السياسات الأوروبية في ساحل الصحراء ما بين الإرث الاستعماري وأمن الاتحاد الأوروبي (مالي والسودان نموذجًا)

مقدمة:

تعتبر منطقة ساحل الصحراء أكثر المناطق الأفريقية هشاشة في مواجهة تحديات الأمن السياسي والإنساني مما ساعد في استمرار نفوذ الدول الأوروبية بل وتدخلها العسكري في شؤون دول منطقة الساحل، فمن الناحية الجغرافية يتكون الساحل من جميع الدول الواقعة على الشريط الساحلي الذي يفصل بين شمال القارة وجنوبها، ويمتد الساحل على طول 5900 كيلومتر من المحيط الأطلسي في الغرب (موريتانيا) إلى البحر الأحمر في الشرق (إرتريا)، وذلك في شكل حزام يتراوح عرضه من عدَّة مئات إلى ألف كيلومتر. وقبل الاستعمار سيطرت الإمبراطوريات الإسلامية على الساحل وكانت حلقة الوصل بين شمال وجنوب القارة.

وداخل منطقة الساحل، ساهم نهر النيجر في تشكيل التفاعلات المجتمعية والسياسية في الصحراء المحيطة به، ففي الخرائط القديمة عرف بأنه نيل السودان لأنه حلقة الوصل بين مناطق غرب القارة ومصر وعرفت مالي الواقعة في غرب نهر النيجر بالسودان الغربي، كما أن فرنسا رسمت سياستها الاستعمارية في القرن التاسع عشر من خلال السيطرة على المناطق المحيطة لنهر النيجر. وحاليًّا لا يعتبر الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية منطقةَ ساحل الصحراء منطقة جغرافية واحدة مترابطة، وإنما يتمُّ تقسيمها تأثرًا بالإرث الاستعماري، فمنطقة غرب الساحل هي منطقة النفوذ الفرنسي بينما يتعدَّد الفاعلون الأوروبيون والإقليميون في شرق الساحل الذي يعدُّ جزءًا من القرن الأفريقي.

تواجه منطقة الساحل سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية لا سيما انعدام الأمن الذي يغذِّيه كلٌّ من تصاعد أنشطة الجماعات الإسلامية المسلحة، والانقلابات العسكرية، وعدم قدرة سلطات الدول على السيطرة على الأراضي الصحراوية الشاسعة، إضافة لذلك تتدخَّل العوامل البيئية في تعريف مدى تمتُّع المنطقة بالأمن؛ حيث تتزايد موجات الجفاف التي تؤثِّر على المجتمعات الرعوية في الساحل، وتساهم في اشتعال الصراعات الداخلية بينهم وبين المجتمعات الزراعية المقيمة على أطراف حزام الساحل.

ونتيجة لهذه الأزمات، جدَّدت الدول الأوروبية رؤيتَها في السيطرة على منطقة الساحل من خلال التأكيد على ضرورة التدخُّل في أزمات الساحل لمنع وصول التهديدات الناتجة عن تلك الأزمات إلى القارة الأوروبية مع استمرار استغلالها لموارد الساحل خاصة التعدينية منها، إلا أن السياسات الأوروبية تتنافس فيما بينها ولم تستطع تحقيق أهدافها.

سيتناول هذا التقرير الإجابة على الأسئلة التالية: كيف يعدُّ الساحل الأفريقي منطقةَ تنافس بين الدول الأوروبية؟ وكيف ينعكس ذلك على أدوات التدخُّل؟ وما مدى التنسيق بين الجماعة الأوروبية والقوى الإقليمية الأخرى؟ وذلك في إطار التحولات السياسية والثورية في مالي والسودان.

أولًا- الأوضاع السياسية والأمنية في مالي والسودان

رغم أن كلًّا من مالي والسودان تشهدان عدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي إلَّا أن العوامل المؤثِّرة في ذلك تختلف بينهما. فطبيعة الاستعمار الفرنسي في غرب القارة كانت له تبعاته على العلاقات المدنية – العسكرية بعد الاستقلال، حيث أضعف أسلوب الحكم المركزي الفرنسي للمستعمرات تطور القوى المدنية وقدرتها على تولِّي أمور الحكم مما سمح بزيادة التدخُّلات العسكرية من خلال توالي الانقلابات سواء على الحكومات العسكرية أو المدنية. بينما في شرق القارة كوَّن الاستعمار الأوروبي (ألمانيا وإيطاليا ثم بريطانيا) ترتيبات مع قوى إقليمية ذات رغبات توسُّعية مثل (إثيوبيا، ومصر، وعُمان “آل سعيد”) مما جعل وتيرة الانقلابات العسكرية في المنطقة أقل من غرب القارة في مقابل تعدُّد القوى المدنية التي تصارعت على أسس هُوياتية (إثنية ودينية). هذا الإرث الاستعماري والتفاعلات السياسية ما بعد الاستقلال ما زالت تؤثر على مظاهر الأوضاع السياسية والأمنية في مالي والسودان.

  • الانقلابات العسكرية والجماعات الإرهابية في مالي

تاريخيًّا تعدُّ مالي مركزًا للإمبراطوريات الإسلامية التي تأسَّست في غرب القارة وبالتالي يتأصَّل فيها الإرث الإسلامي بأبعاده الثقافية والسياسية فتتعدَّد فيها المراكز الإسلامية مثل تمبكتو وجاو. ورغم حصول مالي على الاستقلال في 1960 استمرَّ التدخُّل الفرنسي ليس فقط من خلال الهيمنة الاقتصادية والمالية على مستعمراته السابقة في القارة ومن ضمنها مالي ولكن في التدخُّل العسكري المباشر في البلاد 2013 لمواجهة التنظيمات الإرهابية[1].

يمثل عدم الاستقرار السياسي الداخلي أحد العوامل المساعدة على تركُّز التنظيمات الإرهابية في مالي، حيث شهدت البلاد منذ استقلالها سلسلة من الانقلابات العسكرية بعضها كان نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد، وبالتالي فشل الدولة في تلبية احتياجات المواطنين (مثل انقلاب 1968 بقيادة موسى تراوري)، والبعض الآخر كان انعكاسًا لتصارع القوى داخل الجيش على الحكم وفي القتال مع التنظيمات الإرهابية (مثل انقلاب أمادو هايا سانوغو في 2012 وانقلابات 2020 و2021 بقيادة أسيمي غويتا). فقد انتهزت الجماعات الإرهابية الفرصة خلال الانقلاب العسكري في مارس 2012 للسيطرة على الأقاليم الشمالية والتوجُّه نحو العاصمة باماكو. فأطلقت الحكومة الانتقالية -في حينه- نداء من أجل إنقاذ البلاد من الجماعات الإرهابية بسلاحها وقوتها البشرية. ولكن قدرات القوات المسلحة محدودة ومنقسمة بسبب الموقف من الانقلاب العسكري؛ حيث تبنَّت مجموعة من الجيش موقفًا مضادًّا للانقلاب ممَّا أدَّى للصراع داخل الجيش ونتج عن ذلك فقدان سيطرة الدولة على الحدود وبالتالي دخول التنظيمات الإرهابية للبلاد[2].

 

 

جدول (1): التطورات السياسي في مالي من الاستقلال في 1960

 

استقلال من الاستعمار الفرنسي وتولي “موديبو كيتا” رئاسة البلاد. 1960
انقلاب عسكري بقيادة “موسى تراوري”. 1968
انقلاب عسكري بقيادة “أمادو توماني توري”، الملقب بجندي الديمقراطية. 1991
انتخاب “ألفا عمر كوناري” كأول رئيس منتخب. 1992
عودة “أمادو توماني توري” للحكم من خلال الانتخابات. 2002
انقلاب عسكري بقيادة “أمادو هايا سانوغو”. 2012
فوز إبراهيم بوبكر كيتا بالانتخابات. 2013
انقلاب عسكري بقيادة  “أسيمي غويتا” 2020
انقلاب عسكري على رئيس الفترة الانتقالية “باه انداو” بقيادة “أسيمي غويتا”. 2021

 

ومن الدوافع الخارجية التي ساهمت في تصاعد الجماعات الإرهابية انتقال الشبكات الإرهابية المنتشرة في بلاد شمال أفريقيا إلى المناطق الشمالية لمالي، مثل توسع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في نهاية عام 2012 بعد إضعافها في الجزائر، وكذلك اتجه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى مالي بقيادة “أبو وليد الصحراوي” بعد هزيمتها في العراق وسوريا. ويرى مراقبون أن مالي قد تصبح أرض الجيل الثالث لتنظيم “القاعدة” بحيث باتت تكوِّن “أفغانستان جديدة” مما يمثل تهديدًا على استقرار منطقة الساحل بأكملها. هذا بالإضافة إلى تغلغل تنظيمات إرهابية محلية ذات صلة بـ “القاعدة” و”داعش” وهذا أدَّى إلى انتقال العمليات الإرهابية إلى وسط البلاد وليس التركُّز فقط في مناطق الشمال، بالإضافة إلى اندلاع الصراعات بين الإثنيات في البلاد ما بين الطوارق والعرب، والفلاتة والبمبارا على سبيل المثال[3].

أثارت هذه التطورات –الانقلابات العسكرية وانتشار التنظيمات الإرهابية- خوف المجتمع الدولي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) وكذلك الاتحاد الأفريقي، فكان أمامهم اختيار وحيد هو الحرب ضد الإرهابيين وإعادة السيطرة للحكومة المالية[4]. ولتحقيق ذلك جاء التدخُّل العسكري الأجنبي لإنقاذ مالي بعدما سيطرت التنظيمات الإرهابية تمامًا على المنطقة الشمالية للبلاد وعلى بعض المدن في الوسط. وفي إطار ذلك قرَّرت فرنسا التدخُّل عسكريًّا بناءً على طلب الحكومة الانتقالية 2012-2013، ومن ثم بدأت التدخُّل العسكري بالعملية (سيرفال – Serval) بعد إصدار القرار 2085 من الأمم المتحدة الذي يسمح لها بالتدخُّل في مالي. وعلى الجانب الآخر قامت قوات الإيكواس بالتدخُّل البري بالتعاون مع الجيش المالي تحت غطاء جوي كثيف من فرنسا، وهدف هذا التدخُّل ضد التنظيمات الإرهابية التي سيطرت على ثلثي أراضي دولة مالي إلى إيقاف زحف المجموعات الإرهابية نحو الجنوب والحفاظ على وحدة الدولة وسيطرة الحكومة المالية، والتحضير لنشر قوة التدخُّل الأفريقية المرخَّص لها بموجب قرار مجلس الأمن، لكن هذه الأهداف لم تتحقَّق كلُّها. حيث اندلعت في 2020 المظاهرات الشعبية ضد الرئيس المنتخب “إبراهيم بوبكر كيتا” لسوء إدارته وفساده، فقام الجيش بالانقلاب عليه في أغسطس 2020 مما ساهم في مزيد من تدهور الأوضاع الأمنية وتوسُّع العمليات الإرهابية في جميع أنحاء البلاد. ولم يقف الجيش عند هذا الحد، فجاء انقلاب آخر على الحكومة الانتقالية في 2021 بقيادة كولونيل “أسيمي غويتا” ومجموعته التي اشتركت في الانقلاب السابق.

نتيجة لهذه الانقلابات العسكرية قرَّرت “الإيكواس” فرض عقوبات صارمة على مالي: إغلاق حدود دول الجوار مع مالي، وتجميد أرصدتها لدى المصارف، ومنع التحويلات البنكية، وسحب كافة الدبلوماسيِّين، وإلغاء كافة أشكال التعاون معها، كذلك المساعدات المالية باستثناء الأدوية والمواد الغذائية، بالإضافة إلى قرارات انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية من مالي[5].

  • الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية في السودان

شهدت السودان منذ استقلالها في 1956 موجات من الثورات والانقلابات العسكرية المتشابكة كان فيها صراع الهوية الإثنية والدينية كاشفًا لعدم عدالة توزيع عوائد الموارد الطبيعية وأيضًا المناصب السياسية بين المركز (منطقة النيلين) والأطراف (مناطق الشرق وجبال النوبة وكردفان) وبين الشمال وجنوبه. وقد تجلَّى ذلك في عدم استمرار فترات الحكومات المدنية في السودان، فاختلفت القوى المدنية حول تحديد هوية الدولة ما بين شمالية عربية إسلامية أو متعدِّدة العرقيات تشمل الإثنيات المختلفة خاصة في غرب وجنوب السودان. وقد اعتمد نظام “عمر البشير” قبل سقوطه في أبريل 2019 على الزبونية السياسية والتي عرفت بسياسة التمكين، التي هدف منها أن يسيطر الموالون له على أجهزة الدولة، وكذلك على المؤسَّسات الممثِّلة للمجتمع مثل النقابات ولجان الأحياء. كذلك أدار “البشير” الصراعات الداخلية بآليات الولاء والتمكين من خلال تشكيل مراكز قوى أمنية وعسكرية متعددة مثل: جهاز المخابرات والأمن الوطني والجنجويد والتي تنافست فيما بينها وذلك كآلية لحماية نفسه ونظامه من الانقلابات العسكرية والفصائل المسلحة في الأقاليم التي تشهد صراعات[6].

إن سياسة نظام الإنقاذ الداخلية (التمكين والحرب في دارفور وقبلها جنوب السودان) والخارجية (تبني موقف معاد للولايات المتحدة في حرب الكويت 1991 والتورط في تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في 1998 وأحداث 11 سبتمبر 2011) استعدى الدول الأوروبية والولايات المتحدة ضد السودان ووضعها في عزلة دولية وأصبح البشير “مجرم حرب” مطلوبًا لدى المحكمة الجنائية الدولية[7].

 

 

جدول (2): التطورات السياسية في السودان منذ الاستقلال 1956

 

1956 استقلال السودان، وتولي البلاد حكومة مدنية برئاسة إسماعيل الأزهري
1958 انقلاب عسكري بقيادة إبراهيم عبود
1964 ثورة أكتوبر وتولي حكومة انتقالية مدنية
1969 انقلاب عسكري بقيادة جعفر النميري
1985 ثورة أبريل، وتشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد برئاسة عبد الرحمن سوار الذهب
1986 تولي الصادق المهدي الحكومة
1989 انقلاب عسكري بقيادة عمر حسن البشير وسيطرة نظام الإنقاذ
2018 ثورة ديسمبر وسقوط البشير
2019 اتفاق مشاركة السلطة بين العسكريين والمدنيين
2021 أكتوبر، إقالة رئيس مجلس الوزراء “حمدوك” من قبل رئيس المجلس السيادي “عبد الفتاح البرهان”
2021 نوفمبر، عودة “حمدوك” لرئاسة مجلس الوزراء وتوقيع الميثاق الوطني
2022 يناير، استقالة “حمدوك ” وسيطرة مجلس السيادة الانتقالي على الحكم منفردًا

 

وعليه فإن سياسات البشير الداخلية والخارجية كانت من الأسباب المحركة لحالة السخط الشعبي واستمرار الانتفاضات الشعبية ضده. في البداية تمحورت المطالب الشعبية حول تحسين الوضع الاقتصادي حيث أدَّى انفصال جنوب السودان إلى إضعاف علاقات الزبونية داخليًّا. فتبع الانفصال رفع الدعم عن الوقود والسلع الأساسية والدواء مما دفع إلى الانتفاضات الشعبية والعصيان المدني في 2013 و2016 مع استمرار استخدام العنف ضد المتظاهرين بجانب تقييد حرية الصحافة في2017[8]. أدَّت هذه التراكمات من العنف الهيكلي إلى المطالبة بإسقاط النظام بأكمله، وهو ما حدث في ثورة ديسمبر 2018 وترديد شعار (تسقط بس) و (حرية.. سلام.. عدالة).

سقط نظام البشير في البداية من خلال انقلاب عسكري في أبريل 2019 أعلن فيه وزير الدفاع “عوض محمد أحمد بن عوف” تولي مجلس عسكري انتقالي السلطة لمدة عامين؛ ولكن هذا لم يوقف المظاهرات التي رأت أن تولِّي وزير الدفاع لا يعني سقوط نظام البشير، وبالتالي استمرت المظاهرات مستدعية من الذاكرة الجمعية ثورة أبريل 1985 ضد نظام جعفر النميري، وتحوَّلت المظاهرات إلى اعتصام أمام القيادة العامة للجيش، وتمَّ استبدال “عبد الفتاح البرهان” بوزير الدفاع “عوض بن عوف”، وأثناء الاعتصام استمرت المفاوضات بين الطرف العسكري و المدنيين ممثلين في “قوى الحرية والتغير” وصولًا إلى توافق من حيث المبدأ على تشكيل مجلس عسكري–مدني لتولِّي الفترة الانتقالية. ولكن مماطلة المجلس العسكري في تشكيل المجلس مع تزايد استخدام العنف من قبل الأجهزة الأمنية والتي بلغت ذروتها في فض الاعتصام السلمي أمام القيادة العامة في يونيو 2019 أدَّى إلى تدخُّل أطراف إقليمية ممثلة في إثيوبيا والاتحاد الأفريقي إلى أن تمَّ الاتفاق في 5 يوليو 2019 على تشكيل مجلس سيادي يتولَّى شؤون البلاد لمدة 39 شهرًا ويشمل ستة أعضاء من الجانب المدني وخمسة من العسكريِّين على أن يتم اختيار رئيس المجلس بتوافق الطرفين، فكانت رئاسة المجلس السيادي لـ”عبد الفتاح برهان” خاصة وأنه لا يحظى لدى ذاكرة الشعب حينها بسمعة سيئة[9]. وتشكَّلت الحكومة الأولى بعد الثورة برئاسة “عبد الله حمدوك”، ولإعادة ترتيب المشهد الداخلي وتفكيك نظام الإنقاذ هدفت حكومة “حمدوك” الأولى إلى تجسير العلاقة بين المركز والأطراف وإنهاء حالة الصراع المسلَّح مع مناطق الأطراف، فتمَّت مفاوضات مع الجماعات المسلحة حول القضايا الأمنية الشاملة ونزع السلاح وتنسيق عمل القوات الأمنية، والقضايا السياسية المتعلقة بمشاركتهم في السلطة في إطار التأكيد على أن السودان دولة فيدرالية، وضرورة عدالة توزيع موارد الدولة وتم تأطير ذلك في اتفاق جوبا للسلام (أكتوبر 2020)[10]. وكنتيجة للاتفاق تم حلُّ الحكومة وتشكَّلت حكومة “حمدوك” الثانية في أكتوبر 2021 لتشمل ممثلي من مناطق الأطراف، كما تم إضافة ثلاثة من قادة الحركات إلى المجلس السيادي. وعلى المستوى الخارجي كانت ضرورة التخلص من العزلة الدولية محددًا في تحركات الحكومة الانتقالية. فسعى “حمدوك” حثيثًا -كجزء من برنامج حكومته الأولى- إلى إنهاء العزلة الدولية وبخاصة من منظور اقتصادي من خلال إزالة العقوبات ورفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب وتطبيق سياسات تحررية اقتصادية وتم ذلك في ديسمبر 2020.

إلَّا أن الصراع بين المكونيْن المدني والعسكري استمرَّ في ظل حالة من عدم الرضاء الشعبي عن الأوضاع الاقتصادية والاختلاف السياسي مع قرب انتهاء الفترة الانتقالية وضرورة الاتفاق على ترتيبات تشكيل المجلس التشريعي وما يرتبط به من إجراء الانتخابات فظهرت الانشقاقات بين القوى المدنية[11]. وقد استغلَّ المكوِّن العسكري هذه الخلافات فتمَّ إقالة “حمدوك” وحكومته في 25 أكتوبر 2021 من قبل رئيس المجلس السيادي “عبد الفتاح البرهان”. وإلقاء القبض على عدد من أعضاء مجلس الوزراء وبعض الأعضاء المدنيين في مجلس السيادة وتحديد إقامتهم، ثم بعد مشاورات سياسية ورفض دولي واستمرار المظاهرات اليومية تحت تنظيم وتنسيق لجان المقاومة[12] وما صاحبها من استخدام العنف من الأجهزة الأمنية، عاد “حمدوك” لرئاسة الحكومة في 21 نوفمبر 2021 في إطار اتفاق الميثاق الوطني مبررًا عودته برأب الصدع السياسي وحفاظًا على دماء المتظاهرين. ولكن خلال شهرين استقال حمدوك في يناير 2022 نتيجة لاستمرار الخلاف مع الطرف العسكري وتعقُّد التفاعلات مع القوى السياسية في أقاليم الأطراف (شرق السودان ودارفور)[13]. وما زال مجلس السيادة الانتقالي بقيادة العسكريِّين يدير الدولة بحكومة مؤقَّتة وتظل المظاهرات مستمرة يوميًّا.

ثانيًا- الاستراتيجيات الأوروبية تجاه الساحل الأفريقي

مع تعقُّد أسباب عدم الاستقرار السياسي والأمني في مالي والسودان، كانت السياسات الأوروبية سواء في شرق أو غرب الساحل تهدف إلى تحقيق الأمن الأوروبي المتمثل في منع “تصدير الإرهاب” والمهاجرين إلى أوروبا مع الحفاظ على المصالح الاقتصادية (خاصة السيطرة على القطاع الاستخراجي والمالي).

حيث تهدف كل السياسات والاستراتيجيات الأوروبية إلى منع الهجمات الإرهابية التي يمكن أن تُرتكب على أراضي الاتحاد الأوروبي نتيجة للتدهور الأمني في منطقة الساحل الأفريقي، بالإضافة إلى الحدِّ من وقف تهريب المخدرات وأي شكل آخر من أشكال الاتجار غير المشروع إلى أوروبا، ويصاحب ذلك العمل على تزويد المنطقة بوسائل الاتصالات من طرق وخطوط أنابيب الوقود والغاز التي تعبر منطقة الساحل من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب تيسيرًا لوصول الوقود والغاز الطبيعي إلى الأراضي الأوروبية وإرساء الأسس اللازمة للتجارة والاستثمار في الاتحاد الأوروبي. فالرؤية الأوروبية التي تهدف إلى تحسين الأمن والتنمية في منطقة الساحل لها آثارها المباشرة على حالة الأمن الداخلي في الاتحاد الأوروبي، لذلك من المهم ضمان وتعزيز الاتساق والتكامل بين الجوانب الداخلية والخارجية لأمن الاتحاد الأوروبي[14].

ففي إطار مبدأ “بناء الأمن في جوارنا” المحدد الأساسي لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، والذي يهدف إلى ربط معادلة بناء الأمن الأوروبي في مقابل الاستقرار الداخلي[15]، قدَّم الاتحاد الأوروبي الدعم إلى منطقة الساحل من خلال “مرفق السلام الأفريقي” والتدريب العسكري وبعثة الاستشارات الاستراتيجية (EU Training Mission ‘EUTM’) التي وُجِّهت في البداية إلى مالي ثم تمَّ توسيع النطاق الجغرافي لبعثة الاتحاد الأوروبي ليشمل بوركينا فاسو والنيجر وذلك بعد قيام التنظيمات الإرهابية باعتداءات في الدول المجاورة لمالي[16].

وتماشيًا مع مفهوم الأمن الإنساني، يتبنَّى الاتحاد الأوروبي استراتيجية “الأمن والتنمية في منطقة الساحل” والتي تهدف إلى الحدِّ من انعدام الأمن وتحسين التنمية في منطقة الساحل من خلال تمويل مشروعات وبرامج عن الحوكمة وتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولا سيما لصالح السكان المحليين المعرَّضين للخطر في هذه البلدان[17]، حيث تمَّ التأكيد على الربط ما بين الأمني والتنموي في “خطة عمل شراكة الساحل لعام 2019” التي أعلنها الاتحاد الأوروبي تجاه منطقة الساحل[18]. ورغم تعدُّد الترتبيات الدولية في مالي وجمعها ما بين الأمن بمفهومه التقليدي والواسع، إلا أن التقارير تفيد عدم نجاح هذه الترتبيات في تحقيق أهدافها؛ صحيح أن القوات الفرنسية والدولية تمكَّنت من إبعاد التنظيمات الإرهابية من السيطرة على العاصمة والحكومة المركزية، ولكن لم يحدث تداول للسلطة وفقًا لعملية انتخابية وتعثُّر جلسات الحوار الوطني بل حدث انقلاب داخلي نتيجة لتنافس وتصارع القوى داخل الجيش، واستمرار الهجمات والعنف ضدَّ المدنيين في القرى وبالتالي لم تتحقَّق سيادة القانون أو حماية حقوق المدنيين كما هو مخطَّط له في البرامج الأمنية والتنموية المتعدِّدة المطبَّقة في مالي[19].

وعلى الصعيد السوداني تمَّ تأطير العلاقة أيضًا من منظور الأمن والاستقرار في منطقة شرق ووسط أفريقيا نتيجة للصراعات المسلحة، فعلى سبيل المثال تم توقيع اتفاقية في مارس 2018 مع نظام البشير -رغم العزلة الدولية- للتعاون في مكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي واليمن[20]. ثم بعد ثورة ديسمبر 2018 أكَّد الاتحاد الأوروبي ودوله منفردة على دعم عملية التحول الديمقراطي من خلال الرعاية السياسية للمفاوضات بين المكونين العسكري والمدني وتقديم الدعم الاقتصادي. ولكن تظل مواجهة الهجرة غير الشرعية هي الاستراتيجة الأساسية للاتحاد الأوروبي في السودان. ففي 2014 أطلق الاتحاد الأوروبي “عملية الخرطوم”، وتتمثل أهدافها في خلق تعاون بين الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية وبخاصة دول القرن الأفريقي ودول المعبر لشواطئ البحر المتوسط حول سياسات الهجرة والاتجار في البشر على أن يتم تخطيط مشروعات ومراكز لتبادل المعلومات وبناء قدرات الأجهزة الأمنية، وتبعها “خطة عمل فاليتا في 2015” لمراقبة تنفيذ عملية الخرطوم[21]؛ وقد ساهم هذا التعاون في تخفيف العزلة الدولية عن البشير وتدعيم أجهزته الأمنية التي تقوم بمهمة تتبُّع شبكات الهجرة، أما ما بعد الثورة استخدمت الهجرة كورقة ضغط من قبل المكون العسكري ممثلًا في “محمد حمدان دقلو (حميدتي)” لترسيخ نفوذه والحصول على الدعم الأوروبي[22].

ثالثًا- سياسات بعض الدول الأوروبية في منطقة الساحل

بجانب انقسام منطقة ساحل الصحراء في الرؤية الأوروبية ما بين غرب الساحل والقرن الأفريقي، تنقسم الدول الأوروبية في إدارة مصالح الاتحاد الأوروبي كجماعة موحدة. فبجانب تواجد الاتحاد الأوروبي في كل من مالي والسودان إلا أن فرنسا تقود المصالح الأوروبية في مالي بينما في السودان يتعدد الفاعلون الأوروبيون ما بين النرويج وألمانيا وبقية الدول الأوروبية.

  • القيادة الفرنسية في مالي

منطقة غرب الساحل هي منطقة النفوذ الفرنسي منذ تقسيم القارة في مؤتمر برلين 1884، ورغم استقلال الدول، إلا أن فرنسا تهيمن على اقتصاد هذه الدول من خلال استغلال مواردها الطبيعية وربط النظم المالية بالاقتصاد الفرنسي. ويرجع استمرار النفوذ الفرنسي إلى نجاحها في حشد القوى الدولية لتكون حليفة وغير مناوئة لسياستها في الساحل، كما أن هدفيْ محاربة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية تتَّفق فيه الدول الأوروبية؛ لذلك استطاعت فرنسا أن تحمي نفوذها في منطقة الساحل بتبني أهداف أوروبية ولعب دور القائد الواعي بتاريخ وتفاعلات المنطقة. ولهذا تعتبر فرنسا ممثلًا أساسيًّا للاتحاد الأوروبي في مالي، فقد دعمت إنشاء البعثتين المدنيَّتين في مالي والنيجر فضلًا عن بعثة الاتحاد الأوروبي العسكرية للمساهمة في تدريب القوات المسلحة المالية، بالإضافة إلى الدور الدبلوماسي لحشْد القوى والمنظمات الدولية لتوفير الدعم المادي للمنطقة.

كان هدف التدخُّل العسكري الفرنسي في 2013 مواجهة زحف مقاتلي حركتي التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة أنصار الدين جنوبًا نحو العاصمة باماكو. فوصول التنظيمات الإرهابية لمالي يحمل انعكاسات خطيرة في عدَّة اتجاهات، أبرزها تهديد المصالح الاقتصادية الفرنسية والأوروبية حيث تتمتَّع مالي والنيجر وموريتانيا والجزائر وكوت ديفوار بالموارد التعدينية[23]. كما أن فرنسا فهمت لعبة الدومينو التي تلعبها الجماعات الإرهابية في مالي: فإن سقطت مالي في أيديها ستسقط دول أخرى عاجلًا أو آجلًا، ولا ريب في أن التخوُّف من استقرار الجماعات الإرهابية في الساحل لوقت طويل يشكل هاجسًا أمنيًّا لأوروبا بشكل عام. لذلك قرَّرت فرنسا خلق قوة عسكرية في 2014 أطلق عليها اسم “قوات البرخان” (Force Barkhane) تتشكَّل من أكثر من 3000 جندي فرنسي، وتقع قيادتها في تشاد، وذلك من أجل محاربة الجماعات الإرهابية والتخلص منها، وبدأت قوات “البرخان” أعمالها الميدانية في مالي وبوركينا فاسو من خلال دعم ومساعدة قوات دول الساحل الخمس (مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا G5 Sahel) لمحاربة الجماعات الإرهابية، والجرائم العابرة للحدود كتجارة السلاح والمخدرات ومهربي البشر عبر الشريط الساحلي[24]. وتتعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في كثير من المجالات التنموية ومكافحة الإرهاب خاصة في ظل تحدِّي محدودية التمويل[25]، ومع هذا استطاعت فرنسا توفير 414 مليون يورو من خلال حشد الدول الأوروبية في مؤتمر بروكسل في 2018[26].

على الرغم من كل هذه الجهود لمكافحة الإرهاب في مالي، لا تزال الهجمات الإرهابية مستمرة ليس فقط في الشمال، ولكن أيضًا في وسط البلاد وحتى في العاصمة، ففي شهر يوليو 2021 أعلن الرئيس الفرنسي “ماكرون” إنهاء عملية “برخان” في الساحل رغم أن فرنسا كانت تسعى لاستبدال عملية “تاكوبا” بقوات “برخان” والتي تضم مجموعات من القوات الخاصة الأوروبية لذات الهدف، ولكن نتيجة لتوتر العلاقات بين السلطات المالية والفرنسية وثبوت خسائر بشرية وانتهاكات حقوق إنسان وأيضًا اقتناع الحكومة الانتقالية في مالي بأن القوات الفرنسية تدعم الجماعات الإرهابية ذاتها من خلال علاقتها بالحركة الانفصالية في كيدال في شمال مالي، فقد دفع هذا إلى تزايد الرفض الشعبي للوجود الفرنسي بجانب غياب التمويل المستمر والانتقاد الشعبي في الداخل الفرنسي عن جدوى العمليات العسكرية في مالي. وعليه أعلنت فرنسا والدول المشاركة في قوات التدخُّل إنهاء علميتي “تاكوبا” و”برخان” من مالي[27] خلال أربعة لستة أشهر. هذا الانسحاب الأمني متوقَّع أن يؤثِّر على النفوذ الأمني لا الاقتصادي في العلاقات الفرنسية-المالية، فالاقتصاد ما زال مرتبطًا بالنظام الفرنسي ولكن ستفقد القوات المالية التكنولوجيا العسكرية، مثل الطائرات بدون طيار التي تستخدم في تتبُّع التنظيمات الإرهابية، كذلك لم يتمَّ التنسيق حول إعادة الانتشار الأمني للقوات المالية بعد انسحاب القوات الدولية[28].

  • تعدُّد الفاعلين في السودان

على النقيض من غرب الساحل تبدو النرويج في واجهة الدول الأوروبية فيما يتعلَّق بشؤون السودان من خلال تشكيل مجموعة دول الترويكا والتي تضم النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن دول الترويكا ليست ممثلة لسياسة الاتحاد الأوروبي. وتشكَّلت هذه المجموعة عام 2000 كمساحة بديلة ومصغَّرة للدول الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة مفاوضات السلام بين حكومة السودان والجيش الشعبي الممثل لجنوب السودان، وذلك في وقت تزايدت وتضاربت فيه مصالح الدول الخارجية (الدولية والإقليمية) والمحلية في التوافق على بنود السلام بين الدولتين. وبالتالي فإن مصالح دول الترويكا شملت أهدافًا تنموية، والتي قادتها النرويج من منطلق ديني تمثَّل في الدور النشط لمؤسَّسات الإغاثة المسيحية في جنوب السودان، ثم أعيد صياغتها تحت الحوكمة العالمية والتنمية، وبريطانيا بحكم الصلة الاستعمارية مع السودان، والولايات المتحدة بحكم مصالحها الخاصة بمواجهة الإرهاب، ولم تفضِّل النرويج انخراط بقية الدول في المجموعة لضمان سرية وفعالية الدور المفاوض[29]، وبعد انفصال جنوب السودان في 2011 استمرَّ عمل المجموعة وقامت بتوجيه الانتقادات لسياسات البشير الداخلية[30].

وعلى الرغم من انفصال جنوب السودان وبالتالي زوال الدافع المباشر لتحالف دول الترويكا، إلا أنهم استمرُّوا مراقبين للأوضاع السياسية والأمنية في السودان وجنوب السودان. فدائمًا ما كانت توجِّه دول الترويكا النقد لسياسات البشير في إدارة الصراع في غرب السودان وكذلك عدم نزاهة العمليات الانتخابية أثناء فترة حكم البشير[31]. ومع الثورة  عكست بيانات الترويكا المتابعة الدقيقة للأحداث في السودان ليس فقط على مستوى التغيُّرات الكبرى مثل اتفاق جوبا أو انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021، ولكن أيضًا استمرَّت في إصدار بيانات عن الاعتصامات والاعتقالات السياسية. ومع الاتحاد الأوروبي عبَّر بيان الترويكا عن استيائه من استقالة “حمدوك” في يناير 2022 كون ذلك مؤشرًا على عرقلة المشاركة في السلطة وعملية التحول الديمقراطي، والإعلان صراحة بأنهم لن يؤيِّدوا تشكيل حكومة غير مدنية، وكذلك التلميح بربط ذلك بالدعم الاقتصادي الموجَّه من دول الترويكا والاتحاد الأوروبي للسودان[32].

وفي إطار التنافس بين القوى الأوروبية فيما بينها على مناطق النفوذ في القارة الأفريقية، وعلى الرغم من استمرار حضور دول الترويكا كمجموعة أو دول منفردة، بادرت ألمانيا في 2019 بتشكيل منتدى أصدقاء السودان ليشمل الدول الأوروبية والإقليمية ذات المصلحة في السودان تحت هدفي دعم عملية التحول الديمقراطي والسلام في السودان. وشملت مجموعة أصدقاء السودان دول الترويكا مع فرنسا والاتحاد الأوروبي ثم تمَّت دعوة مصر والإمارات وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي والسعودية وقطر[33]. ويظهر دور المنتدى كالداعم الخلفي لمرحلة التحوُّل وليس دور المفاوض والمراقب عن كثب الذي تقوم به دول الترويكا.

عُقد في مايو 2021 مؤتمر باريس للمانحين، والذي تبع خروج السودان من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب، وهدف المؤتمر إلى تنسيق التفاوض مع الدائنين الدوليين والأوروبيِّين لتخفيف الديون والدعوة لاستثمار ودمج الاقتصاد السوداني في الاقتصادي العالمي[34]، وأثناء تلك المفاوضات مع المؤسَّسات المالية، التقتْ دول منتدى أصدقاء السودان على هامش الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدعم المطالب السودانية وقبل ذلك أكَّدت على ضرورة خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ومع تدهور الأوضاع السياسية بعد استقالة “حمدوك” التقت دول المنتدى في السعودية وأوضحت موقفها العام بضرورة الحوار بين القوى العسكرية والمدنية[35]، ولكنها لم تقم بتوجيه اللوم لأحد الأطراف كما جاءت بيانات الترويكا.

رابعًا- التنافس الأوروبي مع القوى المحلية والإقليمية

على الرغم من أن المصالح الأوروبية عكست الإرث الاستعماري في القارة إلا أنها تتنافس مع قوى محلية وإقليمية لها مصالحها في كل من مالي والسودان.

ففي مالي تمثِّل جماعات التطرف الديني العنيف، وبخاصة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، القوى المحلية المناوئة لاستراتيجيات الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا. فأنشطة هذه التنظيمات الإرهابية توسَّعت وانتقلت لدول الجوار، فتبعها توسُّع العمليات العسكرية بقيادة فرنسا في باقي دول الساحل. فعلى سبيل المثال قامت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” بهجمات ضد العديد من القوى على الأراضي، منها: هجمات ضد القوات المالية في شرق البلاد وكذلك تورُّطها في صراعات إثنية بين البمبارا والفلاتة، وهجمات أدَّت إلى مقتل جنود في قوات “برخان” تحت القيادة الفرنسية، ليس هذا فقط، ولكن قامت بهجمات في بوركينا فاسو في 2018، وعلى الرغم من إعلان القوات الفرنسية في أكتوبر 2019 أنها قتلت القيادي الثاني في الجماعة[36]، إلا أن هجمات الجماعة استمرت، ولم تنجح فرنسا في القضاء عليها كلية وهو ما دفع الحكومة المالية إلى التفاوض معها، حيث تحاول الحكومة المالية الانخراط في عملية تفاوضية مع “إياد أغ غالى” و”أحمد كوفا” قياديي الجماعة وحركة “كتيبة ماسينا” اللذين يهددان استقرار مناطق شمال ووسط مالي، وهو ما لا تؤيِّده فرنسا، ومن جانبها طالبت تلك الحركات بالانسحاب الفرنسي حتى تبدأ المفاوضات[37].

وإقليميًّا، التزم الاتحاد الأفريقي -انطلاقًا من مبدأ “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية”- منذ 2011 تجاه مالي ومنطقة الساحل جنبًا إلى جنب مع منظمة الأمم المتحدة للقيام بمهمة مشتركة ومتعدِّدة التخصُّصات في المنطقة، كما أنشأت جماعة الإيكواس مع الأمم المتحدة بعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية في مالي (AFISMA) في 20 ديسمبر 2012 بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2085[38]، ولكن بعد أقل من عام من تفعيلها انتهت هذه البعثة في 1 يوليو 2013، مما أفسح المجال لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة (مينوسما)[39] والقوات الفرنسية “سرفال” و”البرخان” للتدخل العسكري لمواجهة التنظيمات الإرهابية. وتزامن مع ذلك في أغسطس 2013 إنشاء بعثة الاتحاد الأفريقي لمالي والساحل (MISAHEL) في باماكو لتكون مسؤولة عن التنفيذ الفعَّال لاستراتيجية الاتحاد الأفريقي لمالي ولمنطقة الساحل[40]، وعلى الرغم من إنشاء تلك الوحدات والقوات إلا أنه لم يتمَّ القضاء على تلك الحركات في المنطقة.

أما في منطقة القرن الأفريقي التي تتعدَّد فيها القوى الإقليمية، فدول الترويكا والاتحاد الأوروبي عليهم أن يتحاوروا وينسقوا مع دول الجوار (إثيوبيا ومصر ودول الخليج) بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة المتكاملة من أجل دعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي.

فبعد سقوط البشير في أبريل 2019 وتعثُّر الاتفاق في منح السلطة للمدنيِّين، لعبت إثيوبيا دورًا واضحًا في عملية التفاوض بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهذا الدور لا يرجع فقط إلى سعى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في تعزيز دوره وصورته كقائد أفريقي إقليمي، ولكن أيضًا بحكم الجوار الجغرافي واحتضان إثيوبيا العديد من قادة الحركات المسلحة ورعايتها للمفاوضات بين الحركات المسلحة أو بينهم والحكومة السودانية، إلا أن الدور الإثيوبي في الأزمات السياسية اللاحقة بدأ يتلاشى نتيجة لأزمة الحرب الداخلية في إثيوبيا (حرب التيجراي) والتي ترتب عليها نزوح الكثير من الإثيوبيين إلى السودان، بالإضافة إلى تعثر مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان[41].

في حين أن دول الخليج (السعودية والإمارات) سعت إلى تأمين مصالحها كما كانت في فترة حكم البشير، ما بين تقويض الوجود التركي والقطري والإيراني، واستمرار مشاركة الجنود السودانيين في حرب السعودية والإمارات في اليمن. هذا بجانب المصلحة في تأمين المنتجات الغذائية لها من خلال استمرار الاستثمارات الخليجية في زراعة الأراضي السودانية كما كانت في فترة حكم البشير[42]، لذلك كانت البيانات الرسمية تدعم اتفاق مشاركة السلطة، والمشاركة في المؤتمرات الدولية الداعمة للحكومة الانتقالية مثل ما أعلنته السعودية من إنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 3 مليارات دولار بالإضافة إلى دعم عملية تخفيف الديون على السودان، وذلك بخلاف دورها في مجموعة أصدقاء السودان[43].

يبقى أن القوى الإقليمية تتشاور وتتحاور مع السلطة في السودان متغاضية عن المطالب الشعبية، إلا أن القوى العالمية بدأت في التفاوض مع قادة الحراك الشعبي في السودان، وتجلَّى ذلك في التطوُّر الأخير بعد استقالة “حمدوك” فالحراك في الشارع ينسِّقه وينظِّم مطالبه لجان مقاومة الأحياء، وهي ليست جزءًا من القوى السياسية بشكلها التقليدي (الأحزاب السياسية) وبالتالي أَدَّتْ أزمات السلطة إلى تشكيل حراك ثوري مختلف على المستوى “القاعدي” وهو ما وعت به بعثة الأمم المتحدة والدول الأوروبية من خلال سفرائها في الخرطوم  فقامت بدعوة لجان الأحياء إلى عقد لقاءات للتحاور والنقاش حول مطالبهم[44].

خاتمة:

تأثَّرت السياسات الأوروبية في منطقة ساحل الصحراء بخبرتهم الاستعمارية في المنطقة ومصالحهم الآنية، فساحل الصحراء ظلَّ منقسمًا في الاستراتيجية الأوروبية ما بين دول غرب الساحل ومنطقة القرن الأفريقي. ومع هذا تشكَّلت المصلحة الكلية للاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية في تحقيق الأمن الأوروبي المتمثِّل في محاربة وصول الأنشطة الإرهابية للجماعات المتطرِّفة والمهاجرين والنازحين إلى حدود القارة الأوروبية.

ولتحقيق تلك المصلحة الأوروبية العامة تنوَّعت أدوات النفوذ ما بين استخدام القوة الصلبة (التدخُّل العسكري) والذي تجلَّى في قوات التدخُّل العسكرية الفرنسية والأوروبية في مالي وبقية دول الساحل، وأدوات الهيمنة التقنية من خلال تقديم مساعدات “التنمية” للنازحين على أثر الصراعات في السودان ودول الساحل وبناء قدرات أجهزة الدولة الأمنية للقضاء على شبكات الهجرة غير الشرعية. ومع هذا فإن تنفيذ السياسات الأوروبية يعكس تنافس الدول الأوروبية منفردة في مناطق النفوذ في الساحل، ففي غرب الساحل استمرَّ النفوذ الفرنسي وبدعم من الاتحاد الأوروبي وكذلك المنظمات الإقليمية الأفريقية.

وعلى العكس من ذلك في القرن الأفريقي، فدول الترويكا ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي وأثناء تحرُّكها تنسِّق أحيانًا مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ولكن وجدت نفسها أن عليها التنسيق مع الفاعلين الإقليميِّين. ويتَّضح ذلك من الجولات المكوكية التي يقوم بها رئيس مجلس السيادة الانتقالي ونائبه ما بين مصر، وأوغندا، وتشاد، والإمارات، فالدول الأوروبية سياستها ما بين فرض العقوبات والدعوة لعودة الحكومة المدنية وهو مناقض لأهداف العسكريِّين في السودان.

وحول مستقبل دور الدول الأوروبية، ففي مالي فإن انسحاب القوات الفرنسية والأوروبية لا يعني انسحابها من منطقة الساحل تمامًا وإنما هو إعادة انتشار في المنطقة. وبالتالي قد تمارس فرنسا هيمنتها من خلال فاعلين آخرين مثل النيجر الحليف القديم والداعم الدائم لفرنسا في منطقة الساحل. ومع هذا سيستمر التحدِّي للدول الأوروبية، فانسحاب التمركز الفرنسي والأوروبي من مالي يمنح فرصة للقوى العسكرية من الدول المنافسة (خاصة القوات المرتزقة الروسية) لإدارة الصراع مع التنظيمات الإرهابية. على الجانب الآخر عدم الاستقرار الأمني يدفع إلى استمرار الجمود السياسي وسيطرة العسكريِّين، فلا توجد حكومة مدنية والانتخابات متوقع عقدها في 2025 بعد أن رفض أسيمي غويتا قيامها في 2022.

أما الوضع في السودان فهو في حالة جمود سياسي منذ استقالة حمدوك. كما أن القوى الأوروبية تواجه منافسة واضحة من القوى الإقليمية التي يميل إليها المكون العسكري. أضف إلى ذلك استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية واشتعال الصراعات الداخلية بين فترة وأخرى في مناطق الأطراف.

إن استمرار تعقُّد أزمات الساحل سواء في غربه أو شرقه يعكس عدم فعالية السياسات الأوروبية لأنها أيضًا تتغافل المطالب الشعبية، فالسياسات الأوروبية تهدف إلى التنسيق مع القوى الرسمية والمنافسة الدولية وتخطِّط تحرُّكاتها وفقًا لذلك. إن انتهاكات قوات التدخُّل الفرنسي لشعوب الساحل مع استمرار الهجمات الإرهابية، وتغاضِي القوى الأوروبية عن حراك ومطالب لجان المقاومة في السودان يمكن أن يفسِّر لماذا لا تحقق السياسات الأوروبية أهدافها.

[1] التدخل الفرنسي في مالي: الأسباب والمآلات، مركز الجزيرة للدراسات، 16 يناير 2013، تاريخ الاطلاع: 7 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/Isq5T

[2] يونس بورنان، 4 انقلابات عسكرية في مالي.. فقر يتوسع وإرهاب يتمدد، العين الإخبارية، 19 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع: 7 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/LU4Gr

[3] Marc-André Boisvert, Forces armées maliennes, une lente reconstruction, Afrique contemporaine, Vol. 260, No. 4, 2016, pp. 87-90.

[4] Ibid.

[5] المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تقر عقوبات “قاسية جدا” على المجلس العسكري الحاكم في مالي، فرنسا 24، 9 يناير 2022، تاريخ الاطلاع: 7 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/YbtRz

[6] M. Hassan and A. Kodouda, Sudan’s Uprising: The fall of a dictator, Journal of Democracy, Vol. 30, No. 4, 2019, pp. 89-103.

[7] International Criminal Court, Situation in Darfur, Sudan the Prosecutor v. Omar Hassan Ahmad Al Bashir, ICC-02/05-01/09, International Criminal Court, July 2021, Accessed: 28 February 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/jVJtJ

[8] look at:

– M. Hassan and A. Kodouda, Sudan’s Uprising: The fall of a dictator, Op. cit.

– Muzan Alneel, It hasn’t fallen yet, the rule is military still: Lessons from the Sudanese revolution, Review of African Political Economy, 27 October 2021, Accessed 27 February 2022 9.00, available at: https://cutt.us/nNADb

[9]– انظر الآتي:

– مظاهرات السودان: قوى الحرية والتغيير تعلن وقف التفاوض مع المجلس العسكري والاستمرار في الاعتصام، هيئة الإذاعة البريطانية، 19 إبريل 2019، تاريخ الاطلاع: 20 مارس 2022، الساعة 17.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/jfnFX

– Peter Beaumont and Zeinab Mohammed Salih, Sudan’s military and opposition agree on joint council after Bashir ousting, The Guardian, 28 April 2019, Accessed: 23 March 2022, 11.00, available at: https://cutt.us/rC6J9

[10] زيد علي، اتفاق جوبا لسلام السودان: ملخص وتحليل، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 21 أبريل 2021، تاريخ الاطلاع: 3 مارس 2022، الساعة 10، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/dR7vN

[11]  حمدوك يرجئ استقالته.. هل انتفت الأسباب؟!، جريدة الصيحة،27 ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 25 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/UhVWh

[12] علاء الدين موسى، السودان: خطوات جديدة للجان المقاومة في طريق إسقاط الانقلاب، صحيفة التغيير، 11 مارس 2022، تاريخ الاطلاع: 28 مارس 2022، الساعة 13.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/rerv1

[13] أحمد أمل، كيف كشفت استقالة حمدوك عن مشكلات الانتقال الهيكلية في السودان، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6 يناير 2021، تاريخ الاطلاع: 25 فبراير 2022 الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/5ZfRp

[14] Service européen pour l’action extérieure, Stratégie pour la sécurité et le développement au Sahel, Service européen pour l’action extérieure, N.D, Accessed: 1 February 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/AwVdJ

– محمد سمير عياد، السياسات الأمنية الأوروبية في منطقة الساحل، قراءات أفريقية، 26 فبراير 2017، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2022، الساعة 11.30، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/BJVyV

[15] صليحة كبابي، مقاربة الاتحاد الأوروبي في تدبير الأزمة في الساحل الأفريقي، مجلة العلوم الإنسانية، مجلد 32، عدد 1، 7 يونيو، 2021، ص ص 151–69.

[16] Ministère de l’Europe et des Affaires étrangères, La Coalition pour le Sahel, France Diplomatie – Ministère de l’Europe et des Affaires étrangères, Mars 2022, Accessed: 15 March 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/p7hMk

[17] Service européen pour l’action extérieure, Stratégie pour la sécurité et le développement au Sahel, Op. cit.

[18] Plan d’action du Partenariat pour le Sahel, Elysee, 2019, Accessed: 15 March 2022, 10.00, avilable at: https://cutt.us/rvCTQ

[19] Look at:

– Peter Hille, Germany mulls end of military mission in Mali, Deutsche Welle (DW), 2 February 2022, Accessed: 25 March 2022, 8.00, available at: https://cutt.us/0Iw4q

– United Nation Security Council, Situation in Mali: Report of the Secretary-General, 4 January 2022, MINUSMA, Accessed: 28 March 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/TGKag

[20] سودان تربيون، اتفاقية بين السودان والاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، سودان تربيون، 19 مارس 2018، تاريخ الاطلاع: 6 مارس 2022، الساعة 8، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/OSbz5

[21] EU/ Horn of Africa Migration Route Initiative, Rome Declaration, Khartoum Process, 2014, Accessed: 20 February 2022, 11.00, available at: https://cutt.us/AYZck

[22] M. Crowther and M. Plaut, Sudan and the EU: Uneasy bedfellows, (in): Van Reisen, Mirjam, et al., (eds.), Mobile Africa: Human Trafficking and the Digital Divide, (Bamenda, Cameroon: Langaa RPCIG, 2019). pp. 593–629.

[23] Thomas Cantaloube, Au-delà du Mali, les intérêts français au Sahel, Mediapart, 29 janvier 2013, Accessed: 5 March 2022, 11.00, available at: https://cutt.us/3R9v4

[24] رئاسة جمهورية تشاد، رئيس الجمهورية يستقبل قائد قوات البرخان، جريدة أحوال تشاد، 21 يناير 2020، تاريخ الاطلاع: 27 فبراير 2022، الساعة 10، متاح عبر الرابط التالي:  https://cutt.us/LLuhh

[25] Interview avec M. Kouldjim Guidio, Expert Résilience et Développement Humain, S.P. du G5 Sahel, Nouakchott, 26 juillet 2018 par le chercheur Madi Ibrahim.

– France sets up anti-Islamist force in Africa’s Sahel, BBC, 1 July 2014, Accessed: 3 March 2022, 13.00, available at: https://cutt.us/S0BY6

[26] وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، أنشطة فرنسا في منطقة الساحل، وزارة أوروبا والشؤون الخارجية- الخارجية الفرنسية، 21 ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 7 مارس 2022، الساعة 8، عبر الرابط التالي: https://cutt.us/72k1F

[27]عمر لوسيان كوفي، انسحاب برخان من مالي: هذه الدروس التي لم تتعلمها فرنسا، le journal de la afrique، 18 فبراير 2022، تاريخ الاطلاع: 5 مارس 2022، الساعة 11، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/sdkUZ

[28] Benedikt Erforth and Julian Bergmann, Three likely changes in Mali after France withdraws – and two options for the junta, The Conversation, 13 March 2022, Accessed: 30 March 2022, 11.00, available at: https://cutt.us/omEyz

 [29]  للمزيد انظر: هيليدا ف. جونسون، اندلاع السلام قصتي في مفاوضات أطول حروب أفريقيا “نيفاشا”، ميتافرسي للترجمة (مترجم)، (الخرطوم: دار مدارك للطباعة والنشر. 2011).

[30] البشير: انتقادات “الترويكا” للانتخابات لن تؤثر على مسيرة الديمقراطية والحوار بالسودان، سودان تربيون، 14 يونيو 2017، تاريخ الاطلاع: 19 فبراير 2022، الساعة 15.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/cLt0y

[31] الخرطوم ترفض بيان (الترويكا) المندد بالقصف وتصفه بالمنحاز، سودان تربيون، 29 مايو 2016، تاريخ الاطلاع: 29 مارس 2022، الساعة 11.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/svBlv

[32] Royal Norwegian Embassy in Khartoum, Troika and EU statement on 4th January 2022, Norway in Sudan, Accessed: 10 February 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/TVUNQ

[33] Kurtz, Gerrit, An International Partnership for Sudan’s Transition: Mobilizing Support, Preventing Instability, Policy Brief No. 11, German Council on Foreign Relations, June 2020, Accessed: 10 March 2022, 8.00, available at: https://cutt.us/6rupd

[34] International Conference for Sudan Paris, The Ministry of Investments and International Cooperation, 17 May 2021, Accessed: 10 March 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/prfTj

[35]  للمزيد انظر:

– منتدى أصدقاء السودان أكتوبر الجاري، صحيفة السوداني، 19 أكتوبر 2019، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/0ONWd

–  العين الإخبارية، “أصدقاء السودان” تطالب برفع الخرطوم من قوائم الإرهاب، العين الإخبارية، 12 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/HUVDc

– وكالة السودان للأنباء، السعودية تستضيف مؤتمر اصدقاء السودان، السوداني اليوم، 18 يناير 2022، تاريخ الاطلاع 30 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/oBtG7

[36]  للمزيد انظر:

– جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية للقاعدة توسّع نفوذها في الساحل الإفريقي، فرنسا 24، 10 يناير 2021، تاريخ الاطلاع 20 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/EQzQa

– فرنسا تعلن مقتل الرجل الثاني في “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” في منطقة الساحل، فرنسا 24، 5 نوفمبر 2019، تاريخ الاطلاع 20 مارس 2022، الساعة 10.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/OpJhq

– Mapping Militant Organizations. “Jamaat Nusrat al-Islam wal Muslimeen (JNIM).” Stanford University. July 2018, Accessed: 20 March 2022, 10.00, available at: https://cutt.us/NXAyk

[37] عثمان لحياني، مفاوضات الحكومة المالية و”أنصار الإسلام”: الدوافع واحتمالات النجاح، العربي الجديد، 21 أكتوبر 2021، تاريخ الاطلاع 9 أبريل 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/c8wl2

[38] Conseil de sécurité Résolution 2085, Adoptée par le Conseil de sécurité à sa 6898e séance, Nations Unies, le 20 décembre 2012, Accessed 18 February 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/PpqNE

[39] Mission Multidimensionnelle Intégrée des Nations Unies Pour La Stabilisation Au Mali, Historique, MINUSMA, n.d, Accessed:10 March 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/tpaSn

[40] Mission de l’Union Africaine Africaine pour le Mali et le Sahel – MISAHEL, Historique De La Misahel, AU- MISAHEL, 9 September 2021, Accessed: 8 February 2022, 9.00, available at: https://cutt.us/jpg78

[41] Shewit Woldemichael, Ethiopia-Sudan border tensions must be de-escalated, Institute for Security Studies, May 10, 2021, Accessed: 8 March 2022, 10.00, available at: https://cutt.us/5Vp5H

[42] Kouassi Yeboua and Jakkie Cillers, Development prospects for the Horn of Africa countries to 2040, East Africa Report 42, Institute for Security Studies, September 2021, Accessed: 8 March 2022, 10.00, available at: https://cutt.us/sW7Ur

[43]  انظر التالي:

– مسؤول: السعودية ستضغط في اتجاه خفض الديون على السودان، سودان تربيون، 16 مايو 2021، تاريخ الاطلاع: 27 فبراير 2022، الساعة 11.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/0nPbS

– أصدقاء السودان يدعون للتفكير مليا فيما إذا كان هناك حاجة لتعديل الوثيقة الدستورية، سودان تربيون، 19 يناير 2022، تاريخ الاطلاع: 27 فبراير 2022، الساعة 11.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/KJTgw

[44] رئيس بعثة يونيتامس يلتقى لجان المقاومة اليوم، السودان اليوم، 5 ديسمبر 2021، تاريخ الاطلاع 8 مارس 2022، الساعة 11.00، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/NR3eN

 

فصلية قضايا ونظرات – العدد الخامس والعشرون – أبريل 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى