الشذوذ والتحول الجنسي بين الهجوم والمقاومة: حالة المسلمين في الغرب
مقدمة:
إن دخول نظريات الجندر والنوع الاجتماعي والجنسانية إلى مرحلة معرفية ترتقي فيها حد التحول إلى أيديولوجيا ودين جديد للعقل الغربي ودولته القومية الحديثة، قد فرض من التحديات على هذه المجتمعات ما استوجب مراجعات فكرية قوية لنظرياتٍ عدة، تتعلق بالنسوية والرؤية للذات والفرد والجنسانية بشكلٍ عام. وبالطبع، فإن العديد من هذه الرؤى والاقترابات تتعارض كليةً مع المنظور الإسلامي الذي يرى الجسد ملكًا لخالقه فقط، ويرى أن ثمة ميزان عدالة وحساب أخروي بعيدًا عن الفردانية المفرطة التي ذهبت بها القيم الرأسمالية والليبرالية الغربية إلى أقصى مدى.
تُواجه الأسرة التي هي نواة المجتمعات الإسلامية ووحدة التحليل الأساسية في المجتمع العربي الإسلامي تحديًا رئيسيًا يتعلق بمحاولة فرض قضايا الجندر والتحول والنوع الاجتماعي بتفاصيله من زاوية النظر الغربية فرضًا يتداخل فيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو تحدٍ وجودي لدى الأقليات المسلمة في الغرب. فلقد فُرض الأمر على التعليم وجرى تقنينه ودسترته؛ بحيث يتحول لنوعٍ من الإجبار للجميع على احترام هذه الرؤية الغربية المتهاوية للنوع الاجتماعي مفرطة الفردانية والمبتعدة عن كل ما هو جماعي، حتى بدأت المجتمعات الغربية نفسها تدرك خطورة ما وصلت إليه، وبالذات في الدول ذات الاتجاهات المحافظة القوية. في هذا الإطار، فإننا نحاول في هذا التقرير الإجابة عن تساؤل حول طبيعة التحديات التي تثيرها قضية الشذوذ والتحول الجنسي على الجاليات المسلمة في الغرب، ورصد وتحليل آليات التعامل مع هذه التحديات من قبل الجاليات.
أولًا- فرض الشذوذ كتحدٍّ واختبار ثقافوي أيديولوجي:
أية تناقضات مع الطبيعة العلمانية للدولة وحياد مؤسساتها تجاه الأديان والمعتقدات تعبر عنه المواقف الغربية إزاء قضية المثلية؟ بدأت العديد من الدول الأوروبية منذ مطلع الألفية في تقنين الشذوذ الجنسي وزواج المثليين، وكانت هولندا هي الدولة الأولى التي أقرت هذا النوع من الزواج في عام ٢٠٠١، ووفقًا لتقرير لقناة دي دبليو عربية، فإنه حتى عام ٢٠١٧ كانت قائمة الدول التي تُقنن زواج المثليين تضم ٢٥ دولة، وتوجد في القائمة الدول التالية: الأرجنتين، بلجيكا، البرازيل، كندا، كولومبيا، الدانمارك، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيسلندا، إيرلندا، اللوكسمبورج، مالطا، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سكوتلندا، جنوب أفريقيا، أسبانيا، السويد، الولايات المتحدة، والأوروجواي، كما تسمح بعض الولايات في المكسيك بهذا الزواج([1]).
الأمر لم يقتصر فقط على التقنين للممارسات، بل فرضها على الثقافة كجزءٍ منها يجب احترامه وإعطاؤه صفةً استثنائية بفرض تقبله على الجميع منذ الصغر، وهذا عبر البرامج التليفزيونية والأفلام والمسلسلات، بحيث أصبحت منصات مثل نتفليكس وبعض منتجي الأفلام والمسلسلات لكل الأعمار يتبنون القضية بشكلٍ ملفتٍ للنظر، فلم يعد يخلو فيلم خلال العقدين الماضيين تقريبًا من مشهد أساسي حول المثلية، على نحوٍ يحولها سياسةً عامةً للقائمين على الإنتاج والتوزيع. وعلى سبيل المثال، تم تداول مقطع فيديو عبر منصات التواصل، تؤكد فيه رئيسة المحتوى الترفيهي في شركة ديزني الأمريكية، كيري بيرك، النية لتقديم 50٪ من شخصياتها الكرتونية من المثليين وغيرهم من المختلفين عرقيًا وجنسيًا، بحيث لا يكون ظهورهم فقط في مشاهد عابرة ولكن يُصبحون أبطالا للقصص([2]). وكأن ديزني تقول لجمهورها الصمت أيها الأوغاد، نحن ندافع عن حرية المثليين وممارساتهم.
الملاحظ هنا، أن الدول التي أقرت قوانينها مبكرًا شرعية هذا النوع من الزواج هي الأكثر تطرفًا في مواجهة الإسلام والأكثر تطرفًا في حوادث الإسلاموفوبيا، وعلى رأسها هولندا التي لديها رئيس حزب معارض رئيسي ونائب برلماني (هو جيرت فيلدرز) يشن الحملات شبه الموسمية ضد الإسلام ونبيه “صلى الله عليه وسلم”، ويرى أن الإسلام يتناقض كليًا مع الحرية والمساواة والقيم الغربية ويتخذ مواقف شديدة التطرف ضد المهاجرين.
وبشكلٍ عام، فقد ازداد في السنوات الخمس الأخيرة سُعار الترويج للشذوذ الجنسي في الغرب ليصل إلى حدٍ تجاوز فيه مجرد التشريع، وإقحامه في المناهج التعليمية للأطفال، وفتح باب التحول الجنسي أمامهم ضمن ما يُعرف بـ “التوعية الجنسية”([3]).
وبهذا التصور الغربي للمسألة الجنسية تطورت الظاهرة الخاصة بدعم المثليين أو حمايتهم، من مجرد مطلب حقوقي فئوي يحمل لافتة “الحرية الفردية” إلى “خطاب أيديولوجي رسمي” Official ideological discourse حيث استُغِل سياسيًا من قِبل الأحزاب والحركات الليبرالية اليمينية واليسارية على السواء في الغرب. واتجهت دول عدة إلى تشريع زواج الشواذ قانونيًا، وإعادة تعريف مفهوم الأسرة في الدساتير؛ بحيث يشمل (أبوين من نفس الجنس + أطفال)([4])، في تحدٍ كبير لقيمٍ غربية سادت لقرونٍ حول احترام الأسرة كوحدة تحليل أساسية في دراسة الدولة الحديثة والمجتمع المعاصر.
الأمر لم يقف عند حدود الدولة القومية الغربية، وإنما امتد ليشمل المنظمات الدولية ومحاولة فرضه على أجندتها بشكلٍ فج باعتباره إحدى المسلمات، وقد تم إطلاق حملة “أحرار ومتساوون” بعد جهد عام من قِبل مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان وشركاء الأمم المتحدة في يوليو ٢٠١٣ في كيب تاون، بجنوب أفريقيا. وركزت الحملة على الحاجة إلى كلٍ من الإصلاحات القانونية والتعليم العام لمواجهة ما يسمونه “رهاب المثلية الجنسية”، فيما يُعتبر السلوك المثلي جريمة جنائية في أكثر من ثلث بلدان العالم عددًا وثلثيها أو أكثر سكانًا. لقد أطلق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحملة باعتبارها أول حملة “توعية عالمية عامة” ترمي إلى رفع مستوى الوعي والاحترام والمساواة للمثليات والمثليين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسانية، بحسب موقع الأمم المتحدة.([5])
ثانيًا- التعليم والمؤسسات الدينية كمجال حيوي لنشر تلك القيم:
بعد تحويل الشذوذ لأيديولوجيا وخطاب رسمي، وبُعيد اتباع سياسة تطبيع الشذوذ كسياسة تدل على الانفتاح والتقدمية واستخدامها على نطاق واسع لابتزاز الأقليات المهاجرة من مجتمعات لا تقبل مثل هذه السلوكيات، فإنه بإدخالها للتعليم حتى سن مبكرة جدًا للأطفال باعتبار النوع خيارًا شخصيًا وليس أمرًا فطريًا، وجدت المجتمعات المسلمة وعموم المهاجرين من بلدان لا تقبل ثقافتها هذا الشذوذ أنفسهم في مأزق إما القبول بالنمط التعليمي الرسمي كحق عام ممزوج بهذه القيم الشاذة مع محاولات لمعالجة تأثيراته على أسرهم وأطفالهم، أو الانطواء ومحاولة البحث عن أنظمة تعليمية منزلية بديلة.
المشكلة هنا أن العديد من البلدان تجعل الذهاب للمدرسة إلزاميًا، فبينما تقر بحق الطفل في تحديد جنسه تُنكر عليه قدرته العقلية وقدرات أهله البالغين في تقرير ذهابه إلى المدرسة من عدمه، فالتمدرس فعل أصيل في الدولة الحديثة كآلية لتحقيق الاندماج والانصهار في ثقافة قومية. ولا شك أن هذا يتناقض كليًا مع قيم الحرية والتنوع وقبول الآخر ذاتها، والتي تُستخدم للدفاع عن حقوق الشواذ باعتباره خيارًا شخصيًا حرًا، وهو التناقض الثاني بعد فشل محاولات إثبات أن هذا الشذوذ هو أمر علمي بحت، حيث لم يثبت العلم الغربي الحديث بعد وجود جين لنوع ثالث غير جينات الذكور والإناث، وبالتالي تجد ادعاءات العلمية وعلموية هذا الطرح نفسها في مأزق علمي وفلسفي بالأساسيات وليس الفرعيات.
وهذا التناقض يُراد له أن ينتقل للدولة ذاتها، فهي كدولة “علمانية”، إذا تعاملنا مع المصطلح من منطق علمي تحليلي بحت، لا تجد في أصولها ما يُبرر الدفاع المستميت عن هذا الشذوذ كأمر علمي طبيعي، ولا تجد في الفلسفة والتراث السياسي للدولة الليبرالية بأيديولوجياتها وتفرعاتها أساسًا للدفاع عنه كخيار شخصي. ومن ثم، بالمضي قدمًا في هذه الخيارات الشخصية المنحرفة والدفاع عنها هي أوجدت نمطًا سلوكيًا مما لا يمكن الدفاع عنه، وبالطبع هو يحتاج إلى سياسات عامة للتعامل معه، ويحتاج لسلطة تفرض احترامه، وثروة تمول التعليم بشأنه، وربما التبعات الصحية والاقتصادية لهذه الخيارات المتطرفة. وهو ما يستفز الغالبية الساحقة وهم دافعي الضرائب الرئيسيين في تلك الدول، وبالتالي لديهم الحق في الاعتراض على إنفاق أموالهم على تعليم لا يُلبي احتياجات أبنائهم وقيمهم المحافظة.
وبالنسبة للتعليم، اتجهت عدة دول لتقنين تعليم المثلية الجنسية والتحول الجنسي وتفاصيلهما ضمن “الثقافة الجنسية” نزولا للصفوف الأولى من المدرسة، فعلى سبيل المثال القانون الجديد الذي أقرت فيه الحكومة البريطانية إلزامية تعليم ثقافة العلاقات الجنسية المثلية للطلاب في المدارس، وعدم السماح لأولياء الأمور الرافضين لتلك الدروس بسحب أبنائهم، هو أيضًا يعتبر أن الاطلاع على هذه الممارسات هي حق من حقوق كل طالب وطالبة، وقد أثار هذا قلقًا عميقًا لدى الملايين من مسلمي المملكة المتحدة([6]). وفي الحقيقة، فإن هذا يتعدى على حرية الطالب وأسرته.
إن التطبيع مع الشذوذ اقتضى فرضه كثقافة عامة أو جزءٍ منها، بل كأيديولوجيا، بحيث أصبح الأمر مفروضًا في النقاشات العامة والتعليم الرسمي، وليس حتى كمسألة جدلية خلافية بل كمسلمة عليك أن تثبت أنك تقدمي بقبولك لهذا الأمر ودراسة وتدريس مقررات تعليمية عنه، لتصبح جديرًا بالمواطنة والإقامة والعمل في تلك البلاد. علمًا أنه لم تعد استمارة عمل واحدة تخلو من أسئلة مفخخة حول هذا الأمر، حتى لطلاب المنح الدراسية الذين من المقرر أن يعودوا لبلدانهم بعد إنهاء دراستهم.
لم يقتصر الأمر على شرعنة هذا الانحراف قانونيًا وتعليميًا وثقافيًا وفرض التطبيع معه مجتمعيًا، بل ذهب الأوروبيون بعيدًا إلى حد محاولة إيجاد مخرج ديني لهؤلاء الممارسين لتلك الانحرافات، فها هو البابا فرانسيس، الذي تم تصديره للعالم باعتباره رمزًا للإنسانية والسلام والتسامح وتحويله أيقونة لاتينية للتواصل بين الشمال والجنوب ومختلف الأديان، يُصرح في أكتوبر ٢٠٢١ بأن “المثليون أبناء الرب، ولهم الحق في تكوين أسرة”. المشكلة أن هذا الموقف يتعارض مع موقف كنسي سابق، ففي عام 2003، قال مجمع عقيدة الإيمان التابع للفاتيكان إن “احترام الأشخاص المثليين لا يمكن أن يؤدي بأي شكلٍ إلى الموافقة على السلوك المثلي، أو الاعتراف قانونيًا بشراكات المثليين”([7]).
لكن الموقف الجديد للبابا فرانسيس يعتقد أن على الكنيسة دعم قانون شراكة مدنية للمثليين لمنحهم “الغطاء القانوني”، في منطقٍ يتناقض مع جوهر المسيحية كدين سماوي يُشجع على العفة ويُحافظ على الأسرة، كما يتعارض وفكرة الأسرة ذاتها تمامًا، إلا إذا كان الغرض من تكوين الأسرة في الدولة الأوروبية الحديثة هو تحرير الممارسة الجنسية من كل قيدٍ أو شرط لا تقره الإرادة الفردية باعتبار الفرد مركز الكون وسيده، بل والتشجيع على العلاقات الشاذة.
وانتهى الأمر بالبابا من المراوغة ومجاملة الفئات المحافظة في المجتمع إلى تغيير جذري مؤخرًا؛ حيث قام بابا الفاتيكان بالموافقة رسميًا على مباركة “الأزواج المثليين”! وأكدت الفاتيكان رسميًا على السماح للقساوسة بمباركة الأزواج المثليين، بحسب ما جاء في وثيقة جديدة في ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ ويأتي إصدار الوثيقة، بعد يوم من مباركة قس في كنيسة بروتستانتية بإنجلترا، زواج كاهنتين تعملان في نفس الكنيسة([8]). أي أننا لا نتحدث عن انحراف عادي، بل داخل الكنيسة نفسها ويتم مباركته باسم الدين.
ويضطر أحيانًا بعض الأهالي لتغييب أبنائهم في بعض الدروس حتى لا يتعرضوا لجرعات مكثفة من التطبيع القسري مع المثلية، لكن للأسف فإن من لا يمتثل من الأسر المهاجرة لقواعد التعليم والتثقيف الجنسي في بلدان عديدة يُعرض نفسه لعقوبات ويُنبذ الطفل، أو كما في السويد قد يُواجه مطاردة واختطاف أطفاله من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية المعروفة وسط المهاجرين بـ”السوسيال”. وقد واجهت تصرفات السوسيال عدة احتجاجات على مدار السنوات الماضية، حيث حرمت آلاف الأسر من الحق في تربية أبنائها وفق قيمها، بل وتقوم في العديد من الأحيان بعرض الأطفال للاحتضان الذي هو الحل الوحيد للأسر المثلية، إذ يصبح حلا سحريًا لمعضلة الإنجاب في هذه العلاقات الشاذة.
المشكلة الأكبر هنا أن هؤلاء الأطفال، وهم بعشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف، في عموم الغرب الأوروبي والأمريكي قد يواجهون مصيرًا صعبًا، وقد أشار إليه السياسي السويدي أوفه سفيدين، في كتابه “تجارة الأطفال المربحة”، والذي اتهم فيه قيادات في مؤسسة السوسيال بالاتجار في الأطفال واستغلالهم جنسيًا. حيث يشير إلى أنه من الممكن فيما بعد، استخدام الأطفال المختطفين كعمال غير مدفوعي الأجر في مزرعة، أو بيعهم لمدمني الجنس، أو لمشتهي الأطفال من الأثرياء، أو يتم استخدامهم كفئران تجارب في صناعة المستحضرات الصيدلانية([9]).
هذه المخاوف بالإضافة للممارسات الكارثية للسوسيال باعتبار الدولة من تنفق على الطفل، وهي أهم من الأب والأم والعائلة، دعت العديد من مشاهير الجاليات الإسلامية للهجرة العكسية وترك بلدان المهجر والاتجاه لبلدان أخرى سواء تركيا أو ماليزيا أو إندونيسيا أو الخليج([10]).
ثالثًا- أنماط المقاومة التعليمية لهذه التحديات في أوساط الأقليات المسلمة:
بتتبع ردات فعل المجتمعات المسلمة في الغرب، نجد أنه قد تنوعت التفاعلات ما بين محاولات المقاومة لتلك التعديلات القانونية وسياسات الفرض الأيديولوجي للأمر، سواء عبر استخدام الطرق القانونية والسياسية لمواجهتها بالمثل، أو خيارات الهجرة الداخلية والخارجية بحثًا عن ملاذٍ آمن وأماكن أقل تشددًا في إلزام الآباء والأبناء بمقررات دراسية وتثقيفية، أو نمط العودة للأوطان وما يطرحه من تحديات.
ومن أبرز الخيارات التعليمية التي تلجأ إليها الأقليات المسلمة:
تجارب التعلم الذاتي والمنزلي: منذ عدة سنوات يُبشر البعض بانتهاء عصر التمدرس التقليدي بالذهاب للمدرسة واتباع مناهج تعليمية محددة، ولهذا دوافع عديدة بعضها يُقدم كحلول للتكلفة العالية للتمدرس التقليدي من أبنية تعليمية وتجهيزات ومصروفات إدارية مبالغ فيها، أو كحل عملي لمسألة تكدس الطلبة بالمدارس التقليدية التي تصل للعمل ثلاث فترات لتخفيض الكثافة الطلابية بالفصول في العديد من البلدان العربية والأفريقية والآسيوية الفقيرة.
وفي ظل الجائحة المتعلقة بفيروس كورونا بين عامي ٢٠٢٠-٢٠٢٢، فإن الانتقال لنمط التعليم الإلكتروني تلقى دفعةً قوية بالتحول للمنصات التعليمية والمدارس الإلكترونية. وهنا، فإن الأمر بالنسبة للأقليات العربية والإسلامية في الغرب يًصبح مثارًا للتساؤل: لماذا لا نتحول لهذا النمط من التعليم الإلكتروني أو التعلم الذاتي؟ وهو ما يوفر في الكلفة ويصبح مخرجًا لمسألة القيم هذه؛ بحيث يصبح من حق الطالب ووالديه اختيار مواد أساسية واجتيازها بما يؤهله للمراحل التعليمية الأخرى، دون إقحام تلك المواد التي تُفرض فرضًا على الجميع والمتعلقة بثقافة الشذوذ.
ولكن يفترض هذا النمط من التعلم وجود حد أدنى للمهارات الرقمية لدى المهاجرين، وإذا أدركنا أن هذه المهارات في بلدان الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 هي موزعة توزيعًا غير متساوٍ، إذ يتمتع 54٪ فقط من البالغين بمهارات رقمية أساسية على الأقل في عام 2021([11])، فكيف هي لدى المهاجرين من بلداننا؟ وكيف بالأمر في إطار محاولة تعليم مناهج بلدان الاستقرار الجديدة؟! الأمر يبدو صعبًا على الوالدين، حيث يقتضي تفرغًا لأحد الوالدين لتولي مهمة المعلم في مراحل التعليم الأولى، أو تقسيم مهام جماعي بين مجموعة من الأسر، بحيث تقوم كل أم أو أب بتدريس مادة يُجيدها الشخص ليصبح لدينا مدرسة مصغرة، وبالطبع فإن توافر المواد الشارحة إلكترونيًا قد يُسهل هذه العملية لكن المتابعة شديدة الصعوبة.
خيار التعليم وفقًا لمنهج البلد الأصلي للمهاجرين: وهو خيار قد يتناسب مع المهاجرين المؤقتين وليس من يُقررون الاستقرار في بلدان اللجوء والهجرة والحصول على جنسياتها، كما يرتبط الأمر بمدى مرونة النظام التعليمي للدولة المضيفة، فإذا ما تجاوزت الدول الغربية فكرة إلزامية التعليم للأجانب عبر الحضور اليومي للمدرسة، فإنه تتاح لدى البعض خيارات مواصلة التعليم وفقًا للمناهج التعليمية لبلدانهم الأصلية، وهو حق يُفترض أن يكون مكفولا، وهو وإن كان لا يُعزز خيارات الاندماج أو الدمج القسري التي تخدم الأهداف الأيديولوجية للدولة الحديثة، إلا أنه خيار منطقي لمن لا يريد أن يتشرب أبناؤه هذا النوع من القيم.
وفي هذا الصدد، تصبح المهمة ملقاة على عاتق البلدان المصدرة للهجرة لإنشاء مدارسها بدول المهجر وتيسير آليات المتابعة والتعلم والامتحان وإصدار ومعادلة الشهادات، بل وحتى تعزيز آليات بديلة للاندماج، بما يضمن عدم تسرب تلك القيم للأطفال في سن مبكرة على أقل تقدير.
وتصبح الدول الأكثر دعمًا لجالياتها في الخارج هي الأكثر قدرة على الحفاظ على هويتهم في مواجهة الحملة الشرسة للأفكار الشاذة. وفي هذا الخيار، نجد أن الصين وروسيا، وهما تتبنيان مواقف صلبة ضد الشذوذ، تواجهانه بسياسات تعليمية في الداخل والخارج، ويمكن الاستفادة من تلك التجارب في مجال التعليم لأبناء البلدين في المهجر.
كما نجد أن الحكومة التركية تُتيح آليات جديرة بالدراسة والبحث لتعزيز الهوية والقيم للجاليات التركية في أوروبا، وبالذات في ألمانيا، حيث تفتتح المزيد من المدارس وتتفاوض لافتتاح مدارس جديدة، وتربط الأمر بما هو متاح لديها من أنشطة للمدارس الأجنبية توسعًا وتضييقًا قدر الإمكان. فبرغم أنه وقبل 152 عامًا، تأسست المدرسة الألمانية في إسطنبول، لتتبعها مدرستان أخريان في أنقرة وإزمير، إلا أن ألمانيا تماطل في السماح بافتتاح مدارس تركية، ومؤخرًا تحاول تركيا افتتاح ثلاث مدارس لها في ألمانيا وسط أخذ وردّ حول اتفاقية تمكّن تركيا من إنشاء مدارس في ألمانيا، غير أنّ المسألة أثارت مخاوف كثيرة وانتقادات مختلفة في برلين لأسبابٍ متعددة، منها ما هو اجتماعي، فيما ثمّة أحزاب تشير إلى تبعات قانونية وسياسية([12]).
وفي خيارات أكثر راديكالية، وتحديدًا في الغرب الأمريكي، رأينا حادث قيام شاب أمريكي من أصول أفغانية يُدعى عمر متين بفعل متطرف عبر قتل أكثر من 50 شخصًا في هجومه المسلح على ملهى للشواذ في ولاية أورلاندو الأمريكية في 13 يونيو 2016. وجرت عدة محاولات للربط بينه وبين “داعش”، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن متين اتصل قبل الحادث برقم هاتف الطوارئ، وأعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، بينما قالت مصادر إنفاذ القانون حينها إنه “لا مؤشرات مباشرة على أن لعمر متين ارتباطات بتنظيم الدولة”.([13])
وهذا الفعل على ندرته، إلا أن الحادث جرى استحضاره وأدى لنتائج عكسية عبر استغلاله دعائيًا بالتماشي مع فكرة تشريع وتقنين زواج الشواذ، والتي تمت قبلها بعام. ففي يونيو 2015، شرّعت المحكمة العليا الأمريكية تزويج الشواذ جنسيًا، في كل الولايات الأمريكية، رغم رفض الكنيسة الكاثوليكية لهذا التشريع الملزم، وهو الموقف القانوني الذي استُحضر في خضم التعاطي مع الحادث. ولكن كثير من الباحثين والمفكرين الإسلاميين حينها أنكروا هذه الجريمة بشكلٍ واسع، وبالذات علماء المهاجر الإسلامية في الغرب مدللين شرعًا وفقهًا وقانونًا على جرمها وإدانتها، حيث استخدم الحادث دعائيًا بقوة من قبل اليمين المتطرف وحملة ترامب. ومثل هذه الحوادث بحسب البعض هي مغذي رئيس لمشروع اليمين والمخابرات الغربية، فالعداء الثقافي يحتاج لإمداده بما يبرر قراراته المتطرفة بحق الأقليات المسلمة، أو يزيدها عنفًا ضد المسلمين من حكومات أو لوبيات ثقافية([14]).
وتأتي الخيارات المتطرفة عادةً كردة فعل على سياسات يمينية متطرفة مدفوعة بالإسلاموفوبيا، حيث إغلاق العديد من المساجد والمدارس الدينية، وهي حملات شبه ممنهجة ضمن أجندة معادية للمسلمين. فوفقًا لبعض التقارير حول حظر المدارس الإسلامية بالسويد، يرى البعض بأن إغلاق المدارس “ليس مرتبطًا بالتعليم، لكن بسبب المناخ السياسي المعادي للمسلمين”؛ إذ أن السياسيين الذين يُطبعون مع ظاهرة الإسلاموفوبيا ويجعلون الحياة أكثر صعوبةً بالنسبة للأقليات، يتحدثون فقط عن مشاكل مع المدارس الإسلامية بزعم “إيقاف التطرف”، وفي هذا السياق تم إغلاق نحو 20 مدرسة تُصنف نفسها على أنها إسلامية أو يملكها مسلمون([15]).
رابعًا- المواجهة المؤسسية والاحتجاجية والتشريعية:
على جانبٍ آخر، هناك مواجهة مؤسسية تقوم عليها المؤسسات الكبرى في العالم الإسلامي ومن ضمنها الأزهر الشريف، وقد صدر عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عدة بيانات مؤخرًا للحديث حول هذا الموضوع. على سبيل المثال، في ديسمبر ٢٠٢١، حذر المركز من المواد الإعلاميَّة التي تستهدف تطبيع الشذوذ الجنسي، وأكد على موقف الأزهر الثابت بأن الشذوذ الجنسي فاحشةٌ مُنكرَة، وانحلالٌ أخلاقي بغيض، ومخالفةٌ لتعاليم الأديان، وانتكاسٌ للفِطرة الإنسانية السَّوية، وإمعَانٌ في الماديِّةِ وتقديسِ الأهواء.([16]) كما وصف شيخ الأزهر، الدعوات لتقنين الشذوذ والتحول الجنسي بأنه غزو ثقافي غربي، ووصفه بـ”الغيوم السوداء الداكنة بدعاوى الحقوق والحريات”، وفق بيان للأزهر([17])، والذي لا شك أن له صداه وأثره كمرجعية بالنسبة للأقليات المسلمة في الغرب.
هناك أيضًا عدة أنشطة احتجاجية وتنسيقية قام بها نشطاء مسلمون ومؤسسات إسلامية مع تيارات محافظة وقادت لنتائج جيدة، على سبيل المثال وفي العام ٢٠٢٢، احتج العديد من أولياء الأمور في ولاية ماريلاند في اجتماعات مجلس إدارة المدرسة بسبب إطار التثقيف الصحي الذي تضمن مناقشات حول الهوية الجنسية في صفوف المستوى الابتدائي. كما كان هناك جهود لـ “ائتلاف الفضيلة”، وهي جماعة حقوقية تمثل المسلمين في الولايات المتحدة، بالتنسيق مع الجمهوريين للوقوف بوجه مساعي تدريس “منهج الجنس المثلي” بالمدارس الأمريكية. وكان المشرعون الجمهوريون قد اقترحوا، في أكتوبر ٢٠٢٢، قانونًا جديدًا يحظر على المدارس العامة تقديم دروس أو أدبيات للطلاب الصغار تناقش الهوية الجنسية والتوجه الجنسي والأفراد المتحولين جنسيًا. وعلى خلفية دعم جمعيات إسلامية لهذا التوجه الجمهوري، واجهوا اتهامات بتجنيدهم من قبل الجمهوريين ضد مجتمع المثليين والمتحولين، لا سيما فيما يتعلق بقضية التعليم الجنسي ضمن المناهج الدراسية، وقد رفض ممثلون عن المسلمين الأمريكيين هذه المزاعم موضحين بأن هذا موقف عقيدي([18]).
لكن بايدن اليميني الجمهوري نفسه، وقع في ١٣ ديسمبر ٢٠٢٢، قانونًا يحمي زواج المثليين في جميع أنحاء الولايات المتحدة([19]). ومنذ إلغاء المحكمة العليا للولايات المتحدة جميع حالات الحظر على زواج مثليين جنسيًا عام 2015، وإجازته في جميع الولايات الـ50، وطلبها من كل الولايات الاعتراف بتراخيص زواج المثليين من خارج الولايات، أصبحت قضايا الهويات الجنسية إحدى أهم القضايا التي تسبب خلافات حادة واستقطابًا بين الأمريكيين، خاصةً في ظل موقف التيارات المحافظة والأقلية المسلمة، من هنا جاء إصدار عشرات العلماء والنشطاء والخطباء المسلمين بيانًا في مايو ٢٠٢٣، يوضح موقف التعاليم الدينية الإسلامية من هذه التحديات، مع التأكيد على الحق في التعبير بحرية عن معتقداتهم الدينية، والاعتراف في الوقت نفسه بالالتزام الدستوري بالعيش بسلام مع أولئك الذين تختلف معتقداتهم عن معتقداتنا، وجاء عنوان البيان “اختلاف وجهات النظر: توضيح حول الأخلاق الجنسية والجندرية في الإسلام” شاملا يعرض من خلاله موقف التعاليم الإسلامية من قضية الممارسات والهويات الجنسية بالتمسك بالأسس الإسلامية، وبالحق الدستوري في التعبير عن هذه المعتقدات دون التعرض لضغوط وابتزازات “مجتمع الميم”.([20])
خامسًا- في المواجهة الشاملة.. العالم أكبر وأوسع من الغرب:
على الطرف الآخر من العالم، وبينما يسعى الغرب لعولمة ما يسميه “الحركة الدولية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية”، باعتبارها جزءًا من حركة اجتماعية عالمية أو موجة من موجات العولمة، نجد موقفًا روسيًا وصينيًا وآسيويًا أكثر تشددًا تجاه قضية المثلية الجنسية والتحول الجنسي والمنظمات الداعمة لهذه التوجهات.
على سبيل المثال، في الخامس من ديسمبر ٢٠٢٣ وجهت روسيا ضربةً مزدوجةً لمنظمات الشذوذ الجنسي، بعد أن سنت قانونًا جديدًا بحظر أنشطة هذه المنظمات على كافة الأراضي الروسية، وإدراجها ضمن قائمة المنظمات المتطرفة، في حلقةٍ جديدةٍ من مسلسل الحرب على ما تصفه روسيا بالتوجهات الجنسية غير التقليدية والمنافية للقيم الاجتماعية. ومنذ نهاية عام 2022، نجد أن روسيا فرضت مسؤولية إدارية وجنائية على “الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية، والولع الجنسي بالأطفال، وتغيير الجنس بين الأشخاص من كافة الأعمار”. وقبل ذلك، كان القانون يقتصر فقط على الدعاية للشذوذ بين القاصرين، وهو الأمر الذي لاقى صدى في بعض دول شرق ووسط أوروبا مع صعود حكومات محافظة، حيث عمل ناشطون في المجر على سن قوانين تحظر الدعاية للشذوذ في المدارس، مشيرين إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الروسية في تحصين المجتمع تشريعيًا ودعائيًا لمواجهة حملة الترويج للقيم غير التقليدية، أما في بولندا، ومع وصول المحافظين إلى السلطة، انخفض مستوى التسامح تجاه الشذوذ([21]).
ورغم أن الصين سحبت المثلية الجنسية من قائمتها للأمراض العقلية عام 2001، لكن لم تقل إنها ليست مرضًا عضويًا، ولا يزال هؤلاء معزولين ومنبوذين في المجتمع الصيني. وهناك عيادات طبية لـ “علاج مرض” المثلية الجنسية، وتعرض بعض العائلات الصينية أبناءها المثليين على عيادات طبية تعمل خارج القانون لـ “علاج” هؤلاء من “مرضهم”، بحسب اعتقادهم وفق تقارير غربية([22]). ومما تجدر الإشارة إليه على جانب آخر أن الصين تتوسع في المدارس الإلكترونية، وهو ما يُقدم لها إمكانية لحماية أقلياتها في الغرب، كما أنها تجربة يمكن للأقليات المسلمة الاستفادة منها.
خاتمة:
لقد ذهبت الدول الأوروبية والثقافة الغربية السائدة بعيدًا في دعم مسألة الشذوذ والتحول الجنسي والمسألة الجندرية في البحث عن أقصى حرية مطلقة ممكنة، ومحاولة تقنينها وجعلها أكثر من مجرد موضوعٍ في الجدل الخاص، بل أصبحت جزءًا هامًا من الجدل العام والهوية الجمعية لتلك المجتمعات، وأيدولوجيا ذات حيثية معتبرة تفرض نفسها على الإعلام والسياسة والثقافة والفن بشكلٍ لا يمكن تجاهله كتحدٍ كبير، ليس فقط للجاليات المسلمة في الغرب، بل للتيارات المحافظة في كافة الأديان، بل وحتى بالمجتمعات التي يغلب عليها اللادينية أو الإلحاد مثل الصين وغيرها، أو حتى المجتمعات المسيحية الأرثوذوكسية الشرقية كما في روسيا التي استعملت مناهضة الشذوذ والمثلية كجزء من أيديولوجيتها في مواجهة الأيديولوجيا الجنسانية المثلية الغربية في حرب روسيا وأوكرانيا.
على دول اللجوء والدول المستقبلة للمهاجرين مراجعة تناقضات السياسات التي تفرضها سواء في التعليم أو في الفضاء العام للتعامل مع مسألة الشذوذ الجنسي. وسيبقى الأمل في التيارات المحافظة في هذه البلدان كحجر الزاوية الأساسي في مواجهة محاولات فرض هذه القيم على تلك الدول، وربما يصبح على الجاليات المسلمة في تلك البلدان أن تقوم بالتنسيق والتشبيك مع التيارات المحافظة من مختلف الأديان والجاليات المهاجرة الأخرى من أجل ضمان الحق في التعليم من دون إقحام هذه الموضوعات الجنسية، على الأقل على طلاب المراحل التعليمية ما قبل الجامعية وفي مجمل النظام التعليمي بشكلٍ عام كحق أساسي يضمن ألا تفرض أقلية رأيها على الجميع.
لدى الجاليات المسلمة المقيمة في دول ذات نظام لا مركزي ولم تُدخل التشريعات الداعمة لحقوق المثليين في دساتيرها وقوانينها المركزية وتترك حرية الاختيار، لديهم فرص أكبر من أولئك الذين يعيشون في دول مركزية، حيث يمكن للفئة الأولى الهجرة إلى ولايات أقل تشددًا في فرض المسألة ضمن الإطار التعليمي، وتعزيز قدرة الأفراد والأسر على الاختيار الحر للمناهج والمدارس التي يُلحقون أبناءهم فيها.
هذا التحدي الجسيم لمجتمعات الأقليات المسلمة في الغرب يفرض على الدول المصدرة للمهاجرين واللاجئين أن تنسق معًا، سواء في الإطار العربي والإسلامي الرسمي أو غير الرسمي لاتخاذ موقف موحد يربط بين السماح للأقليات الأوروبية والغربية بممارسة شعائرها وطقوسها وحرياتها بالسماح للجاليات الإسلامية بنفس الأنشطة الدينية والتعليمية والثقافية، وهذا من داخل خطاب العلمانية الجوهري المنادي بحياد مؤسسات الدولة تجاه الأديان والمعتقدات والأفكار. هذا الإطار يسمح بنضالٍ قانوني وحقوقي وفكري مناهض لفرض المسألة كأيديولوجيا تفرضها الأقلية مما يسمى بـ “مجتمع الميم” على الأغلبية من بقية المجتمع المحافظ والمهاجرين.
ونؤكد إنه ولئن تداعت الأزمات والتحديات والهجمات على مجتمعات الأقلية المسلمة في الغرب، كما بقية الأمة وشعوبها، وإن بوتيرةٍ أعلى، فإن دورها يكمن في استغلال هامش سياق المؤسسات وحكم القانون والحرية والفضاء التقني والرقمي الذي لا يزال متاحًا بشكلٍ أكبر مما هو عليه في دول العالم الإسلامي نفسها، في محاولات الانعتاق من الاستضعاف وفي مقاومة الهجمات ومواجهة التحديات المختلفة عبر تطبيقات ومواقع تعليمية، وكذلك في فتح مساحات للبناء والتنمية في مجتمعات المهاجر كجزء من عالم المسلمين اليوم، أو حتى نقل ما أمكنها من أفكار تنموية وتقنيات مفيدة في حالة الهجرة العكسية، لكنها ليست حلا يمكن تبنيه عمومًا.
هوامش
([1]) بعد انضمام أستراليا.. ما هي الدول التي تسمح بزواج المثليين؟، موقع قناة دي دبليو عربية، بتاريخ ٧/١٢/٢٠١٧، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/48gAI7Q
([2]) Megyn Kelly Reacts to Leaked Videos of Disney Execs Talking LGBTQIA+ Issues and Kids, 30/03/2022, available at: https://bit.ly/41LozFl
([3]) عمر الشيخ، “تطبيع الشّذوذ” خطوٌ نحو الحرية أم ركض نحو العدمية؟!، مدونات الجزيرة، بتاريخ ٢/١٠/٢٠٢٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3tEyznl
([5]) الأمم المتحدة تطلق حملة “أحرار ومتساوون” لتعزيز حقوق المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، أخبار الأمم المتحدة، بتاريخ ٢٦/٧/٢٠١٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/47kcgAY
([6]) تدريس المثلية الجنسية في المدارس.. رعب وقلق يجتاحان الجالية العربية، موقع عرب لندن، بتاريخ ١٦/٧/٢٠١٩، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3TJvUmN
([7]) البابا فرانسيس: المثليون أبناء الرب ولهم الحق في تكوين أسرة، بي بي سي عربي، بتاريخ ٢١/١٠/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/4aBQbRt
([8]) تغيير جذري.. بابا الفاتيكان يوافق رسميا على مباركة “الأزواج المثليين”!، قناة روسيا اليوم، بتاريخ ١٨/١٢/٢٠١٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3S2A7kz
([9]) تحقيق بعنوان ““برعاية الشرطة”.. اختطاف أطفال المهاجرين لصالح عائلات سويدية تجني من ورائهم مبالغ طائلة، عربي بوست، بتاريخ ١/٢/٢٠٢٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/48y3mB1
([10]) على سبيل المثال يمكن مشاهدة فيديو اليوتيوبر الصحفية المصرية أسماء الشريف التي اضطرت لمغادرة السويد، بعنوان تركت السويد وعارفاكم هتفرحوا لي”،على قناتها على اليوتيوب بتاريخ ١٨/١١/٢٠٢٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/47iBJe3
([11]) التكنولوجيا في التعليم: من يضع شروط هذه الأداة؟، موقع اليونسكو، ٢٠٢٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3H8RGc5
([12]) مدارس تركية محتملة في ألمانيا وسط مخاوف من المسّ بالقيم، العربي الجديد، بتاريخ ١٩/١/٢٠٢٠، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/48iRF1g
([13]) عمر متين منفذ هجوم أورلاندو، الجزيرة نت، بتاريخ ١٣/٦/٢٠١٦، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3RJE7EY
([14]) مهنا الحبيل، مافيا الشذوذ.. انحطاط غربي واحتلال للضمير الإنساني، الجزيرة نت، بتاريخ ٢٠/٦/٢٠١٦، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/41JGLPW
([15]) بمزاعم الحد من التطرف.. السويد تحظر المدارس الإسلامية (تقرير)، وكالة الأناضول للأنباء، بتاريخ ٢٥/١١/٢٠٢٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3H0qTig
([16]) صفحة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على الفيس بوك، بتاريخ ٤/١٢/ ٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/47k3LWz
([17]) شيخ الأزهر: غزو ثقافي غربي لتقنين الشذوذ والتحول الجنسي، وكالة الأناضول للأنباء، بتاريخ ١٩/١٢/٢٠٢١، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3S22RcS
([18]) “منهج الجنس المثلي” بالمدارس الأمريكية يشعل الجدل.. وأصابع اتهام نحو المسلمين، موقع قناة روسيا اليوم، بتاريخ ٥/٧/٢٠٢٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/47pe6AC
([19]) بشّر به قبل 10 سنوات.. بايدن يصدر قانونا يحمي زواج المثليين، الجزيرة نت، بتاريخ ١٤/١٢/٢٠٢٢، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/48EmNs4
([20])محمد المنشاوي، نشطاء المسلمين الأميركيين يوضحون موقف الإسلام من “المثلية الجنسية”، الجزيرة نت، بتاريخ ٢٨/٥/٢٠٢٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3NKclag
([21]) فهيم الصوراني، روسيا تواصل مطاردة الشذوذ وتحظر “الحركة الدولية للمثليين”، الجزيرة نت، بتاريخ ٥/١٢/٢٠٢٣، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3S304R0
([22]) الصين: عيادات طبية لـ”علاج مرض” المثلية الجنسية، قناة فرانس ٢٤، بتاريخ ٢٧/٩/٢٠١٦، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3ttHmIP
- نُشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات- العد الثاني والثلاثون- يناير 2023