“العدو البديل”.. إماطة إسرائيل وفزاعة إيران والقضية الفلسطينية: قراءة في نماذج لمؤتمرات عربية ودولية

مقدمة:

ظلَّت القضية الفلسطينية محور اهتمام العرب والمسلمين وقضيتهم الأساسية الجامعة لعقود، وظل الكيان الصهيوني العدو الرئيس في العقيدة الجمعية العربية والمسلمة منذ احتلاله أرض فلسطين واعتداءاته المتكررة على أراض ومقدرات عربية ومقدسات إسلامية ومسيحية؛ مما دفع الشعوب والحكومات إلى اعتبار الدفاع عن تلك المقدرات والمقدسات واجبا وثابتا لا يمكن لحكومة أو نظام حاكم التخلي عنه تحت وطأة أي ضغوط أو أية ميولٍ أو أهواء. ولطالما نصَّت على ذلك مختلف المؤتمرات والفعاليات العربية والإسلامية وحتى الدولية التي عنيت بالقضية؛ فحتى مؤتمرات السلام الدولية التي شاركت فيها دول عربية وإسلامية لم تتخلَّ عن القضية بالكلية، في المقابل كانت بعض المؤتمرات العربية النوعية مناسبة للتأكيد على محورية القضية وتنديدًا بانتهاكات العدوّ الصهيوني، ومن نماذجها القائمة مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب، وعلى الصعيد الإسلامي كان الدفاع عن القضية الفلسطينية وتحديدا مع حدث حرق المسجد الأقصى مناسبة كافية لقيام أكبر خطوة في التاريخ المعاصر تجاه وحدة الدول الإسلامية وهي إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي لاحقا).

إذن كانت كلمة السر هي “المقاومة”، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني ومن ورائه القوى الدولية الداعمة له. لكن، مع مرور السنين جرت في النهر العربي والإسلامي مياه آسنة تحول شيئا فشيئا بين ثوابت الشعوب وعقيدتها السياسية الراسخة وبين إمكانيات التحقق؛ فتصدرت لعبة المصالح ومنطق بقاء نظم حاكمة كثابت يحكم إدراك وتصور هذه النظم الحاكمة “للعدو”؛ فقد صارت دولة مسلمة مثل إيران هي العدو الفعلي والفزاعة الأبرز أمام بعض النظم الحاكمة في المنطقة، بينما لهثت تلك النظم في المقابل للتطبيع مع إسرائيل التي كانت بالأمس القريب عدوا، حتى وإن ظل إدراك ووعي الشعوب قائما على ذات الاعتبار بأن إسرائيل تبقى العدو دون تبديل، وأن القضية الفلسطينية تظل قضية العرب والمسلمين الأولى دون تبديل.

وفي ظل تغيرات دولية يـأتي في مقدمتها في السنوات الأخيرة الدعم الراهن غير المشروط لإسرائيل من قبل إدارة ترامب؛ فالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، والاعتراف بضم إسرائيل للجولان، وغض الطرف عن إعلان سلطات الاحتلال عزمها غلق سلطات الاحتلال مكتب الأونروا بالقدس مطلع 2020، وقبلها وقف الدعم الأمريكي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.. الأمر الذي زاد من الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين ودعم الإدارة الأمريكية ضم الاحتلال لمرتفعات الجولان السورية.

يرصد هذا التقرير ثلاثة نماذج لمؤتمرات عربية ودولية تناولت القضية الفلسطينية وعكست رؤية عن فكرة العدو والعدو البديل، وحاول جمع بعض المؤشرات حول حقيقة هذا التحول؟ والمقصود بمؤتمرات عربية ليس رصدًا للقمم العربية في مدة محددة من الرصد؛ إذ قامت عليها تقارير أخرى([1])، بل رصد نماذج عربية ودولية ذات دلالة في هذا الصدد.

وعليه، ينقسم هذا التقرير إلى ثلاثة أجزاء: الأول منه يستعرض مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب (3-4مارس 2019) كنموذج لمؤتمر حافظ على مقاومته رغم كل الضغوط، والقمم العربية والإسلامية الثلاثة المنعقدة في رمضان الماضي (مايو 2019) بالمملكة العربية السعودية التي باتت تقدم نفسها قائدة القاطرة العربية والإسلامية نحو معاداة إيران والتطبيع مع إسرائيل، ومؤخرا مؤتمر البحرين الدولي حول القضية الفلسطينية الذي دعت له الولايات المتحدة الأمريكية في البحرين كمبادرة اقتصادية ضمن ما صار يعرف بصفقة القرن لتسوية بل تصفية القضية والصراع مع إسرائيل، والتي تم تدشين شقها الاقتصادي فيما عرف بورشة المنامة الاقتصادية (25-26 يونيو2019) باعتبارها النموذج الفج الفاضح لمخططات إدارة ترامب لتصفية القضية ومحو اعتبار إسرائيل عدوا للعرب ولفلسطينيين فصاعدا؛ باعتبار المقدسات والمقدرات قابلة للبيع والمقايضة المادية والمالية بزعم ترامب ومساعديه، كتسوية اقتصادية يزعمون جدتها وسخاءها وتناسوا أن ذاكرة الشعوب والأوطان لطالما دقت فوق رؤوسها مثل تلك الطبول.

أولا- الاتحاد البرلماني العربي: “القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين”:

على مدار يومين، عقدت الدورة التاسعة والعشرين من مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي (في عمان-الأردن) في الفترة من 3-4 مارس 2019، تحت شعار “القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين”. وتمحورت على ما يتعلق بمجموعة التهديدات التي تحيق بالقضية الفلسطينية في إطار مجموعة التضييقات التي تمارسها الإدارة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب ودعمه المطلق للاحتلال ومجموعة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن كوقف دعم الأونروا، وغلق مكتب السلطة بواشنطن، فضلا عن نقل السفارة… فضلا عن تضمين المؤتمر عدة قرارات في شأن القضية الفلسطينية في قرار سياسي مقدمته التأكيد على اعتبارها القضية المركزية الأولى للأمة العربية، وأنه لا استقرار في المنطقة دون حلّ دائم وشامل وعادل للقضية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وقرار آخر تشكيل لجنة برلمانية عربية للمصالحة الفلسطينية كإحدى آليات دعم القضية([2]).

وأكد البيان الختامي للدورة([3]) (ضرورة وقف كل أشكال التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي واتخاذ موقف حازم وثابت في هذا الصدد والاستمرار في جهود دعم قضية الشعب الفلسطيني على كل الصعد. وشدد الاتحاد على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أي مخططات تستهدفها على حساب حلول مجتزأة؛ الأمر الذي يهدد مستقبل المنطقة واستقرارها؛ مشيرا إلى أن أي حل يتجاوز الحقوق الفلسطينية المنصوص عليها في القرارات الدولية هو حل غير قابل للحياة. وكما أكد البيان أهمية مواصلة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” كي تواصل تقديم خدماتها الصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين.

وكان موقف رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم لافتًا؛ إذ دعا خلال اللقاء التشاوري لإضافة بند في البيان الختامي يدعو لاتخاذ موقف صارم من أي توجهات لـ”تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل”. وعلى المستوى التنظيمي للجهة المستضيفة، عمل رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة بـ”ديناميكية قصوى” لإنجاح أعمال المؤتمر؛ وذلك بهدف الخروج بصيغة توافقية بشأن القدس و”القضية الفلسطينية” باعتبارها القضية المحورية في المنطقة والتصدي لـ”الانتهاكات” الإسرائيلية ضد المقدسات، دون أن يتطرق المشاركون لما يسمى بالخطر الإيراني. وإن كانت كل من السعودية والإمارات قد رحبتا بعودة مشاركة سوريا في أعمال الاتحاد البرلماني العربي ومواصلة دعم بناء مقر الاتحاد البرلماني العربي في دمشق الذي جمد العمل به منذ سنوات ليحلّ محله مقر مؤقت في العاصمة اللبنانية بيروت([4]).

كما اعتمد الاتحاد البرلماني العربي تقرير لجنة الشؤون السياسية والعلاقات البرلمانية الذي أكد على أن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في الجولان السوري المحتل يعتبر باطلاً ولاغيًا؛ وذلك وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 الذي يؤكد على رفض الاستيلاء على الأراضي بالقوة. وشدد على كل القرارات السابقة الصادرة عن مؤتمرات الاتحاد ذات الصلة برفض التدخلات والاعتداءات الأجنبية كافة على الدول العربية، مؤكدًا رفضه التامّ لكل المبادرات التي تتناقض مع حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وخاصة ما يُسمى “صفقة القرن”.

ودعا البرلمانات العربية إلى العمل مع حكوماتها لإعادة تفعيل شبكة الأمان المالية العربية لدعم الشعب الفلسطيني ومؤسساته الشرعية في مواجهة الحصار المالي الأميركي والقرصنة الإسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني، وكذلك الدعوة إلى تنفيذ الخطط التي أقرها الاتحاد البرلماني العربي، وخاصة خطة عمل صمود الشعب الفلسطيني لتجميد عضوية “الكنيست الإسرائيلي” في الاتحاد البرلماني الدولي.

كما صدر عن ذات الدورة ما سمي “إعلان عمان” حول القضية الفلسطينية ومن أهم ما جاء فيه:

“ونؤكد في هذا المقام أن أي حلول تتجاوز مقررات الشرعية الدولية وأطر المبادرة العربية للسلام، والتي تنص على حل الدولتين، والتوصل لحل عادل عبر التفاوض على قضايا الوضع النهائي المتمثلة بملف اللاجئين، والقدس والمياه والحدود، هي حلول غير قابلة للحياة، خصوصا في ظل الظلم التاريخي الذي تعرض له الأشقاء الفلسطينيون على مدى أكثر من سبعين عامًا. ونحذر من أية محاولة تمسّ بالوضع التاريخيّ والقانونيّ القائم للقدس والمقدَّسات، ومحاولات طمس هوية المدينة المقدسة، والإجراءات الإسرائيلية الأحادية، التي تمثل انتهاكات مستمرة وتصعيد خطير”.

ولم يكن اهتمام الاتحاد البرلماني العربي بالقضية الفلسطينية طارئا أو مستجدا؛ سواء في دورات انعقاده كما في دورته الخامسة والعشرين في يوليو 2018 بالرباط التي أكد بيانه على التنديد الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة لحرمة المسجد الأقصى المبارك، أو في غير دورة انعقاده كما في 11 نوفمبر 2018 حين أصدر البرلمان بيانًا خاصًا للتنديد بالاعتداء الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة حينها ووقوع شهداء وجرحى، ودعا البيان للتضامن لوقف تلك الاعتداءات.

ويلاحظ بشكل عام محورية القضية الفلسطينية في أعمال الاتحاد البرلماني العربي؛ فقد أصدر بيانا ضد دعوة الإدارة الأمريكية لأن يضم الاحتلال الصهيوني مرتفعات الجولان السورية المحتلة في 22 مارس 2019، وأصدر كذلك بيانا يدين القرار الباطل من محكمة إسرائيلية بإغلاق باب الحكمة في القدس الشريف في 20 مارس 2019، فضلا عن التأكيد في كل مناسبة ممكنة على حقوق الشعب الفلسطيني كيوم الأرض ويوم الشهيد.. وضد الاعتداء الأخير على أهالي غزة في 5 مايو 2019.

وإضافة لموقف المؤتمر من القضية الفلسطينية، كان موقف الاتحاد حول تطور التصعيدات العسكرية والتوتر بين واشنطن وطهران وتداعياته على أمن واستقرار الدول العربية، وجاء في بيان له 22 مايو 2019: ضرورة أن تكون القمة العربية بمكة منطلقا للتضامن العربي في هذا الصدد([5]). ولكن أتت قمم مكة آخر مايو 2019 لتكشف أنها ليست مجرد مواقف ومساعٍ نحو حقن التوتر واتخاذ التدابير اللازمة ضد التصعيد بين طهران والولايات المتحدة مما يجر المنطقة لصراع عسكري -لا قدر الله- غير محسوب العواقب، بل هي في حقيقتها تحمل أهدافا ودلالات أخر كما سيبدو في الجزء التالي من هذا التقرير.

ثانيا- قمم مكة وفزاعة إيران:

في إطار محورية المملكة العربية السعودية عربيا وإسلاميا، وعلى نمط استثنائي من الجمع غير المعتاد بين قمم ثلاث: عربية وإسلامية وخليجية (حيث عقدت قمتان طارئتان لمجلس التعاون الخليجي ولجامعة الدول العربية تزامنا مع انعقاد القمة الإسلامية في دورتها العادية) متعاقبة في 30-31 مايو 2019 لبحث التداعيات الخطيرة على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وعلى المنطقة، إثر الهجوم الذي استهدف سفنًا تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وما ذكر أنه هجوم من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران من الهجوم على محطتَي ضخ نفطيتَين بالسعودية، ما ترتب على ذلك من تداعيات على إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية.

ومن ثم، أعلن أن القمم جاءت بهدف بحث توحيد المواقف ومواجهة التهديدات الإيرانية، ولكن ورغم أهمية هذه المستجدات، جاء الحشد السياسي والإعلامي السعودي للقمم ومكان عقدها في مكة وتوقيتها في العشر الأواخر من شهر رمضان ليعكس الهدف السعودي والخليجي لتضخيم الخطر الإيراني والحشد ليس فقط الخليجي بل العربي والإسلامي رغم كون التصعيد والتوتر بالأساس جاء تداعيا لتوترات بين طهران والولايات المتحدة ثم من ورائها السعودية والإمارات بالتبعية.

وعلى الرغم من أن عداء إيران ليس محل إجماع عربي أو إسلامي أو حتى خليجي، وأخذا في الاعتبار أنه سبقت مبادرة لم تلقَ قبولا سعوديا لحوار إيراني-خليجي، والتفاتا لتزامن القمم والتوتر مع إيران مع الخطر المتمثل في الإعلان في 20 مايو عن تدشين الشق الاقتصادي من صفقة القرن (مؤتمر البحرين)، فإن كل هذه الاعتبارات تؤكد رغبة السعودية بالحشد والتعبئة ضد عدو نظامها الحاكم؛ وهو إيران بديلا عن حليفها الأمريكي والتفافا على تطبيعها مع إسرائيل، وجعل القمم الثلاث توظيفا لذلك الهدف([6])، وإن كان هذا بالطبع لا يعني قبول أي عربي لهجوم طهران على أي دولة عربية.

بيد أن نتائج القمم الثلاث جاءت متواضعة على عكس ما اشتهت الرياض؛ فمن جهة لم يتم إجماع في بيان القمة العربية بشأن التصعيد ضد إيران بين تحفظات العراق وسلطنة عمان، كما لم يحدث إجماع خليجي كذلك. أما القمة الإسلامية التي وسعت أجندتها لتشمل الإسلاموفوبيا إثر الحادث الإرهابي المروع ضد مسلمي نيوزلاندا، وتداعيات القضية الفلسطينية في ظل تطورات صفقة القرن، فقد قوبلت هذه الأجندة بتهميش لقضية فلسطين وغيرها من قضايا العالم الإسلامي المطروحة مقابل الحث من ولي العهد السعودي للحشد الإسلامي ضد إيران؛ فيما أطلق عليه البعض السعي لـ”ناتو إسلامي” ضد إيران. يعكس هذا خطورة “المأزق السعودي” من حيث ضعف القدرة على الحشد رغم كل تلك الإمكانيات التنظيمية للقمم المذكورة، فضلا عن تحوّل الحوثيين من سياسة الدفاع إلى الهجوم عبر تكتيكات جديدة، واستشعار الرياض بأن نبرة خطاب واشنطن تراجعت “نسبياً” وقت الدعوة لهذه القمم، حيث عادت إدارة ترامب وقتها إلى طلب التفاوض والوساطات، لإبرام اتفاق جديد يشمل البرنامج النووي والصواريخ البالستية الإيرانيين([7]). أضعف ذلك من نتائج القمم الثلاث وبدا أن الرياض لم تحصد ما أرادته من عقدها إياها مع تحفظ عدة أطراف.

ثالثًا-مؤتمر البحرين الاقتصادي وصفقة القرن: مواقف رسمية وشعبية متباينة

صدر بيان مشترك من الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة البحرين بتاريخ 19 مايو 2019 عن نيتهما عقد ورشة عمل اقتصادية بعنوان “من السلام إلى الازدهار” تستضيفها مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنامة يومي 25 و26 يونيو 2019، “وستمثل ورشة العمل هذه فرصة محورية ليجتمع قادة الحكومات والمجتمع المدني والأعمال معا لمشاركة الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات وشحذ الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن يوفرها التوصل إلى اتفاق سلام”([8]).

في مايو 2019، على إثر ذلك البيان، أجرى روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مقابلة مع جاريد كوشنر، حول عملية السلام في الشرق الأوسط، خلال المؤتمر السنوي لمعهد واشنطن. وفى أعقاب المقابلة، نشر «ساتلوف» مقالًا مهمًّا على موقع «أمريكان إنترست» حذر فيه من أن خطة كوشنر للسلام ربما تكون كارثية على سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط، وأن حل الدولة الواحدة يعنى نهاية إسرائيل والطريق للصراع الأبدي([9]).

وعليه، عُقدت ورشة المنامة أو مؤتمر البحرين الاقتصادي (25-26 يونيو2019) الذي يمثل الخطوة الأولى مما يسمى “صفقة القرن” للتطبيع العربي وتصفية القضية الفلسطينية، برعاية ودعوة من الإدارة الأمريكية الحالية وعرابها جاريد كوشنر صهر ترامب، في سياق ملبد بدعم من إدارة ترامب يكاد يكون منقطع النظير للعدو الصهيوني؛ والمحصلة أن كل تلك الإجراءات الأمريكية تزيد من تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني؛ إما بإرغامه على مسار صفقة القرن أو إرضاخه لقبول الرشوة الاقتصادية التي وصفتها إدارة ترامب وفي مقدمتها كوشنر “فرصة” لا “صفقة”!.

وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الخطة ستكون شاملة، وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأميركية السابقة، وتتناول كل القضايا الكبرى، بما فيها القدس والحدود وقضية اللاجئين، وتكون مدعومة بأموال من السعودية ودول خليجية أخرى لصالح الفلسطينيين. وفي حين لم تتطرق الخطة إلى الجانب السياسي بشكل رسمي، إلا أن الحديث عن تحويل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري، كشف عن البعد السياسي الذي سينص في أحد بنوده عن القبول بالقدس بشقيها الغربي والشرقي عاصمة موحدة لإسرائيل، وتصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، وهو ما كشف عنه محمود عباس (أبو مازن) بقوله: “ترامب يريد أن يشترينا ويحرمنا من دولتنا المستقلة”([10]).

وعن المواقف الرسمية للنظم العربية: كانت كل من البحرين والسعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب، قد شاركوا في “الورشة”، فيما رفضت فلسطين المشاركة.

حيث قال إن “محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي) أبلغ كوشنر أنه مستعد لاستثمار كميات ضخمة من رؤوس الأموال في الصفقة، وسيعطي القيادة الفلسطينية الحوافز اللازمة للاستجابة الإيجابية”، ونقل الموقع عن مسؤولين فلسطينيين، قولهم إن “عباس التقى بن سلمان خلال زيارته للرياض في 8 نوفمبر 2018، وأن هناك عرضًا لزيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية بثلاثة أضعاف تقريبًا مقابل الموافقة على الخطة”([11]).

أما الإمارات، فقد أعلنت دعمها لمقترح ترامب، ورحبت في بيان لها، بالمشاركة في ورشة العمل الاقتصادية التي تستضيفها مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة، وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي: إن “الإمارات تقف مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى ازدهار المنطقة وتعزيز فرص النمو الاقتصادي، والتخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الكثير من أبناء المنطقة خاصة أبناء الشعب الفلسطيني” . وذكرت الوكالة، أن “الخطة ستعمل على إصلاح الاقتصاد الفلسطيني وربطه بجيرانه بهدف اجتذاب استثمارات دولية هائلة، وتضمن تحولا في الاقتصاد الفلسطيني الذي سيكون قادرا على تأمين أكثر من مليون وظيفة”، مضيفة أن “الخطة يمكنها أن تحوّل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري وتفتح فصلا جديدا في التاريخ الفلسطيني”([12]).

ومن ناحية أخرى جاء الموقف الإماراتي مناورا يقبل ويدين في ذات الوقت للدرجة الذي وصف بأنه باع حلفاءه في اللحظة الحاسمة؛ فالموقف الإماراتي كان هو الأغرب. فأبوظبي هي حليفة السعودية وترامب المقربة، ويعتقد أنها طرف أساسي في كل خططها، إذ يعتقد أن رجلها القوى الشيخ محمد زايد هو الضلع الثالث في المثلث الذي يحيك كل الأطروحات التي تهبط على المنطقة، بالإضافة إلى كوشنر-بن سلمان. ولذا يفترض أنها طرف أصيل في ورشة المنامة، وخاصة أن لها باعاً طويلاً في التطبيع مع إسرائيل. وأعلن أن وزير الدولة للشؤون المالية عبيد الطاير هو الذي سيقود الوفد. ولكن فجأة تداعت الأخبار عن مواقف شخصيات محسوبة على الدولة الإماراتية تهاجم ورشة المنامة بطريقة لافتة، واعتذار رجال الأعمال الإماراتيين عن المشاركة بالورشة. وشنَّ ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، هجومًا على المسؤولين المشاركين في ورشة البحرين قائلا: لن يرحمكم التاريخ إذا مرَّرتم صفقة القرن. كما استنكر الأكاديمي الإماراتي «عبدالخالق عبدالله» المستشار السابق لـ«بن زايد» استضافة البحرين الندوة الاقتصادية لصفقة القرن، معتبراً أن هدفها «تصفية القضية الفلسطينية»([13]).

وأعلنت الكويت عدم حضورها، مؤكدة أنها سوف تقبل بما يقبل به الفلسطينيون، وكان مجلس الأمة الكويتي قد دعا إلى المقاطعة، وكذلك الحال في قطر التي لم تتلق دعوة بالمشاركة من البحرين، غير أن وزارة الخارجية القطرية أصدرت بيانا رسميا قالت فيه: “ينبغي أن يكون الحل وفق إطار يرتضيه الشعب الفلسطيني؛ يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة ذات سيادة كاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى حق العودة للاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”([14]).

أما موقف الأردن فمفاده: نشارك لنعرف ما يدور بالغرف المغلقة. وكذلك مصر بد أنها تحاول عدم إغضاب أي طرف؛ ولذا قررت أن تشارك “لمراقبة الموقف”. أما المغرب فجاءت مشاركة اللحظة الأخيرة ومستوى تمثيل يقارب الغياب([15]).

لقد بدت مبادرة مؤتمر البحرين كمن يريد فرض مخرجاتها على الفلسطينيين، ملوحين بأنها الفرصة الأخيرة للسلام. فبرغم رفض الفلسطينيين الواضح بجميع فصائلهم، لعقد القمة ابتداء، ورفضهم المشاركة فيها، إلا أن المشاركين تجاهلوا تلك المواقف التي صرّح بها رئيس السلطة وبقية الفصائل الفلسطينية؛ مما دفع محمود عباس، أن يصرّح بأن القمة بنيت على باطل، وأنه لن يكتب لها النجاح. وأضاف: “نريد الدعم الاقتصادي، والمال والمساعدات، ولكن الحل السياسي يجب أن يأتي أولًا لا أخيرا، علما بأنه -وبرغم الخلافات السياسية المحتدمة بين الفصائل الفلسطينية، لاسيما حركتي حماس وفتح، إلا أنها أجمعت على رفض “ورشة البحرين”، وقالت: إنه “طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني”([16]).

وعليه، فقد ساد وضع “المشاركة العربية” في مؤتمر البحرين ولم يكن اللافت فقط هو انخفاض مستوى الحضور باستثناء السعودية، ولكن أيضاً الطابع الاعتذاري الذي صاحَبَ إعلان كثير من الدول عن قرارها بحضور المؤتمر. كأن لسان حالهم يقول إننا حضرنا لرفع العتب مع الأمريكيين والسعوديين، ولكن لا تخشوا شيئاً إننا لن نشارك في الصفقة. فمستوى الحضور وطريقته، وكذلك قائمة الغائبين يمكن أن تعطينا مؤشراً على المصاعب التي تواجه صفقة القرن قبل أن تبدأ.

وأما عن مواقف القوى الكبرى من مؤتمر البحرين وصفقة القرن، فقد جاء تمثيل الدول الكبرى غير مكتمل بداية برفض الصين وروسيا المؤتمر وإعلانهما مقاطعته ابتداءً، وفقما صرح السفير الصيني في فلسطين، ثم حضرت الصين بتمثيل ضعيف([17])، أما روسيا فقد رفضت المشاركة وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا جاء فيه نص مخالفة صريحة لخطة كوشنر الذي سبق ورفض حل الدولتين: “نحن على قناعة بأن أي مبادرة تهدف إلى تحقيق سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط يجب أن تحتوي على دعم واضح لمبدأ حل الدولتين لتسوية الخلافات الفلسطينية الإسرائيلية”([18]).

أما القوى الأوربية، فعلى الرغم من جولة كوشنر الأوربية قبيل الورشة في مطلع يونيو؛ إذ زار لندن وبروكسل ليجتمع مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي وخاصة: رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، لاطلاعهم على تفاصيل خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط “صفقة القرن”، إلا أنهم لم يشاركوا تعبيرا عن رفضهم للصفقة على الرغم مما تسرب حول استهداف خطة كوشنر مشاركة أوربا بـ20% من تكلفة تمويل الصفقة.

وبينما صرح كوشنر بأن ثمة تمثيلا للدول السبع الكبرى والصين وروسيا واليابان، جاء تصريح المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي ليقلل من أهمية مؤتمر البحرين، وأوضح الاتحاد الأوروبي أن مشاركته في ورشة العمل بالبحرين جاء من أجل الاطلاع عن كثب عما تتضمّنه خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط “دون أي التزام من جانبنا بدعمها (الخطة) أو المشاركة فيها”، مجدداً التأكيد على التزامه “الراسخ بحل الدولتين عن طريق المفاوضات”. وكانت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قالت: إن حضور التكتّل (الاتحاد) لورشة المنامة سيكون على مستوى تقني فقط، مؤكدةً أن ذلك لن يلقي بظلاله بأي شكل من الأشكال على التزام الاتحاد الأوروبي القوي والواضح الذي تشاركه جميع الدول الأعضاء بشأن الحاجة إلى حل سياسي لإقامة دولة فلسطينية([19]).

وواضح كيف أن هذه الخطة نقطة خلاف بين إدارة ترامب وبين عديد من الأطراف الدولية كأوربا وروسيا والصين. وجدير بالذكر أن الأمم المتحدة رفضت المشاركة.

في المقابل قال البيت الأبيض إنه قرر عدم دعوة الحكومة الإسرائيلية؛ نظراً إلى عدم وجود السلطة الفلسطينية في المؤتمر، ليشارك بدلاً من ذلك وفد صغير من قطاع الأعمال الإسرائيلي فضلا عن الاستفزاز بمشاركة إعلامية إسرائيلية واسعة استفزت الشعوب.

على المستوى الشعبي والجماهيري العربي، برزت تظاهرات شعبية وحراك إلكتروني… و”ورشة روتردام” ضد “ورشة المنامة”:

جاءت التظاهرات الشعبية رفضا لصفقة القرن قوية رغم حالة القمع ضد التظاهر في غالب النظم السلطوية العربية، وكان أبرزها في العراق والمغرب وبالطبع في الداخل الفلسطيني، حتى وصل الأمر إلى استدعاء البحرين سفيرها من العراق للتشاور بعد اقتحام متظاهرين سفارتها في بغداد، لكن حالة الرفض الشعبي للصفقة ومؤتمرها الاقتصادي المزعوم بلغ أوجَّه على منصات التواصل الاجتماعي؛ فقد تصدر وسم (“#يسقط_مؤتمر_البحرين”، “#لا_لصفقة_القرن” و”#لا_لورشة_ البحرين”) ليتصدر موقعي تويتر وفيسبوك.

وعلى المستوى العالمي، ذكرت بعض التقارير تطرقت لإحصائيات حملات التغريد، أنه غرّد على وسوم الحملة الإلكترونية (10) آلاف مغرد حول العالم تفاعل معهم نحو خمسة ملايين متابع، وتركزت التغريدات في الضفة والقدس وقطاع غزة والأردن والجزائر ودول أجنبية؛ ليتخطى الوسم (23 ألف) تغريدة عبر (تويتر) فقط. فضلا عن دعوة عامة أطلقها الشباب الفلسطيني لكل العالم من العرب وغيرهم لإعلان رفض انعقاد المؤتمر، فقاموا بنشر عريضة إلكترونية لجمع توقيعات الرفض، ومع مطلع يونيو وصلت نحو 83604 توقيعا، من مختلف دول العالم معلنين رفضهم لمؤتمر البحرين. وتم نشر أغنية شعبية فلسطينية تعبر عن الرفض بعنوان «يسقط مؤتمر البحرين»، ومن ضمن كلماتها: “مش مطلب فردي أو حزبي هذا المطلب مطلب شعبي”، “باسم بلادي أرضي وشعبي يسقط مؤتمر البحرين”…”يللي بتركض للتطبيع، وأمر الأمريكي بتطيع، وطني مش سلعة للبيع، ويسقط مؤتمر البحرين”. ولاقت انتشارا واسعا([20]).

وتزامنا مع عقد مؤتمر البحرين، عمَّ الأراضي الفلسطينية إضراب شامل ليعلن رفضاً فلسطينيا قاطعاً له، باعتبار أنه مقدمة لتطبيق (صفقة القرن)، وأن انعقاده وسط غيابهم (الفلسطينيين) يسقط الشرعية عنه، مؤكدين أن حل القضية الفلسطينية سياسي، يتمثل في إنهاء الاحتلال وإنهاء سيطرته على الموارد، وبذلك يتم بناء اقتصاد مستقل. ولم يكن هذا موقف فلسطينيي الداخل فقط؛ فقد عقد مجموعة من نشطاء ورجال أعمال فلسطينيين مقيمين بأوروبا، انعقاد ورشة عمل تحت عنوان (لا لصفقة القرن، لا لورشة البحرين، نعم للحق الفلسطيني)، نظمها طيف من المؤسسات الفلسطينية العاملة في أوروبا، بمشاركة ما يقارب 100 من الباحثين والناشطين من أبناء الجاليات الفلسطينية الوافدين من 11 دولة أوروبية، لبحث سبل مواجهة صفقة القرن؛ وذلك في مدينة روتردام الهولندية، واختتموها بإعلان “فلسطينيو أوروبا ضد صفقة القرن” بتاريخ 16 يونيو 2019([21])؛ الأمر الذي شكل إجماعا وطنيا فلسطينيا على رفض المشاركة في “ورشة المنامة”، واعتبارهم أن مشاركة أي فلسطيني في هذا المؤتمر “خيانة” بحسب التوصيف الفلسطيني؛ وتحذيرا لاقتصاديين عرب وخليجيين من الانزلاق إلى هذه الخيانة، على الرغم من مساعي السلطات الخليجية لجرّ الشعوب ومعظم الاقتصاديين إلى هذه الحفرة.

ودشن نشطاء بحرينيون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “#البحرين_ضد_التطبيع” تعبيرا عن الرفض الشعبي للمؤتمر. وبينما أعلنت السلطات الأردنية مشاركتها في مؤتمر البحرين، كان للشعب الأردني موقف آخر؛ وهو ما عبرت عنه مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية والشعبية والنقابية، التي دعت جماهير الشعب الأردني للمشاركة في اعتصام جماهيري رفضا لمشاركة الأردن الرسمية في المؤتمر؛، تزامنا مع انعقاد المؤتمر وتحديدا في الساعة السابعة مساء أمام رئاسة الوزراء في الساحة المقابلة لمستشفى الأردن([22]).

نتائج مؤتمر البحرين: الأوطان والمقدسات ليست للبيع:

فمنذ قبيل انعقاد مؤتمره المزعوم، صرح كوشنر لوسائل إعلام أن المبادرة العربية للسلام (والتي دشنها الملك السعودي عبد الله في 2002 وتقوم على فكرة “حل الدولتين”) لم تعد أساسًا للحل. وقد سبق وصرح السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، أنه من حق إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية، ورفضت الإدارة مرارا وتكرارا حل الدولتين، وقال المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات إنه لا حاجة لاستخدام هذا المصطلح فـ(كل طرف ينظر إليه بطريقة مختلفة)”([23]).

الأمر الذي دفع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”، عبر حسابه على موقع “تويتر” بتاريخ 2 يوليو 2019 بعد انعقاد الورشة، لكتابة تغريدة تضمنت مشاركة لملف يحمل تفاصيل الخطة أو الشق الاقتصادي للصفقة الذي طرح في ورشة المنامة([24])، معلقا بقوله: “في الوقت الذي قاطعت فيه القيادة الفلسطينية، فإن الفلسطينيين والمنطقة مطالبون بإعطاء فرصة للحكم على خطتنا الاقتصادية بأنفسهم”([25]). ولكن تغريدته تلك لم تكن في حقيقتها إلا إقرارا منه، وبالطبع إقرار الإدارة الأمريكية نفسها، بفشل مسعاهم الاقتصادي لرشوة المعنيين بالقضية لقبول صفقة القرن المزعومة من خلال “مؤتمر البحرين الاقتصادي”([26]).

فحتى ختامها الباهت تكرر خلال أعمال المؤتمر الحديث عن أزمات المنطقة المعروفة، مثل: “المعدلات المرتفعة للبطالة”، و”الحاجة إلى التواصل الفعال مع فئة الشباب”، وأهمية “تهيئة الظروف المناسبة لتطوير القطاع الخاص”. ولم تقدم الورشة بياناً تفصيلياً بالمستهدفات جراء انتهاء تلك الورشة.

وبعد الرفض الواسع والاحتجاج الشعبي الذي وصل ذروته على منصات التواصل الاجتماعي، يبدو أن الإدارة الأمريكية استشعرت الحرج؛ إذ نشر “جيسون غرينبلات”، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، على حسابه عبر “توتير” ملفا باللغة العربية يشمل تفاصيل الشق الاقتصادي لخطة السلام المزعومة أو صفقة القرن حملت عنوان: “السلام… من السلام إلى الازدهار: رؤيا جديدة للشعب الفلسطيني”([27])؛ يتضمن 40 صفحة، مكونة من ثلاثة فصول: إطلاق العنان للإمكانيات الاقتصادية، وتمكين الشعب الفلسطيني وتشمل بنودا خاصة بالشباب والنساء في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والقطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة الفلسطينية. وبمراجعة تفصيلية لمضمون الملف نجده يتوجه بخطاب التنمية والتمكين للشعب الفلسطيني متجاهلا وجود احتلال ولا يذكره من بعيد أو قريب.

عدد الشق الاقتصادي المدشن في ورشة المنامة كم المكاسب الاقتصادية وحجم المنح والتمويلات ورؤوس الأموال التي ستنهال على الضفة الغربية وقطاع غزة وجوارهما في الأردن ولبنان ومصر؛ حيث وزعت الخطة الـ50 مليار دولار الموعود تجميعها -في حين ما يبدو أن ورشة المنامة نفسها لم تستطع إنجاز الحصول على تأكيد من الأطراف المشاركة بالمساهمة الفعلية فيها- على ثلاثة أصعدة سمّتها مبادرات: الاقتصاد، والشعب، والحكومة. وفي كل مبادرة برامج ومشروعات خاصة بها([28]):

– ففي مبادرة الاقتصاد، وعدت بزيادة دور القطاع الخاص وريادة الأعمال وفرص العمل خاصة للشباب والنساء، واهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتدريب القائمين عليها. فضلا عن الاهتمام بالبنية التحتية من شبكات طرق وسكك حديد وإمدادات طاقة وصرف صحي وفي مجالات الزراعة والسياحة والصحة والتعليم. بما تبلغ تكلفة المشروع الواحد منها نحو 100 مليون دولار.

– تسهيل انتقال الأفراد في المنطقة إقليميا داخل حدود فلسطين والدول المحيطة المذكورة (مصر، لبنان، والأردن) لتسهيل انتقال العمالة والسياح ورؤوس الأموال بفتح الأسواق والتجارة أمام القطاع الخاص الفلسطيني بحسب الخطة. ومن ثم، يسهل على الفلسطينيين الانتقال والسكن والعمل حسب أماكن تجارتهم أو أعمالهم (فهل مازالت الخطة بحاجة لذكر صريح على تهجير أهل فلسطين وقطاع غزة لسيناء بعد ربطهم بأغلال لقمة العيش واكتساب الأموال مقابل استمرار سيناريو تضييق الخناق والحصار الراهن!!).

– وفي المبادرة الثانية الخاصة بالشعب، قدمت الخطة وعود بتمكين وتعزيز الخدمات التعليمية المقدمة للشعب الفلسطيني:

· فإنشاء جامعة فلسطين الجديدة، وزيادة ضخ المنح التعليمية للطلاب الفلسطينيين، والتدريب التشغيلي لتنمية القوى العاملة.

· الرعاية الصحية، ونوعية الحياة من فن وثقافة والرياضة، والتنمية الحضرية للمدن والأحياء…

أما المبادرة الخاصة بالحكومة، فقد ركزت على مفاهيم الحوكمة ومكافحة الفساد (التي دشن بهما كوشنر عرضه المسرحي في ورشة المنامة وحاجة الفلسطينيين للدعم والثقة بعد ثبات فساد حكوماتهم)، فتحدثت الخطة عن إعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام الفلسطيني والشفافية وتعزيز القدرات..

وبخاتمة مقتضبة تؤكد إجمالا على قابلية الخطة للتنفيذ وأنها رؤيا تربط السلام بالاستثمار كهدف لهذه الخطة الموسومة “من السلام إلى الازدهار”، انتهى محتوى الملف الذي نشره البيت الأبيض الأمريكي عن تفاصيل الشق الاقتصادي (المستعرض بمؤتمر المنامة) من صفقة القرن.

هكذا، جاء محتوى ومخرج الملف كمخرج للمؤتمر/الورشة، وكذا الرؤية والصفقة ككل، جاء عاما غامضا يتشدق بقيم ومفاهيم عامة لطالما وعدت بها الرأسمالية العالمية شعوب العالم النامي كمقدمات لفتح أسواقنا وبلادنا لاستثماراتهم وسوقهم، وتكرار غير مبدع لوعود بالقضاء على البطالة وتعزيز التعليم ومختلف القطاعات، لكن دون أي تكلفة يتحملها أصحاب المبادرة بل فقط مزاد علني لبيع القضية ومقايضات على الأوطان بوعود بوظيفة ومسكن وتمكين…كذلك لم تذكر الخطة العظيمة للسلام والازدهار الاحتلال والاستيطان الصهيوني لفلسطين من بعيد أو من قريب: لا من حيث هو مسبب للأوضاع المتردية، ولا كشريك في “الصفقة”- “الفرصة”، فيما يبدو أن المقصود من خطة القرن أن ينسى الشعب الفلسطيني والعربي ككل حقيقة وجود الاحتلال و”العدو الحقيقي” بين ظهرانينا، ولمَ لا والطرف الأغنى مالاً من العرب (ممثلا في ملكيات الخليج في مقدمتها السعودية والإمارات والبحرين المستضيف، وحتى قطر المشارك في المؤتمر) هم الممول الأكبر للصفقة؟!

وفي الوقت الذي صرح فيه كوشنر 25/6/2019: “أن ورشة المنامة نجحت قبل أن تبدأ والمقاطعون سيحضرون في النهاية”، جاءت النتائج مخيبة لأوهامه وباستقبال باهت باعث للسخرية (“The derisive reception”) بحسب وصف الجارديان([29])؛ لتعود الصحيفة لتوضح عقب انعقاد المؤتمر وغياب تفاصيل جلساته، أن صفقة كوشنر لم تجد زبائن؛ إذ بدا كتاجر يحاول الترويج لبضاعته الراكدة في آخر موسم للتنزيلات! وفشلت محاولته في أن تحدث صدى للخروج من الصراع، وحتى دول الجوار المعنية والمقدمة لها الصفقة لم يغريها العرض والتخفيضات المقدمة من كوشنر وبدت تراها رشوة مخزية لا تستحق بيع القضية في مقابل غياب ضمانات أمريكية لتحقق تسوية سياسية فعالة في ظل تقديم الشق الاقتصادي وتجنب ذكر السياسة من بعيد أو قريب خلال مؤتمر البحرين؛ مما زاد من شكوك المشاركين من مدى إمكانية تحقيق حل للصراع خاصة وراعي الخطة (الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب ومساعده كوشنر) طرف متحيز لإسرائيل؛ حيث صرح وأقر بذلك كوشنر نفسه في افتتاح المؤتمر بتحيزه لإسرائيل وفق ميوله الأيديولوجية([30]). فأي فجاجة تلك التي تتعامل بها لإدارة ترامب مع القضية الفلسطينية وأي أثر إيجابي يمكن أن يترتب؟!

وبينما سبق وأكد كوشنر رفض المبادرة العربية للسلام، فلم يخرج بنتيجة؛ حيث جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني عبدالله الثاني، في اليوم الثاني من عقد المؤتمر عبر اتصال هاتفي بينهما تمسكهما بمبادرة السلام العربية، القائمة على رؤية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، فضلا عن إعلان منظمة التحرير الفلسطينية فشل مؤتمر المنامة بحسب توصيف حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، في مؤتمر صحافي برام الله، وفي ظل حضور عربي محدود، وعدم صدور بيان رسمي عن المؤتمر بل مجرد تصريحات ختامية تحدثت عن «تفاؤل كبير» حول التنمية الاقتصادية والاستثمار لصالح الشعب الفلسطيني، دون أن يترجم لوقائع بعيداً عن العبارات الإنشائية؛ مما جعل مؤتمر كوشنر أشبه بما وصفته به وسائل إعلام “ضجيج بلا طحن”[31].

فضلا عن الوعي الفلسطيني الوطني العام الذي وقف كحائط صد قوي ضد مؤتمر البحرين، ليس لدى السياسيين والقادة كأمر طبيعي، ولكن حتى لدى رجال أعمال من غير المسيسين؛ فقد سبق وأكد أحد رجال الأعمال الفلسطينيين يحمل الجنسية الأمريكية وهو “سام بحور”: “الإسرائيليون يسيطرون على كل أصولنا الاقتصادية الاستراتيجية سواء كانت أراض أو مياه أو بترول أو إمكانية التحرك أو حتى المعابر وكل هذه السيطرة على المدخلات لأي نوع من الاقتصاد الفلسطيني في المستقبل لا تحتاج إلى ورشة اقتصادية كبرى، إنها بحاجة إلى إرادة سياسية”[32].

وكان مقال منيب المصري، رجل الأعمال الفلسطيني الثري المعروف، تعقيبا على مؤتمر البحرين بأن “هذا العرض الاقتصادي أو “الصفقة” لم ولن تُغري الفلسطينيين لأنهم جميعا متفقون، مهما اختلفوا وتناحروا، على حقيقة واحدة بأن “فلسطين ليست للبيع” ولن تكون، وأن أساس القضية الوطنية الفلسطينية هو حق تاريخي وقانوني وسياسي وليس اقتصاديا ولن يكون”[33] … “انتهت ورشة المنامة في ظل رفض ومقاطعة فلسطينية رسمية وشعبية لها، من منطلق أن هذه الورشة خطوة نحو تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، ومحاولة للقفز عن حقوقه المشروعة بموافقة رسمية من بعض الأنظمة العربية ودول الاقليم، والتي للأسف آثرت إلا أن تكون في صف الحركة الصهيونية والدخول في تطبيع رسمي علني مع دولة الاحتلال ظنا منها أن هذا قد يحمي وجودها مما تتخيل أنه خطر ايراني مزعوم”([34]).

ومن ثم، فعلاوة على التمثيل الشكلي الضعيف والتفاعل الباهت والمخرجات غامضة الأثر، فإن الوصف الأنسب لمؤتمر المنامة جاء على صفحات جريدة هآرتس الإسرائيلية اليسارية الذي تناولته كثير من وسائل إعلام عربية: هو “عرس بلا عريس” في ظل غياب طرفي الصراع الأساسيين: فلسطين وإسرائيل.

خاتمة:

تبقى لما تم رصده من مؤتمرات وقمم حول القضية الفلسطينية حسنات وإيجابيات رغم كل ما حركته من غبار وما عكسته من تغير في أحد ثوابت النظم العربية باعتبار الدولة الصهيونية هي العدو المشترك، فقد كشفت اللثام عن هرولة عربية وخليجية تحديدا للتطبيع، مقابل تعالي خطاب اعتبار إيران العدو البديل والحشد السياسي والإعلامي المناهض لها.

فأما النموذج المقاوم الذي تمثل في مؤتمرات وقرارات الاتحاد البرلماني العربي خاصة في دورته التاسعة والعشرين مارس 2019، فقد أثبتت مجمل مواقفه وقراراته التأكيد على مركزية ومورية القضية الفلسطينية والدفاع عنها والدعوة لدعمها ضد العدو الصهيوني والدعم الأمريكي المستفز الراهن تحت حكم إدارة ترامب. وبتطرقها لما يتعلق بالتوترات بشأن التصعيد الإيراني الأمريكي وتداعياته العربية والخليجية، فلم يبالغ المعنيين في تضخيم الخطر الإيراني واكتفوا بالتحذير من مغبات التداعيات العسكرية وأهمية العمل العربي التضامني ضد أية تهديدات خارجية.

أما النموذج الثاني من مؤتمرات وهو قمم مكة مايو 2019، فجاءت تعكس حالة من استدعاء الخطر الإيراني والتضخيم في مخاطره والاستجابة لتوجهات إدارة ترامب المتهورة، فبدت قمم مكة في هذا الصدد متجاهلة القضية الفلسطينية مقابل إعلاء نبرة إبراز إيران العدو البديل للعرب وتجاهل الخطر الإسرائيلي في المقابل.

وإذا ما تم ضم نموذج مؤتمر البحرين الاقتصادي بشأن تصفية القضية الفلسطينية وصفقة القرن، نجد أن الموقف العربي عامة متراجع بشكل مخزٍ ومتحفظ دون إدانة أو مناهضة للصفقة المشينة، وبالنسبة للموقف الخليجي خاصة وبالأخص السعودية والبحرين ثم الإمارات التي حاولت في اللحظات الأخيرة حفظ ماء وجهها استدراكا، نجد أن مؤتمر البحرين/ورشة المنامة بدت النموذج الأكثر تخليا وفجاجة من حيث التخلي عن القضية الفلسطينية تحت ضغط إدارة ترامب حماية لنظم خليجية تحتاج لدعم أمريكي مقابل استبدال العدو المركزي للعرب والمسلمين وهو إسرائيل بالعدو البديل الجديد المتمثل وفق إدارة ترامب وحلفائها في الخليج هو إيران.

*****

(*) باحثة دكتوراه علوم سياسية بجامعة القاهرة، وباحثة في مركز الحضارة للدراسات والبحوث.

([1]) راجع في نفس العدد من هذه الفصلية، تقرير: أمجد أحمد جبريل تحت عنوان “مؤتمرات القمة العربية والقضية الفلسطينية (2017-2019)”.

([2]) للاطلاع على جميع البيانات والإعلانات والقرارات الخاصة بالدورة التاسعة والعشرين للاتحاد البرلماني العربي، راجع الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد على الرابط:

http://cutt.us/O07U9

([3]) البيان الختامي الصادر عن المؤتمر التاسع والعشرون لاتحاد البرلمانيين العرب، (القدس العاصمة الأبدية لفلسطين)، المملكة الأردنية الهاشمية –عمان، 3-2 مارس 2019. 2019،على الرابط: http://cutt.us/ITmQS

([4]) هديل غبون، مصادر لـCNN: أجواء توافقية بحضور السعودية وسوريا في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، السي إن إن العربي، بتاريخ 3 مارس 2019، متاح على الرابط التالي:

http://cutt.us/ZiYNf

([5])البيان الصادر عن معالي المهندس عاطف الطراونة، رئيس الاتحاد البرلماني العربي، باسم الاتحاد البرلماني العربي، حول التصعيد العسكري الذي من شأنه المساس بأمن واستقرار المنطقة العربية”. بيروت 22 أيار/ مايو 2019، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us/ZlgjR

([6]) حول تحليلات واتجاهات الرأي حول قمم مكة راجع: ثلاث قمم لمواجهة إيران؟، 31/05/2019 ، موقع فرانس24، على الرابط: https://bit.ly/30qfH79

([7] ) أمجد أحمد جبريل، المأزق السعودي بعد قمم مكة، 18 يونيو 2019 ، موقع “عربي21″، على الرابط:

https://bit.ly/2G68di5

([8]) بيان مشترك من الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة البحرين بتاريخ 19 مايو 2019 عن نيتهما عقد ورشة عمل اقتصادية بعنوان “من السلام إلى الازدهار”، سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us/5zzIe

([9]) محمد ماهر، مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لـ«المصرى اليوم»: حل الدولة الواحدة يعنى نهاية إسرائيل والطريق للصراع الأبدي 15 -06-2019 ، على الرابط: http://cutt.us/Jxsll

([10]) “ورشة البحرين”.. من يدفع أكثر في مزاد بيع القضية الفلسطينية؟، 26 يونيو 2019، على الرابط:
http://cutt.us/57bb0
([11]) المرجع السابق.

([12]) المرجع السابق.

([13]) المرجع السابق.

([14]) المرجع السابق.
([15]) مأزق القرن.. التمثيل الضعيف بورشة البحرين يُظهر كيف تورَّطت السعودية في صفقة يخشاها الجميع، 26/06/2019، موقع عربي بوست، على الرابط:

https://bit.ly/2XDzpj5

([16]) المرجع السابق.

([17]) ما تأثير مقاطعة روسيا والصين لمؤتمر “صفقة القرن” في البحرين؟، بي بي سي العربية، 29 مايو 2019، متاح على الرابط التالي: http://cutt.us/7nfeL

([18]) المرجع السابق

([19]) خاص: المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي يقلل من أهمية مؤتمر البحرين، بقلم: حسان رفاعي، 25/06/2019، على الرابط: http://cutt.us/VioMT

([20]) أغنية «يسقط مؤتمر البحرين» تلاقي انتشارا واسعا والحملات الإلكترونية ضد «صفقة القرن» تتصدر ترند فلسطين 25يونيو 2019، جريدة القدس العربي، على الرابط:https://bit.ly/2xxtZqp

([21]) اختتام ورشة روتردام بإعلان ” فلسطينيو أوروبا ضد صفقة القرن”، 17 يونيو 2019، موقع صحيفة الوطن الفلسطينية، على الرابط: http://cutt.us/xFg1B

([22]) بعيدًا عن الموقف الرسمي.. كيف عبرت الشعوب العربية عن رفضها لـ «مؤتمر البحرين»؟، 25 يونيو 2019، موقع مصر العربية، متاح على الرابط:

https://bit.ly/2LFiBkh

([23]) صفقة القرن: كوشنر يستبعد أن تكون خطته للسلام على غرار مبادرة السلام العربية، بي بي سي العربي، بتاريخ 25 يونيو 2019، متاح على الرابط: http://cutt.us/apeT7

([24]) للنص الكامل للشق الاقتصادي لصفقة القرن، ملف pdf، على الرابط: http://cutt.us/3AKGz

([25])صفقة القرن: كوشنر يستبعد أن تكون خطته للسلام على غرار مبادرة السلام العربية، مرجع سبق ذكره.

([26]) المرجع السابق.

([27]) النص الكامل للشق الاقتصادي لصفقة القرن، مرجع سبق ذكره.

([28]) المرجع السابق.

)[29]( The Guardian view on Trump and Israel-Palestine: the reality behind Kushner’s fantasy, Tue 25 Jun 2019, available at: http://cutt.us/w2ocX
)[30]( Martin Chulov, Jared Kushner’s ‘deal of the century’ fails to materialise in Bahrain, Wed 26 Jun 2019, available at: http://cutt.us/BjkjG
([31]) ورشة «المنامة».. ختام غامض وضجيج بلا طحين، 27 يونيو 2019، على الرابط: https://bit.ly/2J9iiwI
([32]) رجال أعمال فلسطينيون أمريكيون يتوقعون فشل مؤتمر البحرين الاقتصادي، 1-6- 2019، على الرابط:

http://cutt.us/ifq0E

([33]) منيب رشيد المصري، انتهت ورشة المنامة وبقيت المؤامرة،30-06-2019 ، متاح على الرابط:

http://cutt.us/RFJnp

([34]) المصدر السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى