لماذا سكتت الشعوب العربية عن إبادة إسرائيل لغزة؟ اتجاهات الإجابة ودلالاتها

مقدمة:

منذ السابع من أكتوبر 2023 دخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة اتسمت بمستوى غير مسبوق من التدمير والإبادة، بعدما اندلعت معركة طوفان الأقصى وما تلاها من حرب إسرائيلية وحشية على قطاع غزة استمرت على نحو متصل، مخلفة عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ومليوني نازح تقريبًا. لم تقتصر الحرب على بعدها العسكري، بل اتخذت طابعًا وجوديًا يهدف إلى محو البنية الاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني عبر التدمير الممنهج للبنية التحتية، وفرض المجاعة، ومنع المساعدات؛ في مشهد وثقته تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية باعتباره إبادة جماعية مكتملة الأركان[1]. غير أن ما يستحق الاهتمام، ربما بقدر لا يقل عن حجم الإبادة ذاتها، هو محدودية رد الفعل الشعبي في العالم العربي؛ إذ لم يشهد الشارع العربي ذلك الزخم الذي اعتاد عليه في مواجهات سابقة مع الاحتلال الإسرائيلي، ما أثار تساؤلات حول التحولات التي أصابت وجدان الأمة وعلاقتها بالقضية المركزية التي لطالما شكّلت عنصرًا مؤسسًا لهويتها السياسية والثقافية.

فمنذ النكبة عام 1948، لم تكن فلسطين مجرد أرض محتلة، بل تحولت إلى رمز جامع لقضايا التحرر والكرامة في المخيال العربي والإسلامي. ارتبطت في الخمسينيات والستينيات بالمشروع القومي العربي؛ حيث اعتبر جمال عبد الناصر تحريرها جزءًا من معركة الأمة ضد الاستعمار[2]، كما حملت الحركات الإسلامية منذ السبعينيات لواءها باعتبارها قضية عقائدية تتصل بمصير الأمة. وعبر العقود التالية، ظلت مشاهد القمع والاحتلال الإسرائيلي محركًا مباشرًا لموجات تضامن جماهيرية متكررة. فقد فجّرت الانتفاضة الأولى عام 1987 موجات احتجاج ضخمة ودفعت النقابات والاتحادات الطلابية في عدد من العواصم العربية إلى تبني القضية بشكل مباشر[3]، بينما حشدت انتفاضة الأقصى عام 2000 ملايين المتظاهرين في مصر والأردن والمغرب وغيرها، لتصبح لحظة استعادة رمزية لمركزية فلسطين[4]. ومع حرب غزة 2008-2009، خرجت احتجاجات واسعة النطاق في أكثر من بلد عربي، وشهدت الساحة الإعلامية والحقوقية زخمًا غير مسبوق في فضح جرائم الاحتلال[5]، وتكرر المشهد -ولكن بشكل محدود نسبيًا- مع حرب 2014، التي استنهضت قطاعات واسعة من الشعب العربي في مظاهرات ووقفات رمزية في مصر، الأردن والمغرب، رغم القيود الرسمية والاعتقالات التي طالت العشرات[6].

تبدو المفارقة جلية اليوم، إذ تُعد حرب غزة الراهنة الأكثر دموية وشمولية في تاريخ الصراع، ومع ذلك اتسمت ردود الفعل العربية والإسلامية بقدر كبير من الوهن. فباستثناء موجات متقطعة من التظاهرات أو الاعتصامات المحدودة، واحتجاجات رمزية عند بعض النقابات أو الجامعات، لم يشهد الشارع العربي اندفاعًا واسعًا كما حدث في انتفاضات أو حروب سابقة. وعلى الرغم من أن شبكات التواصل الاجتماعي وفّرت صورًا يومية موثقة عن المجازر، إلا أن أثرها لم يتحول إلى حراك ميداني جماهيري واسع. هنا يظهر سؤال أساسي: ما الذي تغيّر في علاقة الشعوب العربية والإسلامية بفلسطين حتى بدا صمتها أو عجزها عن الفعل أكثر وضوحًا في لحظة الإبادة الجماعية؟

تقدم هذه اللحظة اختبارًا غير مسبوق لعلاقة الشعوب العربية والإسلامية بفلسطين؛ فهي لا تكشف فقط عن حدود التضامن في ظل أنظمة سلطوية، وإنما أيضًا عن التحولات العميقة التي طالت البنى الاجتماعية والثقافية. ومن ثم فإن دراسة هذا الصمت أو العجز ليست مجرد محاولة لتسجيل الوقائع، بل هي مدخل لفهم مآلات الوجدان العربي والإسلامي، وإلى أي مدى ما زالت فلسطين تشكل مركزًا جامعًا أو أنها فقدت تلك المكانة تدريجيًا أمام إكراهات الداخل والتحولات الدولية.

المحور الأول: رصد الحراك الشعبي العربي تجاه حرب غزة 2023-2025

يمثل رصد الحراك الشعبي العربي والإسلامي تجاه إبادة غزة خطوة أساسية لفهم طبيعة الصمت أو الضعف في الاستجابة الجماهيرية. فالتحليل الموضوعي للفعاليات التي خرجت على الأرض؛ سواء كانت تظاهرات، أو إضرابات عن الطعام، أو حملات مقاطعة أو حراك رقمي، يوفر قاعدة واقعية تمكننا من استخدام تعبير “الصمت الشعبي” على ما حدث منذ بداية العدوان. من خلال هذا الرصد، يمكن تبيان مدى قدرة الشعوب على تحويل التعاطف العاطفي والتضامن الرمزي إلى فعل جماعي ملموس، كما يسمح بتحديد العوامل الهيكلية والسياسية والاجتماعية التي ساهمت في تقييد هذا الحراك أو تضييقه.

سيتناول هذا المحور عددا من الدول العربية التي شهدت نشاطًا شعبيًا ملموسًا، بدءًا من مصر، مرورًا بالأردن والمغرب ولبنان وسوريا واليمن، مع التركيز على: طبيعة الحراك، وآليات التنظيم، والردود الرسمية والأمنية، والتوثيق المتاح للاعتقالات والقيود المفروضة. هذه القراءة الواقعية للحراك الشعبي هي الأساس الذي سنبني عليه المقاربات التفسيرية في المحور التالي، لفهم أبعاد الصمت الشعبي ودلالاته السياسية والاجتماعية والثقافية.

1- الحراك المصري

شهدت مصر مع بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023 مجموعة من التظاهرات الرمزية والمحدودة، أبرزها في القاهرة والإسكندرية والمنصورة بين 12 و20 أكتوبر، رفع المشاركون خلالها شعارات واضحة مثل: “ارفعوا الحصار” و”لا للتهجير القسري”. كما نظمت نقابة الصحفيين وقفة رمزية في 20 أكتوبر أمام مقرها في شارع عبد الخالق ثروت، شارك فيها عشرات الإعلاميين رغم الطوق الأمني المفروض[7].

تفاعل النظام مع هذه التظاهرات بالقمع؛ إذ وثقت “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” اعتقال 113 شخص على الأقل في القاهرة والجيزة خلال الأسبوعين الأولين من الحرب، مع اختفاء قسري لعدد منهم قبل عرضهم على النيابة بتهم “نشر أخبار كاذبة” و”الانضمام إلى جماعة إرهابية” لمجرد المشاركة في التظاهرات أو نشر تدوينات مؤيدة لغزة[8].

وبهذا، تمثل الحالة المصرية نموذجًا واضحًا للصراع بين الرغبة الشعبية في التضامن مع فلسطين وبين أدوات القمع التي تحد من تأثير هذا التضامن على الأرض. فقد خرجت الاحتجاجات في مدن متعددة، بدءًا من القاهرة والإسكندرية، لكنها واجهت تقييدًا صارمًا من الأجهزة الأمنية؛ حيث أُغلقت بعض الشوارع، واعتُقل عدد من النشطاء، وجرى التهديد بالقضاء على أي تجمعات غير مرخصة؛ ما أدى إلى تحويل الفعل الاحتجاجي إلى شكل رمزي محدود.

على الرغم من ذلك، حاولت الجماهير المصرية التعبير عن تضامنها من خلال وسائل أخرى، أبرزها الحملات الرقمية على منصات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام؛ حيث انتشرت هاشتاغات داعمة لغزة، ونُشِرت صور ومقاطع فيديو تُظهر المجازر والدمار، بهدف الضغط على الرأي العام العالمي وكسب التضامن الدولي. كما برزت حملات المقاطعة الاقتصادية الموجَّهة ضد الشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي، ومن أبرزها ستاربكس وبيبسي، بالإضافة إلى حملات التبرع الخيرية التي جمعت موارد لتجهيز قوافل مساعدات إنسانية، رغم الإغلاق شبه الدائم لمعبر رفح الذي منع دخول هذه القوافل إلى القطاع[9].

2- الحراك الأردني

شهد الأردن أكبر الموجات احتجاجية في العالم العربي منذ أكتوبر 2023؛ حيث امتدت من عمان إلى الزرقاء وإربد والكرك. وركزت التظاهرات على قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ووقف العمل بمعاهدة وادي عربة، إضافة إلى إغلاق “جسر الملك حسين” التجاري[10]. كما دخل عشرات الشباب الأردنيين إضرابًا عن الطعام للمطالبة بكسر الحصار المفروض على شمال قطاع غزة، وإدخال المساعدات[11].

لكن السلطات ردّت بحملة اعتقالات شملت مئات الأشخاص[12]، منهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، ووجهت إليهم تهمًا بالتعاون مع المقاومة الفلسطينية[13]. وبالرغم من إنكار الجماعة لأي صلة تربطها بأعمال تدعم المقاومة[14]، فقد صدر قرار بحظر الجماعة في الأردن.

تدل هذه الشواهد على أن رغبة الشارع الأردني في مؤازرة غزة كانت قوية ومتواصلة، لكن المجال العام قد أُحكم ضبطه بأدوات قانونية وأمنية. من هذه الأدوات إقرار تعديلات “قانون الجرائم الإلكترونية” في أغسطس 2023[15]، الذي استخدمته السلطات لاحقًا لتجريم منشورات ومنظِّمين دعوا إلى التظاهر أو انتقدوا السياسة الرسمية، بما في ذلك توجيه اتهامات لنشطاء مثل أيمن صندوقة[16].

أبقت هذه القيود الأمنية احتجاج الشارع الأردني في إطار رمزي لا يسمح بالتحوّل إلى ضغط سياسي مستدام. وتوازى ذلك مع خطاب أمني وإداري يستحضر “حماية النظام العام” ويُشيطن الهتافات المؤيدة للمقاومة، ويُحذِّر من “التأثيرات الخارجية” على الداخل، وهو خطاب عزّزته تغطيات دولية أشارت إلى حساسية توازنات المملكة بين معاهدة السلام، والروابط المجتمعية العميقة مع فلسطين، والقلق من انزلاق الشارع إلى مواجهات مفتوحة.

3- الحراك المغربي

في المغرب، تركز التضامن مع غزة بفعاليات مناهضة التطبيع؛ فمنذ نوفمبر 2023 نُظِّمت احتجاجات أمام موانئ الدار البيضاء وطنجة لمنع رسو سفن ميرسك المتهمة بنقل أسلحة وقطع غيار عسكرية لإسرائيل[17].

كما قامت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” المشكَّلة من عدة منظمات سياسية، أبرزها جماعة العدل والإحسان الإسلامية المعارضة، بتنظيم تظاهرات حاشدة منددة بالإبادة والتجويع في غزة[18]. واستمرت الاحتجاجات بشكل متقطع على مدى أشهر، ونجحت في فرض قضية التطبيع على النقاش العام، لكنها بقيت محدودة في قدرتها على التأثير السياسي الفعلي.

4- الحراك اليمني

أخذ الحراك اليمني منحًى مغايرًا تمامًا للحالات العربية الأخرى؛ إذ لم يقتصر على المظاهر الرمزية أو التعبير التضامني التقليدي، بل تحول إلى فعل عسكري مباشر توازى مع الحراك الشعبي. لذا لا يمكن الوقوف عند وصف ما حدث في حالة اليمن بالحراك الشعبي؛ فقد جمعت اليمن ما بين التحرك العسكري المنظم (من جهة جماعة أنصار الله الحوثيين)[19] وبين تعاطف الشارع اليمني مع معاناة غزة ودعمه لخطوات الحوثيين في إسنادها على الرغم من الضربات الإسرائيلية التي طالته كعقاب على هذا الإسناد.

فقد توالت الفعاليات الحاشدة الأسبوعية التي تقام في صنعاء عقب صلاة الجمعة، وتحولت مسيرات الجمعة إلى طقس سياسي-اجتماعي متواصل على مدى عامين كاملين. رفع المشاركون خلالها شعارات: “الموت لإسرائيل” و”الموت لأمريكا”، مؤكدين أن القضية الفلسطينية ليست مسألة خارجية بل جزءًا من وجدانهم اليومي، رغم ما خلفته الغارات الإسرائيلية من خسائر بشرية ومادية جسيمة. هذه المواظبة الشعبية أضفت على الحراك اليمني طابعًا خاصًا يجمع بين الفعل الميداني العسكري والتعبئة الجماهيرية المستمرة، وهو ما جعله حالة استثنائية في المشهد العربي.

5- الحراك اللبناني

في الحالة اللبنانية، يختلف المشهد أيضًا عن معظم الدول العربية؛ إذ تبلورت جبهة إسناد حقيقية لغزة عبر انخراط حزب الله المباشر في مواجهة إسرائيل منذ الأيام الأولى للحرب، ثم اتسعت المواجهة إلى حرب دمرت جنوب لبنان[20].

مرَّ الشارع اللبناني بتحولات ملموسة خلال مراحل هذه المواجهة. ففي البداية، ساد شعور عام بالفخر بقدرة حزب الله على مواجهة إسرائيل وإرباكها، وخرجت تظاهرات مؤيدة في الضاحية الجنوبية وبيروت وصيدا وصور، رُفِعت فيها الأعلام الفلسطينية إلى جانب أعلام الحزب. ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي وتفاقم الدمار، تزاوجت مشاعر الغضب من إسرائيل مع قلق واسع على المستقبل، خصوصًا بعد الحديث المتكرر في أوساط سياسية وإعلامية عن ضغوط دولية لنزع سلاح حزب الله وكل الفصائل الفلسطينية العاملة من الأراضي اللبنانية.

6- الحراك الخليجي

في 14 أكتوبر 2023، أي بعد أسبوع واحد فقط من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خرج المئات من المواطنين والمقيمين في “ميدان الإرادة” في الكويت العاصمة للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة؛ حيث رفعوا شعارات تضامنية مع الفلسطينيين ودعوات لإنهاء الاحتلال[21]، وتكررت التظاهرة في بعض أيام الجُمَع اللاحقة.

وفي البحرين، نظّمت مناطق وقرى مسيرات ووقفات تضامنية مع غزة، ورفع المشاركون لافتات تطالب بطرد السفير الإسرائيلي ورفض التطبيع، في إشارة إلى اتفاقية أبراهام التي تطبِّع العلاقات بين البحرين وإسرائيل، والتي ترفضها جهات عدة في البحرين أبرزها جمعية الوفاق؛ ما يظهر في تنظيمها المستمر لفعاليات احتجاجية على توقيع هذه الاتفاقية، زادت مع حرب الإبادة في غزة[22].

وقالت “هيومن رايتس ووتش” في 22 ديسمبر 2023، إن السلطات البحرينية اعتقلت وضايقت العشرات، منذ أكتوبر 2023، بينهم أطفال، ممن شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في مختلف أنحاء البلاد، وكذلك من شاركوا في أنشطة مناصرة لفلسطين عبر الإنترنت[23].

ملاحظات عامة على الحراك العربي تجاه حرب الإبادة في غزة:

يتضح من مقارنة هذه الحالات الخمس أن الحراك الشعبي العربي تجاه حرب غزة 2023-2025 اتسم بخصائص متكررة:

  • فجوة بين التعاطف الشعبي والفعل السياسي: رغم إدراك الرأي العام العربي لمدى الإبادة الإسرائيلية، بقيت التظاهرات محدودة أو رمزية، باستثناء اليمن.
  • التأثير القمعي للنظم: في مصر والأردن والخليج، شكَّل القمع المباشر والإجراءات القانونية أداة رئيسية لتفريغ أي حراك من مضمونه.
  • ارتباط التضامن بالبنية الاقتصادية والسياسية: في المغرب والأردن، تحدّت المطالب الشعبية مصالح الأنظمة الاقتصادية أو شبكات التجارة مع إسرائيل، ما وضع قيودًا على الفعل الشعبي.
  • الفعل الرمزي مقابل الفعل المباشر: حملات المقاطعة الرقمية والوقفات الطلابية مثَّلت شكلا من التضامن الرمزي، لكن لم تتحول إلى ضغط سياسي فعال.

المحور الثاني: المقاربات التفسيرية لضعف الحراك الشعبي العربي تجاه حرب غزة 2023-2025

على الرغم من الاستجابة العاطفية الواسعة لدى الجمهور العربي والإسلامي تجاه المجازر الإسرائيلية في غزة منذ أكتوبر 2023، لم يتحول هذا الغضب الجماهيري إلى فعل سياسي جماعي أو ضغط مؤثر على الأنظمة أو الاحتلال. لفهم هذه المفارقة، يمكن النظر إليها من خلال ثلاثة أطر تفسيرية متكاملة تتداخل فيما بينها: الأبعاد السلطوية-القمعية، الأبعاد البنيوية-الاعتماد على التبعية الاقتصادية والسياسية، والأبعاد الثقافية-الاجتماعية. هذه المقاربات تتيح تفسيرًا علميًا لمحدودية الحراك الشعبي، مع الإشارة إلى الأمثلة الواقعية التي تم رصدها في المحور الأول.

  1. المقاربة السلطوية-القمعية

تمثل السلطوية عاملا محوريًّا في تقييد الحراك الشعبي، حيث تستخدم الأنظمة العربية الأدوات الأمنية والقانونية لضبط أي نشاط جماهيري مستقل، حتى عندما يتعلق بالقضية الفلسطينية. أظهرت الأحداث في مصر والأردن كيف يمكن لهذه الأنظمة تحويل أي محاولة للتعبير عن التضامن مع غزة إلى نشاط محدود رمزي أو رقمي، مع تفريغ المحتوى السياسي.

في مصر، على الرغم من المظاهرات الجامعية المحدودة ووقفات نقابة الصحفيين، قامت الأجهزة الأمنية بالتضييق على العديد من المتضامنين، لمجرد التعبير عن التضامن. هذا يعكس قدرة السلطة على منع أي ضغط شعبي مؤثر، مما أجبر معظم التعبير التضامني على البقاء في نطاق رمزي أو افتراضي.

وبشكل كبير يمكن القول إن هذا القمع هو من إرث الربيع العربي الذي ما زال النظام المصري يحمله على عاتقيه خشية التعرُّض حتى لمجرد احتمالات تزعزع استقراره. فما زالت الاتهامات التي تلصق بنشطاء القضية الفلسطينية هي اتهامات الانتماء إلى “جماعة إرهابية” وما يشابهها. وهو ما بدا جليًّا في رفض النظام استغلال عفوية التضامن الشعبي القوي في الشارع المصري ضدَّ ملف التهجير، فالعديد من الجهات ومنهم مصريون في الداخل والخارج يرون أن النظام المصري مسؤول عن إغلاق معبر رفح.

وقدَّم الأردن مثالا آخر على دمج القمع الأمني بالقوانين لتقييد النشاط الشعبي، فشنَّ حملة اعتقالات شملت مئات الأشخاص بين أكتوبر 2023 ومارس 2024، مستهدفة بشكل رئيسي ناشطي التظاهرات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين المشتبه بتعاونهم مع المقاومة الفلسطينية.
والوضع في الأردن كذلك يدور في فلك تأثيرات الربيع العربي، فعلى الرغم من محدودية الحراك الذي شهدتْه الأردن ونجح النظام حينها في وأْده بالقمع الأمني، فإنه دأب من حينها على صناعة ترسانة قانونية تُسعفه في أيام كأيام حرب الإبادة هذه، وهو ما استخدمه بشكل بارز للقبض على نشطاء التواصل الاجتماعي المتضامنين مع غزة.

وفي المغرب، على الرغم من قلة القمع المباشر، فقد حدَّت القيود الأمنية والسيطرة على الموانئ من قدرة الاحتجاجات على تحقيق تأثير ملموس. في ديسمبر 2023، حاول آلاف المواطنين منع رسوِّ سفينة ميرسك في ميناء طنجة المتوسط والتي كانت تحمل أسلحة وقطع غيار لإسرائيل. تدخَّلت الدولة لإبقاء العمليات البحرية سارية؛ ما عكس كيف يمكن للسلطات ضبط الحراك الشعبي حتى في الدول التي لا تعتمد القمع المباشر بنفس شدة مصر أو الأردن.

  • المقاربة البنيوية-التبعية الاقتصادية والسياسية

تركز هذه المقاربة على أن الاعتماد البنيوي للدول العربية على الاقتصاد الدولي والعلاقات الدبلوماسية يجعل مصالح الدولة أولوية تتقدَّم على مطالب الشعب في التضامن مع غزة.

فالاحتجاجات المغربية على السفن، وكذلك المطالب الأردنية بإغلاق جسر الملك حسين التجاري، واجهت مقاومة من الدولة نتيجة ارتباطها بالاقتصاد الدولي وعلاقاتها الدبلوماسية مع الغرب وإسرائيل. حتى في مصر، تلعب التبعية الاقتصادية دورًا إضافيًّا؛ إذ إن أيَّ حملة مقاطعة أو نشاط شعبي قد يتعارض مع استثمارات أو اتفاقيات استراتيجية مع حلفاء غربيِّين. يتيح هذا الإطار فهم محدودية الحراك الشعبي، إذ إن أيَّ ضغط على الاحتلال أو على السياسات الرسمية يخضع دائمًا لموازين مصالح الدولة العليا، ما يقلِّل من فرص تحويل التضامن الشعوري إلى فعل جماعي مؤثِّر.

هنا تتجلَّى المفارقات الكبيرة بين مصالح الأنظمة الحاكمة العربية وما قد يستهدفه قطاع واسع من شعوبها، ومع توسُّع اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، باتتْ هذه الدول العربية وعدد من الدول الإسلامية ترتبط بمصالح اقتصادية حيوية مع إسرائيل، ومن أبرز الأمثلة على ذلك اتفاق استيراد مصر للغاز الطبيعي من إسرائيل[24] والذي تعتمد عليه عدَّة مجالات في داخل مصر، الأمر الذي تُعَدُّ عرقلة أيٍّ منها قد يسبب أزمات قومية حادَّة[25].

  • المقاربة الثقافية-الاجتماعية

تُشير التحولات الاجتماعية والثقافية إلى أن الفردانية، والانغماس في الحياة الرقمية، والاستهلاك، كلها عوامل تقلل من قدرة الشعوب على التحول من التعبير العاطفي إلى الفعل الجماعي[26]. فعلى الرغم من انتشار الحملات الرقمية لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل في مصر والمغرب والأردن، فإنها بقيتْ محصورةً في الفضاء الافتراضي، ولم تتحوَّل إلى ضغط ملموس على السياسات الرسمية. وتجربة “قافلة الصمود” التي انطلقت عبر تونس، والجزائر، وليبيا ووصلتْ إلى الحدود المصرية في أغسطس 2025، أبرزتْ هذه الصعوبة بشكل واضح. على الرغم من أن القافلة سعت إلى تحويل التضامن الرمزي إلى فعل ميداني، فإنها اصطدمت بالقيود الأمنية عند المعبر وأعيد المشاركون إلى بلدانهم، كما لم تحظَ باستجابة شعبية على الأرض في مصر.

تُضاف إلى ذلك عوامل نفسية واجتماعية مثل الإحباط المزمن من الفعل السياسي، والانشغال بالضغوط المعيشية اليومية، والخوف من العقاب، التي ساهمت في تعزيز الصمت أو الحدِّ من الأفعال المباشرة.

إن الأزمات المتتالية في المنطقة العربية -من تبعات جائحة كوفيد 19 إلى صدمات أسعار الغذاء والطاقة والحروب الإقليمية- عمَّقت مستويات الفقر والضغوط المعيشية بشكل غير مسبوق. فبحسب تقرير التحديث الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي (أبريل-أكتوبر 2023)، شهدت عدة دول عربية ارتفاعًا في نسب الفقر وانكماشًا في القوة الشرائية للأسر، مع تزايد الاعتماد على التحويلات المالية الخارجية وشبكات الدعم غير الرسمية. ويشير التقرير إلى أن هذه الأوضاع أضعفت قدرة المواطنين على الانخراط في أشكال مستدامة من الفعل السياسي أو التضامن العابر للحدود، إذ باتت الأولوية القصوى لكثيرين تأمين الاحتياجات الأساسية والنجاة الاقتصادية[27].

أمَّا على صعيد سوق العمل، فيكشف تقرير “اتجاهات العمالة العالمية للشباب 2024” لمنظمة العمل الدولية (12 أغسطس 2024) عن استمرار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتسجيل أعلى معدل بطالة بين الشباب عالميًّا، بلغ نحو 24% في 2023، وهو ما يعكس أزمة بنيوية في خلق فرص العمل. ويضيف التقرير أن هشاشة التشغيل وعدم استقرار العمل غير الرسمي يفاقمان الإحباط لدى الأجيال الشابة، ويقوِّضان إمكانياتهم في الانخراط في حركات احتجاجية طويلة الأمد أو مبادرات مجتمعية تتطلب التزامًا مستمرًّا[28].

هذه المؤشِّرات مجتمعة تبرز أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية ليست مجرد سياق عام، بل تمثل حاجزًا فعليًّا أمام تحويل التعاطف الواسع مع غزة إلى فعل جماعي ملموس، ما يفسر جانبًا مهمًّا من ظاهرة الصمت الشعبي العربي.

ويُرجع البعض محدوديةَ الفعل الشعبي تجاه الإبادة في غزة، إلى التحول الذي حاولت الأنظمة العربية المطبعة غرسه في ثقافة ووجدان شعوبها من اعتبار فلسطين جزءًا من الصراع العربي الإسرائيلي، إلى كونها “قضية فلسطينية” أو “شأنًا فلسطينيًّا”، كي يدفعوا الشعوب إلى الشعور بأن هذا الأمر إما أنه ملف خارج عن أولوياتهم أو أنه بعيد لا يخصُّهم. ومع ذلك لا يمكن التسليم بدقَّة هذا التفسير بشكل كبير. فالعديد من استطلاعات الرأي العربية أثبتتْ أن غالبية الشعوب العربية ما زالت تعتبر فلسطين قضية عربية وتنظر إلى إسرائيل ككيان محتل، وترفض التطبيع الرسمي معه[29]. ومن يعتبرون الأمر شأنًا فلسطينيًّا خاصًّا ويدينون المقاومة الفلسطينية في كثير من الأحيان، هذه النسب ما زالت تشكِّل في مجموعها أقلية. ربما يرجع ظهورها النوعي إلى نوعية هذه الأقلية وما تملكه من نفوذ ومال وأدوات تأثير في الرأي العام.

كيف نفسر ضعف الحراك الشعبي العربي في ضوء هذه المقاربات؟

عند دمج المقاربات الثلاثة، يتَّضح أن ضعف الحراك الشعبي العربي تجاه غزة ليس نتيجة عامل واحد، بل نتاج تفاعل معقَّد بين القمع، والبنية الاقتصادية والسياسية، والتحولات الثقافية والاجتماعية.

في مصر والأردن، أدَّى القمع المباشر والقيود الأمنية والسياسية إلى تقليص الفعل الشعبي إلى فعل رمزي أو إعلامي. وفي المغرب، شكَّلت التبعية الاقتصادية والسياسية حاجزًا أمام التأثير الشعبي، رغم نشاط الاحتجاج الرمزي المكثَّف. أمَّا اليمن، فكانت هناك ظروف استثنائية مكَّنت التضامن الشعبي من التحوُّل إلى فعل ملموس من خلال عمليات عسكرية محدودة ودعم شعبي جماهيري. وفي لبنان وسوريا، أدَّى تداخل التوتر الأمني الداخلي مع الهجمات الإسرائيلية إلى الحدِّ من الفعل الجماهيري، فيما بقي النشاط الأكاديمي والطلابي في المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام رمزيًّا، بل ومعدومًا في كثير من الحالات، في مقابل ذلك الزخم الهائل الذي ملأ الجامعات الغربية.

دلالات الصمت الشعبي العربي تجاه حرب غزة 2023-2025:

يطرح الصمت الشعبي العربي إزاء حرب الإبادة على غزة (2023-2025) أسئلة حول العلاقة بين الشعوب العربية وقضيتها المركزية، ومدى انعكاس ذلك على شرعية الأنظمة، وعلى موقع المقاومة الفلسطينية في وجدان الأمة. فبينما كان يُنتظر أن يشكل حجم الفظائع المرتكبة في غزة لحظة استنهاض جماهيري واسعة، جاء المشهد في أغلب الدول العربية محكومًا إما بالغياب التام للفعل الشعبي أو بانحصاره في تعبيرات رمزية محدودة.

  • تحوُّل مكانة القضية الفلسطينية من مركزية إلى هامشية وجدانية: ففلسطين، رغم أهميتها التاريخية، لم تعد تمثِّل محورًا للفعل الشعبي الجماعي كما كانت في موجات التضامن خلال انتفاضات 1987 و2000 أو خلال حروب غزة السابقة. تبرز القضية الآن كموضوع وجداني أو رمزي يُستحضر في المناسبات والبيانات، دون قدرة على الحشد الشعبي المؤثر على السياسات الرسمية والوقائع الميدانية. ويظهر ذلك بقوة في الشوارع المصرية واللبنانية والسورية.
  • إضعاف الشعور بالفاعلية الجماعية: يعكس الصمت إدراكًا ضمنيًّا من الشعوب بعدم قدرتها على التأثير العملي على نتائج الصراع أو على السياسات الإقليمية؛ ما يترك انطباعًا بأن العلاقة مع القضية أصبحت تمثيلية رمزية أكثر منها علاقة عملية، حيث تتعاطف الشعوب شعوريًّا لكنها لا تتحرَّك بشكل جماعي ملموس.
  • تراجع الدور الاجتماعي للقيم التضامنية التقليدية: التزام الصمت يعكس، في كثير من الحالات، تغيُّرًا في القيم الاجتماعية المرتبطة بالتضامن مع القضايا العادلة، وتحول جزء من اهتمام الجماهير إلى قضايا محلية أو شخصية؛ ما يعطي دلالة على تراجع القدرة على التعبير الجماعي عن التضامن خارج إطار الخطابات الرمزية أو الحملات الرقمية.
  • انعكاسات على شرعية الأنظمة: الصمت الشعبي يمكن أن يُستغل لتضخيم صورة الاستقرار، لكنه في الواقع يضع الأنظمة أمام فجوة في الشرعية الرمزية والسياسية بسبب إدراك المواطنين للتناقض بين الشعارات الرسمية والقمع الفعلي.

خاتمة: قراءة في المفارقة ودلالات الصمت الشعبي

تظهر دراسة الحراك الشعبي العربي تجاه حرب غزة 2023-2025 مجموعة من النتائج الدالة على تداخل العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية، والتي ساهمت في استمرار صمت جماهيري ملحوظ رغم حجم المجازر الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل.

أولا، يُبرز تأثيرُ الصمت على المقاومة الفلسطينية بشكل واضحٍ غيابَ الدعم الشعبي الفعلي الذي قلَّل من القدرة الاستراتيجية للمقاومة على استغلال الموارد الخارجية، وأدَّى إلى زيادة الاعتماد على الجهد الداخلي تحت الحصار. وأظهر الصمت أنه ليس مجرد ظاهرة اجتماعية بسيطة، بل يشكِّل عاملا يضاعف الأعباء الإنسانية والعسكرية على القطاع، ويحد من فاعلية المقاومة على الصعيد السياسي.

ثانيًا، دَلَّ الصمت على تحولات العلاقة بين الشعوب والقضية الفلسطينية. فقد أضحى التعامل مع غزة في غالبية البلدان العربية رمزيًّا وجدانيًّا، بدل أن يكون محورًا للتحرك الجماعي الملموس، كما كانت القضية سابقًا خلال انتفاضات 1987 و2000، وحروب غزة 2008-2009 و2014. هذا التحول يحمل دلالات اجتماعية وثقافية مهمة، إذ يعكس تراجع الشعور بالفاعلية الجماعية، وانحسار دور القيم التضامنية التقليدية، وتحول العلاقة مع القضية إلى مسار وجداني أكثر من كونه سياسيًّا.

ثالثًا، يوضح رصدُ الحراك الداخلي لكل دولة مدى تفاوت حدود التحرك الشعبي وتأثير الصمت على المستوى الوطني. ففي مصر والأردن ودول الخليج بدرجة أقل نسبيًّا، أُجهضت التظاهرات والوقفات التضامنية بالقمع الأمني والاعتقالات، بينما شهد المغرب نشاطًا شعبيًّا محدودًا في الموانئ لمنع وصول الأسلحة، ما يعكس تباين قدرة الشعوب على تحويل التضامن الرمزي إلى فعل ملموس وفق السياق السياسي الداخلي. وفي اليمن ولبنان وسوريا، تداخل التضامن مع أولويات أمنية وسياسية محلية في ظل ما تلقاه هذه الدول نفسها من عدوان إسرائيلي.

وأخيرًا، تظل هناك مفارقة واضحة بين الحراك العربي والغربي؛ ففي الوقت الذي بقيت الشعوب العربية والإسلامية مكتوفة الأيدي إلى حدٍّ كبير، شهدت الجامعات الغربية، لا سيما في الولايات المتحدة وبريطانيا، حملات واسعة من الاعتصامات الطلابية والمقاطعات الأكاديمية، ما يعكس قدرة الجمهور الغربي على ترجمة التعاطف إلى فعل جماعي ملموس، في حين لم تتمكَّن غالبية الجماهير العربية من تحقيق تأثير مماثل على سياسات أنظمتها أو على الواقع الميداني في غزة.

إن ما يترتب على هذه الدلالات مجتمعة هو إدراك أن الصمت الشعبي ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل يشير إلى تغيرات عميقة في العلاقة بين الشعوب والقضايا المركزية، وتوازنات القوة الداخلية والخارجية، ومستوى الشرعية الجماهيرية، وقدرة المقاومة على الاستفادة من موارد الدعم الشعبي الإقليمي. كما أنه يفتح الباب لمناقشة كيفية إعادة بناء الروابط بين الشعوب والقضية الفلسطينية، سواء عبر الفعل الميداني المباشر أو من خلال التعبئة الرقمية والضغط السياسي المتكامل، بما يعزز قدرة المقاومة على الاستفادة من التضامن الشعبي في المستقبل.


الهوامش:

باحثة دكتوراه في النظرية السياسية – جامعة القاهرة.

[1] United Nations Human Rights Council, Report on the Human Rights Situation in Gaza, Geneva, 2024, p. 12-15.

[2] الطيب الدجاني، عبد الناصر والثورة الفلسطينية، مركز دراسات الوحدة العربية، 22 يناير 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4xw8weuy

[3] وليد الخالدي، قبل الشتات: تاريخ فلسطيني مصوّر 1876-1948، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1991، ص. 373.

[4] أبو العلا ماضي، الأداء العربي الرسمي والشعبي تجاه الانتفاضة، الجزيرة، 3 أكتوبر 2004، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/53knaa9y

[5] مركز الجزيرة للدراسات، “غزة: قراءة في دلالات الحرب على القطاع”، الدوحة، 2009، ص. 7-10.

[6] See:

– Amnesty International, Egypt: Arbitrary Arrests during Gaza Protests 2014, Cairo Report, 2014, p. 5-7.

– Human Rights Watch, Crackdown on Gaza Solidarity Protests in Egypt, July 2014, p. 3-6.
 – Arab Center for Research and Policy Studies, Arab Opinion Index: Gaza 2014, Doha, 2015, p. 12-14.
– Moroccan Front Against Normalization, Reports on Gaza Solidarity Actions 2014, Rabat, 2014.

[7] من ميدان التحرير والأزهر.. المظاهرات تعم محافظات مصر تضامنا مع غزة (فيديو)، الجزيرة مباشر، 20 أكتوبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/y6b5x62v

[8] المفوضية المصرية للحقوق والحريات، الحرية تحت الحصار، القاهرة، نوفمبر 2023، ص. 12-15.

  • هيومن رايتس ووتش، مصر: اعتقال عشرات المتظاهرين السلميين، 1 نوفمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/ycs427r9

[9] كريم محمود، حملات شعبية واسعة في مصر لدعم وإغاثة غزة، الجزيرة، 6 أغسطس 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/28s2dp9p

[10] الأردن: آلاف المتظاهرين يطالبون الملك بـ”تهديد” إسرائيل بإلغاء معاهدة السلام لوقف الحرب، فرانس 24، 3 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/2rtxh5ek

[11] رضا ياسين، شبان أردنيون يدخلون في إضراب مفتوح عن الطعام نصرة لغزة، الجزيرة، 3 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/mtpdtfte

[12] هيومن رايتس ووتش، الأردن: اعتقالات ومضايقات لمتظاهرين مؤيدين لفلسطين، 6 فبراير 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/bdd8xcaj

[13] اعتقالات جديدة بصفوف الإخوان في الأردن وأحكام بالسجن بحق 4، الجزيرة، 30 إبريل 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/35kyrcc2

[14] بوادر أزمة سياسية وقانونية تداهم “إخوان” الأردن بعد “خلية الصواريخ”، سي إن إن، 16 إبريل 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/nhemsrt5

[15] التقرير العالمي 2024: الأردن أحداث 2023، هيومن رايتس ووتش، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4r3bbum2

[16] في 7 يناير 2025، أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات على الناشط السياسي وأستاذ الرياضيات أيمن صندوقة بعد إدانته بتهمة “التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي”. وجاءت الإدانة على خلفية منشور على فيسبوك وجهّه إلى العاهل الأردني في أكتوبر 2023، منتقدًا فيه علاقات الأردن الدبلوماسية مع إسرائيل.، انظر: الأردن: معلومات إضافية: ناشط سياسي يُحكم عليه بالسجن خمس سنوات: أيمن صندوقة، منظمة العفو الدولية، 7 فبراير 2025.

[17] المغرب: مئات النشطاء يتظاهرون بميناء الدار البيضاء احتجاجا على رسو سفينة متجهة لإسرائيل، فرانس 24، 19 إبريل 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4tcz64f4

[18] المغرب: عشرات الآلاف في مظاهرة الأكبر من نوعها منذ عدة أشهر ضد “الإبادة والتجويع” في غزة، فرانس 24، 6 إبريل 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4ywedjsc

[19] فمنذ نوفمبر 2023، أعلنت جماعة أنصار الله الحوثيون عن استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وكان احتجاز سفينة Galaxy Leader الإسرائيلية أول عملية نوعية تلفت انتباه العالم، تكررت بعدها الهجمات على مدى الشهور التالية، حتى بلغ عددها أكثر من مئة هجمة استهدفت ناقلات نفط وبضائع، الأمر الذي شلّ حركة التجارة عبر البحر الأحمر وأجبر شركات كبرى مثل Maersk وBP على تغيير مساراتها البحرية نحو رأس الرجاء الصالح بكلفة مالية وتأمينية باهظة. وبذلك فرض الحوثيون حصارًا بحريًا فعليًا على إسرائيل، فيما تحولت الممرات البحرية إلى بؤرة توتر عالمي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها لتشكيل قوة بحرية دولية لتأمين الملاحة.

لكن إسرائيل لم تتأخر في الرد، فشنت غارات متكررة على مواقع حوثية في صنعاء والحديدة، وصولا إلى الضربة الأكثر تصعيدًا في أغسطس 2025، حين استهدفت اجتماعًا رسميًا وأودت بحياة رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي وعدد من الوزراء. كان هذا الاستهداف سابقة خطيرة في تطور الحرب، وأثار موجة غضب في اليمن، تعهدت على إثرها قيادة الحوثيين بتكثيف العمليات وتصعيد المواجهة. اللافت أن كل ضربة إسرائيلية لم تُضعف الحراك، بل زادت من حدته؛ إذ ارتفعت نبرة الخطاب الحوثي، وتكررت الدعوات للاستمرار في دعم غزة مهما كلف الثمن.

إلا أن الرد الإسرائيلي كان بالغ العنف، إذ انتقلت تل أبيب إلى سياسة التصعيد التدريجي وصولا إلى شن حرب واسعة النطاق على لبنان منتصف 2024، استهدفت الجنوب بشكل خاص، مدمرةً قرى وبنية تحتية، وراصدةً حملة اغتيالات ممنهجة طالت معظم قيادات الصف الأول والثاني في حزب الله شكّلت هذه الضربات ضربة قاسية للمقاومة اللبنانية، لكنها لم تنه قدراتها بالكامل، كما أثارت موجة تضامن شعبي في الداخل اللبناني، حيث تزايد الالتفاف حول الحزب في المناطق الجنوبية والبيئة الحاضنة، بوصفه خط الدفاع الأول عن فلسطين وعن السيادة اللبنانية في آن واحد.

[20] فمنذ أكتوبر 2023، أعلن الحزب فتح جبهة الشمال انطلاقًا من جنوب لبنان، عبر عمليات قصف صاروخي وهجمات نوعية على مواقع عسكرية إسرائيلية، الأمر الذي أجبر عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين على إخلاء بلدات بأكملها في الجليل الأعلى، إلى جانب سقوط أعداد من القتلى بين المستوطنين وخسائر مادية أخرى. هذا التطور خلق لأول مرة منذ حرب تموز 2006 واقعًا جديدًا على الحدود الشمالية، وجعل غزة تستفيد من استنزاف موازٍ لجيش الاحتلال، بما يخفف من حجم الضغط العسكري عليها. وقد اعتبر كثير من اللبنانيين أن ما قام به الحزب يمثل تضامنًا فعليًا يتجاوز المظاهر الرمزية، حتى وإن أثار ذلك جدلا داخليًا حول كلفة الانخراط في معركة إقليمية مفتوحة.

[21] Faten Omar, Kuwait protesters denounce Zionist deadly aggression, kuwait times, 14 october 2023, available at: https://tinyurl.com/4v7dsj6k

[22] ميساء عطوي، الوفاق: 4 سنوات من الإجماع الشعبي البحريني على رفض التطبيع ومظاهرات المحرق تم منعها، قناة الؤلؤة، 17 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/44h6es28

[23] البحرين: السلطات تقمع احتجاجات مؤيدة لفلسطين، هيومن رايتس ووتش، 22 ديمسبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/2874busr

[24] صفقة جديدة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بـ 35 مليار دولار، فما التفاصيل؟، بي بي سي عربي، 7 أغسطس 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/yzpxu5a9

[25] أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل.. حل لأزمة الطاقة في مصر أم فخ استراتيجي طويل الأمد؟، عربي بوست، 8 أغسطس 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4zn82ptu

[26] W. Lance Bennett, Alexandra Segerberg, Digital Media and the Personalization of Collective Action, Routledge, 2012, available at: https://tinyurl.com/4x9nj4t3

[27] Middle East and North Africa Economic Update, World Bank, April – October 2023 editions, available at: https://tinyurl.com/4rxkmsva

[28] Global Employment Trends for Youth 2024, International Labour Organization, 12 Augest 2024, available at: https://tinyurl.com/39pp34ba

[29] استطلاع رأي أجراه معهد واشنطن للسياسة الشرق أوسطية في ديسمبر 2023، يظهر أن حوالي 96% من السعوديين يرفضون تطبيع العلاقات مع إسرائيل كرد فعل على العدوان على غزة. هذا يعكس أن التضامن موجود، لكن لا يعني أن الدعم الشعبي يتحول تلقائيًا إلى فعل مؤثر أو ضغط على السياسات الرسمية، انظر: Saudis overwhelmingly oppose ties with Israel, poll finds, spokesman Review, from The New York Times, 22 December 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://tinyurl.com/4t7dy9wv

نشر في العدد 39 من فصلية قضايا ونظرات – أكتوبر 2025

إيمان علاء الدين

باحثة دكتوراه في النظرية السياسية بجامعة القاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى