الأمة والعمل الخيري والإنساني: الدوافع/ الأهداف والإمكانيات والقيود

تقرير اللقاء السادس من منتدى الحضارة

تقديم د. مدحت ماهر

هذا هو اللقاء السادس من منتدى الحضارة، الذي يجمع في تناوله القضايا العلمية والواقعية تحت عنوان: “جديد العلم والعالم”. ويأتي لقاء اليوم بعنوان: “الأمة والعمل الخيري والإنساني: الدوافع / الأهداف والإمكانيات والقيود”، في أيام عصيبة بحق، فيها طوفان وعدوان وصمود ومقاومة وخذلان، وفيها حالة “الغثاء” “كغثاء السيل” وعقلية وقلبية “الوهن” في ظل تداعي الأمم على هذه الأمة، ولكن أيضًا في قلبها أضواء وأنوار تحمل خمائر عزة وبشائر أمل. ويحمل عنوان هذا اللقاء في مفاهيمه الأساسية شيء من هذه المعاني وبالأخص معاني العمل والأمل والخير والإنسان.

ولقاء اليوم مع الدكتور كريم حسين، وهو إنسان فاعل ومتحرك بقوة، ودبلوماسي مستمر، انتقل من الرسمي إلى الأمة، ومن الضيق إلى الواسع، واستشاري ومساعد ومحفز في الكثير من المؤسسات والفعاليات في مجال العمل الأهلي والإنساني الوطني والعابر للحدود، وهو حريص على أن يشارك الناس جهوده وأعماله. واليوم سيوضح صفة يخفيها وراء جهده الكثير وهي أنه باحث بمعنى الكلمة. وهو حاصل على دكتوراه العلاقات الدولية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، والموضوعات التي اختارها في الماجستير والدكتوراه تدل على العناية الشديدة بالأمة.

تقديم أ. د. نادية مصطفى:

هذا اللقاء له أكثر من دلالة في نفسي وعقلي وقلبي، ويقدم نموذجًا في تجسيد هذه العلاقة بين العلم والعالم، الذي من المفترض أن يكون هناك دائمًا رابط بينهما، والمحاضر نفسه ذو خبرة في هذا الربط بين العلم والعمل، وبين العمل التطوعي والخيري على مستوى الأمة وعلى المستوى القومي والوطني، ويشعر بما لديه من إمكانيات وما عليه من قيود. وهو يمثل أيضًا حالة الامتداد بين الأجيال والتراكم من جيل إلى جيل، وهو من الجيل الثالث الذي يقدم للجيل الرابع في المدرسة الحضارية هذه الخبرة الممتدة، التي نؤرخ لها من أستاذنا حامد ربيع وأستاذتنا منى أبو الفضل. والدكتور كريم منذ التقيته عام 2005، وهو يبحث عما يستطيع أن يقدمه للطلاب حول الأمة والتثقيف والتوعية بهذا المستوى، ابتداءً من نموذج منظمة التعاون الإسلامي في الكلية، ومجال الدبلوماسية المصرية، ومجالات العمل الإنساني والخيري. وهو بذلك يقدم هذه الرابطة بين الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتربوي والدعوي على كافة المستويات: الوطن والأمة بشعوبها المختلفة وثقافاتها المتنوعة، وخصوصًا في ظل خبرته التي يتميز فيها على مستوى الأزهر الشريف ووفود المبعوثين من الدول الإسلامية غير العربية.

وتأتي هذه المحاضرة في لحظة فارقة نتساءل فيها: أين الأمة؟ فإذا كانت النظم الرسمية الممثلة لشعوب الأمة في هذا التيه وهذا الخذلان والصمت؛ هل نعلن كما قال الأستاذ فهمي هويدي من عقود: موت الأمة؟ وإجابتنا: هي لا، فالأمة باقية وقائمة كما علَّمنا أساتذتُنا، ولها تجلِّياتها الحضارية على مستويات مختلفة، وليست فقط قاصرة على الفعل الرسمي، والسياسة الرسمية للدول، فالأمة تتواجد ابتداءً من الفرد الذي يمثله الدكتور كريم وغيره من الأفراد الفاعلين في الأمة، بمعنى الفرد الأمة؛ انطلاقًا من رؤية حضارية شاملة. ومدرستنا الحضارية تقدم مفهومًا شاملًا وجديدًا للسياسة، يتَّسق مع هذا المعنى، وهو ما كانت تسمِّيه الدكتورة منى أبو الفضل الدراسات الحضارية.

كلمة د. كريم حسين:

في البداية وفقني الله إلى الدراسة في الكلية المركزية -أقصد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- التي حملت هذه الرؤية الحضارية (مدرسة المنظور الحضاري). وحصلتُ على الماجستير والدكتوراه باستخدام وتوظيف المناهج الحضارية. ولكن علاقتي بالمدرسة الحضارية لا تقتصر على المجال البحثي، وإنما هي قائمة على المبادرات التي تتجسد فيها هذه الرؤية. وأنا أرى أن ساحة المدرسة الحضارية، التي أؤمن بها جدًّا، غزيرة الأفكار التي تستحق التفعيل. وأنا واقف على هذا الثغر: باب التفعيل.

وإذا كان الله سبحانه وتعالى أعطى لكل واحد سمات شخصية تتَّسق مع طبيعة عمله وجهده، وهي في ذات الوقت ابتلاء (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) [النمل: 40]، فأنا أعتقد أنني وُهبت هذه السمات التي تجعلني أقرب لباب التفعيل، والتي اتضحت منذ طفولتي، حيث كنت موجودًا وسط الناس في السوق، وفي المدرسة، فكنت مثلًا أستقبل الأطفال الأصغر سنًّا لمحاولة دمجهم معنا في الفصول، وكنت أحاول دومًا النظر للأمور من زوايا مختلفة. وفي أول يوم دخلت فيه الكلية كانت نظرتي على المجتمع، فرأيت المكتبة على أنها قاعة اجتماعات، وساحة لترتيب وعمل المبادرات، وكانت كذلك بالنسبة لي. ولكوني شخص اجتماعي وجدت في المدرسة الحضارية حاضنة فكرية لأفكاري ومبادراتي.

ولذا أركِّز في هذا العرض على إبراز جهود التفعيل في الواقع من منظور حضاري، والإمكانيات المتاحة للأمة في العمل الخيري، وكذا المعوِّقات والتحديات التي تواجهها، وسبل التعامل معها من رؤية حضارية واسعة، وذلك في إطار خبرتي الشخصية والعملية والعلمية التي امتدَّت عبر العقود الماضية بدْءًا من صلتي بالمنظور الحضاري في سنوات الكلية الأولى وحتى الآن.

أولًا- عالم التفعيل في المدرسة الحضارية:

حينما أنظر إلى التفعيل لا أنظر إلى عالم البحوث، ولكن إلى الواقع. وأول من بدأ التفعيل في المدرسة الحضارية كان الدكتور حامد ربيع وقتما كان قوميًّا عربيًّا مهتمًّا بالأمة والوطن العربي؛ رأى أن هناك قيادة عربية لها خطاب قوي تجسدت في صدام حسين فاشتغل معه وقام بتجربته لتفعيل أفكاره في الواقع، ولكنه اكتشف أن هذه الحالة ليست حقيقية وإنما حالة دعائية، فترك هذا الأمر. وهو أمر مهم مفاده أن الباحث لا بد أن يختبر أفكاره، ثمَّ يبدأ في تطويرها. وهذا ما فعله حامد ربيع، فلم يترك الفكر العربي، ولكن قال: “سوف أظل عربيًّا”، و”أمتي أمة القيم”، وبدأ يتحرك نحو رحابة الحضارة الإسلامية والعالم الإسلامي من الزاوية العربية، وأرسل رسالة لتلاميذه، مفادها: “نحن نريد أن نتجه إلى الجماهير” (وهذه مساحة مهمة في التفعيل السياسي).

أما الدكتورة منى أبو الفضل فعملت على مستوى الأسرة والعائلة والمجتمع، فأسست مدرسة، ودار مسنين، وجمعية للمرأة، وذلك بالتقاطع مع والدتها زهير عابدين، والاهتمام بمجال الصحة. أما مثلًا الثلاثي د. عبد الحميد أبو سليمان، ود. طه العلواني، ود. نادية مصطفى، فاتجهوا إلى إنشاء المؤسسات الفكرية (مساحة الفكر والبحوث)، وإقامة وقف للإنفاق على البحث والباحثين. في حين أن د. هبة رؤوف ود. أميرة أبو سمرة كانتا في مجال دعم المبادرات الشبابية والطلابية. ويمثل د. مدحت ماهر قيادة مجتمعية، تحقِّق معنى الأمة الوسط والوساطة، وتعمل في مجالات الأسرة والمجتمع إلى جانب عمله العلمي والبحثي.

وأنا كنت في دائرة الأنشطة الطلابية النخبوية، وهي أنشطة نخبوية تركِّز على العالم الإسلامي، برؤية حضارية واسعة، بالإضافة إلى ذلك عملت لفترة في دوائر السلطة والحكومة، وكنت دائمًا ما أحاول الربط بين الدولة والمجتمع، سواء عندما كنت في وزارة النقل، أو التعاون الدولي، أو الخارجية. ثمَّ حين كنت مشرفًا على بعثات الأزهر في أفريقيا. وهي كلها مساحات خاصة بالتفعيل.

من مدرسة حضارية إلى أمة حضارية فاعلة:

المدرسة الحضارية تحتاج للتحرك في مساحات كثيرة ومتنوعة منها: المؤسسات الاقتصادية، ومجال الإعلام، والأوقاف، والسلطة، وتمكين الباحثين، وتطوير المؤسسات الدعوية والخيرية، وإنشاء مراكز حضارية بالجامعات والمدارس.

وهنا من المهم أن نستدعي مفهومين في غاية الأهمية، وهما مفهوم “الأمة الإسلامية”، و”الأمة الحضارية”. فأنا أنظر إلى للأمة الإسلامية على أنها: “تمثل الدول والمجتمعات بغالبيتها المسلمة بتنوُّع مذاهبها، والديانات الأخرى فيها، وتواصلها مع العالم “.

1- ما موقعنا من الأمة؟

هنا أرى أهمية أن يكون هناك مجموعة صغيرة تقود مجموعة أكبر، أو أمة صغيرة تقود أمة أكبر، تتحرك في إطارها، ولذا أنظر إلى المدرسة الحضارية على أنها أمة حضارية.

والأمة الحضارية أعرفها على أنها: “حركة (وليست جماعة)، نخبوية فاعلة (ليست نخبوية منعزلة)، تبني العقل النابع من القلب (لهم قلوب يعقلون بها)؛ أي عقل حوله مشاعر وهوية، لأمة وسط ذات وظيفة رسالية، متعددة المستويات (سياسي – اقتصادي – ثقافي – اجتماعي)، متعدية الحدود والأبعاد المكانية والزمانية، بمرجعية إيمانية موحدة، عبر الإنسان، تلتحم بالمخلوقات والأكوان من حولنا.. حركتها دؤوبة بين ثلاثية: التأصيل والتفعيل والتشغيل. وهي في ذلك أمة متمايزة لها كيانها وتطبيقاتها المستقلة فهي تتمايز عن الجميع (السلطة والمجتمع) حتى تستطيع خدمة الجميع: (الدول والمجتمعات).

2- وما وظيفة الأمة الحضارية؟

تتمثل في مجموعة وظائف:

أ) الوظيفة السياسية (الإمامة / السلطة):

الأمة الحضارية لم تُختبر في سلطة، ولا يمكن القول إن الحركات السياسية الإسلامية أو التغلُّب أو الملك هي تجسيد لتجربة الأمة الحضارية أو أن وظيفة هذه الحركات القيمية هي تجسيد لها في الوظيفة السياسية على الأقل في نطاق خبرة السنوات الماضية، وربما يحدث ذلك مع جيل جديد. ولكنني أرى في الوضع الراهن أو الذي يمكن تطويره، هو أن تلتقي المدرسة الحضارية مع ما يشبه تفعيل المدرسة النقدية الألمانية عبر أحزاب الخضر والسلام الاجتماعي.

ب) وظيفة العقل المعرفي (المؤذن):

الآذان بين الكلمات والفعل نموذج معرفي متكامل يختلف عن وظيفة الإمامة، فهو دعوة الى نظام عام يجمع الإمام والمأمومين لوظيفة ورسالة واجبة تعبر عن منظومة السلطة والمجتمع مجتمعين.. فشهادة أن لا إله إلا الله هي أعلى درجات الإيمان والخير والسياسة بالرؤية الانعتاقية، والشهادة المحمَّدية تحمل منظومة سيرة وقيم: الرحمة، والكرم، ونمط القوة ومواضعها، وحي على الصلاة (صلة بين المجتمع والسلطة، وفيما بين المجتمعات والبلدان)، والفلاح يعني الإنجاز.. فالتحدي وصول المعرفة الحضارية للجميع كحال وصول الآذان؛ فيتجاوز العلوم الاجتماعية ليصل لغيرها، وعالم الباحثين إلى كافة أشكال التشغيل والتفعيل بالمجتمع والسلطة والأمة والعالم. وهناك مساحات أخرى في مجالات العلوم الطبيعية تحتاج إلى جهد في وظيفة العقل المعرفي.

ج) وظيفة الأمة الوسط: وتشمل فكرة الوساطة في السياسة والمنازعات التجارية والعائلية والمجتمعية ….

د) وظيفة العمران: عمران العقل والكون، (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) [هود: 61].

هـ) وظيفة الاستخلاف: قيم وتدافع وتتابع حضاري.

و) وظائف مكملة (للوظائف السابقة) مثل: الحكي “فاقصص القصص”، “لتعارفوا”، “وتعاونوا”، التنادي: وقل .. وأذن في الناس..، ووظيفة وفلسفة البر، والصدقة والإنفاق.. وهي قائمة مفتوحة..

وهذه الوظائف لكي تتم تحتاج لسلطة بشكلٍ ما، والسلطة لها أكثر من شكل. إما أن تكون رسمية، أو مساحة عمل مع السلطة الرسمية. والعمل مع السلطان في الفقه السياسي الإسلامي يتعلَّق بحالات كثيرة ما بين الواجب والمستحب والمكروه والحرام، ولكن في غالبية الحالات هناك مساحات عمل مع السلطة حتى تتمكَّن الأمة الحضارية من أداء وظيفتها إزاء الأمة الإسلامية الأكبر.

ثانيًا- نموذج أمة حضارية “مُصغرة”:

كان النشاط الطلابي لمحاكاة منظمة التعاون الإسلامي (مويك) بمثابة أمة مُصغرة، وكان نشاطًا متميزًا في نطاق نماذج أخرى لمحاكاة الأمم المتحدة ومؤسسات غربية، ما يعني أنه كان بمثابة معمل اختبار الأمة المصغرة.

تجسَّدت فكرة “مويك” في المعرفة بمستوى العالم الإسلامي ضمن الأنشطة النخبوية بعد سنوات اقتصرت على أنشطة المستويات الأخرى، واستيعاب النشاط لأدوات جديدة من مسلمي الغرب مثل برامج المدارس، ودمج العمل الخيري مع الثقافي، وفتح مساحات جديدة كالفعاليات، والحفلات، والرحلات، وتثقيف الأيتام.

وشارك في التفاعل مع هذه الفكرة أنواع مختلفة من الناس، وهم ضمن ما أسمِّيه: عالم الأشخاص بالنشاط: منهم من المسلمين العاديين غير المنتمين، وقد شهد النشاط إقبالًا كبيرًا منهم، والأزاهرة، وشباب التيارات الإسلامية، وعلمانيين، وجرى تجسير الفجوة بين هذه الأنواع والأصناف المختلفة من الطلاب.

و”مويك” كتفعيل للحضاري حافظ على آلاف الطلاب كأمانة تربوية؛ فالفرد له قيمة، وأثبت أن هناك سلطة لكيانات في المجتمع يلزم نقدها هي الأخرى وليس فقط نقد السلطة السياسية، وأولوية توجيه الدعوة الحضارية إلى عالم المسلمين الذي يحتاج الى معرفة، وتجاوز الثنائيات المعيقة للنشاط والحركة، مثل ثنائية: العسكر والإسلاميين، التي تحتاج إلى إعادة نظر، لتحل محلها ثنائية: مسؤولية وجدية وأخلاق في مواجهة بيروقراطية ونذالة وانتهازية سلبية.

أما عالم القضايا المرتبط بالنشاط فبسبب التفاعل مع عائلات الطلاب، والطالبات، تحولت الأولوية من الحوار الثقافي حول القضايا السياسية المباشرة إلى عالم السياسات ومنها قضايا العائلة (بمستوياتها: الطفولة بالمدارس، ونماء اقتصادي لاستقلال العائلة، وكبار السن والبر المجتمعي، وفرص العمل، والتربية، والأيتام…) والبيئات الحضارية الحاضنة للشباب (تطوير دور المسجد [والتعلم من نموذج الكنيسة]، والأنشطة الجماعية الإيجابية بالمدارس والجامعات والمجتمع، وإلى مساحات الذوق والجمال والجانب النفسي عبر الفن، والرسم، والمسرح، والسينما.

ثالثًا- إعادة المكانة لعالم المؤسسات والرموز الحضارية:

جزء أساسي من تفعيل المنظور الحضاري في الواقع، هو إعادة المكانة لعالم المؤسسات والرموز الحضارية المنتشرة عبر العالم الإسلامي، والتي امتدَّت عبر العصور الإسلامية، وهو ما أسمِّيها “الجسور الحضارية”: وهي كل ما استطاع أن يبقى عبر التاريخ الحضاري رغم مرور الزمن وشدة التفاعلات، وهي تجارب حية وليست آثارًا مصمتة فقط، نحتاج لتدبرها وتعميق تأثيرها، ومنها:

1- المدن والأماكن الحضارية: مثل قاهرة المعز، والأزهر، والتي يمتد تاريخها لأكثر من ألف عام، واستمرت مظاهر مثل أروقة الازهر، وظاهرة العلماء خارج الأطر الرسمية بالمضيفات، ومساكن الطلاب، أسواق كتب العلم، والتجار المرتبطين بطلاب العلم الوافدين، ومدن أخرى مثل حضرموت باليمن كحاضرة علم، وكذلك المسجد النبوي بالمدينة، وقم والنجف الأشرف كحواضر شيعية، وإسطنبول حاضرة سياسية.

2- خريطة القبائل والأعراق والعائلات الممتدة والعصبيات: تقسيم الاستعمار للعالم الإسلامي (فيلم مملكة الصحراء)، مقابل الوصل الحضاري على أساس القبائل والأعراق.

3- الكتاتيب والمعاهد العلمية عبر أقطار العالم الاسلامي (رغم محاولات الاستعمار تغييرها ولم ينجح) .

4- الصدقة والزكاة: ودورها عبر الزمن

5– حضارة الوقف وأشكاله الجديدة: تجربة كريستال عصفور الحديثة والجمعيات.

6- التجار التقليديين في صعيد مصر وأفريقيا واليمن والشام .

7- الجمعيات التاريخية: مثل الجمعية الشرعية المصرية، وجمعيات الشبان المسلمين بأفريقيا.

8- الطرق الصوفية: مع فقدانها أدوار يمكن إحياؤها كالوساطة بين الأهالي والسلطة.

9- الدعاة: التطور مثل المؤثرين والمصلحين والمفكرين، والدعاة الجدد.

10- حالات اللجوء عبر التاريخ: منذ مريم وعيسى عليهما السلام من فلسطين إلى مصر حتى الآن.

والمطلوب إقامة رؤية حضارية فاعلة من خلال النظر في هذه “الجسور الحضارية”.

رابعًا- نماذج لسياسات الدول والمنظمات الدولية الإسلامية الخارجية الإنسانية

العالم الإسلامي هو نظام إقليمي فرعي له منظمات دولية متكاملة التخصصات تعمل كإطار شامل للتعاون مع ضعف الفاعلية (منظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها الثقافية والتنموية والاقتصادية والإنسانية والسياسية)، ولذلك ارتبط العمل الخيري والإنساني بدول مركزية في العالم الإسلامي، هي:

1- تركيا: التي تُعد النموذج الأقوى في تأسيس هيئات جديدة مثل الإغاثة والتنمية، وإحياء الوقف العثماني)، واستقبال اللاجئين، إلا أنه مشروع قومي تركي بالأساس.

2- إيران: تقدم نموذجًا متمايزًا لنشر المدارس والمعاهد والجامعات والجمعيات والفعاليات، ولكنه مشروع مذهبي طائفي بالأساس.

3- مصر: لديها سياسة موروثة كبيرة في آسيا وأفريقيا، عبر دور الأزهر، والمجتمع، لكن هناك ضعف في فاعليتها حاليًّا في المستويين.

4- دول الخليج: دَخَلَتْ بقوة في مجال العمل الخيري وتمويله، ولكن تشهد تنافسًا سعوديًّا إماراتيًّا قطريًّا.. وتتمايز الكويت بمنظومة عمل إنساني دولي.

وهذا التنافس والتمايز هو إطار التدافع الإنساني في العمل الخيري، وهو أمر جيد، لكن الدول العربية (العرب) تحتاج إلى نموذج ومشروع في العمل الإنساني مثل تركيا وإيران، يقوم على أساس تكامل الجهود بينها.

خامسًا- إشكاليات ومعوقات العمل الإنساني عبر الأمة

رغم هذه الإمكانات الهائلة التي سبقت الإشارة إليها للعمل الخيري في الأمة، فإن العمل الإنساني في كثير من الدول الإسلامية يواجه تحديات كبيرة:

1- فمصر -مثلًا- أوقفت التعاون الخارجي الأهلي للجمعية الشرعية إلا من خلال الدولة، وفي أضيق الحدود، رغم أهمية ذلك لمصر بسبب حساسية أزمة الإسلام السياسي، لكن بدأت مراجعات في الداخل نتج عنها تأسيس تحالف العمل الأهلي / الجمعيات الأهلية ودوره في أزمة فلسطين الأخيرة، ومن ثمَّ فإن خلق مساحات التنسيق واجبة، وهو ما يؤكد على الصلة بين الدولة والمجتمع في تحقيق أهداف السياسة الخارجية.

2- هناك إشكالية كبيرة في العلاقة بين السنة والشيعة والتسييس في العمل الإنساني، وإمكانية إيجاد مساحات مشتركة.

3- هناك تحدٍّ آخر بشأن قبول الغرب لعمل مؤسسي إسلامي من داخله إلى العالم، يغذيه ميراث الخوف من المهاجرين، والاحتياج الى سياسة فاعلة تجاه ذلك.

4- إشكالية الفكر الخليجي الذي يشترط أحيانًا دخول مسلمين جدد بالتمويل، خاصةً في أمريكا اللاتينية، وليس الاهتمام بنوعية التجربة والمعرفة المطلوبة لتثقيف المسلمين، فهناك تجربة مهمة لرئيس المركز الإسلامي بالإكوادور يحيى خوان كقائد عسكري سابق أسلم وكان له دور بارز بعد ذلك في نشر الدعوة.

5- أشكال الاحتيال المرتبطة بالتمويل الخليجي على أساس التشيُّع وطريقة الدعوة السلفية، وافتتاح مراكز إسلامية دون رؤية وكوادر حقيقية، وذلك يحتاج إلى سياسة ودعوة نخبوية حضارية.

6- إشكالية إحياء دور اجتماعي متميز للصوفية في العمل الإنساني.

بالإضافة إلى ذلك يحتاج العمل الخيري الإسلامي إلى الاستفادة من روح الطبيب والداعية المتطوع بالقوافل الخارجية المختلفة عن الرسميين، والاستفادة من النموذج التركي المهم في صراع كولن والسلطة، الذي أدَّى إلى إنشاء مؤسسات مجتمعية للدولة تساعد في تحقيق أهداف سياستها الخارجية مثل مدارس وقف المعارف، حيث أدى الاختلاف إلى تفاعل وتدافع إيجابي على خلاف فكرة الإيقاف التام.

وخلاصة ما سبق يشير إلى أن هناك احتياج الى عقل حضاري ومساحات تعاون مع السلطة للتفعيل: فللإسلام حق استراتيجي جماعي واجب؛ والدعوة الإسلامية في حاجة لعقل استراتيجي يخطط لها، وألا تكون بهذا القدر من العشوائية، وذلك انطلاقًا من دور الدولة ككيان حضاري بما يشمله من أفراد ومجتمعات وجمعيات، والاتجاه إلى هذا الأمر يمكن أن يحدث انتقالًا حضاريًّا فعلًا في بلادنا والعالم الإسلامي، وذلك بالاهتمام بدور الأفراد والمؤسسات، والتأكيد على تمايز الأمة الحضارية عن غيرها لتستطيع خدمة الجميع.

اتجاهات النقاش

درات اتجاهات النقاش حول ما قدَّمه اللقاء من وصل بين الشخصي والإنساني، والاجتماعي والسياسي والثقافي والتنموي، والمجالات كلها اجتمعت بسلاسة شديدة تقدم في الأخير رسالة لها عنوان: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77]، تحت مقصد أساسي هو توسيع مساحات الخير في الأمة ومن الأمة وإلى الأمة. ولكن مسألة ربط الوظيفة الحضارية بأحزاب الخضر والسلام والاجتماعي في مقابل حركات الإسلام السياسي فيه نوع من الاستسلام للواقع وعدم القدرة على الذهاب أبعد في تنفيذ الرؤية والوظيفة الحضارية الشاملة، وهو طرح يجعل العدو الأساسي هو جماعات الإسلام السياسي وليس أشياء أخرى، وقصر الإسلام على الجانب المسالم منه.

ومن ناحية أخرى، ومن زاوية بحثية، لم يخدم تناول موضوعات كثيرة وقضايا مُتعددة التعمُّق في فهم جانب معين من الموضوع، ولذا كان الأفضل التركيز على نقطة أو نقطتين تتعلق بالإجابة على سؤال: كيف تمت ترجمة المنظور الحضاري إلى فعل واقع وأنشطة مُحددة؟ وكان من شأن ذلك أن يبرز النتائج المتصلة بالتفعيل.

كما أكدت التعليقات أن تنوع أهداف الدول والمؤسسات في مجال العمل الخيري هو أمر طبيعي، فلا عمل من دون أهداف، فكل عمل للفاعلين من الدول أو من دون الدول هو جهد مقصود. وقضية العمل الخيري ترتبط بأهداف، وعندما نتحدث عن الجهد الذي تقوم به الدول المختلفة مثل تركيا وإيران والخليج والفاعلين من غير الدول، طبيعي أن يكون لهم أهداف، وقضايا يعملون في إطارها، مهما اختلفنا معهم، ولا بد أن يكون ذلك محل دراسة بغض النظر عن تقييمنا لها. وأن هناك ضرورة للاعتناء بتوجهات الدراسات في مجال العمل الإنساني، التي برز فيها تيار كامل عن العمل الخيري غير التقليدي الذي تقوده إيران وتركيا ودول الخليج ومن قبلها دول البريكس (الصين والبرازيل والهند)؛ فهذه الدول لديها رؤية مختلفة للعمل الإنساني والخيري عما هو سائد في الدول والمجتمعات الأخرى وبخاصة في الغرب. وأنه من المهم دراسة مدى مطابقتها في هذا الجانب مع الرؤية الحضارية؛ فهذه الدول لديها رؤية ليست بعيدة عن الرؤية الحضارية التي نعتنقها، وذلك من باب التعارف والتفاعل مع الآخرين. وبالتالي، هناك حاجة لتوجيه الاهتمام إلى تمويل المؤسسات البحثية والفكرية المعنية بالعمل البحثي وتطويره للتركيز على هذه المساحات وغيرها.

كما أشارت التعليقات إلى ضرورة الانتباه إلى مسألة تأميم الدولة لمساحات العمل الخيري والأهلي، وتأميمها للدين، بحيث أضحى أي نشاط يرتبط بالدين أو الإسلامية لن يتم إلا عندما يكون في نطاق مساحة التأميم التي تؤطرها الدولة.

وأكدت النقاشات على ضرورة ألا يكون مفهوم الأمة الحضارية (المُعرف بالألف واللام) بديلًا عن مفهوم الأمة الإسلامية، وإنما تقديمه على أنه رؤية ضمن الرؤى الحضارية للأمة الإسلامية، وألا يؤدي ربط ومقارنة السياسي بالإنساني، والواقعي بالمثالي، بالوقوع في فخ المثالية؛ حينما نطالب الإنساني أن يكون سياسيًّا، والوقوع في فخ شيطنة المهزوم وأنسنة المنتصر، وألا توصف السلطة على أنها شيء محايد في حين أن لها أوصافًا أخرى مثل: التسلط والاستبداد والانفراد والإقصاء.. والمنهزم أو المهزوم عنده مثالبه، ولكن تصديرها بشكل قوي وعميق يحتاج إلى وقفة وإعادة نظر.

وانتهت المداخلات إلى ضرورة إبراز وجهي العمل الإنساني، فليس كله جيدًا، فهناك عمل خيري في جزء كبير منه تبشيري وعلماني وفيه تغريب وتخريب للقيم والعقائد والأفكار..، وهناك عمل خيري تخديري لتسكين الناس، وعمل خيري استغلالي، وإلى أنه لا خير من غير اختيار، ولا عمل من غير إرادة، ولا عمل خيري بشكل حقيقي في الأمة إلا في ظل الحرية (مساحات من الحرية)، وصناعة مساحات الحرية والاختيار أمر مهم جدًّا، وطالما المجتمع ليس لديه حرية فلن يستطيع انتقاد ذاته.

تعقيب أ. د. نادية مصطفى

المحاضرة في مجملها جاءت أكثر مما توقعت من حيث تجسيد فكرة الربط ما بين الفكر والحركة التي أسماها د. كريم التفعيل، كنت أتوقع أن يقدم الدكتور كريم خريطة خبراته مباشرة في العمل الإنساني عبر الأمة. ولكنه أقترح أن يكون هذا في نطاق ما يسمى الأمة ” كمستوى للتفعيل”، وهذا جيد جدًّا، لكن الذي لم أتوقعه وهو ما قام به الدكتور كريم ويتفق مع مقدمتي لهذا الملتقى عن الوصل بين العلم والعمل، والربط بين الإنتاج النظري وبين الحركة.

ويقدم دكتور كريم مستوى الفرد الفاعل المتحرك انطلاقًا من رؤية، والعرض الذي قدمه ليس تنظيرًا مجردًا لمستوى الأمة، أو الأمة المصغرة، أو الأمة الوسيطة، أو الأمة الحضارية، ولكنه يقصد دمجه بخبرته على أكثر من مستوى حركي: ابتداءً من “مويك” (الأمة المصغرة) وصولًا إلى الخبرات العملية عبر أرجاء الأمة الاسلامية أو العمل مع المنتمين (الوافدين) إلى الأمة الاسلامية في القطر المصري. والجميل هنا أنه مزج هذه الخبرات مع الفكر الذي هو نوع من التنظير، وأنه يفكر على مستوى تحليل الأفراد والجماعات والأمة وليس على مستوى السلطات الرسمية أو الأجهزة الرسمية وحسب.

إننا نعلم أن التنظير وإنتاج العلم ليس نهاية المطاف، وأنه لا بد أن يكون لدينا علم نافع. والعلم النافع يجب أن يصب في مصلحة الأمة، وفي عافيتها، وفي إصلاحها، وفي إصلاح العالم. وليتحقق ذلك لا بد من قنوات ومن أدوات نجدها أو نبحث عنها أو نرعى بعضها حين نجدها؛ رعايةً متعدِّدة المستويات سواء ما بين دورات تنمية مهارات أو دورات تثقيف وتوعية بالمناطات التي يمكن أن يحصل فيها تفعيل هذا المنظور.

وتمييز دكتور كريم ما بين الأمة الاسلامية والأمة الحضارية عليه ملاحظة، فالأمة الاسلامية هي في طبيعتها أمة حضارية. فوفق تعريف الدكتورة منى أبو الفضل للأمة الإسلامية أنها أمة ذات عقيدة وذات وظيفة حضارية مستمرة. ولكن كون هذه الأمة عُطِّلَتْ قواها أو جُمِّدَتْ لفترة جعلتْها تفقد هذه الوظائف لفترة من الزمن، يجعلنا نقول إنها لكي تستعيد عافيتها يجب أن تعود كأمة حضارية يمارس أفرادها وجماعاتها وسلطاتها ومؤسساتها ودولها هذه الوظائف الحضارية.

وهنا تبرز لدينا نقطة مهمَّة جدًّا بشأن معنى السلطة: هل هذه الأمة الحضارية لا تتوافر فيها سلطات رسمية؟ وما معنى السلطة هنا؟ وما معنى الرسمي؟ فهل السلطة تعني ممارسة السياسة بوصفها شكلًا من الصراع السياسي من أجل الوصول الى الحكم؛ نعم هذا مستوى. ولكن ليس هذا هو المعنى الوحيد للسلطة ولا للسياسة. فالفرد والمؤسسة والجماعات مناطات للسلطة، وكل منها يمارسها بطرق مختلفة. وبالتالي أريد القول إن هذه الأمة الحضارية التي نتحدث عنها هي نخبة حضارية من أبناء الأمة على مستويات مختلفة، وفي تنظيمات مختلفة تقود الحركة على الأرض علمًا وفكرًا دون أن تمارس السياسة بالمعنى التقليدي ودون أن يكون لها سلطات وصلاحيات بالمعنى التقليدي.

ملاحظة أخرى ومهمَّة جدًّا من واقع تجربة “مويك” التي عُرضت بشأن خبرة هذا النموذج في تجاوز الاستقطاب بين الطلبة من حيث الانتماء العائلي والفكري والسياسي، وهو أحد أهداف المدرسة الحضارية. فالمدرسة الحضارية والمنظور الحضاري يهدفان إلى تجاوز الثنائيات على مستوى الفكر والواقع، والأصعب فعلًا هو تجاوز هذه الثنائيات والاستقطابات على مستوى الواقع؛ لأنها هي الآفة، التي هددت كيان الأمة ليس الآن فقط، ولكن عبر عقود مضت، ما بين علماني وإسلامي، وسني وشيعي، وكردي وتركي وفارسي وعربي، وغني وفقير، وشمال وجنوب ثمَّ مسلم ومسيحي.. إلخ، جعلت كل ما هو معاد للأمة في حالة تكالب عليها ليفت في عضدها.

ملاحظة أخرى، بشأن السؤال الذي يطرحه البعض: لماذا دائمًا نفكر في الموت؟ ولماذا لا نفكر في الحياة؟ أقول إن هذا الموت ليس عدميًّا، هذا الموت من أجل بناء حياة أفضل إذا كان في سبيل إزالة كل المعوقات أمام هذه الحياة، وهذا هو الجهاد. هو ليس موتًا من أجل الموت، فهو ليس انتحارًا لأن الفهم الراشد لثنائي الموت والحياة في الرؤية الإسلامية، وخصوصًا في مناطات المقاومة، يتخذ من مفهوم المقاصد الشرعية محفزًا له، ويعمل على ضمان العمران وخدمة الإنسانية. وفيه تدريب ليس على معنى الحياة وحسب، ولكن على معنى الحياة الكريمة، العادلة، الطموحة، التي يتساوى فيها الناس، حتى إذا اقتضى الأمر كفاحًا وموتًا من أجلها. وقد يؤدي الموت لمن يستطيع أن يبذل هذا القدر من الجهد الذي قد لا يطيقه غيره كتابة لحياة أفضل للآخرين كما يحدث مثلًا في حالة الاحتلال، في حالة الاستيطان، وهذا أمر يجب أن يوضح.

وأخيرًا أختم بأن المدرسة الحضارية ليست مدرسة بين مدارس أو حركات إسلامية متعددة تركز على جانب من الإسلامي: دعوي أو سياسي أو تربوي أو اجتماعي، وإنما مدرسة تحاول تقديم رؤية تجمع بين الأبعاد والزوايا التي تقدمها كل مدرسة في منظومة تساعد في تكوين الإنسان المسلم وفي تجديد طاقة الأمة. فنحن نحاول القول إن الإسلام هو كل؛ ليس إسلامًا سياسيًّا، ولا إسلامًا دعويًّا، أو إسلامًا تربويًّا، وليس إسلامًا جهاديًّا، وليس إسلامًا مصريًّا أو آسيويًّا فحسْب…، إنه الإسلام، وهذا الإسلام له تجليات مع تنويعات شعوبه المختلفة، وله تكوينات لخدمة جوانبه المختلفة. نحن مدرسة تحاول أن تنقل الأمة من فقه الاستضعاف إلى فقه الاستقواء، وهذا يتم على مستويات مختلفة؛ ومن أهم المستويات فيه المستوى الإنساني العام بكل تفريعاته التي يعمل مع الإنسان من أجل إصلاحه كسبيل للإصلاح المجتمعي وإصلاح الدولة.

 

إعداد تقرير اللقاء/ الباحث أحمد عبد الرحمن خليفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى