الأسرة والمحتوى المرئي في العصر السيبراني

مقدمة:

بدأ الإنترنت كنظام اتصال عسكري أمريكي ثم اكتسب إمكانياته المعاصرة خلال عام 1990 عندنا طور “تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee” طريقة لربط الوثائق بعضها ببعض على شبكة كبيرة[1]، وقد قام “باديس لونيس” بتقسيم مراحل تطور الإنترنت وتطور خدماته التقنية تاريخيًّا إلى ثلاث مراحل أساسية، تميَّزت المرحلة الأولى بطابعها العسكري ثم صارت ذات طابع تجاري في المرحلة الثانية، وفي المرحلة الثالثة تطوَّر الإنترنت في صورته الحالية مع ظهور الويب[2]. فقد زادت سرعة الابتكار خلال القرنين التاسع عشر والعشرين في وسائل التواصل من خلال التليغراف وغيره من المخترعات التي يسَّرت تكثيف المكان وضعط الوقت وسرعة التواصل، إلا أن الإنترنت هو الأكثر تأثيرًا وشمولًا في التحولات الاجتماعية التي أحدثها في المجتمعات المعاصرة مقارنة بغيره من المخترعات التقنية، على سبيل المثال ظلَّ التلغراف ذا أثر محدود[3]، بينما خلق الإنترنت ثقافة مستجدَّة على مجتمعاتنا المعاصرة وهي القدرة على البقاء متصلًا طيلة الوقت، وهذا الأمر لم يكن يحدث من قبل[4].

جاء الإنترنت بتطبيقاته المتعدِّدة ليصبح عاملًا رئيسيًّا في التنشئة النفسية والاجتماعية للأفراد في المجتمعات المختلفة، وازدادت مساحة هذا التأثير خاصَّة مع موجات تفشِّي الوباء العالمي “كوفيد 19” ولجوء الأفراد والمؤسسات في مختلف دول العالم للمكوث في المنزل والتعليم عن بعد والعمل بواسطة التطبيقات الإلكترونية العديدة، ليتضخَّم حضور الإنترنت في حياتنا اليومية ما بين التعليم والترفيه والتواصل، ونعتمد عليه بكثافة في القيام بالممارسات الحياتية اليومية، ليشمل حركة البيع والشراء وغيرها، فأصبح الإنترنت المصدر الأساسي للمعلومات وتداول الأفكار وسبل التربية[5]، ولم تعد الأسَر مجرَّد مستقبِلٍ للمحتوى المعروض فقط، لكن أصبحت الأسر نفسها صانعة للمحتوى المعروض على المنصَّات الإلكترونية المتنوِّعة خاصة اليوتيوب والمحتوى المرئي، وأضحى هنالك وظيفة ومهنة مستحدثة تسمى “فيديوبلوجر أو يوتيوبرز youtubers” أو صانع محتوى مرئي عبر تطبيقات كاليوتيوب وتيك توك وغيرهما.

شملت بعض هذه القنوات على اليوتيوب استعراض بعض الأسر لحياتهم الشخصية وعلاقاتهم الأسرية بتفاصيلها اليومية، وممارساتهم الاعتيادية كالطهي وتناول الطعام والشراب وتنظيف المنزل وشراء مستلزمات البيت وغيرها لتصبح معروضةً على الشبكة العنكبوتية للجميع، وتحصد ملايين المشاهدات. وساهم إتاحة الهواتف المحمولة والكاميرات لكثير من الفئات والطبقات الاجتماعية في انتشار هذه الظاهرة المستحدثة في المجتمعات العربية، فكل ما تتطلَّبه صناعة هذه الفيديوهات مجرد كاميرا مفتوحة وسرعة إنترنت مناسبة، لذلك لم تنحصر هذه الظاهرة في نطاق جغرافي أو طبقي معيَّن.

ففي الحالة المصرية، ثمَّة أُسر من الريف والمدن وبعض الأسر المصرية المهاجرة في الخارج تستعرض حياتها اليومية[6] على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية وتجمع مشاهدات كبيرة ويتابعها مئات الآلاف من المتابعين. ويصعب حصر الفئة المتابعة لهذه القنوات، لكن أدَّى وجود الهواتف بين يدي الأطفال في سن صغيرة إلى أن يكون من بين متابعي هذه القنوات أطفال صغار دون سنِّ العاشرة[7]. من أمثلة هذه القنوات، قناة “حمدي ووفاء”[8]، وقناة “أحمد حسن وزينب”[9]، وقناة “محمود الجمل”[10]، وقناة “عالم نشوى”[11]، وانتشرت أيضًا قنوات “الروتين اليومي” وهي قنوات أُنشِئت من قبل سيدات “ربات منزل” يشاركن المتابعين أعمالهم المنزلية.

ولهذه الظاهرة أبعاد اجتماعية واقتصادية ودينية بل وقانونية، فقد صدر قرار من مصلحة الضرائب المصرية يلزم “البلوجزر واليوتيوبرز” بدفع ضرائب على المال الذي يكسبونه من الفيديوهات المعروضة على الشاشة، حيث أعلنت مصلحة الضرائب المصرية أنه ينبغي على الأفراد الذين يقومون بنشاط صنع المحتوى (البلوجرز – اليوتيوبرز) التوجُّه للمأمورية الواقع فى نطاقها المقر الرئيسى للنشاط لفتح ملف ضريبى للتسجيل بمأمورية الضريبة على الدخل المختصة، والتسجيل بمأمورية القيمة المضافة المختصة متى بلغت إيراداتهم 500 ألف جنيه خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ مزاولة النشاط[12].

وأصدرت دار الإفتاء المصرية أكثر من فتوى تتعلق بهذه الظاهرة منها فتوى عن حكم الأرباح المكتسبة من هذه الفيديوهات على تطبيقات كالتيك توك واليوتيوب[13]. كما أصدرت دار الإفتاء فتوى أكثر تفصيلًا عن الحكم الديني لمشاركة الحياة الشخصية والأسرية من خلال مقاطع الفيديو وإطلاع الآخرين عليها، ومما جاء في نص هذه الفتوى الهامة:

إن بَثَّ ونَشرَ «اليوتيوبرز» المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل –تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابًا- حولها؛ إن كان مما يصح إطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا، وإن كان مما لا يجوز للغير الإشعار به مما يُعَيَّب به المرء؛ فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، وذلك لما فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة أناط بها الشرع الشريف عقوبة عظيمة؛ إضافة لما يحويه هذا النشر بهذه الكيفية من التعارض الكلي مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار”[14].

وأشارت دار الإفتاء إلى أن نشر هذه الخصوصيات بهذه الكيفية المذمومة هو مِن طلب الشُّهْرة الذي كَرِهه السلف الصالح، ويندرج تحت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ»، ولفتت فتوى دار الإفتاء إلى الموقف القانوني من إفشاء الخصوصيات بصورة معيبة، حيث أكدت أن إفشاء مثل هذه الخصوصيات الشخصية بهذه الصورة المعيبة يعد جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018، الخاص بـ«مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، وينتهك قانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة وفقا للمادة (25) من نفس القانون، تلك المادة التي تنص على الآتي: “يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من اعتدى على أيٍّ من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة[15].

كما نص القانون أيضًا في المادة (26) على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَنْ تَعمَّد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة مِن شأنها المساس باعتباره أو شرفه”[16].

ويناقش هذا التقرير ظاهرة استعراض الحياة اليومية على تطبيقات اليوتيوب من قبل بعض الأسر المصرية “الأسرة اليوتيوبرز” ومؤشراتها عن تغيير بنية المجتمع وتحليلات لهذه الظاهرة وأسبابها وتداعياتها على كلٍّ من صانعي هذا المحتوى والمتابعين له عبر شبكة الإنترنت.

أولًا- تعريف “اليوتيوبرز youtubers “:

هم صغار المشاهير، وهم أقرب للناس أو أكثر قبولًا أمام الكاميرا، الذين يقدِّمون محتوًى جيدًا أو غير جيد، قد يتناول هذا المحتوى تطوير الذات ونقد المجتمع أو يعرض الممارسات اليومية الاعتيادية والطقوس شديدة الذاتية، وقد يدمج بين الإعلانات والتسويق لمنتجات معينة، وبلغ تأثيرها حدًّا كبيرًا عن الإعلانات التقليدية، وأحدث تغييرًا في طرق التسويق، وقد أصبح مهنة للبعض. وقامت الباحثة كريستال عابدين Crystal Abidin المهتمَّة برصد وتحليل ظاهرة مشاهير اليوتيوبرز في مجتمعات آسيا بربط تعريف “اليوتيوبرز Youtubers” بعدد المتابعين بعيدًا عن جودة المحتوى من عدمه، فإن معيار عدد المتابعين وعدد المشاهدات هو المعيار الأهم من زاوية هذا التصنيف، وقامت بتصنيفهم وفق التصنيف العددي التالي:

  • Mega youtubers: هم الذين يزيد عدد متابعي قنواتهم عن مليون متابع.
  • Macro youtubers: هم الذين تتراوح أعداد المتابعين لهم من 500 ألف حتى مليون متابع.
  • Influencers: هم الذين تتراوح أعداد المتابعين لهم من 10 آلاف متابع حتى 500 ألف متابع.
  • Micro influencers: عدد متابعيهم لا يتجاوز 10 آلاف متابع ويزيد عن ألف متابع[17].
  • توصيف وتفسير ظاهرة “الأسرة كيوتيوبرز”

أكثر ما يلفت النظر في هذه الفيديوهات أنها استعراض لحياة أناس عاديين (ليسوا مشاهير في الفن أو الموسيقى أو الدعوة الدينية… إلخ) يفتحون الكاميرا ويقومون بالثرثرة والنميمة أحيانًا، فلم تعد النميمة تسلية أو مجرد فعل وممارسة اجتماعية مذمومة، إنما صارت تجارة تُمارس من أجل إشباع الذوق الشهواني بنشر تفاصيل العلاقات الشخصية. وتعدُّ تجارة النميمة أو الثرثرة مثل أي سوق يحكمها العرض والطلب، فهي توافق هوى من قبل المشاهدين الذين يواصلون سبَّ هذه المقاطع ولا يتوقفون عن مشاهداتها في الوقت نفسه. وفيما يلي عرض موجز لبعض نماذج هذه القنوات المرئية لبعض أسر اليوتيوبرز المصرية، مثل قناة أحمد حسن وزينب، وحمدي وفاء وأم نور وعالم نشوى وغيرها.

بدأ الثنائي أحمد حسن وزينب مشاركة مقاطع مرئية على “اليوتيوب” منذ 3 سنوات تقريبًا، استعرضا فيها علاقاتهما الشخصية حتى زواجهما وإنجابهما لطفلتهما الأولى “إيلين” وتمثيل بعض المواقف المفتعلة “المقالب” ومشاركتها مع الجمهور، وأخذت هذه المقاطع في الانتشار، وصار لديهم ما يزيد عن 8 مليون متابع، وخلال هذه الأعوام أثارا العديد من المشكلات منها معارضة الكثير من المتابعين لهما بعدما قدَّما مقطع فيديو عبارة عن “مقلب” لاستفزاز وإهانة والدة أحمد حسن وتصوير ردِّ فعل والدته على هذه الإهانة[18] وغيرها؛ ممَّا دفع البعض لتقديم عدَّة بلاغات ضدَّهما منها: بلاغ بسبب افتعال حادثة حريق سيارتهما على الطريق الدائري، وتصوير ذلك بدون محاولة إطفاء السيارة لتقليد اليوتيوبر الروسي “ميخائيل ليتفين”، الذي أحرق سيارته وجمع مشاهدات ضخمة وحصَّل تعويضًا على سيارته من شركة مرسيدس[19]. مثال آخر على فيديوهات أحمد وزينب المثيرة للجدل عندما قاما بتخويف طفلتهما رغبة في زيادة عدد الإعجاب على الفيديو ممَّا أدَّى إلى تقديم بلاغ ضدهما من المجلس القومي للطفولة والأمومة[20]، وقاما في بعض المقاطع بضرب طفلتهما حتى تبكي وتصويرها وهي تبكي[21].

وبعدما تزايدت موجة السخط والغضب ضدهما، سافر أحمد حسن وزينب لمدينة دبي واستمرَّا في بث فيديوهاتهما من هناك من دبي[22]، وما زالت تحصد مشاهدات عالية، ومن بينهما مقطع مرئي بعنوان “صنعنا أكبر خيمة داخل بيتنا الجديد واكتشفنا جنس البيبي”[23] حقق عدد مشاهدات بلغ 657591 خلال أقل من 24 ساعة. مما يثير تساؤلًا حول سبب ارتفاع مشاهدات هذه القنوات رغم موجات السخط ومعارضة ما تقدِّمه من محتوى؟

وبالنظر إلى محتوى هذه القنوات، يلاحظ أنها تنقل الأفكار من بعضها البعض، وتتأثَّر ببعض القنوات الأجنبية، فهذه الظاهرة عالمية، ومن أمثلة هذا التأثُّر تلك الفيديوهات للأسر اليوتيوبرز يخبرون الجماهير بجنس المولود المنتظر، وفي العالم العربي قام الثنائي “أنس وأصالة” وهما سوريان لهما قناة يتابعها ما يزيد على 13 مليون متابع[24] بتنظيم حفل استعراضي لمعرفة نوع المولود من خلال عرضه على برج خليفة، وقام ثنائي آخر (سوري متزوج بعراقية يقيمان في مصر) وهما “سيامند وشهد” بالكشف عن جنس المولود من خلال إضاءة اللون الأزرق على الأهرامات، حتى يكبر طفلهما ويكتشف أنه تمَّ استقباله على أثر عمره آلاف السنوات في حادثة لم تسبق من قبل[25].

ومن الأسر اليوتيوبرز المصرية الشهيرة أيضًا “عائلة حمدي ووفاء” وهي أسرة مصرية تستعرض مواقف يومية لأسرتهم وأطفالهم الكبار، ويحقِّقون مشاهدات عديدة، ويظهر أن هؤلاء اليوتيوبرز بعدما يحقِّقون شهرةً واسعةَ النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات اليوتيوب يتَّجهون لتنفيذ بعض المشروعات التجارية مثل افتتاح مطعم، كما قام الثنائي “أحمد حسن وزينب” من قبل بافتتاح مطعم إيلين في المعادي، وقام “حمدي ووفاء” بافتتاح مطعم في مصر الجديدة، معتمدين على الشهرة الواسعة والمشاهدات التي حصدوها من قبل، ومن اللافت أن مطعم “حمدي ووفاء” صار لفترة طويلة محل تقييم من سوق اليوتيوبرز الآخرين، للترويج لقنواتهم، وهذه الظاهرة مؤشر إلى أن “اليوتيوبرز” أصبحت مهنة أو مجالًا له صراعاته وتوافقاته وتنافساته لحيازة أنواع رأسمال متنوعة تتواجد في هذا المجال.

وهناك قناة “محمود الجمل” الذي يتعمَّد صاحبها تمثيل مواقف مخترعة من أجل تقديم دروس مفيدة للمشاهدين، وبجانب هذه القنوات توجد قنوات أخرى ليوتيوبرز آخرين لم تصل مشاهداتهم للملايين، لكنهم يحقِّقون مشاهدات مرتفعة أيضًا، يلاحظ أن القائمين عليها من ربات البيوت، ويشاركون الجماهير “الروتين اليومي” للأعمال المنزلية من تنظيف وطهي أو يشاركون الثرثرة حول حياتهم اليومية أو لحظات تناول أسرهم للطعام، من أمثلة هذه القنوات: “قناة أم نور”، وقناة “شهد.. يوميات فلاحة مصرية”، وقناة “كوكي للحياة اليومية”، وقناة “عالم نشوى” و”الأكل مع نشوى” وغيرها الكثير.

  • تفسير ظاهرة الأسر اليوتيوبرز المصرية

في دراسة جلال أمين لمظاهر وتداعيات العولمة على المجتمع المصري، وصف أثر المخترعات الحديثة على المجتمع المصري خاصة الهواتف المحمولة، فميَّز جلال أمين بين آثار المخترعات المختلفة على المجتمع، فلم يكن للتلغراف أو التليفون الأرضي نفس الأثر الذي تركه الهاتف المحمول، موضحًا أنه رغم سهولة العثور على الأشخاص في أي وقت ومضاعفة التواصل الاجتماعي إلا أنه أثر تأثيرًا سلبيًّا على العلاقات الإنسانية[26]، وأصبح العصر الذي نحياه عصر الثرثرة لا عصر المعلومات، وصف جلال أمين هذه الثرثرة من خلال تفاعل الكثير من المصريين مع الهواتف المحمولة والمواقع الإلكترونية والإعلام المرئي بأنها تشبه ما وصفه فقهاء المسلمين بكونها “علم لا ينتفع به”، فهي معلومات لا تفيد، والإنسان ليس بحاجة لتلقِّي كل هذا القدر من الثرثرة والأخبار في اليوم الواحد من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وكثرة المعلومات لا تعني زيادة المعرفة بالضرورة[27].

فسَّر جلال أمين ظاهرة الثرثرة بأنها نتاج لمشكلة الفراغ الذي خُلقت مع التقدُّم الصناعي، فمع تزايد قدرة الإنسان على إشباع حاجاته الأساسية من غذاء ومأوى وكساء، وتمكين التكنولوجيا الحديثة للإنسان من أن يُنتج في ساعات أقل، قصرت ساعات عمله، وصارت الإجازة الأسبوعية مقدَّسة وزاد التسامح في منح العطلات السنوية، وخلق ذلك التقدُّم مشكلةً جديدةً للإنسان وهي مشكلة الفراغ بعدما تجاوز مشكلة العوز المادي، لذلك كتب الاقتصادي “جون مينارد كينز” خلال عام 1930 مقاله المعنون “المستقبل الاقتصادي لأحفادنا” ذكر فيه أن مشكلة الأجيال القادمة هي الفراغ، أي كيف يقضون أوقات فراغهم دون سأم وملل، وظهرت بالفعل حلول كالتلفاز وانتشرت ممارسة الرياضة بأنواعها المتعدِّدة واخُترع الإنترنت وتكاثفت الثرثرة.

يرى جلال أمين أنه على الرغم من تزايد نسب الفقر في المجتمع المصري، إلَّا أن مشكلة الفراغ مشكلة أساسية في الطبقات الوسطى والعليا، حيث صار لدينا -وفقًا لجلال أمين- طبقة وسطى كبيرة تجمع بين المشاكل الاقتصادية الناتجة عن طموحاتها وتطلُّعاتها المادية المتزايدة وبين مشكلة الفراغ، وعلى الرغم من أن تفسير جلال أمين لمظاهر العولمة في مصر نُشر قبل شيوع ظاهرة “الأسر اليوتيوبرز” إلَّا أن تحليله ما زال صالحًا لتفسير هذه الظاهرة، لأن هذه الفيديوهات تعدُّ حلًّا للمشكلات التي تواجه الطبقات الوسطى المصرية وتحديدًا المشكلة الاقتصادية ومشكلة الفراغ معًا[28].

يعني تفسير جلال أمين أن الإنترنت وتطوُّر الكاميرا وتداول أجهزة الهواتف المحمولة بكاميراتها المميزة وشيوع استخدامها بين كثير من فئات الشعب لم يخلق طباعًا جديدة بينما ثمة قابلية لنشر الثرثرة والنميمة في مجتمعنا توسَّعت وتواجدت في مساحة جديدة وهي صناعة المحتوى المرئي للحياة اليومية، فمع رواج هذه النوع من الفيديوهات والربح المادي المتوقَّع من ورائها تحفَّز الكثيرون لتقديم محتوى الثرثرة ومشاركة الحياة الخاصة أمام جمهور من المتابعين المجهولين، واندفع هؤلاء الواقعون تحت التأثير الطاغي لعصر الصورة والبحث عن الشهرة ليقدِّموا أنفسهم باعتبارهم يوتيوبرز، مما أدَّى إلى وجود ظاهرة الأسر اليوتيوبرز وثقافة المشاهدة “الفرجة” الآخذة في الانتشار في المجتمع المصري.

وتشير هذه الظاهرة إلى تغيير جذري في المجتمع المصري -كحالة للدراسة وإن كان يمكن التعميم على باقي دول العالم واليويتوبرز- بسبب تكثيف استخدام الإنترنت في الحياة المعاصرة، فلم تعدْ نفس المتغيِّرات التي رصدها هشام شرابي في نقده للمجتمع العربي هي نفسها الحاضرة والمؤثِّرة في تكوين العائلات العربية عمومًا والمصرية على وجه الخصوص، وينطلق هذا التقرير من نفس الافتراض الذي استند إليه هشام شرابي في تحليله لبنية العائلة في المجتمعات العربية، وهو أن أي تغيير في سلوك الأفراد هو مؤشِّر لتغيُّر داخل الأسرة، لذلك لمعرفة أي تغييرات طرأت على المجتمع لا بدَّ أن نفهم التغييرات داخل الأسرة ومعرفة ما طرأ عليها من تحولات أثَّرت بدورها على تكوين الشخصيات بداخلها، فشخصية الفرد تتكوَّن ضمن الأسرة وقيم المجتمع وأنماط السلوك فيه تنطلق إلى حدٍّ كبير من خلال العائلة[29].

كتب هشام شرابي خلال السبعينيات من القرن العشرين، تحديدًا عام 1974، حول السلوك الاجتماعي وبنية العائلة في المجتمع العربي، وناقش قضية العائلة وأثرها في تكوين شخصية الأفراد، ورصد عدَّة طباع للعائلة العربية، وبالنظر إلى هذه الطباع في الفترة الراهنة نجدها تغيَّرت كثيرًا بفعل متغيِّرات عدَّة كالهجرة للخليج والانفتاح العولمي وغيرهما، وما يهمُّنا في هذا السياق هو المقارنة بين وضع الأسر خلال هذه الفترة الراهنة والفترات السابقة منذ السبعينيات، ودور الإنترنت بتطبيقاته كاليوتيوب في هذا التغيير.

خلص هشام شرابي في تحليله لبنية المجتمع العربي إلى عدَّة نقاط رئيسية أبرزها، أن التغييرات التي تطرأ على طرق تربية الطفل وعلى تجارب الطفولة تنبع قبل كل شيء من موضع الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها العائلة أي من مستواها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي[30]، وعلى الرغم من فعالية التحليل الطبقي في فهم التغييرات والسلوكيات الاجتماعية للأسر المصرية إلَّا أن هذا البُعد الطبقي ليس هو البُعد الأول في فهم الظاهرة “استعراض الحياة اليومية أو الأسرة المصرية كيوتيوبرز”، إذ تحتلُّ الصورة والرغبة في الظهور ونيْل الشهرة السريعة كدافع أوَّلي، فلا تقتصر صناعة هذا المحتوى على أسر مصرية تنتمي لطبقة بعينها أو نطاق جغرافي محدَّد، مما يعني أن الطبقة الاجتماعية وما تفرضه من قيم وأفكار وسلوكيات ونمط معيشي مختلف لم تمنع في ظهور بعض الطبقات دون أخرى، ونجد قنوات تقوم عليها أسر، ونساء، ورجال، وشباب صغار ينتمون إلى طبقات مختلفة في القطر المصري، وهنالك بعض السيدات تستعرض روتين حياتها اليومي في الريف من العناية بالحيوانات كالجاموس أو تربية الطيور على سبيل المثال، فالفكرة الرئيسية هي الحضور والتواجد ونيل المشاهدات بأعداد هائلة.

وأشار شرابي إلى أن العائلة العربية توجِّه الفرد منذ طفولته نحو الأشخاص أكثر مما توجِّهه نحو الأشياء، فأول تدريب يتلقَّاه الطفل هو فن العِشرة والحرص على ترديد عبارات الترحيب والتعارف على الآخرين وغيرها من مظاهر فنِّ معاشرة الناس في بيئة الطفل المحيطة، هكذا ينمو الطفل ويكبر دون أن يجد نفسَه وحيدًا في أي وقت من الأوقات لأنه محوط بالناس منذ استيقاظه حتى لحظة خلوده للنوم[31]، وتستولِي العائلة على حياته الخاصَّة، وكلما كبُر الطفل ازداد تدريبه لتمثيل الأدوار الاجتماعية، ويعتاد قبول نفسه دون انقطاع كفرد من الجماعة ويعتاد النظر إلى بقائه وحيدًا كأمر غريب وشاذ، لذلك حرص الأفراد حتى في أوقات الفراغ على تمضية الأوقات في زيارات عائلية أو الجلوس مع الأصدقاء، ولكن هذا الشكل من التفاعل لا يتواجد مع انتشار الهواتف المحمولة المتَّصلة بالإنترنت، وتزداد مساحة الفردانية والشعور بالوحدة ليضحى الالتزام بروابط الأسرة أقل شيوعًا في العصر الحالي.

وتنشأ هوية الأطفال وشخصياتهم بعيدًا عن قيود العائلة الممتدَّة أو المحيط الاجتماعي المتفكِّكة روابطه، خاصة مع نشأة الأطفال في أسر نووية صغيرة ينشغل فيها الآباء والأمهات في العمل وترك الأطفال للمحتوى الواسع المشتت غير المراقب على مواقع الإنترنت وتطبيقاته المرئية، بما يحمله من محتوى غث وسمين، ويصعب السيطرة على حدوده أو التفاعل معه، وأصبح النظر في الهواتف سمة أساسية في اللقاءات الأسرية ولقاءات الأصدقاء[32].

ومن جانب آخر، فالإنترنت هدَّد سلطة الأجيال السابقة، فقديمًا كانت تجربة نشأة الفرد طفلًا تقع ضمن مؤسَّسات العائلة والمدرسة وغيرها، ومارست هذه المؤسَّسات سلطات واسعة على الأطفال، وكانت فرصة الأجيال السابقة للخروج من أسْر هذه السلطة محدودة، لأن الأجيال الأكبر تمتلك سلطة توريث المهارات واحتكار المعلومات، وجاء الإنترنت ليهدِّد هذه السلطة المعرفية، ولم تعد المعرفة سبيلها الأوحد هو انتقال الخبرات والمهارات عبر الأجيال، وإذا كان من اليسير وجود أفراد لديهم استعداد نفسي لتقبُّل الأفكار والأساليب الاجتماعية السائدة وترضخ لإرادة الأجيال السابقة التي تجدِّد نفسها وتفرض سلطتَها من خلال العائلة وتستمر عملية التطبيع الاجتماعي من المهد إلى اللحد[33]. فإن انتشار الإنترنت هزَّ سلطة هذه الأجيال وخلقت تطبيقاته لغتها الخاصة التي تتداول بين مستخدميها، ولم يعد الاعتماد لتلقِّي المهارات والمعلومات على الجيل الأكبر، بل اعتمد على البحث عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومنصَّات اليوتيوب وغيرها، وبالرغم من الآثار الإيجابية لهذه الظاهرة فإنه ساهم في ظهور جيل تحرَّر من مثالب سلطة الأجيال الأكبر، ولكنه في المقابل لم يعد قادرًا على التعامل مع البشر ولا يمارس قواعد التعامل الاجتماعي السليم حيث يقتصر تعامله مع الأجهزة الجامدة مما يفقده الحسَّ الاجتماعي، وهذا ما أكَّده أنتوني جيدنز من أن العولمة والنزعة الفردية مرتبطتان، وأن أدوار الأجيال الأكبر والموروثات لم تعدْ تؤدِّي أيَّ دور، ولم تعدْ ثمة أنماط تاريخية متوارثة لممارسة الحياة مقارنة بالفترات التاريخية السابقة، ولا بدَّ للحياة الفردية والاجتماعية أن تتناسقا معًا فيما يتعلَّق بالزواج والأبوة والسياسة والعمل… إلخ، ولكن المجتمعات المعاصرة لا تفطن لكيفية تحقيق هذا الهدف ولا تدري إن كان ممكنًا تحقيقه أم لا[34].

يمكن القول إن ما حدث في بنية العائلة المصرية بسبب الإنترنت هو الانتقال من مخاوف ذوبان هوية وشخصيات الأفراد الذاتية في المؤسَّسات والجماعات المحيطة بهم إلى القلق من اضطراب هُوية الأفراد ما بين هُويتهم الحقيقية وهُويتهم الرقمية أو الصورة الأُحادية التي يرسمها الأفراد عن أنفسهم في المواقع والتطبيقات المختلفة للإنترنت، ويشكِّك بعضُ الباحثين في وجود فجوة كبيرة بين هوية الأفراد الرقمية المعروضة على الإنترنت وهُوية الأفراد الواقعية، خاصَّة مع ميل الكثيرين لتسجيل حساباتهم بأسمائهم وعدم إخفاء هُويتهم، لكن تظلُّ الصورة المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصَّات كاليوتيوب صورة أُحادية لا تعكس جوانب الشخصية الإنسانية وتعبيراتها الحقيقية وردود فعلها الآنية وسلوكياتها العفوية وهُويَّتها الأصلية[35].

ثانيًا- اليوتيوب وصورة الذات في الحياة اليومية

استدعتْ بعض الدراسات والبحوث الأكاديمية التي اهتمَّت بتحليل هذه الظاهرة العالمية “youtubers” أفكار علماء الاجتماع مثل إيرفينغ غوفمان، وغوفمان من أهم علماء الاجتماع الذين درسوا الحياة اليومية الحديثة وذلك في كتابه الهام “عرض الذات في الحياة اليومية” الذي تحدَّث فيه عن الصيغ التي يعرضُ بها المرءُ نفسَه في التواصل والتفاعل اليومي مع الآخرين وكيف يبني الآخرون صورة عنه، وهو مدخل هام في فهم ثقافة الاستهلاك السلعي التي غزتْ بقيمها مجتمعاتنا وأجسادنا وكيف يؤثِّر ذلك على تشكيل الهُوية الفردية[36].

يعتقد “غوفمان” أن الأفراد في حياتهم اليومية يقومون بأداء أدوار مسرحية متنوِّعة وبمشاركة الجميع، وكل شخص يختار الأدوار المناسبة له في مواقف متعدِّدة، وكأنه على خشبة المسرح، فهو يُراعي بشكل كبير الجمهور المشاهد، وما يتطلَّبه كل دور منوط به القيام به من اللغة والخطاب والحركات والإيماءات والزي الخاص به، ليحقِّق النجاح في تقمُّص هذا الدور ضمن فريق المسرحية. فالحياة عند “غوفمان” مسرح كبير على الحقيقة وليس على المجاز، ويكمن نجاح الفرد في تقديم ذاته في قدرته على أداء الأدوار وما يتعلق بها على وجه صحيح يتلاءم مع مكانته الاجتماعية، وينتقل الأفراد بسلاسة بين هذه الأدوار ولا يشترط وعي الأفراد التام بهذا التبدُّل في الأدوار، بل إن بعض الأفراد يقومون بارتداء هذه الأقنعة حينما ينفردون بأنفسهم، وإن الارتباك والحرج الاجتماعي يقع إذا وقع اختلال معين أو إقحام لكلمات أو إشارات معيَّنة لا تناسب المسرح، أو إخفاق في أداء الفرد لدوره، وبناء عليه تحدق فيه أعين الآخرين بالدهشة والاستغراب، ويصف “غوفمان” العالم بأنه في حفل زفاف كبير، لا ينبغي أن يسمح الأفراد لأنفسهم العيش طويلًا بداخله[37].

ترى بعض الدراسات أن نظرية “غوفمان” صالحة لتفسير ظاهرة اليوتيوبرز، فهؤلاء يقومون بارتداء الأقنعة ويقومون بأداء أدوار معيَّنة على خشبة المسرح ويستعرضونها بوعي شديد أمام الجماهير على الشاشة[38]، ويتناسب ذلك مع قيم عصر الصورة ومجتمع المشاهدة “الفرجة” أو الاستعراض كما يسمِّيه “جي ديبور”. تتشابه نظرية “غوفمان” إلى حدٍّ ما مع ما يقوله “جي ديبور”[39] ووصفه للعصر الحالي بأنه عصر الصورة، وأن كلَّ ما كان يُعاش على نحو مباشر الآن تباعد ليصبح تمثيلية، ويبدو تأثُّر “جي ديبور” بالفيلسوف الألماني “فيورباخ” حيث استهل كتابه باقتباس منه قائلًا: “عصرنا يفضل الصورة على الشيء، والنسخة على الأصل، والتمثيل على الواقع، والمظهر على المخبر[40]“.

ثمة من يرى عدم صلاحية طرح “غوفمان” لتفسير هذه الظاهرة العالمية بالهوس بعرض الذات في الحياة اليومية على قنوات اليوتيوب، وذلك لأن الجمهور الافتراضي والمتابعين مجهولين لمؤدِّي هذه الأدوار، وإن خشبة المسرح الإلكترونية لا تُظهر كل جوانب الشخصية التي تمثِّل دورَها على الشاشة سواء كانت أبًا/ أمًّا، أو زوجًا/ زوجةً أو غير ذلك من الأدوار، ولا تظهر ردود الفعل العفوية الآنية على مواقف الآخرين على أداء هذه الأدوار بعكس التفاعل اليومي المباشر وجهًا لوجه، وإن الهوية أو الذات الرقمية التي تستعرض روتينها اليومي أو ممارساتها المعيشية بكثافة عبر الشاشات تترك مساحة للوهم حولها من الآخرين الذين لا يحتكُّون بها ولا يتعاملون بشكل مباشر معها، ويكتفون بالانطباعات السريعة حول الجانب الأوحد المعروض أمامهم على الشاشة[41]، وهؤلاء المستعرضون لحيواتهم وممثليها على الشاشة يسعون لبناء شخصية أو هُوية معيَّنة أمام جمهور المتابعين.

هذا العمل على لفت الانتباه هو الأساس أمام اليوتيوبرز ومدوِّني الفيديوهات لكسب الاعتراف بالوجود، فقد أوجدت تطبيقات الإنترنت هذا التعريف الجديد للتواجد وحضور الذات وعملية بناء الهوية الرقمية. وتزيد كثافة التفاعل مع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من تنامي شعور الأفراد بالخوف، الخوف من النسيان، فقد أصبحت المشاركة “share” و”الإعجاب like ” يعني التواجد، فالحصول على عدد كبير من الإعجابات والمشاركات أصبح تعريفًا لحضور الذات وتضخُّمها، وهذا تعريف جديد لحضور الذات وتواجدها، تعريف يعتمد على هُويتها الإلكترونية أي الهوية التي رسم الفردُ صورتَها وشكلَ حضورها ونمطَ تفاعلها مع الآخرين.

هذا الحضور والتواجد يحمل معه هاجس الصورة والهوس بشكل الحضور الجسدي أمام المتابعين، لذلك نلاحظ كثرة استخدام برامج تعديل وتحرير الصور، وفي دراسة أجريت على المراهقين في المملكة المتحدة البريطانية تبيَّن أنه من بين كل عشرة مراهقين يوجد تسعة مراهقين غير راضين عن شكل أجسادهم. هذا الهوس بالصورة يربك العلاقة مع الجسد، ويجعل المظهر هو المعيار الرئيسي في تقييم الذات وقبولها والرضا عنها، وينشغل الأفراد بسؤال “كيف أبدو للآخرين؟”، وكيف يتوافق جسدي مع الصورة المثالية لمعايير الجسد؟ وهنالك ما يقارب من 10 مليون صورة جديدة تُرفع على تطبيق “إنستجرام” كل ساعة، ويمتدُّ هذا الانشغال بالجسد ومظهره إلى شيوع استخدام برامج تتنبَّأ بشكل الأشخاص في الشيخوخة أو بعد مرور بضعة سنوات أو ما هو شكلك إذا كنت جنسًا آخر ذكرًا أم أنثى[42].

يأتي “آلان ويستن” في كتاباته حول الخصوصية ليتبنَّى طرحًا مشابهًا لإسهام “غوفمان” حول المسرح والأدوار الاجتماعية التي تقوم بها ذوات الأفراد في الحياة اليومية، إذ يؤكِّد آلان ويستن على أهمية توفُّر مساحة من الخصوصية للفرد، خصوصية يمكنه من خلالها إزالة أقنعته الاجتماعية وتتيح له فرصة للتحرُّر العاطفي، لأن المرء يقوم يوميًّا بعدَّة أدوار وينتقل بينهما، فقد ينتقل المرء بين أدوار الأب الصارم، والزوج المحب، ومهرِّج حافلة الشركة، وموظف متسكِّع، وكلها أدوار مختلفة من الناحية النفسية يتبنَّاها المرء وهو ينتقل من مشهد لمشهد على خشبة المسرح، والخصوصية تعطي الأفراد فرصة لكي يضعوا أقنعتهم على الرفِّ من أجل أن يستريحوا، فالاستمرار في وضعية العمل على الدوام قد يدمِّر الكائن البشري.

ويُنتهك هذا الاحتياج الإنساني للخصوصية من خلال هذه القنوات، فإن القائمين على هذه القنوات وأفراد أسرهم يقومون بارتداء الأقنعة الاجتماعية طيلة وقت استعراض المحتوى على الشاشة، ويفتقد هؤلاء -وفقًا لآلان ويستن- ميزة الخصوصية، إذ تسمح لهم الخصوصية بالانخراط في تقييم الذات، وهي القدرة على صياغة واختبار أفكار وأنشطة إبداعية وأخلاقية، بالإضافة إلى أن الخصوصية توفِّر بيئة يمكن من خلالها مشاركة الأسرار والحميمية والانخرط في اتصالات محدودة ومحمية[43].

تذكر شيري توركل -من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- أن أحد التغيُّرات الأساسية التي ترتَّبت على تزايد تطبيقات الإنترنت أن الناس فقدوا القدرة على تحمُّل البقاء بمفردهم، ويكفي إدراك ذلك من خلال ملاحظة سلوكيات الأفراد عند محطات الانتظار وطوابير الدفع، فيُلاحظ أنه بمجرد أن يكون لدى أي شخص ثانية واحدة فقط من الفراغ سرعان ما يتَّجه ليُمسك بهاتفه ويعبث به، فقدرة الأفراد على تحمُّل البقاء بمفردهم تتلاشى[44].

من أخطر الآثار التي تترتَّب على نشر محتوى شخصي أو ذاتي على مواقع الإنترنت وتطبيقاته المختلفة أن الإنترنت لا يغفر، أي لا ينسى، فإن حركة تداول المحتوى المعروض على الإنترنت تتأثر بموجات سريعة الدوران “الترند Trend”، ورغم سرعة دوران هذا “الترند” إلا أنه لا يموت أبدًا، لذلك حينما يعرض أحدهم مقطعا خاصًّا به وإن كان على سبيل الخطأ غير المقصود لا يتم نسيانه وإن تمَّ حذفه، لأن الجمهور المستقبل مجهول ومشتت، وإذا حدث وعبَّر أحد الأشخاص عن موقفه من قضية معيَّنة وتراجع عنه وتجاوزه فيما بعد لا يتم نسيانه، وينطبق على طبيعة المحتوى والتفاعل مع حركة الترند على الإنترنت وتطبيقاته ومواقع التواصل الاجتماعي، وفيما يتعلق بذلك، فهناك وصف زيجمونت باومان حالة الاستمرارية تلك في كتابه “الحياة السائلة”، بقوله أنه في ظلِّ الحداثة التي نحياها في العصر الحالي نشهد حالة جديدة، حالة اللاحياة واللاموت، فلا يوجد شيء يولد ليعيش طويلًا وفي الوقت نفسه لا يوجد شيء يموت موتًا نهائيًّا، هذه التفرقة القاطعة بين الحياة والموت لم تعد سمة قائمة من سمات الحداثة[45].

ومن هنا ظهرت بحوث عدَّة تحذِّر من خطورة عرض الأطفال على الشاشة واستخدام بعض الأسر لأطفالها الرضع وصغار السن في تقديم محتوى مرئي على الشاشة سواء بشكلٍ جادٍّ أو ترفيهي مع أطفالهم، دون أن يكون لأطفالهم الوعي الكافي أو القدرة على الاختيار الحر للصورة التي يقدِّمها آباؤهم عنهم عبر هذه الفيديوهات، لأن هذه الفيديوهات تحصر الأطفال في هوية رقمية وتحفرها في الذاكرة طويلًا، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال يصعب عليهم الانخلاع من هذه الهوية الرقمية أو محوها من أذهان جماهير المتابعين المجهولين، مما يجعلهم أكثر عرضة للهشاشة النفسية وأكثر قابلية لأمراض الاكتئاب وغيرها خاصَّة في سنِّ المراهقة؛ ولذلك سُنَّتْ قوانين عدم قانونية وأخلاقية استغلال الأطفال في الشاشة لأجل جمع مزيدٍ من المشاركات والإعجابات[46].

 

ثالثًا- المخاطر أو الآثار السلبية لهذه الفيديوهات على المتلقين

هذه المخاطر أو الآثار السلبية لهذه الفيديوهات التي تستعرض تفاصيل العلاقات الأسرية والحياة اليومية لأفرادها، لا تختصُّ بصانعي المحتوى وحدهم، إنما تؤثِّر كذلك على المتلقِّين الذين يمضون ساعات طويلة على الإنترنت في مشاهدة هذا المحتوى أو غيره، وهم الطرف القوي في منح هذه القنوات تأثيرها لأنهم يزيدون أرقام مشاهداتها لتصبح بالملايين.

ثمة بحوث ودراسات عدَّة اهتمَّتْ برصد الآثار النفسية المترتِّبة على كثرة التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الشاشات والبقاء في حالة اتصال على الإنترنت لفترات طويلة يوميًّا؛ تضمَّنت هذه الآثار تزايد نسبة الاكتئاب والقلق، ولأن الأخبار أصبحت أسرع وصولًا وأكثر تداولًا ولم يعدْ ثمة فرق كبير بين لحظة وقوع الحدث ولحظة انتشاره وتداوله، فقد ساعد هذا التكثيف للأخبار السلبية على شيوع حالة الشعور بالكآبة والقلق وسوء الظن في الآخرين[47].

هناك العديد من المجموعات التي تنشر مشاكلها الأسرية للعلن، وترويها من طرفٍ واحد مهوِّلة آثارها ووقائعها، مما يفسد على الآخرين المتابعين لهذه المشاكل والحوادث حياتهم من فرط تأثُّر بعضهم بهذه الهواجس والمشكلات، وقد يقوم البعض بإسقاط هذه المشكلات والمشاعر السلبية على علاقاتهم الأسرية ويترتَّب عليه شيوع حالة من الريبة والشكِّ والحذر المبالغ فيه في العلاقات المقرَّبة كالأزواج، وتشوُّش التصورات حول العلاقات الأسرية المثالية دون أن يكون وراءها مشكلات حقيقية، وذلك فضلًا عن الظاهرة التي صحبت انتشار استخدام الإنترنت بين الأزواج وهي ظاهرة الخيانة الإلكترونية وإقامة علاقات عاطفية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التطبيقات الإلكترونية[48].

وترى “ماري آيكن” في دراستها “التأثير السيبراني: كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟” أن الطرف الأكثر خسارة من جرَّاء إساءة استعمال الإنترنت وكثافة التواجد عليه يوميًّا هم الأطفال، ومن المشاهد التي رصدتها “ماري آيكن” في دراستها مشهد لأم تقوم بإرضاع طفلها الصغيرة بيد بينما تمسك هاتفها باليد الأخرى، وتتصفَّح تطبيقاته المختلفة ولا تلتفت إلى نظرات الطفل إليها بنظرات ضائعة مشتَّتة. طرحت ماري آيكن تساؤلًا عن كمٍّ من ملايين الأمهات والآباء حول العالم لم يعودوا ينظرون مباشرة إلى عيون أطفالهم أثناء رضاعتهم أو عند التحدُّث معهم، ماذا لو حدث ذلك؟ هل يتأثَّر جيلٌ من الأطفال بذلك؟ لأن الطفل يحتاج في نموِّه في المراحل المبكرة إلى التواصل بالعين[49].

ولاحظ باحثون في دراسة أجريت سنة 2014 ونشرتها مجلة طب الأطفال على 55 شخصًا يصطحبون الأطفال إلى المتنزَّهات أو قرب مطاعم الوجبات الصغيرة غالبيتهم (40 فردًا منهم) كانوا منشغلين بالهواتف المحمولة أثناء تناول الطعام والبقية كانوا يستعملون أجهزتهم بلا توقُّف، وكان انتباههم موجَّهًا بشكلٍ مباشر إلى الجهاز المحمول وليس إلى الأطفال[50]. تمثِّل هذه الأجهزة المحمولة المتَّصلة بالإنترنت إغراءً شديدًا لمستخدميها، وتستحوذ على أذهانهم وتثير غرائزهم الأساسية، والأطفال هم الخاسرون من جرَّاء هذا الانشغال، وتؤكِّد ماري آيكن على أنه “إذا كان الطفل العادي الذي يولد سنة 2016 يحظى بالقليل من التواصل مع أفراد العائلة والقليل من النظرات مقارنة بالطفل العادي الذي ولد سنة 1990 فلا بدَّ أن يكون لهذا تأثيرٌ على نمو الأطفال وشخصيتهم خلال الأجيال القادمة في المستقبل”[51].

ولا تقتصر المخاطر التي يتعرَّض إليها الأطفال في الأسر لانشغال آبائهم أو تشتُّت انتباههم عنهم بالاتصال بشاشات الهاتف وتطبيقات الإنترنت فحسب، لكن يزداد الأمر خطورة حينما يُترك الأطفال للعبث بالتابلت أو بالهواتف المحمولة والتعرُّض للمحتوى المرئي على شاشات الهواتف، وذلك لأن الطفل إذا أمضى الكثير من الوقت ببساطة وهو معرَّضٌ لمحفِّزات سيبرانية دون تواصل مع العالم الواقعي مع الناس الحقيقيين والحيوانات الأليفة واللعب والأشياء الأخرى الحقيقية فيمكن أن يخسر مهارات مثل التعاطف مع الآخرين والقدرات الاجتماعية، وقدرات حلِّ المشكلات، هذه الأشياء التي يتعلَّمها الإنسان أساسًا من خلال استكشاف البيئة الطبيعية واستخدام الخيال وفي قضاء وقت الفراغ في اللعب والابتكار بعيدًا عن عالم الإنترنت[52].

لقد أصبح إبعاد الأطفال عن الشاشات المتَّصلة بالإنترنت تحديًا صعبًا في ظلِّ تلك التجارة التي تزداد رواجًا لتخصيص محتوى مرئي للأطفال من خلال الشاشات منذ شهورهم الأولى، ولجوء الآباء والأمهات لهذه القنوات من أجل استغلال وقتهم الخاص بعيدًا عن الأطفال ولو قليلًا، فخلال عام 2015 نُشرت ورقة بحثية بعنوان “أطفال السيبرانية: تأثير التكنولوجيا الحديثة على نمو الصغار”، بيَّنت أن ثمة خطرًا مادِّيًّا جسميًّا مثل خطر التعرُّض للإشعاع من الهاتف المحمول أو التابلت، فضلًا عن خطورة التعرُّض للمحتوى المرئي وتفاعل الأطفال في أعمار صغيرة (ما قبل دخول المدرسة) مع هذه التطبيقات، فإن المراهقين في أوضاع أكثر تهديدًا، حيث يقع المراهقون فريسة سهلة لسماسرة الفاحشة في الفضاء السيبراني، ويتمُّ استغلالهم لنشر صورهم وقد تتسبَّب في إيذاء نفسي وجسدي لهم في محاولة لاستغلال حداثة سنِّهم وطبيعتهم المتمرِّدة واحتياجاتهم العاطفية في هذه المرحلة العمرية الحرجة[53].

خاتمة:

ما سبق بعض من جملة الآثار السلبية للإنترنت على العلاقات الأسرية، بالإضافة إلى كونها تخلق عزلة عن المحيط الاجتماعي، فقد يجتمع الأفراد في علاقات أسرية وكل منهم منشغل في عالمه الخاص دون الانتباه للعلاقات القريبة، مما يقلِّل الوقت الخاص بالأسرة والتفاعل والنقاش بين أفرادها، بجانب ما تقدِّمه من مواد جنسية وترويج لثقافة غريبة عن القيم الدينية والسياق الثقافي والحضاري للأسر. وتلعب شركات التسويق دورًا كبيرًا لاستغلال البيانات الخاصة المعروضة على مواقع الإنترنت وتطبيقاته المختلفة، لتتحوَّل العلاقات الأسرية إلى مجموعة من البيانات التي يتمُّ استغلالها من قبل الشركات الكبرى للتسويق لمنتجاتها وخدمة مشروعاتها الربحية بعدما كانت الأسرة نطاقًا حميميًّا خاصًّا غير معرَّض لنفس القدر من الشيوع والاستعراض.

لقد تشكَّل معمار الإنترنت ليصبح أشبه بفيروس متحوِّر شديد الانتشار سريع التحوُّر، يعرف مخترعوه ما يكفي عن السيكولوجيا البشرية بحيث يقدِّمون منتجات يصعب مقاومتها، ويُحدث هذا التطور التكنولوجي آثاره على سلوكيات البشر حيث تبعدهم عن أشياء أكثر أهمية للبقاء الإنساني[54]. ولا يعني ذلك أن الإنترنت شرٌّ محض لكنه كأيِّ اختراع بشري له مزاياه وعيوبه، فهو يحتوى على كثير من الفرص للتعلُّم وتنمية المهارات واستغلال الفراغ استغلالًا أمثل، ويمكن العمل من خلاله والكسب المادي والتوعية بالقضايا الإنسانية وأخذ مواقف داعمة للبشر في المجتمعات المختلفة، لكنه يحتاج للوعي بمآلاته الضارة على الأسرة إذا انتهكت خصوصيَّتها وطبيعتها الحميمية وصارت مادة إعلامية معروضة للتسلية وأصبحت العلاقات الأسرية محلًّا للمشاهدة (للفرجة) وصار الجسد ومظهره والسلع والتسويق للمنتجات وسيلة للكسب السريع والشهرة الزائفة.

________________________

الهوامش

[1] لاري راي، العولمة والحياة اليومية، ترجمة: الشريف خاطر، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2017)، ص 163.

[2] صالح سعودي، باديس لونيس يعالج تطور الإنترنت من المنظومة التقنية إلى المنظومة الثقافية، الشروق، نشر بتاريخ 3 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 20 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ZzCNNH

[3] لاري راي، العولمة والحياة اليومية، مرجع سابق، ص ص 162-163.

[4] المرجع السابق.

[5] Blossom Fernandes and others, The impact of COVID-19 lockdown on internet use and escapism in adolescents, Journal of Clinical Psychology with Children and Adolescents, Vol. 7, No. 3, September 2020, pp. 59-60, accessed: 15 September 2021, available at: https://bit.ly/39FZUrO

[6] مثال على هذه الأسرة المصرية المقيمة في أمريكا، يقدم المحتوى “الترفيهي/ الإعلامي” الزوج والزوجة مع ظهور الأبناء في بعض المقاطع لهذه الأسرة، ولها ما يزيد عن نصف مليون متابع وتسمِّي نفسها بأنها صفحة عائلية ترفيهية تحت عنوان أصدقاء/أصدقاء، وهذا هو رابط الصفحة:

https://www.facebook.com/amysanta11

[7] هذه الملاحظة بناء على مشاهدة الباحثة لأكثر من خمسة أطفال دون سن العاشرة يمسكون بالهاتف ويتابعون محتوى هذه القنوات بشكل يومي، بناء على ترشيحات اليوتيوب التلقائية.

[8] قناة عائلة حمدي ووفاء، متاحة عبر الرابط التالي: https://cutt.us/v56mR

[9] قناة أحمد حسن وزينب، متاحة عبر الرابط التالي: https://cutt.us/gEtwl

[10] قناة محمود الجمل، متاحة عبر الرابط التالي: https://cutt.us/MF40x

[11] قناة عالم نشوى، متاحة عبر الرابط التالي: https://cutt.us/9Xj5u

[12] ضرائب على البلوجرز، صفحة الضرائب المصرية، موقع الفيس بوك، 25 سبتمبر 2012،، تاريخ الاطلاع 25 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/pVufy

[13] ما حكم الشرع فى الأموال التي يتم الحصول عليها من الألعاب الإلكترونية؟، قناة مصراوي على اليوتيوب، 5 فبراير 2020، تاريخ الاطلاع: 5 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/MziH7

[14] شيماء عبد الهادي، “الإفتاء” توضح حكم نشر “اليوتيوبرز” تفاصيل حياتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، موقع جريدة الأهرام، 9 ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 5 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/vdyV0

[15] سعيد حجازي، حكم نشر اليوتيوبرز حياتهم على السوشيال: بيكتبوا حتى عن دخولهم التواليت، موقع جريدة الوطن، 9 ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 5 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/39EHCH4

[16] المرجع السابق.

[17] The Influencer industry in the Nordic and beyond: Cultures, Regulations, and International trends, Handelsrådet channel, 7 October 2020, accessed: 1 September 2021, available at: https://cutt.us/Q2wYa

[18] الاستفزاز والإهانة في أمي: فيديو جديد لأحمد حسن وزينب يثير غضب السوشيال ميديا، بوابة المصري اليوم، 3 سبتمبر 2021، تاريخ الاطلاع: 15 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3BglhM9

[19] إسراء سليمان، أول بلاغ للنائب العام ضد اليوتيوبرز “أحمد حسن وزينب” بسبب إشعال سيارة، موقع جريدة الوطن، 21 ديسمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 3 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2WLNMm9

[20] محمد سيف، من فيديوهات الشهرة إلى الكلابش.. القصة الكاملة لحبس أحمد حسن وزينب، موقع جريدة الوطن، 18 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع: 3 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3lfbyAr

[21] مريم الخطري، أول بلاغ للنائب العام ضد الزوجين أحمد حسن وزينب، موقع جريدة الوطن، 2 أغسطس 2019، تاريخ الاطلاع: 3 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3mqGRaF

[22] بعد ضجة استغلال الرضيعة.. أحمد حسن وزينب يغادران مصر، موق جريدة ألوان، 9 أغسطس 2019، تاريخ الاطلاع: 3 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3FkdcbP

[23] فيديو لقناة أحمد حسن وزينب بعنوان “صنعنا أكبر خيمة داخل بيتنا الجديد واكتشفنا جنس البيبي”، 4 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/9GQVO

[24] فيديو لقناة أنس وأصالة بعنوان “كشف جنس الجنين في برج خليفة”، 9 سبتمبر 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/YrvJx

[25] فيديو لقناة سيامند وشهد بعنوان “أول حفلة كشف جنس المولود على الأهرامات”، 8 أغسطس 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://cutt.us/FrW7r

[26] جلال أمين، العولمة، (القاهرة: دار الشروق، الطبعة الأولى، 2009)، ص ص 89-93.

[27] المرجع السابق، ص ص 98-103.

[28] المرجع السابق، ص ص 99-102.

[29] هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، (بيروت: دار المتحدة للنشر، الطبعة الثالثة، 1984)، ص 33.

[30] المرجع السابق، ص 34.

[31] المرجع السابق، ص 50.

[32] المرجع السابق، ص ص 52-92.

[33] المرجع السابق، ص 81.

[34] أنتوني جيدنز، عالم جامح: كيف تعيد العولمة تشكيل حياتنا، ترجمة: عباس كاظم وحسن كاظم، (بيروت: المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2003)، ص 232.

[35] عبد الله السفياني، تقديم الذات في الشبكات الاجتماعيّة (تويتر نموذجًا)، موقع معنى، 4 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 20 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3CQQrKu

[36] زيجمونت باومان، الحياة السائلة، ترجمة: حجاج أبو جبر، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2019)، ص 19.

[37] Erivng Goffman, The Presentation of the Self in Everyday Life, (New York: Anchor Book, 1959), pp. 249­-255.

[38] Mark C. Lashley, Making Culture on YouTube: Case Studies of Cultural Production on the Popular Web Platform, Ph.D. Dissertation, University of Georgia, 2013, pp. 114-120, accessed: 2 September 2021, available at: https://bit.ly/3zKahoM

[39] ويعد “جي ديبور” واحدًا من النقاد البارزين للحداثة والحضارة البشرية المعاصرة، في حين يعتبر “غوفمان” أكثر تركيزًا على الحركة الاجتماعية ورصد سلوكيات الأفراد اليومية والإيماءات وتعبيرات الوجه الصادرة عنهم وانطباعاتهم المتعدِّدة في مواقف حياتهم اليومية، ليخلص بنظريته عن المسرح والأدوار التي تحكم الأفراد خلال عملية التواصل الاجتماعي الإنساني.

[40] جي ديبور، مجتمع الاستعراض، ترجمة: أحمد حسان، (القاهرة: دار شرقيات، 2002)، ص 7.

[41] Khaled Gamal, Mediatizing Egyptian Families: Attitudes towards YouTube Household Vlogs, The Arab Journal of Media and Communication Sciences( المجلة العربية لعلوم الإعلام والاتصال) , Saudi Society for Media and Communication, King Saud University, No. 31, October / December 2020, available at: https://bit.ly/39CGB2x

[42] Social media and young people’s mental health and wellbeing, RSPJ Royal society for public health, May 2017, accessed: 5 September 2021, available at: https://bit.ly/2XQMmH4

[43] ريموند واكس، الخصوصية: مقدمة قصيرة جدا، ترجمة: ياسر حسن، (القاهرة: موقع هنداوي، الطبعة الأولى، 2013)، ص 47.

[44] Mark Fischetti, Social Technologies Are Making Us Less Social, Scientific American, October 2016, accessed: 23 September 2021, available at: https://bit.ly/3lWpL4i

[45] زيجمونت باومان، الحياة السائلة، مرجع سابق، ص 17.

[46] Cihat Yasaroglu, Youtubers’ Effect on Children’s Values: Parents’ Views, European Journal of Educational Sciences, December 2020, Vol. 7, No. 4, pp. 2-11, accessed: 20 September 2021, available at: https://bit.ly/3AK3X23

[47] Social media and young people’s mental health and wellbeing, Op.Cit.,

[48] عبير حسن علي الزواوي، الأبعاد المستحدثة في الخيانة الزوجية عبر الإنترنت والمخاطر المحتملة على الأسرة المصرية جرَّاء انتشارها ودور مقترح للتخفيف منها من منظور طريقة العمل مع الجماعات، مجلة كلية الخدمة الاجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الفيوم، المجلد الرابع، العدد الرابع، صيف 2016، ص ص 215-250.

[49] ماري آيكن، التأثير السيبراني: كيف يغير الإنترنت سلوك البشر، ترجمة: مصطفى ناصر، (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، الطبعة الأولى، 2017)، ص 96.

[50] المرجع السابق، ص 99.

[51] المرجع السابق، ص 100.

[52] المرجع السابق، ص 105.

[53] المرجع السابق، ص 205.

[54] المرجع السابق، ص 207.

فصلية قضايا ونظرات – العدد الثالث والعشرون – أكتوبر 2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى