تحديات إنتاج دراما هادفة: نماذج إقليمية

مقدمة:

قد تتضاءل الأدوات التي تمتلكها المجتمعات في أوقات الأزمات، وربما تتقلص فاعليتها ويُختزل دورها، لكن الشعوب مع ذلك لا تعدم حيلتها في المحاولة والمقاومة، وتختلف أنماط مقاومتها واشتباكها، وهذا الاشتباك إما أن يكون ثوري سريع -ابن ساعته- يهدف لتغييرٍ مفصلي يُبنى عليه بعد ذلك، أو أن يكون اشتباك تراكمي عبر الأعمال المستمرة الصغيرة الكثيرة، وغالب الأحيان لا يُنتظر منه نتائج آنية، ولكنه الأجدى والأكثر تأثيرًا في الأمد الطويل على حياة الأمم والمجتمعات.

وتعتبر الدراما إحدى أهم الأدوات التي تمتلكها الشعوب والمجتمعات، والتي عادةً ما يشتبك عبرها المجتمع مع أزماته اشتباكًا تراكميًا طويل الأمد، والاشتباك الدرامي الهادف إنما ينطلق من موقفٍ معياري أخلاقي تجاه الموضوع أو الظاهرة، كما أنه يعكس تصورًا عقلانيًا نقديًا، إذ تلتزم الدراما بمسؤولية أخلاقية في الانحياز الكامل لقضايا وحقوق البشر والدفاع عنها، هذا الموقف يُقارب بين أرباب تلك الصناعة والعلماء والمثقفين حين ينحازوا لقضايا وهموم أمتهم ومجتمعاتهم فلا يتعالون عليها، أو ينحازوا لأرباب السلطة والقوة.

والدراما حين تتخذ موقفًا وتشتبك، فإنها تخاطب جمهورًا عريضًا شديد التنوع والاختلاف، لذا يُعول عليها كثيرًا سواء في عمليات التربية والتعليم والتثقيف، أو حتى الحشد والتوجيه. وقد أدرك رفاعة الطهطاوي مدى تأثير الدراما منذ رؤيته لها أول مرة في باريس، فقال “الدراما فيها تقليد سائر ما وقع، يأخذ الإنسان منها عبرًا عجيبة، لأنه يرى فيها سائر الأعمال الصالحة والسيئة، ومدح الأولى وذم الثانية، حتى إن الفرنساوية يقولون: إنها تؤدب أخلاق الإنسان وتهذبها، فهي وإن كانت مشتملة على المضحكات، فكم فيها من المبكيات، ومن المكتوب على الستارة بعد “فراغ اللعب” وقد تنصلح العوائد باللعب”[1].

وفي إطار فاعلية شعوب الأمة ودورها تجاه التحديات التي تواجهها، يتناول هذا التقرير الدراما “الهادفة”، باعتبارها محاولة دائمة للاشتباك الجاد والصادق مع أزمات وتحديات حقيقية تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية قديمًا وحديثًا. فيعرض التقرير في هذه المقدمة لما قد تعنيه الدراما الهادفة، ثم يتناول نماذج لأعمال درامية اشتبكت بموضوعية وجدية مع تحديات واجهتها شعوب الأمة وتواجهها عبر سيرورتها التاريخية الطويلة، ويُختتم التقرير بعرض لبعض العوائق والتحديات التي يُواجهها هذا النمط من الدراما، وما إذا كان هناك وسيلة لتجاوزها.

دراما هادفة

يختلف صناع الدراما والمهتمون بها من الباحثين أو حتى الجمهور في تعريفهم لماهية الدراما الهادفة، والمعايير الحاكمة التي تحدد ما إذا كان العمل هادفًا أو لا، وهو ما يجعل عادةً العمل الدرامي الواحد يُختلف في تقييمه من شخصٍ لآخر، لكن رغم ذلك هناك العديد من النظريات التي يمكن الاستعانة بها في تحديد معنى أن تكون الدراما هادفة.

على سبيل المثال، تتحدث نظرية الغرس الثقافي، عن أن الدراما واحدة من أشكال الإعلام التي يحدث من خلالها تفاعل لمدة زمنية طويلة ما بين مصادر القيم والمعرفة وبين نماذج السلوك، مما يدعم اكتساب الأفراد لأفكار واتجاهات وقيم وسلوكيات، بالإضافة لتشكيل صورة ذهنية عن الأشياء تتشابه مع ما يتعرض الأفراد له من محتوى. ومما يسهل عملية الاكتساب هذه أن الدراما تقدم محتواها من خلال نماذج تتشابه في ظروفها الاجتماعية والنفسية مع ظروف جمهور المشاهدين، بناءً على هذه النظرية فإن الدراما الهادفة هي التي تساهم بعملية غرس ثقافي لقيم وأفكار وسلوكيات إيجابية، مما يساعد المجتمع على الترقي في صورة جماعية[2].

وهناك أيضًا نظرية المسؤولية الاجتماعية، التي ترى أن كافة أشكال الإعلام وعلى رأسها الدراما لها مهام ووظائف اجتماعية وتربوية وتوعوية في حياة الأفراد، وأن حرية وسائل الإعلام مشروطة بالتزامها بمسؤوليتها الاجتماعية، والدقة، والموضوعية، والتوازن. ووفقًا لهذه النظرية، فإن الدراما الهادفة هي التي تُنجز مسؤوليتها الاجتماعية، فتُعنى بتحقيق مصلحة المجتمع، بالإضافة لتمثيلها كل فئات المجتمع دون تمييز وبشكلٍ واقعي وموضوعي، كما تتجنب إذاعة كل ما يُثير الفوضى والجريمة، أو يُعادي الأقليات، كما لا يقتصر دور الدراما هنا على التزام مسؤوليتها الاجتماعية أو عرضها لقيم إيجابية وفقط، إنما يتجاوز ذلك لدعم مفهوم المسؤولية الاجتماعية عند الأفراد، واضطلاع المجتمع ككل بدوره.

وكلتا النظريتين ترى أن الدراما رسالة ومسؤولية، وليس مجرد إثارة وشهرة وكسب للمال، فلا ينبغي للدراما أن ينفصل كونها صناعة ربحية عن كونها رسالة مجتمعية[3].

أولًا- نماذج درامية هادفة

حيث نستعرض نماذج لأعمال فنية تطرقت إلى أبرز القضايا الملحة على ماضي وحاضر ومستقبل العالم العربي والإسلامي، بدايةً من الاحتلال الأجنبي ومقاومته، إلى إشكاليات الاستبداد، وما ينتج من فقر، فضلا عن تفجر قضايا الهجرة واللجوء.

1- الاحتلال الأجنبي ومقاومته

يُعد الاحتلال الأجنبي أبرز التحديات الكبرى التي عانت منها الأمة، وتبعها سيطرة ظالمة على مقدراتها الاقتصادية والسياسية والفكرية بعد ذلك، حيث دفعت شدة التنافس ما بين القوى الكولونيالية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، لأن تسعى هذه الدول في تكوين إمبراطوريات لها، كانت الدول الإسلامية والعربية جزءً منها في غالب الأحيان. فبينما سيطر الفرنسيون على شمال غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى ولمدة وجيزة على بلاد الشام، سيطر الإنجليز على مصر والخليج وعدن في جنوب اليمن والعراق ضمن إمبراطوريتهم، وتدافعت إيطاليا في هذا التنافس للسيطرة على ليبيا وبعض دول أفريقيا[4].

بالتزامن مع الحركة الكولونيالية الواسعة صُك وعد بلفور سنة 1917، والذي تحول إلى صيغة أممية تبنتها عصبة الأمم سنة 1922، وبناءً عليها صارت الوظيفة الدولية للاستعمار البريطاني في فلسطين إقامة وطن قومي لليهود بفلسطين، وقد أيدت الدول الكبرى هذا الانتداب، ودعمت حركات الهجرة الواسعة من يهود العالم إلى فلسطين، مما أدى لارتفاع نسبة السكان اليهود في فلسطين من 18٪ عام 1932 إلى أكثر من 31٪ عام 1939. وترافق ذلك مع نمو قوة عسكرية مدعومة من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، لتنفيذ التطهير العرقي الذي تعرض له الفلسطينيون سنة 1948 حين تم طرد أكثر من نصف السكان العرب من البلاد آنذاك؛ على يد العصابات الصهيونية أولًا، ثم بقوة الجيش الإسرائيلي الذي أكمل انتصار الصهيونية العسكري والسياسي بعد ذلك[5].

قاومت شعوب الأمة الوجود الكولونيالي، وسعت لنيل حريتها بشتى الطرق، فبدأت بالصدام المسلح، وبسبب اختلال موازين القوى ضدهم، تعثرت هذه المقاومة، وفي مرحلة ما بين الحربين اتخذت المقاومة الشكل السياسي، لكن السياق العالمي بعد الحرب العالمية الثانية كان داعم لحركات التحرر، ونالت العديد من الدول استقلالها آنذاك، لكن بقي الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين على حاله.

أمام هذا التاريخ الطويل والتجربة الإنسانية الاجتماعية الممزوجة بالمقاومة والمعاناة في آنٍ واحد، قدمت الدراما ولا تزال تقدم الكثير من محاولات الاشتباك مع هذه التجربة على مختلف المستويات؛ فعلى سبيل المثال في أواخر العام ٢٠٢٢ عُرض فيلم “سيدي نجيب.. من سجل البطولة”، والفيلم إنتاج شركة “فجرنا” للأفلام، وهي شركة إنتاج فني أردنية مستقلة، تقوم بكتابة وإنتاج أفلام درامية ووثائقية وإعلانات وغيرها، كما تنشط في تنظيم العديد من الدورات التدريبية لأرباب الصناعة. وتتبنى الشركة نهج إنتاج إنساني اجتماعي، يهتم ويُواكب قضايا الأمة بشكلٍ متواصل. وفي هذا الإطار، كانت الشركة قد أنتجت أكثر من عمل يتناول واقع قطاع غزة والحروب المتواصلة عليها، وتُعيد صفحات الشركة نشر هذه الأعمال تضامنًا مع أهل القطاع ضد الحرب الشعواء عليه هذه الأيام.

أما فيلم “سيدي نجيب” فهو فيلم وثائقي درامي أردني، يروي حكاية الجندي الأردني “نجيب سعد العلي البطاينة”، الذي هجر وطنه؛ ليُقاتل مع رجال الثورة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي حتى اُستُشهد هناك، ولقبه رفاق سلاحه في ليبيا “سيدي نجيب”، وأقاموا له ضريحًا بمنطقة المسوس بالقرب من بني غازي.

ويُلقي الفيلم الضوء على الدور المحوري لتربية سيدي نجيب، والتي دفعته للالتحاق بثوار ليبيا، فقد وُلد وعاش في بيئة مناضلة؛ ذلك أن والده له صولاته ضد الاستعمار الفرنسي والبريطاني في سوريا وفلسطين، وقدم خدمات للمناضلين عبر تسليحهم وإيوائهم، لذا كبر سيدي نجيب وقد ترسخت في قرارة نفسه مبادئ دفع الظلم عن غيره من إخوانه المسلمين. وبحسب الفيلم، شارك بطاينة في مقاومة الإيطاليين مع الجيش العثماني، وعندما انسحب الجيش رفض هو الانسحاب، وبقي يُقاتل ويُقاوم مع إخوانه ثوار ليبيا حتى نال الشهادة[6].

وفي قطاع غزة، قامت فضائية القدس اليوم بإنتاج مسلسل “ميلاد الفجر” بجزئيه في عامي 2021 و2023، وقناة القدس اليوم فضائية فلسطينية مستقلة، ظهرت على حد تعريف القناة لنفسها في لحظة سياسية حرجة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي ملتزمة بالقضايا الإسلامية والوطنية والقومية والإنسانية، وعلى رأسها قضية فلسطين؛ شعب وأرض ومقدسات وتاريخ، وحاضر، ومستقبل، ضمن قالب من المهنية الصحفية الموضوعية، وتبث القناة من داخل قطاع غزة.

أما المسلسل، فهو كتابة محمود منصور، وزكريا أبو غالي، والذي اعتبره قصة إنسانية اجتماعية بالأساس تُعد المقاومة سمتها الأبرز، ويتناول المسلسل حقبة مهمة من تاريخ الشعب الفلسطيني من عام 1995 حتى عام 2005. ففي الجزء الأول، يتناول المسلسل قصة حقيقية لهروب ستة فلسطينيين من حركة الجهاد الإسلامي من المعتقل، حيث تبدأ الرواية حينما يعود أحد العاملين الفلسطينيين من الأراضي المحتلة، ويجد ابنه الوحيد مريضًا، فيُقرر أن يأخذه للمشفى رغم حظر التجوال، وفي طريقه يعترضه جنود الاحتلال ويعتقلونه، ويُعذب داخل السجن، ثم أُفرج عنه بعد فترة، وذهب للبحث عن بندقية والده الشهيد، ووشى به أحد العملاء، فاعتُقل مرة أخرى، وزادت وطأة التعذيب هذه المرة، وأثناء سجنه انضم لإحدى الفصائل الجهادية، وكُلف بمهمة مساعدتهم للهروب، وينطلق معهم لاستكمال المقاومة في المحافظات الجنوبية والشمالية، وفيما يُستشهد الأسرى الستة، يمضي “جهاد” بطل المسلسل في مقاومته[7].

ويتناول الجزء الثاني جهاد الشعب الفلسطيني خلال خمس سنوات من ٢٠٠٠ وحتى ٢٠٠٥، وتدور أحداث المسلسل في أراضي فلسطين والشتات، بدايةً من انتفاضة الأقصى 2000، ودخول شارون المسجد الأقصى، واستشهاد الطفل محمد الدرة، وانتفاضة الشعب والجماهير، ومقاومة الفصائل مرورًا بصراع العقول والأدمغة مع العدو، وتنفيذ العمليات البطولية في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات، وصولًا إلى تطور المقاومة ومواكبة مراحل هذا التطور خلال انتفاضة الأقصى[8].

واتجهت حركة المقاومة الإسلامية حماس في السنوات الأخيرة للإنتاج الفني، يقينًا منها بأهمية دور الدراما في مقاومة الاحتلال وإبراز عدالة القضية الفلسطينية، كما أنها إحدى الساحات التي لابد من مزاحمة الاحتلال الإسرائيلي وسرديته فيها. لذا فقد أنتجت الحركة العديد من الأفلام والمسلسلات المستلهمة من شخصياتٍ وقصصٍ حقيقية، مثل فيلم الشهيد عماد عقل، ومسلسل بوابة السماء الذي يرصد معاناة أهل القدس وما يتعرضون له من انتهاكات يومية، وآخرها كان مسلسل “قبضة الأحرار” الذي عُرض عام ٢٠٢٢ ويحاكي قصة حقيقية، وقعت قبل ثلاثة أعوام جنوب شرقي قطاع غزة، عندما اكتشف مقاومون من كتائب عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس) “خلية مستعربين”؛ وهي قوة إسرائيلية تنكرت في لباس فلسطيني، وتسللت إلى غزة في ظروفٍ غامضة، بهدف التجسس وجمع معلومات عن فصائل المقاومة، ويُصنف المسلسل بأنه “عمل فني استخباراتي”، يُبرز ما يُطلق عليه “صراع الأدمغة” بين المقاومة وأجهزة استخبارات الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن جوانب أخرى في حياة مليوني فلسطيني يعانون من ظروف مأساوية منذ 16 عامًا من الحصار، تخللتها 4 حروب عنيفة.

وتهدف حماس من وراء هذا المسلسل إلى تقديم رواية فلسطينية مضادة للرواية الإسرائيلية، وإبراز تطور أداء المقاومة فيما وصفه رئيس دائرة الإنتاج الفني في حركة حماس الدكتور محمد ثريا “بصراع العقول”، حيث قال “نجتهد بإمكاناتنا المتواضعة لمجابهة الكذب والتضليل الإسرائيلي، إدراكًا لحجم تأثير الدراما على وعي الجمهور”[9].

2- الاستبداد السياسي

يُعد الاستبداد السياسي، أحد التحديات التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية منذ عدة قرون، ويتمثل هذا الاستبداد في الاستفراد بالسلطة والتحكم في الشعب والاستئثار بخيرات المجتمع، مع الإسراف في استخدام القوة لإدارة السلطة، والسيطرة التامة عليها، ويكون هذا الاستفراد إما من قبل فرد أو جماعة لهم مصلحة مشتركة، ويتبع الاستفراد بالضرورة احتكار لحقوق الآخرين في المشاركة والإدارة، وإبعاد المعارضين إما بالاعتقال أو القتل، أو أن ينفي هؤلاء أنفسهم اختياريًا خارج البلاد.

وبالنظر لتجربة الشعوب الإسلامية مع الاستبداد، فإنها تجربة طويلة من المعاناة ومحاولات الوقوف والمقاومة، تجربة استعان فيها المجتمع بكافة وسائله المتاحة بين يديه ليصف هذا الاستبداد ويحاول نزعه عن نفسه، أو على الأقل يُسجل محاولاته هذه ويحفظها. وتُعد الدراما هي إحدى المساحات التي تتزاحم فيها سرديتا المستبد والمستضعف، لكنها كمساحة تكثر وتتداخل العوامل المؤثرة بها، بما يفوق قدرة المستبد على السيطرة التامة عليها، وبالتالي فإن المجتمعات تُعول عليها لرواية السردية الخاصة بها، وتخليد معاناتهم وحيلهم في رفع الظلم عن أنفسهم.

ففي عام ٢٠٢٢ أخرج لطفي ناثان فيلم “حرقة”، وهو فيلم تونسي من إنتاج شركة سيني تيلي، وهي شركة إنتاج سنيمائي تونسية مستقلة، بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام وهي منظمة دولية في قطر تُعنى بتمويل الأفلام، والإنتاج، والتعليم، وتلتزم بتمكين وتعزيز إمكانيات كتاب السيناريوهات والقصص في المنطقة، في الوقت الذي تُحافظ فيه على طابعها العالمي من حيث المحتوى، كما تلقى الفيلم منحًا تمويلية من مؤسسات سنيمائية في كلٍ من لوكسمبورج والولايات المتحدة الأمريكية.

وتدور قصة علي بطل الفيلم في واقع يُشبه الذي عاشه البوعزيزي، لكن بعد الثورة التونسية، حيث يعيش الشاب التونسي “علي”، ويعمل في بيع الغاز المُهرب في شوارع تونس بعدما أُجبر على تحمل مسؤولية أختيه الصغيرتين بعد الوفاة المفاجئة لوالده، يتزامن هذا مع حالة من القمع الشديد تعيشه البلاد، ويُدرك “علي” استحالة الاستمرار في مجتمع تقمعه الشرطة بهذا الشكل، ويهدف منذ بداية الفيلم إلى الخلاص عبر الخروج من وطنه. ويتصاعد غضب علي على مدار أحداث الفيلم، وهذا بسبب التعامل غير الآدمي من الشرطة التونسية طوال الفيلم، حيث لا تُتيح بديلًا لعلي وأمثاله للعيش، بل تقتطع طوال الوقت من أرزاقهم الهزيلة. وأمام ضغط الظروف المعيشية، يُقرر “علي” أن يكسر القانون الذي أصبح لا يؤمن بممثليه، ويطلب من المعلم الذي يدير شبكة تهريب البنزين عبر الحدود أن يجعله يقوم بعملية تهريب كمية كبيرة من البنزين في شاحنة مقابل مبالغ أكبر من تلك التي يحصل عليها، لكن مطالبة الشرطة له بالحصول على المزيد من المال تجعله يفقد الأمل، فيُقرر التنازل عن كل شيء والانتحار[10].

وفي عام ٢٠٢٣، أخرج عروة محمد مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”، وأنتجته شركة “ميتا فورا”، وهي شركة قطرية خاصة للإنتاج الفني، وتُعرف الشركة نفسها بأنها تسعى لإنتاج أعمال تليفزيونية وسنيمائية، روائية ووثائقية، وتطمح للمشاركة في التعبير عن طموح المبدعين العرب؛ سواء على الصعيد الفني، أو على صعيد تجسيد قيم الحرية والجمال؛ بما يعكس تطلعات الروح العربية لعالم جديدٍ خالٍ من التطرف والتعصب، كذلك فإن الشركة تُعلن بوضوح وقوفها إلى جانب الإنسان العربي في معاركه ضد الديكتاتورية والتخلف والفقر، وتقوم بإنتاج أعمال فنية تعكس تلك الروح[11].

وأما المسلسل، فعلى الرغم من نفي القائمين عليه لأي تشابه بينه وبين الواقع، لكن يسهل على المتابعين معرفة أن المسلسل يدور حول عائلة الجنرال الأسد في سوريا، حيث يتناول المسلسل قصة عائلة حاكمة في جمهورية عربية خيالية هي دولة الفرات، بدءً من العام 2005، ويُشير مسمى “الفرات” هنا إلى النهر وإلى اسم الزعيم السلطوي الحاكم أيضًا في البلاد، الذي ورث منصبه من أبيه الراحل، وتدور معظم أحداث المسلسل داخل الدائرة الضيقة للسلطة، والتي تضم عاصي شقيق فرات، ومنافسه على السلطة وهو لواء في الجيش، كما تضم رئيس جهاز المخابرات العامة، وكذلك تشمل الشخصيات الرئيسة الأخرى زوجة الرئيس، وشقيقته، ووالدته، وابن خاله الرأسمالي، وتنهمك كل شخصية في هذه الدائرة بارتكاب الجرائم وممارسة الأعمال الوحشية بقدر انخراطها في حكم البلاد، كما يتناول المسلسل طبيعة علاقة دولة “الفرات” مع دول الجوار والصراعات التي خاضتها هذه الدولة[12].

3- الفقر

يُعد الفقر أحد أكبر التحديات والعوائق في الدول العربية والإسلامية، وهو نتيجة متوقعة وطبيعية لعقودٍ من الاحتلال أعقبها عقود من الاستبداد والفساد السياسي، والتجريف المتعمد للموارد المجتمعية والثروات الاقتصادية. ومما يزيد الأمر سوءً أن نسب الفقر متصاعدة وبوتيرةٍ متسارعة في العديد من الدول العربية والإسلامية، فعلى سبيل المثال، أفادت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) بارتفاع مستويات الفقر في المنطقة العربية في عام 2022 مقارنةً بالسنوات الماضية ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخصًا، أي ما يُمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، وذلك وفقًا لخطوط الفقر الوطنية، كما أن هذه المستويات متوقع أن تستمر في الارتفاع لتصل إلى 36٪ في عام 2024[13].

لذا؛ فليس من المستغرب أن تشتبك الدراما مع الفقر؛ كظاهرة تضرب بعمق جذورها في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية، وتتعدد أوجه الظاهرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والإنسانية، مما يجعلها أشبه بمنجم سيناريوهات واقعة بالفعل أو منتظرة، وما على صانع الدراما المنشغل بقضايا مجتمعه سوى أن يؤطرها في شكلٍ فنيٍ معين، وإلا فدرامية الظاهرة طاغية في حد ذاتها.

فعلى سبيل المثال، أخرج المخرج المصري عمر الزهيري فيلم «ريش» عام ٢٠٢١، وهو فيلم شبه صامت، والتجربة الأولى لكافة الممثلين به، ويحكي الفيلم قصة عائلة مصرية من أبٍ وأمٍ وثلاثة أفراد، تعيش في إحدى العشوائيات، بمنزل يُغلفه الفقر، وتحوطه القذارة من كل مكان، تقرر الأسرة الاحتفال بعيد ميلاد الابن رغم ضيق الظروف، والإتيان بساحر للترفيه، يُدخل الساحر الأب إلى صندوقٍ خشبيٍ كبير، وببعض الحيل والحركات يُحوله إلى دجاجة لكنه يفشل في رده مرةً أخرى! عندها تبدأ مهمة الأم الشاقة بتأمين القوت اليومي لأطفالها، والذهاب للعمل عوضًا عن زوجها، وتُحاصر بالديون التي تركها خلفه، بالإضافة لإيجار المنزل الذي لم يُدفع، مما عرضها للطرد ومصادرة كل محتويات المنزل المهترئة أصلًا، وطوال الفيلم تذهب الزوجة إلى عدة سحرة ومشعوذين كي تسترد زوجها، وفي النهاية تسترده بطريق الصدفة شبه مفارق للحياة، لتستمر معاناتها في الحياة دون توقف[14].

ورغم أن الفيلم لم يُحدد إطارًا مكانيًا ولا حتى أسماء دالة للشخصيات فيه، كما أن مواقع التصوير ديكورات مصنوعة وبعضها إضافات بتقنية الجرافيكس، لكنه فيلم مصري بقدراتٍ مصرية وبلهجةٍ مصرية، ويشتبك مع ظاهرة الفقر بشكلٍ جاد، عبر مزج الواقعية والفانتازيا معًا.

وفي العام ٢٠٢٢، أخرج المخرج الإيراني سعيد روستاي فيلم “إخوة ليلى”، يقص الفيلم حكاية أسرة فقيرة، مكونة من أربعة أشقاء وأخت اسمها ليلى، الأخ الأكبر علي رضا قد ترك وظيفته في المصنع لأنه وغيره من العمال يعملون لشهورٍ دون راتب، مما دفعهم للاحتجاج وهجوم الشرطة عليهم، أما الأخ الثاني فقد استقل عن الأسرة منذ زمن، والثالث يعمل في تنظيف مراحيض أحد المولات التجارية، والأخير يعمل كسائق على سيارة قديمة، ويرغب في احتراف المصارعة الأمريكية. تدفعهم ليلى لعمل مشروعٍ تجاري، هو شراء مراحيض أحد المراكز التجارية، ثم ردمها وتحويلها إلى محلٍ تجاري، من جهة أخرى يسعى والدهم إسماعيل لخلافة ابن عمه الميت وتولي عرش العائلة، ولن يحدث هذا إلا عبر دفع أربعين ليرة ذهبية في حفل عرس ابن قريبه، يرضخ الأشقاء الذكور لوالدهم، لكن ليلى ترفض وتسرق الليرات من أبيها في العرس، ويُقيموا المشروع بالفعل، لكن مرض أبيهم يدفع الإخوة الذكور لبيع المحل، وإرضاء أبيهم على أمل استعادة الأموال بعد استرداد هيبته أمام العائلة.

لكن الانهيار الاقتصادي الذي أصاب البلاد، يحول دون استعادة المحل مرةً أخرى، وتصبح الليرات بلا قيمة، بعد ارتفاع المحل المباع لأضعاف سعره، فبقوا قابعين بين براثن الفقر، وينتهي الفيلم بموت إسماعيل ورقص الفتيات الصغيرات بالأبيض أمام جثمانه.

يشتبك الفيلم بشكلٍ حقيقي مع العديد من قضايا المجتمع الإيراني والمتمحورة حول الفقر، كالبطالة والتفاوت الطبقي، والاقتصاد العالمي وظلاله التي تُخيم على المجتمعات، والصراع الممتد ما بين البنى التقليدية وعملية التحديث، كما يرصد بدقة التغيرات التي يمر بها المجتمع الإيراني على إثر هذا الصراع[15].

4-الهجرة واللجوء

تواجه الدول العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة موجات هجرة واسعة، سواء كانت هذه الموجات منها كمنطقة مُصدرة للمهاجرين، أو منطقة عبور واستقرار لبعضهم، وقد كشف تقرير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة الصادر عام ٢٠٢١ أن المنطقة العربية لا تزال منطقة منشأ وعبور رئيسية. ومما جاء في التقرير أن الدول العربية إحدى الوجهات المفضّلة للمهاجرين الدوليين والأشخاص الذين هُجّروا قسرا، ففي عام 2020، استضافت الدول العربية حوالي 15 في المائة من المهاجرين واللاجئين في العالم، أي حوالي ٤١.٤ مليون مهاجر ولاجئ، واستضافت 12 دولة من المنطقة 14 في المائة من العمال المهاجرين في العالم.

أما فيما يتعلق بالهجرة إلى الخارج، فقد هاجر حوالي 32.8 مليون شخصًا أو أُجبروا على النزوح من البلدان العربية في عام 2020، مكث 44 في المائة منهم في المنطقة، وبلغت نسبة اللاجئين القادمين من بلدان عربية 43 في المائة من مجموع اللاجئين المشمولين بولاية مفوضية اللاجئين (حوالي ٨.٩ مليون لاجئ من أصل ٢٠.٧ مليون لاجئ في العالم)[16].

وتتعدد أسباب اللجوء من وإلى المنطقة العربية، سواء كانت اقتصادية لطلب الرزق وتحسين الدخل، أو سياسية للبحث عن الحرية والأمان والهرب من بطش الحكومات، أو الحروب والصراعات، أو أسباب تعليمية طلبًا للعلم واستكمال الدراسة، أو أن تدفع الكوارث الطبيعية الناس دفعًا لمغادرة بلادهم، وعادةً ما تصاحب حركة الهجرة واللجوء العديد من الآلام؛ بدايةً من ألم الخروج وترك الديار، مرورًا بمشقة ومخاطر رحلة اللجوء، ووصولًا إلى الصعوبات والمتاعب التي تواجه المهاجرين في المجتمعات الجديدة.

لذا؛ فليس من المستغرب أن تشتبك الدراما مع ظاهرة الهجرة، اشتباكًا متعدد المستويات والمنطلقات، لكن يظل البعد الإنساني هو الغالب عليه وتتجسد في طياته باقي الأبعاد الأخرى للظاهرة.

ففي العام ٢٠١٧ أخرجت المخرجة التركية أنداش أوغلو، فيلم “مسافر حلب- إسطنبول” عن اللجوء السوري لتركيا، وهو إنتاج مشترك بين الشركات التركية:

Andac Film Productions- Istanbul Digital -Istanbul Film Productions

بالتعاون مع شركة بان إيستميديا من الأردن، وقد حصل مشروع الفيلم على دعم مادي من وزارة الثقافة والسياحة التركية، علمًا أن كل الشركات المساهمة في الإنتاج هي شركات إنتاج فني خاصة، تستهدف القضايا الإنسانية والمجتمعية عبر أفلام روائية ووثائقية[17]، واللافت في الفيلم أن جميع الممثلين كانوا لاجئين سوريين حقيقيين يُمثلون للمرة الأولى ما عدا الممثلة الأردنية صبا مبارك. تبدأ الحكاية من قصف النظام السوري لأحياء حلب، وبسبب القصف تموت الكثير من العائلات، منها عائلة ” لينا” ذات العشر سنوات، وتتبقى هي وأختها الرضيعة، لتبدأ رحلة هجرتها مع جارتهم “مريم” -فتاة تعمل في صالون نسائي. ذلك حيث هرب من تبقى من الأهالي في قافلة لسيارات “البيك أب”، وفي أثناء مغامرة الوصول للحدود التركية أوقفت إحدى الكتائب المسلحة القافلة، وسلبت جميع ما يملكون، واحتجزتهم في معسكرٍ تابعٍ لها، لكن مريم بعدها نجحت في الوصول إلى إسطنبول، ومعها لينا، وهناك تتلقى اتصالا من عم لينا يعدها بدفع كل اللازم لوصول الفتاة إليه في ألمانيا، وبينما كانت لينا تأمل في العودة للوطن دائمًا والبحث عن أمها، فإن حلم مريم كان الوصول لأوروبا[18].

تتابع المخرجة رحلة اللجوء الشاقة ومعاناة اللاجئين في إسطنبول، فالعائلات تسكن في مخيمات أو تتكوم فوق بعضها في قبوٍ مستأجر، يُطردون منه إن عجزوا عن دفع إيجاره، أو يبيتون في الحدائق العامة والشوارع. تضطر مريم للعمل في مصنع ألبسة وتضيع منها لينا، ثم يلتقيا بعد مدة، ويُرسل عم لينا المال اللازم للهجرة إلى أوروبا، لكن المال لا يكفي سوى لهجرة شخصٍ واحد، فتضطر مريم لوداع لينا وإرسالها وحدها في إحدى قوارب الهجرة لليونان، وينتهي الفيلم عند هذا المشهد، نهاية مفتوحة ومصير معقد مجهول للفتاتين.

وطوال مسار الفيلم يمكن رؤية ردود الفعل المختلفة من المجتمع التركي تجاه اللاجئين السوريين؛ فهناك المستغلون، والمتحرشون جنسيًا باللاجئات، وهناك المؤجر القاسي، الذي طردهم عند عجزهم عن دفع الإيجار، بالإضافة لمن يتهمون كل لاجئ أو لاجئة بالسرقة. لكن على الجانب الآخر، هناك الجيران الطيبون الذين يُقدمون طعامًا وألبسة للعائلات السورية، ومديرة عاملات المصنع المتعاطفة مع مريم، والسيدة التي ساعدت لينا عند رؤيتها وحيدة ومريضة تحت المطر وأخذتها للمشفى[19].

وفي العام ٢٠١٨ أخرجت المخرجة سارة العبيدي فيلم “بنزين”، من إنتاج زوجها المنتج علي بن عبد الله، والذي أسس شركة إنتاج تونسية مستقلة مع زوجته وأسماها سينرجي، وأما الفيلم فهو يُسلط الضوء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية بواسطة قوارب الموت التي تعبر البحر المتوسط إلى الشواطئ الأوروبية، إيطاليا خاصةً، والتي راح ضحيتها الآلاف من الشباب العربي.

حيث يتناول الفيلم قصة عائلة تونسية صغيرة تعيش في قرية “المجني” بريف قابس، في الجنوب الشرقي التونسي بين مارث وبني خداش وتوجان، وتعيش العائلة من تربية الماشية بينما الزوج يبيع البنزين المهرب على الطريق الرئيسي المتجه للعاصمة تونس، بعد أن أقفرت أرضه الزراعية لانقطاع المطر، يخرج ابنهم أحمد ٢٤ عامًا في محاولة لهجرة غير شرعية، سعيًا وراء الرزق، وتختفي أخباره، ومن هنا تبدأ محنة العائلة، حيث تخوض محاولات كثيرة لمعرفة مصير ابنها، ويبيع الأب جزءً من ماشيته ليوفر أتعاب محامي في العاصمة تونس لمتابعة أخبار ابنه، سواء وصل إلى إيطاليا أم لا، عن طريق تواصل المحامي مع صديقه في روما، حيث سيستعين به في التواصل مع وزارتي الخارجية والداخلية الإيطالية، وقد طرق الأبوان كل أبواب المنظمات العالمية في العاصمة، وشاركوا بالمظاهرات أمام مقر وزارة الخارجية التونسية، لكن كل هذا دون جدوى.

تمرض الأم حليمة وتطلب من زوجها أن يبحث عن ابنهما، يبحث الزوج في كل مكان، ويذهب للطب العدلي، وحتى لعصابات الهجرة نفسها، لكن لم يعثر على ابنه. في نهاية الفيلم يستلم سالم رسالة من وزارة الخارجية التونسية تطلب منه الحضور، فيركب سيارته القديمة هو وزوجته، التي تحمل حقيبتها بها صورة لابنها، وأثناء الطريق يأتي مشهد النهاية بالإعلان عن غرق ١٥٠ ألف شاب تونسي، دون معرفة مصير أحمد، هل هو ضمن الغرقى، أم محجوز في إحدى معسكرات المهاجرين في إيطاليا؟![20]

ثانيًا- أبرز تحديات صناعة دراما هادفة:

إن محاولات إنتاج دراما هادفة كما أنها تشتبك اشتباكًا حقيقيًا مع قضايا المجتمعات العربية والإسلامية إلا أنها تتأثر بها أيضًا، لذا تظل الأعمال الهادفة محدودة وتعوقها الكثير من العراقيل، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو فنية، نحاول في هذا الجزء من التقرير التوقف على بعضها، وإلا فإنها كثيرة ومتداخلة.

1-عوائق سياسية

تعاني الدراما الهادفة عدة عوائق سياسية تختلف باختلاف البلدان المنتجة للعمل، فمن جهة يمثل التضييق الأمني تحديًا حقيقيًا أمام أي محاولة للاشتباك الجاد مع قضايا الشأن العام في المجتمعات العربية والإسلامية، وتستعين الدولة عادةً بترسانة القوانين أو أجهزة الرقابة الفنية للقيام بهذا الدور نيابةً عنها، وهو ما يؤدي بدوره إلى رفض الكثير من الأعمال الجيدة والهادفة ومنعها من العرض، أو إلى اتجاه العديد من صانعي الدراما إلى إنتاج وتصوير أعمالهم بالخارج، مما أضر بصناعة الدراما نفسها داخل بلدانهم. ففي عام ٢٠١٧ حددت اللجنةُ الدرامية المصرية -التابعة للمجلس الأعلى للإعلام- الموضوعات الدرامية التي ينبغي لصناع الدراما والمنتجين الفنيين الاختيار منها؛ مثل إفساح المجال لمعالجة الموضوعات المرتبطة بالدور المجيد والشجاع الذي يقوم به أفراد المؤسسة العسكرية ورجال الشرطة في الدفاع عن الوطن، وكذلك الدراما التاريخية والدينية والسِّيَر الشعبية للأبطال الوطنيين بهدف تعميق مشاعر الانتماء وتنمية الوعي القومي. وأقرت لجنة الدراما لأول مرة تطبيق غرامة (مائتي ألف جنيه) على كل قناة فضائية، و(مائة ألف جنيه) على الإذاعات، مقابل كل لفظ مُسيء يتم نشره عبر إحدى هذه الوسائل، على أن يتم سحب ترخيص الوسيلة الإعلامية التي تتكرر من خلالها الإساءات ولم تلتزم بالعقوبة خلال ستة أشهر[21].

ومن جهةٍ أخرى، تعاني كذلك الدراما المنتجة في دول وأراضي محتلة ومضطهدة من كثيرٍ من العوائق، أبرزها ضعف الإمكانات المتوفرة، بالإضافة لصعوبة تسويق هذه الأعمال، إذ القنوات في غالبيتها تتعارض سياساتها التسويقية مع هكذا أعمال. مثلا، في إطار حديثه عن الإنتاج الدرامي داخل غزة، يقول الدكتور محمد ثريا- رئيس دائرة الإنتاج الفني بحركة حماس- “إن محاولات إنتاج أعمال تتبنى السردية الفلسطينية الحقيقية تُواجه دائمًا بضعف الإمكانات المادية والبشرية، فعلى سبيل المثال لا يوجد في غزة استوديوهات إنتاج فني، ولا معاهد متخصصة، مما يضطرنا لتصوير الكثير من المشاهد في الشارع، وهو ما عرضنا أكثر من مرة لهجوم الاحتلال الإسرائيلي، يأتي هذا في مقابل الدعم المادي والفني الهائل الذي تتلقاه إسرائيل لإنتاج أعمال تُشوه صورة المقاومة والنضال الفلسطيني، بالإضافة للعديد من المنصات الإعلامية التي تتسابق لعرض هذه الأعمال، في حين عادةً ما نجد صعوبة في عرض أعمالنا المنتجة داخل غزة[22].

2-عوائق اقتصادية

تعاني معظم الدول العربية من أزماتٍ اقتصاديةٍ عديدة، وهو ما يدفعها للاقتراض عادةً من صندوق النقد الدولي وتحرير سعر الصرف، لذا فقد ارتفعت تكلفة الإنتاج الفني بنسبة تتراوح ما بين ٣٠ و٥٠٪ منذ نوفمبر ٢٠١٦، وتجسدت هذه الزيادة في أجور العاملين، والمعدات الفنية المستوردة، بالإضافة للديكورات الخاصة وتكلفة إيجار مواقع التصوير، علمًا أنه تفرض بعض الدول نسبة ضرائب تتجاوز٣٪ على أي معدات مستوردة من الخارج[23]. أما دول الخليج، فعلى الرغم من ارتفاع المستوى الاقتصادي، لكنها تعاني من تدني مستوى الإنفاق الفني، حيث يتحدث بعض المستثمرين في مجال الإعلام أن حجم الإنفاق الفني في دول الخليج لا يتجاوز ٠٥. ٪ من حجمه الحقيقي المفترض أن يبلغه قياسًا بحجم اقتصاديات هذه الدول -وفقًا لبعض المختصين[24].

يُعاني الإنتاج الفني في العالم الإسلامي والعربي كذلك من أزمة “رأس المال الجبان”، ذلك حيث دخول التجار إلى عالم الإنتاج الفني، ولكن المنتج التاجر عادةً لا يبحث عن نصوص وسيناريوهات فنية جيدة، أو ممثلين ومخرجين موهوبين، وإنما صاحب هذه العقلية متى ما دخل إلى السوق الفني، فإنه يسعى طوال الوقت إلى تمييع أي أسس وضوابط مهنية وفنية أصيلة، في سبيل مضاعفة أرباحه، ومن ثم الهبوط بالذوق الجمعي لجمهور المتلقين، واستمرار تسويق اللامعنى، وخلخلة البنى القيمية الثقافية لأي عمل فني[25].

يرتبط بمشكلة رأس المال مشكلة التسويق، حيث يُعتبر أيضًا الإنتاج الفني صناعة، تخضع لمعايير السوق وحركة العرض والطلب، وهذا يدفع بالمنتجين إلى نوعية معينة من الأفلام -مضمونة- على حد تعبيرهم- ولا تحوي أي مخاطرة سواء على مستوى الأفكار أو السيناريوهات والممثلين، وهو ما يجعل صناع الأفلام الجادة يُعانون في البحث عن منتج يخوض معهم مغامرة إنتاج هذه النوعية من الأفلام[26].

لذا؛ فكثيرًا ما نجد أن الأفلام المختلفة والتي تشتبك مع الواقع وتناقش ظواهره بعمقٍ وجدية، عادةً ما تكون إنتاجًا أجنبيًا وعادةً ما تُعرض بالخارج وتستهدف المهرجانات الفنية العالمية بشكلٍ أساسي. تعكس هذه المشكلة النظرة العامة للإنتاج الفني في مجتمعاتنا، فمن جهةٍ يعني اعتبار الإنتاج الفني صناعة وتجارة، أن يعدم أي رسالة ثقافية أخلاقية مجتمعية، ومن جهةٍ أخرى فصناع هذا النوع من الأعمال الدرامية عليهم مراعاة كافة العناصر السمعية والبصرية وطبيعة السيناريو ومستوى الحوار المقدم في العمل وحبكته الدرامية، حتى لا يتحول العمل لـ “فيلم مهرجانات” كما يطلق عليه المشاهدون، بمعنى أنه لا يُعرض سوى في المهرجانات، سواء كانت تلك المهرجانات عالمية أو محلية (بخلاف ما يُطلق عليه الأفلام التجارية أو بمعنى أصح الأفلام السائدة)، حيث توصم الأعمال التي تقدم في المهرجانات أنها معقدة، ومملة، لا يفهمها المشاهد العادي وليس معدة لتذوقه، بل للنقاد وصناع الأفلام الآخرين، وغير مستهدف بها عامة الجمهور، فيعزف المنتجون بطبيعة الحال عنها[27].

3-عوائق فنية

يتحدث صناع الدراما في السنوات الأخيرة عن أزمة في مستوى النصوص وركاكة السيناريوهات المقدمة في الأعمال الفنية، مما يؤدي لضعف الحبكات الدرامية، وتفكك الخطوط الدرامية المقدمة داخل العمل الواحد. ويُرجع أرباب الصناعة هذا الضعف لعدة أسباب منها: ضعف الموهبة والخبرة لدى كتاب الأعمال الفنية الحاليين، وعدم قدرتهم على تحويل مخزونهم الفكري لمشهدٍ بصري، بالإضافة لتعجل شركات الإنتاج في طلب النص من الكاتب قبل اكتماله ونضج البناء الفني للشخصيات المقدمة في العمل. يتحدث آخرون أن غياب تخصص الكتابة عن معاهد السينما والفنون، وعدم التمييز بين أنواع الكتابة الفنية المختلفة، أحد أبرز الأسباب في ضعف السيناريوهات الفنية المقدمة، وهناك أيضًا ما يتصل بورش الكتابة الفنية الجماعية، فعلى الرغم من فائدة هذه الورش في تنمية المواهب الكتابية الشابة، لكن تعجل البعض في الاستعانة بالنصوص المكتوبة في هذه الورش دون معالجتها أو تنقيحها من قبل كتاب متمرسين، يجعل مثل هذا النمط من العمل الفني يأتي مبهمًا يفتقد لأي هوية مميزةً له[28].

لكن هناك اتجاه آخر يرى أن الدراما العربية لا تعاني أزمة نصوص، وأن النصوص الجيدة والكتاب والممثلين الموهوبين موجودون بالفعل، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في ظاهرة” الشللية” المسيطرة على صناعة الإنتاج الفني، فمن جهة يعاني أصحاب النصوص الجيدة من صعوبة إيصال نصوصهم إلى المنتجين وشركات الإنتاج الفني للتعاون معهم، ومن جهةٍ أخرى يُواجه الممثلون نفس المشكلة، ففي الوقت الذي يعاني فيه البعض من تخمة درامية بسبب كثرة الأعمال التي يؤديها، يشكو الكثيرون من الغياب التام وعدم تلقيهم أي أدوار منذ ما يقارب العشر سنوات، إذ باتت الأدوار لا تُسند للممثلين بقدر موهبتهم أو مدى مناسبتها لهم، بل بقدر ما يملكون من علاقات داخل الوسط الفني، وهذا الاحتكار للأدوار الفنية يُعد امتدادًا لظاهرة الاحتكار الاقتصادي التي تعيشها الصناعة منذ سنوات[29].

خاتمة

تمثِّل الدراما إذًا إحدى الأدوات المؤثرة التي تمتلكها المجتمعات، والتي تُساهم في عملية الغرس الثقافي للمتلقين وتوجيههم طوال الوقت، وهذا الدور يجعلها أحد أهم مسارات التنشئة الاجتماعية. وبالنظر لهذه الأهمية المحورية للدراما، فإن أرباب هذه الصناعة لديهم مسؤولية اجتماعية تجاه مجتمعاتهم طوال الوقت فيما يتبنون ويُقدمون من أعمال، هذه المسؤولية والاضطلاع بالقيام بها هو ما يُميز بين ما يمكن تسميته دراما هادفة وغيرها من الأعمال الدرامية الأخرى المقدمة.

ويتضح من النماذج الدرامية التي تناولها التقرير أنها تشتبك بالفعل مع قضايا حقيقية لمجتمعاتها التي خرجت منها وعلى نطاق ومدى واسع، فالماضي والحاضر بكل وجوهه الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل إطار الحيز الذي تتفاعل معه. وكذا يتضح من التقرير أن تبني هذا النمط من الأعمال يحتاج ثقافة وإرادة معًا؛ ثقافة ووعي حقيقي بأهمية الدور الذي تؤديه الدراما والرسالة التي تحملها، وبالقضية المقدمة وكافة ملابساتها، فضلا عن الإلمام بالتحديات التي قد تواجه القائمين على العمل، وإرادة صلبة تبذل وسعها لمواجهة هذه التحديات وتجاوزها.

وبالنظر للتحديات التي يتعرض لها هذا النوع من الدراما؛ فإنها تدفعنا للتساؤل عن دور الحاضنة الأهلية والشعبية الداعمة لهذه الأعمال؛ فغيابها يؤثر بشكلٍ كبير على عدد الأعمال المقدمة، وكذا يجعل منها صيد سهل للجهات التي قد يضرها تناول قضايا معينة بهذا القدر من الجدية، كما أن غياب هذه الحاضنة يجعل أصحاب هذه الأعمال تحت رحمة أصحاب رؤوس الأموال دائمًا، فإما يتجهون لإنتاج أجنبي يستهدف الدخول بالعمل في المسابقات الفنية، فينتج العمل بمعيارية المهرجانات ويحيد عن هدفه ويستبدل النخب وأعضاء لجان التحكيم بعامة الجمهور، وإما يتراجعون عن صناعة العمل بالكلية، أو أن يُحشروا بين مطرقة رأس المال وسندان العرض والطلب في نهاية الأمر.

________________

هوامش

[1] رفاعة الطهطاوي، الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، ت: محمد عمارة، (بيروت: المؤسسة الغربية للدراسات والنشر، ط١، ١٩٧٣)، ج٢، ص١١٩.

[2] داليا عثمان، دور الدراما الاجتماعية المصرية في تغيير المفاهيم الاجتماعية المصرية، المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال، العدد٣٤، يوليو/ سبتمبر٢٠٢١، ص٧٨١-٨١٢.

[3] المرجع السابق، ص ٧٨١- ٨١٢.

[4] عبد الملك التميمي، الاستيطان الأجنبي في الوطن العربي، (الكويت: عالم المعرفة،١٩٨٣)، ط١، ص٩-٦٣.

[5] رشيد الخالدي، حرب المئة عام على فلسطين، ت: عامر شيخوني، (بيروت: الدار العربية للعلوم،٢٠٢١)، ط١، ص٣٣-١٤١.

[6] توفيق عابد، سيدي نجيب.. من سجل البطولة “فيلم عن أردني قاوم الاستعمار الإيطالي في ليبيا، موقع الجزيرة نت، ٦نوفمبر٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع:٢٠أكتوبر٢٠٢٣، الساعة:٦:١٥،متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32GqX

[7] هيئة التحرير، ميلاد الفجر١، موقع فضائية القدس، إبريل٢٠٢١، تاريخ الاطلاع:١٩ نوفمبر٢٠٢٣، الساعة:١١ص، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32HRp

[8] هيئة التحرير، ميلاد الفجر٢، موقع فضائية القدس، مارس٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع:١٩ نوفمبر٢٠٢٣، الساعة: ١١:٣٠، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32HSv

[9] رائد موسى، دراما المقاومة.. قبضة الأحرار مسلسل رمضاني يحاكي قصص صمود غزة، الجزيرة نت،١٠فبراير٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع: ٢٠ أكتوبر٢٠٢٣، الساعة: ٨، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32Gto

[10] فريد رستم، فيلم “حرقة”.. قصة الخلاص من عبء الوطن، موقع الجزيرة نت، ١٩ديسمبر٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع:١٢ديسمبر٢٠٢٣، الساعة ٨، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36bvA

[11] القامشلي، “ابتسم أيها الجنرال “مسلسل سوري يحاكي الأسرة الحاكمة ويثير الجدل، وكالة نورث برس، ٥مارس٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع:١٠ ديسمبر٢٠٢٣، الساعة:٥، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36bNz

[12] عصام قيسي، ابتسامات الأسرة.. صناعة رمزية للديكتاتوريات، موقع قنطرة،١٨ إبريل٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع:١١ديسمبر٢٠٢٣، الساعة:٨، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36bP4

[13] الإسكوا: ثلث سكان المنطقة العربية يعيشون تحت خط الفقر رغم زيادة النمو الاقتصادي، الأمم المتحدة، 30 ديسمبر٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع: ٤ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة: ١٠م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32GvH

[14] أنيس أفندي، فيلم ريش: بين البحث عن الفن والبحث عن الشرطة، موقع إضاءات،٢٠ أكتوبر٢٠٢١، تاريخ الاطلاع: ٧ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة:١٢م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32Gwc

[15] لينا الرواس، إخوة ليلى: الفقر بطل غير متوج، موقع حبر،٢٢ مايو٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع: ٩ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة: ٥ص، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32Gwu

[16] تقرير حول الهجرة، الأمم المتحدة، 1 يوليو ٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع: ٥ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة: ٨م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32Gxf

[17] مسافر حلب/اسطنبول يفوز بجائزة أفضل إنتاج فني، صحيفة البلاد، ١٢ أكتوبر ٢٠١٨، تاريخ الاطلاع: ٩ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة: ٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36bSe

[18] علاء رشيد، مسافر: حلب-إسطنبول، رؤية سينمائية تركية للجوء السوري، موقع جيرون،٢١ديسمبر٢٠١٨، تاريخ الاطلاع:٢٣ أكتوبر٢٠٢٣،متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32Gx2

[19] المرجع السابق.

[20] معد فياض، الفيلم التونسي “بنزين” يسلط الضوء على مآسي الهجرة وقوارب الموت، موقع rudwa، 25يوليو٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع: ١١نوفمبر٢٠٢٣، الساعة:١١م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32GxI

[21] أمنية عمر، اتجاهات الدراما في مصر: بين الدولة والمجتمع ورأس المال، موقع مركز الحضارة، ٢٨ إبريل٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع: ٢٣نوفمبر٢٠٢٣، الساعة:١٢م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32HW3

[22] رائد موسى، دراما المقاومة.. قبضة الأحرار مسلسل رمضاني يحاكي قصص صمود غزة، مرجع سابق.

[23] المنتجين الفنيين: تكلفة إنتاج الأفلام ارتفعت٥٠٪ بعد التعويم، جريدة البورصة،٢٢نوفمبر٢٠١٧، تاريخ الاطلاع: ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة:٨، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36c72

[24] إيمان الخطاف، سوق الإنتاج الفني الخليجي تبحث عن طوق نجاه لإنعاشها، صحفية الشرق الأوسط، ١٧ أبريل ٢٠١٧، تاريخ الاطلاع: ٩ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة:٩، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36c6y

[25] لميس علي، رأس المال الفني وتسويق دراما القشور، صحيفة الثورة، ١٨ مارس٢٠٢١، تاريخ الاطلاع: ٦ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة:٩، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36c2y

[26] محمد هلال، صناعة السينما والدراما في مصر، مساحة من الإبداع والحرية تتلاشى بسبب “الاحتكار والقبضة الأمنية”، شبكة مواطن، ١ سبتمبر ٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع: ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة: ١٢م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32HYN

[27] علياء طلعت، أفلام المهرجانات التي لا يشاهده أحد: هل يستحق ريش إيرادات في دور العرض، موقع الجزيرة نت،٢٦ أكتوبر ٢٠٢١، تاريخ الاطلاع: ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣، الساعة: ٦م، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/32I3h

[28] هنادي عيسى، كتاب دراما ومخرجون: أزمة الكتابة عالمية، ٢٥إبريل٢٠٢٣، تاريخ الاطلاع: ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة:١٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36cbc

[29] أحمد نور، المسيطرون على الدراما المصرية.. أجيال من الممثلين يبحثون عن أدوار وسط العمالقة، موقع الجزيرة نت،٢٢مارس٢٠٢٢، تاريخ الاطلاع: ١١ ديسمبر ٢٠٢٣، الساعة:١٠، متاح عبر الرابط التالي: https://bitly.ws/36dWD

 

  • نُشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات- العد الثاني والثلاثون- يناير 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى