الجوار الإفريقي ومبادرات وقف الحرب في السودان

مقدمة:

بدأت الحرب الأهلية السودانية الحالية في 15 أبريل 2023م، بين كل من القوات المسلحة السودانية بقيادة عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وجاءت هذه الحرب في أعقاب مباحثات بين الطرفين حاول فيها البرهان ضم قوات الدعم السريع للهيكل الرسمي للقوات المسلحة السودانية، وإخضاعها للهيراركية العسكرية التي يقودها.

ويعود ذلك لأسباب منها تزايد نفوذ وقوة حميدتي مع سيطرته على مناجم ذهب، وإنشائه شبكة علاقات إقليمية ودولية؛ منها علاقاته مع تشاد على الصعيدين الرسمي والقبلي لامتدادات قبيلته وقبائل عربية داخل تشاد، بالإضافة إلى ما لديه مع شركة فاغنر الروسية المقربة من الكرملين -قبل تمرد فاغنر في يونيو 2023- من تبادل مصالح؛ إذ يستعين بخبراتها العسكرية في مقابل الذهب الخام في محاولة من روسيا للتحايل على العقوبات الغربية والاستفادة من الذهب السوداني. وحتى الاتحاد الأوروبي موله لمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال عملية الخرطوم[1]، وكذلك الإمارات والسعودية شاركت بعض قواته في حرب اليمن. ومن علامات ذلك النفوذ زيارته لمصر في 2020[2]، وروسيا في 2022[3].

وقد سبقت هذه الحرب ثلاثة حروب أهلية؛ وهي حرب الجنوب الأولى منذ 1955م وحتى اتفاقية 1972م الموقعة في أديس أبابا[4]، والتي لم تلبث أن نُقِضت لتبدأ حرب الجنوب الثانية في 1983م وحتى 2005م؛ حيث وقعت اتفاقية نيفاشا في كينيا للسلام[5]، التي مهدت للاستفتاء الذي حسم فصل واستقلال جنوب السودان عن شماله. ثم الحرب الأهلية الثالثة التي اندلعت في دارفور غرب السودان في 2003م، وأودت بحياة مئات الآلاف بعدما تمردت قوات انفصالية تابعة لقبائل غير عربية، ومع ضعف إمكانيات الجيش السوداني استعان الرئيس السوداني وقتها عمر البشير بميليشا عسكرية تتبع القبائل العربية في المنطقة مسماة “الجنجويد”، والتي ارتكبت مذابح وجرائم حرب تسببت فيما بعد في إصدار محكمة العدل الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير بصفته رئيس الدولة والمسؤول عما حدث فيها. وقد دخلت قوة مشتركة للاتحاد الإفريقي لمراقبة وحفظ الأمن في منطقة دارفور، ثم انسحبت في 2007م لتحل مكانها في 2008م قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة[6].

وتتعدد العرقيات في إفريقيا عموما، وهو ما استغله الاستعمار؛ حيث عمد إلى تقسيم دول إفريقيا بشكل لا يراعي هذا التنوع والتداخل العرقي بين الدول، وحتى داخل الدولة الواحدة، ما يؤجج صراعات عرقية وقبلية بين الحين والآخر. ففي السودان توجد 73 إثنية، منها ما هو عابر للحدود بين الدول، ويسود العرب نظرا لأن نسبتهم إلى السكان 57.5٪، والباقي عرقيات أخرى[7].

وبالرغم من تعدد العرقيات في السودان وحروبها الأهلية، فإن أيا من تلك الحروب السابقة لم تصل داخل الخرطوم كما حدث في هذه الحرب، كما أنها كانت دائما في نطاق إقليمي محدد؛ فحربا الجنوب كانت الولايات السودانية الجنوبية ساحة ومسرح عملياتهما، في حين كانت دارفور مسرح عمليات الحرب في غرب السودان، أما هذه الحرب فقد شملت كل ولايات السودان. وأيضا في الحروب السابقة كانت القوة في الغالب لصالح الحكومة المركزية في الخرطوم ولم تكن بنفس التكافؤ بين القوات المتحاربة، عكس الحرب الحالية التي يصل فيها تعداد قوات الدعم السريع لمئة ألف مع تسليح جيد[8].

ويزيد تعقيد المشهد دقةُ الموقف بين السودان وبعض دول جواره؛ ففي الغرب تشاد المجاورة لدارفور التي تمثل منطقة صراعات قبلية وأيضا منطقة لجوء ونزوح نظرا للصراعات المتجددة من حين لآخر، وكذلك قواعد خلفية لحركات التمرد. وبالنسبة للجنوب الشرقي نجد إريتريا التي دعمت حركات تمرد من شرق السودان بعدما دعمت السودان فصائل مسلحة إريترية لها ارتباط مع قبائل الشرق السوداني (عربية) ضد الحكومة الإرترية الحالية التي تقودها نخبة مسيحية وغير عربية، لا سيما في التسعينيات من القرن الماضي[9]، كما أدى ذلك إلى تصدير لاجئين من البلدين لأحدهما الآخر. وكذلك إثيوبيا التي دعمت سابقًا انفصال جنوب السودان عن شماله، فضلا عن نزاعها الحالي مع الشمال حول منطقة الفشقة الحدودية، وأيضًا حول ملف سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل. وهو ما يطرح التساؤل عن الدور الذي تلعبه دول جوار السودان في الحرب الأهلية الحالية؟ وجدوى مبادرات وقف الحرب؟

وللإجابة عن ذلك سنتابع التطور التاريخي لتشكُّل السودان الحديث لنفهم طبيعة العلاقات بينه وبين دول جواره ونزاعاته معها، والدور الذي تلعبه هذه الدول في دعم أحد طرفي الحرب، وفرص مبادرات دول الجوار في وقف الحرب.

أولا: تمهيد تاريخي

في عام 1821م بدأ محمد علي باشا والي مصر حملة عسكرية لفتح السودان، بهدف تأمين مجرى نهر النيل حتى المنبع كهدف أبعد (وهو ما حصل في عهد أولاده)، وبحثا عن مناجم الذهب، وتجنيد جنود من قبائل السودان لجيوشه التي كان يبنيها، ومنع أمراء المماليك الذين فروا من جنوب مصر إلى شمال السودان الحالي من تأسيس قواعد لهم للمقاومة واستعادة ما أخذه منهم[10].

وفي 1884م، انصاعت مصر لرغبة بريطانيا بسحب قوات الجيش المصري من السودان[11]، حيث افترضت بريطانيا[12] أن سحب الجيش المصري سيؤدي لتقسيم السودان لممالك كسابق عهدها، غير أن ما حدث عكس ذلك إذ قامت الثورة المهدية وتمكن فيها المهدي من السيطرة على السودان ثم توجهت قواته لاحتلال مصر ما دفع بريطانيا -بالاستعانة بالجيش المصري في 1899م- لاستعادة السودان -المعروف حتى حدود 2011 قبل انفصال الجنوب عن الشمال- وبالرغم من أن البعد الحضاري للوحدة المصرية السودانية تحت السيادة العثمانية، التي أساسها وحدة الدين (الإسلام) ووحدة اللغة (العربية) -لشمال السودان مع مصر- والتاريخ المشترك لشعبي النيل المتجاورين، يؤسس للشعور الجمعي لمواطني مصر والسودان أنهم وحدة حضارية واحدة، وأن مصيرهم مشترك، إلا أن توقيع اتفاق 1899م بين الحكومتين المصرية -تحت الاحتلال الإنجليزي- والإنجليزية والذي نص على التشارك في إدارة السودان واستقلاله عن مصر بقوانين عرفية، وحكومة خاصة به، رسخ انفصال واستقلال السودان عن مصر في الوعي الجمعي لشعبي مصر والسودان، كونهما عمليا كيانان سياسيان منفصلان، لكل منهما حكومته وقوانينه.

ومن المهم الإشارة لما نشرته صحيفة القدس العربي اللندنية عن دراسة لعميد إسرائيلي متقاعد بعنوان ”إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاق”، يشرح فيها الدور الإسرائيلي في تسليح وتدريب وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لمتمردي جنوب السودان من خلال إثيوبيا وحتى كل متمردي السودان الآخرين وفق استراتيجية إسرائيلية تهدف لإشغال السودان ومنعها من تقديم الدعم الذي تحتاجه مصر، فالسودان عمق استراتيجي لمصر لذا تسعى إسرائيل لتقسيمه وإشغاله دائما لمنعه من تقديم أي إسناد لمصر، وبدأت هذه الاستراتيجية على مراحل منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو ما ظهر أثره في ضعف الدعم السوداني لمصر والدول العربية في حروب 56 و67 و73، إثر انشغالها بحرب الجنوب الأولى، وأن اندلاع حرب الأنيانيا الثاني في الجنوب ووقف العمل المصري السوداني في جونقلي كان في المرحلة الرابعة من الاستراتيجية الإسرائيلية خماسية المراحل[13].

وفيما يلي عرض للتوزيع النسبي والجغرافي للعرقيات في السودان وبعض دول جواره لفهم التشابكات العرقية كأحد عوامل تأثير وتأثر السودان مع تلك الدول.

المصدر: مجلة بحوث كلية الآداب – جامعة المنوفية[14]

المصدر: مجلة بحوث كلية الآداب – جامعة المنوفية[15]

ثانيًا: السودان ومصر

بالنسبة لعوامل اهتمام وتأثير كل من السودان ومصر بالآخر، يمكننا القول إن مصر رأت في السودان عامل أساسي في تطورها كقوة جيوسياسية إقليمية، وأيضا بوابة لها إلى حوض النيل شريان الحياة لمصر، ونقطة ضعفها إن فقدت الهيمنة المائية على دول حوضه[16].

ولذا فمسألة سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل شغلت حيزًا مهمًا من العلاقات المصرية  السودانية، ونناقش فيما يلي تأثير تلك المسألة على العلاقة بينهما وبالتالي في الحرب الأهلية السودانية الحالية، فقد خالفت السودان مسارها المعتاد في دعم الموقف المصري في كل ما يتعلق بالنيل وتبنت مواقف متذبذبة بين رفضه وتأييده والصمت كنوع من حياد مبهم.

ويتضح ذلك من رفض السودان في الفترة من 2011م إلى 2013م، اتفاقية عنتيبي حرصًا على حصته المائية من نهر النيل فضلا عن تخوفه من آثاره التدميرية في حالة انهياره على الولايات السودانية، إلا أن هذا الموقف تحول من ديسمبر 2013م وحتى أبريل 2019م، إلى موقف داعم ومؤيد باعتبار السودان صاحب مصلحة في الحصول على الكهرباء الرخيصة من هذا المشروع، ودون الاهتمام باحتمالات تداعياته السلبية على السودان، ويمكن فهم ذلك في سياق توتر العلاقات المصرية السودانية حول منطقة حلايب وشلاتين، وأيضًا للدعم المعنوي الذي قدمته إثيوبيا للبشير بعدم تسليمه لمحكمة العدل الدولية، وبعد 2019م اتجه الموقف السوداني للصمت والغموض خلال ترتيب البيت الداخلي بعد عزل البشير ثم تأييد موقف مصر، ومن ثم محاولة العودة ولعب دور الوسيط كما صرح حميدتي خلال زيارته لمصر في مارس 2020م، متغاضيا بذلك عن أن السودان أحد الأطراف الأساسية للأزمة[17]،ولعل ذلك التذبذب يرجع للتطورات السياسية الداخلية في كل من مصر والسودان.

في حين تدعم كل من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا ورواندا وأوغندا وبوروندي -التي وقعت على الاتفاقية في وقت متأخر عن باقي الدول الداعمة ولم تصدق عليها حتى الآن- اتفاقية عنتيبي التي ترفض الاعتراف باتفاقيتي 1929 م و1959م، وتنفي حق دولتي المجرى والمصب (السودان ومصر) وفق المعاهدات المنظمة السابقة، وضرورة الإخطار المسبق لهما بأي مشروع يقام على نهر النيل، فضلا عن عدم الالتزام بقاعدة التصويت بالإجماع، فإن الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان تقفان على الحياد، بينما تعارض كل من مصر والسودان اتفاقية عنتيبي.

ورغم الخلافات السودانية الإثيوبية فإن الأخيرة نجحت في الحصول على حصة في ميناء بورتسودان ما جعل السودان أحد المنافذ المهمة للتجارة الإثيوبية على البحر الأحمر.

ورغم أن السودان تبنى مواقف قريبة من إثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة منذ ديسمبر 2013م، إلا أنها عادت تتبنى موقفا معارضا لموقف إثيوبيا بعد الملء الإثيوبي الأول لسد النهضة وتداعياته من فيضانات أضرت بالسودان في سبتمبر 2020م[18].

وفي الفترة من 2011م إلى 2013م رفض السودان اتفاقية عنتيبي حرصًا على حصته المائية من نهر النيل فضلا عن تخوفه من آثاره التدميرية في حالة انهياره على الولايات السودانية، إلا أن هذا الموقف تحول من ديسمبر 2013م وحتى أبريل 2019م، إلى موقف داعم ومؤيد باعتبار السودان صاحب مصلحة في الحصول على الكهرباء الرخيصة من هذا المشروع، ودون الاهتمام باحتمالات تداعياته السلبية على السودان، وقد عزا بعض المراقبين ذلك لتوتر العلاقات المصرية السودانية حول منطقة حلايب وشلاتين وأيضًا للدعم المعنوي الذي قدمته إثيوبيا للبشير بعدم تسليمه لمحكمة العدل الدولية، ثم بعد 2019م، اتجه الموقف السوداني للصمت والغموض ثم تأييد موقف مصر، ومن ثم محاولة العودة ولعب دور الوسيط كما صرح حميدتي خلال زيارته لمصر في مارس 2020م، متغاضيا بذلك أن السودان أحد الأطراف الأساسية للأزمة[19].

وأما المسألة الثانية المؤثرة في العلاقات بين مصر والسودان، فهي أثر هجرة السودانيين ولجوئهم في مصر بدءًا من حرب الأنيانيا الأولى وحتى الحرب الحالية، مرورا بموجات لجوء تزداد كلما اندلعت حرب أهلية، وساعد في ذلك اتفاقية وادي النيل في 1976م، والتي سمحت لتنقل مواطني البلدين بينهما دون تأشيرة فلم يتم اعتبار السودانيين الفارين من الحروب الأهلية لاجئين، وهو ما سهل هجرتهم بعد اندلاع الحرب الثانية في 1983م، حتى طلبت الحكومة المصرية من مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مارس 1994م، أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن السودانيين الساعين للجوء، وفي 1995م ألغت مصر اتفاقية وادي النيل إثر تعرض الرئيس المصري وقتها لمحاولة اغتيال في إثيوبيا واتهمت مصر وقتها السودان، قبل أن تتحسن علاقتهما ويوقعون اتفاقية الحريات الأربع والتي منها حرية السفر بين مواطنيهما دون تأشيرة في 2004م، كما تتعاون مصر والسودان في ضبط حدودهما لمنع هجرة الأفارقة عبر أراضيهما إلى أوروبا، الأمر الذي يعزز تعاونهما الأمني[20].

وبلغ عدد اللاجئين السودانيين في مصر منذ اندلاع الحرب وحتى 20 يونيو 2024م، (387,071 لاجئ) بحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مصر[21]،ويتزامن هذا مع واقع اقتصادي صعب تعيشه مصر، وهو ما يعني أن استمرار الحرب يؤثر سلبًا عليها.

ورغم هذا فإن الموقف الرسمي المصري يتخذ دور الحياد السلبي، حيث كان التصريح الرسمي بعد اندلاع الحرب في اليوم الأول دعوة كلا الطرفين لضبط النفس. ورغم انتشار فيديو يومها لأسر قوات الدعم السريع لعدد من الجنود المصريين[22]،اقتصر الموقف المصري على تصريح المتحدث باسم الجيش المصري بالعمل على تنسيق عودتهم إلى مصر مع المسؤولين السودانيين، في حين أكد قائد الدعم السريع (حميدتي) في 15 أبريل 2023م أن القوات المصرية في مطار مروي غير محتجزة[23]، وتلقى الرئيس المصري اتصالا هاتفيا من سكرتير عام الأمم المتحدة للتباحث حول الأزمة السودانية، كما تلقى وزير الخارجية المصري في مساء ذلك اليوم اتصالا من المنسق الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بخصوص السودان. وفي اليوم التالي 16 أبريل وبعد تلقي الرئيس المصري لاتصال من رئيس جنوب السودان، أعلنت مصر عن استعدادها -بالاشتراك مع جنوب السودان- للقيام بدور الوساطة بين الأطراف السودانية، واستمر نفس المنوال في تلقي مصر اتصالات وزيارات لمسؤولين على مختلف المستويات من أمريكا وأوروبا وإفريقيا للتباحث حول الحرب في السودان وسبل وقفها، وفي هذا السياق يتضح أنه ورغم نظر العالم إلى مصر كفاعل مؤثر ويمكنه التأثير في الحرب بوقفها أو حتى التأثير على أطرافها، إلا أنها لم تبادر إلى ذلك وإن صرحت رسميًا بعد اتصالات وزيارات دولية.

وفي يوليو 2023م في مؤتمر “قمة دول جوار السودان” طرح الرئيس المصري تصور خروج السودان من أزمته الحالية، حيث طالب أطراف الحرب بوقفها وتسهيل الإغاثة الإنسانية للمتضررين وإطلاق حوار جامع للأطراف السياسية في السودان.وإعلان أن مصر تنظر للحرب كشأن سوداني داخلي ودعت الدول لعدم التدخل فيه[24]،وهو ما يعني بأن تصور مصر للخروج من الأزمة مرهون بالأطراف الداخلية ومتروك لرغبتهم في الحوار للحل[25].

وحقيقة ما يثير التساؤل هنا هو موقف مصر في الحياد السلبي، رغم تأثرها سلبًا بالحرب واستمرارها، ورغم إمكاناتها وحتى للحفاظ على مصالحها وأمنها القومي، سواء في حروب السودان الأهلية عامة والحالية خصوصًا مع شمولها كل السودان وتأثيرها البالغ على دول جواره، وترك الساحة في السودان -الحديقة الخلفية لمصر إن جاز التعبير- وعمقها الاستراتيجي وامتدادها الحضاري، والقرن الإفريقي عمومًا، للاستخبارات الإسرائيلية لإشغال الحكومات السودانية المتعاقبة، بحركات التمرد المسلح خلال العقود الماضية وحتى الآن[26]،والاكتفاء بأن يكون الدور الفعلي لمصر محصورا في خطابات ودعوات للحوار دون فعل على الأرض يوقف الحرب.

ثالثا: السودان وجنوب السودان

تعود جذور المشكلة إلى السياسات البريطانية خلال فترة الاحتلال حيث عمدت للتفرقة بين شمال وجنوب السودان ما أدى إلى الصراع الذي بدأ بينهما في 1955م، وبعدما نجحت بريطانيا في سياستها انسحبت من السودان في نوفمبر 1955م، ليعلن السودان استقلاله عن مصر في 1 يناير 1956م، وتولي مجلس السيادة الأول مهام الحكم[27]، وبموافقة الحكومة المصرية في حينه، لتبدأ المرحلة التالية من التاريخ السوداني الحديث[28].

وفي العام نفسه بدأت بوادر الحرب الأهلية في الجنوب وتطورت لتتخذ شكلا منظما بقيادة حركة التمرد “أنيانيا” وهي ما عرفت بحرب أنيانيا الأولى، واستمرت حتى مارس 1972م، حيث أدى اتفاق أديس أبابا لإنهاء النزاع[29]، وإعطاء الحكم الذاتي لجنوب السودان[30].

وفي 1983م اندلعت الحرب الأهلية “أنيانيا الثانية” بين الجنوب والشمال[31]، واستمرت حتى توقيع اتفاق السلام الشامل مع الجنوب برعاية الهيئة الحكومية لدعم التنمية لدول شرق ووسط إفريقيا (إيغاد) ودعم أوروبي أمريكي، وهو الاتفاق الذي نظم خارطة الطريق التي انتهت باستفتاء تقرير المصير لشعب جنوب السودان وانفصاله فعليا كدولة مستقلة في 2011م[32].

أما عن القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين فتدور حول عدة مسائل؛ الأولى مسألة تقسيم الحدود بعد انفصال الجنوب عن الشمال في 2011م، والثانية مسألة النفط المكتشف في 1978م في الجنوب والذي يتم تصديره عبر أنابيب موصولة من الجنوب لساحل البحر الأحمر في الشمال، والثالثة مسألة سد النهضة الأثيوبي، وآخرها مسألة اللجوء والهجرة بين الطرفين خلال أوقات الحروب.

بالنسبة للخلاف الحدودي، تمثل منطقة أبيي جسر عبور بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي، وهي مقسمة بشكل أساسي بين قبيلة نقوك الدينكا الزنجية التي تنتمي لجنوب السودان وقبيلة بدو المسيرية العربية التي تنتمي للسودان الشمالي، كما أن منطقة أبيي تتضمن ثلثي حقول النفط في السودان، وهو ما دفعهما لجعل منطقة أبيي ذات طبيعة خاصة في اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005م، ويتضمن تكوين قوة مشتركة لتأمين الإقليم، ولجنة مشتركة بوجود أعضاء من الأمم المتحدة لترسيم حدود منطقة أبيي، وحتى رؤية لعمل استفتاء تقرير مصير في المنطقة، إلا أنه لم يحدث.

أما مسألة النفط، فقد أُعلن في 4 أغسطس 2012م عن اتفاق بين الشمال والجنوب لتقاسم عائدات النفط[33]؛ الذي قل إنتاجه وتصديره بسبب حرب السودان الحالية، وبالتزامن مع  أزمة اقتصادية خانقة يمر بها جنوب السودان[34].

وفيما يتعلق بمسألة سد النهضة الأثيوبي فإن جنوب السودان والكونغو الديمقراطية وقفتا على الحياد، بينما عارضت مصر والسودان اتفاقية عنتيبي، التي ترفض الاعتراف باتفاقيتي 1929م و1959م، وتنفي حق دولتي المجرى والمصب (السودان ومصر) وفق المعاهدات المنظمة السابقة، وضرورة الإخطار المسبق لهما بأي مشروع يقام على نهر النيل، فضلا عن عدم الالتزام بقاعدة التصويت بالإجماع[35].

وأخيرًا، فمسألة الهجرة كانت في العادة تجري من سكان جنوب السودان إلى شماله حتى  بعد انفصاله، فقد لجأ مئات الآلاف من سكان جنوب السودان إلى الشمال منهم 800 ألف تم تسجيلهم كلاجئين للسودان الشمالي قبل الحرب، بخلاف كثيرين لم يُسجلوا[36]، وبعد الحرب تبدل الأمر ووصل 635 ألف من مواطني السودان الشمالي إلى جنوب السودان منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل بحسب ممثلة مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في جنوب السودان[37]، وهو ما يعد تحديًا جديدًا لدولة الجنوب في ظل أزمته الاقتصادية.

أما عن موقف جنوب السودان المعلن من هذه الحرب، فهو الدعوة لوقف الحرب واللجوء إلى الحوار كوسيلة للخروج من الأزمة، وهو موقف مفهوم نظرًا للضرر الاقتصادي الواقع على جنوب السودان من استمرار الحرب ووقف تدفق البترول. غير أن الدور الفعلي لجنوب السودان مختلف قليلا، إذ شرع حميدتي قبل الحرب بتوطيد علاقاته السياسية والتجارية بجنوب السودان فشارك في ملف المصالحة بين رياك مشار وسلفا كير، كما حصلت شركاته على استثمارات في مجال النفط والتوريدات العسكرية حتى بلغت ديونه على جوبا مليار دولار. وفي نفس السياق قامت الإمارات -حليف قوات الدعم السريع- حسب تصريحات المسؤولين السودانيين بإقراض جنوب السودان 12.9 مليار دولار لجنوب السودان في مقابل النفط[38]، بالرغم من انخفاض إنتاج جنوب السودان من النفط بسبب الحرب، وتعد هذه الصفقة الأكبر على الإطلاق منذ انفصال وتأسيس الدولة الوليدة؛ ويمكن فهم هذه الخطوة لحث جنوب السودان على تقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع في الحرب الدائرة حاليًا[39].

رابعا: السودان وإريتريا

تقع ولايتا البحر الأحمر وكسلا في شرق السودان على البحر الأحمر، يحدهما من الجنوب إريتريا بحدود تبدأ من ساحل البحر الأحمر شرقا، وحتى امتداد 600 كم غربا، وتوجد عرقيتان أساسيتان في شرق السودان هما قبائل البجا وقبائل بن عامر، اللتان لهما امتدادات قبلية في إريتريا، وهي قبائل عربية مسلمة.

وفي 1961م أطلقت جبهة التحرير الإريترية كفاحها المسلح للانفصال عن إثيوبيا، وقد أعلنت منذ بدايتها انتماءها للعالم العربي والإسلامي، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة وإسرائيل تدعمان الحكومة الإثيوبية لمكافحة هذه المقاومة ومنعها من الانفصال حتى لا يتحول البحر الأحمر إلى بحيرة عربية إسلامية خالصة، واستمر الدعم حتى 1974م وتغير حكومة أديس أبابا. وهنا استخدمت إسرائيل واللوبي اليهودي في أميركا مسألة التنوع الإثني، واستقطاب أسياس أفورقي أحد مكونات جبهة التحرير الإرترية والمسيحي المنتمي لعرقية التغراي ذات الأغلبية المسيحية، والذي انفصل بدوره عن جبهة التحرير الإريترية، وأطلق في 1970م جبهة التحرير الشعبية التي أعلن منذ انطلاقها عن هدفها في إحياء أفريقانية إريتريا. وتواصل الدعم الإسرائيلي الأمريكي له حتى إعلان استقلاله في 1993م، وفي المقابل دعمت حكومة الإنقاذ في الخرطوم ذات التوجه الإسلامي في 1994م مكونات حركة التحرير الإريترية، لا سيما بعد لجوء عشرات الآلاف من القبائل العربية المسلمة بعد المذابح والاضطهاد الذي مارسه ضدهم أفورقي للسودان؛ فاتجه أفورقي في 1997م لدعم حركات التمرد المسلح السودانية في جنوب السودان وشماله، حتى تم توقيع اتفاق السلام الشامل في 2005م[40].

وبعد سقوط نظام البشير ذي الخلفية الإسلامية التي تعارض التوجهات العلمانية الأفريقانية لأسمرة، كان هناك تواصل وتقبل بين الخرطوم وأسمرة وإن كان بحذر، فبعدما عادت جبهة شرق السودان لتعارض حكومة المركز في الخرطوم عرض أفورقي الوساطة بين مكونات الشرق والخرطوم إلا أن الأخيرة رفضت وأغلقت حدودها أمام قيادات شرق السودان المتجهة لأسمرة[41].

وبالتالي يُمكن القول إن ما يهم أريتريا بالنسبة للسودان هو تأمين حدودها الشمالية، ومنع أي دعم سوداني لقوات المعارضة الإسلامية الإريترية، وتفريغ شرق السودان من تحشدات عسكرية مؤثرة للدعم السريع[42] أو قوات الجيش. ونظرًا للوساطة السابقة لأفورقي بين المعارضة في الشرق وحكومة البشير، وكذلك محاولته الأخيرة للتوسط بين مكونات شرق السودان ومجلس السيادة برئاسة البرهان ونائبه حميدتي وقتها، والتي قوبلت برفض مجلس السيادة لهذا التدخل، ولعلنا نذهب أبعد من ذلك فنقول إن شرق السودان يتضمن مينائين استراتيجيين على البحر الأحمر منهما ميناء سواكن (الميناء الرئيسي للسودان سابقًا) ويقع على الطريق الساحلي الممتد من الحدود الإريترية وحتى ميناء بورتسودان (الميناء الرئيسي للسودان حاليًا)، والعاصمة المؤقتة للبرهان خلال الحرب الجارية، كما أن سواكن يمتد منها غربًا طريق متفرع يصل بينها وبين غرب السودان وجنوبه؛ وبالتالي فإن المسيطر على سواكن وبورتسودان يمكنه التحكم في الشرق كاملا فضلا عن سيطرته على مينائين استراتيجيين يُشرفان على جزء مهم من حركة التجارة الدولية للسفن المارة بقناة السويس. ومن المنطقي أن يطمح أفورقي للسيطرة على شرق السودان، فيضفي لنفسه نفوذا ومكانة إقليمية مع سيطرته الحالية على مينائي عصب (الميناء الحالي) ومصوع (كان ميناءً تاريخيا).

وفي الجهة الأخرى، يُولي طرفا الصراع في السودان أهمية للتحالف مع النظام الإريتري؛ حيث زار البرهان أسمرة بعدما رفض وساطتها في ملف شرق السودان في سبتمبر 2023م، كما زارها حميدتي قبل اندلاع الحرب بشهر في مارس 2023م. فنظام أسمرة يمكنه أن يُمثل وسيطا لإقناع إسرائيل وأمريكا بأحد المتصارعين، نظرًا لعلاقات أفورقي القوية بالموساد وكذلك بالاستخبارات المركزية الأمريكية التي أوصلته للحكم، فمن مصلحتهما أن يقف في صف أحدهما أو على الأقل يتم تجنب دخوله العسكري لصالح طرف ضد الآخر.

ويبقى السؤال: من تدعم أسمرة؟ لقد أبدى أفورقي موقفًا رسميًا يدعو للحوار ووقف الحرب خلال كلمته التي استمرت ساعة في اليوم الثاني للحرب، والتي أيد فيها موقف الجيش من دمج قوات الدعم السريع، ولكنه كذلك دعا لحل النزاع من خلال الإيغاد. أما الموقف الفعلي حاليًا فهو الترقب في انتظار فرصة مناسبة لدعم أحد طرفي الحرب أو احتلال شرق السودان، بحسب مجريات الحرب.

خامسا: السودان وإثيوبيا

اتخذت العلاقات السودانية الإثيوبية شكل المد والجزر خلال العقود الماضية، وكانت تتغير وفق محددات متنوعة من تغير نظام الحكم في أحد الدولتين، أو تبدل في النظام الدولي وأنماط تفاعلاته، أو مدى تقارب وتباعد مصر والسودان فيما يتعلق بقضايا المياه.

وترى د زينب رمضان أن العوامل التي تحكم سلوك إثيوبيا تجاه السودان تتمثل في: العامل العقائدي؛ حيث تمثل إثيوبيا كدولة مسيحية في قلب مجموعة من الدول المسلمة حامية للمسيحية في إفريقيا. وأما العامل الثاني فهو التاريخ الإمبراطوري لإثيوبيا ورؤيتها لمكانتها الإقليمية والعالمية كإمبراطورية كبرى. في حين أن العامل الثالث هو الأيديولوجيا؛ فكلما كانت تبعية الدولتين لمعسكر واحد -سواء الشرقي أو الغربي- خلال الحرب الباردة يتقاربان والعكس صحيح. والعامل الرابع هو الأمني وهو المتعلق بدعم كل منهما للمعارضة المسلحة للطرف الآخر، فأحيانًا يدعمانها وأحيانًا يتفقان على وقف الدعم لتلك الحركات. والعامل الخامس يتعلق بالأمن الغذائي؛ حيث تقع إثيوبيا فيما يُطلق عليه حزام الجوع، وهو ما يُمكن أن يفسر سعي إثيوبيا لاحتلال منطقة الفشقة الخصبة.

أما العامل الأخير فيتمثل في المياه؛ حيث تتزعم أثيوبيا دول حوض النيل ضد دولتي المجرى والمصب مصر والسودان، ويرفضون اتفاقية 1902م التي تم فيها الاتفاق على تقسيم الحدود فوافقت إثيوبيا على إبقاء السودان سيادته على منطقة الفشقة الحدودية في مقابل سماح السودان لأثيوبيا بالسيطرة على منطقة بني شنقول (المبني فيها سد النهضة الآن) التابعة تاريخيًا للسودان، وكذلك اتفاقيات 1929م و1959م؛ وذلك رفضًا منهم للحق المكتسب للدولتين من خلال تلك الاتفاقيات ورغبتهم في تطبيق مبدأ الاستخدام المنصف[43].

ورغم أن السودان تبنى مواقف قريبة من إثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة منذ ديسمبر 2013م، إلا أنه عاد لتبني موقف معارض لموقف إثيوبيا بعد الملء الإثيوبي الأول لسد النهضة وتداعياته من فيضانات أضرت بالسودان في سبتمبر 2020م[44].

وكما سبق الذكر، فإن السودان من 2011م إلى 2013م كان يرفض اتفاقية عنتيبي، إلا أن هذا الموقف تحول من ديسمبر 2013م وحتى أبريل 2019م إلى موقف داعم ومؤيد دون الاهتمام باحتمالات تداعياته السلبية على السودان، ثم بعد 2019 اتجه الموقف السوداني للصمت والغموض ثم تأييد موقف مصر، ومن ثم محاولة العودة ولعب دور الوسيط كما صرح حميدتي خلال زيارته لمصر في مارس 2020م، متغاضيا بذلك عن أن السودان أحد الأطراف الأساسية للأزمة[45].

وعليه، فإن إثيوبيا تستهدف في الوقت الحالي التأثير على السودان وضمها لصفها ضد مصر في قضية سد النهضة. وفي الوقت نفسه تستخدم عصابات ومليشيات غير نظامية تدربها بما يسمح لها بمجابهة قوات الجيش السوداني النظامية وتنفيذ عمليات إجرامية ضد المزارعين السودانيين في الفشقة لطردهم منها؛ مثل عصابات الشفتة[46] ومليشيات الفانو[47] المنتمية لإقليم أمهرة الإثيوبي، وهو ما دفع الجيش السوداني بقيادة البرهان لتنفيذ عمليات في المنطقة أدت إلى سيطرته على أغلب الفشقة، وهو ما صرحت أديس أبابا برفضه رغم نفيها أي صلة لها بالمليشيات الإثيوبية. كما ترتبط إثيوبيا وقوات الدعم السريع بعلاقات تجارية ومالية وثيقة منذ 2019م، وقامت باستقبال رسمي لحميدتي قائد الدعم السريع، الذي أودع في زيارته تلك أموالا في البنك التجاري الأثيوبي[48].

وأما الدور الفعلي لأثيوبيا في الحرب الأهلية السودانية حتى الآن فهو إعطاء شرعية سياسية لحميدتي وقوات الدعم السريع، من خلال استقباله رسميًا في أديس أبابا[49]، ثم ترتيب لقائه بعبد الله الحمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق والقيادي بقوى الحرية والتغيير الذي انقلب البرهان وحميدتي على حكومته واعتقلته في 25 أكتوبر 2021م، وأتبع ذلك اللقاء بإعلان أديس أبابا[50]، مع تهميش واضح للجيش السوداني.

سادسا: السودان وتشاد

في 2003م، اندلعت حرب أهلية في دارفور غرب السودان، وراح ضحيتها وفق بعض التقديرات 400 ألف قتيل وأكثر من مليوني نازح ولاجئ. وتعود جذور الأزمة لتركة الاستعمار الذي عمل على التفرقة بين القبائل ذات الجذور العربية والقبائل ذات الجذور الإفريقية في دارفور، فبرغم التزاوج والاختلاط بين تلك القبائل إلا أن القبلية واحتقار كل قبيلة لأصل الأخرى، فضلا عن قلة الموارد لاسيما بعد جفاف شمال دارفور في الثمانينيات وتحول القبائل العربية التي تعمل في الرعي -ومنها الجنجويد- إلى جبل مرة حيث الخضرة وأماكن الرعي المناسبة، في حين أنها تتبع ملكية تاريخية لقبائل الفور والزغاوة ذات الجذور الأفريقية؛ أدى كل ذلك إلى إذكاء الحرب الأهلية في دارفور. ومما زاد من إذكاء الصراع دعم الحكومة المركزية في الخرطوم للقبائل العربية، في حين دعمت تشاد حركات المعارضة السودانية في دارفور ردا على دعم السودان لحركات المعارضة المسلحة في تشاد؛ وفي هذا السياق قامت السودان وتشاد بتوقيع اتفاقية مصالحة في 2010م، تعهد فيها كل من الرئيسين عمر البشير وإدريس ديبي بكف الدعم عن فصائل المعارضة المسلحة للدولة الأخرى وفتح صفحة جديدة[51].

وبحسب اتهامات غربية، فقد استعانت الخرطوم بمليشيات الجنجويد التي قامت بأعمال قتل وحرق وطرد من القرى للقبائل من المساليت والزغاوة والفور، وهو ما نفته الخرطوم[52]. ولكن في 2013 اعترفت الحكومة السودانية بالجنجويد ومنحتهم صفة رسمية وأتبعتهم جهاز الأمن والاستخبارات تحت اسم قوات الدعم السريع.

وتصل امتدادات القبائل العربية التي ينتمي لها الدعم السريع في دارفور إلى شرق تشاد. ولتقوية أواصر علاقاته بالدعم السريع، فقد تزوج من ابنة زعيم الجنجويد موسى هلال في 2012م، وهو ابن عم حميدتي، ليستعين ديبي بالدعم السريع في قمع المعارضة المسلحة والتي منها فصائل من قبيلة ديبي الزغاوة ولكنها تدعم منافسا آخر له من نفس القبيلة في حين تحافظ أطراف أخرى في الزغاوة على ولائها لديبي، ومن بعده الرئيس التشادي الحالي ابنه محمد إدريس ديبي[53].

أما عن الموقف الرسمي التشادي فقد بدأ بدعوة الرئيس التشادي طرفي الصراع للحوار ووقف الاقتتال في بداية الحرب[54]، بعد زيارة مزدوجة للبرهان وحميدتي للرئيس التشادي قبل اندلاع الحرب بثلاثة أشهر[55]، في تنافس على كسب صف تشاد لأحد الطرفين. وبالتالي تلقت الخرطوم دعوة محمد ديبي بترقب بالرغم من ظهور حركة مظلوم التشادية في بداية الحرب في فيديوهات تدعم قوات الدعم السريع بقيادة حسين الأمين جوجو[56].

إلا أن هذا الموقف تبدل بعد اتهام مساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا لتشاد بالقيام بدور مساعد وداعم لقوات الدعم السريع وتأمين الدعم اللوجستي ونقل السلاح والإمدادت العسكرية من الإمارات للدعم السريع من خلال مطارات تشاد إلى دارفور حيث معقلهم؛ بما يدلل على اختيار تشاد صف حميدتي[57]، الأمر الذي نفته تشاد رسميًا وأتبعته بطرد 4 دبلوماسيين سودانيين مع الإبقاء على السفير السوداني والسكرتير الثالث وترك السفارة السودانية مفتوحة في انجمينا[58]. ويُمكن فهم موقف تشاد في حالة اقترنت مساعدته للدعم السريع بالدعم المالي الإماراتي لاقتصاده الذي يُعاني، فضلا عن احتمال سقوط بعض فصائل المعارضة المسلحة له في حرب السودان بعد تحالفها المرحلي مع الدعم السريع.

سابعا: مبادرات وقف الحرب ومآلاتها

دعت مصر وجنوب السودان لوقف الحرب كما فعلت إريتريا وأثيوبيا وتشاد، بل واستعان كل منهم أو طالب منظمة إقليمية للتدخل؛ كما فعلت مصر من خلال جامعة الدول العربية وفعلت إريتريا وأثيوبيا وجنوب السودان من خلال منظمتي الإيغاد والاتحاد الأفريقي، وهو ما يعكس حذر دول جوار السودان من التدخل الصريح والمباشر في الحرب الدائرة؛ فحتى تشاد التي يتهمها الجيش السوداني بتوفير الإمدادات العسكرية واللوجستية للدعم السريع تنفي ذلك بصفة رسمية وتدعو لوقف الحرب ولم تقطع علاقاتها الدبلوماسية بأي من الطرفين، وأصبح تدخل أي من دول الجوار من خلال أحد المنظمات الإقليمية. ولعل أثيوبيا أنشط دولة في جوار السودان في السعي والاستعانة بمنظمتي الإيغاد -قبل تجميد الجيش عضوية السودان فيها- والاتحاد الأفريقي، واستضافة اجتماعاتهم ولقاء طرفي الصراع.

وبالنسبة للمبادرات فقد حاولت الجامعة العربية وقف الحرب، فعقدت دورة طارئة بناء على دعوة مصر والسعودية في 19 أبريل 2023م، وقد طالبت منذ اليوم الأول بوقف الحرب، وعقدت جلسة طارئة على مستوى حضور المندوبين، وأخرى بالتوازي معها على مستوى الوزراء في بعض المجالس التابعة للجامعة العربية عن طريق التواصل عن بعد. كما استأنفت مصر في الأول من مايو عقد جلسة برئاستها وأصدرت قرارا دعت فيه إلى الوقف الفوري وغير المشروط للحرب، حفاظا على سلامة الشعب والدولة السودانية، ولكن مع إصرار طرفي الصراع وافتقار الجامعة العربية آليات تنفيذية تمكنها من وقف الحرب فلم تصل لنتيجة.

أما إيغاد، وبدعم من الاتحاد الأفريقي، فقد كلفت لجنة رباعية في يونيو 2023م برئاسة كينيا وعضوية إثيوبيا وجنوب السودان وجيبوتي للوساطة بين طرفي الحرب، إلا أن البرهان رفض الوساطة بدعوى دعم الرئاسة الكينية لقوات الدعم السريع، فاستدركت “إيغاد” الأمر وقررت عقد لقاء قمة مباشر بين الطرفين وافق عليه البرهان، ثم أجلته لما قالت إنه أسباب فنية.

بعدها وفي زيارة مفاجأة للبرهان إلى كينيا في نوفمبر 2023م، اتفق معه فيها على عقد قمة طارئة للإيغاد بشأن الأزمة في السودان، وعقدت في ديسمبر 2023م بحضور حميدتي على هامش القمة، إلا أن السودان ممثلة في طرف البرهان رفض البيان الختامي الصادر عنها كونه تجاهل جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، كما رفض حميدتي.

فأعادت إيغاد القمة في الشهر التالي يناير 2024م في أوغندا، ليقطاعها الجيش السوداني احتجاجًا على مشاركة حميدتي، فتجاهلت الإيغاد غياب الجيش السوداني وأكملت عقد القمة، وتقرر تشكيل آلية دولية وفق رؤية الاتحاد الأفريقي تعمل على وقف إطلاق النار ونشر قوات أفريقية في الخرطوم بعد تحويلها لمنطقة محايدة ونزع سلاح الطرفين المتحاربين منها، الأمر الذي أدى إلى تجميد البرهان عضوية السودان في منظمة الإيغاد[59]؛ ما جعل الاتحاد الأفريقي أكثر حذرًا في طرح مبادراته[60]. 

فانعقد اجتماع الآلية الرفيعة للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في 10 يوليو 2024م دون تقديم أجندة واضحة للاجتماع، لتجنب غياب أحد الأطراف رفضًا لحضور الآخر؛ الأمر الذي أدى إلى غياب طرفي الصراع، وحضور أطراف ذات وزن بسيط في الأزمة السودانية[61].

مما سبق يُمكننا القول إن مبادرات الإيجاد والاتحاد الأفريقي، وبرغم مشاركة ودعم من دول جوار السودان، فشلت في عقد قمة بين طرفي الصراع حتى الآن، كما فشلت في طرح حلول ترضي الطرفين. وإن كان هناك تحيز واضح لصالح الدعم السريع؛ حيث أعطته المنظمتان شرعية سياسية، وتغاضت عن ارتكاب قواته جرائم حرب، فضلا عن عدم توازنها في تكوين اللجان المعنية بالحل، بحيث تتكون من دول محايدة أو عدد متوازن من دول داعمة لأحد الطرفين، وذلك مع تقديم وإعطاء شرعية للدعم السريع وقائده.

الخاتمة:

إن اندلاع الحرب الأهلية في السودان نتاج تطورات تاريخية، منذ الاحتلال الإنجليزي الذي اتبع سياسات تفرق بين مصر والسودان من ناحية وتقسم السودان نفسه إلى عدة أقسام من ناحية ثانية، مستغلا التنوع العرقي، والديني، وحتى اتساع مساحة السودان وبُعد أطرافه عن حكومة المركز في الخرطوم.

ولا شك أن التداخلات الحضارية للسودان مع مصر ودول جواره، والانتشار القبلي المشترك للسودان مع كل من مصر وأثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وإريتريا، تعمل على تدخل دول الجوار في الحرب الأهلية في السودان حسب مصلحة كل دولة.

تشاد في الوقت الراهن تقدم دعما لوجستيا لقوات الدعم السريع بتسخير مطاراتها وأراضيها لتزويده بمعداته وأسلحته، نظرًا لكون الدعم السريع يتبع قبائل عربية تنتشر غرب السودان وشرق تشاد، ويمكنه إلحاق الضرر بالحكومة المركزية في أنجمينا، خصوصًا مع تحالف بعض حركات المعارضة المسلحة معهم ضد الجيش السوداني، الأمر الذي يمكن أن ينقلب على حكومة ديبي. كما أن تحالف حميدتي مع الرئيس التشادي الذي يشهد تحديا داخل قبيلته الزغاوة حيث ينافسه ابن عمه على الرئاسة، أمر وجودي لنظام ديبي. ومن ناحية أخرى، فإن الإمارات وإسرائيل وروسيا حلفاء مشتركين بين تشاد وقوات الدعم السريع، ويمكنهم تحقيق فوائد اقتصادية وعسكرية لنظام ديبي في مواجهة تأزم اقتصاد بلده ومحاربة حركات المعارضة المسلحة التي قتلت أباه. وبالرغم من ذلك تبقى تشاد حذرة من الخوض الفعلي في الحرب السودانية، ولا يُتوقع أن يضعف نظام ديبي نفسه بالمشاركة في الحرب، كما يُمكن أن يغير موقفه لصالح الجيش السوداني إن تغلب الجيش السوداني على قوات الدعم السريع وتمكن البرهان من توفير غطاء سياسي أمريكي لحماية حلفائه من ردود أفعال حلفاء الدعم السريع الدوليين.

وأما جنوب السودان، فتكمن مصلحته في السيطرة على منطقة أبيي الحدودية الغنية بالنفط، وكذلك في التخلص من ضغط الشمال فيما يتعلق بموقفها المؤيد لإثيوبيا في قضية سد النهضة، وعودة تشغيل أنابيب نقل النفط إلى ميناء بورتسودان للعمل بكامل طاقتها. ورغم انشغاله الحالي بمشاكله الداخلية وضعفه الاقتصادي، إلا أن الواقع الحالي يمثل لجنوب السودان فرصة في فرض السيطرة العسكرية على منطقة أبيي الحدودية، وربما حتى تنظيم استفتاء تقرير مصير في أبيي مع استبعاد بدو المسيرية العرب -لاعتبار جوبا أنهم رعاة رحالة وأبيي ليست مقرهم الثابت ليستحقوا التصويت بعكس الدينكا- وعليه إن حدث ذلك التصويت بتلك الآلية ستؤول أبيي أمام الرأي العام الدولي إلى جنوب السودان. ويمكن أن يشجع استثمار الإمارات 12.9 مليار دولار في مقابل النفط الجنوب أفريقي محفزا ودافعا قويا له للمشاركة في صف الدعم السريع، وفي حالة أقدم على ذلك سيكون عليه أن يواجه سلفاكير رئيس جنوب إفريقيا خصمه العنيد ونائبه السابق رياك مشار، وإن حاول حلفاء الدعم السريع التأثير عليه فسيكون غالبا في مقابل سياسي مستقبلي يحصل عليه منه. وبناء عليه، فالوضع الأنسب لجنوب السودان الحياد في الحرب، وتظل فرصة مشاركته في صف الدعم السريع قائمة رغم ضعف الاحتمال.

في حين تستمر إثيوبيا في ملء سد النهضة بعد بنائه، وتُظهِر دعوتها الرسمية للحل السلمي للصراع، غير أن استمرار الحرب من مصلحتها لإضعاف السودان عسكريا ما يسهل لها احتلال الفشقة فيما بعد وهضم حق السودان في حصصه المائية. فأديس أبابا منحازة فعليا لصف الدعم السريع الذي تجنب قتالها في الفشقة، والذي يستثمر الكثير من الأموال في إثيوبيا، كما تمثل إسرائيل والإمارات حليفين مشتركين بين إثيوبيا والدعم السريع؛ الأمر الذي جعل أثيوبيا تعمل على إضفاء شرعية سياسية لحميدتي باستقباله رسميًا وتمكينه من المشاركة في المنظمات الأفريقية الحكومية رغم انتفاء صفته الرسمية وكونه لا يمثل حاليا إلا القبيلة التي ينتمي إليها فضلا عن قيامه بجرائم حرب.

أما إريتريا، وبعد الدعم الإسرائيلي الأمريكي في تمكين أسياس أفورقي من الانفصال عن أثيوبيا والوصول لرئاستها منذ 1993م وحتى الآن، فقد أضحت تتضمن قواعد برية وبحرية إسرائيلية تسمح لها مراقبة حركة السفن في مضيق باب المندب، وتزعزع استقرار دول شرق إفريقيا وفق ما يهدد مصلحة مصر العدو التاريخي لإسرائيل والسودان الذي يمثل العمق الاستراتيجي لمصر. وخلال خطاب أفورقي الذي دعا فيه طرفي الصراع لوقف الحرب والحوار والاستعانة بآليات الاتحاد الأفريقي، فقد انتقد في نفس الخطاب كثرة مبادرات الوساطة والدعوات لوقف الحرب بوصفها مزادا.

وكذلك تخشى “أسمرة” من تسليح الجيش السوداني لجبهة تحرير تغراي[62] للقتال لصالحه، خوفا من أن تنقلب عليها سيما بعدما ارتكبت مجازر بحق الجبهة وشعب تغراي بالتعاون مع إثيوبيا في الحرب بينهما التي استمرت سنتين من 2020م، كما تخشى في المقابل أن يتسبب الدعم السريع في زعزعة استقرار حدود اريتريا مع السودان، فضلا عن الأطماع المتوقعة لإريتريا في مينائي سواكن وبورتسودان.

ونظرًا لتأييد معظم الفاعلين الدوليين الذي قدموا مبادرات ووساطات لإيقاف الحرب لدور الاتحاد الأفريقي والإيغاد، ونظرًا لاشتراكهما السابق في وقف حروب أهلية سودانية، فهناك فرصة إيجابية من تدخلهما شرط توقف الدعم أو تقليله عن أحد طرفي الصراع، سيما وأن وقف الحرب وموجة اللجوء لدول الجوار والعودة للتنمية يصب في مصلحة إفريقيا ككل.

وأما مصر، فإن وقف الحرب يصب في مصلحتها نظرًا لعلاقة النظام المصري بطرفي الصراع أو بوكلائهما من الدول الداعمة لأحدهما، كما أن إضعاف السودان يمثل إضعافا لجبهة مصر- السودان ضد إثيوبيا وأوغندا وكينيا ورواندا فيما يتعلق بسد النهضة وحقوق مصر والسودان التاريخية في النيل. وبالرغم من الأهمية الجيوسياسية الكبرى للسودان بالنسبة لمصر، ووجود مسألة سد النهضة ذات الاهتمام المشترك، وأيضًا كون الحرب تجري على حدود مصر الجنوبية وتتسبب بموجة لجوء كبيرة من السودان إلى مصر؛ إلا أن الموقف السلبي المصري، والذي وصل حد الفشل في إخراج بيان ختامي موحد لمؤتمر جمع أطياف سياسية سودانية عدة، يمثل انعكاسا لضعف مصر في سياستها الخارجية، وفي استثمار إمكاناتها العسكرية والاقتصادية وغيرها للتأثير على أحد طرفي الحرب بما يتوافق مع المصالح القومية لمصر في السودان باعتباره عمقا استراتيجيا لمصر وعنصرا أساسيا في حفظ الأمن القومي المصري.

ومما سبق نرى أن تشاد تقدم دعما لوجستيا لقوات الدعم السريع وأثيوبيا تقدم دعما سياسيا. في حين أن جنوب إفريقيا رغم تسبب الدعم السريع في تقليل صادراتها من النفط، إلا أنها حصلت خلال الحرب على أكبر صفقة نفطية منذ استقلالها من الإمارات، والتي يتهمها الجيش السوداني بدعم وتمويل حميدتي، فضلا عن رغبتها في السيطرة على إقليم أبيي؛ وبالتالي فإن احتمالية تقديمها دعما مباشرا وقويا لحميدتي كبيرة. وتبقى إريتريا في المنتصف غير واضح موقفها، وإن كان من المتوقع إن خالفت الحياد أن تدعم حميدتي في هذه الحرب؛ لإضعاف السودان، وزيادة فرصها في مد نفوذها على شرق السودان، فضلا عن حماية نظام أفورقي بعدما سمح الجيش السوداني لقوات الدفاع الشعبي ذات الخلفية الاسلامية بإمكانية أن تستغل الحرب ومكتسباتها منها في تسليح ودعم حركات المعارضة الإريترية الإسلامية.

وفي ظل ما سبق، أرى أن دول جوار السودان الداعمة لاستمرار الحرب فيه تخشى توسعها كونها أيضًا تتضمن عرقيات ولديها مشاكلها وصراعاتها الداخلية، وفي نفس الوقت يمثل ضعف السودان فرصة لهم في تحقيق مصالح على حساب السودان المشغول بحربه الأهلية. وبالتالي يمكن أن تنتهي إحدى المبادرات المستقبلية إلى تخصيص ولايات لكل من طرفي الصراع، وإقامة حكم فيدرالي أو حتى إعلان الاستقلال كل منهما بجزء من القطر السوداني، برعاية من الإيغاد أو الاتحاد الأفريقي؛ فهذا يضمن وقف الحرب ويحقق تفكيك السودان وإضعاف العمق المصري.

وعليه، فيجب على مصر والعرب عموما العمل على تشكيل الوعي الجمعي العربي والمسلم ليهتم بقضاياه من منظور حضاري، وليس مادي فردي؛ حيث إن الأفارقة وحتى إسرائيل يتصرفون من منظور الخوف من الفضاء الحضاري المشترك للعرب والمسلمين، والذي يمكن أن يتحول إلى تحالف يحمي مقدراته ويحقق مصالحه السياسية، ويحمي شعوبه بما فيها الشعب السوداني من الحروب والمذابح الدموية.

________

هوامش

[1] حميدتي يهدد بوقف التعاون مع الأوروبيين بسبب الأموال، موقع التغيير، تاريخ النشر: 4 سبتمبر 2018، وتم الاطلاع في: 27 يونيو 2024، متاح على الرابط: https://bit.ly/3XMM1Cp

[2] بهاء الدين عياد، “حميدتي” في القاهرة… محاولة لنزع فتيل خلاف سد النهضة و”مآرب أخرى”، إندبندنت عربية، تاريخ النشر: 16 مارس 2020، تم الاطلاع في 27 يونيو 2024، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/45PMh5y

[3] حمدي عبد الرحمن حسن، عام من الحرب: هل يصبح السودان شأنا عربيا؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تقديرات استراتيجية، تاريخ النشر: 13 أبريل 2024، تم الاطلاع في 27 يونيو 2024، ومتاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21158.aspx

[4] Ahmad Alawad Sikainga et al., “South Sudan”, Encyclopedia Britannica, 11 July 2024, Accessed: 13 July  2024, available at: https://www.britannica.com/place/South-Sudan

[5] عبد اللطيف محمد سعيد، جنوب السودان بين الانفصال والحرب الأهلية والمجاعة، الجزيرة نت، تاريخ الاطلاع: 26 يونيو 2024م الساعة: 10:54م، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3xzqXV4

[6] Ahmad Alawad Sikainga et al., “Sudan”, Encyclopedia Britannica, Unit: Economist Intelligence , 11 July 2024, Accessed: 13 July 2024, available at: https://www.britannica.com/place/Sudan

[7] زينب أحمد علي سلوم، الخريطة الإثنو/ سياسية بدول حوض النيل بين الاختلاف والتغيير في الفترة ما بين (1960-2019م)، مجلة بحوث كلية الآداب – جامعة المنوفية، مجلد 31، عدد 122، تاريخ النشر: 2020م، تم الاطلاع في: 27 يونيو2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4fd5suk

[8] الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.. أرقام ومعطيات عن ميزان القوى بين الخصمين، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 15 أبريل 2023م، تم الاطلاع في 29 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3VMsAqp

[9] الجوار السوداني وتأثيرات الحرب: إريتريا، المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 17 مايو 2023، تم الاطلاع في: 27 يونيو 2024، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3W1DTN5

[10] عبدالله حسين، السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية، (الكتاب الأول نشر عام 1935 – وهذه الطبعة لمؤسسة هنداوي صدرت عام 2013) الجزء الأول.

[11] المرجع السابق.

[12] المرجع السابق، ص 311.

[13]  يوسف نور عوض، استراتيجية التدخل الإسرائيلي في جنوب السودان، صحيفة القدس العربي، تاريخ النشر: 22 نوفمبر 2008م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3zGkSah

[14] زينب أحمد علي سلوم، الخريطة الإثنو/ سياسية بدول حوض النيل بين الاختلاف والتغيير في الفترة مابين (1960-2019)، مرجع سابق، ص 15.

[15] المرجع السابق، ص 16.

[16] Housam Darwisheh, Egyptian-Sudanese relations amidst power struggles in the Middle East and Horn of Africa, Institute of Developing Economies, accessed: 14 July 2024, available at: https://bit.ly/3zQShyT

[17] كمال محمد جاه الله الخضر، موقف السودان من سد النهضة، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية: متابعات إفريقية، العدد 2، تاريخ النشر: مايو 2020م، تم الاطلاع في 9 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3WdlPhR، ص ص 35-45.

[18] رضوى سيد أحمد محمود عمار، السياسة الإثيوبية تجاه نهر النيل من منظور القوة الجيواقتصادية المائية، كلية السياسة والاقتصاد – جامعة بني سويف، تاريخ النشر 2022، تم الاطلاع في: 9 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3SiwxlP، ص ص 168-171.

[19] كمال محمد جاه الله الخضر، موقف السودان من سد النهضة، مرجع سابق، ص ص 35-45.

[20] Karen Jacobsen, Maysa Ayoub & Alice Johnson,  REMITTANCES TO TRANSIT COUNTRIES: THE IMPACT ON SUDANESE REFUGEE LIVELIHOODS IN CAIRO, The American University in Cairo In collaboration with FEINSTEIN INTERNATIONAL CENTER, Issue: No. 3,Date: September 2012, available at: https://bit.ly/3y8mSaK

[21] سياق اللاجئين في مصر، المفوضية السامية للأمم المتحدة  لشؤون اللاجئين، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3y9T4KP

[22] الدعم السريع في السودان تكشف المتسبب في تسريب فيديو الجنود المصريين، آر تي عربي، تاريخ النشر: 17 أبريل 2023م، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/466fidh

[23] حميدتي: القوات المصرية في مطار مروي في أمان وغير محتجزة، سكاي نيوز عربية – أبوظبي، تاريخ النشر: 15 أبريل 2023م، تم الاطلاع في 15 يوليو 2024م، ومتاح على: https://bit.ly/4cFrPH6

[24] مصر ومستجدات الأوضاع في السودان، الهيئة العامة للاستعلامات، تاريخ النشر: 16 أبريل 2023م، وتم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/463hSAy

[25] مصر والأزمة السودانية، الهيئة العامة للاستعلامات، تاريخ النشر: 23 مايو 2023م، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3Y8ZpAZ

[26] استراتيجية التدخل الإسرائيلي في جنوب السودان، المركز الفلسطيني للإعلام: صحيفة القدس العربي اللندنية، تاريخ النشر: 20 نوفمبر 2008م، تم الاطلاع في 29 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://palinfo.com/news/2008/11/20/154684/

[27] الحركة الوطنية السودانية الحديثة (1898-1956م)، موقع رئاسة الجمهورية، تاريخ النشر: 26 يونيو 2024، تم الاطلاع في 27 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://presidency.gov.sd/page/1898-1956

[28] المرجع السابق.

[29] قصة الحرب الأهلية السودانية الأولى، موقع هيستوري درافت، تم الاطلاع في 28 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://2u.pw/6pn3yYhJ

[30] جنوب السودان تاريخ من الأزمات، الجزيرة نت، تاريخ النشر 22 أكتوبر 2010م، تم الاطلاع في 28 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3zmgL2M

[31] عيدروس عبد العزيز، جنوب السودان .. تسلسل أحداث، لندن: موقع الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 1 يوليو 2014م، تم الاطلاع في 28 يونيو 2024م، ومتاح على: https://aawsat.com/home/article/128996

[32]  جنوب السودان تاريخ من الأزمات، الجزيرة نت، مرجع سابق.

[33] اتفاق بين السودان وجنوب السودان على ملف النفط، بي بي سي عربي، تاريخ النشر: 4 أغسطس 2012م، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3y43UlE

[34] السودان.. الحرب تدفع صناعة النفط في البلاد إلى حافة الانهيار، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 28 مايو 2024م، تم الاطلاع في 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4678HPV

[35] رضوى سيد أحمد محمود عمار، السياسة الإثيوبية تجاه نهر النيل من منظور القوة الجيواقتصادية المائية، مرجع سابق، ص ص 168-171.

[36] نعومي بندل، جينيفر بالمر، ميليسا باركر، نيللي سيزار أركانجيلو، مشار ديو جاتكيت، ليبين مورو، الأزمة في السودان: مذكرة موجزة حول النزوح من السودان إلى جنوب السودان، منصة العلوم الاجتماعية في العمل الإنساني، تاريخ النشر: 2023م، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4cIA452

[37] بعد عام من الحرب.. لا يزال آلاف السودانيين يفرون يوميا، موقع DW، تاريخ النشر: 9 أبريل 2024م، وتم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4d0q0Eu

[38] شركة إماراتية وافقت على إقراض جنوب السودان 13 مليار دولار مقابل النفط، المينتور، تاريخ النشر: 27 أبريل 2024م، تم الاطلاع في: 15 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4699G1H

[39] الصادق الرزيقي، الحرب و مواقف دول جوار السودان (2-3)، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 7 مارس 2024م، تم الاطلاع في: 16 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3S8ANV0

[40] مي شمعة، إريتريا في عهد أفورقي: انتصار استراتيجي لإسرائيل، مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، المجلد 16، العدد 64، تاريخ النشر: خريف 2005م، متاح على الرابط: https://bit.ly/4d8zq0K

[41] عبدالمنعم الفكي، حتمية العلاقة أم بحث عن مصالح.. ما أسباب حرص إريتريا على لعب دور في ملف شرق السودان؟، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 8 أغسطس 2022م، وتم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4bO75f9

[42] زين العابدين صالح عبد الرحمن، أريتريا والصراع بين حميدتي والجيش، سودانيل، تاريخ النشر: 6 أغسطس 2022م، وتم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/3zL6cqc

[43] زينب عبدالعال سيد رمضان، موقع إثيوبيا وأثره على سلوكها السياسي تجاه دول الجوار “دراسة في الجغرافيا السياسية”، الجمعية الجغرافية المصرية: المجلة الجغرافية العربية، العدد 169، يناير 2022م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Sg2T0O، ص ص 53 – 61.

[44] رضوى سيد أحمد محمود عمار، السياسة الإثيوبية تجاه نهر النيل من منظور القوة الجيواقتصادية المائية، مرجع سابق، ص ص 168 – 171

[45] كمال محمد جاه الله الخضر، موقف السودان من سد النهضة، مرجع سابق، ص ص 35-45.

[46] جمال عبدالقادر البدوي، “الشفتة” عصابات تحولت إلى ميليشيات تستبيح حدود السودان مع إثيوبيا، اندبندنت عربية، تاريخ النشر: 27 ديسمبر 2020م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Y60vgv

[47] أمين زرواطي، ما حقيقة الهجوم الذي شنته “قوات إثيوبية” على منطقة الفشقة الحدودية في السودان؟، فرانس 24، تاريخ النشر: 28 أبريل 2023م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3SbLIx0

[48] الصادق الرزيقي، الحرب ومواقف دول جوار السودان (1-3)، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 24 يناير 2024م، تم الاطلاع في: 16 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Lty7O2

[49] الخارجية الإثيوبية: قائد «الدعم السريع» وصل إلى أديس أبابا اليوم، الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 28 ديسمبر 2024م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/46fNgfp

[50] حمدي عبدالرحمن حسن، وساطة أم شراكة؟: إعلان أديس أبابا وتبعات لقاء حميدتي وحمدوك، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تاريخ النشر: 4 يناير 2024م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط التالي: https://acpss.ahram.org.eg/News/21087.aspx

[51] توفيق المديني، المصالحة بين السودان وتشاد، البيان، تاريخ النشر: 16 فبراير 2010م، تم الاطلاع في 29 يونيو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/4d4l4yV

[52] نجوى محمد علي البشير، الدور العربي والأفريقي في تسوية الصراع في دارفور (2003-2013)، مجلة جامعة الملك سعود – الحقوق والعلوم السياسية، مج 26، ع2 ، ص ص 403 – 449، متاح على رابط: https://bit.ly/3VOp1jJ

[53] جعفر محمد أحمد، الرئيس التشادي يتزوج كريمـة زعـيــــــم «الجنجويد» موسى هلال، موقع الإمارات اليوم، تاريخ النشر، 23 يناير 2012م، تم الاطلاع في 29 يونيو 2024م، ومتاح على الرابط: https://bit.ly/4cjFIun

[54] عبد الجبار أبوراس، رئيس تشاد يدخل على خط الأزمة السودانية ويدعو للحوار، الأناضول، تاريخ النشر: 17 أبريل 2023م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/4eZyZaR

[55] النور أحمد النور، فصلتهما ساعات.. ما سر زيارتي البرهان وحميدتي المزدوجة إلى تشاد؟، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 31 يوليو 2023م، تم الاطلاع بتاريخ 3 يوليو 20224م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3zA9DQs

[56] يوسف كامل خطاب، عام من الصراع في السودان.. ما النتائج .. وإلى أين تتجه الأمور؟، مركز الخليج للأبحاث، تاريخ النشر: 1 مايو 2024م، تم الاطلاع في: 9 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/4bTSjDF، ص 8.

[57] السودان يتهم تشاد بتجاهل ملاحظات حول مراقبة الحدود ويستدعي السفير من انجمينا، موقع سودان تربيون، تاريخ النشر: 28 يونيو 2024م، تم الاطلاع في 29 يونيو 2024م، متاح على الرابط: https://www.sudanakhbar.com/1536757

[58] جمال عبدالقادر البدوي، هل تشاد متورطة في حرب السودان؟، اندبندنت عربية، تاريخ النشر: 19 ديسمبر 2023م، تم الاطلاع في: 16 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3Wp9FDz

[59] البرهان يخطر “إيغاد” بتجميد عضوية السودان فيها، أر تي عربي، تاريخ النشر: 20 يناير 2024م، تم الاطلاع في 9 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3xXBFVt

[60] يوسف كامل خطاب، عام من الصراع في السودان.. ما النتائج .. وإلى أين تتجه الأمور؟، مرجع سابق، ص ص 9-10.

[61] محمد أمين ياسين، الفشل يهدِّد اجتماع الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب في السودان، الشرق الأوسط، تاريخ آخر تحديث: 11 يوليو 2024م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3y2WJdo

[62] «الدعم السريع» يتهم الجيش السوداني بالاستعانة بمقاتلين من «جبهة تحرير تيغراي»، الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 4 مايو 2024م، تم الاطلاع في: 17 يوليو 2024م، متاح على الرابط: https://bit.ly/3WAFTMB

 

  • نشر التقرير في: فصلية قضايا ونظرات- العدد الرابع والثلاثون- يوليو 2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى