الحوار بين الأديان: قضايا وخبرات عبر العام 2008

مقدمة:

يتفق الداعون إلى “حوار الأديان” على أنه يهدف إلى تحقيق الحوار والتعايش الحضاري بين أتباع الأديان المختلفة من أجل تحقيق فهم أفضل للمبادئ والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الإنسانية جمعاء، وانطلاقًا من الاحترام المتبادل والاعتراف بالاختلاف[1]. كما يهدف حوار الأديان إلى تسليط الضوء على القيم المشتركة إنسانيًّا باعتبارها الركيزة الأساسية للحوار، والسعي إلى تحقيق التعاون على ما فيه خير الإنسان وحفظ كرامته وحماية حقوقه ورفع الظلم عنه وحل مشكلاته وتوفير العيش الكريم له، وتلك هي مبادئ مشتركة جاءت بها الرسالات الإلهية وأقرتها الدساتير الوضعية وإعلانات حقوق الإنسان العالمية[2]. كما نجد التأكيد على رفض كل مظاهر العنف وعدم التسامح بين الأديان من خلال تعميق روح الحوار الصادق والاحترام المتبادل على أساس المعرفة المتبادلة والحقيقية[3].
لم يمثل الحوار ضرورة كما هو اليوم في كل تاريخ الإنسانية؛ فقد تسارعت خطى الاتصال والتشبيك بين البشر في جميع أنحاء العالم، وصارت العزلة أمرًا غير ممكن في عصرنا هذا[4]. وأدت العولمة إلى علاقات وتبادلات سياسية واقتصادية وثقافية غير مسبوقة؛ حيث ربطت حياة الشعوب واقتصاداتها بعضًا ببعض من خلال التطورات السياسية والتكنولوجية على حد سواء. وقد أدت التطورات التكنولوجية -على وجه الخصوص- إلى اختلاف إدراك البشر لاعتبارات الزمان والمكان وطرق التواصل بينهم؛ ويتحدث المُنظِّرون اليوم عن خصيصتين أساسيتين في عصرنا وهما “الامتداد والضغط”؛ والامتداد يعني امتداد تأثيرات الحداثة إلى العالم أجمع، والضغط يعني اختصار الزمان والمكان فأصبح التواصل بين البشر أسرع كثيرًا من الماضي في الوقت الذي تتكامل فيه الأبعاد العالمية والمحلية مع بعضها البعض[5].
هذه التطورات أثَّرت على فهمنا للأديان ذاتها وطرق التعامل معها، وهذا التأثير ذو اتجاهين متناقضين؛ أحدهما يمثل الاتجاه نحو تعدد الهويات وتماهيها وإثراء مفاهيم تقلل من التمايزات الثقافية بين الشعوب مثل “المواطنة العالمية”، ومن ضمن هذه الرؤى ما يعتبر الأديان عائقًا أساسيًّا في سبيل التواصل ما بين الثقافات واعتبارات المسئولية اللذان يمثلان أساس المواطنة والحقوق العالمية[6]، واتجاه آخر نحو إحياء الهويات القومية والأصوليات الدينية بفرعيه المختلفين؛ حيث يدعو أحدهما إلى الانغلاق على المعتقدات أو اللجوء إلى العنف غير المبرر استنادًا إلى الدين، والفرع الآخر يدعو إلى الانفتاح على الآخر والتفاعل الصحي والإيجابي معه وفي نفس الوقت التمسك بالهوية وبالتعاليم الدينية والقيم وتفعيل دورها الإيجابي في المجتمعات لإثراء البشرية كلها. وقد قدم كلٌ من هذين الاتجاهين “جملة تنبؤية تقريرية تقرر أن العالم مُقبل على نوبة إما من الصدام والحروب المتنوعة، أو من التقارب والتشارك على مستويات الأمم والشعوب، وجملة أخرى معيارية تقديرية توجه نحو السبيل إلى الكسب الخاص أو الكسب المشترك: إما في معترك الصراع الحضاري، أو على مائدة الحوار”[7].
ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي أثَّرت كثيرًا على عالم ما بعد الحرب الباردة، تنامى صعود الأبعاد الثقافية والدينية وتأثيراتها المختلفة على السياسة العالمية وخاصةً فيما بين العالم الإسلامي والغرب. وهذا قد أدى بدوره إلى تجدد الاهتمام بقضايا الحوار بين الأديان والثقافات التي شهدت “جدالات عديدة ودرجات من التباين في الآراء والتوافق بينها حول مناطق، من أهمها: أهداف الحوار ودوافعه وشروطه ومجالاته، وكذلك وظيفته على ضوء العلاقة بين الثقافي والسياسي”[8]. وتدافعت اتجاهات المحللين السياسيين ما بين التأكيد على الدور الإيجابي للدين في حل النـزاعات الدولية وإيجاد أراضٍ مشتركة للحوار والتفاهم[9]، وما بين مؤيدي أطروحة المفكر الأمريكي صمويل هنتنجتون حول “صدام الحضارات” والأبعاد الصدامية الكامنة ما بين الثقافات الغربية والشرقية من الذين رأوا صحة تلك الأطروحة في تفسير أحداث الحادي عشر من سبتمبر في عالم ما بعد الحرب الباردة (بالرغم من التعديلات التي أدخلها هنتجتون عليها فيما بعد)[10]. وذلك في الوقت الذي يرى فيه العديد من المفكرين في العالم الإسلامي أن “الحضارة الغربية الراهنة (دخلت في) أزمة بعد أن وصلت إلى مرحلة متطرفة من الاستعلاء وإنكار الحضارات الأخرى وثقافاتها على النحو الذي تعبر عنه نظريات النهاية التي تبناها كبار مفكريها وفلاسفتها”[11].
بالإضافة إلى أن هناك عددًا من المفكرين –وخاصةً من الإسلاميين- الذين يرون أن الأزمة التي يعيشها العالم في الوقت الراهن تتمثل في الرؤية المادية الوضعية التي تحد من حجم ودور الدين في الحياة الإنسانية المعاصرة، ويؤكدون على التناغم الكامن في علاقة الإنسان بالمجتمع والطبيعة والسلام الموجود في التوازن بين عالمي الروح والمادة. فمثلاً يرى فتح الله جولن أن “الدين من الممكن أن يبني دفاعًا ضد الدمار الذي أحدثته المادية العلمية وذلك بوضع العلم في مكانه الصحيح ووضع نهاية للتأزم المستمر بين الأمم والشعوب. ففي الوقت الذي يجب أن تكون تلك العلوم الطبيعية منارة تهدي الناس إلى طريق الله، أصبحت سببًا للإلحاد بشكل غير مسبوق. ونظرًا لأن الغرب أضحى قاعدة أساسية لهذا الشكل من عدم الاعتقاد، ولأن المسيحية أصبحت أكثر الديانات تأثرًا به، فإن الحوار بين المسلمين والمسيحيين له أهمية قصوى”[12].
كما أن هناك الفرضية القائلة بأن “التقدم الحقيقي في مجال حوار الحضارات لا يمكن أن يتحقق بدون التقدم في مجال حوار الأديان، وبالتالي لابد من التقدم في حوار الأديان، كشرط حيوي للتقدم في حوار الحضارات والثقافات”[13] وتستند تلك الفرضية على أساس أن الحضارات ترتكز على خلفيات دينية تساهم في تشكيل بنيتها وهويتها. وتظل هذه العلاقة بين الحضارات والثقافات وخلفياتها الدينية راسخة وثابتة، على الرغم مما يطرأ من تفاوت في هذه العلاقة من قوة أو ضعف بحسب درجة هذه الخلفيات الدينية في الحضارات المختلفة أو داخل الحضارة الواحدة. ولكن “بقدر ما تعظم الحاجة إلى إيجاد حوار جدي بين الثقافات والحضارات والأديان لإقامة جسور التفاهم بين الشعوب ولبلوغ مستوى لائق من التعايش الثقافي والحضاري، توجد الضرورة القصوى لتهيئة الأجواء الملائمة لإجراء هذا الحوار ولإيجاد الشروط الكفيلة بتوجيهه الوجهة الصحيحة”[14].
لذا، يرى مؤيدو الحوار أن السياسة، وليس الدين، هي في صلب التجاذبات بين المجتمعات الإسلامية والغربية، وأن مستويات التوتر والنـزاعات التي نشهدها بين المجتمعات والثقافات المختلفة المتزايدة في أنحاد العالم مردها إلى الخصومات والمصالح السياسية، لأن “الأديان بحد ذاتها لا تولد الكراهية أو العنف، بل إن استغلال الدين لغايات سياسية هو الذي أثار العداوة بين المؤمنين”[15].
وعلى المستوى النظري، فإن “الحوار” يختلف عن غيره من الأساليب الخطابية “من حيث ضرورة أن يكون هناك صلة بين الخطاب والخطابات الأخرى، سواء تلك التي تدور في مجتمعه أو بينه وبين الخطابات الأخرى المعارضة أو المتنازعة، وما يتضمنه ذلك من إشكاليات متعددة، منها تداخل المعارف العلمية وغير العلمية، وإشكاليات الذات صاحبة الخطاب، وإشكاليات الفهم والتلقي في إطار الخطاب الواحد أو فيما بين الخطابات المختلفة، بالإضافة إلى إشكالية قصدية التواصل وإشكالية المرجع”[16]، فالحوار هو “خطوة لفهم الآخر ومشاركته في القناعات المختلفة، بشكل موضوعي أو أقرب إلى الاعتراف وإدراك ما بين الذوات”[17].
وتوجد توجهات عديدة في تناول مفهوم “حوار الأديان” ذاته؛ فالدين يُعرَّف بأنه “المسلمات المطلقة” التي لا تقبل النقاش حولها[18]، والحوار في هذا المقام يُعرَّف باعتباره “محاولة الفرد المحمَّل بقيم وتقاليد وأفكار وعقائد مسبقة استكشاف الآخر المختلف دينيًّا وإدراكه وبلورة رؤية فلسفية غير نمطية إزائه دون اللجوء إلى إصدار أحكام متحيزة ضده”[19]. ولهذا فإن الحوار هو حالة نقاشية بين شخصين أو أكثر لهم رؤى مختلفة ويهدف كل منهم إلى التعرف على الآخر والاستفادة منه والتغيير نحو الأفضل وهو يختلف عن الجدال بطبيعة الحال[20]. ويرى البعض – وعلى رأسهم الدكتور محمد سليم العوا- أن “حوار الأديان” إنما المقصود به “الحوار بين أهل الأديان” أي أن “تكون الركيزة الأساسية للحوار؛ الإجابة على السؤال: كيف نعيش معًا؟ وهذا العيش إما أن يكون بين أبناء الوطن الواحد، أو بالتعايش بين الدول المختلفة. وهنا يكون الحوار إنسانيًّا؛ يستهدف العيش الواحد، والعيش المشترك”[21]. وهذا العيش المشترك يعني “قبول الطرفين فكرة اتساع الدنيا وفضل الله ونعمه فيها لخلق الله كافة، وأن التعاون على استثمار خيراتها وإعمارها هو الغاية الجامعة للناس أجمعين دون تمييز بينهم في ذلك بسبب الدين أو المذهب أو الطائفة داخل الدين”[22]. فالديانات ذاتها لا تتحاور مع بعضها البعض وإنما يتحاور أتباعها ومعتنوقها سويًّا، ولكن هذا المصطلح تعارف الناس على تسميته بذلك[23].
كما يعتبر آخرون حوار الأديان أنه “تفاعل الوجود المتبادل من خلال التحدث والاستماع ورؤية التزامات وقيم وشعائر الآخر”[24]. وبحسب بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر فإننا في حاجة إلى مزيد من التأمل في دلالة ودقة المصطلحات المتداولة بين أتباع الأديان، وذلك لأن “الحوار بين الأديان بالمعنى الدقيق للكلمة مستحيل بدون أن يضع المرء معتقده بين قوسين”[25].
والعلاقة بين أطراف هذا الحوار تبدو معقدة ومتداخلة إلى حد كبير؛ فالمكونات والعناصر التي تشكل “نحن” أو “هم” متشابكة ومتعددة؛ “فهناك عناصر ثقافية (اللغة والدين والتاريخ المشترك، والعادات والتقاليد)، وهناك عناصر اجتماعية (الطبقة، وعلاقات القربى، والجوار، والمشاركة)، كما أن هناك عناصر اقتصادية (الحرفة أو المهنة أو المستوى الاقتصادي أو علاقات العمل) ..(مما يعني).. أن وجود “نحن” و”هم” نوع من الكينونة المرنة التي تضيق وتتسع بحسب ما يراد (بها)”[26]. لذا فيجب هنا محاولة تعميق فكرة “نحن الإنسانية” وهذه لا تمثل دعوة للتخلي عن الجذور والخصائص المميِّزة، “وإنما هي دعوة لإعلاء شأن الإنسان على مصالح دعاة الحرب والصدام خدمة للاستغلال والهيمنة”[27]، وتلك الرؤية توضح لنا أن هناك “قسمة جديدة أخذت تتشكل في العالم بين “نحن” و”هم” وبين “الأنا” و”الآخر” ..(حيث).. لم تعد “الأنا” جزئية محلية إقليمية أو حتى ثقافية في مواجهة “هم” على نفس المستويات الجزئية أو المحلية والإقليمية والثقافية، (كما) لم تعد للجغرافيا والتاريخ والموروث الثقافي نفس قوتها الرادعة التي تمنع “نحن” من أن تنقسم على نفسها إزاء “هم” أجنبية”[28]. وتتضح أهمية تلك الرؤية عند تناول أبعاد الحوار بين الأديان حيث تغيرت وتحولت التقسيمات التقليدية بين أطراف الحوار ومستوياته والصور المتبادلة لدى كل منهم.
وفي مقابل تلك الرؤية الإيجابية، يرى آخرون أن هناك عداء حضاري قديم بين الشرق والغرب، ولا يكمن سبب العداء في أن المسيحيين واليهود يعبدون الله بشكل مختلف عن المسلمين، ولكن السبب يعود إلى “القرون التي كانت فيها الحضارتان ندان لبعضهما البعض، وفي حين اتجهت إحداهما إلى الأنسنة والعلمانية والمادية، وظلت الحضارة الأخرى مخلصة بشكل جوهري للمجتمع والعبادة والآخرة”[29]، وهذه الهوة بين الشرق والغرب تتسع الآن أكثر من أي وقت مضى، “فبعد الحادي عشر من سبتمبر تبين أن كلا الطرفان يمتلك أسلحة مؤثرة في الطرف الآخر ولديه القدرة على إحداث أضرار كبيرة، فلماذا لا يتعاون كل من الشرق والغرب ويضعا جهودهما من أجل تجسير الخلافات بدلاً من الاستمرار في تأجيجها؟”[30]
وهناك الرأي القائل بأن فكرة حوار الأديان قد بدأت في الظهور على الساحة العالمية في القرن الماضي في عام 1932 وكانت فرنسا أول من نادى بها، عندما قامت بإرسال ممثلين إلى علماء الأزهر للتحاور معهم حول إمكانية توحيد الديانات الثلاث، الإسلام والنصرانية واليهودية. ومع مرور الأعوام، تطورت فكرة حوار الأديان حيث تم عقد الكثير من المؤتمرات العالمية، إلى جانب الندوات المحلية، والحوارات التي جرت بين رجال الدين، والتي تبنت الفكرة في حيز التنفيذ[31].
وبصرف النظر عن أصول نشأة المفهوم، فإن الآراء والرؤى تتباين بشدة حوله وحول الصورة المبتغاة منه من جانب كل طرف من الأطراف. ويصبح من العسير رصد هذا المفهوم من وجهة نظر موضوعية خالصة نظرًا لتشعبه وتعدد أبعاده ومستوياته وكيفية النظر إليه، ولكن يمكن القول أن أبعاد تصنيف حوار الأديان تشمل الآتي:
(1) الأطراف المتحاورة والتنوع في مستوياتها وانتماءاتها: فتلك الحوارات توجد على مستوى الشباب، والناشطين في المجتمع المدني، والمتخصصين في الأديان من رجال الدين والدعاة، وكذلك الأكاديميين[32]. وكذلك فقد يوجه الحوار بين الأديان لداخل البلد الواحد وهو ما يسميه البعض “حوار العيش الواحد”[33]، وهناك الحوارات العابرة للبلاد والقارات والتي تخاطب أهل الأديان جميعًا. كما توجد حوارات على المستويات الرسمية أي الحكومات والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
(2) محتوى الحوار: قد يكون الحوار مقصورًا على أكبر ديانتين سماويتين كالإسلام والمسيحية أو الأديان الثلاثة الإبراهيمية، وقد يشمل كذلك الأديان الموضوعة، وقد يتناول أبعادًا عقيدية بحتة متصلة بقضايا الألوهية والكتب السماوية والنقاش حول الثوابت في كل ديانة، أو قد يقتصر على موضوعات حياتية متصلة بالدين مثل العلمانية وعلاقة الدين بالسياسة وقضايا حقوق الإنسان ودور الدين في حل النـزاعات وكل ما يتصل بقضايا الواقع المعاش سواء كانت آنية أم ممتدة. وفي أغلب الحالات تتعرض الحوارات لأكثر من بعد من تلك الأبعاد وتهيمن عليها الأبعاد السياسية، التي في كثير من الأحيان تعترض جهود العلماء ورجال الدين في حل المشكلات الإنسانية والعمل على إقامة العدل والسلام.
(3) سبل وآليات الحوار: وتلك تتنوع ما بين المؤتمرات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والندوات العلمية المتخصصة والأكاديمية، كما أن هناك المنتديات العامة وخاصةً الشبابية منها التي تتبنى حوار الأديان، بالإضافة إلى حملات التوعية وحملات المشروعات التنموية المشتركة بين أتباع الديانات، وغيرها.
(4) معايير الحوار: تختلف بطبيعة الحال معايير الحوار بحسب الرؤى المتعددة، ولكن يمكننا الحديث عن ثلاثة معايير منطقية لقيام أي حوار؛ وهي الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية[34]. فلا يمكن أن يكون هناك حوار عادل وبنَّاء يقوم على أساس مختل لا تتوفر فيه إحدى هذه المعايير التي تكفل نجاحه واستمراره.

ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، اتجه مسار حوار الأديان نحو العديد من العقبات والإخفاقات بسبب تعاقب العديد من الأحداث والأزمات العالمية على رأسها: أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واحتلال الولايات المتحدة لأفغانستان ثم العراق، والتفجيرات الإرهابية في بريطانيا وأسبانيا، ثم أزمة الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأزمة تصريحات بابا الفاتيكان حول الإسلام. وبالرغم من تلك الأجواء المفعمة بالصراع، والتي استمرت منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، ظهر خلال عام 2008 العديد من المحاولات لعقد مؤتمرات ولقاءات تتناول الحوار بين الأديان، وتحاول أن توجِد أرضية مشتركة لإعادة الحوار حتى وإن اقتصر بعضها على المستوى الشكلي البحت.

حوارات الأديان في العام 2008

لعل من أبرز ما تم من جهود في مجال حوار الأديان خلال عام 2008 ما قامت به المملكة العربية السعودية من الدعوة إلى ورعاية مبادرة للحوار بين الأديان، وهي كالآتي:

· مؤتمر الحوار بين الأديان في مدريد:
عُقد مؤتمر الحوار بين الأديان في مدريد بدعوة من خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الفترة من 16-18/7/2008 وبتنظيم الاتحاد الإسلامي العالمي في مكة. ومن أهم النقاط التي نلقي عليها الضوء في هذا المؤتمر ما يلي:
§ جاء هذا المؤتمر بمبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وجهها إلى ممثلين عن مختلف الأديان إلى مدريد للمشاركة في هذا المؤتمر؛ حيث شارك فيه أكثر من مائتي مشارك من كل أرجاء العالم، من مسلمين ومسيحيين ويهود وبوذيين وممثِّلي طوائف دينية أخرى.
§ وقد أكد المشاركون في المؤتمر في الإعلان الصادر عنه على المبادىء التالية[35]:
1- وحدة البشرية، وأن أصلها واحد، والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وثقافاتهم.
2- سلامة الفطرة الإنسانية في أصلها، فالإنسان خلق محبًا للخير، مبغضًا للشر، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم، تقوده الفطرة النقية إلى الرحمة، وتدفع به إلى البحث عن اليقين والإيمان.
3- التنوع الثقافي والحضاري بين الناس آية من آيات الله، وسبب لتقدم الإنسانية وازدهارها.
4- الديانات الإلهية تهدف إلى تحقيق طاعة الناس لخالقهم، وتحقيق السعادة والعدل والأمن والسلام للبشر جميعًا، وتسعى إلى تقوية سبل التفاهم والتعايش بين الشعوب، على الرغم من اختلاف أصولها وألوانها ولغاتها، وتدعو إلى نشر الفضيلة بالحكمة والرفق، وتنبذ التطرف والغلو والإرهاب.
5- احترام الديانات الإلهية، وحفظ مكانتها، وشجب الإساءة لرموزها، ومكافحة استخدام الدين لإثارة التمييز العنصري.
6- السلام والوفاء والمصداقية بالعهود، واحترام خصوصيات الشعوب، وحقها في الأمن والحرية وتقرير المصير، هي الأصل في العلاقة بين الناس، وتحقيقها غاية كبرى في الديانات، وفي أي ثقافة إنسانية معتبرة.
7- أهمية الدين والقيم الفاضلة، ورجوع البشر إلى خالقهم في مكافحة الجرائم والفساد والمخدرات والإرهاب، وتماسك الأسرة وحماية المجتمعات من الانحرافات.
8- الأسرة هي أساس المجتمع، وهي لبنته الأولى، والحفاظ عليها وصيانتها من التفكك أساس لأي مجتمع آمن مستقر.
9- الحوار من ضروريات الحياة، ومن أهم وسائل التعارف والتعاون، وتبادل المصالح، والوصول إلى الحق الذي يسهم في سعادة الإنسان.
10- الحفاظ على البيئة وعلى طبيعة الأرض وحمايتها من التلوث والأخطار البيئية التي تحيط بها هدف أساس تشترك فيه الأديان والثقافات.
§ كما وجه المشاركون في ختام أعمال المؤتمر دعوة إلى توحيد الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب. كما رفضوا نظريات صراع الحضارات، وطالبوا بدعم القيم الإنسانية وبذل الجهود من أجل نشر هذه القيم في مختلف المجتمعات. وأعربوا كذلك عن رغبتهم في مواصلة هذا الحوار والتخطيط لعقد مؤتمرات أخرى من هذا النوع وإقامة حلقات دراسية وندوات بالإضافة إلى مشاريع ثقافية وتعليمية وإعلامية.
§ وكذلك تناول المؤتمر قضية الإرهاب وخطورتها وجاء في الإعلان الصادر عنه أن “الإرهاب ظاهرة عالمية تستوجب جهودًا دولية للتصدي لها بروح الجدية والمسئولية والإنصاف، من خلال اتفاق يحدد معنى الإرهاب ويعالج أسبابه، ويحقق العدل والاستقرار في العالم”. كما دعا منظمو المؤتمر الأمم المتحدة إلى تنظيم دورة خاصة للحوار بين الأديان للتصديق على نتائج مؤتمر مدريد[36].

ويعتبر مؤتمر مدريد بمثابة تفعيل لخطة الحوار بين الأديان التي بدأها ملك السعودية بعد لقائه بالبابا بنديكت السادس عشر في الفاتيكان في نوفمبر 2007[37]. وقد وصف عدد من المشاركين في المؤتمر هذه الخطوات بـ”الجريئة”[38] في ظل ما يحدث من أحداث تؤثر على مجريات الحوار والتفاهم بين العالم الإسلامي والغرب. وبحسب عدد من القيادات اليهودية والمسيحية، فإن الملك عبد الله قام بهذه الجهود لمحاربة قوى الأصولية الدينية[39]. وبالرغم من التنوع الذي شهده المؤتمر بحضور ممثلي الأديان والطوائف المختلفة بملابسهم البيضاء والسوداء والرمادية والبرتقالية والقرمزية حيث كان الحوار أشبه بـ”الكرنفال الديني”[40] إلا أن الأبعاد السياسية لم تغِبْ عن المؤتمر، وخاصةً في شقه المتعلق بالحوار الإسلامي اليهودي.
ويرى المحللون أن المملكة العربية السعودية كانت تريد من خلال هذا المؤتمر تحسين صورتها السلبية التي تعاني منها، خاصةً منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر. ويشير آخرون إلى توجه الملك عبد الله نحو تشجيع الحوار بكافة مستوياته منذ توليه الحكم؛ بدءًا من زيارته للفاتيكان ومقابلته البابا بنديكت السادس عشر، ثم من خلال عقده مؤتمر التقريب بين السنة والشيعة في مكة لإيجاد رؤية إسلامية للحوار مع الآخر[41]. وكذلك رأى البعض أن السعودية تهدف إلى إيجاد بعض التوافق مع الشيعة المعتدلين من أمثال أكمل هاشمي رفسنجاني الذي افتتح الحوار بين المذاهب الإسلامية مع الملك عبد الله[42]، وكذلك تشجيع الحوار السني-الشيعي، فيجب “ألا يضعف المسلمون بعضهم البعض .. فلدينا الكثير من الأمور المشتركة ولا حاجة بنا للتركيز على الاختلافات” كما قال رفسنجاني الرئيس الإيراني الأسبق.
كما يرى عدد من المحللين أن هذا الحوار يعد بمثابة الرد السعودي على مقولة “صدام الحضارات” المثيرة للجدل لصمويل هنتجتون، والتي غالبًا ما يراها المسلمون باعتبارها دليل على عداء الغرب للإسلام[43]، فجاء في كلمة الملك عبد الله: “لقد اجتمعنا اليوم كي نخبر العالم كله .. أننا صوت للعدالة والقيم والإنسانية، وأننا صوت للتعايش والحوار العادل العقلاني”[44]. كما يعتبر د.على السمان –وهو من أبرز المتخصصين في حوار الأديان- أن مؤتمر مدريد نجح في أن يكون نقطة تحول لأن منظمي المؤتمر “تباحثوا حول نظرة مستقبلية وتقييم وضع الأمور في مكانها الصحيح عن عتراف الإسلام بالأديان كلها وتقديره للإنسان كإنسان وحدة التقييم الأساسية لكل نظرة روحانية وحضارية للتعامل مع البشر”[45].
ويشير آخرون إلى أن “تدخل القادة السياسيين في الحوار بين الأديان، بالرغم من إمكانية نبل مقاصدهم، لكن اقتصادات الثروة وسياسات القوى الكبرى سوف تعوق مقاصد الحوار العامة واهتماماته الأخلاقية بالعدالة”[46]، ولذا يرون أنه لابد للقادة الدينيين في العالم أن يسعوا للتأثير في المبادرات السياسية والدبلوماسية للحوار، وألا ينخدعوا بالأجندات السياسية والاقتصادية الكامنة. وبالإضافة إلى ذلك، فيرى بعض الكتاب المسلمين أنه لابد من التركيز على الثوابت والمشتركات بين المذاهب الإسلامية لتوفير أرضية مشتركة لبدء حوار واسع مع المنتمين إلى الأديان الأخرى، وضرورة البعد بالأمة الإسلامية عن القضايا السياسية والخلافية الراهنة لإعطاء الحوار أبعاد عالمية مطلوبة[47]، مما يثير التساؤل حول أهداف الحوار ذاته.
وأثارت مبادرة الحوار مآلات العلاقة بين السعودية وإسرائيل؛ فطبقًا لصحيفة “هآرتز” فإن هذه المبادرة جاءت في اتجاه تحسين العلاقات وتخفيف العداء مع إسرائيل؛ حيث دعا الملك عبد الله أتباع الديانات كلها إلى تبني المصالحة والتسوية. كما تم دعوة الحاخام “دافيد روسن” رئيس اللجنة اليهودية الدولية للتشاور بين الأديان، وهو إسرائيلي الجنسية، وأكَّد الأمير سعود الفيصل –وزير الخارجية السعودي- على أن مشاركة “روسن” في هذا المؤتمر مهمة. لذا، فهم يرون أن السعودية تؤدي في الوقت الراهن دورًا محوريًّا على مسار حوار الأديان ومسار مبادرة السلام العربية[48].
وأوضح بعض العلمانيين انتقادهم لانعقاد هذا المؤتمر؛ فهم يرون أن مثل هذه المؤتمرات لا تعدو أن تكون تقسيمًا للأدوار بين قادة الأديان لكي يكيلوا الاتهامات في إشعال الأزمات للفئات التي تخرج عن الإرادة السياسية والدينية المتعاقبة، وسعيًّا وراء تقسيم المصالح وتوزيع مناطق النفوذ. وأكدوا على وجود الكثير من المسكوت عنه مثل: عدم الاعتراف بحقوق اللادينيين في التعبير عن آرائهم وفلسفتهم، وفرض النمطية على غير المدعوين للمؤتمر لإلغاء حقوقهم في البقاء وحرية العبادة[49].

· مؤتمر “ثقافة السلام” في نيويورك للحوار بين أتباع الديانات والمعتقدات والثقافات (12 – 13 نوفمبر 2008):
عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا المؤتمر بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز وبمشاركة عدد كبير من الملوك والرؤساء والوزراء والسفراء من (80) دولة، اتفقوا على أهمية الحوار والتفاهم وضرورة نبذ العنف والتطرف والغلو والإرهاب. ونتج عن المؤتمر بيان ختامي بعنوان “إعلان نيويورك” الذي تبنى مبادرة السعودية للحوار بين الأديان وجاء فيه التأكيد على “تعهد جميع الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة بتشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بما في ذلك حرية الاعتقاد والتعبير، دون التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين”[50]، وأكدت الدول أيضًا على “رفض أي استخدام للدين لتبرير قتل الأبرياء وممارسات الإرهاب والعنف والإكراه”[51].
واستنادًا للمبادرة السعودية ومؤتمر مدريد للحوار، عبرت الدول في الجمعية العامة عن “عزمها على تقوية وتدعيم الأطر القائمة لتشجيع التسامح وحقوق الإنسان ونشر التعليم ومكافحة الفقر والمخدرات والجريمة والإرهاب”، كما دعت إلى دعم مبادرات القادة الدينيين والمجتمع المدني والدول لتعميق ثقافة السلام والتفاهم والتسامح واحترام حقوق الإنسان بين أتباع مختلف الأديان والثقافات والحضارات[52].
ولعل من أكثر الأمور إثارة للجدل في هذا المؤتمر هي دعوة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز للمؤتمر، الذي استغل الفرصة لتوجيه الشكر للملك عبد الله على مبادرة السلام العربية وذكر في كلمته الافتتاحية أنها “تشكل مصدر إلهام ومدخلاً لإحراز تقدم ملموس نحو السلام .. وأن إسرائيل توافق على ما جاء في مبادرة السلام العربية من أن الخيار العسكري لا يمكنه أن يحقق الأمن والسلام، وأنها تتبنى أيضًا استراتيجية تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط”[53] وأشار إلى بعض بنود المبادرة ومنها: ضرورة إنهاء النـزاع العربي الإسرائيلي، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وإقامة علاقات حسن جوار بين الجانبين[54]. كما قال بيريز أنه “يتمنى لو أن صوت السعودية يصبح الصوت الغالب في الشرق الأوسط كله.. فما تقدمه السعودية صحيحًا ومطلوبًا ومبشرًا”[55].
وبالرغم من أن السعودية نفت دعوة بيريز؛ حيث أن الجمعية العامة هي التي وجهت الدعوة للمشاركين في المؤتمر، وكذلك تأكيد عدد من الكتاب والمفكرين السعوديين على أن هذا الأمر لا يعني فتح حوار مع إسرائيل وأنه لن يكون وسيلة سياسية في ملف التطبيع[56]، إلا أن أطراف عدة في العالم العربي والإسلامي انتقدت هذا الحوار باعتباره خطوة علنية في اتجاه التطبيع السياسي مع الدولة الإسرائيلية حيث أن هذه تمثل المرة الأولى التي يشارك فيها العاهل السعودي في فعالية رسمية يحضرها إسرائيليون. فعلى سبيل المثال، انتقدت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بشدة في بيان لها مشاركة إسرائيل في المؤتمر “معتبرة أن هذا الحوار يعد تطبيعًا سياسيًّا يجسد يهودية إسرائيل كدولة” وذكرت أن من الأخطر التحاور مع الكيان الصهيوني ككيان ديني لأن ذلك يمنحها تفويضًا لما تقوم به من تهويد واستيطان وسرقة للتاريخ[57]. كما هاجم حزب الله بشدة مؤتمر الحوار واعتبره “قناة مموهة لفرض التطبيع مع إسرائيل وتحويلها إلى جزء من نسيج دول المنطقة”، وأكد حزب الله أن “هذا التطبيع مع الجانب الإسرائيلي يأتي مجانًا ومن دون أي مقابل ومكافأة للإسرائيليين على تعسفهم وعلى حصارهم للشعب الفلسطيني”[58].
وتصب تلك الجهود السعودية للحوار في اتجاه تحسين صورتها أمام العالم وتحسين صورة الإسلام من حيث أنه دين يدعو إلى التعايش والتسامح، ومواجهة التعصب والتطرف الذي يعرقل جهودها في التواصل مع العالم وعرض قضاياها بشكل سليم. ويُرجع البعض تلك الجهود إلى عام 2003؛ حيث كانت هناك جهود تراكمية بدأت من الداخل في السعودية ثم آلت إلى تلك المؤتمرات العالمية[59]. لكن من ناحية أخرى، يذهب البعض إلى القول بأن تلك المبادرات مرتبطة بشكل أساسي بضغوطات ومصالح سياسية تخضع لها السعودية باعتبارها جزءًا من دول الاعتدال، لذا فقد كان عليها البدء في مستوى جديد من التعامل مع القضايا العالمية وقضايا المنطقة.

وبالإضافة إلى مبادرات السعودية للحوار بين الأديان، كانت هناك جهود عدة لتفعيل الحوار بين مؤسسات عدة على مستويات مختلفة، ومنها ما يلي:

· “قمة القادة الدينيين”:
عقدت في مدينتي أوساكا وكيوتو في يونيو 2008 للتحضير لقمة الدول الثماني، التي استضافتها اليابان، وشارك في تلك القمة الدينية ممثلون من (47) دولة عبر العالم يمثلون ديانات وطوائف متعددة ومنها: السُنَّة والشيعة، والكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، والبوذيون، والهندوس، والشينتو، ومن اليهود[60]. وناقشوا عددًا من القضايا على رأسها العنف والتغير المناخي؛ حيث طالبوا مجموعة الثمانية باتخاذ إجراءات جوهرية لمواجهة تلك المشكلات؛ “نحن نوحد دعوتنا لدول الثماني لاتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التهديدات التي تحيط بالإنسانية؛ وتلك تشمل تدمير البيئة والتغيرات المناخية، والفقر العالمي الشديد، والأمن الغذائي المتدهور، والتسلح النووي، والإرهاب، والعنف والنـزاعات. وتتطلب مواجهة تلك التهديدات إجراءات عاجلة من مجموعة الثمانية”[61] كما جاء في بيان القمة. وحث القادة الدينيون حكومات دول الثماني على التقليل من حجم مصروفاتها العسكرية والدفاعية واستخدام تلك الموارد لحماية البيئة. كما تناولت القمة قضية الإرهاب وأكدت على أنه غير مبرر دينيًّا ولا أخلاقيًّا سواء ارتكبه أشخاص أم جماعات أم دول، وأيضًا تم طرح موضوع التنوع الديني والعرقي والتعددية الثقافية. وقد قام بتنظيم هذا المؤتمر مجموعة من المنظمات الدينية اليابانية ومنظمة “أديان من أجل السلام” بالتعاون مع عدد من المنظمات العالمية للأديان مثل المجلس العالمي للأديان في نيويورك، وتلقت منظمة “أديان من أجل السلام” رسالة من مجموعة الثمانية والمجموعة الاقتصادية العالمية والحكومة البريطانية رحبوا فيها بجهودهم وشجعوهم على استكمال هذا العمل الجماعي المهم[62].

· اللقاء الحواري للجنة المشتركة للحوار بين اللجنة الدائمة للأزهر للحوار بين الديانات السماوية والمجلس البابوي للحوار بين الأديان:
في (25-26 فبراير 2008) بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة الذي أتى بعد انقطاع دام لمدة عامين على خلفية إساءة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر للإسلام في محاضرته بريجنسبرج في سبتمبر 2006 والتي ربط فيها بين الإسلام والعنف. وأوضح الشيخ عبد الفتاح علام وكيل الأزهر ورئيس لجنة الحوار أن هذا اللقاء جاء نتيجة إلحاح كبير من جانب الفاتيكان لتفعيل اتفاقية الحوار المشتركة وتأصيل مبدأ التفاهم والحوار مع الأزهر، ولإصلاح موقف البابا المسيء للإسلام[63]. وجاء في الإعلان الصادر عن تلك اللجنة “الإيمان بدور الديانات السماوية في إيجاد أساس قوي لقيم السلام والحقيقة والعدالة والسلوك الصحيح والتعاون من أجل التنمية واستخدام موارد الأرض لصالح البشرية كلها، وبهذا تحقيق الرخاء والأمن والسعادة للشعوب جميعها”[64]، وبحثت اللجنة موضوع الإيمان بالله ومحبة الآخر كأساس للحوار بين الأديان. كما أكدت على القيم الأخلاقية والروحية المشتركة، وناقشت قضية حرية التعبير التي أوضحت أنها لا تبرر إيذاء مشاعر الآخرين فيما يتعلق بأمور دينهم، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تأزيم العلاقات فيما بينهم، وبهذا أدانت اللجنة بشدة إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول (ص) وتزايد الهجوم على الإسلام[65]، وتم طرح مسألة الإساءة للإسلام في المناهج التعليمية الغربية وكيف أنها تعيق نشر مبدأ السلام في العالم وتقف في طريق العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب[66].

· الحوار الإسلامي المسيحي في الفاتيكان بين جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والمجلس البابوي للحوار الديني (15-17 ديسمبر 2008)
وتناول الحوار بالأساس مسئولية القادة الدينيين في تفادي الأزمات والحلول دون وقوع العنف بين أتباع الديانات المختلفة، بالإضافة إلى تعزيز القيم الأخلاقية مثل العدالة والتضامن والسلام والوئام الاجتماعي والخير المشترك[67]. وأكدوا على أهمية تعامل القادة الدينيين مع الأزمات بشكل صحي لعلاجها وتجنب تحولها إلى أعمال عنف بين المذاهب الدينية، الأمر الذي يقتضي قدرًا من الاحترام والمعرفة المتبادلة لمواجهة الأزمات سويًّا. كما أكَّد البيان الختامي على مسئولية الزعماء الدينيين تجاه الشباب وضرورة إيلائهم عناية خاصة حتى لا يسقطوا ضحية للتعصب[68].

· المبادرة الأوروبية للحوار بين الأديان (22- 25 مايو 2008):
انطلقت هذه المبادرة في إيطاليا لحشد جهود القادة والناشطين الأوروبيين لمواجهة التحديات الرئيسية التي تواجه التقاليد الدينية في أوروبا. واجتمع لهذا اللقاء 250 مشارك من الساسة والقادة الدينيين والناشطين في المجتمع المدني، كان محور اهتمامهم هو كيفية تفعيل دور الأديان والبنى المدنية للتعاون من أجل بناء المجتمع الأوروبي. وقد تضمن النقاش عددًا من الموضوعات على رأسها: التماسك المجتمعي، والتفاوت الاقتصادي، والهجرة، وحركة السكان بداخل أوروبا، والتأكيد على المشاركة والمسئولية في تناول تلك المشكلات[69]. وكان هناك التركيز على التعاون بين الثقافات المختلفة، والسعي نحو بناء مجتمعات منسجمة تستند جميعها إلى الهوية الأوروبية، وكذلك الاعتراف بمساهمات مجتمعات المهاجرين في المجتمعات الأوروبية، ومحاولة التأثير على الأطر العلمانية التي تتسم أحيانًا بالضعف والغموض، كما طالب الحوار بإنشاء المزيد من مجالس الحوار بين الأديان في الدول الأوروبية[70].

ملاحظات ختامية:
إن الجهود المبذولة في مجال الحوار بين الثقافات والأديان مازال ينقصها الكثير نظرًا لتداخل الأبعاد الدينية مع المصالح والرؤى السياسية مما يجعل من تلك المؤتمرات الدولية التي تضم كافة الطوائف والديانات ويدعو إليها القادة السياسيين والمنظمات السياسية الدولية أشبه بـ”المهرجانات الكبيرة”[71] التي تفرغ من مضمونها ويكون العائد الأساسي منها تحسين الصورة في وسائل الإعلام. لكن لا يعني هذا أن نتوقف عن بذل الجهود في هذا المجال لأنه مجال حيوي ومهم لإيجاد جسور ومساحات من الفهم المتبادل، مما يجعل من الصعب تدهور سوء الفهم إلى نـزاعات محتدمة كما هو الحال الآن. ولكن هذا التداخل بين الأبعاد الدينية والسياسية لا يمكن فصله في عالمنا اليوم، لذا فلابد من الحذر حين الدخول في تلك الحوارات من تحول الأديان إلى أداة تسوغ المصالح السياسية للقوى الكبرى أو لغيرها.
في الماضي، كان يتم التلاعب بالمصطلحات والمفاهيم دومًا من جانب القوى الاستعمارية، وهذا الوضع لم يتغير كثيرًا الآن؛ فمازالت القوى الكبرى تصك دلالاتٍ لمفاهيم طالما وجدت واستُخدمت في إطار أسمى، ولكن هذه العملية تُفرغها من مضمونها. فعلى سبيل المثال، يتحول “السلام” في العديد من تلك الحوارات إلى مقابل للتسوية والتنازل عن الحقوق والتسامح غير المشروط مما يفرغه من جوهره، ويجعل من العسير بناء وضع صحي في الواقع استنادًا لهذا المعنى، فلا يمكن مواجهة صراع ما أو الحد من الأزمات استنادًا إلى “مفاهيم مفخخة”[72] تم التلاعب بها مسبقًا وتعميمها لتحقيق مصالح الأقوى، وهذا الوضع لن يستقيم إلا بتحقيق العدالة كشرطٍ أولي يمهد الطريق أمام سلام حقيقي وتعايش صحي بين الفئات المختلفة. وكذلك الحال بالنسبة لمفهوم “الإرهاب” الذي أصبح الجميع يتحدث عنه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا أحد يدري ما المقصود تحديدًا به وما هي الأفعال التي توصف بالإرهابية وتدان من قِبل كافة الأديان والاتجاهات، وما الفرق بينه وبين المقاومة المشروعة والدفاع عن الأرض.
قد تؤدي الجهود المخلصة المبذولة من قِبل رجال الدين والعلماء والمفكرين إلى مزيد من التقدم في مجال حوار الأديان في المستقبل، وذلك من خلال سعيهم لإزالة سوء الفهم والأحكام المسبقة عن “الآخر” والسعي نحو إيجاد مشترك أخلاقي إنساني يقبله الكافة، ويدفعهم للعمل سويًّا لتحقيق الأفضل لمجتمعاتهم وأوطانهم. ولا يجب على الإطلاق أن ندع الأزمات التي تحدث بين العالم الإسلامي والغرب دون معرفة كيفية التعامل معها باستراتيجية متوازنة طويلة المدى تحدد الشرائح التي يمكن للحوار أن يحقق مردود إيجابي فيها، بدلاً من ترك الأمور تؤول إلى الردود القصيرة والانفعالات اللحظية.
مازالت هناك الكثير من الجهود التي لابد أن تُبذل على المستوى الإعلامي والأكاديمي فيما يتعلق بالمبادرات الصادرة من العالم الإسلامي تجاه الآخر، فبدون تلك الجهود يصبح الحوار حكرًا على أجندة الطرف الآخر –وهو الطرف الغربي في أغلب الأحوال- وبهذا يصبح موقفنا دفاعيًّا عن العقيدة أو اعتذاريًّا، وهذا ليس بالحوار السليم، أو أن يتحول الحوار لأداة تجميلية في أيدي القادة السياسيين طبقًا لما يرونه مناسبًا لسياساتهم ومصالحهم وهو الأمر الذي يجعل الكثير من المتخصصين يعزفون عن المشاركة في تلك الحوارات بعدما تبين عدم جدواها. وفي العالم الإسلامي توجد العديد من التجارب والخبرات الناجحة في التعايش بين الديانات والطوائف المختلفة وتحقيق مستوى من التسامح والتفاهم لابد لنا من الإفادة منه سواء في تناول الأزمات الداخلية والعلاقات البينية في العالم الإسلامي أو في التعامل مع الآخر الغربي أو الشرقي، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى إبراز الخصوصية الثقافية وفي نفس الوقت الانفتاح على الآخر في سياق حواري ينفع الناس ويمكث في الأرض.
*****

الهوامش:

[1] كلمة رئيس مركز حوار الأديان بالدوحة في مؤتمر الدوحة السادس لحوار الأديان 13-14 مايو 2008، متوافر على:
http://www.qatar-conferences.org/dialogue2008
[2] الشيخ محمد علي التسخيري، “أهمية الدين والقيم في بناء الإنسان الخيِّر ومكافحة الجرائم والفساد”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر العالمي للحوار في مدريد 16-18/7/2008، ص2.
[3] “البابا يعلن عن رغبة صادقة في الحوار مع العالم الإسلامي”، المقال متوافر على موقع دويتشه فيله:
http://www.dw-world.de/dw/article/0,2144,2183779,00.html
[4] خالد الغنامي، “حوار الأديان ليس ترفًا”، صحيفة الوطن السعودية بتاريخ 18/7/2008، المقال متوافر على الرابط التالي:
http://www.alarabiya.net/views/2008/07/18/53288.html
[5] Viggo Mortensen, “Globalization, Global Ethics and Interreligious Dialogue in a Multi-Religious Context”, article available on:
http://www.teo.au.dk/en/cms/research/profiles/nepal_lecture.pdf
[6] Charlotte Alfred, “Global Citizenship and Religion”, Development in Action Periodical, Autumn 2006, available on:
http://www.developmentinaction.org/blog/2006/09/global-citizenship-and-religion.html
[7] أ. مدحت ماهر، “جهود المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة” في: د. نادية مصطفى و د.علا أبو زيد (محرران)، “من خبرات حوار الحضارات: قراءة في نماذج على الصعيد العالمي والإقليمي المصري”، (القاهرة: برنامج حوار الحضارات، 2003)، ص 145-146.
[8] د. نادية محمود مصطفى، “الرسوم الدنماركية وشروط الحوار العادل: قراءة في مغزى العلاقة بين الثقافي والسياسي، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين: http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/2006/04/article01.shtml
[9] المستشار عباس الحلبي، “دور الحوار بين الأديان في تلافي النزاعات الدينية” في: د. نادية مصطفى (تنسيق علمي وإشراف)، “حوار الثقافات والأديان: خريطة الحالة، التحديات، شروط التفعيل”، (القاهرة: برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات)، تحت الطبع.
[10] Samuel P. Huntington “If Not Civilizations, What? Samuel Huntington Responds to Critics”, Foreign Affairs Journal November/December 1993.
[11] د. أحمد داوود أوغلو، “العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية”، ترجمة: د. إبراهيم البيومى غانم، (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2006)، ص6.
[12] M. Fethullah Gülen, “Essays – Perspectives – Opinions”, (New Jersey: The Light Publishing, 2002), p.34.
[13] زكي الميلاد، “العلاقة بين حوار الأديان وحوار الحضارات”، المقال متوافر على موقع مجلة عكاظ:
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20080807/Con20080807215222.htm
[14] حسن عزوزي، “الإسلام وترسيخ ثقافة الحوار الحضاري”، المقال متوافر على الرابط التالي:
http://science-islam.net/article.php3?id_article=567&lang=ar
[15] كوفي عنان، “سد الهوة”، المقال متوافر على الرابط التالي:
http://www.hewaraat.com/forum/showthread.php?s=38c731b12f270e68935dafcd8cc6bec4&t=7579
[16] د.أميمة عبود، “أسلوب الحوار: الدوافع، الأهداف، الشروط، الآليات، الأنماط” في: د.منى أبو الفضل ود.نادية مصطفى (تحرير)، “الحوار مع الغرب: آلياته –أهدافه-دوافعه”، (دمشق: دار الفكر، 2008)، ص 68.
[17] المصدر السابق، ص72.
[18] د.محمد سليم العوا، “الحوار الإسلامي المسيحي”، المقال متوافر على موقع قناة الجزيرة:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/61D91C54-CCAD-4275-932E-9F96876F59A8.htm
[19] أعمال ورشة عمل حول الحوار الديني ودوره في تعزيز قيم التسامح وقبول الآخر، المقال متوافر على:
http://www.alquds.com/node/95481
[20] Leonard Swidler, “The Dialogue Decalogue: Ground Rules for Interreligious Dialogue”, Journal of Ecumenical Studies, winter 1983, available on:
http://www.masscouncilofchurches.org/docs/Dialogue%20decalogue.htm
[21] أ. وسام كمال، “العوا يقدم ضوابط حوار الحياة”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/Arabic/In_Depth/BackToAllah/Articles/2005/11/12.SHTML
[22] د. محمد سليم العوا، “الحوار الإسلامي المسيحي”، مصدر سابق.
[23] شريف عبد المنعم، حوار مع وكيل الأزهر، متوافر على موقع شبكة الأخبار العربية محيط:
http://www.hewaraat.com/forum/showthread.php?s=38c731b12f270e68935dafcd8cc6bec4&t=7564
[24] Jason Barker, “Christians and Interreligious Dialogue”, article available on:
http://www.watchman.org/reltop/christiandialogue.htm
[25] تصريحات البابا لصحيفة “كريستيان توادى” بتاريخ 24/11/2005، نقلاً عن: افتكار البنداري، “بابا الفاتيكان: حوار الأديان مستحيل”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1227019252819&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[26] د. قاسم عبده قاسم، “المسلمون وأوروبا: التطور التاريخي لصورة الآخر”، (القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2008)، ص184.
[27] المصدر السابق، ص185.
[28] المصدر السابق، ص 188- 189.
[29] Milton Viorst, “Storm from the East: The Struggle between the Arab World and the Christian West”, (New York: The Modern Library, 2007), p.173.
[30] المصدر السابق.
[31] “حوار للحضارات أم حوار للأديان”، المقال متوافر على موقع مفكرة الإسلام:
http://www.islammemo.cc/2006/05/24/7640.html
[32] “حوار الأديان..أسئلة مشروعة وإجابات صعبة”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/arabic/mafaheem/2002/04/article1.shtml
[33] وسام كمال، “العوا يقدم ضوابط حوار الحياة”، مرجع سابق.
[34] د.أميمة عبود، مصدر سابق، ص 77.
[35] “إعلان مدريد” متوافر على:
http://www.nusrah.com/ar/Contents.aspx?AID=4838
انظر أيضًا:
“Madrid Interfaith Dialogue Conference: Beginning of a Process”, available on:
http://www.saudi-us-relations.org/articles/2008/special-reports/080719-madrid-conference.html
[36] مجلة آفاق: http://www.aafaq.org/news.aspx?id_news=6325#
[37] “أعمال مؤتمر حوار الأديان تتواصل بإسبانيا برعاية سعودية”، 17/7/2008، المقال متوافر على موقع قناة الجزيرة:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/208CC05B-E236-494D-BC52-F8F40D1F106B.htm
[38] محمد عرفة، “مؤتمر مدريد يدعو لمجلس عالمي للأديان”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين على الرابط التالي:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1216207872237&pagename=Zone-Arabic-News%2FNWALayout
[39] “الملك السعودي يفتتح حوار الأديان بالدعوة إلى المصالحة”، 17/7/2008، المقال متوافر على موقع قناة الجزيرة:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/48FA17B2-6C0F-4410-A25F-3404322FC1EC.htm
[40] محمد عرفة، “مؤتمر مدريد للحوار..كرنفال للتنوع الديني”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين على الرابط التالي:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1216207841575&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[41] بيتر فيليب، “المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان: دعوة لنبذ الإرهاب والعنف”، المقال متوافر على موقع قنطرة:
http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-769/i.html
[42] المصدر السابق.
[43] Story from BBC NEWS:
http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/2/hi/middle_east/7436212.stm
[44] “مؤتمر مدريد للحوار: التاريخ يصنعه الحكماء”، 13/7/2008، المقال متوافر على موقع جريدة الرياض:
http://www.alriyadh.com/2008/07/13/article358767.html
[45] د.على السمان، “مؤتمر مدريد للحوار نقطة تحول”، نشر المقال بجريدة الأهرام بتاريخ 16/8/2008، متوافر على الرابط التالي:
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=156019
[46] Shanta Premawardhana, “The World Conference on Dialogue: Its Promise and Challenges”, article available on:
http://www.oikoumene.org/en/resources/documents/wcc-programmes/interreligious-dialogue-and-cooperation/interreligious-trust-and-respect/29-07-08-the-world-conference-on-dialogue-a-reflexion.html
[47] د.هاشم عبده هاشم، “لنبعد السياسة عن حوار الأديان”، المقال متوافر على موقع جريدة الرياض على الرابط التالي:
http://www.alriyadh.com/2008/06/06/article348651.html
[48] Yoay Stern, “Interfaith Meet Signal Thaw in Saudi Hostility Toward Israel”, Haaretz, 18/07/2008, article available on:
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1003217.html
[49] محمد أحمد، “حوار الأديان واقتسام الكعكة”، 5/8/2008، المقال متوافر على موقع منتدى العلمانيين العرب على الرابط التالي:
http://www.3almani.org/spip.php?article2734
[50] “إعلان نيويورك يشدد على التسامح ورفض التمييز على أساس العرق أو الدين”، 14/11/2008، المقال متوافر على الرابط التالي: http://www.psp.org.lb/Default.aspx?tabid=107&articleType=ArticleView&articleId=20446
[51] المصدر السابق.
[52] “إعلان نيويورك الصادر عن مؤتمر حوار الأديان”، جريدة الحياة بتاريخ 14/11/2008، المقال متوافر على الرابط التالي:
http://ksa.daralhayat.com/official_news/11-2008/Article-20081113-97833265-c0a8-10ed-011c-4d1651f6c1f6/story.html
[53] “في حوار الأديان.. بيريز يرحب بالمبادرة العربية”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1226471410301&pagename=Zone-Arabic-News%2FNWALayout
[54] المصدر السابق.
[55] Julie Stahl, “Saudi-Initiated Interfaith Conference Gets Cautious Reception in Israel”, article available on the Cybercast News Service:
http://www.cnsnews.com/public/content/article.aspx?RsrcID=39299
[56] “السعودية: لم ندعُ إسرائيل إلى حوار الأديان”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1225698006075&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[57] صبحى مجاهد، “خلافات تنتظر قمة الأمم المتحدة لحوار الأديان”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1226414633579&pagename=Zone-Arabic-News%2FNWALayout
[58] “الموسوي: مؤتمر حوار الأديان قناة مموهة للتطبيع مع إسرائيل”، 9/11/2008، الخبر متوافر على الرابط التالي:
http://www.naharnet.com/domino/tn/ArabicNewsDesk.nsf/story/FCBEE29F0A2E198EC22574FC00509CED?OpenDocument
انظر أيضًا: “حزب الله يحذر من مشاركة إسرائيل في مؤتمر حوار الأديان ويؤيد التنسيق الأمني اللبناني السوري، 11/!1/2008، المقال متوافر على موقع القدس: http://web.alquds.com/node/115558
[59] طارق الحميد، “الملك عبد الله وحوار الأديان”، جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 12/11/2008، المقال متوافر على:
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=494620&issueno=10942
[60] د.وليد عبد الناصر، “حوار الأديان وقمة دول الثماني”، المقال متوافر على موقع جريدة الأهرام بتاريخ 7/7/2008:
http://www.ahram.org.eg/Archive/2008/7/7/OPIN5.HTM
[61] Press Release: “World Religious Leaders Urge G8 to Take Action”, available on:
http://www.wcrp.org/news/press/g8-07-03-08
[62] المصدر السابق.
انظر أيضًا:
“Religious Leaders Summit makes Call to G8 Leaders in Japan”, available on:
http://www.developmentandfaith.org/news-and-events/2008/07/03/religious-leaders-summit-makes-call-to-g8-leaders-in-japan/
[63] صبحي مجاهد، “أول حوار بين الأزهر والفاتيكان منذ عامين”، 25/2/2008، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203757410008&pagename=Zone-Arabic-News%2FNWALayout
[64] “Final Declaration of Annual Meeting of the Joint Committee for Dialogue of the Permanent Committee of Al-Azhar for Dialogue Among the Monotheistic Religions
and the Pontifical Council for Inter-religious Dialogue”, (Cairo, 25-26 February 2008), available on:
http://www.vatican.va/roman_curia/pontifical_councils/interelg/documents/rc_pc_interelg_doc_20080226_cairo-declaration_en.html
[65] المصدر السابق.
[66] صبحي مجاهد، “بعد بيانه المشترك مع الفاتيكان..الأزهر: لن نعدل مناهجنا”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1235628720953&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[67] “Responsibilities of Religious Leaders in Times of Crises”, document available on:
http://www.wics-it.org/cms/attach/comunicato_finale_11_incontro_wics_pcid.pdf
[68] “الفاتيكان..دعوة إسلامية مسيحية ضد التعصب”، المقال متوافر على موقع إسلام أون لاين على الرابط التالي:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1229319087290&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[69] “European Inter-Religious Encounter 2008”, available on:
http://www.fondazioneoperacampana.it/ita/home.php
[70] “The Revere to Encounter 2008”, available on:
http://www.rfp-europe.eu/index.cfm?id=168623
[71] فهمي هويدي، “أسئلة مهرجان نيويورك”، جريدة الدستور بتاريخ 11/11/2008، المقال متوافر على الرابط التالي:
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2008/11/blog-post_12.html
[72] كما أطلق عليها الدكتور/ سيف الدين عبد الفتاح.

نشر في حولية أمتي في العالم، عدد 2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى