الانتخابات المحلية التركية 2019: هل تصبح مقدمة حراك سياسي واقتصادي؟

شهدت تركيا في 31 مارس 2019 إجراء انتخابات محلية، ذات طبيعة مختلفة، فلا تعود أهميتها فقط لما تتمتع به البلديات من تأثير في مستقبل الأحزاب وفرصها في الوصول إلى السلطة في تركيا، وإنما لكونها أيضًا تحمل طابع الاستفتاء على النظام الرئاسي ومجمل التحالفات القائمة وقيادات الأحزاب وغير ذلك من معالم الحياة السياسية التركية في وضعها الراهن، وإن بقي حزب العدالة والتنمية ومشروعه الأكثر تأثرًا بتلك الانتخابات.
وفي هذا الإطار وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتخابات بأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا؛ وهو التوصيف الذي رفضته المعارضة[1]. إذ صرح كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري ردًا على أردوغان “ما هي مسألة الحياة أو الموت؟ إننا ننتخب رؤساء البلديات، ما علاقة هذا بنجاة البلاد.. إن كانت هناك مسألة حياة أو موت في تركيا فإنها بسببك”[2].
وهذه الانتخابات التي بلغت نسبة المشاركة فيها ما يقارب الـ85% خاضها: العدالة والتنمية (المحافظ الإسلامي) يرأسه أردوغان، وحزب الحركة القومية ويتزعمه دولت بهتشلي، ويشكلان معاً ما يُعرف بـ “تحالف الشعب”، في مواجهة حزب الشعب الجمهوري (علماني قومي) ويرأسه كمال كليجدار أوغلو، ويشكل مع حزب “الجيد” (يميني قومي) الذي ترأسه ميرال أكشينار، تحالفاً باسم” تحالف الأمة”، ويدعمهما حزب السعادة الإسلامي، إضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي اليساري، وإن كان دعم الأخير والتنسيق معه غير معلن (وسنفصل في جزئية لاحقة في شأن التحالفات).
ويشارك في تلك الانتخابات أيضًا “الحزب الديمقراطي، وتركيا المستقلة، والاتحاد الكبير، والشيوعي التركي، واليسار الديمقراطي، وحزب الوطن”[3].
ويمكن بلورة أهمية هذه الانتخابات بشكل أكثر تفصيلا فيما يلي:
– سياسيًا: تعد هذه الانتخابات آخر استحقاق انتخابي تشهده تركيا بعد فترة مليئة بالاستحقاقات الانتخابية؛ لتدخل تركيا فيما يُطلق عليه «بيات انتخابي» حتى عام 2023، ما يعني أن الأحزاب المتنافسة ستتمتع بفترة من الاستقرار السياسي تمكنها من استغلال مكاسبها من مقاعد المجالس البلدية في تعزيز قاعدتها الشعبية[4].
– اقتصاديًا: تأتي الانتخابات في ظل انكماش اقتصادي ومتزامنة مع أزمة العملة حيث فقدت الليرة التركية ما يزيد على 30% من قيمتها العام الماضي. وارتفعت أسعار بعض الأغذية بين 300 و400% ما دفع الحكومة لتكليف تجار الجملة التابعين للدولة في أنقرة واسطنبول ببيع المنتجات مباشرةً للمستهلكين[5].
ورغم تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها تركيا، نعم تمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز بالمركز الأول بين الأحزاب للمرة الـ15 على التوالي منذ تأسيسه، وبـ39 بلدية من أصل 81، وبفارق يقارب الضعف عن أقرب منافسيه (21 بلدية للشعب الجمهوري)، وبنسبة تصويت قريبة من الانتخابات المحلية السابقة عام 2014 (%44.32 مقابل 45.5 عام 2014)، فضلاً عن تقدمه في مناطق الأغلبية الكردية (كما سنرى)، كما حصل تحالف الشعب مجتمعًا على51.62% من عدد البلديات في مقابل 6,37% لتحالف الأمة[6]، إلا أنه لا يمكن إغفال الخسارة النوعية؛ حيث حزب الشعب الجمهوري الذي حقق قفزة نوعية بهذه الانتخابات، رافعاً عدد بلدياته من 13 إلى 21 (زيادة أكثر من 50%)[7]، أما العدالة والتنمية فقد خسر 11 بلدية من أصل 50 كان يديرها (أغلبها لصالح الشعب الجمهوري)[8]، فضلا عن خسارة البلديات الكبرى حيث أنقرة التي فاز بها منصور يافاس، مرشح حزب الشعب[9]. وما يفوق ذلك خسارة اسطنبول للمرة الثانية في جولة الإعادة في 23 يونيو 2019؛ إذ حصل مرشح حزب الشعب أكرم إمام أوغلو على 54.03% من أصوات الناخبين في إسطنبول، مقابل 45.09% لمنافسه مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم، وذلك بعد فرز 99.37% من أصوات الناخبين (حيث كانت قد قررت اللجنة العليا للانتخابات إعادة انتخابات بلدية اسطنبول عقب الإعلان عن فوز أكرم إمام أوغلو بعد طعن حزب العدالة والتنمية، وذلك في قرار أثار جدلا داخل تركيا وخارجها، وإن كانت اللجنة بررت موقفها قانونًا بوجود رؤساء لجان من غير الموظفين الحكوميين)[10].
وكان أردوغان قد صرح إن “من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا”[11]، كما أكد زعيم حزب الحركة القومية باهتشلي (حليف أردوغان) على أهمية إسطنبول والفوز بها بالقول: “إسطنبول شقيقة القدس.. إسطنبول تاريخ وحضارة وأخوة وفتح، وهي أكبر مدينة إسلامية في العالم”[12]. تلك الأهمية الاستراتيجية لاسطنبول (حتى على مستوى المحليات) تعيها بالطبع المعارضة أيضًا؛ ففي خطاب الفوز قال إمام أوغلو إن النتيجة تمثل “بداية جديدة”، لكل من المدينة والدولة[13].
ومن ثم، فهذه الخسارة النوعية تبقى حاملة معها العديد من التغيرات المحتملة –كما سيجري التناول؛ إذ من شأن الهزيمة في أنقرة أو اسطنبول أن توجه ضربة رمزية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بشكل عام[14].
وهو أمر أدركه أردوغان سريعًا؛ إذ أعلن عشية الانتخابات المحلية: “اعتبارا من صباح الغد سنبدأ العمل على تحديد مكامن الضعف لدينا ومعالجتها”[15]، فهل سيتمكن من ذلك؟ وهل يدرك مكامن الضعف حقًا؟ لكن الأهم: هل سيبقى هو الفاعل المركزي على الساحة السياسية التركية؟ أم ستتغير الخرائط السياسية والاقتصادية؟ هل ستشهد تركيا حراكًا جديدًا من مختلف الأطراف؟ ربما تحتاج الإجابات إلى سنوات قادمة.
ومن ثم، يسعى هذا التقرير للبحث في اتجاهات الحراك المتوقعة خلال الفترة القادمة؛ هذا الحراك المنتظر سيأتي على أكثر من مستوى:
– السياسة الداخلية (على صعيد كل من الحراك الديمقراطي والخدمي).
– السياسة الخارجية.
– الاقتصاد.
ذلك مع الأخذ في الاعتبار أننا بصدد انتخابات محلية وليست تشريعية أو رئاسية.

أولا- السياسات الداخلية:

فكيف سيكون حال السياسات الداخلية التركية؛ سواء على صعيد الحراك الديمقراطي والأداء الحزبي ومستقبل التحالفات، أو على صعيد الحراك الخدمي (إذ إننا بصدد انتخابات محلية) وفق متغيرات عدة كتغير أوضاع البلديات الكبرى وانتقالها إلى حكم المعارضة، والوجود السوري، وتطورات مناطق الأكراد.
1-الحراك الديمقراطي:
– الديمقراطية الحزبية الداخلية: فعقب ما يوجه من انتقادات للأحزاب التركية من افتقاد الديمقراطية الداخلية، وخاصة تحميل مركزية القيادة في حزب العدالة والتنمية باعتباره الحزب الحاكم، مسئولية ما آلت إليه الأوضاع في تركيا (استقطاب سياسي، أزمة اقتصادية)، عقب ذلك ربما يكون الاتجاه لتغيير قانون الأحزاب، حيث النقد الرئيس الموجه للقانون أنه لا يفرض أو يشترط ديمقراطية داخلية في أطر الأحزاب السياسية، ويعطي صلاحيات واسعة لرؤساء الأحزاب في مختلف الأمور، ومن ضمنها اختيار مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية ومثلها المحلية.
فالمادة 37 من قانون الأحزاب السياسية لا تشترط على الأحزاب إجراء انتخابات داخلية أو أولية لاختيار مرشحيها للانتخابات البرلمانية –وإن كانت تتيح ذلك قانونًا– وإنما تفرض فقط اختيار المرشحين ضمن «أسس حرة ومتساوية وفق مبدأ الاقتراع/الاختيار السري والإعلان»، بينما تترك للوائح الأحزاب الخاصة وأنظمتها الداخلية ترتيب تلك التفاصيل والأدوات. ولذلك، مثلًا، تجري بعض الأحزاب انتخابات داخلية أو استشارات، لكن باعتبارها أدوات مساعدة، وليست ملزمة لقيادة الحزب. ويخضع اختيار مرشحي الأحزاب للانتخابات المحلية لنفس المادة 37 من قانون الأحزاب السياسية. وبالتالي، قد نجد أحزابًا متماسكة في العلن، بينما هناك انتقادات وخلافات (قد تكون حادة) داخل الأطر الحزبية[16].
ذلك خاصة أن هناك معارك تحت السطح أجلتها الانتخابات، فقد أجّل محرم إنجه (مرشح حزب الشعب الجمهوري السابق للانتخابات الرئاسية التركية) معركته على رئاسة الحزب مع كمال كليجدار أوغلو، أما حزب الحركة القومية والحزب الجيد فأخفيا أيضا أوراق الصراع على رئاسة الحزبين لما بعد انتخابات المحليات[17].
وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية، فالأمر ما بين توقعات بمبادرة ربما تتبلور مستقبلا من قبل أردوغان للمّ شمل الحزب، بالتواصل مع شخصيات بارزة تحظى باحترام وتقدير مثل أحمد داود أوغلو وعلي باباجان[18]، وما بين التكهن بتأسيس حزب جديد من قبل هذه القيادات القديمة في حزب العدالة والتنمية، والقول بأن نتائج الانتخابات قد تسرع بتشكيل هذا الحزب الذي من شأنه أن يضم معارضي أردوغان داخل حزبه[19].
وقد صرح رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو في نقده لأردوغان الذي أعلنه مكتوبًا مؤخرًا على خلفية نتائج الانتخابات المحلية: إن الحزب نتاج التقاء وتراكم جهد مشترك تبلور من خلال تجاوز التحديات، وعرق جبين وأفكار أجيال متتالية من الأمة عبر التاريخ.. ولهذا السبب، لا يعتمد -ويجب ألا يعتمد- سبب وجوده ومستقبله على مصير وتقدير أي شخص فانٍ أو مجموعة اجتماعية محدودة أو مجموعة ذات مصلحة اقتصادية أو حتى جيل واحد[20].
وهو تصريح يحمل في طياته الاحتمالين: الأول- الإصرار على أن يكون الإصلاح من داخل الحزب وعدم تركه لاستئثار فئة معينة، لاسيما في ظل تصريح سابق لأوغلو بأنه لن يمارس السياسة إلا تحت سقف حزب العدالة والتنمية. أما الاحتمال الثاني- فهو الاتجاه لتأسيس حزب جديد، انطلاقًا من اعتبار أن الحزب فكرة ورؤية تراكمت عبر أجيال، وليس كيانًا ينحسر وجوده في مجموعة من الأشخاص.
وعليه، وفي ضوء تلك التداخلات، قد يكون الاتجاه لتعديل قانون الأحزاب على نحو يعضد ديمقراطيتها الداخلية لتلافي تصاعد مثل هذه الاختلافات، لاسيما مع انعكاس آفات غياب الديمقراطية الحزبية الداخلية بشكل كبير على مجمل الحياة السياسية التركية؛ سواء من قبل الحزب الحاكم أو الأحزاب المعارضة، خاصة مع بطء دورة تغير القيادات بما يعطل بروز كوادر جديدة ذات رؤى أكثر مرونة وانفتاحًا.
– خارطة التحالفات: يلاحظ استمرار خارطة التحالفات التي شهدتها استحقاقات 2018، حيث: على جانب يستمر «تحالف الشعب» قائماً بين حزب العدالة التنمية المُحافظ وحزب الحركة القومية اليميني بقيادة دولت بهشلي، إلى جانب أحزاب أخرى أصغر ذات توجهات إسلامية وقومية.
ورغم أن ائتلاف العدالة والتنمية مع الحركة القومية قد شهد هزة قبل أشهر على إثر إعلانهما فضّ التحالف، فإن أردوغان وبهشلي أعادا النظر في هذا قرار؛ خوفًا من أن يؤثر على نسبة مرشحي العدالة والتنمية من الأصوات في البلديات الكبرى؛ حيث إن حزب الحركة القومية مهمٌ لاسترضاء القاعدة القومية المُحافظة المؤيدة للعدالة والتنمية. وعلى الجانب الآخر، صرح بهشلي إنه يخشى تغير الرياح الانتخابية بما يُفسح المجال أمام تقويض النظام الرئاسي الحالي، ويؤدي إلى ديكتاتورية مباشرة. ومن ثمَّ آثر الطرفان عدم التلاعب بتركيبة أثبتت نجاحها بالفعل في الاستحقاقات السابقة، وأعلنا عودة تشكيل التحالف وسحب مرشحي الحركة القومية من إسطنبول وأنقرة، وبلديات أخرى، في مقابل ترك حزب العدالة والتنمية مناطق مثل عثمانية وإغدير لمرشحي الحركة القومية[21].
وفي جانب المعارضة، نجِد «تحالف الأمة»، الذي يضم حزب الشعب الجمهوري (يساري كمالي)، وحزب الخير (قومي) وهو حزب جديد تأسس في 2017 على إثر انشقاق في صفوف حزب الحركة القومية ليقف في الجانب المعارض. وقد عقد التحالف المعارض فيما يبدو ترتيباتٍ غير معلنة مع الأحزاب الكردية، وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطي، بعدم منافسة الأكراد على مقاعد رئاسة البلديات الكبرى، ومُساندة مرشحي المعارضة في المناطق الغربية، غير أن الطرفين ابتعدا عن الدخول في تحالفٍ رسمي تجنباً لرد فعل غير محسوب من قواعدهما نظراً للاختلافات الأيديولوجية بين القوميين الأتراك والقوميين الأكراد، وكذلك خشي تحالف الأمة توجيه اتهام له بالتحالف مع الأحزاب الكردية، والتي شهدت حملة شملت سجن نواب بالبرلمان وكوادر حزبية على خلفية اتهامات بالإرهاب[22].
وفيما يتعلق بمستقبل هذه التحالفات، فإن فوز أي حزب بهذه المحليات وغيرها في ظل تحالف لا يعكس قوته الذاتية أو شعبيته في الشارع بمفرده، كما يطرح في الوقت نفسه علامات استفهام بخصوص المستقبل ومدى متانة أي من التحالفات وفرص استمراره، خصوصاً في ظل استياء بعض الأحزاب من القدر الذي حصلت عليه في إطار التحالف، على سبيل المثال “الحزب الجيد” مستاء من نتائجه (في إطار تحالف الأمة)؛ إذ إنه لم يفز ببلدية أية مدينة كبرى أو محافظة مكتفياً ببعض البلديات الفرعية[23].
لكن بشكل عام من المتوقع أن السنوات المقبلة لن تركن فيها المعارضة للراحة، فنسبة الفوز التي حصلت عليها في الانتخابات المحلية ستكون دافعًا لها لإعادة الاصطفاف، وتنسيق الإستراتيجيات في إطار التحالفات، وربما محاولة استرضاء الأطراف الحانقة، في محاولة للتمدد على حساب الحزب الحاكم؛ ما يعني أن قواعد اللعبة السياسية في تركيا ستشهد مناخًا أكثر ديناميكية[24]، ذلك لاسيما بعد تأكيد فوز إمام أوغلو بإسطنبول؛ إذ إن من المتوقع أن ينشط هذا الفوز المعارضة المنهكة فى تركيا عبر النزول إلى أرض الواقع في مدينة حيوية كإسطنبول[25].
وبالنسبة لتحالف الشعب، فهناك سيناريوهان: الأول- يرجح بقاءه، طالما أنه لم يخسر أيا من الاستحقاقات، وإن كان هناك عدم رضا عن نسب الفوز، الثاني- يرجح عدم استمراره، وذلك انطلاقًا من أنه لم يحقق كل المرجو منه، بل إنه حُمل الخسائر، فإن أهم ما وجهه رئيس وزراء تركيا الأسبق، أحمد داود أوغلو، من انتقادات لحزب العدالة والتنمية الإلقاء باللوم في أداء الحزب الضعيف في الانتخابات المحلية الأخيرة على التحالف مع القوميين؛ نظرًا للافتقار إلى التناسق الأيديولوجي[26].
أما مدى قوة أو ضعف أي من التحالفات عامة في المستقبل فتتوقف على: قوة كل من الأحزاب المكونة لها وقدرتها على حل مشكلاتها الداخلية، ومدى نجاح كل تحالف في تنسيق المواقف السياسية بين أحزابه، والتعامل مع إشكالية الهوية الأيديولوجية التي تنعكس في جدل حول هوية تركيا ككل.

– التطور الفكري لحزب العدالة والتنمية (تطور الخطاب): تطورت المنظومة الفكرية التي تحكم العدالة والتنمية وتبدلت بشكل مستمر تحت وطأة المتغيرات الداخلية والخارجية. ذلك ما انعكس في خطاب قياداته وخاصة أردوغان، حيث البدء من خطاب الحزب «ديمقراطي محافظ» في فترة التأسيس والتأكيد على فكرة الديمقراطية والحريات واعتبار نفسه نموذجًا للمنطقة، إلى خطاب الأمة الذي يجمع تركيا مع محيطها بالتوازي مع ثورات العالم العربي في 2011، إلى خطاب أهمية وأولوية الوطني والمحلي الذي يصبغ سياسات الحزب في السنوات القليلة الماضية (باستثناء التفاعل مع الوضع السوري لحساسيته للأمن القومي التركي)، في ظل تعقد الأوضاع الإقليمية المحيطة بتركيا، وفي هذا السياق كان التحالف مع حزب الحركة القومية.
لكن الأهم من كل هذا، وما يمثل مكمن خطورة، هو الانتقال من التركيز على ما هو إنساني وجامع إلى تصاعد نبرة التهديد والتخوين في خطاب أردوغان تجاه الآخر، بينما توجيه الاتهامات والحكم فيها، صادقة كانت أم كاذبة، محلها ساحات القضاء. حتى إن داوود أوغلو أسند تراجع الثقة بالحزب وخطابه إلى الابتعاد عن لغة التواضع واستبدالها بلغة متكبرة أنانية، وإلى سيادة خطاب بصبغة دولتية وأمنية قائم على هواجس البقاء المطلقة بدلًا مما وصفه بخطاب الحزب السياسي الواثق بنفسه ومستقبله، والذي يركِّز على الإنسان ويقوم على حقوق الإنسان والحرية والإصلاح الشامل[27].
وبشأن المستقبل، فإن المشهد التركي بحاجة من مختلف الأطراف إلى خطاب أقل حدة واستقطابًا، خطابٍ لا يثير مخاوف أي من مكونات الشعب التركي تجاه الآخر؛ بمعنى أن يكون خطابا استيعابيا، ومن سيتمكن من صوغ مثل هذا الخطاب بمقدوره أن يفوز بجانب أساسي من ثقة الناخب التركي.

– توجهات الناخبين: على المستوى العام فإن الانتخابات المحلية أثبتت أنه رغم العديد من المتغيرات مازال جانب كبير من الأتراك هم ناخبون لهم توجهات أيديولوجية، ونادراً ما يُغيّر الناخب صاحب الأيديولوجية حزبَه السياسي. على سبيل المثال، فإن حزب العدالة والتنمية حصل بسهولة على نسبة مرتفعة من الأصوات في مدن مثل أرضروم وقونية وغازي عنتاب، على الرغم من أن تلك المدن تشعر بأثر سلبي كبير للركود في البلاد. كما أن حزب الشعب الجمهوري هو أيضاً له الكثير من الناخبين الموالين في مدن مثل إزمير وأدرنة[28].
وتُظهر نتائج الانتخابات المحلية أيضاً أنه من غير المرجح الآن إلى حد بعيد توقع تغييرات جذرية على نطاق أوسع في سلوك الناخبين من دون إحداث تغيير في شكل الخريطة الحزبية كظهور حزب جديد مؤثر، لاسيما إن كان من المعارضين لأردوغان من المنتمين للعدالة والتنمية، وفي هذه الحالة سيشكل تهديدًا حقيقيًا لشعبيته[29].

لكن ما سبق لا يعني الثبات المطلق، فلا شك أن هناك كتلاً متأرجحة تتأثر بمدى نجاح أو فشل السياسات (وفي اسطنبول خير مثال)؛ إذ يتحدث داوود أوغلو في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة: أننا حتى مع “تحالف الشعب”، ينحصر نشاطنا السياسي في وسط الأناضول والبحر الأسود مبتعدين عن الأجزاء الساحلية.. ويضيف: هذا التراجع في الدعم على المستوى الجغرافي والاجتماعي، سيتحول إلى فجوة سياسية إذا لم تعالج أسبابه؛ سواء من حيث الخطاب أو الأفعال، خاصة ما يتصل بما أدى إلى حدوث ضيق كبير في شبكة الاندماج والعلاقات الاجتماعية التي كانت تضع حزب العدالة والتنمية في المرتبة الأولى. ومن ثم في المقابل يرى أوغلو أن العامل الأكثر أهمية لوقف هذا التراجع هو وجود منظمة مندمجة مع النسيج الاجتماعي الذي توجد فيه ومستعدة للعب دور ديناميكي في المراحل الحساسة[30].

2- الحراك الخدمي:

وهنا نجد أننا بصدد ثلاثة مستويات فيما يتصل بمستقبل الأداء الخدمي:
المستوى الأول- الأداء الخدمي بشكل عام: تتحكم الانتخابات المحلية في مستقبل الأحزاب وتأثيرها شعبيًّا، وفرصها في الوصول إلى السلطة لاحقًا؛ لأنها الانتخابات الأقرب للمواطن التركي والأكثر احتكاكًا به من خلال السياسات الخدمية[31]. ومن المعروف أن اسم أردوغان قد أصبح مألوفًا للمرة الأولى عام 1994 عندما انتُخِب رئيسًا لبلدية إسطنبول، المنصب الذي كان بمثابة نقطة انطلاقه إلى منصبي رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية، على خلفية ما أنجز في تطوير المدينة وتحسين مستوى الخدمات بها بشكل فارق[32].
وعلى هذا الأساس طلب أردوغان من رئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم التنحي من منصبه كرئيس للبرلمان بهدف الترشح لمنصب رئيس بلدية إسطنبول، حيث خلال ولايته السابقة كوزير للمواصلات، اكتسب يلدريم شهرة واسعة كباني الطرق السريعة والجسور وخطوط المترو[33]. وإن كان البعض اعتبر أن يلدرم أخفق حين ركز حملته الانتخابية على تطوير البنية التحتية لإسطنبول استنادًا إلى خبرته وتاريخه المشهود في هذا المجال بتركيا، في حين صبّ إمام أوغلو اهتمامه على ملفات أكثر تلامسا مع احتياجات الشارع الآنية، كقضايا التعليم والمساعدات الاجتماعية والغذاء والغلاء، وهذا كان ملمحًا أساسيًا لخطاب المعارضة في هذه الانتخابات بشكل عام[34].
فبالنسبة لحزب الشعب الجمهوري المعارض، فقد كان تركيزه على مدينتي أنقرة وإسطنبول وتعهد بالفوز في الانتخابات المحلية في كل منهما، والعمل على “تغيير وجهي المدينتين إلى الأبد خلال خمس سنوات”، وقد صرح زعيم الحزب كمال كيليجدار أوغلو: “سننجز عملية التحول الحضري في إسطنبول في أقصر وقت وفقًا للاحتياجات العلمية، وستكون مدينة مليئة بالمساحات الخضراء، وكذلك المدارس والمستشفيات المقاومة للزلازل”، مشددًا على أن المدينة التي كانت عاصمة لثلاث حضارات رئيسية، “تستحق حماية أفضل لمبانيها التاريخية من زحف المباني الشاهقة غير المنظمة في السنوات القليلة الماضية”[35].
وإن مثل تلك التعهدات في مجال الخدمات والسياسات العامة، ثم مدى الالتزام بها، تلعب دورًا أساسيًا في مستقبل الأحزاب السياسية، خاصة في الخبرة التركية. وبالتالي، فبعد أن تمكن تحالف الأمة بالفعل من الفوز بأنقرة وإسطنبول، هل سيتمكن التحالف من الخروج من أسر سبب نشأته (إضعاف العدالة والتنمية انتخابيًا) إلى رحاب السياسات العامة، هل سيتجاوز مجرد فكرة إزاحة أردوغان من السلطة[36]؟ هل لديه الرؤى والأدوات؟
وهذا بدوره يقود التساؤل: إلى أي مدى ستتمكن المعارضة من إدارة سياساتها مع السلطات الرسمية خاصة في المدن الكبرى؟ بمعنى هل سيتاح لها المعلومات اللازمة عن تلك البلديات؟ هل ستوفر لها الموارد ومصادر التمويل الكافية؟ أم ستجد حالة من التماهي بين البلديات والسلطات الرسمية والحزب الحاكم؟ هذا ما ستقوله التجربة العملية.
وقد صرح إمام أوغلو أكثر من مرة “نريد أن نبدأ بالعمل على خدمة الشعب في أقرب وقت ممكن. نريد أن نتعاون مع جميع المؤسسات في تركيا لنتمكن سريعًا من سدّ احتياجات اسطنبول[37]، فهل سيتمكن من إنجاز هذا التعاون؟

المستوى الثاني- اللاجئين السوريين: لم يتناغم العدالة والتنمية مع المعارضة في خطابها المتحفظ تجاه الوجود السوري بتركيا، لكنه تجاوب معها في جعل السوريين مادة انتخابية إلى جانب المواد الرئيسية[38]. حيث إنه خلال الانتخابات المحلية الأخيرة، وصل الأمر مستوى غير مسبوق من التركيز على تلك المسألة؛ فقد بنت مثلاً مرشحة الحزب الجيد -القومي المتحالف مع الشعب الجمهوري- لمنطقة الفاتح في إسطنبول دعايتها الانتخابية على شعار “لن أسلّم الفاتح للسوريين”، وقد تفاعل “العدالة والتنمية” في هذه المساحة عبر بعض التغريدات والمواقف لمرشحه في إسطنبول بن علي يلدريم تُحيل إلى عدم التهاون مع السوريين “إن أخطؤوا أو تجاوزوا”[39].
وبعيداً عن التهوين أو التهويل، فإن آثار هذه التغيرات التي أفرزتها الانتخابات على اللاجئين السوريين الذين باتوا يؤثرون ويتأثرون في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تركيا يمكن تناولها كالآتي:
فعلى المدى القصير، لا تمتلك البلديات في تركيا صلاحيات تتعلق بالسياسات العامة التي تحكم مبدأ التواجد السوري في تركيا؛ فالأمر مرتبط بشكل كامل بسياسات الرئيس وحكومته والبرلمان وهي الهيئات التي لن تشهد تغييرًا حتى 2023. وبالتالي؛ فإن كل ما يتعلق بالسياسات المرتبطة بمنح الإقامات وأوراق اللجوء والتنقل بين المحافظات وملف التجنيس والأمن وغيرها لا تمتلك البلديات سلطة تغييرها. وإلى جانب ذلك، يرتبط الجزء الأهم من الخدمات المقدمة للاجئين السوريين بوزارتي التعليم والصحة وبتمويل مباشر من منحة الاتحاد الأوروبي التي يتم من خلالها دفع الرواتب الشهرية المحدودة للاجئين الأشد فقراً من خلال الهلال الأحمر التركي.
لكن يبقى للبلديات صلاحيات مباشرة في جوانب تتعلق ببعض المساعدات والخدمات الحياتية التي ما زالت تقدم لجانب من اللاجئين من خلالها بشكل مباشر، بالإضافة إلى الصلاحيات الأهم المرتبطة بتنظيم الأسواق والأنشطة التجارية والمحلات والمطاعم والتراخيص وربما اتخاذ قرارات تتعلق بلغة الكتابة على اللوحات التجارية والجمعيات ويمكن أن يمتد الأمر لمحاولة التدخل في تنظيم الهيئات الصحية والتعليمية الخاصة. وبشكل عام يتوقع أن يكون المتضرر الأكبر من السوريين من أصحاب المطاعم والمشاريع التجارية الصغيرة، كونها سوف تسعى بلا شك لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لإرضاء ناخبيها[40].
وفي هذا النطاق الضيق بالفعل هناك من المعارضة من حاول تطبيق تهديداتها، فرئيس بلدية “بولو” الجديد، تانجو أوزجان، أصدر تصريحات عنصرية وقطع المساعدات عن اللاجئين السوريين بالمدينة تنفيذًا لوعده في الحملة الانتخابية، وكردّ فعل على ذلك رفعت مؤسسات مجتمع مدني تركية شكوى قضائية بحقه[41].
وفيما يخص البلديات الحدودية التي يكثر فيها وجود السوريين، مثل عنتاب وأورفة فاز فيها حزب العدالة والتنمية، بينما بلدية هاتاي فقط فاز فيها حزب الشعب الجمهوري، وهذا يعني أن الوضع هناك سيستمر على ما هو عليه[42].

ولكن الأهم ما يتعلق بالآثار المتوسطة وبعيدة المدى، فحتى وقت قريب، لم يكن يعتبر ملف اللاجئين السورين ورقة خاسرة في يد أردوغان، حيث استثمرها من خلال التأكيد على أصالة المجتمع التركي وخطاب “المهاجرين والأنصار” وغير ذلك، ولكن في هذه الجولة الانتخابية، وصل أردوغان إلى خلاصات مختلفة، حيث الشارع التركي الذي وجد ضالته فيما يخص تقييم أسباب الأزمة الاقتصادية في اللاجئين[43].
وبالتالي يكون أمام أردوغان مسارين: الأول ينصب على إعادة تنظيم مناطق تواجدهم وأسواقهم وسكناتهم، والثاني يتعلق بتمهيد الطريق أمام إعادة شريحة أخرى منهم إلى الأراضي السورية[44].

المستوى الثالث- الأكراد: فقد شكّلت العملية القضائية التي طالت قيادات في حزب الشعوب الديمقراطي، بما في ذلك عزل رؤساء بلديات سابقين في مناطق الشرق إثر محاكماتهم بتهمة دعم الإرهاب وتعيين وزارة الداخلية “أوصياء” على هذه البلديات محلهم، شكّلت تحدياً مهماً في هذه الانتخابات المحلية لاستجلاء ردة فعل الشارع “الكردي” على كل ذلك.
وما حدث أن في هذه انتخابات أثبت “الصوت الكردي” حضوره، ولكن بشكلَيْن مختلفَيْن، أحدهما بقرار الحزب والثاني في الاتجاه المعاكس. ففي المدن الكبرى، خصوصاً أنقرة وإسطنبول، ذهبت معظم أصوات أنصار حزب الشعوب الديمقراطي لصالح مرشحي الشعب الجمهوري والمعارضة لضمان عدم فوز مرشحي العدالة والتنمية وتحالف الشعب (حيث كما سبق الذكر حدث تنسيق غير معلن)[45].
لكن لا يبدو أن كتلة الشعوب الديمقراطي التصويتية في مناطق الشرق والجنوب الشرقي قد التزمت بتوجهاته كما في السابق، بل تبدو وكأنها عاقبته من خلال الصناديق، بدليل خسارته لثلاث بلديات، شرناق –أحد معاقله الرئيسة– وبيتليس لصالح العدالة والتنمية وتونجلي لصالح الحزب الشيوعي التركي[46].
وهو ما يعكس التالي: أولاً- انزعاج طيف مهم من الأكراد من سياسات حزب الشعوب الديمقراطي التي بدت أسيرة للعمال الكردستاني، والتي أفقدتهم مكاسب كبيرة حصلوا عليها عبر حزمات الإصلاح المتتالية والعملية السياسية السابقة. ثانيًا- حرية الاختيار التي حظي بها أهالي تلك المناطق بعد رفع قبضة العمال الكردستاني عنهم، وهو الذي كان يضغط عليهم بقوة السلاح في كثير من المناسبات الانتخابية السابقة. ثالثًا- الأداء الجيد والمرضي عنه لمعظم “الأوصياء” على بلديات تلك المناطق وما قدموه لها من خدمات [47].

ثانيًا- السياسات الخارجية:

رغم أننا بصدد انتخابات محلية، إلا أنه ثمة تأثيرات متوقعة على الصعيد الخارجي وإن لم تكن بالطبع بعمق التأثير داخليًا، ويمكن تناولها بشكل موجز في الآتي:

1- الملف السوري:
على ضوء ما سبق تناوله من تنامي الجدل حول أوضاع اللاجئين، نجد أننا أمام احتمالين: الأول- يمكن أن يضطر أردوغان لإبداء ليونة أكبر اتجاه مطالب روسيا والنظام السوري للتوصل إلى تفاهمات تضمن سلامة وحرية وظروف عودة اللاجئين لمناطق معينة شمالي سوريا عقب تأهيلها، والثاني- على جانب مقابل قد يكون اللجوء إلى الخيار العسكري مجدداً كما جرى في درع الفرات وغصن الزيتون من أجل إقامة مناطق آمنة وتشجيع الراغبين بالعودة إلى أراضيهم ومناطق سكنهم الأصلية[48]، خاصة في ضوء تصريح أردوغان في أول مؤتمر انتخابي في إسطنبول: “أول ما سنفعله بعد الانتخابات هو أن نحل مسألة سوريا في الميدان إن أمكن وليس على الطاولة”[49]. هذا تحدده التطورات الإقليمية والدولية المتواترة سريعًا.

2- العلاقات الأمريكية-التركية:
هناك العديد من الأمور العالقة بين الجانبين التي كانت في انتظار انتهاء الانتخابات، وقد صرح مسؤول في الإدارة الأمريكية: “نحن ننتظر الانتهاء من الانتخابات؛ لأن هناك الكثير من الأمور التي يجب مناقشتها”[50]. على سبيل المثال، ما يتعلق بصفقة منظومة إس 400 الروسية، حيث تهديد واشنطن لأنقرة بسبب الصفقة[51]. وبالفعل أعطت واشنطن أنقرة مهلة حتى نهاية يوليو المقبل للتخلي عن صفقة إس-400، بل إنه حتى خلال المهلة أعلن البنتاغون في يونيو 2019 إيقاف تدريب الطيارين الأتراك في قاعدة جوية أمريكية بولاية أريزونا، ومواصلة العمل لإنهاء المشاركة التركية كليا في برنامج مقاتلات إف-35 ما لم تغير أنقرة من سياستها[52].
من المسائل الشائكة أيضًا أنه خلال حملتها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، تعاونت واشنطن مع «وحدات حماية الشعب» -الجناح السوري الكردي لـ«حزب العمال الكردستاني»- الذي يشكّل العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية». وقد أثارت هذه الشراكة استياء أنقرة، خاصةً في ضوء التقارير التي تفيد أن نحو 30 ألف عنصر من أفراد ميليشيا «وحدات حماية الشعب» تلقوا عتادًا من المعدات المعيارية لحلف “الناتو” وتدريبًا عسكريًّا أمريكيًّا. وينظر أردوغان إلى الانتخابات المحلية باعتبارها اختباراً لمدى تأييد الشعب للمقاربة التي ينتهجها إزاء هذه القضايا[53]، لكن لا شك أن استمرار تحالفه مع حزب الحركة القومية هو أيضًا عامل مؤثر في المسائل المتصلة بالأكراد؛ حيث يدفعه لانتهاج سياسات أكثر تشددًا.

3-الموقف الغربي من الحالة الديمقراطية في تركيا:
طالما وجه الغرب خلال السنوات القليلة الماضية انتقادات للحالة الديمقراطية التركية، لاسيما إثر توسع أردوغان في الاعتقالات والتضييق على حرية الرأي والصحافة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. وكان قرار إعادة الانتخابات في اسطنبول محورًا مهمًا في تلك المرحلة مع الغرب بشكل عام، حيث تعرض القرار لانتقادات من العديد من العواصم الغربية، فقد انتقد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، قرار اللجنة العليا للانتخابات التركية بإعادة الانتخابات المحلية في مدينة اسطنبول ووصفه بـ”غير الشفاف وغير المفهوم”[54].
أيضًا حثت واشنطن أنقرة على إجراء التصويت في إسطنبول بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، داعية إلى إجراء “انتخابات حرة ونزيهة”. وفي المقابل رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتقادات الدولية بشأن القرار المثير للجدل بإعادة الانتخابات، وقال أردوغان “إن شاء الله، لن ينحني شعبنا لهذه التهديدات، للغة الضغط هذه”[55].
فهل سيستمر أردوغان على نهجه هذا (سواء من حيث الخطاب أو الممارسات) الذي من شأنه استعداء الغرب المتربص به أصلا وبما يؤدي إلى تقييد السياسة الخارجية التركية؟ أم إنه سيتبع سياسات تظهر احترامه لسيادة القانون أيًا كانت المبررات، وذلك حماية للديمقراطية قبل أي اعتبار آخر على النحو الذي أبدته نتائج خسارة حزبه في إسطنبول؟

4-العلاقات مع أوراسيا:
ومن شأن تحقيق «حزب العدالة والتنمية» و«حزب الحركة القومية» الفوز في هذه الانتخابات أن يعزز أيضًا مقاربة “إقامة علاقات مع دول أوراسيا”، لاسيما في إطار السعي إلى توطيد العلاقات مع روسيا والصين وإيران من دون الخروج من حلف “الناتو”، وسط توقعات بأن يوافق جميع هؤلاء الخصوم على علاقات تركيا غير التمييزية (إن استطاعت أنقرة تحقيق ذلك)[56].

ثالثًا- السياسات الاقتصادية:

الانتخابات الحاليّة ربما تكون رسالة واضحة لأردوغان بأن يعيد الاقتصاد مرة أخرى للصدارة في قائمة أولوياته، خاصة أن الطفرة الاقتصادية التي شهدها عهده كانت من أهم الأسباب التي جعلته يحتفظ بالحكم حتى الآن[57].
لقد بلغ معدل التضخم 25 في المائة خلال أكتوبر 2018، مسجلاً أعلى مستوى له منذ 15 عاماً. ولوقف هذا الاتجاه السائد، لجأ أردوغان إلى أساليب غير تقليدية، شملت كبح الأسعار. وربما يكون الاقتصاد السبب الرئيس لخسارة تحالف الشعب أنقرة والاحتمال يبقى قائمًا في اسطنبول؛ وذلك باعتبارهما من المدن الكبرى فقد عانى سكان المدينتين على الأرجح من تداعيات التراجع الاقتصادي وهو ما انعكس في الانتخابات[58]. خاصة أنه قد دخل الاقتصاد التركي رسمياً مرحلة ركود خلال مارس 2019، ما يعني أنه لم يسجل نمواً خلال فصلين متتاليين[59].
وإدراكًا لذلك تعهد إردوغان بالتركيز على قيادته للاقتصاد التركي قبل الانتخابات العامة التي من المزمع إجراؤها عام 2023[60]. وعن إستراتيجيته خلال المرحلة المقبلة صرح: “أولويتنا خلال الفترة الممتدة للعام 2023 هي تعزيز الاقتصاد ومواصلة النمو مع التركيز على التكنولوجيا والتصدير وزيادة فرص العمل”[61].
وربما تكون الفرصة متاحة؛ نظرًا لحالة البيات الانتخابي حتى عام 2023، وهي انعكاسات استقرار ستعطي مؤشرات إيجابية مهمة بالنسبة للاقتصاد وخاصة الاستثمار الأجنبي[62]. وعليه، يجب اتخاذ عدة إجراءات:
-فحتى إذا اعتبرنا أن “أزمة الليرة” كانت مفتعلة بأياد خارجية[63]، فهنا من المطلوب اتباع سياسات وقائية تدعم الاقتصاد التركي، وتحمي العملة التركية.
-تجاوز السياسات التسكينية المؤقتة، ومن هذه السياسات ما قامت به الحكومة التركية من اعتماد الائتمان الرخيص كجزء أساسي من حملة الانتخابات المحلية، الأمر الذي يدفع البنوك إلى تحمل المزيد من المخاطر في اقتصاد يتأرجح بالفعل.
حيث حثت إدارة أردوغان، البنوك الحكومية على تقديم قروض رخيصة إلى الصناعات المختلفة ومساعدة المستهلكين في سداد متأخرات بطاقاتهم الائتمانية أو التمتع بأسعار فائدة أقل من السوقية فيما يخص الرهن العقاري؛ وذلك بهدف أن تدفع هذه الخطوات البنوك اﻷخرى لاتباع نفس نهج البنوك الحكومية، لكن تبقى هذه التدابير مجرد إجراءات تجميلية تتجاهل المشكلة الفعلية[64].
-علمًا بأن هناك عددًا من الأمور الإيجابية يمكن البناء عليها مستقبلا مثل: دخول مطار استانبول الجديد حيز الخدمة رسميا في أبريل 2019؛ حيث يسهم الانتقال الكامل من مطار أتاتورك، وفق تقديرات معينة، في دفع عجلة الاقتصاد التركي وزيادة نمو الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 4.9% بحلول 2025[65].
وتبقى المعضلة الأكبر أنه سيحين موعد سداد دين خارجي بقيمة 180 مليار دولار، بما يساوي ربع الناتج الاقتصادي التركي؛ ولذلك يسود اعتقاد في واشنطن وعواصم استثمار أوروبية، بأن هذا الهدف لن يتحقق دون تدخل، على شكل قرض، من جانب صندوق النقد الدولي، أو البنك الدولي[66].

الخاتمة:

لقد أجريت الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا في وقت بدت اختبارا لشعبية الرئيس التركي وحزبه الحاكم والأهم نظامه الرئاسي الجديد، خصوصا أنها أجريت على وقع أزمة اقتصادية من أبرز ملامحها تراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، فضلا عن ارتفاع حدة الاستقطاب السياسي منذ مرحلة التعديلات الدستورية، وما شهدته الانتخابات المحلية من خطابات استخدمت فيها لغة التخوين خاصة من قبل أردوغان ضد خصومه، الأمر الذي يدفع البعض إلى اعتبار نتيجة تلك الانتخابات “عقابية” للحزب الحاكم.
ولا يعني ما سبق أن المعارضة التركية قد طورت رؤية واضحة أو خطابًا أكثر نضجًا في المقابل، إلا أنه دومًا ما يُحمَّل الطرف الحاكم المسئولية الأكبر. والخلاصة أن جميع أطراف المشهد التركي الآن بحاجة إلى إعادة بناء المشروع؛ سواء على صعيد الرؤية أو استراتيجيات التنفيذ، أو الخطاب، ذلك في إطار تكوين جماعة وطنية تستوعب الانتماءات الحزبية ولا تقف عندها؛ وهو أمر من الممكن أن يتحقق تحت مظلة دعوة أحمد داوود أوغلو قادة الرأي والمفكرين، في بيانه، إلى الوقوف معًا من أجل صناعة مستقبل قائم على الإرادة والعقل والضمير المشترك[67]… ذلك انطلاقًا من رؤيته أن البلدان التي تحدد رؤية تتفق مع طبيعة اللحظة التاريخية، من خلال نهج متماسك يتجاوز التوترات الداخلية، ستكتسب قوة تحدد مستقبلها لعقود أو حتى لقرون قادمة، بينما البلدان التي تستهلك طاقاتها في توترات داخلية مفرغة، ستمثل فيما بعد الفئات السلبية في مسيرة التاريخ[68]، خاصة ما يتصل بالمسائل التالية:
– التواصل مع جيل الشباب على نحو أفضل، لاسيما أن حزب العدالة والتنمية على سبيل المثال يعاني أزمة مع جيل الشباب الذي لم يعاصر حالة البلاد قبل وصوله إلى الحكم؛ وهو جيل متقلب المزاج سريع الحكم مختلف المتطلبات عن الأجيال السابقة[69].
– هناك حاجة لمزيد من التعديلات الإدارية الحكومية؛ لتكون أكثر ملاءمة للنظام الرئاسي؛ بمعنى ألا تقع الدولة التركية أسيرة المركزية المعرقلة؛ سواء على المستويات المالية أو القانونية، فعلى سبيل المثال وجهت العديد من الانتقادات إلى القرار الرئاسي رقم 17 لعام 2018 الذي ربط جميع ميزانيات البلديات بخطة الموازنة العامة للدولة[70].
– تقديم رؤى وإجابات واضحة بشأن الحريات بمختلف مستوياتها، فعلى الأطراف كافة في ظل الحال الملتبس للحريات في تركيا الآن التوافق حول مفهوم الحريات وقوانينها المنظمة والمسارات القضائية المرتبطة بها، وكان قد دعا أوغلو في بيانه إلى إزالة القوانين التي تحدّ من حرية التعبير، بالإضافة إلى منح الصحافة حرية النقد والتفكير، وطالب بعدم التضييق على الصحافيين والأكاديميين والسياسيين.
– تبني حلول إنفاذية للاتصاد التركي، شريطة أن تأتي بعيدة عن تأثيرات الاستقطابات السياسية.

الهوامش:

(*) باحثة بمركز الحضارة للدراسات والبحوث.

[1]- أردوغان يواجه احتمال الخسارة في مدن كبرى مع بدء الانتخابات المحلية التركية، 31 مارس 2019:
http://aletejahtv.com/etejah-press/archives/294209
[2]- انتخابات تركيا تختبر ثقتها بأردوغان، 1 أبريل 2019: http://cutt.us/HVx52
[3]- الانتخابات البلدية التركية.. منافسة محلية بنكهة سياسية، 29 مارس 2019:
http://cutt.us/SxDlc
[4]- عبد الرحمن طه، المحلية التركية 2019: هل تكون بداية لسياسة تركية جديدة؟، 29 مارس 2019:
https://www.ida2at.com/turkish-local-elections-2019-is-beginning-new-turkish-policy
[5]- تطورات حاسمة تحدد نتيجة الانتخابات المحلية في تركيا، 27 فبراير 2019: http://cutt.us/PwcJC
[6]- سعيد الحاج، الفائزون والخاسرون في الانتخابات البلدية التركية 2019، 1 أبريل 2019: https://www.ida2at.com/winners-losers-turkish-local-elections/
– قناة الجزيرة، 23 يونيو 2019: https://www.youtube.com/watch?v=4sj1CjKeqME
[7]- سعيد الحاج، الفائزون والخاسرون في الانتخابات البلدية التركية 2019، المرجع السابق.
[8]- المرجع السابق.
[9]- الانتخابات المحلية في تركيا: فوز المعارضة في أنقرة وحزب ارودغان يطعن في نتائج إسطنبول، 1 أبريل 2019:
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-47769388
[10]- الجزيرة: لماذا خسِر “العدالة والتنمية” بقيادة “أردوغان” بلدية إسطنبول الكبرى؟، 3 أبريل 2019:
https://www.turkpress.co/node/59624
[11]- انتخابات اسطنبول: خسارة مرشح حزب العدالة والتنمية في إعادة انتخابات البلدية، 24 يونيو 2019:
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-48739290
[12]- باهتشة لي يدعو الأكراد للتصويت لصالح “تحالف الشعب”، 24 مارس 2019: https://www.turkeyalaan.net/2019/03
[13]- انتخابات اسطنبول: خسارة مرشح حزب العدالة والتنمية في إعادة انتخابات البلدية، مرجع سابق.
[14]- أردوغان يواجه احتمال الخسارة في مدن كبرى مع بدء الانتخابات المحلية التركية، مرجع سابق.
[15]- الانتخابات المحلية في تركيا: فوز المعارضة في أنقرة وحزب ارودغان يطعن في نتائج إسطنبول، مرجع سابق.
[16]-سعيد الحاج، تركيا: تداعيات قانون الأحزاب على الحزب الحاكم والمعارضة، 2 مارس 2019:
https://www.ida2at.com/turkey-implications-parties-law-ruling-party- opposition/
[17]- محلل تركي: المعارضة ستُطالب بانتخابات مبكّرة إذا فازت بالبلديات الكبرى، 30 مارس 2019:
https://www.turkpress.co/node/59466
[18]- نتائج الانتخابات المحلية.. “إنذارٌ” لحزبِ “العدالة والتنمية” بقيادة أردوغان؟، 12 أبريل 2019:
https://www.turkpress.co/node/59971
[19]- محلل تركي: المعارضة ستُطالب بانتخابات مبكّرة إذا فازت بالبلديات الكبرى، مرجع سابق.
[20]- النص الكامل لرسالة داوود أوغلو التي هزت المجتمع السياسي التركي، 23 أبريل 2019: http://cutt.us/i4yn6
[21]- عبد الرحمن طه، المحلية التركية 2019: هل تكون بداية لسياسة تركية جديدة؟، مرجع سابق.
[22]- المرجع السابق.
[23]- “الشعب الجمهوري” وحدود فوزه في الانتخابات، 2 أبريل 2019: https://www.turkpress.co/node/59969
[24]- فوز المعارضة بكبرى المدن.. هل يُغيّر قواعد اللعبة السياسية في تركيا؟، 1 أبريل 2019:
https://www.turkpress.co/node/59531
[25]- CNN: انتخابات اسطنبول تمثل تحول فى هيمنة أردوغان على تركيا، 24 يونيو 2019: http://cutt.us/qw4lp
[26]- داود أوغلو يوجه انتقادات غير مسبوقة لحزب أردوغان، 22 أبريل 2019: http://cutt.us/i4yn6
[27]- النص الكامل لرسالة داوود أوغلو التي هزت المجتمع السياسي التركي، مرجع سابق.
[28]- فوكمان باجيك، تراجع لإسلام السياسي في صراع الأيديولوجيات التركية، 5 أبريل 2019: http://cutt.us/b72Qc
[29]- المرجع السابق.
[30]- النص الكامل لرسالة داوود أوغلو، مرجع سابق.
[31]- الانتخابات البلدية التركية.. منافسة محلية بنكهة سياسية، مرجع سابق.
[32]- مراد يتكين سونر چاغاپتاي، لماذا توجد أهمية للانتخابات المحلية في تركيا؟، 20 مارس 2019:
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/why-turkeys-local-elections-matter
[33]- المرجع السابق.
[34]- الجزيرة: لماذا خسِر “العدالة والتنمية” بقيادة “أردوغان” بلدية إسطنبول الكبرى؟، مرجع سابق.
[35]- محمود سمير الرنتيسي، الانتخابات البلدية التركية: التنافس على تغيير أوجه المدن:
https://www.noonpost.com/content/25566
[36]- التحالف الانتخابي للمعارضة في تركيا يحكم على نفسه بالفشل: https://rouyaturkiyyah.com/research-articles-and-commentaries/481
[37] -هزيمة حزب إردوغان في أنقرة واسطنبول في الانتخابات البلدية، 1أبريل 2019:
https://www.afp.com/ar/news/3962/doc-1fa2uv2
[38] – ماذا خسر السوريون في الانتخابات البلدية التركية؟، 18 أبريل 2019: https://nedaa-sy.com/articles/46
[39] – المرجع السابق.
[40]- كيف ستؤثر نتائج الانتخابات المحلية التركية على السوريين؟، 2 أبريل 2019:
https://www.raqqapost.com/34936/2019/04/0
[41]- شكوى قضائية ضد رئيس بلدية تركية معارض قطَع المساعدات عن السوريين، 18 أبريل 2019: http://cutt.us/l0Htk
[42]- كيف ستؤثر نتائج الانتخابات المحلية التركية على السوريين؟، مرجع سابق.
[43]- هل ستؤثر نتائج الانتخابات المحلية في تركيا على اللاجئين السوريين ؟ 3 أبريل 2019:
http://newturkpost.com/Details/44250
[44]- المرجع السابق.
[45]- سعيد الحاج، رسائل الصوت “الكردي” في الانتخابات المحلية التركية، عربي 21، 13 أبريل 2019: https://bit.ly/2Uhb3YQ
[46]- قراءة عامة في نتائج الانتخابات المحلية التركية وأسبابها، 3 أبريل 2019: http://cutt.us/OeAlV
[47]- سعيد الحاج، رسائل الصوت “الكردي” في الانتخابات المحلية التركية، مرجع سابق.
[48]- هل ستؤثر نتائج الانتخابات المحلية في تركيا على اللاجئين السوريين ؟ مرجع سابق.
[49]- أردوغان يكشف عن أول ما سيفعله بعد الانتخابات المحلية.. ما علاقة سوريا؟، 30 مارس 2019:
[50]- https://www.eremnews.com/news/world/1749693
[51]- محمود سمير الرنتيسي، تفاعلات العلاقة التركية الأميركية بعد قرار الانسحاب من سوريا، 24 مارس 2019: http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2019/03/190324061215399.html
[52]- أنقرة وواشنطن.. تصاعد التوتر بسبب اس-400، 11 يونيو 2019:
http://cutt.us/FmW26
[53]- مراد يتكين سونر چاغاپتاي، لماذا توجد أهمية للانتخابات المحلية في تركيا؟، مرجع سابق.
[54]- ألمانيا تعلق علي قرار إعادة انتخابات بلدية اسطنبول، الإطلاع بتاريخ 24 يونيو 2019: http://cutt.us/JkgJP
[55] -أردوغان يرفض الانتقادات الغربية بشأن إعادة انتخابات إسطنبول، 12 مايو 2019: http://cutt.us/03×67
[56] -مراد يتكين سونر چاغاپتاي، لماذا توجد أهمية للانتخابات المحلية في تركيا؟، مرجع سابق.
[57]- عماد عنان، الانتخابات البلدية التركية: الديمقراطية الفائز الأكبر، 2 أبريل 2019:
https://www.noonpost.com/content/27208
[58]- أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، يرفعون أعلاما في أنقرة بعد صدور نتائج الانتخابات البلدية، 1 أبريل 2019: الان https://www.afp.com/ar/news/3962/doc-1fa2uv2
[59]- مراد يتكين سونر چاغاپتاي، لماذا توجد أهمية للانتخابات المحلية في تركيا؟، مرجع سابق.
[60]- الانتخابات المحلية في تركيا: فوز المعارضة في أنقرة وحزب ارودغان يطعن في نتائج إسطنبول، مرجع سابق.
[61]- عماد عنان، الانتخابات البلدية التركية: الديمقراطية الفائز الأكبر، مرجع سابق.
[62]- الانتخابات المحلية في تركيا.. تحالفات متجددة وتنافس على البلديات الكبرى، 3 يناير 2019: http://cutt.us/jprJt
[63]- مراد يتكين سونر چاغاپتاي، لماذا توجد أهمية للانتخابات المحلية في تركيا؟، مرجع سابق.
[64]- تركيا تلجأ إلى الائتمان الرخيص في الترويج للانتخابات المحلية، 2 مارس 2019:

تركيا تلجأ إلى الائتمان الرخيص في الترويج للانتخابات المحلية


[65]- محمود عثمان، هل تنعكس انتخابات تركيا المحلية سلبا على اقتصادها؟، 31 مارس 2019: http://cutt.us/BAhne
[66]- تطورات حاسمة تحدد نتيجة الانتخابات المحلية في تركيا، مرجع سابق.
[67]- أوغلو وأردوغان.. هل حانت المواجهة؟، 23 أبريل 2019: http://cutt.us/54WMx
[68]- النص الكامل لرسالة داود أوغلو التي هزت المجتمع السياسي التركي، مرجع سابق.
[69]- الانتخابات البلدية التركية: الديمقراطية الفائز الأكبر، مرجع سابق.
[69]- محمد عبد الهادي، انتخابات محلية تحت وصاية رئاسية، مجلة الديمقراطية، العدد 74، أبريل 2019، ص200.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى