الموقف الخليجي من العدوان الإسرائيلي على لبنان استراتيجيات راسخة ورؤى متغيرة*


مقدمة:
لم تعد الصورة الذهنية عن العلاقات الخليجية اللبنانية كما كانت في السابق، فقد تغيرت طبيعة هذه العلاقة إلى الدرجة التي جعلت العدوان الإسرائيلي على لبنان مؤخرًا يمر على معظم دول الخليج دون التفاعل المتوقع، عدا ذلك البعد المتعلق بالمساعدات الإنسانية. حيث اتسمت التصريحات الرسمية بصيغةٍ أقرب إلى الحياد من قبل معظم الفاعلين الخليجيين، ولكن في الوقت نفسه ليس معنى ذلك أنه في السابق كانت الدول الخليجية تتدخل عسكريًا دفاعًا عن لبنان، وإنما كانت مواقفها أكثر قوة، وتصريحاتها أكثر فعاليةً واهتمامًا، كما كانت تسعى مباشرةً إلى ممارسات سياسية ومساعي جادة وحاسمة وفعالة لدى القوى المؤثرة.
لكن يبدو أنه قد جرى في النهر مياه كثيرة سواء في لبنان أو في الخليج، ومن ثم ما يتصل بالعلاقات بينهما، وقد يقول البعض أن هذه التغييرات سببها وجود حزب الله في لبنان (حيث الخلافات الأيديولوجية والمذهبية)، وهو قول فيه من الصحة، إلا أن هذا الوجود والنفوذ لحزب الله الحليف لإيران أقدم من التأزم الخليجي اللبناني المسؤول عن الموقف الحالي، مع عدم استبعاد أنه من أسبابه. ومن ثم فإنه مع التقدير لتأثير حزب الله على طبيعة هذه العلاقات، إلا أنه فيما يبدو أن هناك أسباب أخرى عميقة توثر بشكلٍ عام في طبيعة العلاقات بين دول المنطقة، ومن بينها العلاقات الخليجية اللبنانية، وبالتالي تحتاج لرؤى نظرية وعلمية للوقوف على أبعادها وامتداداتها ومآلاتها.
وفي هذا السياق، تعتمد الورقة على مجموعة من المداخل التفسيرية التي تُسهم في الفهم والتحليل لواقع العلاقات الخليجية اللبنانية ووضعها في سياقها في منطقة الشرق الأوسط والبيئة المحيطة، والتي لا يخفى تأثيرها على أحد. وتمتد الفترة الزمنية التي رصدها التقرير منذ انطلاق طوفان الأقصى وبداية الاشتباكات اللبنانية الإسرائيلية، والتي بدأت على استحياء منذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى وذلك بتاريخ 9 أكتوبر 2023، إلا أن محور التركيز يبدأ مع استفحال الأمر في سبتمبر 2024 وتصاعد الأوضاع في أكتوبر ونوفمبر بصورةٍ غير مسبوقة، ووصولًا إلى توقيع وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني في أواخر نوفمبر 2024.
ومع ذلك، من الضروري الإشارة إلى أن أوضاع لبنان بشكلٍ عام وعلاقاته مع الخليج بشكل خاص تحتاج لرصد ومتابعة لأكثر من جانب، منها أن تلك العلاقات من المتوقع لها أن تتطور عقب تراجع حزب الله، ومن ناحيةٍ أخرى فإن وقف إطلاق النار لا يعني أن الحرب قد انتهت بين الكيان الصهيوني ولبنان، أو أن التغيرات الإقليمية فيما يُطلق عليه الشرق الأوسط قد توقفت، ولكن الأمور في طور التغيير والتبديل، وجميع معادلات المنطقة متداخلة ومتشابكة ومعقدة، وتمثل لبعضها البعض “أواني مستطرقة” فأي تغيير في إحداها يؤثر على الأخرى، ومن ثم فإن الكتابة والتحليل في مثل هذه الأجواء يجب أن تكون بحقها أي بإدراك الإطار المتغير وغير المستقر. وينقسم التقرير إلى العناصر الآتية: التفاعلات الخليجية مع لبنان في عام العدوان، مداخل أساسية للفهم والتحليل، رؤى مستقبلية في إطار الموقف الخليجي من لبنان.
على أن يسبق ذلك تمهيد يقف على أهم محطات التفاعلات الخليجية- اللبنانية في العقود الأخيرة، عبر أزمات داخلية وخارجية متعددة، وهو ما يفسر دوافع الاهتمام بتفاعلات الخليج مع الأزمة اللبنانية الراهنة.
تمهيد: لماذا الاهتمام بالموقف الخليجي من لبنان؟
لم يغب الخليج يومًا عن المشاركة المؤثرة والفاعلة تجاه ما تتعرض له لبنان داخليًا أو خارجيًا، وتمثل لبنان موقعًا استراتيجيًا مؤثرًا ونفوذًا فاعلًا لدول الخليج في المنطقة بصورة لا تتوفر له بدونها، وفي هذا الإطار يمكن فهم مدى تعقد وتشابك العلاقات الخليجية اللبنانية، ويمكن إلقاء نظرة عامة على تطور هذه العلاقات للوقوف على عمق ذلك التشابك من خلال الرصد المتعجل للأحداث التاريخية السابقة، وهذا على النحو الآتي:
– العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006: لن نتوسع في استعراض الموقف الخليجي من لبنان خلال حرب 2006، ولكن يكفي الإشارة إلى تلك الإجراءات والتحركات والمواقف التي تُثبت أن مواقف الدول الخليجية والعربية في الحالة الراهنة مواقف متراجعة جدًّا مقارنةً مع الموقف في 2006؛ حيث تم في ذلك الوقت عقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب في بيروت، أسفر عن نتيجتين: الأولى؛ عاطفية متمثلة في تأكيد التضامن مع الشعب اللبناني وإدانة العدوان الإسرائيلي، والثانية؛ عملية تجلت في تشكيل وفد من الأمين العام لجامعة الدول العربية وعضوية وزيري خارجية قطر والإمارات. قام الوفد بالسفر إلى الأمم المتحدة وحضر مناقشات مجلس الأمن، وكان له دور مهم في إعادة صياغة مشروع قرار مجلس الأمن (1701) الذي كان في صورة مشروع فرنسي -أمريكي لوقف مشترك لإطلاق النار؛ حيث كان للوفد دور ملحوظ في تعديل القرار والنص على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، كما كان من أهم ملامح هذا الموقف والتي نفتقدها اليوم بصورة جذرية هو أن أعضاء المؤتمر الوزاري العربي تجنبوا توجيه أي لوم إلى المقاومة اللبنانية أو تحميلها نتيجة ما حدث، وتبنوا وجهة النظر اللبنانية لوقف القتال[1].
– العدوان الإسرائيلي على لبنان 1982 وأزمات لبنانية أخرى في القرن الماضي: كانت الدول الخليجية، وفي مقدمتها السعودية، حاضرة دومًا في كل أزمة يتعرض لها لبنان، وخاصةً ما يتعلق بمسار الحرب الأهلية التي امتدت خلال الفترة من 1975 وحتى 1989. وقد عرفت هذه الأزمة عدة مراحل، كانت السعودية في مقدمة الدول التي لم تدخر جهدًا في احتواء تداعياتها وإيجاد حل لها[2]. وقد بنى لها هذا الدور مساحة نفوذ في لبنان لم تتوفر لدولةٍ أخرى، كما كان لمجلس التعاون موقف قوي وبارز في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان آنذاك؛ حيث تزامن الاجتياح مع الدورة الرابعة للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، ومن ثم فقد أدان المجلس -حديث النشأة أنذاك[3]– العدوان واعتبره انتهاكًا للكرامة الإنسانية وحذر من استمرار الاحتلال، وطالب برفعه عن بيروت، ودعا دول مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتها، وندد المجلس بالموقف الأمريكي في دعمه لدولة الكيان. ولم يقتصر موقف مسؤولي الخليج من لبنان على البيانات والتصريحات وإنما قاموا بزياراتٍ مباشرة إلى لبنان، وكان هذا الموقف القوي رغم سياقات وأحوال الدول العربية والخليجية في تلك الفترة من خلافات وعلاقات دولية متوترة[4]، إذ أعلنوا موقفهم بهذا الوضوح الذي يعي من هو العدو الحقيقي، وهو ما بات غائمًا إقليميًا في الوقت الراهن، خاصةً بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، والانفتاح غير المحدود في التعامل مع الكيان الصهيوني رسميًا وشعبيًا.
أولا- التفاعلات الخليجية مع لبنان في عام العدوان
منذ انطلاق طوفان الأقصى وهناك مسارات متنوعة للتفاعلات الخليجية اللبنانية، إلا أن “المساعدات الإغاثية”[5] قد غلبت على أي جوانب أخرى في هذه العلاقات، ورغم التقدير لهذه المساعدات إلا أنها كانت موجودة من قبل الطوفان للمؤسسات والشعب في لبنان. وقد استمرت المساعدات بشكلٍ متفاوت ومتقطع من أكتوبر 2023 حتى أغسطس 2024، ثم زادت بشكلٍ ملحوظ خلال الأشهر الأربعة الأخيرة التي شهدت العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأنشأت أكثر من دولة خليجية جسورًا جوية لنقل المساعدات الضخمة، وقدمت الدول الخليجية الأخرى ما استطاعت وإن كان ذلك بشكلٍ رمزي، ولكنه عبر عن الدعم الخليجي للبنان في أزمته الحالية؛ ومن الضروري الإشارة بنبذة مختصرة إلى مختلف مسارات الموقف الخليجي في تلك المرحلة، وذلك على النحو التالي:
- الموقف الرسمي من خلال لقاءات القمة:
- الخليج يستضيف القمم العربية والإسلامية: كان هناك حرص من الجانب الخليجي على إثارة الموضوع اللبناني، وعُقدت لذلك فعاليات على مستوى القادة العرب والمسلمين:
- استضافت البحرين القمة العربية الثالثة والثلاثين مايو 2024، وقد تطرق بيانها الختامي للأزمة السياسية في لبنان وحث جميع الأطراف اللبنانية على “إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، ودعم تعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وحماية حدوده المعترف بها دوليًا بوجه الاعتداءات الإسرائيلية”[6].
- استضافت العاصمة السعودية (الرياض) القمة العربية الإسلامية نوفمبر 2024؛ وأصدرت بيانًا ختاميًا من 38 بندًا[7] تضمن “الإدانة الشديدة للعدوان الإسرائيلي المتمادي والمتواصل على لبنان وانتهاك سيادته، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 (2006)، والتأكيد على التضامن مع الجمهورية اللبنانية في مواجهة هذا العدوان. هذا فضلا عن الإدانة الشديدة للاستهداف المتعمّد للجيش اللبناني ومراكزه الذي أدى إلى سقوط عددًا من الشهداء والجرحى في صفوفه”[8].
- موقف مجلس التعاون الخليجي: عقدت القمة رقم 45 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأدان الإعلان الصادر من الكويت مطلع ديسمبر 2024 العدوان على لبنان وحذر من مغبة استمراره وتوسع رقعة الصراع، مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين، ورحب المجلس الأعلى باتفاق وقف إطلاق النار المؤقت في لبنان، وتطلع الإعلان إلى أن يكون ذلك خطوة نحو وقف الحرب وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وعودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم، وعبّر القادة عن التضامن التام مع الشعب اللبناني الشقيق[9].
- المواقف الرسمية على مستوى الدول:
- الموقف الخليجي السائد من لبنان:
رغم تلك المواقف ذات الصبغة الجماعية، إلا أن المواقف المفردة لدول الخليج لم تعكس الأهمية الاستراتيجية التاريخية للبنان بالنسبة لدول الخليج العربي، خاصةً الدول المحورية منها.
- الموقف السعودي: لم يكن الموقف السعودي من لبنان يليق بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية بينهما، ففي ظل ما يتعرض له لبنان ومن قبله فلسطين -قطاع غزة بشكلٍ خاص- كان هناك إصرارًا على إقامة الحفلات واستضافة المطربين والمطربات من مختلف دول العالم، ناهيك عن موقف رجال الدين المتماهين مع الموقف الرسمي والمسوغين له. ورغم إثارة السعودية للقضية اللبنانية في لقاءات المسؤولين مع نظرائهم من الدول الأخرى، فإن المساعدات التي قدمتها السعودية كانت هي التي غلبت على موقفها في لبنان، فقد سيرت جسرًا جويًا هائلًا منذ سبتمبر 2024 ولا يزال[10]. أما المسار السياسي، فقد بقي متماهيًا مع الرؤى الغربية والإماراتية، ولم تعتن السعودية بتصدر المشهد الإقليمي والعربي في دعم والدفاع عن لبنان كما كانت تفعل سابقًا[11].
ربما كان هناك بعض المسارات الدبلوماسية المعتادة، فعندما زار ولي العهد السعودي القاهرة في أكتوبر 2024، تضمن البيان الرسمي الذي أعقب الزيارة إشارةً إلى القضية اللبنانية بلغة دبلوماسية عامة على نحو يعكس جوهر الأزمة بين لبنان والدول الخليجية “وفي الشأن اللبناني، أعرب الجانبان عن بالغ قلقهما من التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وأكدا حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية، والمحافظة على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية، وعبرا عن تضامنهما الكامل مع الشعب اللبناني الشقيق في الأزمة الراهنة، وشددا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بجميع مؤسساتها من القيام بواجباتها وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وأهمية دور الجيش اللبناني في حفظ أمن لبنان واستقراره، كما جدد الجانبان التأكيد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي، وخاصةً مجلس الأمن الدولي، بمسؤولياته والعمل على وقف فوري ودائم لإطلاق النار في لبنان، وعدم اتساع نطاق الصراع القائم في المنطقة، مشددين على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة”[12].
- الموقف الإماراتي: نددت المسؤولة الإمارتية في الأمم المتحدة خلال اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بتنامي التوترات في عزة وجنوب لبنان[13]، إلا أن الموقف العام للإمارات لم يكن بارزًا أو مؤثرًا خلال العام حتى العدوان الإسرائيلي على لبنان، وحينها خرجت ببيان يطالب بخفض التصعيد بين الجانبين، وكذلك أعربت الإمارات عن القلق من استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أصدرت بالاشتراك مع الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، في 26 سبتمبر 2024 نداءً مشتركًا لإرساء «وقف مؤقت لإطلاق النار» لمدة 21 يومًا في لبنان[14]، كما رحبت بإعلان وقف إطلاق النار[15]، في الوقت نفسه قدمت الكثير من المساعدات عبر الجو والبحر[16].
- الموقف البحريني والكويتي: لم يختلف الموقف البحريني أو الكويتي عن المواقف السابقة لكلٍ من السعودية والإمارات فيما يتعلق بالإدانة في التصريحات الرسمية، وتقديم المساعدات، زاد عن ذلك أن محكمة التمييز الكويتية صنفت في مارس 2024 “حزب الله” اللبناني على قائمة التنظيمات “المجرمة”، معتبرة الحزب جماعة “محظورة ومجرمة طبقًا للقانون”، واصفةً إياها بـ “تنظيم مسلح يخطط لهدم النظم الأساسية في الكويت لتكوين الجمهورية الإيرانية الكبرى”، وجرمت المحكمة الكويتية كل من يدعم حزب الله، وجاء هذا الحكم عقب الحكم بإدانة ثلاثة مواطنين كويتيين بتهمة التخابر مع “حزب الله” اللبناني، موضحةً أن الانضمام للجماعة والتعاون معها يُعد “جريمة يعاقب عليها القانون”[17].
- المواقف الخليجية المغايرة للموقف السائد: الموقف القطر
تبنت قطر موقفًا متقدمًا ومتمايزًا عن باقي دول الخليج من لبنان، وهي سمة باتت لصيقة بقطر منذ أزمة الحصار (24 مايو 2017 – 5 يناير 2021)، فقد أصبحت حريصة على أن يكون لها موقف خاص دون أن تشتبك مع المواقف الأخرى أو تعارضها، فعلى سبيل المثال كانت قطر قد انتقدت موقف وزير الإعلام اللبناني بشأن تصريحاته قبيل توليه منصبه حول الأزمة اليمنية، إلا أنها في الوقت نفسه لم تقطع علاقتها مع لبنان مثلما فعلت معظم الدول الأخرى[18]، بل اضطلعت بمهمة حل الخلاف.
ولذلك كان لقطر موقفًا أكثر وضوحًا من أي دولة خليجية أخرى في إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان عقب طوفان الأقصى، حيث أعلنت الخارجية القطرية، في بيانها إدانتها “بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي أدى إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، وتحذر في الوقت ذاته من اتساع دائرة العنف في المنطقة وانزلاقها إلى حربٍ إقليمية شاملة، في ظل الحرب المستمرة على غزة“[19]، كما خاطب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني العالم خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 79 في مدينة نيويورك الأمريكية في 24 سبتمبر2024 وطالبهم بإيقاف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وحربه على لبنان[20]. أيضًا شاركت دولة قطر، في 24 أكتوبر 2024 في المؤتمر الدولي من أجل دعم شعب لبنان وسيادته الذي عُقد في باريس، واستكملت قطر تقديم المساعدات إلى لبنان، بدفعاتٍ كبيرة، وفَعَّلت جسرًا جويًا لنقل مختلف المساعدات التي يحتاجها لبنان[21].
- المواقف الخليجية المحايدة: سلطنة عُمان
يمتاز الموقف العُماني بخصوصيةٍ فريدة من بين الدول الخليجية الأخرى، فهي أقرب إلى الحياد في أي أزمة خارج حدودها، ومن ثم لم تكن منخرطةً في الأزمة اللبنانية إلا عقب تكثيف العدوان الإسرائيلي على لبنان في سبتمبر 2024، حينها بدأت التصريحات بإدانة العدوان، كما شاركت السلطنة في معظم الفعاليات الدولية والعربية التي عُقدت في هذا الشأن، وقد كانت حريصة على تبني الموقف العربي التقليدي -موقف ما قبل التطبيع- بشأن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967[22]، وحذرت عُمان من توسيع رقعة الصراع، مما يُهدد بجر المنطقة إلى مزيدٍ من العنف وعدم الاستقرار[23]. كما قَدمت السلطنة في 6 نوفمبر 2024، بالتعاون مع المجموعة العربية، تعديلات على قرار “دعم منظمة العمل الدولية للاستجابة للأزمة في لبنان”؛ حيث تضمنت التعديلات حماية المرافق الأساسية في لبنان، والترحيب بجهود وقف إطلاق النار. وعندما تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار رحبت بالقرار واكتفت بذلك، معتبرةً أن الأزمة قد انتهت، ومن جانبٍ آخر أرسلت السلطنة طائرة تحمل مساعدات إنسانية وطبية، ولم تخصص جسرًا جويًا مثل دول خليجية أخرى وهو أمر مفهوم نظرًا لعدم تماثلها في الثروة معهم[24].
3- الموقف الخليجي غير الرسمي:
لا يمكن الفصل بين الموقف الرسمي والموقف غير الرسمي في معظم دول الخليج، فهناك تطابق شبه تام بين الموقفين ولا يتحرك الشعب بمفرده إلا في حالاتٍ نادرة، ومن بين هذه الحالات النادرة التي بوز فيها موقف شعبي يتحرك دون أوامر رسمية كان في البحرين، ولذلك كانت الدولة الوحيدة التي شهدت مظاهرات تندد بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، حيث اندلعت في العديد من المناطق البحرينيّة تظاهرات شعبيّة تضامنيّة حاشدة، مع محور المقاومة الإسلاميّة في لبنان وفلسطين واليمن، ضدّ العدوان الإسرائيلي الأمريكيّ وتنديدًا بالتّطبيع، وقد كان ذلك دون رفع أي شعاراتٍ طائفية (حيث من المعروف وجود معارضة شيعية في البحرين)[25].
ومن ثم، من الأهمية بمكان التأكيد على أن الموقف الشعبي في البحرين[26] كان مفارقًا بصورة ملحوظة للمواقف الشعبية في دول المعسكر الذي تنتمي له (الموقف الخليجي السائد)، وهنا نؤكد على أن الموقف الشعبي في كلٍ من الإمارات والسعودية يعكس المسار الجديد الطارئ على العلاقات الخليجية اللبنانية؛ حيث جاء موقف القوى غير الرسمية والإعلامية ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي من شيوخ وإعلاميين في دول الخليج –وخصوصًا في السعودية- مما يحدث في طوفان الأقصى بصفة عامة، وفي لبنان بصفة خاصة مخالفًا لما كان معروفًا من قبل، فقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات السلبية إزاء الطوفان والعدوان الإسرائيلي على لبنان. علمًا أن متابعة الحالة والنشاط البارز للإعلاميين يؤشر إلى أن الأمر فيه جوانب من الاجتهادات الشخصية وليس فقط توجيهات رسمية؛ فقد فتحت القنوات الإعلامية الخليجية الباب واسعًا، أمام استضافة من يُهاجم الطوفان، وكانت قناة العربية رائدة في ذلك، بل إنها استضافت أحد رجال الدين الشيعة اللبنانيين المعادي لحزب الله، وأتاحت له مساحة غير مسبوقة لتوجيه انتقاداته للحزب ولقياداته، ولكل أطياف الطوفان بشكلٍ عام[27].
الأخطر من ذلك يتمثل في الفيلم المسيء “ألفية القضاء على الإرهاب”[28] الذي أنتجته قناة mbc في العراق حول قادة المقاومة الذين استشهدوا جراء الاستهداف الصهيوني، ووصفتهم بالإرهابيين معتمدة بصورةٍ كاملة على السردية الصهيونية[29]. وقد تعرضت القناة للاقتحام من الشعب العراقي الذي استنكر تلك المعالجة، كما ألغت السلطات العراقية ترخيصها، كانت المفاجأة من الشعب السعودي؛ حيث ندد سعوديون بالاعتداء على مقر القناة، من بينهم عبد اللطيف آل الشيخ الذي رأى في ذلك “انتهاكًا صارخًا لحرية الإعلام والتعبير”[30].
ثانيًا- مداخل أساسية للفهم والتحليل
وهي بمثابة خلاصات لابد من بلورتها، بناءً على ما سبق تناوله وتتبعه بشأن الموقف الخليجي من العدوان الإسرائيلي على لبنان، على سبيل المثال:
- دلالات تمايزات الموقف الخليجي إزاء لبنان: من الرصد السابق للموقف الخليجي من الأزمة اللبنانية الحالية تحدثنا عن ثلاثة اتجاهات متمايزة -وإن كان تمايزها ليس حادًا أو عنيفًا- أولها الاتجاه السائد وتقوده أربعة دول وهي السعودية والإمارات والبحرين والكويت، ورغم أنهم جميعًا في مربع الموقف السائد إلا ان بينهم اختلافات نوعية من حيث حجم التأثير ونوعيته لا تؤثر على عملية التصنيف. وثانيها الاتجاه المغاير؛ ونقصد به الموقف القطري الذي لا يتماهى مع موقف الدول الأربع السابق الإشارة إليها، وهذا التمايز بات واضحًا للعيان منذ الأزمة الخليجية /أزمة الحصار، حينها كان الموقف اللبناني لافتًا فقد تحول من الحياد إلى رفض الحصار على قطر[31] ودفع ثمنًا لذلك، ومن ثم لم تنس قطر ذلك الموقف. وفي الوقت نفسه، يجب أن نقرأ الموقف القطري في المساحة النسبية الدولية الذي يتحرك فيها، فلا أحد يستطيع أن يُنكر امتلاك الدوحة أدوات تأثير ونفوذ إعلامية، ودبلوماسية، ومالية، وسياسية ولكنها تظل أيضًا تعرف كيف تتعامل، ومع من تتعامل في الساحة الدولية، بيد أن ذلك سمح لها بأن تتخذ هذا الموقف المغاير للسائد في الساحة الخليجية.
أما موقف عمان، فهو موقف تقليدي مألوف منها وعنها، فهي لا تزال تتمسك بأصولٍ تاريخية للموقف العربي من إسرائيل لم يعد أحد يتبناها من مثل تبنيها لمبدأ “الأرض مقابل السلام” (في تمسكها بحدود 67، والقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل)، في حين أن دول الخليج الأخرى، وخاصةً أصحاب الاتجاه السائد أو الغالب باتوا اليوم يتبنون مبدأ “السلام مقابل السلام”، ومعظمهم منخرطون أو سينخرطون قريبًا في مسار التطبيع والاتفاق الإبراهيمي.
- تغيرات الموقف السعودي والعلاقات الخليجية -اللبنانية: فيما يبدو أن هناك شبه اتفاق بين الدول الخليجية على أن لبنان تقع في الحياض السعودي، وحتى إذا كانت السعودية نفسها -المرحلة / القيادة الحالية- لا تريد استمرار هذه العلاقة بعدما غيرت من طبيعة علاقاتها بالعديد من الأطر الإقليمية الأخرى الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية، فلا أحد من الدول الخليجية الأخرى يرغب في أن يحل محلها. ومن ثم، فإن العدوان على لبنان صادف هذه المرحلة في العلاقات السعودية اللبنانية المتوترة والمتغيرة، وفي الوقت نفسه ليس لدى أي دولة خليجية أو عربية أخرى الرغبة في معاداة السعودية بالنفاذ إلى الملف اللبناني، بل إن معظم هذه الدول كانت ملتزمة بالموقف السعودي من لبنان عندما شهدت علاقتهما بعض التوترات والتي وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي لعدة أشهر خلال عام 2021[32]، وحتى بعد نجاح وساطات عودة هذه العلاقات إلا أنها ظلت تشهد بعض البرودة[33].
وقد يكون لهذه البرودة أصول وجذور؛ لأنه قد سبق هذه الأزمة أزمة أخرى تمثلت في إجبار السعودية لسعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني عام 2017 على تقديم استقالته من الرياض نفسها واحتجازه فيها لعدة أيام[34]، وكذلك عدم اصطفاف لبنان مع دول الحصار على قطر. مثل هذه التوترات مكنت إسرائيل من أن تفعل ما أرادت بلبنان في ظل التراخي الخليجي بصفةٍ عامة والسعودي بصفةٍ خاصة، بل إنه في بعض الأحيان يبدو للمراقب أن هناك ترحيبًا خليجيًا بذلك العدوان الإسرائيلي، وهناك دلائل على ذلك من مثل مشهد رجل الدين محمد علي الحسيني، أمين عام المجلس العربي الإسلامي الذي يخرج بشكلٍ متكرر من قناة العربية ليخاطب القادة اللبنانيين ويتنبأ بمقتلهم صائحا: “أجمع شملك واكتب وصيتك، فمن اشتراك باعك اليوم، ولو تعلم ماذا قالت إيران عنك؟ وماذا أوصلت من معلومات؟ وماذا أرادت مقابل رأسك؟”[35] وهو موقف كاشف ودال، لا يمكن التغافل عنه.
- القراءة الإسرائيلية للسياقات العربية: انتظرت إسرائيل ما يقرب من العام في تطوير عدوانها على لبنان كانت خلاله قد استطاعت أن تستنزف قدرات المواقف العربية الرسمية والشعبية في متابعة العدوان على غزة، في الوقت نفسه فإن أداء حزب الله خلال ذلك العام رغم حضوره الفاعل مقارنةً بأي حضور عربي أخر في دعم غزة في مواجهة العدوان، إلا أنه كان أقل من التوقعات، ولذلك سمح لإسرائيل ومن يبرر لها أفعالها جراء ما تعرضت له في السابع من أكتوبر 2023 أن يتقبل ذلك العدوان الغاشم على لبنان؛ حيث بدأ العدوان بتاريخ 27 سبتمبر 2024، واستمر حتى توقيع وقف إطلاق النار بتاريخ 27 نوفمبر من العام نفسه حربًا ضروسًا على لبنان. ولا شك أن لإسرائيل استفادت من فشل الحزب في عملية الردع، مما منحها مبررات -أمام من يريد أن يرى ذلك- للعدوان الغاشم بهذه الدرجة؛ حيث جرى خلال تلك الفترة[36] استهداف البنى -رصيد الحزب المادي- كما استهدف القيادات على أعلى مستوى -رصيد الحزب البشري والمعنوي- بعنفٍ كبير أسفر عن اغتيال أمينين عاميين للحزب خلال أيام قليلة (حسن نصر الله وهاشم صفي الدين الذي كان مرشحًا لخلافته)، وصحبهما عدد كبير من قيادات الحزب.
وإن كان التقييم النهائي لموقف حزب الله من طوفان الأقصى يحتاج إلى دراسة منفردة، إلا أنه من الجدير بالذكر القول إن حزب الله لم يتحسب لهذه النهاية التي وصل إليها، وإلا لكان قد اختلف مسار تحركاته منذ اليوم الأول للطوفان.
- طبيعة اللحظة الراهنة لأزمة العدوان الإسرائيلي على لبنان: لا يمكن القول بأن العدوان الإسرائيلي على لبنان قد انتهى على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فهناك حالة من التوتر لا تزال تخيم على الأجواء، إضافةً إلى أن التصعيد بين إسرائيل وإيران على الرغم من أنه نتج عن الطوفان إلا أنه اتخذ مسارًا مستقلًا، ولن يتوقف بتوقف المعارك في لبنان أو قطاع غزة، فقد ترى إسرائيل في مجيء الرئيس الأمريكي الجديد ترامب فرصةً لا تعوض في أن تستهدف إيران، خاصةً وأن لديه موقف مسبق من مساعي إيران للحصول على القنبلة النووية، ومن جانبٍ آخر يدعم هذا المسار وضع إيران في اللحظة الراهنة فهي تعاني بعد فقدانها حليفين من أهم حلفائها في المنطقة في سوريا ولبنان، ومن ثم لم يعد أمامها إلا امتلاك القنبلة النووية[37]، فهل تتركها أمريكا أو إسرائيل تستكمل هذه المساعي؟
وبناءً على ذلك، فقد يتعقد وضع المنطقة أكثر مما هي عليه الآن إذا ما أقدمت إسرائيل على توجيه ضربة إلى إيران، حينها قد لا تتورع إيران عن إشعال الإقليم، ونقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط السعودية بتاريخ 13/12/2024 “اليوم تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران».. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات”[38]، وقد شهدت الأيام اللاحقة لهذا التصريح توجيه ضربات إسرائيلية مكثفة استهدفت العديد من المنشآت اليمنية بما في ذلك المطارات المدنية من مثل مطار صنعاء الدولي[39].
- طوفان الأقصى بين التهديد الوجودي لإسرائيل والرغبة في حماية اتفاقات إبراهام: شكلت اتفاقيات إبراهام نقلةً أساسية في العلاقة بين الكيان الصهيوني ومعظم دول الخليج، وكذلك مع دول الجوار للأراضي الفلسطينية المحتلة، على جانب آخر أرسى طوفان الأقصى شعورًا جارفًا لدى الأطراف المختلفة المتورطة في العملية السياسية في المنطقة أن إسرائيل ليست كما تدعي، ورغم أن ذلك مثَّل فرصة كبيرة جدًا للأطراف العربية على وجه الخصوص كان من الضروري استثمارها والبناء عليها، إلا أن معظم التعاطي العربي الرسمي مع هذه الفرصة كان عكسيًّا، إذ رأت أن الطوفان خطأ كبير، وما كان له أن يكون، وصنعوا مخيالًا لإسرائيل سمح لها أن تفعل ما تريد ردًّا على عملية السابع من أكتوبر2023، وسارعوا بنفي صلتهم بتلك العملية، بل ذهبوا أبعد من ذلك برؤيتهم لها بأنها خطأ يستوجب العقاب حتى لا يتكرر، ولكنهم راهنوا أن يكون العقاب خاطفًا، في حين كان لإسرائيل رأي أخر فقد أرادت له أن يكون دائمًا، ومن هنا كانت المواقف المتجاهلة لما يحدث في لبنان من اشتباكات محدودة مع الكيان الصهيوني. ومن ثم، لم يبدأ تبلور موقف خليجي ضد هذا العدوان إلا عندما أعلنت إسرائيل عن رغبتها في اجتياح لبنان، واغتيال القيادات وتفجير المجتمع بالعمليات المخابراتية (عملية البيجر)[40]. إن جوهر التقاعس الخليجي والعربي من طوفان الأقصى أو العدوان على لبنان لا يمكن فهمه إلا في ضوء قواعد الشرق الأوسط الجديدة، ومنها أولوية مصالح القوى الكبرى وإسرائيل في تلك البقعة من العالم[41]، وهو ما ينقلنا إلى النقطة التالية.
- تغيير شكل الشرق الأوسط بقيادة إسرائيل: تتبنى إسرائيل استراتيجية مفادها تغيير شكل الشرق الأوسط وأنها باتت الدولة القائد في المنطقة، وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر من مرة وفي مناسباتٍ متعددة أن دولة الكيان الصهيوني “تغير الشرق الأوسط وتعزِّز موقعها كدولة مركزية في المنطقة”، وأضاف أنه “بانهيار نظام الأسد فإن فصلًا جديدًا في تاريخ الشرق الأوسط فُتح بتاريخ 8/12/2024”[42]، وتكتمل هذه الإستراتيجية باستراتيجية التطبيع والمسار الإبراهيمي الذي تلعب فيه دولة الإمارات دورًا كبيرًا، في محاولة منها للقبول بمنصب صديق البطل /القائد بعدما فشلت في أن تكون قائدة النظام الإقليمي العربي رغم ما بذلت من جهد (سياسي، واقتصادي، وإعلامي) في هندسة هذا المشهد.
- من طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة: هناك تحليل يرى أن طوفان الأقصى هو من أحداث المستوى الكلي/ الحضاري، ومن ثم فإن أي تحليل لهذا الحدث على أي مستوى أدنى من ذلك لن يكون مفهومًا، أو مقدرًا، وبناء على هذا التصنيف فإن هذا الحدث يحتاج إلى مناهج التحليل الحضاري التي تقف على جذوره التوحيدية، وسياقاته السننية، وبناه المقاصدية والقيمية، ووحدته الإنسانية الفطرية[43]. ولذلك كان أستاذنا الدكتور سيف الدين عبد الفتاح حريصًا في مقال له نشر بتاريخ 11/10/ 2023 على توصيف الطوفان وربطه مع الأمة منذ الأيام الأولى له، وضمن هذا الربط الحضاري[44] “ومن هنا فإننا نؤكد أن هذه العملية الكبرى “طوفان الأقصى” إنما تشكل في الحقيقة “طوفان الأمة”” كما أكد في مقالٍ أخر[45] أن “طوفان الأمة هو الحاضن للمقاومة؛ حيث يصير الانتماء إلى كيان الأم –”الأمة”- مصدر كرامة وعزة وإعزاز يصيب كل راغب في الانتماء، وكل باحث عن هُوِيَّة..”، ومن ثم فإن التصنيف المناسب لدول الشرق الأوسط في الوقت الحالي بين “دول الطوفان” و”دول معادية للطوفان”.
ثالثًا- رؤى مستقبلية في إطار الموقف الخليجي من لبنان
لقد كتب العدوان الإسرائيلي على لبنان صفحةً جديدةً في العلاقات الخليجية اللبنانية باعتبارها جزءًا لا يتجزأ مما طرأ على الوضعية السياسية والحضارية لدول الخليج -السعودية والإمارات والبحرين، وتلاحقهم الكويت على عجلٍ- من تغيرات بعد طوفان الأقصى، في حين أن قطر لديها موقف مستقل عن باقي دول الخليج، هي لا تعارضها، بشكلٍ معلن، ولكن باتت تحتفظ لنفسها بمساحة عن مواقف دول الخليج الأخرى، كلما سمحت لها الفرصة بذلك، كما جاءت في السياق نفسه الثورة السورية وخلع نظام بشار الأسد لتزيد من تعقيدات الإقليم، إلا أنه من الممكن أن تكون هذه التطورات لصالح الدول الخليجية وليست ضدها، وقد رأينا معظم الدول الخليجية تبادر إلى التواصل والاتصال بالقيادة السورية الجديدة وتُبدي انفتاحها على التعاون مع هذه القيادة التي خلفت الرئيس المخلوع، ولذلك من الضروري بحث سيناريوهات العلاقات الخليجية اللبنانية في الفترة المقبلة في إطار هذه التطورات، والتأثيرات الجانبية لها، وذلك على النحو الآتي:
السيناريو الأول: ضعف النفوذ الإيراني في المنطقة بما جرى وسيجري
ترتب على العدوان الإسرائيلي على لبنان ضعف وتعقد وضعية الحزب في الداخل اللبناني، وبذلك فقد بات لدى الدول الخليجية ولبنان فرصة كبيرة لاستعادة العلاقات الطبيعية بينهم خاصة إذا ما كان حزب الله هو المسؤول عن تدهور تلك العلاقات. ما يصب في تعزيز هذا السيناريو أن هناك تقارير دولية تفيد بأن هناك استعدادات لتوجيه ضربات إسرائيلية أو أمريكية أو أمريكية إسرائيلية لإيران، وكذلك استهداف جماعة الحوثيين في اليمن (والتي توصف بأنها ذراع إيران في اليمن)، ليستكمل ذلك الضربات المؤثرة التي تلقتها إيران في لبنان وفي سوريا بفقدان نظام بشار الأسد، وبغض النظر عما قد تقوم به إيران من رد فعل وإن طال بعض الدول الخليجية كما تهدد دومًا، فإن الأمر الملحوظ أنه سيتم إضعاف إيران وهو ما سيصب في صالح الدول الخليجية نفسها التي كانت قد حاولت دفع ثمنًا أخلاقيًا وسياسيًا كبيرًا على حساب الشعب السوري نفسه للحصول على ما أعطته لها ثورة سوريا مجانًا، أي إضعاف إيران بإفقادها تعاون بشار الأسد.
ومن ثم، فهناك فرصة كبيرة تلوح أمام الدول الخليجية لتخفيض حدة قلقها من إيران، سواء بالشكل الراهن، أو بأكثر من ذلك إذا سلكت إسرائيل وأمريكا ما يبدو أنهما يرتبان له من استهداف إيران بضربة موسعة، في ظل تطورات كهذه سيكون أمام الدول الخليجية المساحة لاستعادة علاقات طبيعية مع لبنان على أقل تقدير. ومن جانبٍ أخر، بإمكان الدول الخليجية أن تقلل من نفوذ الهيمنة الأمريكية -الإسرائيلية عليها في ظل (غياب حجة التخويف) التهديد الإيراني -إذا ما أرادت ذلك- ما يعني حرية أكبر في اتخاذ القرار، واستقلالية في إدارة شؤونها البينية والإقليمية والدولية، وبناء علاقات صحية وفعالة مع لبنان وسوريا.
وفي هذا السيناريو مصلحة أيضًا للبنان الذي بات لديه فرصة كبيرة لبناء علاقات متوازنة والتخلص من الهيمنة القديمة (إيران)، وإعادة تعريف علاقته مع سوريا، وإنهاء القطيعة المستحدثة (مع دول الخليج خلال السنوات القليلة الماضية)، كما أن انفكاك سوريا الجديدة من الأسر الإيراني، وتقبل قيادات ثورتها عربيًا يسهم في تعظيم استقلالية القرار السوري عن أي نفوذ إقليمي في المنطقة، ومن ثم يستعيد النظام الإقليمي العربي “القطب السوري” بما له من ثقل وأهمية استراتيجية غابت خلال السنوات السابقة. ومن المتوقع أن يصب هذا التوازن في كل من لبنان وسوريا، في صالح الدول الخليجية التي ستجد نفسها في سياقٍ إقليمي آخذ إلى التوازن واستعادة القوة والسمعة والنفوذ المفقود، مع أهمية التأكيد على ضرورة أن تنجح ثورة سوريا ولا تنتكس أو تقع فريسة المعادين للثورة داخليًا وإقليميًا ودوليًا.
السيناريو الثاني: استحكام سيطرة الاستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية على شؤون المنطقة
تحاول الدول الخليجية الرئيسية (السعودية والإمارات) صناعة -ويمكن أن نقول إشاعة- تصورًا عن قدرتها على تطويع السياسة الأمريكية والإسرائيلية لتحقيق مصالحها والانصياع لها، وأنها باتت حجر أساس في هذه الاستراتيجية، وتعيد تعريف نفسها بأنها من بين الدول الكبرى التي تملك رؤية خاصة بها لمناطق الصراع في المنطقة؛ فهي قد تقطع علاقاتها -وتجر دول الخليج خلفها- مع دولة مثل (لبنان)، أو تقدم نفسها باعتبارها طرف ثالث لديه إمكانات تسهل عقد المصالحات أو وقف إطلاق النار (السودان)، أو اختيار مجرد تقديم مساعدات وخطط لإعادة الإعمار (فلسطين ولبنان)، أو باعتبارها دولة عظمى صاحبة مصلحة في تغليب طرف معين في صراعات المنطقة وهناك العديد من النماذج الدالة على هذا الأمر.
ولكن رغم تلك الصورة التي تقدمها بعض دول الخليج لنفسها على المستوى الدولي، فإنها في حقيقة أمرها تدور في فلك الاستراتيجية الغربية والمعروف موضع إسرائيل منها. هذا السيناريو رغم أنه السيناريو الأسوأ إلا أنه سيناريو الأمر الواقع.
ومن ثم فقد ترى الدول المركزية في الاستراتيجية الغربية أن على بعض دول الخليج -خاصةً دول الاتجاه السائد- أن تعمد إلى محاولة احتواء لبنان لأن ذلك في الأصل يأتي من حالة الفراغ التي خلفها النفوذ الإيراني في لبنان (في حال تحقق الاختفاء)، وذلك بما لديها من ارتباطات تاريخية مع لبنان. أما بشأن سوريا الثورة، فقد ينفتح البعض من الدول الخليجية وينغلق البعض الأخر، سواء لمواقف خاصة بمدى الانفتاح قبيل الثورة على نظام بشار الأسد، أو المواقف الرافضة للتعاون مع التيارات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة، أو للارتباطات السورية مع القوى الإقليمية الجديدة تركيا وقطر.
السيناريو الثالث: غلبة البعد الأيديولوجي وإعادة إنتاج أزمة الإسلام السياسي
هناك دائمًا مقولة مفادها أن النظام الإيراني لديه مشروع سياسي ديني، وأن دول السنة لا تملك مثل هذا المشروع، ورغم صحة هذه المقولة إلا أنها غير مكتملة، فثمة جانب آخر مسكوت عنه يتمثل في أن هذه الدول التي لا تملك مشروعًا لا تريد ذلك لأنها ارتضت بتسكين نفسها في مسار الاستراتيجية الغربية، ومن هنا كانت هجمة هذه الدول على الإسلام السياسي وقيادة مساعي كبيرة على المستويات كافة المحلية والإقليمية والدولية لوصم هذه الجماعات بالإرهاب[46].
وعلى الرغم من ذلك، بات أمام الدول الخليجية واقعًا عصي على التجاهل يتمثل في أن استئصال القوى الإسلامية من المنطقة مسألة غير واقعية لأبعاد جذرية في المجتمعات، وبالتالي فإن بناء علاقات متوازنة مع هذه التيارات هو السبيل الأفضل لاستقرار وبناء هذه الدول، وقد اتضح للجميع الثمن الذي تدفعه المجتمعات من انهيار وتدمير وتهجير وتفكك وتقسيم بنيتها الداخلية. ومن ثم، فإن الحديث عن مشروع سني يستدمج هذه التيارات ويعيد ضبط العلاقة معها هو الخيار الأمثل الذي يمكّن هذه الدول من بناء سياج بينها وبين هيمنة الاستراتيجية الغربية -الإسرائيلية من جانب، ومن جانب آخر يضمن توازن العلاقات بين هذه الدول وبين القوى الإقليمية الأخرى سواء لديها مشاريع متعارضة أو متماثلة.
في إطار ما سبق قد يكون من الأفضل أن تعيد الدول الخليجية (أصحاب الموقف السائد) حساباتها للاستفادة من الثورة السورية، وتُقدم على إقامة علاقات معها بشكلٍ مبكر دون أن تهدر الفرص وتدفع أثمان التأخير بأن تسمح لأطراف أخرى -بدأت بالفعل- ببناء علاقات مع دمشق، حيث بادرت تركيا (وكذلك قطر) بإرسال وفد لزيارة سوريا[47]، كما بادرت الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على قيادات سوريا الجديدة، بل والتقت هذه القيادات مع بعض المسؤولين الأمريكيين في زيارة لهم إلى دمشق[48].
بيد أنه لا يمكن في الوقت نفسه تفسير تقاعس الدول الخليجية وخاصة الإمارات[49] عن بناء علاقات مع سوريا الجديدة بسبب توجه القيادة الحالية من أصحاب الرؤى الإسلامية، ولكن قد يكون الأمر تحسبًا من الورطة التي قد يقعون فيها مع إسرائيل في قادم الأيام في حال استمرت في توجيه الضربات إلى سوريا، المعنى الذي يرتبط مع الطرح الأساس لهذه الورقة في عمق العلاقات الخليجية مع الاستراتيجية الغربية -الإسرائيلية، مما يحد من قدرة هذه الدول على اتخاذ قرار منفرد في مثل هذه المواقف والتغيرات. إلا أننا نقول إنه لا يجب أن تلتزم الدول الخليجية بهذا التصور وتهدر فرصة استعادة سوريا الجديدة وتحصينها من أن تقع تحت أي التزامات إقليمية أخرى، وإنما في ضمان استقلال القرار السوري مصلحة عربية في المقام الأول، واكتساب قطب وركن مهم من أركان الإقليم يمكن أن يعيد ضبط علاقاته ومساعدة الدول الخليجية نفسها على عدم الوقوع تحت ربقة الهيمنة الغربية الإسرائيلية.
خاتمة:
بات بالإمكان القول إنه بمعلومية طوفان الأقصى، وسياقات تجدد الربيع العربي في موجته الثالثة في سوريا، والأسئلة الصحيحة حول العدوان الإسرائيلي المستمر والمتوحش عقب السابع من أكتوبر 2023 على غزة ولبنان، وكذلك ما طرأ من توسع لهذا العدوان الصهيوني على سوريا الجديدة -سوريا الثورة- فإن الشرق الأوسط بات بين تدافع قوتين، قوى المنظومة الغربية الإسرائيلية ومن يناصرها من المعادين للطوفان، وقوة دول الطوفان؛ ومن هنا فمن الضروري أن نؤكد على ما دفعنا به في المقدمة من أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة تغييرات جذرية، وأنه سيكون ساحة حرب مستمرة سواء بشكلٍ مباشر ومعلن أو غير مباشر وخفي، فالقوى الدولية وأذنابها في المنطقة ستكون حريصة أشد الحرص على استمرار ديناميكية السياسة كما هي في المنطقة، في مواجهة دول الطوفان التي سيزداد عددها يومًا بعد يوم.
علمًا أن الأمر سيكون بمثابة موجات متتالية من النجاح والإخفاق، إلا أن ما يرسخ لدينا من عقيدة انتصار الطوفان أنه هو استراتيجية الشعوب العربية والإسلامية في مقابل الاستراتيجية الإسرائيلية والقوى الغربية وتوابعهم من دول المنطقة، لقد باتت نبوءة أستاذنا الدكتور سيف الدين عبد الفتاح حول تحول طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة حقيقة راسخة للعيان، فلا يمكن استبعاد أن الطوفان هو الذي حول المستحيل السوري إلى ممكن.
ربما قد آن الأوان أن تعيد القوى الإقليمية والدولية المعادية للتجربة والخبرة الإسلامية النظر إلى التجارب السياسية التي تستمد رؤاها من الإسلام، فالإسلام متجذر في المنطقة ولن تستطيع قوة من القوى أن تنزعه منها[50]. هذا مع الأخذ في الاعتبار أنه مهما يكن فإن الأطروحات التي تقدم في هذا السياق تظل محاولات بشرية منها المصيب ومنها المخطئ، وأنها لن تصل إلى الصيغة الشورية الصحيحة والصالحة “الصحة والصلاحية“[51] إلا بمعلومية التجارب، واستدماج الخبرات، في ضوء قيمة ومرجعية التوحيد، ومراعاة السياقات، والاعتبار للسنن، وتخليق البنى والمؤسسات (ربط المؤسسات بالقيم والمقاصد بما فيها من منظومة الأخلاق) وذلك لأن التغيير سنة كونية {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. وللأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح رؤية عميقة حول التغيير الذي تضمنته الآية الكريمة، فهو يراها قد تضمنت أربعة أنواع منه: (التغيير الإلهي، التغيير الجمعي، التغيير الجماعاتي، التغيير الفردي) ومن ثم فالتغيير قادم لا محالة، سواء من “المجتمع” أو “جماعة” منه أو “فردًا” منها بمشيئة “الله” سبحانه وتعالى.
______________________
هوامش
* “ملاحظة لابد أن تُروى”، إن العنوان الفرعي لهذه الدراسة “الموقف الخليجي من العدوان الإسرائيلي على لبنان: استراتيجيات راسخة ورؤى متغيرة”، كنت قد كتبته قبل الاطلاع على دراسة مهمة للباحث حسين يوسف سالم القطروني والتي تناول فيها العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وقد جاءت بعنوان “العدوان الإسرائيلي على لبنان: الاستراتيجيات الثابتة والظروف المتغيرة” (المنشورة في المجلة العربية للعلوم السياسية، خريف 2007)، في البداية شرعت في تغيير عنوان دراستي، فرغم اختلاف الموضوع يظل من وجهة نظري العنوان من حق الباحث الأول، وحقوقه محفوظة لسبقه الزمني، إلا أنني لاحظت اختلافًا جوهريًا بين العنوانين يستحق الرصد والتحليل، ويتمثل ذلك في النصف الأول من العنوان، فدراسة السيد حسين يوسف القطروني عن “العدوان الإسرائيلي..”، والدراسة التي بين أيدينا عن “الموقف الخليجي..” ولكن في الوقت ذاته قد لفتني تداعي دلالات العنوان الفرعي لكل منا فيما يخص العدوان الإسرائيلي على لبنان رغم الفارق الزمني الكبير، وهو الأمر الذي يؤكد على استغلال إسرائيل المستمر للبنان لبناء استراتيجيات جديدة للمنطقة.
** باحث في العلوم السياسية.
[1] حسين يوسف سالم القطروني، العدوان الإسرائيلي على لبنان: الاستراتيجيات الثابتة والظروف المتغيرة، المجلة العربية للعلوم السياسية، الجمعية العربية للعلوم السياسية ومركز دراسات الوحدة العربية، العدد 16، خريف 2007، ص216.ـ 218.
[2] زينب شاكر عبد الرزاق، المبادرة السعودية الكويتية في حل الأزمة اللبنانية عام 1975 ـ 1976، مجلة الخليج العربي، العدد الأول، آذار/ مارس 2022، ص167.
[3] في 21 رجب 1401هـ الموافق 25 مايو 1981م توصل أصحاب الجلالة والسمو قادة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت في اجتماعٍ عُقد في أبوظبي إلى صيغة تعاونية تضم الدول الست تهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين عضهم البعض في جميع الميادين وصولاً إلى الوحدة، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي أكدت أيضًا على تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس، انظر موقع وزارة الخارجية البحرينية الرسمي، متاح عبر الرابط التالي: https://www.mofa.gov.bh/ar/gcc
[4] باسم علوان حسين وطيبة خلف عبدالله، موقف الكويت من الأحداث اللبنانية (1982 ـ 1989) في إطار مجلس التعاون الخليجي، جامعة البصرة، كلية الآداب، مجلة آداب البصرة، العدد 87، 2019، ص210 ـ 211.
[5] المسمى الرسمي المستخدم في وسائل الإعلام السعودية لرصد طائرات المساعدات السعودية التي وصلت إلى لبنان.
[6] «إعلان البحرين» يدعو لقوات أممية في فلسطين والاعتراف بالدولة، الوطن، 16 مايو 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/S0Owxrqf
[7] إبراهيم الخازن، 38 بندًا .. قرار قمة الرياض بشأن غزة ولبنان (وثيقة)، وكالة الأناضول الرسمية التركية، 12/11/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/NiQT
[8] المرجع السابق.
[9] الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي/الكويت، إعلان الكويت للدورة (45) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، 1/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/hEXpbxQM
[10] الجسر الجوي الإغاثي السعودي إلى لبنان يتواصل بمغادرة الطائرة الإغاثية الـ 27، صحيفة الرياض السعودية، 2/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/4gxJtfmk
[11] تضمن هذا التقرير المترجم بعنوان ” رغم امتلاكها أوراقا قوية.. لماذا لا تتدخل السعودية لوقف حرب لبنان؟ “الإشارة إلى أن السعودية ليس لها الرغبة في التدخل لإنهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة رغم استمرارها ما يقرب من 12 شهرًا، (اندلعت عقب أحداث 7 أكتوبر 2023) رغم امتلاكها أوراقا قوية في لبنان، انظر التقرير في: ارغم امتلاكها أوراقا قوية.. لماذا لا تتدخل السعودية لوقف حرب لبنان؟، صحيفة الاستقلال، 4 نوفمبر 2024، متاح عبر لرابط التالي: https://2cm.es/NiVY
[12] بيان مشترك في ختام زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لجمهورية مصر العربية، وزارة الخارجية السعودية، 16 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/pUTPW1yo
[13] الإمارات تطالب بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، مركز الاتحاد للأخبار، 25 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/KRF44Bfy
[14] الإمارات وأمريكا ودول عربية وغربية تدعو إلى وقف إطلاق النار 21 يوماً في لبنان، الخليج، 26 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/2ujbbX4f
[15] الإمارات: دعمنا راسخ للبنان وسيادته وسلامة ووحدة أراضيه، البيان، 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/RtvRbuWb
[16] تصريح صحفي على موقع وزارة الخارجية الإماراتية بعنوان “دعماً للشعب اللبناني الشقيق.. سفينة إماراتية محملة بـ 2000 طن من المساعدات الإغاثية تصل مرفأ بيروت”، 25/10/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/Eepv5LYw
[17] الكويت تجرم “حزب الله” اللبناني وتمنع تمويله، الاندبندنت، 2مارس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/DUUvnJlK
[18] يوسف حمود، ما فرص نجاح وساطة قطر برأب الصدع بين لبنان ودول خليجية؟، الخليج الجديد، 2/11/2021، متاح عبر الرابط التالي: http://khaleej.online/r939zV
[19] تحذيرات وتحريك مساعدات.. ردود فعل عربية رافضة لانتهاك سيادة لبنان، القدس العربي، 23 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wIQ6HW1v
[20]نجلا بعاصيري، أمير قطر يخاطب العالم أمام الأمم المتحدة: أوقفوا العدوان على غزة.. أوقفوا الحرب على لبنان، وكالة أنباء تركيا، 24 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://tr.agency/news-184752
[21] تنفيذا لتوجيه سمو الأمير .. قطر تسير جسرا جويا يحمل مساعدات إنسانية إلى لبنان”، وزارة الخارجية القطرية، 8/10/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/NiVa
[22] عُمان ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان وتؤكد ضرورة إنهاء الحرب الغاشمة على غزة، جريدة عمان، 27 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/8zE827aj
[23] سلطنة عمان تدين الغارات الصهيونية على لبنان وتعتبرها تصعيدا خطيرا، وكالة الأنباء اليمينة (سبأ)، 24 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/JtNUMMWd
[24] مساعدات من سلطنة عمان.. السعيدي: لتمر الازمة وينعم لبنان العظيم بالسلام والاستقرار، المستقبل، 14 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/1wvtaoXG
[25] البحرين: «تظاهرات شعبيّة تضامنيّة مع لبنان وفلسطين ورفضًا للتّطبيع مع العدوّ الصهيونيّ» – «صور – فيديو»، منامة بوست، 20 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/4IS6wRGZW
- بخصوص مظاهرات البحرين بشأن الأوضاع في لبنان، فقد كانت المظاهرات الحاشدة للتنديد بمقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، لا ترفع أي شعاراتٍ طائفية، كما أنها كانت حاشدة، وقد كشف الموقف الحكومي منها أنها مظاهرات شعبية غير طائفية، إذ علق وزير الداخلية البحريني في بيان أصدرته وزارته بشأن الأحداث ضمنه الحديث باسم المواطنين جميعًا، ودعا الوزير في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية المواطنين إلى التحلي بالروح الوطنية والمسؤولية في الحفاظ على الأمن والنظام العام “باعتبار أن المواطن شريك أصيل في مسؤوليته تجاه وطنه”، انظر تقرير نشر في موقع الجزيرة بعنوان، داخلية البحرين تدعو للحفاظ على الأمن عقب مسيرات منددة باغتيال نصر الله، الجزيرة، 29/9/2024، الرابط: https://2cm.es/PIUo
[26] يعود ذلك إلى طبيعة المجتمع البحريني الذي يتميز بوجود معارضة قوية ومؤثرة وإن كانت معظمهم من الشيعة، ولعبوا أدوارا بارزة في مواجهة النظام وتنظيم المظاهرات ضده منذ اندلاع موجات الربيع العربي2011م.
[27] مقابلة خاصة مع محمد الحسيني يناقش فيه تداعيات اغتيال حسن نصر الله، قناة العربية، 28/9/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/lbw3uVCR
[28] قناة MBC تنشر تقريرًا يثير الجدل ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يطلقون حملات لمقاطعتها، موقع رؤيا الإخباري، د.ت، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/RAJcUxmv
[29] صفاء الكبيسي، MBC تتبنى رواية الاحتلال: المقاومة الفلسطينية إرهابية، العربي الجديد، 19 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/NiZz
[30] تقرير نشر بموقعbbc بعنوان: غضب واسع بسبب تقرير تلفزيوني لقناة سعودية يصف قادة حماس وحزب الله بـ”الإرهابيين”، وذلك بتاريخ 19/10/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/c21SO6Wc
[31] كان لافتًا تصريح وزير الخارجية اللبناني في ختام القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في بيروت يناير 2019، حينما أشاد بمشاركة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووصفها بأنها بادرة “لكسر الحصار عن القمة”، وذلك عقب تراجع عدد من القادة العرب عن المشاركة في القمة بعدما أعلن أمير قطر مشاركته فيها. انظر التالي:
- في ختامها.. وزير لبناني يشكر قطر على “كسر حصار” القمة الاقتصادية، الجزيرة، 20/1/2019، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/5GR8cqZs
- أحمد علي حسن، بعد عام ونصف لبنان يحدد موقفه من حصار قطر، الخليج أونلاين، 20 يناير 2019، متاح عبر الرابط التالي: http://khaleej.online/LRMYd5
[32] كانت الأزمة، غير المسبوقة بين بيروت والرياض، بدأت عقب نشر مقابلة لوزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، سُجّلت في أغسطس 2021 (قبل تعيينه وزيرًا)، وبُثّت في 25 أكتوبر 2021، قال فيها إنّ الحوثيين “يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات”، وإنّ الحرب في اليمن “حرب عبثية” يجب أن تتوقّف، انظر: أزمة العلاقات اللبنانية السعودية: خلفياتها وآفاق حلها، وحدة الدراسات السياسية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، تقدير موقف، 11/11/2021، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/pqLEo7
[33] رابحة سيف علام، أزمة الحكم في لبنان وتداعياتها المحلية والإقليمية، مجلة شؤون عربية، جامعة الدول العربية ـ الأمانة العامة، العدد 189، ربيع 2022، ص34.
[34] أسامة أبو نحل، الأزمة الخليجية وتداعياتها على الأمن القومي العربي، مجلة كلية الدعوة للبحوث والدراسات القانونية والإنسانية، كلية الدعوة الجامعية غزة ـ قسم البحث العلمي والمكتبات، العدد 2، مايو 2018، ص94.
[35] «اكتب وصيتك».. شاهد كيف تحققت نبوءة اغتيال حسن نصر الله قبل استهدافه بساعات (فيديو)، المصري اليوم، 29 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/TKFWnHgX
[36] وحدة الدراسات السياسية، العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد استهداف مقر القيادة المركزية لحزب الله واغتيال أمينه العام، تقدير موقف الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 29 أيلول، سبتمبر 2024، ص4.
[37] انظر التالي:
- ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية، صحيفة الشرق الأوسط، 13/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/HIqV6mn4
- Alexander Ward and Laurence Norman,Trump Team Weighs Options, Including Airstrikes, to Stop Iran’s Nuclear Program, the wall street journal, 13 Dec. 2024, available at: https://2u.pw/H7ewSCqO
[38] نظير مجلي، إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري، صحيفة الشرق الأوسط، 13/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/l8bQkxFL
[39] إسرائيل تشن غارات واسعة على اليمن وتتأهب لردّ حوثي، الجزيرة، 27/12/2024م، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/Ni-7
[40] وشهدت مناطق لبنانية عديدة انفجارات خلال يومي 17 و18 سبتمبر الماضي، عندما انفجرت أجهزة “بيجر” كانت بحوزة عناصر من حزب الله، مما تسبب في مقتل أكثر من 30 شخصًا وجرح مئات آخرين، الأمر الذي شكل ضربة قوية للحزب، انظر: عميلان بالموساد يكشفان تفاصيل جديدة عن هجمات البيجر في لبنان”، الجزيرة، 23/12/2024م، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/Ni-r
[41] تضمنت إحدى الدراسات البارزة رصدًا لعددٍ من القواعد التي تراها مفسرةً لأوضاع وتغيرات المنطقة، ونظرًا إلى أن الدول الخليجية قد انخرطت أكثر من أي وقتٍ مضى في الأوضاع الإقليمية والدولية، وباتت تعتبر نفسها أقطابًا مؤثرة إقليميًا ودوليًا، فرغم وجود مؤسسة إقليمية تجمعها إلا أن المنافسة بينهم أشد من منافستهم مع من خارج مؤسستهم مجلس التعاون الخليجي، فهي ـ وبعيدًا عن الدعاوى الإعلانية والتحليلات الإعلامية والافتراضيةـ تعيش هذه الدول في علاقتها في الإقليم وفق هذه القواعد الخمسة ولا تتعداها، وهي منع ظهور أي قوة إقليمية قوية تهدد المصالح الاستراتيجية للقوى الخارجية، منع وحدة المنطقة العربية وإبقائها مفككة، إغراق المنطقة في صراعات مستمرة، عزل المنطقة عن حزامها الأمني الطبيعي أو ما يعرف بالحاضنة الشعبية، دمج المنطقة في الاقتصاد العالمي مع إبقائها تابعة ومتخلفة، مع التأكيد على أن مسألة اضطلاعها بمواقع إقليمية ودولية في حقيقة أمرها هي تسكين نفسها ضمن هذه القواعد بدرجات مختلفة تتفاوت تبعا لمقدرة كل دولة في هذا التسكين ضمن المنظومة الدولية وإقناع الأطراف المؤثرة إقليميا ودوليا بقدرتها على القيام بذلك الدور وإتقانها له وخدمتها له ماليا ومعنويا، انظر: عماد شاهين، الشرق الأوسط: نظرة من الداخل، منتدى الشرق ـ الشرق للأبحاث الاستراتيجية، 7 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/ZqiEjdrQ
[42] نتنياهو: سنغير الشرق الأوسط والجولان إسرائيلية للأبد، الجزيرة، 9/12/2024م، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/Ni-v
[43] حسين القزاز، ملخص مشروع رؤية الانبعاث الحضاري، مركز إنسان للدراسات الحضارية، 23/03/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://insancs.net/summary/
[44] سيف الدين عبد الفتاح، “طوفان الأقصى” جرفت أوهام التطبيع والمقاولة والمساومة.. مفاهيم ملتبسة (72)، عربي 21، 11/10/2023م، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/nyWbGeq3
[45] سيف الدين عبد الفتاح، بيان طوفان الأقصى “أمتي.. أمتى”.. مفاهيم ملتبسة (74)”، عربي 21، 25/11/2024م، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/pf3mP54v
[46] تغريدة نشرها الشيخ السعودي سليمان الرحيلي على حسابه على موقع(x) تويتر سابقًا، بتاريخ 11/12/2024م، جاء فيها: أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ألا يُمكِّن الإخوان من اختطاف بلاد السوريين، وألا يطفئ الخوارجُ فرحة السوريين، وألا يُمكِّن المفسدين في الأرض من استعمال التفريج على السوريين في زعزعة واستقرار الدول الإسلامية واستنزاف قدراتها”، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/SM6Ej3w4
[47] وزارة الإعلام السورية: وفد تركي قطري يصل إلى دمشق، الشروق، 12 ديسمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/wGIuGWM7
[48] وصل دمشق.. ماذا يريد بالضبط أول وفد أمريكي رسمي يزور سوريا بعد سقوط بشار الأسد؟، موقع CNN بالعربية،20/12/2024م، متاح عبر الرابط التالي: https://2cm.es/Nj0B
[49] أحمد المحمد، بعد سقوط رهانها على الأسد.. ما الذي يُقلق الإمارات من الوضع الجديد في سوريا؟،نون بوست، 21/12/2024، متاح عبر الرابط التالي: https://www.noonpost.com/279430/
[50] حسين القزاز، ملخص مشروع رؤية الانبعاث الحضاري، مرجع سابق.
[51] تعود فكرة الصحة والصلاحية للمفكر مالك بن نبي رحمه الله، فهو يرى أن ليس كل فكرة صحيحة صالحة، فقد تكون صالحة لمجتمع معين ولا تصلح لمجتمع آخر، أو صالحة للمجتمع في وقت معين وليست صالحة في وقت آخر.
- فصلية قضايا ونظرات- العدد السادس والثلاثون- يناير 2025