دور منظمات المجتمع المدني في تخفيف حدة الجائحة: ماذا وكيف؟
مقدمة:
مثل فيروس كورونا (Covid-19) الذي ظهر في الصين بنهاية ديسمبر 2019، أزمة كونية تعتبر من الأزمات الكبرى التي واجهت العالم بأكمله على اختلاف وتنويعات تكويناته، ونموذجًا للأوبئة غير متوقعة والتي تضرب المجتمعات ويتسع حجم تأثيراتها على نحوٍ يصعب مجابهته بالإمكانات المعتادة، فانتشار وباء شرقًا وغربًا على هذا النحو والآثار المترتبة عليه من حيث إغلاق المدن والدول وفرض قيود على تنقلات المواطنيين، وتقليص النشاطات ذات الطبيعة الجماعية، ليس فقط شأنًا طبيًا، ولكنه في جانب كبير منه يتعلق بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية سواء فيما يتعلق بمسارات التصدي له أو معالجة الآثار الناجمة عنه على المديين القصير والطويل([1]).
ذلك أثار أسئلة ومخاوف متعددة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة والمستقبلية، وحول إدارة هذه الأزمة على تلك الأصعدة سواء على المستوى المحلي أو على المستويات الإقليمية والدولية، وفي هذا السياق طُرحت تساؤلات عديدة منها ما يتصل بدور منظمات المجتمع المدني([2])؟ خاصة بعد اتخاذ حكومات الدول العديد من القرارات والإجراءات الوقائية والصحية، كان من أبرزها الإغلاق الكامل والجزئي للاقتصاد وفرض الحجر الصحي على المواطنين بما في ذلك العائلات غير القادرة والتي تعمل من أجل كسب قُوتها اليومي، فضلا عن حظر السفر والطيران والانتقال بين الدول وبعضها البعض، بما رتبته هذه الإجراءات من تداعيات على جميع القطاعات والفئات في المجتمع، كل هذه التطورات المتلاحقة كشفت عن ضرورة تكاتف جهود الجميع من حكومات وأفراد ومجتمع مدني وقطاع خاص؛ لاحتواء الأزمة والتقليل من الآثار المتفاقمة لها انطلاقًا من المسئولية المجتمعية لتلك القطاعات تجاه تحقيق المصلحة العامة([3]).
وبالطبع واجهت منظمات المجتمع المدني في دول عديدة من العالم (خاصة دول الشرق الأوسط نظرًا لما تعيشه من أزمات اقتصادية وسياسية) تحديات وأزمات ربما تكون أكثر وطأة وخطورة من فيروس كورونا، ولكن لم تواجه تحديًا مثل التحدي الراهن؛ من حيث طبيعته الكونية، إضافة إلى السياقات المعقدة للإجراءات والتدابير الوقائية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي قد تستمر لفترة طويلة، وبالحديث عن المواجهة، فإن المسئولية الرئيسية تقع على عاتق الدول على المستويات المحلية بمؤسساتها السياسية والصحية والأمنية، ولكن فداحة الأزمة –على نحو ما أُشير- أوجبت أن تلعب منظمات المجتمع المدني دور رئيسًا في مواجهة الجائحة وفي التصدي لأثارها المستقبلية([4]).
وفي ضوء المقدمة السابقة، يأتي تساؤل هذا التقرير المتمثل في الآتي: ما أبرز ملامح وآليات دور واستجابة منظمات المجتمع المدني لتخفيف حدة الجائجة خاصة على الصعيد الإقليمي؟ ومن ثم سوف يتناول التقرير بقدر الإمكان الإجابة عن التساؤل من خلال الآتي: أولًا- المجتمع المدني وجائحة كورونا: أنماط الاستجابة، ومجالات الجهود. ثانيًا- دراسات حالة: مؤسسة مرسال، ومنظمة أطباء بلا حدود. وخاتمة.
أولًا- المجتمع المدني وجائحة كورونا: أنماط الاستجابة، ومجالات الجهود:
يعد “المجتمع المدني” القطاع الثالث من قطاعات المجتمع جنبًا إلى جنب مع الحكومة وقطاع الأعمال، وتقر الدول بأهمية الشراكة مع المجتمع المدني([5])، وتعد منظماته إحدى أنواع الكيانات البارزة على الساحة، والتي ظهرت نتيجة إخفاق الدولة القومية([6]) في سد الاحتياجات الأساسية لمواطنيها؛ لذلك برزت كفاعل أساسي خاصةً في مجال الخدمات الاجتماعية([7])، وتتمتع هذه المنظمات بقاعدة شعبية عريضة, في كثير من الدول؛ بسبب مساهمتها في تمويل مشاريع صغيرة للشباب أو المحتاجين، وكثيرًا ما تعتمد هذه المنظمات علي التمويل الدولي، بسبب العجز الموجود في الموارد المحلية، خاصة في العالم العربي والدول النامية([8]).
كما استطاعت هذه المنظمات إثبات أنها شريك في عملية التنمية، وتحديث المجتمعات ليس على الصعيد العالمي فقط ولكن أيضًا على الصُعد الإقليمية والمحلية. ففي الغرب ازداد دورها في العملية التنموية من الهامش إلى المركز([9])، بالإضافة إلى الخدمات التي يتم تقديمها خلال الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية في مختلف دول العالم، وعلى الرغم إن الحديث عن الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني ليس أمرًا جديدًا، إلا إن أهميته باتت تزداد بشكل كبير لاسيما في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا، والحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود من أجل التغلب على هذه الأزمة التي باتت تهدد الجميع، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الشراكة تقتضي وجود مجتمع مدني قوي، له صلاحيات حقيقية، وشريك فعلي([10]) بإمكانه أن يوفر على الحكومة الكثير من الإجراءات التي تستهلك طاقتها، بحيث تتفرغ لدورها الفعلي في الحد من الأزمة بدلا الانشغال بتوابعها؛ ومن ثم يصبح المجتمع المدني شريكًا مهمًا يوفر على الحكومة الكثير من الإجراءات الإدارية في مثل هذه الحالات([11]).
وتعتبر فاعلية المجتمع المدني بمثابة مفتاح رئيس للنجاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالنسبة لعلماء السياسة والقيادات السياسية([12])، وتختلف أحوال وفاعلية هذه المنظمات من دولة عربية إلى أخرى، ففي البعض منها لا توجد حرية لإنشاء مثل هذا النوع من المنظمات، وفي البعض الآخر يتم منح قدر من الحرية في إنشائها، ولكنها تبقى مقيدة إلى حدٍ كبير، وفي الغالب ما تكون هناك مساحة للمرواغة، ولذلك من الصعب اعتبار هذه المؤسسات قوى قادرة على التأثير في مسار التنمية في مجتمعاتها([13])، ويمكن القول أيضًا أنه قد تختلف أحوال هذه المنظمات داخل الدولة ذاتها؛ لأنها ليست كيانًا واحدًا متجانسًا من حيث المصالح والتوجهات ومجالات العمل([14])، فضلا عن تقييم الدولة للأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية التي تعمل في إطارها، ومن ثم تتعامل بعض الدول مع هذه المنظمات من هذا المنطلق فتقبل الدمج الوظيفي لبعضها، ولا تثق في البعض الآخر؛ لذلك تقوم باتخاذ حزمة من الإجراءات القانونية والأمنية والسياسية وأيضًا الإعلامية ضد من لا تثق بها، ولكن هذه الإجراءات في المحصلة تؤثر على المجتمع المدني ككل. ولاشك أن تلك المتغيرات كان لها آثارها في طبيعة فاعلية واستجابة منظمات المجتمع المدني للتعامل مع جائحة كورونا، خاصة على الصعيد الإقليمي المليء بالتعقيدات.
- حالة التعاون بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية للتصدي لجائحة كورونا:
تتوقف فاعلية منظمات المجتمع المدني في التصدي لجائحة كورونا على جدية الشراكة والتعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني كما تم التوضيح سابقًا، خاصة أن الجهات الحكومية مهما توافر لديها من أدوات ومواد وقدرات أمنية تسمح لها بالتغلل في المجتمع قد لا تستطيع مواجهة أزمة كبرى كجائحة كورونا منفردة([15]).
ولا تأتي هذه الشراكة على صورة واحدة في كل المجتمعات؛ وذلك يرجع لتباين الإطار القانوني الذي ينظم عمل المنظمات غير الحكومية ويعبر عن البيئة السياسية السائدة والإرث الثقافي والخبرة التاريخية وتباين مراكز القوة، والمؤكد أنه لا يخلو مجتمع من الشراكة بين الجهات الحكومية والمنظمات في مجال من المجالات (مع تباين مضمون هذه الشراكة بحسب طبيعة النظام السياسي)([16]).
وقد ساعدت الأزمة في إظهار بعض أمثلة التعاون، التي توضح مدى الإفادة من الإمكانات المتوافرة لدى مختلف الأطراف([17])، فعلى سبيل المثال وليس الحصر:
إنجلترا: حيث دخول هيئة الخدمات الصحية الوطنية في اتفاقية مع القطاع الخاص؛ لإعادة تخصيص قدرات المستشفيات الخاصة لصالح الهيئة، وفي أيرلندا وإسبانيا جعلت الدولة جميع المستشفيات الخاصة عامة طوال فترة أزمة فيروس كورونا، أما الدول العربية فأتاحت المنظمات في الإمارات العربية المتحدة شبكة خاصة من مقدمي الرعاية الصحية الموظفين والأسرة في المستشفيات عند حاجة السلطات الحكومية لها، وأعربت منظمات المجتمع المدني في العراق عن استعدادها لدعم الحكومة من خلال توزيع مستلزمات النظافة وتدريب العاملين الصحيين ومراقبة الحماية وتوفير الأموال، ولكن الجهات الحكومية لم تفسح المجال أمامها([18])، وفي مصر تعاونت مؤسسة أهل مصر مع وزارتي الصحة والتضامن الاجتماعي لتحويل ثلاثة مباني بطاقة استيعابية 520 سريرًا، لتكون تحت إشراف وإدارة وزارة الصحة([19])، ومنحت الدولة في البحرين التراخيص لمقدمي الرعاية الصحية من القطاع الخاص الذين يستوفون معايير منظمة الصحة العالمية للتعامل مع كورونا من أجل تقديم الخدمات للمرضى([20]).
لكن حتى ما اتخذ من الخطوات لا تنفي أننا مازلنا نحتاج في مجتماعاتنا العربية إلى تنسيق قوي؛ لضمان أن تعمل جميع القطاعات بصورة تعاونية؛ ولتحقيق استجابة كاملة من الجهات الحكومية والمجتمع بأسره لمواجهة التحديات الملحة وبناء أنظمة صحية وقادرة على الصمود في وجه هذه الأزمة([21]).
- أنماط استجابة منظمات المجتمع المدني للتصدي لجائحة كورونا:
أدت جائحة فيروس كورونا إلى تحفيز المجتمع المدني، لذلك استجاب عدد كبير من منظماته للضغوط التي تعرضت لها الدول بسبب الفيروس، وتمثلت إحدى أهم استجاباتها في التحرك السريع حيث قامت المنظمات بإسداء خدمات، ونشرت معلومات مهمة عن الفيروس وسعت لحماية المواطنين وخاصة الغير قادرين والمهمشين([22])، وتنوعت استجابات المجتمع المدني حيال هذه الجائحة بين استجابة مباشرة ذات طابع إغاثي، واستجابة غير مباشرة لا ترمي للتعامل مع التداعيات المباشرة للجائحة.
الاستجابة المباشرة (التعامل مع واقع الأزمة وتداعياتها الآنية): تنقسم إلى نوعين: هما الاستجابة المباشرة ذات المنحى الصراعي، والاستجابة ذات المنحى التعاوني (وذلك تأثرًا بطبيعة العلاقة بين المجتمع المدني والحكومات على نحو ما أُشير):
– المنحنى الصراعي (في مواجهة الحكومات): لعبت بعض المنظمات دورًا مهما في توعية المجتمعات حيال الفيروس، كان مجال نشاطها الأساسي يتمثل في مكافحة توجهين ينتشران في هذا الصدد، هما اتجاه الحد من المعلومات، واتجاه بث المعلومات المغلوطة، فبعض المعلومات المغلوطة كانت تزيد من حدة التوتر بخصوص تداعيات الفيروس، وقامت منظمات المجتمع المدني بمواجهة التراخي الذي لمسته من الحكومات في مواجهة الجائجة، ودعت لتفعيل الإجراءات الاحترازية الملائمة. ففي نيجيريا على سبيل المثال قامت جماعة “الحركة من أجل الحرية والمجال المدني” بتوثيق استجابات الحكومة النيجيرية المرتبطة بجائجة فيروس كورونا وتحليلها جنبًا إلى جنب، مع رصد وتوثيق حالات العنف التي تمارسها السلطات النيجرية تحت نفس الغطاء، وفي زيمبابوي قامت جماعة “محامو زيمبابوي من أجل حقوق الإنسان” بتأسيس خط ساخن للإبلاغ عن حالات انتهاك حقوق الإنسان تحت غطاء الجائحة، وفي سنغافورة قامت منظمات بالضغط على الحكومة من أجل تحسين أوضاع المعيشة للعمال المهاجرين الذين انعزلوا ضمن جهود مكافحة الجائحة الوبائية، أما في جنوب أفريقيا ضغت منظمات المجتمع المدني على الحكومة من أجل وقف عمليات الإخلاء مع استمرار الجائحة، كما ضغت على الحكومة لتقديم مزيد من الخدمات للفئات المتضررة([23]).
أما في الأردن فلم تُمنح مؤسسات المجتمع المدني المساحة الكافية للحركة خلال أزمة كورونا؛ لذلك طالبت عدة منظمات الحكومة بإشراك ممثلين عنها في “خلية الأزمة”؛ للاستفادة من خبراتهم في بناء السياسات وإيجاد حلول في التعامل مع جائحة كورونا في البلاد، وعلى الرغم من الظروف ثمة منظمات قامت بدور جيد في مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة، مثل مشاركة منظمة أرض في بعض الجهود في مواجهة الجائحة مع الحكومة، وكان التواصل والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، لكن ليس في الإطار الرسمي، وقد تمّ توزيع أربعة آلاف طرد عن طريق وزارة الداخلية والحكام الإداريين([24]).
ولا يختلف الوضع كثيرًا في تركيا فهناك من يرى أن منظمات المجتمع المدني تعاني قمعًا شديدًا من قبل النظام، وأن منظمات المجتمع المدني العاملة في تركيا هي فقط تلك الموالية للحكومة، كما يستخدمها النظام بعد تمويلها من الدولة ضد المعارضة([25])، في هذا الإطار شنت النقابات العمالية التركية هجومها مجددًا ضد نظام أردوغان، متهمة إياه بالتقاعس عن دعم العمال في مواجهة التداعيات السلبية لتفشي فيروس كورونا، وأصدرت العديد من نقابات العمال، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات الحقوقية في تركيا، بيانا مشتركا، طالبته باتخاذ مزيد من التدابير لتقديم المساعدات اللازمة للعاملين بتركيا من المتضررين من تداعيات تفشي الفيرو ([26])، وإن كان على الجانب الآخر هناك من يرى أن الدولة والمجتمع متناغمين ومتعاونين بشكل قوي، مما جعلها تتغلب على الكثير من المشكلات، مثل مواجهة فيروس كورونا([27]).
أما في إيران فقد تسببت عدم الشفافية في الإعلان عن عدد المصابين وتضارب الأرقام إلى تفشي الفيروس، مما أعطى الانطباع بأن الحكومة تخشى الإعلان حتى لا تتجدد الاحتجاجات مرة أخرى([28])، وسحبت السلطات الإيرانية الموافقة من منظمة أطباء بلا حدود دون سابق إنذار([29]).
وتتمثل الاستجابة التعاونية في أنماط المبادرات التي قامت على أساس المشاركة، على سبيل المثال شهدت مصر حالة تعاونية بين كل من المنظمة المصرية للصليب الأحمر، ووزارتي التعاون الدولي والتضامن الاجتماعي برعاية كل من شركة أوبر مصر والهيئة الأمريكية للمعونة الدولية التي دعمت الصليب الأحمر المصري بمبلغ حوالي51 مليون دولار وتضمنت المجهودات تدريب 6000 متطوع لإجارة 270 حملة توعوية تهدف لاحتواء انتشار الفيروس في مصر([30]).
أما الاستجابة غير المباشرة (مواجهة التداعيات على المدى الطويل) ونجد هذا النمط من الاستجابة بشكل أوضح بالعالم الغربي، حيث على سبيل المثال توجه بعض منظمات المجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية نحو عمل سياسي أكثر اتساعًا، حيث سعت لتعزيز مرونة المجتمع حيال صدمات المستقبل، وبناء أسس حركة اجتماعية جديدة تهدف لمقاومة الاختلالات الهيكلية الاجتماعية والسياسية الراهنة، وتسعى لإحداث التغيير السياسي والاقتصادي([31]).
وبشكل عام، شاركت منظمات المجتمع المدني في الوقاية من الوباء، سواء بالتعقيم أو توعية المواطنين بمخاطر فيروس كورونا وبالقواعد الصحية ووسائل المواجهة، وطرق الوقاية، خاصةً في المجتمعات الفقيرة والمهمشة، أيضًا قامت المنظمات بتوزيع أغذية أو تقديم خدمات صحية أولية لبعض الفئات الأكثر تضررًا، وصولا إلى المساهمة في تخفيف وطأة التداعيات الاقتصادية طويلة المدى. وبالنظر إلى هذا المنحى يمكن القول إن المنظمات التي لها تواجد في الأماكن الفقيرة والمهمشة وقع على عاتقها القدر الأكبر من المسئولية، وعلى رأسها المنظمات الخيرية وعدد من المنظمات التنموية([32])، وفيما يلي يتناول التقرير أهم هذه الجهود لمنظمات المجتمع المدني في المراحل المختلفة من تطور الجائحة.
- مراحل ومسارات جهود منظمات المجتمع المدني للحد من الجائجة:
تمثلت جهود منظمات المجتمع المدني في البداية المبكرة للأزمة في أنشطة تعود لها بعائد ربحي مثل تصنيع المزيد من الملابس الوقائية، ومنتجات التعقيم، وأجهزة التنفس الصناعي، ذلك بما يكفل استمرار نشاطها الذي لم يتوقف إلى هذا الحد بل وصل لنجدة العديد من الحالات والاستغاثات على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف خيري دون تلقي أي رسوم من المصابين أو ذويهم([33]).
ويمكن تقسيم جهود منظمات المجتمع المدني إلى ثلاث مسارات (تطورت وفق مراحل تطور الجائحة، ولم يكن الانتقال إلى مرحلة جديدة يعني انتهاء المسار المتبع في المرحلة السابقة):
المرحلة الأولى- المسار التوعوي الوقائي بداية الأزمة: حيث القيام بعرض برامج توعية للمواطنين حول الأزمة، وكيفية الاستعداد لها والتعامل معها، ونشر الوعي بمخاطر فيروس كورونا، وبأهمية العمل التطوعي بالمجتمع، وتوفير التمويل الذاتي لتنفيذ المبادرت اللازمة في هذه المرحلة، هذا فضلا عن توزيع المعونات ووضع خطة متكاملة لإقامة (حجر صحي) للمشتبه فيهم، وفق مطالب مديريات الصحة في المحافظات.
المرحلة الثانية- مسار توفير الحاجات الطبية المتزايدة مع تفشي الفيروس، وأهم إجراءاتها: انتقال أطقم متطوعي الجمعيات الأهلية لمناطق الإصابة، وإرسال الفرق التطوعية، وتقديم المعونة المباشرة في مناطق الحجر الصحي، والتواصل مع أطقم ووحدات التطهير في المناطق المصابة، والمعاونة في تحديد أولويات الإجراءات العاجلة لمواجهة الجائحة، وتقدير الاحتياجات بالتعاون مع الجهات التنفيذية في كل محافظة أو إقليم، وفق توجيهاته دعمًا لخطة الدولة.
أما المرحلة الثالثة- ما بعد التراجع (النسبي) للجائحة، وتمثل هذا المسار من عمل منظمات المجتمع المدني من خلال: المساهمة في إعادة تأهيل المناطق التي تم تطهيرها وفق أولويات أولها تقديم خدمات الرعاية العاجلة للمتعافين عبر: زيارة المتعافين وتقديم الرعاية العاجلة لهم ولأسرهم، ودعم احتياجات المستشفيات وزيارة المصابين الجدد ودعمهم وذويهم كذلك، من خلال تنفيذ مشروع متكامل لرعاية المتضررين، ولتكون مشاركة المجتمع المدني في مرحلة ما بعد الأزمة في إطار منظومة وزارات التضامن الاجتماعي([34]).
ليبرز البعد الاقتصادي على صعيد أشمل (لا يتوقف عند توفير المستلزمات الطبية)، ففي مصر: ما خصصته الدولة المصرية من أموال لمواجهة خسائرها لم يكن كافيًا لمواجهة تداعيات الجائحة؛ لذلك كان من الضروري تدخل منظمات المجتمع المدني([35])، فقدمت بعض المنظمات جهود كبيرة تمثلت في طرح عدد من المبادرات من خلال تقديم التبرعات العينية والمادية، والتي تستهدف التخفيف من الأعباء المعيشية جراء تضرر شرائح واسعة من المجتمع من توقف العمل في بعض المجالات، وفي مقدمتهم العمالة اليومية. كحملة “دعم العمالة اليومية مسؤولية” والتي أطلقها بنك الطعام المصري، والتي تم من خلالها توزيع 500 ألف كرتونة طعام كدعم غذائي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة من جانب المجتمع المدني لدعم القطاع الصحي الحكومي، باعتباره يحمل على عاتقه الجزء الأكبر من مسئولية مواجهة جائحة كورونا، فكان عدد من المبادرات في هذا السياق، فضلا عن تقديم العديد من الشركات ومؤسسات المجتمع المدني تبرعات مالية لوزارة الصحة والسكان.
ويمكن توضيح نماذج أكثر تفصيلا لتلك المبادرات ذات البعد الاقتصادي على النحو التالي:
- مبادرات الدعم الوقائي؛ من خلال توفير المستلزمات الطبية التي تحتاجها المستشفيات، من أدوات الوقاية الشخصية من العدوى، وعلى سبيل المثال مؤسسة “مصر الخير”، التي أسهمت في تقديم المستلزمات الطبية والملابس الوقائية الخاصة بالأطباء والممرضين، بمستشفيات العزل والحجر الصحي والحميات، على مستوى الجمهورية، المبادرة المصرية لإنتاج خمسة آلاف جهاز تنفس صناعي؛ حيث هدفت هذه المبادرة إلى رفع سعة وكفاءة غرف الرعاية المركزة؛ وذلك بإعادة تصنيع خمسة لآلاف جهاز PB 560 باستخدام التصميمات التي أتاحتها إحدى الشركات العالمية؛ وذلك بعد إنتاج نموذج تجريبي، وإجازته من وزارة الصحة([36]).
- أطلقت بعض منظمات المجتمع المدني حملة تحت اسم: تحالف المجتمع المدني المصري للحد من انتشار فيروس كورونا، داعية كافة المنظمات للمشاركة، وجاء خطاب الحملة كالآتي:”آن أوان أداء دورنا الحقيقي وقت الأزمات، وأن دور المجتمع المدني في ظل هذه الظروف يستدعي أن نتكاتف جميعًا للعمل على مكافحة انتشار الفيروس، وليس الهرب منه ولهذا فإننا قد بدأنا بأنفسنا وندعو كافة الشركاء وأصحاب القلوب المؤمنة بقضاء الله والمؤمنة بمبادئها أن نبدأ فورًا كل في نطاق عمله، بدء تنفيذ حملة توعية وتدخل لمساندة جهود الدولة والمواطنين في الحد من انتشار المرض([37])“، كما أطلقت جمعية رسالة للأعمال الخيرية في مصر “تحدي الخير” للمساعدة في مواجهة فيروس كورونا، وذلك عن طريق التكفل بعائلات غير قادرة([38]).
وأطلقت جمعية إنسان في السعودية مبادرة “معا لصحة إنسان”؛ لمحاربة فيروس كورونا، وهدفت إلى مساعدة الأسر من خلال جمع مبالغ لتقديم سلات تحتوي على أغراض وقائية مثل القفازات، معقم اليدين والمطهر، وخصصت جمعية النجاة الخيرية بالكويت برامج للمساعدة على تداعيات فيروس كورونا، ومن بين المبادرات التي قامت بها هي توزيع 100 ألف وجبة داخل الكويت، وذلك بالتعاون مع جمعية العون المباشر التي خصصت برامج محددة للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا مثل مشاركتها بحملة “فزعة الكويت” والتي تهدف إلى تقديم حصص غذائية، ومواد صحية وغيرها، لتجهيز المحاجر والمراكز الطبية.
أما جمعية قطر الخيرية في قطر أطلقت مبادرات عدة لمواجهة فيروس كورونا بالتعاون مع وزارة التنمية والعمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة العامة، وقدمت جمعية قطر الخيرية المستلزمات الوقائية للعمال في المناطق الصناعية بالدولة، كما أطلقت مبادرة لتوزيع مواد تموينية وصحية من خلال جمع التبرعات من المؤسسات كافة([39])، أما تونس فقامت منظمات المجتمع المدني بجملة من المبادرات والأنشطة لمعاضدة الدولة والمجتمع في مواجهة الوباء، وتراوحت مساهمات المجتمع المدني بين المبادرات الإغاثية أو التوعوية أو تلك التي قامت بتقديم دعم صحي([40]).
ولعبت بعض المنظمات في المغرب دورا مهما في محاربة فيروس كورونا منذ الإعلان عن انتشاره، وقدمت عدد من المبادرات تمثلت في في تعقيم الفضاءات العمومية، وتوزيع المعقمات والكمامات والقفازات، وكذلك رسم بعض الخطوط التي ترمز إلى مسافات الأمان عند أصحاب المحلات التجارية، علاوة على رسم جداريات كبيرة في الشارع العام لدعم كل الأطقم المجندة لمحاربة انتشار الفيروس بالمغرب([41]).
ودعا العديد من منظمات المجتمع المدني حول العالم إلى الإلغاء الفوري لمدفوعات الديون من قبل البلدان النامية؛ استجابة للأزمة الصحية والاقتصادية نتيجة لفيروس كورونا، وقالت حملة اليوبيل لتخفيف أعباء الديون ومقرها لندن نيابة عن أكثر من 150 منظمة وجمعية خيرية في بيان لها “إنها أرسلت خطاب إلى حكومات مجموعة العشرين وصندوق النقد والبنك الدولي من أجل المطالبة بمجموعة من الإجراءات لإلغاء مدفوعات ديون 69 دولة في العام الجاري للدول النامية([42])“.
ثانيًا- دراسات حالة: مؤسسة مرسال، ومنظمة أطباء بلا حدود:
يركز هذا الجزء من التقرير على دراستي حالة لمؤسسات مدنية طبية هما؛ “مؤسسة مرسال” بمصر كنموذج لكيان مدني محلي، ومنظمة “أطباء بلا حدود” كنموذج للمجتمع المدني العالمي، وذلك لتوضيح جهودهما في التصدي لجائحة فيروس كورونا وإلقاء الضوء على أبرز التحديات التي واجهتهما.
1- مؤسسة مرسال (مصر):
مؤسسة خيرية مصرية غير هادفة للربح تعمل في مجال الصحة، وتسعى لتقديم كافة أنواع الرعاية الطبية بجودة عالية لكل من يحتاجها، كما تعمل على نشر الثقافة والتوعية الطبية في مصر وامتدادًا إلى الوطن العربي، تسعى أيضًا إلى إنشاء نظام تأمين صحي شامل يعمل بالتوازي مع النظام الحكومي القائم؛ بهدف توفير كافة الخدمات الصحية بجودة عالية لكل من يحتاجها من غير القادرين دون أي تفرقة، ويتم ذلك من خلال شبكة من الأطباء والمستشفيات المتعاقدة مع مرسال.
وتهدف المؤسسة بشكل رئيس لفتح أبوابها لكل المرضى أيا كانت درجة خطورة حالتهم أو احتياجاتهم وتوفيرها بالكامل تحت شعار فتح باب أمل جديد([43])، تقوم على التبرعات إذ تجمع ما يقارب 200 ألف جنيه شهريًا لعلاج عشرات المرضى، وارتفع هذا الرقم إلى خمسة ملايين جنيه، بخلاف التبرعات الخاصة بمرضى كورونا([44]).
- دور المؤسسة في الحد من الجائجة: اهتمت بالجانب التوعوي من خلال تقديم محاضرات توعوية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، بالإضافة إلى إرسال القوافل التوعوية والطبية لبعض المناطق الفقيرة التي لم تصل إليها التوعية من فيروس كورونا([45]).
ولم يقف دورها عند الجانب التوعوي بل امتد إلى الجانب العيني حيث توفير أماكن إجراء المسح ((PSR، وتوفير العلاج والرعاية المركزة للحالات التي في حاجة لها، والقيام بحملات وقائية تضمنت تقديم أدوات تعقيم وتنظيف إلى جانب كمامات وقفازات للحماية من العدوى للمرضى الذين يترددون على المؤسسة لتلقي الخدمات العلاجية من الأمراض المختلفة، وشراء أجهزة التنفس، وقامت المؤسسة بتجهيز 500 كيس تم توزيعها على غير القادرين، وتحتوي هذه الأكياس على مستلزمات الوقاية، مثل الصابون والمطهرات والمناديل وغير ذلك، ووصلت المؤسسة إلى الصعيد وقامت بتعقيم المساجد التى توجد بالنجوع المجاورة للإصابات والشوارع والمنازل في قرى ونجوع الكرنك والمؤسسات الحكومية مثل قاعة المؤتمرات وجراج القاعة وجراج الحملة بالعوامية ومكاتب الاثار بالأقصر ولاقت المبادرة قبولا بين أهالي القرى المختلفة([46]).
وعندما تزايدت الإصابات وأصبح هناك عجز في الوصول للرعايات المركزة التابعة لوزارة الصحة، كثفت المؤسسة من تواجدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى يتواصل معها مرضى كورونا من الحالات الخطيرة الذين يحتاجون لأَسرَّة في الرعاية المركزة.
وقامت المؤسسة بإنشاء مجموعة على الفيس بوك تسمى “فريق مرسال لدعم مرضى الكورونا” تسمح للمرضى في العزل المنزلي وذويهم بطرح الاستفسارات الخاصة بهم، ويجيب على أسئلتهم أطباء متخصصون([47])، كما أتاحت المؤسسة “خدمة عملاء” يقوم عليها أطباء متخصصون كذلك؛ للرد على كافة الأسئلة على مدار الـ24 ساعة، وتوجيه المرضى إلى الأماكن المتخصصة، سواء المستشفيات الحكومية أو الخاصة، والموجود بها رعايات مركزية متوفرة، وذلك مع تحمل “مرسال” تكلفة من لا يستطيع دفع ثمن الرعاية المركزية في المستشفيات الخاصة([48]).
واستطاعت المؤسسة توفير أجهزة ومستلزمات طبية لأكثر من عشر مستشفيات عامة وجامعية([49])، وتدفع مرسال حوالي 750 ألف يوميًا للمستشفيات، وتبرعت بسبعة أجهزة تنفس صناعي يقدر ثمنها بنحو 2 مليون جنيه، كما استأجرت مبنى يحوي 20 سرير رعاية مركزة، حيث السرير الواحد وصل تكلفته 30 ألف في الليلة الواحدة داخل بعض المستشفيات؛ بسبب عدم مقدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب كل حالات([50])، وتم توريد أجهزة تنفس صناعي ومواد تعقيم وملابس خاصة بالأطقم الطبية للوقاية عند التعامل مع الحالات المصابة وهذا لعدد من مستشفيات العزل في القاهرة، ومحافظات الصعيد كبني سويف والمنيا وسوهاج والفيوم([51]).
وتتميز مرسال بأنها تعالج جميع المحتاجين لخدمة العلاج المجاني من جميع الجنسيات ودون أي تفرقة، وقد قامت حتى الآن بعلاج مرضى من إحدى عشر جنسية مختلفة، ولا ترفض علاج أي مريض مهما كانت حالته خطيرة، أو لمعاناته من مرض مزمن صعب علاجه([52]).
- التعاون مع الحكومة: تعاونت المؤسسة مع وزارة الصحة من خلال غرفة 105، لتكون همزة الوصل بين المرضى الذين يحتاجون رعاية مركزة ووزارة الصحة، بحيث إذا وُجد سرير في الرعاية يحوّل المريض على الفور إلى المستشفى الحكومي، وإذا كان هناك ضغط ولا يوجد سرير متاح يُحوّل المريض على مكان طبي خاص إلى أن يتوفر له مكان في مستشفى حكومي أو تتحسن حالته ويتم شفاؤه، واستطاعت بالفعل توفير أماكن عديدة في العناية المركزة([53]).
- بعض آراء المتعافين حول المؤسسة:
حيث يمكن رصد آراء بعض المتعافين في تقييم عمل المؤسسة من خلال النقاط التالية:
-الخدمات:
قدمت مرسال العديد من الخدمات والنصائح لبعض المواطنين، وعلى سبيل المثال وليس الحصر سردت مواطنة تجربتها قائلة: أنها انتقلت لها العدوى عن طريق زوجها، وتواصلت مع طبيب عن طريق جروب “مرسال” وظل يساعدها طوال فترة عزلها، وأنها كنت معتمدة على جروب أطباء مرسال فقط في المتابعة([54]).
-المطالبة بالتبرع:
طالب الكثير من المواطنين بضرورة التبرع للمؤسسة، وعرض مواطن تجربة تحث على التبرع قائلا: أن مرسال هي الكيان الوحيد اللي كان دوره فعّال أكثر من الجهات المعنية ذاتها، وأن المرسسة عرضت تكفلها بعلاح والد صديقه إذا كانت الحالة غير قادرة على تحمل النفقات، أو بجزء منه إذا كانت مقتدرة، ولذلك طالب بالتبرع لمرسال؛ لتخفيف قوائم الانتظار([55])“.
-المقارنة مع تعامل الجهات الطبية المعنية:
استطاعت مرسال أن تتغلب على مشكلة التكلفة الباهظة التي تطلبها المستشفيات الخاصة، وأسعفت الكثير من الحالات وعلى سبيل المثال وليس الحصر: أوضحت مواطنة هذا الأمر قائلة: أن زوج إحدى صديقاتها كانت حالته متأخرة من الإصابة، وتم التواصل مع أكثر من مستشفى لاستقباله، وكان رد معظمهم أنه لا توجد أماكن، كما تواصل مع مستشفى خاص في منطقة المعادي لكن طلبت إدارتها 300 ألف جنيه للإقامة بالإضافة إلى 70 ألف أخرى إضافية ولم تستطع أسرته تحمل النفقة، كما كانت هناك حالات أخرى في حاجة للمساعدة، وبعد أيام من البحث عن سرير للعلاج، وجدوا أن أقل تكلفة تصل إلى 200 ألف جنيه، وقد يتطلب الأمر أحيانا واسطة، حتى حال توافر المبلغ، والردود المحبطة التي تلقتها الأسرة دفعتها للبحث عن جهات أخرى أملا في سرعة إسعاف المصاب، حتى تم التواصل مع فريق مرسال لدعم مرضى كورونا، الذين وفروا طبيبًا لمتابعة الحالة مجانًا إلى حين شفائها، الحالة كانت متعبة لدرجة كبيرة، حتى بدأ الطبيب متابعة وضعها وتنظيم مواعيد حصولها على الأدوية في العزل المنزلي، مع مواعيد قياس التنفس([56]).
- وسردت مواطنة أخرى مشكلتها، وكيف استطاعت مرسال المساهمة في علاج والدها قائلة: أن والدها خرج من المستشفى التي كان يعالج بها، بالرغم من استمرار إيجابية تحاليل فيروس كورونا، ما أدى إلى انتقال العدوى لزوجته وابنتيه أيضًا، واستجابت مرسال لاستغاثتها([57]).
2- منظمة أطباء بلا حدود:
منظمة طبية إنسانية دولية مستقلة غير حكومية تقدّم المساعدات الطبية إلى الأشخاص المتضررين من النزاعات والأوبئة والكوارث أو المحرومين من الرعاية الصحية، وتتكون الطواقم من عشرات الآلاف من المهنيين الصحيين والموظفين اللوجستيين والإداريين ويعيَن معظمهم محليًا، ولا تتطلب الربح، وذات حكم ذاتي وقائمة على الأعضاء. وتأسست أطباء بلا حدود عام 1971 في باريس على يدّ مجموعة من الصحفيين والأطباء، إلى أن أصبحت حركة عالمية تضم أكثر من 42000 شخص، لا تنظر إلى العرق أو الدين أو العقيدة أو الانتماء السياسي، ويلتزم أعضاء المنظمة باحترام المبادئ الأخلاقية لمهنتهم والحفاظ على الاستقلالية التامة عن جميع السلطات السياسية والاقتصادية أو الدينية([58]).
ورغم أنه على مدى العقدين الماضيين وقفت المنظمة على الخطوط الأمامية لمواجهة الأوبئة مثل متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وإيبولا، وصولا لفيروس كورونا، ولكن وفقًا لرئيس منظمة أطباء بلا حدود كوروميا تاكاشي فإن النطاق العالمي لتفشي الفيروس قد قدم للمنظمة مجموعة من التحديات غير المتوقعة([59])، وهي كالآتي:
- ضعف القدرة على السيطرة على انتشار المرض.
- توفير الدعم للأشخاص في بيئات غير مستقرة.
- عدم توافر الإمدادات الخاصة ببعض المواد الأساسية، ونقص تبادل الخبرات بين أطباء المنظمة، وحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية، وسيطرة الجماعات ما دون الدولة على المنافذ بشكل يُعقد من فرص الحصول على التراخيص اللازمة لإدخال المعدات والعاملين.
- رفض بعض الدول خدمات المنظمة للرعاية الصحية باعتبارها “جهة أجنبية”([60]).
ترى المنظمة أنها لا يمكن أن تواجه هذه الأزمة بمفردها، وعلى الأمم المتحدة والدول المانحة الأخرى إيجاد طرق عاجلة لتعزيز الاستجابة، وأنه لابد على السلطات المحلية أن تيسر عمل المنظمات الدولية للتصدي للفيروس، وضمان دخول الإمدادات الطبية والموظفين الدوليين لتعزيز عمل الفرق على الأرض([61])“.
- جهود المنظمة للحد من الجائحة:
تعمل المنظمة على الاستجابة لجائحة فيروس كورونا في أكثر من سبعين بلد تدير فيه برامجها الطبية، وتفتتح مشاريع في بلدان جديدة عندما تصبح مركزًا لتفشي الفيروس، وتركز أنشطتها على ثلاث أولويات:
الأولى- دعم السلطات في توفير الرعاية للمرضى المصابين.
الثانية- حماية الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة.
الثالثة- مواصلة الأنشطة الطبية المعتادة التي تخدم آلاف الناس([62]).
ومن ثم سوف يتم التطرق إلى بعض جهود المنظمة على سبيل المثال وليس الحصر، والتي جاءت كالآتي:
أ- في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
اليمن: عالجت المنظمة مئات المرضى الذين يعانون أعراض تنفسية في كل من مراكز علاج فيروس كورونا التابعة للمنظمة في صنعاء وعدن، واستقبلت مراكز أخرى تديرها أطباء بلا حدود أو تدعمها في شمال اليمن المرضى، إنما بأعداد أقل، من بينها مراكز في حجة وخمر وإب وحيدان والحديدة([63]).
وطالبت المنظمة الأمم المتحدة والدول المانحة بمد يد المساعدة بصورة عاجلة لليمن في مواجهة تفشي وباء كورونا الذي قالت إنه خلق وضعًا «يفطر القلب» وسط ظروف الحرب المندلعة منذ 5 سنوات، فيما ألقى مراقبون من المنظمة بالمسؤولية على ميليشيات الحوثي التي ترفض الهدنة المعلنة من قبل تحالف دعم الشرعية([64]).
العراق: قدمت المنظمة الدعم لمستشفى ابن الخطيب والكندي في بغداد، ويشمل هذا الدعم تقديم تدريبات حول فرز المرضى (في ابن الخطيب)، والرعاية في وحدات العناية المركزة أثناء العمل (في الكندي) وتطبيق تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في كلاهما، وتعاونت في الموصل مع السلطات الصحية المحلية على تقديم العلاج للمصابين بأعراض بسيطة، وقدمت في أربيل ودوهوك الدعم التقني واللوجستي([65]).
لبنان: دعمت المنظمة موظفي مستشفى الياس الهراوي الحكومي، من خلال فرز الأطفال لتحديد الإصابات بفيروس كورونا، وتقديم التدريبات اللازمة لموظفي المستشفيات في الهرمل وصيدا وطرابلس حول تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، وإطلاق برنامج لتدريب ومساعدة العائلات على الحماية الوقائية، وإرسال فرق استجابة طبية لدعم وزارة الصحة في استراتيجيتها للكشف عن الفيروس([66]).
سوريا: جدير بالذكر أن المنظمة نقدم الإغاثة لمن يحتاجها ودون أي تمييز، وتستعين باستقلاليتها وحيادها للتفاوض مع مختلف أطراف النزاع كي تصل إلى المواطنين، وتُراجع منذ بدء الجائحة أنظمة فرز المرضى وتدفقهم في المستشفيات والمراكز الصحية التي تدعمها في محافظة إدلب، وذلك لنضمن سرعة كشف حالات الإصابة المحتملة([67]).
ب- آسيا:
هونج كونج: بدأت المنظمة أنشطة التوعية الصحية للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة وتدريبهم حول تدابير الوقاية، وقامت الفرق الطبية بزيارة المشردين في الشوارع على نحو مرتين أسبوعيًا، لتقدم لهم الطعام والشراب ومجموعة من مواد النظافة العامة، وأنشأت موقعًا إلكترونيًا لعامة الناس قدمت خلاله الأدوات والنصائح المفيدة للتعامل مع التوتر والقلق([68]).
كمبوديا: قدمت المنظمة الدعم التقني للعاملين في المرافق الصحية في ثلاث محافظات: بايلين وباتني مينشي وأدودار مينشي، وتم تدريب أكثر من ثلاثمائة موظف تابع لوزارة الصحة على المبادئ التوجيهية والبروتوكولات المتعلقة بفيروس كورونا، بينهم سائقو سيارات الإسعاف وعاملو النظافة وتقنيو المختبر والأطباء وطواقم التمريض، وساهمت أيضًا في تطوير بروتوكولات العلاج المحلية([69]).
شمال شرق الهند: تم افتتاح مستشفى ميدانيًا بطاقة استيعابية من 100 سرير في ستاد رياضي في ولاية بيهار.
إيران: أرسلت المنظمة فريقًا ومعدات طبية لإنشاء وحدة علاج للحالات الحرجة في أصفهان([70])، ولم تستطع المنظمة استكمال دورها في التصدي للجائجة، لأن سلطات طهران طردت فريق منظمة أطباء بلا حدود، من أراضيها بفعل ضغوط من أصوليين موالين للمرشد الإيراني علي خامنئي عقب خطابه الذي اتهم فيه الولايات المتحدة بتصنيع فيروس كورونا معمليًا واستهدافها عبر جزء منه جينات الإيرانيين([71])، وصرح مسؤول إيراني إن بلاده لا تحتاج إلى وجود “قوات أجنبية أو أطباء بلا حدود”ن للمشاركة في جهود مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد”([72]).
ج- أفريقيا:
جنوب أفريقيا: تم افتتاح مستشفى ميداني بطاقة استيعابية من 60 سرير في كايليتشا([73]).
السودان: تعمل المنظمة مع العاملين الصحيين في المرافق التي تدعمها؛ إذ تزودهم بالمعلومات والتدريبات اللازمة، ويتوافر فريق تابع للمنظمة يتكون من ستين عامل وعاملة في مستشفى أمدرمان التعليمي وتعد أكبر مستشفى في السودان، وتعمل أيضًا مع وزارة الصحة لتحضير قسم الطوارئ الخاص بالمصابين، كما دعمت الوزارة في إنشاء وإدارة مركزين لعزل المرضى([74]).
النيجر: دعمت المنظمة جهود وزارة الصحة عبر المشاركة في فريق الخط الساخن الوطني للطوارئ.
مالي: عملت المنظمة على دعم السلطات الصحية في علاج المرضى في باماكو([75]).
الكاميرون: قامت بتشييد أربع غرف وتجهيزها بعشرين سرير لتصبح الطاقة الاستعابية مائة وعشرة سريرًا، وقامت أيضًا بتعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، وتنظم فرز المرضى وحركتهم في المستشفى العام للسيطرة على العدوى([76]).
د- أوروبا:
إيطاليا: كانت مركزًا لتفشي الجائحة، وعملت المنظمة في المخيمات غير الرسمية، وأنشأت لجان صحة مجتمعية خاصة بكورونا، ودربت اللجان على تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، كذلك أنشأت خط هاتفي للمساعدة يعمل عليه أطباء ووسطاء؛ لتقديم المشورة ودعم الاحتياجات الصحية المجتمعية، وقدمت أيضًا التوعية الصحية للمجتمع المدني العامل في المناطق الأكثر حاجة وتهميشًا، وعملت في أربعة مستشفيات على تعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها وتنظيم حركة المرضى في شمال إيطاليا([77]).
فرنسا: عملت المنظمة في بعض الملاجئ التي تستقبل المشردين والمهاجرين في باريس؛ إذ تقيم حالتهم الصحية وتحدد الأشخاص المصابين، وتدير مركزين للمصابين منهم، واستخدمت في مرسليا مقاربة العيادات المتنقلة للوصول إلى الأشخاص الذين يعيشون في ظروف غير مستقرة بعيدًا عن المراكز الصحية، ودعمت أكثر من ثلاثين دارًا لرعاية المسنين([78]).
ه- الأمريكيتين:
البرازيل: دشنت المنظمة وحدة رعاية مركزة بطاقة استيعابية من ثمانية أَسرَّة في مستشفى تايد سيتوبال في شرق المدينة، وقدمت الرعاية للأشخاص المقيمين في المنطقة ومن خارج ساو باولو، كما عملت الفرق الطبية على أنشطة التوعية الصحية في الأحياء الفقيرة المجاورة، وعلى المراقبة الوبائية في القرى الريفية، وعملت أيضًا في مستشفى ميداني حيث تقدم الرعاية الطبية في وحدة عناية مركزة وجناح يعالج الأشخاص المصابين بأعراض مرضية متوسطة وحادة([79]).
الولايات المتحدة الأمريكية: تعاونت المنظمة مع جمعيات محلية في نيويورك؛ لتعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ولمساعدة المجتمعات الأكثر عرضة للإصابة والتي لا تستطيع غالبًا الحصول على الرعاية الصحية، إضافةً إلى مساعدة المقيمين والموظفين في المرافق الصحية طويلة المدى للتقليل والحد من انتشار فيروس كورونا، وتوزيع المواد الأساسية كالكمامات والأقنعة الواقية للوجه ومجموعة مواد النظافة العامة إلى مرافق الرعاية الصحية والفئات الأكثر حاجة، ووزعت المنظمة حوالي ألف هاتف محمول على سكان نيويورك الأكثر حاجة والذين لا يمتلكون التكنولوجيا الأساسية اللازمة للاتصال بخدمات الطوارئ والدعم([80]).
المكسيك: قدمت المنظمة العلاج للمصابين بأعراض مرضية معتدلة من فيروس كورونا في وحدة بطاقة استيعابية من 50 سريرًا، كما دربت موظفي الصحة.
جمهورية هايتي: أعادت المنظمة تنظيم مستشفاها لرعاية الحروق في بورت أو برانس؛ ليصبح جاهزاً لعلاج المصابين بفيروس كورونا([81]).
يوضح لنا العرض السابق كيف استطاعت كل من مؤسسة مرسال، ومنظمة أطباء بلا حدود المساهمة في الحد من تفشي الجائجة، وذلك من خلال دورهما سواء التوعوي أو العيني، وأثبتا أن الدور الذي قاما به لا يمكن أن تقوم به الدول منفردة، بل يجب أن يكمل دور الدول فواعل أخرى غير حكومية مثل هذه المنظمات.
- بعض التحديات التي تواجه المنظمة في بعض البلدان، خاصة بمنطقة الشرق الأوسط:
اليمن: الإنكار لتفشي الفيروس والخوف منه، وافتقار اليمن بشكل كامل إلى وسائل الاستجابة لهذا التفشي، فضلا عن انهيار نظام الرعاية الصحية بالكامل، وإغلاق عدة مستشفيات خوفًا من الفيروس، أو بسبب النقص في الموظفين ومعدات الوقاية الشخصية كما صرحت كلير هادونج رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في اليمن([82])، بالإضافة إلى الإمكانات المحدودة للغاية للفحص، وبالتالي ينتشر الفيروس دون أن يتم تتبع الحالة الوبائية([83]).
سوريا: لا تستطيع المنظمة على سبيل المثال العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وتقتصر أنشتطها على المناطق التي لا تخضع حاليًا لسيطرة الحكومة؛ لأنها قائمة بالاتفاق والتنسيق مع السلطات الصحية المعنية في تلك المناطق([84]).
غزة: محدودة الإمكانات، بالإضافة إلى تهالك منظمومة العمل الصحي؛ بسبب الحصار الممتد منذ 14 عامًا، كما صرح د.يوسف أبو الريش، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود ببلجيكا([85]).
العراق: التحدي الأساس الذي يواجه المنظمة هو معاناة النازحين والذين يعيشون في مخيمات رسمية وغير رسمية محفوفة بالمخاطر ومكتظة في أغلب الأحيان، لذا خشت تفشي الفيروس داخل المخيمات كما صرح رئيس بعثة أطباء بلا حدود في العراق غول بادشاه([86]).
البرازيل: تزايد الحالات بشكل سريع، ووصفت المنظمة الوضع بالكابوس([87]).
خاتمة:
يتبين مما سبق أن البلدان أصبحت تعتمد اعتمادًا كبيرًا على منظمات المجتمع المدني، وأن أي استجابة تقتصر على دور الدولة فقط قد لا تكون كافية، مهما توافر لديها من أدوات ومواد وقدرات أمنية تسمح لها بالتغلغل في المجتمع، فليس من السهل مواجهة أزمة كبرى كجائحة كورونا. لذلك هناك ضرورة ملحة لإعطاء الدولة منظمات المجتمع المدني المزيد من المساحة والاعتراف؛ لتسهيل تحركها ولتيسير استجابتها، حيث من الصعب الوصول للمجتمعات المحلية بينما تكون هناك معوقات تعرقل حركتها، كما من الضروري للدولة أن تتيح فرص للتعاون وللشراكة بينها وبين المجتمع المدني.
ولابد من الاعتراف بأن منظمات المجتمع المدني شريك للدولة في التصدي للأزمات، خاصة وأنها وفرت عليها الكثير من الإجراءات والمجهودات كما حدث في التصدي لجائجة كورونا من خلال مراحل ثلات هي: المرحلة الأولى- المسار التوعوي الوقائي في بداية الأزمة، والمرحلة الثانية-مسار توفير الحاجات الطبية المتزايدة مع تفشي الفيروس، أما المرحلة الثالثة- ما بعد التراجع (النسبي) للجائحة وتمثل هذا المسار من عمل منظمات المجتمع المدني من خلال: المساهمة في إعادة تأهيل المناطق.
ولنعلم أن الشراكة الفاعلة بين الدولة والمجتمع المدني تدل على وجود مجتمع قوي، ودولة قوية، لذلك على الدولة أن تساهم في إزالة المعوقات التي تواجه المنظمات، وتوفر لها بيئة تساعد على فاعليتها مثل: البيئة السياسية، البيئة القانونية (التشريعات)، والبيئة الاجتماعية والثقافية.
وعلى منظمات المجتمع المدني توفير المناخ والآليات الداعمة للشراكة والتعاون بينها وبين الدولة، وفيما بينها، خاصة وأن أزمة كورونا فرصة للتعاون؛ من أجل إعادة البناء والتأهيل، وربط التطور في أدوار المجتمع المدني بالمواطن وسبل تمكينه وتقوية أشكال المشاركة.
********
الهوامش
([1]) د. سامح فوزي، الشراكة بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية دروس من مواجهة فيروس (كوفيد-19)، مجلة الديمقراطية، العدد 78، أبريل 2020، ص13.
([2]) محمد العجاتي وآخرين، أزمة فيروس كورونا: هل يحقق نمط السياسات السائد الحماية للجميع؟ مصر- لبنان- تونس دراسة مقارنة، منتدى البدائل العربي للدراسات الاجتماعية، مايو 2020، ص 3.
([3]) د. حنان رجائي عبد اللطيف، المسئولية المجتمعية للقطاع الخاص في مواجهة أزمة كورونا، سلسلة أوراق الأزمة، معهد التخطيط القومي، يونيو 2020، ص2.
([4]) د. يسري مصطفى، المجتمع المدني في مواجهة الوباء: الفاعل والفاقد، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، 8 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: http://aohr.net/portal/?p=12118
([5]) عبد الناصر التهامي، رؤية حول دور منظمات المجتمع المدني لمجابهة كورونا، كنوز عربية، 1 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/v0TEG
([6]) The Role and Structure of Civil Society Organizations in National and Global Governance Evolution and outlook between now and 2030, AUGUR Project, Challenges for Europe in the world in 2030, 2012, pp 7-8.
([7]) هويدا عدلي، المجتمع المدني والتنمية المستدامة في مصر، مجلة رؤى مصرية تحليلات متخصصة وحوارت، مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية، السنة 3، العدد 35، 2017، ص28.
([8]) Ranjita Mohanty, Civil Society and NGOs, India: The Indian Journal of Political Science, Vol 63, No 2/3, 2002,217-221.
([9]) Galia Chimiak, The Rise and Stall of Non-Governmental Organizations in Development, Poland: Polish Sociological Review, No. 185 ,2014, pp. 25-27.
([10]) كيف قامت المؤسسات الخيرية مثل “مرسال” بتوظيف خدماتها لمواجهة كورونا؟، عربي 22، 4 يونيو2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/HDqKz
([11]) أحمد عزب، الدور المجتمعي المأمول لمواجهة أزمة كورونا، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 5 مايو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/J2v0B
([12]) Navanethem Pillay, hand book of civil society, united nation human rights program, new York, Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights, 2008, p 1.
([13]) Sarah Ben Nefissa, “NGOs, Governance and Development in the Arab World”, paper presented for Management of Social Transformations program, UNESCO, 2000 pp 18-26.
([14]) د. علي الدين هلال، النظام السياسي بين إرث الماضي وآفاق المستقبل (1981-2010)، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2010، ص412.
([15]) د. سامح فوزي، مرجع سابق، ص14.
([18]) العراق.. لماذا فشل المجتمع المدني في المعركة ضد كورونا؟، الجزيرة نت، 13 يوليو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/1e3Aa
([19]) جهود متواصلة من القطاع الخاص والمجتمع المدنى لعبور أزمة كورونا، البورصة، 11 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/AbFTT
([20]) بعد الجائحة: إعادة تصوّر دور الجهات الحكومية وغير الحكومية في (إعادة) بناء النظم الصحية الوطنية في العالم العربي، مبادرة الإصلاح العربي، 10 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/aCB91
([21]) بعد الجائحة: إعادة تصوّر دور الجهات الحكومية وغير الحكومية في (إعادة) بناء النظم الصحية الوطنية في العالم العربي، مرجع سابق.
([22]) وسام فؤاد، أزمة كورونا- آفاق العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، المعهد المصري للدراسات، دراسات سياسية، 5 أغسطس 2020، ص 11:
https://bit.ly/34GO1yN
([23]) المرجع السابق، ص ص 13-14.
([24]) المجتمع المدني الأردني… مؤسسات مهمشة في ظل كورونا، العربي الجديد، 27 مايو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/ja5cc
([25]) نائب تركي يكشف لـ”العين الإخبارية” جرائم وسقطات بالجملة لأردوغان، 15يونيو 2020، العين الإخبارية، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/WS5OO
([26]) تداعيات كورونا.. عمال تركيا يهاجمون “أردوغان المتقاعس”، العين الإخبارية، 5 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/ojF99
([27]) ياسين أقطاي (مستشار الرئيس التركي)، المجتمع المدني في تركيا مكمل للدولة وليس منافسا لها، الجزيرة نت، 21 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/r1v7u
([28]) الشعب بدلاً من النظام، نشاط المؤسسات المدنية في إيران من أجل مكافحة أزمة كورونا، أيران ويرأرابيك، 8 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/oMSth
([29]) استجابتنا لمكافحة جائحة مرض الكورونا كوفيد-19، موقع منظمة أطباء بلا حدود، 11 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/SmF9E
([32]) يسري مصطفى، المجتمع المدني في مواجهة الوباء الفاعل و”الفاقد المدني”، كوتريات، عدد 76، مايو 2020، ص 4.
([33]) حرز الله محمد لخضر، فيروس كورونا.. هل سيعيد تشكيل الوعي والسلوك الإنساني، الجزيزة نت، 23 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://2u.pw/tM2fu
([34]) عبد العفار عفيفي الدويك، المجتمع المدني ومواجهة جائحة “فيروس كورونا”، بوابة الأهرام، 1 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/9NMF9
([35]) آية نبيل، المجتمع المدني في مصر في مواجهة “الكورونا” تحديات افتراضية وتقييد على الأرض، كوتريات، عدد 76، مايو 2020، ص 14.
([36]) الدور المجتمعي المأمول لمواجهة أزمة كورونا، الملف المصري، مرجع سابق.
([37]) المجتمع المدني المصري يُطلق حملة للحد من انتشار فيروس كورونا، دنيا الوطن، 17 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/t1zvf
([38]) أبرز الجمعيات الخيرية العربية التي تقدّم المساعدات لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته، jamalouki، 27 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/9SOcK
([39]) أبرز الجمعيات الخيرية العربية التي تقدّم المساعدات لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته، مرجع سابق.
([40]) محمد العجاتي وآخرين، مرجع سابق، ص45
([41]) المجتمع المدني ينخرط في محاربة كورونا عمل ميداني مستمر لتوعية المغاربة وتحسيسهم بخطر الجائحة، 17 مايو 2020، بيان اليوم، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/lrge8
([42]) منظمات المجتمع المدني تدعو لتخفيف ديون الدول الفقيرة المتضررة من”كورونا”، مباشر، 7 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/9RVFc
([43]) للمزيد، انظر: موقع المؤسسة، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/i0WRD
([44]) هي أشياء لا تشترى: “مرسال” قصة نجاح أهلي في مواجهة كورونا.. باب مفتوح لإنقاذ أرواح تستحق الحياة دون ألم، درب، 11 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/H9l7B
([45]) مؤسسة مرسال الخيرية تبدأ حمله وقائية وتوعوية لفيرس الكورنا، البيان، 17 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/2dKYv
([46]) جمعية مرسال الخير: استمرار أعمال التطهير والتعقيم بالشوارع والمؤسسات الحكومية تحت مبادرة “حياتك تهمنا” لمواجهة كورونا فى الأقصر، صدى مصر، 31 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/xvblD
([47]) كيف قامت المؤسسات الخيرية مثل “مرسال” بتوظيف خدماتها لمواجهة كورونا؟، مرجع سابق.
([48]) «مرسال» تتيح «خدمة عملاء» لمرضى كورونا، الدستور، 2 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/fVN5L
([49]) رئيس مرسال: نوفر الدم والأكسجين والأدوية للمرضى مجانًا ونتحمل تكلفة علاج المرضى في المستشفيات الخاصة، بوابة أخبار اليوم، 16 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/pjPP5
([50]) “مرسال” مدد الله.. هنا مركز دعم ربع مليون إنسان من ضحايا كورونا (معايشة)، القاهرة 24، 19 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/6iZyD
([51]) «فتح باب أمل جديد».. «مرسال» تساهم في إنقاذ حياة مرضى «كورونا»، المصري اليوم، 4 يوليو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/gBFEr
([52]) “مرسال” مؤسسة طبية خيرية تضيء ظلام كورونا في مصر، عمر خالد بناء إنسان، 9 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/WwiY5
([53]) «إيد لوحدها ما تصقفش».. جمعيات خيرية أسهمت في إنقاذ حياة مصابي «كورونا»، الدستور، 10 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://www.dostor.org/3112249
([54]) «مرسال» و«مستشفى 25 يناير».. مواجهة كورونا بوعي مختلف، مدى مصر، 27 يونيو 2020، متاح على الرابط الآني: https://2u.pw/FWlgs
([56]) هي أشياء لا تُشترى، مرجع سابق.
([57]) استجابة لـ”الوطن”.. مرسال تتكفل بحالة والد “منى” المصاب بكورونا وأمراض مزمنة، هن، 18 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/zIqj4
([58]) للمزيد انظر موقع أطباء بلا حدود، متاح على الرابط الآتي: https://www.msf.org/ar
([59]) المساعدات الطبية في أوقات الجائحة: لقاء مع رئيس منظمة أطباء بلا حدود في اليابان، اليابان العربي، 24 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/5RH66
([60]) تحديات دور منظمة “أطباء بلا حدود” في مواجهة “كورونا” بالشرق الأوسط، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 21 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/6iJah
([61]) كوفيد-19 قضى على ما تبقى من النظام الصحي في اليمن، أطباء بلا حدود، 10 يونيو 2020: https://cutt.us/4lMzg
([64]) سلمان إسماعيل، أطباء بلا حدود تدعو العالم لإنقاذ اليمن من جائحة «تفطر القلب»، الرؤية، 21 مايو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/BrzjE
([65]) استجابة أطباء بلا حدود لمكافحة مرض الكورونا كوفيد-19، أطباء بلا حدود، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/xEbRm
([67]) متحدثة «أطباء بلا حدود»: «كورونا» لم يغير موقف النظام السوري من السماح لنا بالعمل، الشرق الأوسط، مرجع سابق.
([68]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([70]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([71]) لماذا طردت إيران فريق “أطباء بلا حدود” لمواجهة كورونا؟، العين الأخبارية، 25 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/YTjVM
([72]) مسؤول إيراني: لا نحتاج مشاركة “أطباء بلا حدود” أو أي قوات أجنبية في مواجهة فيروس كورونا، CNN بالعربي،24 مارس 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/o9YPw
([73]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([74]) استجابة أطباء بلا حدود لمكافحة مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([75]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([76]) استجابة أطباء بلا حدود لمكافحة مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([77]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([79]) استجابة أطباء بلا حدود لمكافحة مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([81]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد-19، مرجع سابق.
([82]) أطباء بلا حدود: كورونا بدأ ينتشر على نطاق واسع في اليمن، مصراوي، 11 يونيو 2020، متاح على الآتي: https://cutt.us/ovHOF
([83]) في ظل انتشار كوفيد-19، الخوف يدفع الناس لعدم الذهاب للمستشفيات في اليمن، أطباء بلا حدود، 12 يوليو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/hxdp5
([84]) متحدثة «أطباء بلا حدود»: «كورونا» لم يغير موقف النظام السوري من السماح لنا بالعمل، الشرق الأوسط، 27 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/xa0WX
([85]) “أبو الريش” يطلع بعثة أطباء بلا حدود بلجيكا على جهود الوزارة في مواجهة كورونا، الرأي، 8 أبريل 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/i3phk
([86]) النازحون في العراق من أكثر الفئات عرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19، أطباء بلا حدود، 15 يوليو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/olurX
([87]) أزمات إنسانيّة تحت المجهر مرض الكورونا كوفيد- ،19، موقع منظمة أطباء بلا حدود، 19 يونيو 2020، متاح على الرابط الآتي: https://cutt.us/a4xHX
فصلية قضايا ونظرات- العدد التاسع عشر – أكتوبر 2020