حتى لا تضيع ثورتنا من بين أيدينا

حتى لا تضيع ثورتنا من بين أيدينا

 21/03/2011

نحن الشباب الذين نزفوا بعض الدماء القليلة في الميدان، ومسّنا بعض الضّر في حفظ مسارها حتى سقط رأس الفساد، دون جسده وأطرافه،

ونحن الذين لا يزال ينبض في عروقنا دم الثورة وتتحرك في نفوسنا روحها، نؤمن أن دم الشهداء ما زال يطالبنا بحقّه، والأرواح الزكية التي أزهقها العدوان والطغيان ترفرف فوقنا وتساءلنا: أين أنتم من الغاية التي قُتانا لأجلها؟

بعد غفوة ليال عشر، ففيق اليوم لنسترد الروح التي غيّرنا نحن، ونرجو لها أن تغير مصر والأمة والعالم؛ روح الإنسان المصري الساعي إلى: الحرية – الكرامة – العدالة. نقف اليوم لنقول: مرحبًا بخيار الشعب أيًّا ما كان، لا مزايده على الشعب، ولا لهانزات تجعل من اللحظة معركة داخلية يتبارى فيها شباب الثورة بين خيارين الفروق بينهما وهمية أو طفيفة. لن ننسى ثورتنا ولن نغفل عن أهدافنا، ولن نخون شهداءنا الذين لو كانوا أحياء لكان منهم من يقول: نعم، ومنهم من يقول: لا، ولا يؤثر ذلك في شهادتهم.

ولن ننسى أعداءنا الحقيقيين الذين لا يزالون مختفظين بمعظم رصيدهم. ولن تنسى تحدياتنا الحقيقية في استكمال التغيير والتحرير، والتطهير، والبناء والتعمير. ولن نغفل عن أهدافنا الثورة في حياة مصرية حرة كريمة تنعم بالمساواة، وتتجمل بالوطنية والإخاء والتكانف.

إن معركتنا مع رءوس الفساد والاستبداد والاستعباد المتمثلة في قيادات الحزب الوطني والنظام الساقط لم تحقق هدفها بعد، وما زلنا في أول الطريق يجب أن نحاصر هذا الحزب ورجاله ومقاره وأساليبه وعلاقاته بالدولة والمجتمع كما فعلنا مع مقار جهازه الأمني (أمن الدولة). يجب أن نقتلع جذوره من أرض مصر السياسية والمجتمعية، يجب أن نتعاون مع الجيش بقوة وفاعلية وأن نضغط على الحكومة الانتقالية الراهنة من أجل قيادة معركة التطهير بجدية وجدول عمل واضح وشفافية وإعلام دوري للنتائج.

حتى لا تضيع ثورتنا لابد أن نظهرّ كل مؤسساتنا الكبرى: الإعلام والتعليم والإعلام والثقافة والشباب هذه الخمسة التي تخاطب عقول الناس بنفس الخطاب التقليدي المضاد لروح الثورة، وتلفت انتباهنا عن أهدافنا ولوازم الحياة المصرية الجديدة لابد من تغيير قيادات هذه المؤسسات الصف الأول والثاني. ومصر فيها رجال ونساء أخيار وقادرون على تدوير العملة وتغيير الاتجاه نحو الصالح العام.

حتى لا تضيع ثورتنا يجب أن ننتبه إلى الظلم الاجتماعي المستمر بل المتزايد، فالأجور لم يجدّ فيها شيء، بينما الأسعار ترتفع بجنون في المواد الغذائية وغيرها. إن الشعب الذي ساند الثورة ومثّل جسدها النابض الحيّ يجب أن يكون هو تاج رأس الثورة.

وإن حالته الأمنية والمادية هي غايتنا النهائية. إن الحفاظ على جسد الثورة بعد رأسها لا يكون إلا بالدفع بهذه المطالب إلى الصدارة.

حتى لا تضيع  ثورتنا يجب أن يتكاتف الشباب الذي أصبح يتحدث باسم الثورة واتسعت له الساحة كي يحمل راية الثورة ويعبرّ عن كثير من أحلامها. فإن انقسامهم وعودتهم إلى جهاتهم التقليدية هو أحد سيناريوهات التآكل اللطيف، وأن تذهب الشبابية والثورية أدراج الرياح وتعود إلى القوالب المعهودة وتدخل في الصراعات المعروفة. لقد كان في سجال (نعم ولا) جرس إنذار كافيًا للعاقلين.

إن هؤلاء الشباب اليوم يتكلمون بثلاثة ألستة ويجب عليهم أن يغلّبوا أهمها: اللسان الشخصي، واللسان الحزبي التقليدي والأيديولوجي –واللسان الثوري المشترك. وواضح أنه ينبغي أن يقدموا الهوية الثورية الجديدة على سائر الهويات المفرّقة والمشتتة، وإلا ضاعت الثورة نفسها ورموزها.

حتى لا تضيع ثورتنا يجب أن نلتفت إلى “مصر” وماهية مصر، وهويةمصر، وأهل مصر، وأهلية مصر، ومكان مصر ومكانة مصر، ومستقبل مصر، وتاريخ مصر، وخطاب مصر ولغة مصر، وانتماء مصر، والانتماء لمصر.

…فالمدنية والدينية؛ والإسلامية والطائفية، والليبرالية واليسارية، والشرقية والغربية… خروج عن النص. النص كلمة واحدة: مصر… الثورة … الثورة المصرية.

إن الاستفتاءات والانتخابات والدستور والنظام السياسي… جزء من كل وطغيان الجزء على الكل هزيمة وخيبة… إن الكل هو الدولة والمجتمع، والداخل والخارج، والسياسة والاقتصاد، والاجتماع والثقافة، والهوية والتنمية، و… الاجتماع لا النزاع… من كان قادرًا على خوض معركة التجميع وحسب الجميع للجميع فليتقدم وليحرسه الآخرون… وإلا … وإلا… وإلا…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى