التطبيع والمقاومة عبر مئة عام من وعد بلفور

مقدمة

“يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميز المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع”.
معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل

مثَّلت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تحوُّلًا ونقطة فاصلة في مسار العلاقات بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي الصهيوني الغاصب، من مرحلة المقاومة إلى مرحلة الاعتراف بوجوده واقعيًّا وقانونيًّا، وأدَّتْ إلى إقامة علاقات “طبيعية” معه ندًّا لند، بل في كثير من الأحيان كان الكيان الإسرائيلي هو الطرف الأعلى المحدِّد لقواعد تلك العلاقات.
والتطبيع –لغةً- يعني العودة إلى وضع أو ظرف عادي وطبيعي، فيقال: طبَّع العلاقاتِ بين البلدين؛ أي جعلها طبيعيَّة عاديَّة. كما يعني التطبيع في اللغة التطويع والتعويد أو التعوُّد والانقياد، فطبَّعه على كذا يعني عوَّده إياه، يقال طبَّع المُهْرَ: علَّمَه الانقياد والمطاوعة. ويشير التطبيع في اللغة أيضا إلى تشكيل شيء ما على صورة معيَّنة إيجابًا أو سلبًا؛ فطبَّع القُماشَ بالألوان يعني: بالغ في رسمه والنَّقش عليه، وطبَّعه: دنَّسه(1). ومن ثمَّ فالتطبيع في اللغة العربية يعني عودة أمر إلى طبيعته أو إلى المعتاد فيه، أو تشكيله وفق صورة معينة تصبح هي الطبيعية والمعتادة بالنسبة لهذا الأمر أو الشيء.
وتشير المعاجم اللغوية إلى أن كلمة “تطبيع” تشير في المجال السياسي إلى قرار إعادة العلاقات بين دولتين بعد فترة من قطعها. فمصطلح التطبيع يعني إقامة علاقات طبيعية وعادية بين دولتين أو أكثر، خاصَّة بعد انقطاعها لفترة أو وجود توتُّر بها أو رفض قيامها من أحد الأطراف. أو هو “جعل العلاقات بين دولة الاحتلال وأية دولة أو مؤسسة “طبيعية”، أي لا بأس بالزيارات المتبادلة والتعاون التجاري والتنسيق بين البلدين… إلخ”(2).
ويُستخدَم مصطلح التطبيع في إطار الصراع العربي-الإسرائيلي للإشارة إلى إقامة بعض النظم الحاكمة علاقات (طبيعية) مع الكيان الإسرائيلي رغم احتلاله لفلسطين واعتدائه على حقوق أهلها، بل وانتهاكه سيادة بعض تلك الدول أحيانًا.
فالتطبيع مع إسرائيل يعني “قيام هذه الدول أو مؤسَّساتها أو أشخاصها بتنفيذ مشاريع تعاونية ومبادلات تجارية واقتصادية، في غياب استتباب السلام العادل، وذلك إخلالًا بالموقف السياسي التاريخي لتلك الدول والقائل بأن مقاطعة الدول العربية لإسرائيل يجب أن تستمر حتى يتحقَّق ذلك السلام العادل، بل وكوسيلة ضغط لتحقيقه، والتطبيع في هذه الحالة أصبح يعني ليس فقط السماح بتطوير علاقات طبيعية بين المعتدِي والمعتدَى عليه في غياب العدالة، أي في وضع غير طبيعي، بل والسماح أيضا بالأضرار في تلك الأداة التي هي إحدى أدوات تحقيق تلك العدالة المنشودة”(3). فهو لا يقتصر على إقامة علاقات رسمية وغير رسمية في المجالات المختلفة (سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وعسكرية) مع الكيان الصهيوني، بل هو اعتراف ضمني وتسليم للكيان الصهيوني بحقِّه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية.
ويحاول هذا التقرير تتبع مسار عملية التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي عبر مئة عام من بعد إعلان “وعد بلفور”؛ مجالات التطبيع وأدواته، مساراته ومبرراته وما مَرَّتْ به من تطوُّر، ومسارات المقاومة الشعبية للتطبيع وأهم أدواتها.

أولًا- مواقف الدول العربية من وعد بلفور وقيام (دولة إسرائيل)

بالطبع لم تتم عملية التطبيع في خطوة واحدة مباشرة، بل جاءت تدريجية مرحلية، وفق طبيعة وسياق كل مرحلة من طبيعة النظم الحاكمة، ومدى وعي الشعوب بالقضية ودفاعهم عنها، وتوازنات القوى الداخلية والإقليمية والدولية، فضلا عن مدى شدة وطأة الاحتلال الإسرائيلي التي خَفَّ الشعور بها مع مرور الزمن وزاد حال التعوُّد عليها والتلاعب بعملية الوعي بها.
وقد كانت المنطقة العربية وقت إعلان وعد بلفور جزءًا من الخلافة العثمانية حينئذ والتي كانت في فترة ضعف وتراجع، وشهدت صراعات داخلية بين العرب والأتراك، ومحاولات العرب الاستقلال عن الدولة العثمانية بقيادة الشريف حسين، التي دفعتهم لدعم بريطانيا في الحرب العالمية الأولى في مواجهة تركيا؛ حيث انخدع العرب بوعود بريطانيا بدعمهم لتأسيس خلافة مستقلَّة.
وإن كان وعد بلفور قد مثَّل إعلانًا للدعم الأوروبي لإقامة دولة إسرائيلية على أرض فلسطين، إلا أنه لم يقترن حين صدوره بصيغة قانونية أو تنفيذية لتفعيله على أرض الواقع، وإنما كان ذا صيغة فضفاضة تتضمَّن وعدًا ببذل الجهد لتيسير “تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين” كما ورد بنصِّ رسالة وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية.
لذلك لم يكن للعرب رد فعل قوي عند إعلان الوعد ونشره، فقد أبدو اعتراضًا ورفضًا لذلك الوعد؛ غير أن بريطانيا تمكَّنت من امتصاص ذلك الغضب بإقناع الشريف حسين والعرب المؤيِّدين له بأن “الحكومة البريطانية لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بقدر ما يتَّفق مع مصلحة السكان العرب، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية”(4)، وأن ذلك لن يتعارض مع الوعود البريطانية لهم بتأسيس دولة مستقلة. وهو ما لم يتحقق، وثبت أنه كان تكتيكًا مؤقتًا لخداع العرب؛ تلاه تقسيم المنطقة العربية بين الدول الاستعمارية وفق اتفاقية “سايكس-بيكو” ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وتنفيذ الوعد البريطاني لليهود بإقامة وطن لهم على أرضها بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب، ووقوع كثير من الدول العربية تحت الاحتلال الأجنبي، الأمر الذي حال دون اتِّخاذ أيٍّ من الدول العربية خطوة فاعلة إزاء الهجرات اليهودية صوب فلسطين، حتى تمَّ إعلان قيام “دولة إسرائيل” عام 1948م عقب إقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ثم قبول عضوية إسرائيل، وهو ما رفضته الدول العربية وجامعة الدول العربية وشنت حملة عسكرية على إسرائيل فيما يعرف بحرب 1948م.
تلا ذلك سلسلة من الحروب بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي (مدعومًا من القوى الكبرى في النظام الدولي)، تلقت فيها الدول العربية هزائم متتالية، خسرت على إثرها أجزاء من أراضيها، وكشفت عن اختلال ميزان القوى لصالح إسرائيل نتيجة ضعف القوة العسكرية للدول العربية وتبنِّيها استراتيجية دفاعية وليست هجومية إزاء إسرائيل، فضلا عن عدم توحُّد الدول العربية وتقديم كل منها مصالحها “الوطنية” على المصالح العربية المشتركة(5). الأمر الذي رأى بعده بعض قادة الدول العربية أن يتبنوا خيارًا مغايرًا في علاقتهم بالكيان المحتل بديلا للمقاومة أو الحرب؛ وهو خيار التفاوض وما أسموه بـ”السلام”. ومن ثم بدأت مسيرة التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي عام 1979م بتوقيع الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات “معاهدة السلام” مع إسرائيل، استجابة للمطالب الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة.

ثانيًا- مجالات التطبيع

كانت بداية التطبيع سياسية، ارتبطت بالسيادة على الأرض وسلطات الدولة المختلفة في التعاملات وبناء العلاقات الدولية، الأمر الذي يسبقه -بالطبع- اعتراف بالوجود. غير أن السياسة كانت مدخلًا للتطبيع في مجالات أخرى أوسع تتشابك مع السياسي وتدعمه، فامتدَّ تطبيع الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي عبر العقود الماضية للمجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها، وفيما يلي محاولة لإلقاء الضوء على التطبيع في تلك المجالات.
أ) التطبيع السياسي:
كانت مصر أول دولة عربية تعترف بدولة إسرائيل رسميًّا بموجب معاهدة السلام الموقَّعة عام 1977م، وقد تضمَّنت المعاهدة نصًّا صريحًا في أكثر من موضع على كونها أساسًا لتطبيع العلاقات بين مصر والكيان الإسرائيلي، ومنطلَقًا ومسعى للتطبيع مع الدول العربية الأخرى؛ حيث ورد في مقدمة المعاهدة “أن الإطار المشار إليه إنما قُصد به أن يكون أساسًا للسلام ليس بين مصر وإسرائيل فحسب، بل أيضًا بين إسرائيل وأيٍّ من جيرانها العرب -كل في ما يخصُّه- ممَّن يكون على استعداد للتفاوض من أجل السلام معها على هذا الأساس”، “وإذ تدعوان الأطراف العربية الأخرى في النزاع إلى الاشتراك في عملية السلام مع إسرائيل على أساس مبادئ إطار السلام المشار إليها آنفًا واسترشادًا بها، وإذ ترغبان أيضًا في إنماء العلاقات الودية والتعاون بينهما”.
وتقوم عملية التطبيع وفق المعاهدة على الاعتراف المتبادل بسيادة كلٍّ من الدولتيْن على الأراضي الخاضعة لكل منهما، وأن “يقر الطرفان ويحترم كل منهما سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي”، ومن ثم اعتراف مصر بسيادة إسرائيل على أراضي فلسطين المحتلة باعتبارها دولة مستقلة. ويترتَّب على ذلك إقامة علاقات ثنائية بين الدولتيْن في المجالات المختلفة وعدم وضع أيِّ قيود تعرقل تلك العلاقات؛ حيث “يتَّفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميِّز المفروضة ضدَّ حرية انتقال الأفراد والسلع”.
ولم تتوقَّف المعاهدة عند حدِّ التأسيس لإقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل، بل منحت إسرائيل مزايا نسبية تيسِّر لها الوجود في المنطقة العربية، مثل السماح للسُّفن الإسرائيلية بالمرور عبر قناة السويس، وأن “يعتبر الطرفان أن مضيق تيران وخليج العقبة من الممرَّات المائية الدولية المفتوحة لكافَّة الدول دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي”.
وعلى الرغم من رفض معظم الدول العربية المعاهدة، ومقاطعة مصر وتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية بعد توقيع المعاهدة وحتى عام 1989م، إلا أنها كانت فاتحةً لمسيرة التطبيع العربي مع إسرائيل والاتجاه نحو مسار التفاوض المسبوق بالاعتراف بها والمتبوع بإقامة علاقات متنوعة معها، ادِّعاءً بأن ذلك سبيل للحصول على الحقوق المغتصَبَة. فكانت الخطوة التالية عام 1993م، بتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية “اتفاقية أوسلو”، لتكون أول اتفاقية رسمية مباشرة بينها وبين إسرائيل. نصَّت الاتفاقية على أن تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية “الإرهاب والعنف” (المقاومة المسلحة)، وأن تلتزم بحق إسرائيل في العيش في سلام وأمن. كما نصَّتْ على أن تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثِّل الشرعي للشعب الفلسطيني مقابل اعتراف المنظمة بدولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين، أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وقطاع غزة(6).
وفي العام التالي، وقَّعت الأردن معاهدة “وادي عربة” مع الكيان الإسرائيلي، لتصبح الأردن ثالث جهة عربية تطبِّع علاقاتها مع إسرائيل. ونصَّت الاتفاقية على أن يعترف الطرفان بسيادة كل منهما وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، وبحق كل منهما بالعيش بسلام ضمن حدود آمنة. فضلا عن تنمية علاقات حسن الجوار والتعاون بينهما لضمان أمن دائم، والامتناع عن التهديد بالقوة وعن استعمالها، وحل كل النزاعات بينهما بالوسائل السلمية. وتنصُّ الاتفاقية على التطبيع الكامل بين الدولتين؛ بما يشمل إقامة علاقات دبلوماسية وقنصلية كاملة وتبادل السفراء بين البلدين، وإعطاء تأشيرات زيارة للسياح، وفتح خطوط جوية، وعدم استخدام دعاية جارحة في حق الدولة الأخرى، كما نصَّت على توزيع مياه نهر الأردن وأحواض وادي عربة الجوفية “بشكل عادل” بين البلدين، وإعطاء ثلاثة أرباع نهر اليرموك للأردن(7).
وقد وصلنا اليوم إلى اعتراف ثلاث دول عربية بالكيان الإسرائيلي باعتباره دولة مستقلة وإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفارات بينها وبين إسرائيل، وهي: مصر والأردن وموريتانيا. وهناك بعض الدول الأخرى اعترفت بإسرائيل وأقامت معها علاقات دبلوماسية ثم قطعتها في فترة لاحقة، ولكنها مازالت تعترف بجوازات السفر الإسرائيلية وتقيم علاقات معها في مجالات أخرى وهي: المغرب، وتونس، وقطر، في حين ترفض مجموعة من الدول العربية وجود أية علاقة بإسرائيل على المستوى الرسمي (باستثناء المفاوضات برعاية أجنبية)، وهي: سوريا، العراق، لبنان، اليمن، الجزائر، ليبيا، والسودان. أما باقي الدول العربية فتتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية أو غير مباشرة(8)؛ حيث تتعاون كثير من الدول العربية مع إسرائيل وتقيم معها علاقات سياسية واقتصادية وأمنية سرًّا، سواء بشكل مباشر أو من خلال وسيط أو طرف ثالث(9). الأمر الذي لم يكن مستغربًا معه الدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل على المستوى الجماعي وليس فقط على مستوى كل دولة على حدة؛ حيث اقترحت الجامعة العربية عام 2002 تطبيع العلاقات مع إسرائيل من جانب الدول العربية كجزء من حلِّ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في إطار مبادرة السلام العربية، وما تلا ذلك من تزايد الخطابات العربية (رسمية وغير رسمية) التي تحمل دعوة للتطبيع مع إسرائيل، ولا ترى في ذلك أمرًا أو توجُّهًا معيبًا أو أن فيه تناقضًا مع تبنِّي القضية الفلسطينية، أو تتجاوز ذلك لترى أن الدفاع عن القضية الفلسطينية أصبح شعارًا يُساء استغلاله.
فهناك العديد من التقارير تشير إلى وجود علاقات واتصالات سريَّة بين دول الخليج وإسرائيل على مدار العقود الماضية؛ منطلقها وجود مصالح مشتركة بين الطرفين على رأسها حل القضية الفلسطينية، ومن ناحية أخرى، وجود عدو مشترك، تراه تلك الدول العربية أشد خطرًا عليها من خطر الصهيونية، يتمثَّل في “إيران”، ثم أضيف إليه “الإرهاب” مؤخرًا.
في هذا الإطار، أشارت برقية دبلوماسية سريَّة تعود لعام 2009م إلى أن هناك علاقات دبلوماسية سرية مكثَّفة بين إسرائيل ودول الخليج، وتبادل معلومات استخبارية خطيرة خاصَّة بشأن إيران، ونسبت تقارير أخرى إلى مستشار الشرق الأوسط السابق في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد ميلر القول بأن كل الدول العربية كانت لها قنوات دبلوماسية مع إسرائيل حتى عام 1996م باستثناء العراق(10).
كما تمَّت لقاءات عدَّة بين قيادات خليجية وأخرى إسرائيلية، تناولت التحديات المشتركة بين الطرفين؛ منها لقاءات مع مسؤولين سعوديين أبرزهم أنور عشقي -اللواء السابق في القوات المسلحة السعودية ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية- الذي صرَّح أكثر من مرة بإمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل في حال قبولها بالمبادرة العربية التي طرحتها المملكة السعودية لحلِّ القضية الفلسطينية عام 2002م، وأن الباب مفتوح بعد ذلك للتعاون بين الطرفين “بحسب المصالح المشتركة”(11). بل تردَّدَتْ شائعات مؤخرًا حول زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإسرائيل ولقائه بكبار المسؤولين الإسرائيليِّين(12)، في ظلِّ تحليلات تشير إلى توجُّه سلمان ونجله لتجاوز سرية العلاقات مع إسرائيل نحو علاقات معلنة وتعاون يخدم المصالح المتبادلة بينهما(13).
وفي هذا الإطار، تأتي اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي رتَّبت تنازل مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير للسعودية جزءًا من هذا التحوُّل في العلاقات السعودية-الإسرائيلية؛ حيث تستفيد إسرائيل من تحوُّل مضيق تيران إلى ممرٍّ دولي، ممَّا ييسِّر لها حركة الملاحة، وتستفيد السعودية –في المقابل- بالحصول على تعاون إسرائيلي في إدارة مضيق باب المندب وخليج عدن لقطع إمدادات إيران عن الحوثيِّين، وفق ما أشارت إليه بعض التقارير(14).
وبالمثل نقلت بعضُ التقارير أنباء عن لقاءات وزيارات متبادلة بين مسؤولين إماراتيِّين وإسرائيليِّين، تضمَّنت حوارًا حول إمكانيات تطبيع العلاقات مع إسرائيل ونقلها إلى إطار العلنية والتعاون المشترك حال حدوث تقدُّم في التفاوض بشأن القضية الفلسطينية، ومن ناحية أخرى، إمكانيات التعاون المشترك لمواجهة الخطر الإيراني(15).
في هذا الإطار، يتصاعد مسار تطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل على المستوى الرسمي تدريجيًّا في السنوات الأخيرة، خاصَّة ما بعد الثورات العربية وما شهدتْه من هزيمة جزئيَّة بتقدُّم الثورات المضادَّة التي أعادَتْ للصدارة أنصارَ التبعيَّة للغرب؛ حيث باتت خطابات التطبيع تُلْقَى علنًا دون خجل أو خوف، ليس تبريرًا لعملية التطبيع فحسب، بل تعديدًا لمزاياها وأهميتها للمصالح العربية!!
وقد شهدنا ذلك –على سبيل المثال- في تصريحات وزير الاستثمار السوداني مبارك المهدي، الذي دعا علنًا إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، ورأى أنه لا مانع لذلك ولا ضرر منه. وإن لم يكن ذلك التصريح الأول من نوعه من مسؤولين سودانيِّين في الدعوة للتطبيع مع إسرائيل، فإنه الأكثر جرأة وتجاوزًا، في دولة ترفض إقامة علاقات رسمية مع الكيان الإسرائيلي وترى في ذلك خذلانًا للقضية الفلسطينية، معتبرًا أن “القضية الفلسطينية أخَّرت العالم العربي كثيرًا، وبعض الأنظمة العربية استغلَّتها ذريعة وتاجَرَتْ بها”. وإن كانت التحليلات تشير إلى تزايد توجُّه سياسيِّين سودانيِّين نحو مسار التطبيع أملًا في تخفيف العقوبات المفروضة على السودان، وأن هذا يلقى ترحيبًا من الغرب وإسرائيل، خاصَّة بعد قطع السودان علاقاتها مع إيران(16).
وتجاوز الأمر مجرَّد التصريحات الداعية للتطبيع إلى التنسيق لاتخاذ خطوة أكثر تقدُّمًا في عملية التطبيع العربي مع إسرائيل، بدا ذلك في لقاء عبد الفتاح السيسي بنتنياهو على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا (سبتمبر 2017)، الذي تردَّدَ أنه لقاء تمهيدي لعقد “قمة سلام” جديدة تجمع كلا من مصر والسلطة الفلسطينية والأردن والسعودية مع الكيان الإسرائيلي، برعاية أمريكية، تستهدف “المصالحة الفلسطينية أولًا، ثم “تسوية” الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ثانيًا، وهذا بالتوازي مع التطبيع الكامل والعلني ما بين دول عربية وإسرائيل”(17).
وهذا ما دعمه الخطاب الرسمي للسيسي أمام الجمعية العامة، التي تحدَّث بلسان النُّظم العربية معبِّرًا عن استعدادها اتِّخاذ المزيد من الخطوات في مسار التطبيع اقتداءً بالتجربة المصرية في هذا الصدد؛ حيث قال: “يهمنى أن أؤكد هنا أن يدَ العرب ما زالت ممدودةً بالسلام، وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن وأنه يعد هدفًا واقعيًّا يجب علينا جميعًا مواصلة السعى بجديَّة لتحقيقه”. ثم وجَّه خطابًا مباشرًا وصريحًا إلى الشعب الفلسطيني يدعوه فيه إلى القبول بالأمر الواقع –الذي اعتبره “فرصة” ينبغي حسن استغلالها- والتراجع عن المقاومة بدعوى “قبول العيش مع الإسرائيليِّين في أمان وسلام، وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع”. مؤكدًا –في تعهُّد “للشعب الإسرائيلي”- ضرورة حفظ “أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنبًا إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي [لعله يقصد الفلسطيني]”، قائلا: “اطمئنوا نحن معكم جميعًا من أجل إنجاح هذه الخطوة، وهذه فرصة قد لا تتكرَّر مرة أخرى”، وهي بحق فرصة تاريخية، ولكن للكيان الصهيوني وليس للفلسطينيِّين أو العرب، أن يتلقَّى عرضًا معلنًا بتطبيع الدول العربية معه، وتصدِّيها لحفظ أمن الكيان المحتل من مقاومة أصحاب الأرض المغتصَبة ودفعهم للقبول بالأمر الواقع(18).
ب) التطبيع الاقتصادي:
أسَّسَ الاعترافُ السياسي العربي وإقامةُ علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل لتطبيعٍ وتعاونٍ أوسع بين بعض الدول العربية والكيان الإسرائيلي، ومن أهم المجالات التي تمَّ فيها التطبيع المجال الاقتصادي. وهو ما أسَّسَتْ له الاتفاقيات الموقَّعة بين دول عربية وبين إسرائيل؛ فقد نصَّت اتفاقية “كامب ديفيد” على أن “يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميِّز المفروضة ضدَّ حرية انتقال الأفراد والسلع”. كما نصَّت اتفاقية “وادي عربة” على أن “الطرفين -في ضوء أوجه التفاهم التي تمَّ التوصُّل إليها- يؤكِّدان على رغبتيْهما المتبادلتيْن في ترويج التعاون الاقتصادي ليس بينهما وحسب بل ضمن الإطار الأوسع للتعاون الاقتصادي الإقليمي كذلك. ولتحقيق هذا الهدف يتَّفق الطرفان على إزالة كافَّة أوجُه التَّمييز التي تُعتبر حواجز ضدَّ تحقيق علاقات اقتصادية طبيعية، وإنهاء المقاطعات الاقتصادية الموجَّهة ضدَّ الطرف الآخر، والتعاون في مجال إنهاء المقاطعات الاقتصادية المقامة ضدَّ أحدِهما من قبل أطراف ثالثة”، كما تضمَّنت مواد أخرى تعلَّقت بحريَّة الملاحة والتنقُّل ونقل البضائع.
ثم ترسَّخت العلاقات الاقتصادية بين الكيان الإسرائيلي وأكثر من دولة عربية، ليَثْبُتَ أن التطبيع لم يكن بهدف حلِّ القضية الفلسطينية فحسب، وإنما كان سعيًا لتحقيق مصالح خاصة للنُّظم الحاكمة(19). فقد بدأت قطر علاقات اقتصادية مع إسرائيل من خلال افتتاح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة عام 1996م، وهو العام نفسه الذي فتحت فيه إسرائيل مكتبًا للتمثيل التجاري أيضًا في سلطنة عمان، وإن كان كلاهما قد أغلق بعد ذلك نتيجة تزايد العدوان الإسرائيلي على فلسطين(20). كما أشارت بعض التقارير إلى وجود مباحثات واتصالات سعودية بالكيان الإسرائيلي بهدف إقامة علاقات اقتصادية متبادلة بينهما، تبدأ في مجال الطيران والسماح بتحليق الطائرات الإسرائيلية في المجال الجوي السعودي، كما تشمل تعاونًا في مجال الاستثمار وغيرها(21). وبيَّنت إحصاءات صادرة عن المركز الإسرائيلي للإحصاء أن المغرب يعتبر على الصعيد القاري “سابع زبون أفريقي لإسرائيل” بنحو 60 مليون دولار خلال 2013 مقابل 17 مليون دولار فقط خلال 2012(22).
وقد مَثَّلَ اتفاق تصدير الغاز الطبيعي من مصر إلى إسرائيل أحد محاولات ترسيخ عملية التطبيع على أرض الواقع، ولكنها كانت خطوة أثارت كثيرًا من الجدل والرفض الشعبي، مما دفع إلى توقُّفها بعد ثورة 25 يناير. غير أن هذا المجال للتطبيع الاقتصادي لم يتوقَّفْ؛ حيث يستمر الآن في الاتجاه العكسي، بتوقيع اتفاقية تصدير إسرائيل الغاز الطبيعي للأردن مؤخَّرًا، في ظلِّ ادعاءات حكومية بأن تلك الخطوة لا تمثِّل دعمًا للكيان الإسرائيلي ولا تتعارض مع الدفاع عن القضية الفلسطينية(23). وثمة حديث عن اتفاقية مشابهة بالنسبة لمصر. وبالمثل كانت اتفاقيات “الكويز” خطوة أخرى نحو تحقيق التطبيع الكامل من خلال المجال الاقتصادي، بفرض وجود إسرائيل طرفًا في التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول العربية والولايات المتحدة(24).
وإجمالًا، تشير بعض الإحصاءات إلى وصول قيمة التبادل التجاري بين الدول العربية وإسرائيل، المعلن منها والسرِّي، حوالي 450 مليون دولار سنويًّا في عام 2010م، بما يمثل حوالي 8-9% من إجمالي التجارة العربية مع دول العالم سنويًّا(25).
ج) التطبيع الأمني:
لم تتوقَّفْ أوجُهُ التطبيع العربي الرسمي مع الكيان الإسرائيلي عند حدِّ إقامة علاقات متبادلة بينهما تتجاوز المعاهدات والاتفاقات السياسية، بل انتقلت إلى التعامل مع الكيان الإسرائيلي باعتباره حليفًا تجمعه بالدول العربية مصالح مشتركة ينبغي التعاون في الدفاع عنها، ومن ثم رأت بعض النظم العربية أهمية التنسيق الأمني مع العدو الحضاري والاستراتيجي الأول للعرب في المنطقة ضد أطراف أخرى هي –بالتأكيد- أقرب للعرب من الصهاينة.
ولم تتوان إسرائيل عن الحرص على التأسيس لذلك التنسيق الأمني في ما أبْرَمَتْه من معاهدات مع دول عربية؛ فنصَّتْ اتفاقية “وادي عربة” -على سبيل المثال- على أن يمتنع طرفا الاتفاقية عن “الدخول في أي ائتلاف أو تنظيم أو حلف ذي صفة عسكرية أو أمنية مع طرف ثالث أو مساعدته بأي طريقة من الطرق أو الترويج له أو التعاون معه إذا كانت أهدافه أو نشاطاته تتضمَّن شَنَّ العدوان أو أية أعمال أخرى من العداء العسكري ضدَّ الطرف الآخر، بما يتناقض مع مواد هذه المعاهدة”. وأن الطرفين “سيتعاونان في مكافحة الإرهاب بكلِّ أشكاله. ويتعهَّد الطرفان باتِّخاذ إجراءات ضرورية وفعَّالة لمنع أعمال الإرهاب والتخريب والعنف من أن تُشَنَّ من أراضيهما أو من خلال أراضيهما، وباتِّخاذ إجراءات ضرورية وفعَّالة لمكافحة هذه النشاطات ومرتكبيها”.
ويظهر هذا التنسيق في مسار تسوية القضية الفلسطينية، وموقف النُّظم العربية من المقاومة الفلسطينية، الذي وصل حَدَّ إعلان الكيان الإسرائيلي أن نصب البوابات الإلكترونية عند مداخل المسجد الأقصى مؤخرًا قد تم بتنسيق مع نظم عربية وإسلامية(26). وهو ما تدعمه جهود دونالد ترامب لتدعيم وتوسعة مسار التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي بما يساند مخطَّطَاته لتسوية القضية الفلسطينية في مواجهة الفلسطينيين(27).
وقد تجسَّد التنسيق الأمني العربي-الإسرائيلي بدرجة أكبر بعد الثورات العربية وتقدُّم الثورات المضادَّة عليها؛ حيث زاد التواجد العسكري الإسرائيلي في بعض المناطق الحدودية للدول العربية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة خشية انطلاق أعمال مقاومة منها ضدَّ إسرائيل، أو ما وصفته نظم الثورات المضادة وإسرائيل بالإرهاب(28).
وكما سبقت الإشارة، تُشير كثيرٌ من التحليلات نحو اتِّجاه دول الخليج مؤخَّرًا إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بهدف التنسيق معه لمواجهة النُّفوذ الإيراني باعتباره خطرًا مشتركًا يهدِّد كِلا الطرفين، الأمر الذي قد يصل إلى القيام بعمل عسكري مشترك إذا اقتضى الأمر وفق ما تذكر بعض التحليلات(29).
د) التطبيع الثقافي:
أخطر وجوه التطبيع هو التطبيع الثقافي؛ حيث يستهدف الانتقال من التطبيع مع العدو الصهيوني من مستوى النُّظم الحاكمة إلى مستوى النُّخب والشعوب، حتى يعتاد الناسُ التعاملَ مع الكيان الإسرائيلي بغضِّ النَّظر عن كونه عدوًّا معتديًا مغتصبًا للأرض والحق.
ويتمُّ التطبيع الثقافي من خلال التنقُّل المتبادل للأفراد من الطرفين عبر الحدود وزيارة الأماكن التاريخية والسياحية، والمشاركة المتبادلة في أنشطة اجتماعية وثقافية وعلمية وغيرها كما يحدث مع أيِّ دولة. وهو ما حاولت النُّظم العربية تحقيقَه ودعمَه من خلال المعاهدات والاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، ولكنه ظلَّ لفترة طويلة مقتصرًا على النُّظم والنُّخب المحيطة بها والداعمة لها، غير أنه بعد فترة لم يعد محلَّ مقاومة شعبيَّة واضحة، خاصَّة مع تزايد سُبُلِ القمع التي تستخدمها النُّظم العربية الاستبدادية في مواجهة أيِّ حراك شعبي واسع وبالأخصِّ بعد انتكاس الثورات العربية.
فقد أسَّسَ الكيان الصهيوني مركزًا بحثيًّا أكاديميًّا في مصر عام 1980 -كما يروي شمعون شامير الباحث الصهيوني وسفير الكيان الصهيوني لدى مصر والأردن في كتاب له- بهدف تدعيم علاقات التَّطبيع بين مصر وإسرائيل، وقد كان محلَّ تجاوب وتعاون بعض المثقفين المصريِّين، ثم رتَّبَ بعدها لزيارة وفد أكاديمي مصري للكيان الإسرائيلي في نفس عام تأسيسِه. لكنَّ التعاون الأكاديمي الصهيوني المصري ظلَّ تعاونًا فرديًّا كما يقول مؤلِّف ذلك الكتاب، وسيظلُّ الموقف المصري الجمعيُّ رافضًا للسلام ولتقبُّل فكرة “إسرائيل”. وفي ربيع عام 1982م كانت إحدى مشاريع التطبيع الناجحة التي أشرف عليها المركز الأكاديمي، حيث شاركت بعثة من 180 موسيقيًّا مصريًّا في مهرجان الربيع في تل أبيب، كما عُقدت مسابقات شطرنج مشتركة والعديد من المشروعات البحثية.
وقد عمِل المركز آنذاك على إنشاء مكتبة من قسمين، القسم الأول يحوي كتبًا عن مصر وهي لخدمة الباحث الصهيوني، أما القسم الثاني فهو حول دولة الاحتلال وتاريخها واليهود وديانتهم، وهي بالأساس للباحثين المصريِّين. غير أن مشاريع المركز الأكاديمي لاقت معارضة مصرية على صعيد الشارع بشكل دائم، حيث كانت تعلو أحيانًا وتخفت أحيانًا وفي شتى محطات الصراع كان الصوت يعلو كما في اجتياح لبنان والانتفاضة الأولى وغيرها؛ حيث فشل المركز في اختراق الأكاديميا المصرية والتعاون أو التشارك مع أيِّ جامعة، ولم يتمَّ بناء أي مشروع أكاديمي مشترك، وفشل في جذب المصريِّين للحصول على منح للدراسة في الكيان الصهيوني، كما روى مؤسِّس ذلك المركز(30).
وبعد مرور عقود، طالب الرئيس محمود عباس العرب خلال القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد 2012م بزيارة القدس بدعوى دعم صمود أهلها. في حين يرى كثيرون أن زيارة العرب والمسلمين للقدس تَصُبُّ في مصلحة الكيان الإسرائيلي وليس في مصلحة فلسطين والفلسطينيِّين؛ حيث تخدم وتدعم السياحة في الكيان الإسرائيلي، فضلا عن كونها اعترافًا به، وأنها تُسهم في كسر العزلة السياسية العالمية والعربية عن الاحتلال الإسرائيلي، وتُحسِّن صورتَه أمام العالم وتثبت الادِّعاءات الإسرائيلية بعدم منع العرب والمسلمين من دخول المسجد الأقصى والأماكن المقدسة(31).
ويلعب الإعلام دورًا مهمًّا -ولو بغير عمد- في تيسير مهمَّة التطبيع المجتمعي، من خلال استضافة شخصيات إسرائيلية حتى مع وضعها في محلِّ اتِّهام، حيث تقوم هذه الشخصيات باستغلال فرصة ظهورها لطرح رؤى تخالف الواقع وتناقض الحقيقة في محاولة لإقناع عموم الناس بها أو تخفيف حِدَّة جرائم الاحتلال وإيجاد مبررات ولو جزئية لها على أقل تقدير، وبالإضافة إلى “التَّحايل على الـمُشاهد وتلقينه حقائق مشوَّهة تخدمُ المشروع الاستعماري الصهيوني وتخدم الأهداف العسكرية الحربية، فإنَّ مشاركة شخصيَّات سياسية أو عسكرية في مقابلات لقنوات عربية لهو مؤشر على قبول دولة العدو في المنطقة، والتعامل معها بشكل طبيعي”(32).

­­ثالثًا- المقاومة الشعبية والمجتمعية للتطبيع

ما زالت مسارات التطبيع ومساعيه حتى الآن مصدرها النُّظم الرسمية الحاكمة أو النخب المرتبطة بها والتي تدور في فلكها في غالب الأمر. وفي المقابل فإن الشعوب العربية ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتسعى لمواجهته ومحاربة أشكاله المختلفة، مستخدمة أدوات وسُبُلا عِدَّة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي والفكري والأكاديمي أو غيرها.
غير أنه من المهم الإشارة إلى أنه لا يتم تسليط الضوء على جهود مقاومة التطبيع في الدول والمجتمعات العربية، ويتمُّ تجهيل تلك الجهود وعدم الإعلان عنها، بما يحجب التعرُّف على ما تقوم به من جهود وما تحقِّقه من إنجازات، ممَّا يحول دون توسعة تلك الجهود وزرع الوعي لدى الشعوب العربية بأهميَّة هذه الجهود في مقاومة التطبيع، والإيمان بجدواها وفاعليتها التي يمكن أن تزيد إذا تمَّ التنسيق بينها.
رغم ذلك، يمكن رصد بعض مظاهر مقاومة التطبيع في مجالات مختلفة، فعلى المستوى السياسي تتأسَّس جمعيات ومؤسَّسات في دول مختلفة لمقاومة ورفض التطبيع، تنظِّم تظاهرات شعبية أو تسعى لطرح أو دعم قوانين لمناهضة التطبيع أو غير ذلك؛ منها -على سبيل المثال- مجموعة “العمل الوطنية من أجل فلسطين” المغربية التي دعت إلى التعجيل بإصدار قانون تجريم التطبيع ومقاطعة “إسرائيل” ومنع أي شكل من أشكال التطبيع(33)، و”المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع إسرائيل” الذي أسَّسَه عدد من النشطاء المغاربة عام 2013، لـ”فضح المطبِّعين مع الكيان الصهيوني”، والعمل على إعداد مشروع قانون لمواجهة التطبيع لعرضه على البرلمان(34). كما أعلن عدد من أعضاء المجلس التأسيسي في تونس عن إنشاء منظمة “برلمانيون من أجل القدس” لحشد الدعم الرسمي والقانوني للقضية الفلسطينية وتجريم التطبيع(35).
ومن أمثلة مقاومة التطبيع على المستوى الأكاديمي والثقافي، صدور موسوعة “التطبيع والمطبعون: العلاقات المصرية-الإسرائيلية (1979 – 2011)” في 2014، التي ترصد تفاصيل تطبيع النُّظم المتتالية في مصر مع الكيان الإسرائيلي في المجالات المختلفة حتى قيام ثورة 25 يناير 2011، وذلك في ستة أبواب رئيسية تتناول مظاهر التطبيع في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والدينية، فضلا عن رصد بعض مظاهر التطبيع بعد ثورة 25 يناير، وتهدف -كما أكَّد مؤلِّفها- إلى الحفاظ على ذاكرة الصراع مع العدو الإسرائيلي حية من خلال إبراز الأضرار والمخاطر التي تعرضت لها مصر بسبب هذا التطبيع في كافة المجالات، وإبراز عمليات المقاومة المختلفة ضد هذا التطبيع(36).
وأصدر اتحاد الناشرين العرب خلال عام 2017 بيانًا يحذِّر فيه أعضاءه من التعامل مع الكيان الإسرائيلى، خاصَّة بعد العدوان الغاشم الذي قام به على المسجد الأقصى وفلسطين(37).
وفي مجال الفن، طالب “الاتحاد العام التونسي للشغل” ومنظمات مناهِضة للصهيونية وزارة الثقافة التونسية بإلغاء عرض ممثل يهودي تونسي فرنسي مناصر للصهيونية وللاحتلال الإسرائيلي بأحد المهرجانات الدولية(38). وبالمثل حظرت كلٌّ من لبنان وتونس مؤخَّرًا عرض أحد الأفلام الأمريكية بسبب مشاركة ممثلة إسرائيلية فيه، خدمت في الجيش الإسرائيلي عامين(39).
نموذج (حركة مقاطعة إسرائيل BDS)(40): من النماذج الأكثر تأثيرًا وانتشارًا لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيون “حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها” (BDS)، وهي -كما تُعَرِّف نفسَها على موقعها الرسمي- “حركة فلسطينية المنشأ، عالمية الامتداد، تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولًا إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشَّتات”.
وللحركة امتداد عالمي؛ حيث تحظى بدعم من قبل اتحادات ونقابات وأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الدولي وحركات شعبية وغيرها من الجهات التي تمثل ملايين من الأعضاء عبر كافَّة قارَّات العالم، كما تؤيِّدها شخصيات مؤثِّرة في الرأي العام. وقد نجحت الحركة في تحقيق هدف محاربة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من خلال التأثير في جهات عدَّة على مستوى العالم، سواء دول أو منظمات أو شخصيات عامَّة وذات تأثير(41).
وتتمثَّل الآليَّات الرئيسية للحركة في:
– المقاطعة (Boycott): وتشمل وقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية وكذلك الدولية المتواطئة في انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيِّين، ومقاطعة المؤسَّسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
– سحب الاستثمارات (Divestment): حيث تسعى إلى الضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية والدولية المتورِّطة في جرائم دولة الاحتلال والأبارتهايد بسحب استثماراتهم من و/أو إنهاء تعاقدهم مع هذه الشركات.
– فرض العقوبات (Sanctions): أي الإجراءات العقابية التي تتَّخذها الحكومات والمؤسَّسات الرسمية والأمميَّة ضدَّ دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات. وتشمل العقوبات العسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها، على سبيل المثال عن طريق: وقف التعاون العسكري، أو وقف اتفاقيات التجارة الحرَّة، أو طرد إسرائيل من المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد البرلماني الدولي أو الفيفا أو غيرها.
وتهدف الحركة إلى تحقيق المطالب التالية:
– إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافَّة الأراضي الفلسطينية والعربية وتفكيك الجدار.
– إنهاء كافة أشكال الفصل العنصري ضد الفلسطينيِّين والاعتراف بالحقِّ الأساسي بالمساواة الكاملة لفلسطينيي أراضي 48.
– احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيِّين في العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها واستعادة ممتلكاتهم كما نَصَّ على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194.

رابعًا- دلالات مسارات التطبيع بعد مئة عام من وعد بلفور

بعد استعراض الملامح والمحطات التالية للتطبيع العربي-الإسرائيلي، يمكن الوصول لبعض الدلالات حول مسار هذه العملية عبر مئة عام فيما يلي:
● الفاعل الأساسي في عملية التطبيع هو النظم الحاكمة، التي سعت للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي على المستويين الرسمي وغير الرسمي، المعلن والخفي منذ بداية القضية الفلسطينية، بل منذ بداية إعلان النِّيَّات الصهيونية وتوجُّهها نحو المنطقة.
فقد اهتمت النُّظم العربية في هذا الإطار بمصالحها الخاصة، المتمثِّلة في ضمان بقائها في الحكم، واستمرار علاقاتها مستقرَّة وجيِّدة مع القوى الكبرى في النظام العالمي، التي تضمن لها هذا البقاء والدَّعم رغم فقدان شرعيَّتها داخليًّا، حيث يمثِّل التطبيع مع إسرائيل مدخلا لذلك من ناحية، وإثباتًا للولاء من ناحية أخرى.
● امتداد وتوسُّع عملية التطبيع من مجرد تطبيع سياسي دبلوماسي إلى مجالات أخرى يدلِّل على الأمر السابق ذكره من مساعي النُّظم العربية لتحقيق مصالح خاصَّة وكسب وُدِّ النِّظام العالمي. ومن ناحية أخرى، يمثِّل محاولة من النظم العربية لتسريب عملية التطبيع إلى المستوى الشعبي من خلال نقله من مستوى الخطابات والوثائق إلى مستوى التطبيق والتفعيل في الواقع المعيش وتخلُّله في الحياة اليومية للناس حتى يعتادوه، ثم إثبات وترسيخ وجهة النظر الرسمية عن كون عملية التطبيع خادمة للقضية الفلسطينية وحلِّها، ثم الانتقال لمرحلة إقناع الشعوب بانفصال العلاقة مع الكيان الإسرائيلي عن دعم القضية الفلسطينية.
● تؤدي الضغوط الشعبية أحيانًا لتراجُع الأنظمة عن بعض مظاهر التطبيع التي تقوم بها خاصَّةً عند تزايد الاحتجاجات أو الاعتراضات على بعض مظاهر التطبيع الجليَّة، ووتقوم الأنظمة بالادِّعاء في أحيان أخرى أن وجود بعض مساحات التعاون أو إقامة علاقات مع الكيان الإسرائيلي لا يعني التخلِّي عن دعم القضية الفلسطينية أو تغيُّر النظرة لإسرائيل باعتبارها عدوًّا للعرب. وذلك في محاولة لتنويم الشعوب وإيهامها بعدم التمادي في عملية التطبيع، وتفادي تصاعد الغضب الشعبي واتِّساع نطاقه.
● لا يمكن إغفال الوضع المتردِّي الذي أوصلت إليه نظم الفساد والاستبداد الدول العربية خلال العقود الماضية، اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا وحتى مجتمعيًّا وثقافيًّا، بما لا يسمح لها بأيِّ حال بمقاومة الكيان الصهيوني، بل حتى لا يسمح لها بمعارضة التطبيع معه إرضاءً للقوى الكبرى. ففشل النُّظُمِ الحاكمة في حفظ وتنمية قدرات الدول العربية جعلها غير قادرة على مواجهة فرض الوجود الإسرائيلي في المنطقة، لذلك فقد اختارت بديلا آخر هو الاستسلام للأمر الواقع ومحاولة الانتفاع منه لتحقيق مصالح خاصة، بدلا من الاعتماد على فاعلين آخرين للتعامل مع الوضع باستراتيجية مختلفة.
● الدلالة الأهم في هذا الإطار: إدراك إسرائيل أهمية وتأثير توسعة عملية التطبيع مع الدول العربية لضمان استقرارها وأمنها في المنطقة، لذلك فإنها لا تَكُفُّ عن محاولات الالتفاف وبناء علاقات مختلفة مع الدول العربية وخلق مصالح مشتركة مع النظُم الحاكمة تحفز تلك النظُم على دعم الطرح الإسرائيلي لحلِّ القضية الفلسطينية.
● نجحت جهود التطبيع من الأطراف المختلفة (داخليًّا وإقليميًّا وعالميًّا) في إضعاف، إن لم يكن تغييب الوعي بالقضية الفلسطينية، وكذلك إضعاف وتغييب الوعي بكون الكيان الصهيوني عدوًّا استراتيجيًّا وحضاريًّا للشعوب العربية والإسلامية، خاصَّة مع عدم وضوح انعكاس عملية التطبيع في الحياة اليومية للناس أو التأثير في معايشهم. وتتطلَّب عملية إعادة بناء الوعي بذلك البدءَ من التركيز على البعد الداخلي لخطر الكيان الصهيوني وتأثيره على معايش الناس وحياتهم؛ حيث ضعفَ الوعي بالانتماءات القومية والأمميَّة لدى غالب فئات الشعوب العربية وتمَّ تزييفه إلى أقصى الحدود، ولم يعد هذا البعدُ مؤثِّرًا عليهم.
● مثَّلت الثورات العربية مصدر قلق لإسرائيل، لما عبَّرت عنه من رغبة الشعوب في إبعاد النظُم الاستبدادية المطبِّعة معها، ومن ثم تغيير المعادلة السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة ولو على مدى بعيد، بما يهدِّد استقرار إسرائيل وأمنها من الخارج (إقليميًّا) وليس فقط داخليًّا من قبل حركات المقاومة الفلسطينية. وإن كان نجاح تلك الثورات لم يستمرَّ طويلا، ومن ثم لم يتأثَّر مسارُ عملية التطبيع العربي مع إسرائيل، ولكن بَدَتْ مخاوفُ إسرائيل من تأثيره على علاقاتها مع الدول العربية وموقفها من القضية الفلسطينية. وسرعان ما انقضَّت الثورات المضادة على الثورات العربية لتستكمل مسارَ التطبيع بخُطى أكثر علانية، في ظلِّ أجواء شجَّعت دعوات ومساعي المطبِّعين أن تكون أكثر ظهورًا من ناحية، وحملت المزيد من القمع المادِّي والمعنوي للمعارضين تحت ادِّعاءات محاربة الإرهاب.
*****

الهوامش:

(*) باحثة بمركز الحضارة للدراسات والبحوث.
(1) للمزيد حول الجذر اللغوي لكلمة “تطبيع” والمعاني المرتبطة بها في المعاجم المختلفة، انظر: تعريف ومعنى “تطبيع”، موقع المعاني، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Lnjd9b
(2) ما هي المصطلحات التي تتعلق بفلسطين وتتكرر بالأخبار؟، موقع فلسطين.. سؤال وجواب، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/UB943V
(3) سري نسيبة، التطبيع، موقع سري نسيبة، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/FCL1rk
(4) “وعد بلفور”.. الذكرى المشؤومة والمواقف الفلسطينية، موقع شبكة قدس، 2 نوفمبر 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/cGvf8B
– وانظر أيضا: بلفور (وعد)، الموسوعة الفلسطينية، https://goo.gl/pntzaW
(5) للمزيد حول الحروب العربية مع إسرائيل وتأثيرها على استراتيجيات الدول العربية تجاه إسرائيل من الهجوم إلى الدفاع والتفاوض، انظر: د. محمد عبد السلام، الحروب العربية الإسرائيلية، موقع الجزيرة.نت، 3 أكتوبر 2004، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/9smHWM
(6) لمزيد من التفصيل حول اتفاقية أوسلو راجع:
– اتفاقية أوسلو | ما هي عملية السلام 1993؟، موقع فلسطين سؤال وجواب، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/PzRAdb
– اتفاقيات أوسلو، موقع المعرفة، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/p4V2AH
– بثينة اشتيوي، كل ما لا تعرفه عن اتفاقية أوسلو، موقع ساسة بوست، 24 مايو 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/a11wvu
(7) اتفاقية وادي عربة | ما هي اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية 1994؟، موقع فلسطين سؤال وجواب، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/L2gWqv
– وراجع أيضًا: معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية .. أهم البنود، موقع الجزيرة.نت، 3 أكتوبر 2004، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/VWBDTp
(8) راجع في هذا الإطار:
– اعتراف الدول العربية بإسرائيل، موقع شبكة فلسطين للحوار، 26 مايو 2009، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/qXGueM
– ما هي الدول العربية والإسلامية التي عقدت اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني؟، موقع فلسطين سؤال وجواب، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/tE1ZNV
(9) راجع في ذلك: هدير محمود، اتفاق السلام المصري الإسرائيلي.. بوابة التطبيع العربي الصهيوني، 26 مارس، 2017، https://goo.gl/nR2qah
(10) ويكيليكس: علاقات سرية بين إسرائيل ودول عربية، موقع إيلاف، 3 ديسمبر 2010، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/9AY4Nt
(11) راجع على سبيل المثال: عشقي لـDW: العالم الإسلامي سيطبِّع مع إسرائيل إذا طبَّعت السعودية، 27 يونيو 2017، موقع قناة دويتشه فيلله (التليفزيون الألماني DW) بالعربية، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ICQhdt
(12) Richard Silverstein, A Saudi prince in Israel? An alliance born of failure, Middle East Eye,15 September 2017, https://bit.ly/2x54ca9.
ونُشرت ترجمته تحت عنوان: أمير سعودي في إسرائيل «تحالف من رحم الفشل»، ترجمة: شفاء ياسر، موقع إضاءات، 18 سبتمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Fw1ESR
(13) محمد محمود السيد، من عبد الناصر إلى تيران وصنافير: رحلة التطبيع السعودي الإسرائيلي، موقع مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، ۳۰ يونيو ۲۰۱۷، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/QTKMZo
(14) راجع في هذا الإطار: المرجع السابق.
و: السعودية وإسرائيل- صفقة تلوح في الأفق قد تغير وجه المنطقة، 27 يونيو 2017، موقع قناة دويتشه فيلله (التليفزيون الألماني DW) بالعربية، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Kny8CR
(15) انظر:
– بعد 5 سنوات.. الكشف عن لقاء إماراتي إسرائيلي سري، موقع شبكة قدس، 21 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/x9BJWX
– السعودية والإمارات تسعيان لإشهار التطبيع مع إسرائيل، موقع صحيفة الشرق القطرية، 29 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/rCLkqz
(16) راجع في هذا الشأن:
– عادل عبد الرحيم، “التطبيع مع إسرائيل” هل يطيح بوزير الاستثمار السوداني؟، موقع رأي اليوم، 28 أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/ZnHias
– تقرير: التطبيع مع إسرائيل خطوة سودانية على صعيد التقارب مع أمريكا أملا في رفع العقوبات، موقع صوت الهامش، 22 أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/nFcLrA
(17) لقاء نتنياهو السيسي يمهد لقمة إقليمية بشرم الشيخ، موقع عرب 48، 21 سبتمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/4mLmjz
(18) راجع: نص كلمة الرئيس السيسي أمام الأمم المتحدة، موقع اليوم السابع، 20 سبتمبر 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/2Ho1pB
(19) حول تطور العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية وتعبيرها عن مسار التطبيع، انظر هذه الدراسة المهمة:
– عزيز حيدر، الثورات العربية والعلاقات الاقتصادية بين الدول العربية واسرائيل، مجلة شؤون فلسطينية، مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، عدد ٢٤٩ – ٢٥٠، خريف 2012، ص ص 88 – 121.
(20) بثينة اشتيوي، إسرائيل والعرب: سفارات رسمية ومكاتب قنصلية وتبادل تجاري، موقع ساسة بوست، 29 نوفمبر 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/rRaFf1
(21) انظر على سبيل المثال:
– محمد محمود السيد، من عبد الناصر إلى تيران وصنافير: مرجع سابق.
– شيماء عزت، صحيفة بريطانية: الرياض وتل أبيب تبحثان إقامة علاقات اقتصادية، موقع فرانس 24، 19 يونيو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/Pzzwba
(22) راجع: جدل في المغرب بين “العدالة والتنمية” والمعارضة بشأن التطبيع مع إسرائيل، موقع فرانس 24، 17 نوفمبر 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/CzLE84
(23) انظر: ديفيد وورمسر، جيوسياسيات مخزون الغاز البحري الإسرائيلي، موقع راقب، 4 مارس 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/55Q6Ja
– وزير أردني: اتفاقية الغاز مع إسرائيل لا تتناقض مع رفض الاحتلال، 3 أكتوبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/7aEpi5
(24) اتفاقية الكويز، موقع الجزيرة.نت، 21 نوفمبر 2005، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/q8msdN
(25) نبيل السهلي، الثورات العربية وآفاق التطبيع مع إسرائيل، 30 سبتمبر 2011، موقع الجزيرة.نت، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/K1j2CD
(26) راجع على سبيل المثال: صالح النعامي، حرب مصر على المقاومة الفلسطينية في عيون الصهاينة، موقع الجزيرة.نت، 16 أغسطس 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/QUqUrJ
– وزير إسرائيلي يكشف: نسقنا مع دول عربية لنصب بوابات للأقصى، موقع صفا “وكالة الصحافة الفلسطينية”، 19 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/CHW6BN
(27) راجع في ذلك على سبيل المثال:
– مبادرة ترامب للسلام تشترط التطبيع العربي مع إسرائيل أولًا، موقع الدرر الشامية، 25 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/aEBEmY
– خطة ترامب للسلام الفلسطيني الإسرائيلي تشترط التطبيع العربي مع إسرائيل أولا، موقع وكالة سما الإخبارية، 24 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/CytAvC
(28) فعلى سبيل المثال، أُعلن في عام 2013 عن تأسيس وحدة إسرائيلية خاصَّة في سيناء لمواجهة أي “أعمال إرهابية” قد تُوَجَّه نحو إسرائيل. انظر: محمد حامد، وحدة إسرائيلية خاصة لمكافحة الإرهاب فى سيناء، بوابة الشروق، 16 يوليو 2013، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/eJr74e
(29) انظر في هذا الإطار: أدهم مناصرة، “هآرتس”: خطة التطبيع العربي تتشكل.. بالتعاون العسكري، موقع المدن، 18 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/PMM69s
(30) فادي عاصلة، قصة المركز الأكاديمي “الإسرائيلي” في القاهرة، موقع باب الواد، 4 أغسطس 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/rp3Wxt
(31) راجع في هذا الإطار: محاسن أصرف، زيارة العرب والمسلمين للقدس.. تطبيع سياسي ودعم للاقتصاد الإسرائيلي، موقع صحيفة الحدث، العدد 41، 16 يونيو 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/hQYb7u
(32) انظر في ذلك: خليل غرَّة، التطبيع في الإعلام: “إسرائيل” في صالون بيتنا، موقع باب الواد، 26 سبتمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/WvkAx4
(33) منظمة مغربية تدعو للتعجيل بقانون تجريم التطبيع مع “إسرائيل”، موقع صفا “وكالة الصحافة الفلسطينية”، 19 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/xPWkd1
(34) جدل في المغرب بين “العدالة والتنمية” والمعارضة بشأن التطبيع مع إسرائيل، مرجع سابق.
(35) برلمانيون تونسيون يشكلون منظمة لتجريم التطبيع، موقع قناة العالم، 7 يونيو 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/oECiVM
(36) للاطلاع على ملخَّص للموسوعة وتحميل أجزائها راجع موقع مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/ENe9qr
(37) أحمد منصور، اتحاد الناشرين العرب يحذر أعضاءه من التطبيع مع إسرائيل، موقع اليوم السابع، 26 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/wDcvpt
(38) منظمات تونسية تطالب بمنع عرض لفنان يهودي بمهرجان قرطاج، موقع صفا “وكالة الصحافة الفلسطينية، 6 يوليو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/1mTtQ6
(39) لبنان: منع عرض فيلم “ووندر وومن” للممثلة الإسرائيلية غال غادوت، موقع فرانس 24، 7 يونيو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/qfzVsD
– تونس: القضاء يمنع مؤقتا عرض فيلم “ووندر وومان” بسبب ممثلة إسرائيلية، موقع فرانس 24، 7 يونيو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/QJcF5Q
(40) يمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل حول الحركة وأهدافها ونجاحاتها على موقعها، عبر الرابط التالي: https://goo.gl/H3Mo62
(41) يمكن الاطلاع على نماذج تأثير ونجاح الحركة على موقعها، عبر الرابط التالي: https://goo.gl/SZ2QCS

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى