإنساني الدولي” وهي النسخة الروسية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

([64]) Anna Borshchevskaya, Russia’s Soft Power Projection in the Middle East, Washington institute, 04 December 2020, Accessed at: 17 June 2022, 01:00,  available at: https://cutt.us/a4oXM

([65]) Mokhova I.M, The image of Russia in the Arab world: from Soviet-Arab friendship to the problem of finding a new image, op. cit.

([66]) Patrick Wintour, Negative views of Russia mainly limited to western liberal democracies, poll shows, the guardian, 30 May 2022, Accessed at: 17 June 2022, 03:20, available at: https://cutt.us/UotJP

فصلية قضايا ونظرات -العدد السادس والعشرون ـ يوليو 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى