التطبيع الاقتصادي لإسرائيل في المنطقة: مسارات ودلالات حتى 2025

مقدمة:

إن الكيان الإسرائيلي منذ أن حل في المنطقة باعتباره احتلالًا استيطانيًّا بنى وجوده على منطق القوة والغلبة؛ فهو يسعى بكل الوسائل والطرق إلى شرعنة استمراره ككيانٍ غريبٍ محتل، وذلك بالعمل على مختلف مسارات التطبيع التي تمنحه مزيدًا من الهيمنة. وقد شكل التطبيع -خاصةً في البدايات- حرجًا كبيرًا للأطراف المشاركة به في المنطقة؛ وذلك باعتبار أن من يُقدم على أي صورةٍ من صور التطبيع فإنه يُقبل على أمرٍ محرم شعبيًا وحتى مستبعد على مستوى الحكومات، حتى بدأ مسار التطبيع مع توقيع مصر معاهدة كامب ديفيد 1979 وتلتها في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية ثم الأردن، إلى أن جاءت اتفاقيات أبراهام ضمن ما يُعرف بـ “صفقة القرن”.

بالتوازي مع مسار التطبيع السياسي لم تغب صور أخرى من التطبيع، ومنها التطبيع الاقتصادي وصور التعاون التجاري بين إسرائيل ودول المنطقة، سواء من الدول المطبعة بشكلٍ رسمي أو غير رسمي، علمًا أن هذا الشكل من التطبيع مثل مسارًا هامًا في تاريخ العلاقات العربية -الإسرائيلية لما يحمله من خرق غير مباشر لحواجز التطبيع الرسمي والعلني.

ومما تجدر الإشارة إليه أن محددات التطبيع الاقتصادي متفاوتة ومتنوعة، سواءً على صعيد الأنظمة العربية التي تتعدد دوافعها في المضي قُدمًا في هذا التطبيع بين أنظمة أغرتها الوعود الأمريكية والإسرائيلية بالدعم الاقتصادي وهذا ينطبق بصورةٍ ما على مصر والأردن وكذلك السلطة الفلسطينية، أو أخرى طمحت إلى رفعها من قوائم الإرهاب كما هو الحال مع السودان، فضلا عن النظام المغربي والحرص على الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. كما أن سياق المشهد الإقليمي الذي أعقب ثورات الربيع العربي نقل إسرائيل من خانة العدو الأول إلى حليف في مواجهة العدو المشترك المتمثل في إيران، وقد كان التطبيع الاقتصادي إحدى قنوات هذا المشهد التحالفي.

شهد هذا المسار قفزةً استثنائية مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة 2016-2020، والذي تبنى مشروعًا أسماه “صفقة القرن” باعتباره حلا لقضية القرن “القضية الفلسطينية”، وقد شهدت هذه الصفقة هرولة من قبل عدة دول نحو التطبيع مع ذلك الكيان على مستوياتٍ ومساراتٍ عدة، كان أهمها المسار الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، يأتي ذلك التقرير لتسليط الضوء على التطبيع الاقتصادي لإسرائيل في المنطقة، وذلك بالوقوف ابتداءً على الخلفية التاريخية لمسار التطبيع مع إسرائيل عامةً والتطبيع الاقتصادي خاصةً وتطوره، ثم بيان مسارات التطبيع الاقتصادي وأشكاله المختلفة ودلالات ذلك، وأخيرًا مستقبله في ضوء الأحداث الراهنة المتعلقة بمجريات ومآلات معركة طوفان الأقصي من جهة وتولي دونالد ترامب للرئاسة مرةً ثانية من جهةٍ أخرى.

أولًا- التطبيع مع إسرائيل: خلفية تاريخية

لم يتوقف جهد قادة الحركة الصهيونية، منذ تأسيسها، في محاولة التسلل إلى النسيج العربي، والعمل على إقناع بعض أطرافه ومن يشذ من نخبه وحكامه بقبول فكرة الصهيونية في البداية، ثم الاعتراف بدولة إسرائيل لاحقًا وحقها في الوجود. وقد سعى الصهاينة إلى الترويج لفكرة وجود مصالح مشتركة تدعو إلى التعاون، وحتى التحالف، ضد أعداءٍ مفترضين. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تغيرت استراتيجيات الحركة الصهيونية وتنوعت أساليبها[1]، ونستطيع القول إن علاقة إسرائيل مع الدول العربية مرت منذ إنشائها عام 1948 باضطراباتٍ وتقلباتٍ متنوعة، انتقلت خلالها ما بين الحروب (1948، 1956، 1967، 1973، 1982) إلى التعاون السري، واتفاقيات السلام، ومن ثم إلى تطبيع العلاقات مع عددٍ من الدول العربية[2].

بدأت إسرائيل سعيها الحثيث نحو شرعنة وجودها ومحاولة جذب الدول للاعتراف بها والتعاون معها منذ خطاب ثيودور هيرتزل إلى الدولة العثمانية، حيث حاول إقناعها بقدرته على جلب دعم الدول الأوروبية ومساندة مشاريع الدولة العثمانية الاقتصادية، مقابل السماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين وإعفاء الدولة العثمانية من ديونها.

وفي هذا السياق قبل نكبة 1948، استمرت القيادات الصهيونية في التواصل مع مسؤولين عرب، أحيانًا تحت ذريعة الاتفاق على مشاريع اقتصادية مثل مشروع روتنبرغ لتوليد الكهرباء، وأحيانًا أخرى عبر محاولات لاستئجار مناطق مثل غور كبد في شرق الأردن. كما جرت اتصالات مباشرة أو عبر بريطانيا، التي كانت القوة المهيمنة على المنطقة والمنتدبة على فلسطين، من أجل ترتيب تفاهمات تتعلق بتحركات الجيوش العربية وتحديد مواقع تمركزها. وقد أسفرت هذه الترتيبات عن اتفاقات للهدنة وترسيم خطوط وقف إطلاق النار، مما أدى إلى ضياع المثلث الفلسطيني، وضم الجزء المتبقي من وسط فلسطين (الضفة الغربية) إلى شرق الأردن، ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية[3].

بعد نكبة 1948، وتحديدًا في عام 1951، قامت جامعة الدول العربية بتأسيس “مكتب مقاطعة إسرائيل”، وفي الدورة الثانية والعشرين لمجلس الجامعة التي عُقدت في عام 1954، تم إقرار قانون موحد لمقاطعة إسرائيل. بناءً على ذلك، سنّت الدول العربية، بعد استقلالها، قوانين لتنظيم المقاطعة في كل دولة على حدة. وقد استندت هذه القوانين إلى القانون الموحد الذي أقرته الجامعة العربية، وتم افتتاح مكاتب للمقاطعة في تلك الدول، كما تم تعيين مفوض لمكتب المقاطعة الرئيسي، وكان من مهامه وضع “اللائحة السوداء” التي تُحدَّث مرتين في العام، وتضم أسماء الشركات الإسرائيلية والشركات التابعة لدولٍ أخرى التي تستمر في التعامل التجاري مع إسرائيل، حيث تمثل الهدف من هذه اللائحة في حظر دخول منتجات هذه الشركات ومقاطعة أعمالها حتى تُوقف نشاطها في إسرائيل.

من المهم الإشارة إلى أن مكتب المقاطعة شكّل ضغطًا حقيقيًا على دولة الاحتلال، وأجبر العديد من المؤسسات والشركات الكبرى على وقف أعمالها هناك. لذلك، كان إلغاء قوانين المقاطعة العربية جزءًا أساسيًا من متطلبات التطبيع الرسمي مع إسرائيل. ومن الأمثلة على ذلك، إلغاء السودان في 6 إبريل 2021 قانون مقاطعة إسرائيل لعام 1958[4]، وكذلك إصدار رئيس دولة الإمارات مرسومًا عام 2020 بإلغاء القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 1972 في شأن مقاطعة إسرائيل والعقوبات المترتبة عليه، وذلك في أعقاب الإعلان عن اتفاقات السلام مع إسرائيل[5]. وبذلك، تحول مكتب المقاطعة إلى جهازٍ غير فعال وشكلي بعد إغلاق مكاتبه في عدة دول عربية، وأصبحت المقاطعة الرسمية أمرًا يعتمد على قرار كل دولة بشكلٍ منفصل[6].

وعلى الرغم من قرارات المقاطعة، إلا أن الأمر لم يخل من لقاءاتٍ سرية بين مسؤولين ورؤساء وملوك عرب ونظرائهم الإسرائيليين. حيث كان المسؤولون العرب حريصين على تجنب أي لقاءٍ علني مع ممثلين إسرائيليين، حتى لو كان ذلك يحدث عن طريق الصدفة في ممرات المنظمات الدولية أو خلال اجتماعاتها. وفي العادة، كان يتم نفي أي لقاء يُعقد وراء الأبواب المغلقة، خوفًا من رد فعل الرأي العام العربي، أو لئلا يُستغل في الحملات الإعلامية والاتهامات المتبادلة بين الأنظمة العربية، وازدادت وتيرة هذه اللقاءات بعد هزيمة يونيو 1967، وعقب حرب 1973 كان أول تطبيع رسمي علني بين مصر وإسرائيل بموجب اتفاقية كامب ديفيد التي مثلت نقطةً فارقة في تاريخ العلاقات الإسرائيلية- العربية حيث تخطى السادات آنذاك خطًا أحمر كان يتحرج الكثيرون من تجاوزه، ثم جاءت اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

حيث اعترفت منظمة التحرير بموجب أوسلو بحقّ إسرائيل في الوجود، في مقابل اعتراف إسرائيلي بالمنظمة ممثلًا للفلسطينيين في مفاوضات الحل النهائي. ولعل أخطر ما في اتفاق أوسلو أنه اتفاق بين أصحاب الأرض وممثلي القضية المفترضين وعدوهم، وهو ما فتح المجال أمام الدول العربية الأُخرى لعقد اتفاقات مع إسرائيل، أو فتح مكاتب تمثيلية بمستوياتٍ متنوعة، ومنذ هذا الاتفاق تغيرت النظرة الخجولة إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وسرعان ما بدأ التطبيع العلني، بحجة أن أصحاب القضية اعترفوا بعدوهم، وتفاوضوا معه، فعقب اتفاق أوسلو، جاء اتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل1994، لتكون الأردن الدولة العربية الثالثة التي تُبرم اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني.

لقد فتحت السلطة الفلسطينية الباب أمام التطبيع العربي، لكنها فشلت في ربط هذا المسار بالتقدم في مفاوضات الحل النهائي، حيث كان من المفترض أن يسير التطبيع العربي مع إسرائيل، الذي أُطلق عليه “حوافز السلام”، بشكلٍ تدريجي ومتزامن مع وفاء إسرائيل بالتزاماتها. كانت السلطة الفلسطينية ترغب في أن تكون هي الجسر للتطبيع، لكنها منذ البداية فقدت السيطرة على هذا المسار. كما أن الدول العربية التي فتحت مكاتب تمثيلية لإسرائيل في عواصمها، مثل تونس وقطر، لم تتراجع عن هذه الخطوة إلا بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، حيث حمل تعثر المفاوضات مع الفلسطينيين واندلاع الانتفاضة، إضافة إلى موجات الربيع العربي، هذه الدول على إغلاق تلك المكاتب. وهذا يثبت أن تصاعد حدة الصراع والسعي للتخلص من الاستبداد يمنعان التطبيع الرسمي ويُفقدانه مبرراته.

عقب الربيع العربي والثورات المضادة، تغيرت المفاهيم المتعلقة بأولويات الصراع وأطرافه، فلم تعد إسرائيل في نظر بعض الأنظمة تمثل التهديد الرئيسي، فقد رأت بعض الأنظمة أن تمدد النفوذ الإيراني يشكل التهديد الأول لها، وأن الإسلام السياسي والحراكات الشعبية يُشكلان تهديدًا داخليًا يزعزع استقرارها[7].

وقد ساهمت التحولات في منطقة الشرق الأوسط، مثل الثورات العربية وتغيير بعض الأنظمة والزعماء العرب، بالإضافة إلى تنامي نفوذ إيران، في تغيير السياسة الإسرائيلية وخطابها تجاه الدول العربية. حيث بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، التي تجنبت تحقيق تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين، في التأكيد على أن التطبيع مع الدول العربية يمكن أن يتحقق دون الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين أو تقديم تنازلات لهم. تقوم الرؤية الإسرائيلية على أنه يمكن حل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال اتفاق إقليمي شامل يشمل “الدول العربية السنية”. ففي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2016، أوضح نتنياهو أن هناك تغييرات كبيرة في الموقف العربي تجاه إسرائيل، وأن العديد من الدول العربية اعترفت بأن إسرائيل “ليست عدوهم”، بل يمكن أن تكون “حليفًا” لهم. كما أشار إلى أن الهدف المشترك مع هذه الدول يكمن في مواجهة إيران والتطرف الإسلامي، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والازدهار والسلام في المنطقة. في هذا السياق، بدأت إسرائيل تروج لنفسها كحليف يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التهديدات الإيرانية والحركات الإسلامية المتطرفة[8].

نتيجة لهذا التوجه، تحولت العلاقات السرية بين إسرائيل وبعض الدول العربية إلى اتفاقات تطبيع علنية. ففي سبتمبر 2020، وقعت إسرائيل الاتفاقيات الإبراهيمية، والتي عُرفت أيضًا بـ”صفقة القرن”، مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ثم تلتها اتفاقات مع السودان والمغرب. وأكد الموقعون على الاتفاقيات أن التعاون الإقليمي مع إسرائيل لا يتناقض مع القضية الفلسطينية، مبررين خطوة الإمارات والبحرين بأنها تهدف إلى وقف ضم إسرائيل للضفة الغربية. كما أكد ملك المغرب، محمد السادس، في ديسمبر 2020، على موقف بلاده الثابت تجاه القضية الفلسطينية ودعمه لحل الدولتين!

تسارعت العلاقات بين إسرائيل والدول التي طبعت معها، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات السياحة، والتجارة، والاقتصاد. كما شكلت قمة النقب في مارس 2022، التي جمعت وزراء الخارجية من مصر والمغرب والبحرين والإمارات مع وزيري الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد والأمريكي أنتوني بلينكن، مرحلة جديدة في العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، وقد تم الاتفاق خلالها على تشكيل “هيكل أمني إقليمي”، واعتبار الاجتماع “منتدى دائم” يهدف إلى تعزيز التعاون في المجالات العسكرية والأمنية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات التكنولوجيا والمشاريع الاقتصادية[9].

ثانيًا- التطبيع الاقتصادي لإسرائيل في المنطقة: صوره وأشكاله

من المعلوم أن إسرائيل تسعى إلى التطبيع الاقتصادي لتكريس التطبيع السياسي وذلك في سبيل كسب الشرعية الإقليمية وكذلك لرفع المقاطعة عنها، أما الدول العربية فمنذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين، تتعرض لمبادرات السلام المقدمة من الولايات المتحدة والمصحوبة بإغراءات تحسين الأوضاع الاقتصادية لأولئك الذين يقبلون بأن يكونوا شركاء في السلام مع إسرائيل. وقد بدأت هذه المبادرات مع مصر، ثم امتدت إلى السلطة الفلسطينية والأردن، وصولًا إلى بعض دول الخليج[10].

فعلى سبيل المثال، عند انطلاق فعاليات مؤتمر مدريد للسلام في شهر نوفمبر 1991، الذي أُقيم في مدينة مدريد الإسبانية، بدأ العديد من المراقبين بالتأكيد على أن السلام الشامل سيكون عنوان المرحلة المقبلة، وأن التطبيع المرتقب سيُرسّخ أسس السلام في المنطقة، ويُطلق بداية بناء الثقة بين خصوم الماضي، مما يؤدي إلى ازدهار اقتصادي أُطلق عليه في ذلك الحين “عوائد السلام”[11].

إن خطورة هذا النوع من التطبيع تكمن في أنه يُزيل الحواجز النفسية بين الشعوب، وينال من المقاومة الشعبية للتطبيع، بعكس التطبيع الأمني الاستخباري[12].

وفي هذا الإطار، فإن التطبيع الاقتصادي العربي مع الكيان الصهيوني قد تمثل في عدة أشكالٍ وصيغ فهو لا يتخذ شكلًا واحدًا كما يُروج له عادة، بل يتنوع في أشكاله وأوجهه التي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

تعليق العمل بإجراءات مكتب المقاطعة العربية لـ”إسرائيل” من الدرجتين الثانية والثالثة، من خلال التراخي تدريجيًا في مراقبة الشركات الأجنبية التي تستثمر أو تتعامل مع “إسرائيل”، مما سمح بدخول منتجات تلك الشركات إلى الأسواق العربية أو إجازة التعامل معها. هذا التوجه ساهم بشكلٍ مباشر في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في الكيان الصهيوني. وكذلك الأمر بالنسبة للشركات الأجنبية التي تشحن بضائعها عبر المنافذ الإسرائيلية، والتي كانت تُصنف ضمن إجراءات المقاطعة من الدرجة الثالثة، فلم يعد هناك أي اعتراض على أن ترسو سفينة في ميناء عربي بعد مرورها عبر ميناء صهيوني أو حتى إذا كانت قد توقفت فيه.

– المشاركة في الفعاليات والاجتماعات والمؤتمرات والمعارض الاقتصادية الإقليمية والدولية التي تحضرها وفود إسرائيلية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، أصبحت أمرًا ممكنًا في الوقت الراهن. في حين أنه كان في الماضي يعد أمرًا مستحيلًا تحت أي مبرر، وغالبًا ما كان يتطلب موقفًا موحدًا من الدول العربية تعبر عنه الجامعة العربية أو مجموعة من الدول.

– السماح بدخول بعض البضائع والسلع الإسرائيلية إلى أسواق بعض الدول العربية عبر دول إقليمية ثالثة، مثل قبرص. وتؤكد البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء الإسرائيلية هذا الاتجاه، حيث بدأت منذ بداية الألفية تشير إلى توجه صادرات إسرائيلية إلى بعض الدول العربية التي لا تربطها مع “إسرائيل” اتفاقيات “سلام” أو علاقات دبلوماسية، مثل تونس والمغرب وقطر والإمارات العربية المتحدة. وبدرجة أقل، شملت هذه الصادرات كل من السعودية والعراق والكويت وعمان. فوفقًا لتصريح نُسب إلى وزير الخارجية القطري عام 1996، فإن قيمة الصادرات الإسرائيلية عبر قبرص إلى دول الخليج العربي بلغت نحو ملياري دولار سنويًا.

– السماح بدخول سلع وبضائع أجنبية عبر المنافذ الإسرائيلية البحرية، وخصوصًا خلال سنوات الأزمة السورية وما رافقها من توقف حركة الترانزيت البري. كما أن التقديرات الإحصائية تتحدث عن أن 25٪ من التجارة التركية مع دول الخليج تتم عبر مرفأ حيفا المحتل.

– شهدت المبادلات التجارية المباشرة زيادة تدريجية مع تآكل جدار المقاطعة العربية، وانفتاح الأسواق العربية على العالم من دون أي قيود أو استثناءات. وغالبًا ما تهيمن الصادرات الإسرائيلية على هذه المبادلات، فوفقًا لتقريرٍ إحصائي إسرائيلي يرصد تأثير توقيع اتفاقيات “السلام” الأخيرة على المبادلات التجارية، فإن قيمة التجارة مع الإمارات العربية المتحدة ارتفعت من حوالي 50.8 مليون دولار بين شهري يناير ويوليو من عام 2020 إلى حوالي 613.9 مليون دولار في الفترة نفسها من عام 2021.

وفيما يتعلق بالأردن، فقد زادت التجارة من حوالي 136.2 مليون دولار إلى حوالي 224.2 مليون دولار، بينما ارتفعت التجارة مع مصر من حوالي 92 مليون دولار إلى حوالي 122.4 مليون دولار. كما نمت التجارة مع المغرب من حوالي 14.9 مليون دولار إلى حوالي 20.8 مليون دولار، أما بالنسبة للبحرين، فقد كانت التجارة المباشرة معها معدومة تمامًا في الأشهر السبعة الأولى من عام 2020. ومع ذلك، خلال نفس الفترة من عام 2021، تم تسجيل نحو 300 ألف دولار في التجارة معها. هذه البيانات تؤكد وجود مبادلات تجارية قبل توقيع اتفاقيات التطبيع المشار إليها[13].

التعاون العسكري، حيث سعت تل أبيب إلى توسيع نطاق تسويق منتجاتها العسكرية والأمنية في الدول العربية، بهدف تنويع خياراتها الاستثمارية وتعزيز اقتصادها الصناعي المتقدم. حيث تشير بعض التقديرات إلى أن هناك حوالي ألف شركة إسرائيلية تعمل في مجال بيع الأسلحة، التي تشمل الروبوتات، والطائرات دون طيار، وأنظمة التحكم والسيطرة، إلى جانب الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، ومنتجات الصواريخ والدفاع الجوي، والطائرات المأهولة، وإلكترونيات الطيران، ومعدات المراقبة، بالإضافة إلى أنظمة الذكاء والاتصالات. على الرغم من أن تل أبيب ما زالت حذرة بشأن نقل تقنياتها الدفاعية المتطورة إلى الدول العربية لحماية تفوقها النوعي في المنطقة، إلا أن التعاون العسكري وبيع الأنظمة الدفاعية قد يسهم في اختراق الأنظمة الأمنية والعسكرية العربية، ويعزز من جمع المعلومات ويُكرس هيمنة إسرائيل ونفوذها.

وفي هذا السياق، تشير العديد من التقارير إلى أن شركات الأسلحة الإسرائيلية كانت من أبرز المستفيدين من اتفاقيات التطبيع، حيث تمكنت من توسيع نطاقها في الأسواق العربية الجديدة وأصبحت أحد المصادر الرئيسية لتجارة الأسلحة. تركز تل أبيب وشركات الأسلحة الإسرائيلية على تلبية الطلبات المتزايدة على الأنظمة الدفاعية والأسلحة المتطورة في ظل تصاعد المخاطر الأمنية والهجمات الصاروخية، خاصة بواسطة الطائرات المسيرة.

بعد توقيع إسرائيل اتفاقيات دفاعية وتفاهمات أمنية مع الإمارات والبحرين والمغرب، أبرمت شركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية عقودًا مع هذه الدول تجاوزت قيمتها ثلاثة مليارات دولار، مما ساعد في دفع صادرات إسرائيل العسكرية إلى مستوياتٍ قياسية، حيث وصلت إلى 11.3 مليار دولار في عام 2021. وفقًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بلغت مبيعات الأسلحة لدول الخليج التي أبرمت اتفاقيات تطبيع نحو 7٪ من إجمالي صادرات الأسلحة لعام 2021. على سبيل المثال، وقعت إسرائيل مع المغرب صفقة لبناء مصانع للطائرات المسيَّرة، وشراء نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “سكاي لوك” وعشرات الطائرات المسيرة. بالمثل، اشترت الإمارات نظام الدفاع الجوي المتحرك “سبايدر” الذي تنتجه شركة رافائيل، والذي يُستخدم لإسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة، ويهدف إلى صد هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ، خصوصًا تلك التي قد تطلقها جماعة الحوثي من اليمن[14].

ومن المهم الإشارة إلى أن التطبيع الاقتصادي في هذا المجال يحمل دلالات عدة؛ حيث يأتي زيادة حجم الصادرات الإسرائيلية من الأسلحة للدول العربية في إطار تعزيز العلاقات السياسية مع تلك الدول، ولكنه يتجاوز ذلك إلى نوع من السيطرة والهيمنة الإسرائيلية في هذا المجال والسعي نحو تعزيز أمنها القومي،  كما جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس الذي أكد أن تعزيز وزيادة اتفاقات تصدير الأسلحة للدول العربية تأتي في إطار تعزيز أمن إسرائيل نفسها، وهو ما يؤكد أن الأمر لا يتوقف عند فكرة تصدير واستيراد أسلحة، ففكرة تعزيز أمن تل أبيب من خلال زيادة صادرات الأسلحة، يبرهن على عدم خشية الكيان الإسرائيلي من تنامي قوة دولة ما إذا استوردت الأسلحة التي تصنعها، لأنها تعلم قدراتها، وتعلم كيفية التغلب عليها ومواجهتها بصفتها الدولة المصنعة. وفي هذا السياق، قامت إسرائيل بوضع قيود على تصدير الأسلحة الهجومية للدول الخليجية والمغرب التي تستورد كذلك من إسرائيل، بينما اختلف الأمر بشأن تصدير الأسلحة الدفاعية، وذلك بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، وهو ما يفسر طرح النية الإسرائيلية في عدم وجود دولة أقوى منها في المنطقة، خاصة تلك التي تستورد منها الأسلحة، حيث تبقى الأسلحة الهجومية الإسرائيلية محظورة التصدير للدول العربية[15].

ثالثًا- التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل مراحله ومآلاته:

أ) التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل ما قبل صفقة القرن

حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان التطبيع الاقتصادي مع “إسرائيل” يُعدّ محظورًا على المستوى الشعبي ومرفوضًا من قبل الحكومات، حتى في الدول التي وقعت اتفاقيات تطبيع مثل مصر والأردن.

ورغم وجود بعض الخروقات من بعض الدول، إلا أنها كانت محدودة وتتم بشكلٍ سري في بعض الأحيان أو عبر وسطاء من جهةٍ أخرى، والدليل على ذلك هو أن إجراءات المقاطعة العربية بمختلف درجاتها كانت لا تزال فعالة ومؤثرة على مستوى المؤسسات. وبالتالي، يمكن القول إن التطبيع الاقتصادي قبل تسعينيات القرن الماضي كان مرتبطًا بالتطبيع السياسي، أو كان بمثابة محاولة لترسيخ هذا التطبيع السياسي وإنهاء المقاطعة الاقتصادية[16].

 في المرحلة التي تلت بداية الألفية الجديدة، أصبح التطبيع الاقتصادي بمثابة خطوة تهدف إلى كسر الحاجز الشعبي والرسمي تجاه مسألة التطبيع. من مظاهر التطبيع في هذه المرحلة ما جاء من بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لعام 2016، حيث قُدّر إجمالي الصادرات الإسرائيلية من السلع والخدمات إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 7 مليارات دولار أمريكي سنويًا، من بينها أكثر من مليار دولار أمريكي لدول الخليج العربية. وتمثل أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 7 في المئة من إجمالي الصادرات، و6 في المئة من إجمالي الواردات الإسرائيلية من السلع والخدمات.

ولم يختلف الحال مع الدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل؛ فعلى سبيل المثال تم توقيع اتفاقية “الكويز” عام 2004، وهي اتفاقية تجارية تضم كلا من مصر والولايات المتحدة وإسرائيل. تسمح هذه الاتفاقيه بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة لتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة،‏ حيث تتمتع منتجات هذه المناطق بميزة الدخول إلى السوق الأمريكية معفاة من الجمارك بشرط مساهمة كل طرف بمكونات محليه تقدر بـ‏11.7٪‏ على الأقل، وهذه النسبه تمثل ثلث النسبة المقررة ‏(35٪)‏ التي حددتها اتفاقية التجارة بين أمريكا وإسرائيل للمكون الإسرائيلي للدخول إلى السوق الأمريكية بإعفاء كامل‏,‏ حيث تتضمن الاتفاقية ذاتها السماح لإسرائيل باقتسام هذه النسبة سواء مع مصر أو الأردن‏[17].

كما أعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وشركة “نوبل إنيرجي” الأمريكية عن توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من إسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، وفي فبراير 2018 أعلنت شركة دولفينوس القابضة المحدودة للغاز المصرية عن طريق شركة “نوبل إنيرجي” عن توقيع اتفاقية مع مجموعة “ديليك للحفر” الإسرائيلية بقيمة 15 مليار دولار أمريكي، تقوم بموجبها الثانية بتزويد مصر بالغاز الطبيعي. وفي يناير 2019، أعلنت مصر عن تأسيس “منتدى غاز شرق المتوسط” الذي يضم سبع دول من بينها إسرائيل، بغرض إنشاء سوق إقليمية للغاز لتأمين العرض والطلب للدول الأعضاء[18].

أما على الصعيد الفلسطيني، فقد مثل الجانب الاقتصادي أبرز جوانب التطبيع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فالاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكلٍ كامل على الاقتصاد الإسرائيلي، وهو في حالة تبعية أكدت عليها إسرائيل في اتفاق باريس الاقتصادي لعام 1994. فالاتفاق يضع العراقيل أمام أي نشاط اقتصادي فلسطيني بمعزل عن إسرائيل، فهناك معايير إسرائيلية في مسائل الاستيراد والتصدير ما جعل من الضفة الغربية سوقًا خاصة لمنتجات إسرائيل[19].

إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن الدول العربية كانت تبني مسارها التطبيعي في هذه المرحلة على مقاربة السلام مقابل التطبيع حتى لو بمجرد إشارة إسرائيل لذلك، واتسم التطبيع بنوعٍ من البرود كما يصفه البعض. وهذا ينطبق بشكلٍ كبير على مصر والأردن، فحالة السلام البارد تتجسد عندما يتم حل المشاكل الرئيسية بين الجانبين، وتكون قنوات الحوار بين الحكومات فقط، وتوجد قوى سياسية فعالة تعارض السلام القائم. وعلى العكس من ذلك، يكون السلام دافئًا عندما تُحَلُّ المشاكل العالقة بشكل نهائي، ويكون السلام بين الشعوب، وتغيب القوى السياسية المؤثرة التي تناهض اتفاق السلام، كما هي الحال مع بعض الدول التي وقَّعت اتفاق أبراهام[20].

ب) التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل بعد صفقة القرن

في مسعاه لإقناع كافة الأطراف للتوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة، عُرفت لاحقًا باسم صفقة القرن، تقوم على فكرة السلام معكوسًا لكن دون تحقيق الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين في التحرر والاستقلال، وإذا كان منطق مبادرة السلام العربية يفيد بأن السلام يأتي أولًا ثم التطبيع، فإن منطق صفقة القرن يفيد بأن التطبيع يأتي أولًا ثم يتم البحث عن صيغ سلام.

إن المنطق الإسرائيلي كان واضحًا في هذه الصفقة وهو يقوم على فكرة تعود جذورها إلى فكرة “الجدار الحديدي”، للأب الروحي لليمين الإسرائيلي، فلاديمير جابوتنسكي، في النصف الأول من عشرينيات القرن الماضي. وتركز هذه الفكرة على استخدام القوة وتهميش المسألة الفلسطينية حتى يسلِّم العرب بحقيقة وجود إسرائيل، وعدم جدوى المقاومة والمقاطعة. وما إن سلَّم الجانب العربي بهذا المنطق حتى قامت دول عربية بالتطبيع مع إسرائيل دون انتظار المسار الفلسطيني، وجاءت هذه الحملة من التطبيع في سياق اتفاقات أبراهام لتطرح سلامًا حارًّا وتطبيعًا كاملًا على عكس الحالة الأردنية والمصرية. المفارقة هنا أن إسرائيل كانت تحتل أراضي مصرية وأردنية، لكن في حالة الإمارات والبحرين والمغرب والسودان مثلًا لم تكن هناك حروب مباشرة مع إسرائيل ولم تحتل الأخيرة أراضي تابعة لهذه الدول[21].

يأتي التطبيع العربي-الإسرائيلي الأخير، والذي يحمل اسم “اتفاق أبراهام”، في سبتمبر 2020، في ظل انهيار النظام العربي، الذي أصبح هشًّا وتنافسيًّا ومخترقًا، وفي ظل انكشاف إستراتيجي غير مسبوق للفلسطينيين وبخاصة بعد أن تجاوزت بعض الأنظمة العربية وبشكل علني مركزية القضية الفلسطينية. وعلى نحوٍ لافت، وصل التطبيع إلى مرحلة تحالف تهدف إلى رسم خريطة نفوذ جديدة في المنطقة تستند إلى فكرة مركزية تفيد بأن إسرائيل باتت عنصر استقرار. واكتسبت هذه الفكرة زخمًا غير مسبوق بعد أن أعادت بعض الدول الخليجية تحديد مصادر التهديد، فاعتبرت إيران، وليس إسرائيل، وسياساتها التوسعية هي مصدر التهديد الرئيس[22].

يتصدر التعاون الاقتصادي قائمة الأهداف التي وضعتها الأطراف المشاركة في النسخة الأخيرة من برنامج التطبيع “صفقة القرن”، وذلك بناءً على عاملين: الأول هو أنَّ منطقة الأطراف المطبعة هي ساحة التعاون الاقتصادي، والثاني هو استخدام التطبيع الاقتصادي كوسيلة لتوسيع قائمة الدول المطبعة مع الكيان الإسرائيلي[23]. فتبادل العلاقات الاقتصادية والتبادل الاقتصادي والمنافع الاقتصادية المشتركة يمثل حجر الزاوية في الرؤية الإسرائيلية للسوق الشرق الأوسطية التي تتمثل في ثلاثية رأس المال العربي والنفط العربي، والأيدي العاملة العربية، والتكنولوجيا الإسرائيلية[24].

من هنا كان لاتفاقات أبراهام أثرًا كبيرًا في تسريع وتعميق مسار التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل الدول العربية، فقد ساهمت أيضًا في كسر حاجز إظهار العلاقات بين إسرائيل والدول العربية بشكلٍ علني، إذ تم افتتاح ممثليات دبلوماسية إسرائيلية في الدول التي وقعت الاتفاقيات، وتم إنشاء خطوط جوية مباشرة بين تل أبيب وأبو ظبي، ودبي، والمنامة، والدار البيضاء، ومراكش. كما جرت زيارات متبادلة بين العديد من الوزراء والمسؤولين العسكريين والسياسيين ورجال الأعمال من الدول المطبعة، حيث تم توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات متعددة؛ ومن ضمن ذلك تم توقيع العديد من الصفقات التجارية وكانت الصفقات الأكثر ربحية بين إسرائيل والإمارات، حيث تجاوزت قيمة التبادلات التجارية نصف مليار دولار في السنة الأولى من تطبيع العلاقات. وعلى مدار عامين من توقيع اتفاقات التطبيع، شهدت العلاقات العربية الإسرائيلية العديد من التطورات المهمة؛ فقد زار وفد إماراتي إسرائيل في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، حيث تم توقيع اتفاقيات في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطيران والإعفاء من التأشيرات.

وفي ديسمبر 2021، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، نفتالي بينت، بزيارة رسمية إلى أبو ظبي، وهي أول زيارة علنية لرئيس وزراء إسرائيلي إلى الإمارات، أيضًا كشف موقع “إسرائيل ديفينس” -يوم 9 فبراير 2022- عن شراء البحرين أنظمة رادارات مضادة للطائرات المسيّرة من شركة إسرائيلية. كما أن المغرب وقع عدة اتفاقات تعاون مع إسرائيل في عدة مجالات، ومنها المجال الاقتصادي[25].

وقد أعلنت إسرائيل رغبتها في تأسيس علاقات اقتصادية متعدّدة الأوجه مع الدول المطبّعة، إذ أعلنت تل أبيب صراحة أنَّها مهتمّة مثلًا ببناء علاقات اقتصادية مع السودان، وتعزيز العلاقات القائمة منذ سنوات مع كلٍّ من المغرب والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتطويرها.

وبخلاف العلاقات مع مصر والأردن، فإن تل أبيب مهتمة ببناء علاقات تجارية واسعة مع الشركاء الجدد لها في المنطقة العربية، سعيًا لفتح أسواق جديدة أمام المنتجات الإسرائيلية، وتنشيط الحركة الإنتاجية لقطاعات الصناعة والزراعة والمياه والخدمات والتكنولوجيا، وتحفيز دول أخرى على الانخراط في مسيرة التطبيع، وتحقيق مكاسب اقتصادية في هذه المرحلة التي تشهد فيها اقتصاديات المنطقة أزمات مختلفة، لكن بما يضمن الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية[26].

وقد كشف تقرير حديث أصدره مكتب الإحصاء الإسرائيلي عن ارتفاع التبادل التجاري بين إسرائيل و5 دول عربية خلال النصف الأول من عام 2024. ووفق التقرير، فإن إجمالي حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والإمارات ومصر والأردن والبحرين والمغرب بلغ 367 مليون دولار في شهر يونيو 2024 وحده، وبحسب البيانات الرسمية الإسرائيلية، تصدرت الإمارات تلك الدول بنحو 272 مليون دولار وهو ما يمثل زيادة 5٪ عن الفترة المقابلة من عام 2023. وجاءت مصر في المركز الثاني بـ35 مليون دولار بزيادة 29٪ عن المسجل في يونيو 2023، واحتلت الأردن المركز الثالث بين هذه الدول العربية بـ35 مليون دولار ما يمثل تراجعًا بنسبة 14٪ مقارنة بيونيو 2023، أما حجم التجارة بين إسرائيل والبحرين فزادت بنسبة قياسية بلغت 740٪ مقارنة بالفترة المقابلة من عام 2023، وزادت أيضًا التجارة بين المغرب وإسرائيل بنسبة 124٪ في يونيو 2024 مقارنة بيونيو 2023[27].

ج) نتائج التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل

عمليًا، لم يعد هناك سوى ما يُقارب 6-7 دول عربية لم تدخل في دائرة التطبيع الاقتصادي المؤدي إلى تطبيع سياسي مع “إسرائيل”، إنما يعاني معظم هذه الدول من ضغوط وأزمات اقتصادية بات يروج بين الأوساط الشعبية أن المخرج الوحيد منها هو السير في ركب التطبيع الاقتصادي، والاستفادة من منافع المشروعات الإقليمية والدولية المدعومة غربيًا، والحصول على مساعدات خارجية، لكن تجربة بعض الدول المطبعة تقول غير ذلك.

فالأراضي العربية المحررة في فلسطين والخاضعة اليوم للسلطة الوطنية الفلسطينية مثلًا لم تحصل على المساعدات الكافية لجعلها مزدهرة، كما كان يروج، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السودان الذي دخل في نزاع مدمر عوضًا عن رفع العقوبات عنه، كما كانت قيادته العسكرية تأمل[28].

فبينما تحسن بالفعل الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة لهذا التطبيع تدهور في المقابل اقتصاد الدول العربية، سواء التي أبرمت اتفاقيات السلام مع إسرائيل أو التي لم تقدم على هذه الخطوة، فالكيان الصهيوني كان ناتجه المحلي في 1979 نحو 21.5 مليار دولار، قفز في 2018 إلى 370.5 مليار دولار، وهو أعلى من ناتج مصر المحلي الذي بلغ في 2018 حوالي 250 مليار دولار فقط.

وبعد مصر، دخلت السلطة الفلسطينية في مصيدة السلام مع الكيان الصهيوني، عبر مؤتمر مدريد 1991 واتفاق أوسلو 1993، وتم التعهد فيه بالحكم الذاتي للفلسطينيين تمهيدًا لمفاوضات الوضع النهائي، الذي لم يأت بعد، وكانت وعود تدفق الأموال إلى غزة والضفة الغربية لا تنقطع، ولكن الواقع شهد تقويض الحكم الذاتي، وهدم أية بنية أساسية تم إنجازها لصالح الحكم الذاتي الفلسطيني، وعاد الخناق بالحصار على الضفة وغزة، وترويض السلطة الفلسطينية عبر التحكم بالتدفقات المالية من خارج فلسطين، أو الإمساك بعوائد الجمارك والضرائب التي تُحصل من الشعب الفلسطيني.

وبالنسبة للأردن أيضًا، فعندما وقعت الأردن اتفاقية السلام في 1994 كانت النتيجة أن الكيان الصهيوني بات يجني ثمار السلام الاقتصادية، بينما يبقى الاقتصاد الأردني يعتمد على المعونات والقروض، وبعض العوائد الريعية من تصدير الخدمات.

وبشأن المكاسب الإسرائيلية في مجال الطاقة، فقد حقق الكيان قفزات استراتيجية منها ما تم نتيجة إعادة ترسيم الحدود في منطقة شرق البحر المتوسط، مما مكن الكيان الصهيوني أن ينقب ويستخرج الغاز الطبيعي من شواطئ فلسطين المحتلة على البحر المتوسط. ليتحول الكيان الصهيوني من دولة مستوردة للطاقة، إلى دولة مصدرة للغاز الطبيعي، ليتدفق الغاز الطبيعي من فلسطين المحتلة إلى كلٍ من مصر والأردن لصالح اقتصاد الكيان الصهيوني[29].

وبالطبع، فإن هناك عدة مآرب يسعى إليها الكيان الصهيوني من تصدير الغاز الطبيعي لكل من مصر والأردن، على رأسها دمجه مع دول المنطقة بصورة طبيعية من خلال المصالح الاقتصادية المتبادلة، وبخاصة من خلال سلعة استراتيجية مهمة كالطاقة، لا سيما وأن الدول الثلاث تصنف الآن على أنها مستورد صاف للطاقة[30]. هذا فضلًا عما يمثله تصدير الغاز من ورقة رابحة في يد إسرائيل، تمنحها المزيد من القوة السياسية[31].

على صعيدٍ آخر، تعد الإمارات من أكثر الدول استفادة على صعيد المكاسب الاقتصادية؛ فمنذ توقيع اتفاق تطبيع العلاقات، أبرمت الإمارات وإسرائيل عددًا من الاتفاقات التجارية، وارتفع عدد الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والزراعة في البلد الخليجي. كما استفاد كل من الكيان الإسرائيلي والإمارات من السياحة والتبادلات الثقافية والاتفاقات في مجال الأمن السيبراني، فعلى سبيل المثال ذكر رئيس أمن السايبر في الحكومة الإماراتيّة محمد الكويتي، بأن “تبادل المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية يساعد بلاده في ردع محاولات القرصنة وحلها”[32]، وكذلك الأمر على صعيد التبادل الدبلوماسي، حيث زار نحو 200 ألف إسرائيلي الإمارات منذ إقامة العلاقات، بحسب القنصل العام لإسرائيل في دبي[33].

رابعًا- مستقبل التطبيع الاقتصادي بعد طوفان الأقصى:

تشير البيانات الحديثة عن التجارة العربية مع إسرائيل خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلى أن الدول العربية زادت من صادراتها ووارداتها (أو إحداهما) مع إسرائيل خلال أشهر الحرب التي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023، ما يؤشر إلى أن العلاقات الاقتصادية للدول المطبعة مع إسرائيل، لم تتأثر بغضب الشارع العربي من استمرار التجارة مع الاحتلال خلال الحرب، فبحسب البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي تظهر البيانات الرسمية الإسرائيلية، أن قيمة صادرات الدول العربية الخمس المطبعة إلى إسرائيل وصلت إلى 2 مليار و897 مليون دولار، (من أكتوبر 2023، وحتى نهاية أغسطس 2024).

وارتفعت الصادرات العربية لإسرائيل خلال أشهر الحرب بـ122 مليون دولار، مقارنة مع نفس الفترة من العامين 2022 و2023 (من أكتوبر 2022 وحتى نهاية أغسطس 2023)، حيث بلغت 2 مليار و771 مليون دولار.

وبالنسبة لواردات إسرائيل إلى الدول العربية خلال أشهر الحرب، فبلغت 1 مليار و104 ملايين دولار، في حين كانت قيمة الواردات خلال نفس الأشهر من العامين 2022 و2023، 923.6 مليون دولار.

بذلك يصل حجم التبادل التجاري بين الدول المطبعة وإسرائيل إلى 4 مليارات دولار، خلال أشهر الحرب على غزة، فيما كان حجم التبادل خلال نفس الأشهر من العامين 2022 و2023: 3.6 مليار.

إلا أنه تجدر الإشارة إلى استحواذ الإمارات على أكثر من ثلثي حجم تجارة الدول العربية مع إسرائيل خلال فترة الحرب، إذ يفوق حجم تجارتها مع إسرائيل مجموع حجم التبادل التجاري لبقية الدول العربية الأخرى مجتمعة. في جانبٍ آخر تُشير إليه بيانات التبادل التجاري بين الدول العربية وإسرائيل، خلال الحرب مع غزة، يظهر تحليل البيانات أن الجانب الأكبر من هذا التبادل قامت به “دول اتفاقيات أبراهام”، وهي الإمارات، والبحرين، والمغرب، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين هذه الدول الثلاث مجتمعة وإسرائيل، 3 مليارات و54 مليون دولار، من أصل 4 مليارات دولار هي الحجم الإجمالي للتبادل بين الدول المطبعة وإسرائيل خلال الحرب أي أن هذه الدول الثلاث استحوذت على 76.3٪ من حجم التبادل التجاري مع إسرائيل خلال الحرب[34].

ولكن على صعيد الرؤية المستقبلية، يشير بعض الخبراء الاقتصاديين أن الحرب على غزة وما تكبدته إسرائيل فيها من خسائر مادية جعلت بعض الشركات التي كانت تحاول فتح فروع لها في إسرائيل تصرف نظر عن الفكرة، في ظل مؤشرات عدم الأمان في داخل دولة الاحتلال، وتوتر جبهات الحدود، وتصاعد التوتر الإقليمي.

وفي هذا السياق، يكون مستقبل التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل والدول الخليجية، خاصةً السعودية والإمارات، بات معرضًا للخطر. فعلى الرغم من أن الإمارات مازالت تدعم إسرائيل ماديًا، يشير البعض إلى أن هذا الدعم يأتي في إطار حسابات جيوسياسية لا علاقة لها بحسابات الاقتصاد، فأبو ظبي ترى أن إسرائيل حليف دفاعي يمهد لها الطريق بأروقة الكونجرس الأمريكي.

أما السعودية، فلا يتوقع انخراطها في علاقات قريبة مع إسرائيل، حيث بدأت الدول الخليجية تشعر بأن إسرائيل ربما تمثل عبئًا اقتصاديًّا عليها خلال المرحلة المقبلة، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي من جانب، وتصاعد حركات المقاطعة الشعبية لمنتجات الشركات الداعمة للاحتلال من جانبٍ آخر. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الدول التي كانت راغبة في التطبيع سابقًا مع إسرائيل، في مراجعة حساباتها، في ظل خسارة دولة الاحتلال معركة السردية العالمية ولشعبيتها لدى الأجيال الجديدة في الغرب، ما يعني أن المستقبل قد لا يحمل منافع للدول المطبعة بقدر ما يحمل من أعباء[35].

من ناحية أخرى، يشير البعض إلى أن وصول ترامب لرئاسة الولايات المتحدة لمرة ثانية قد يجعل هناك سبيلًا لاستكمل صفقة القرن، ولكن بالأخذ في الاعتبار متغيرات الواقع الجديد وعودة القضية الفلسطينية للمركز مرة آخرى يستبعد آخرون ذلك ويرون أن صفقة القرن بصورتها القديمة مستبعدة. ولكن هناك احتمال كبير بظهور نسخ جديدة منها تختلف عن سابقاتها بحيث تراعي متغيرات الواقع الجديد، إلا أن الأبعاد الاقتصادية ستظل حاضرة في خطط ترامب التي يُسميها “صفقات”[36].

لكننا نقول إنه على الرغم من الاستمرار النسبي لصور التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل وبعض الدول العربية، إلا أن طوفان الأقصى كان بلا شك حدثًا استثنائيًا أصاب مسألة التطبيع برمتها لأنه أعاد للقضية الفلسطينية مركزيتها وزخمها بين الشعوب العربية والإسلامية وبالتالي رفع مستوى الرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وعطل مسار التطبيع الرسمي، ولو بشكلٍ مؤقت؛ حيث بات من الصعب على الدول التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل، أو تلك التي كانت على وشك التوقيع على اتفاقيات مماثلة، بدعوى تحقيق المصالح المشتركة، ومواجهة التهديدات أن تبيع هذه الرؤية لجماهيرها[37].

خاتمة:

من خلال ما سبق يتبين أن التطبيع الاقتصادي باعتباره إحدى صور التطبيع مع الكيان الإسرائيلي يمثل إحدى وسائل الهيمنة التي يسعى الكيان الصهيوني لاكتسابها في المنطقة، فقد كان هو الرابح الأكبر من هذا المسار التطبيعي، خاصة وأن هذا المسار له طبيعة خفية وغير مباشرة وتدريجية، ما يجعله وسيلة جيدة لتحقيق الأهداف المطلوبة دون المصادمة المباشرة مع الشعوب الرافضة للتطبيع، فهو يمهد ويكرس التطبيع السياسي ويحقق مزيدًا من الهيمنة على الدول العربية الساعية فيه في ظل ما يعانيه بعضها من أزمات اقتصادية تتوهم أن تجد مخرجها في مثل هذه الصور من التعاون.

لكن تظل إرادة الشعوب عاملًا لا يمكن تجاوزه، وقد برهن طوفان الأقصى على ذلك، فبعد أن بلغ مسار التطبيع مع إسرائيل مراحل لم يسبق لها مثيل في إطار ما يُعرف بـ “صفقة القرن”، جاء هذا الطوفان ليرسخ الحقائق التاريخية ويعيد لهذه القضية زخمها ومكانتها على المستوى العربي والإسلامي كذلك، على المستوى العالمي ليتعطل بذلك مسار التطبيع كما تشير المؤشرات الاستشرافية.

——————————————————-

الهوامش

[1] معين الطاهر، جذور التطبيع: تاريخه ومراميه، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، العدد 130، 2022، متاح عبر الرابط التالي:

https://shorturl.at/G1q9d

[2] علاقات إسرائيل مع الدول العربية: نحو معادلة إقليمية جديدة، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، 21 نوفمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي:

https://shorturl.at/jyPGM

[3] معين الطاهر، جذور التطبيع: تاريخه ومراميه، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مرجع سابق.

 [4] السودان يلغي قانون مقاطعة إسرائيل، سكاي نيوز،  6 أبريل 2012، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/v4yAu

[5] أصدر رئيس دولة الإمارات مرسومًا يقضي بإلغاء “قانون مقاطعة إسرائيل” في الإمارات، القانون من أجل فلسطين، 29 أغسطس 2020، متاح على الرابط التالي:https://shorturl.at/d3c03

[6] معين الطاهر، جذور التطبيع: تاريخه ومراميه، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مرجع سابق.

[7]  المرجع السابق.

[8] علاقات إسرائيل مع الدول العربية: نحو معادلة إقليمية جديدة، مرجع سابق.

[9] المرجع السابق.

[10] أوهام الاقتصاد من كامب ديفد إلى صفقة القرن إسرائيل تربح والعرب يخسرون، الجزيرة، 5 فبراير 2020، عبدالحافظ الصاوي، متاح عبر الرابط التالي: https://rb.gy/stgwtq

[11] حسن البراري، التطبيع مع إسرائيل بين السلام البارد والسلام الدافئ، مركز الجزيرة للدراسات، 14 نوفمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي:

https://rb.gy/ha74or

[12] أحمد الجندي، التطبيع التحديات وإمكانية المواجهة، المسار للدراسات الإنسانية، 17 سبتمبر 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/N2XTG

[13] زياد غصن، إسرائيل دول عربية: التطبيع الاقتصادي لتغيير المزاج الشعبي، الميادين، 26 سبتمبر 2023، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/cRPTc

 

 

[14] علاقات إسرائيل مع الدول العربية: نحو معادلة إقليمية جديدة، مرجع سابق.

 

    [15] محمد وازن، إسرائيل وتصدير السلاح للعرب: تجارة أم سيطرة، إضاءات، 2 ديسمبر 2022، متاح عبر الرابط التالي: https://rb.gy/uaf9nu

[16] زياد غصن، إسرائيل دول عربية: التطبيع الاقتصادي لتغيير المزاج الشعبي، مرجع سابق.

[17] اتفاقية الكويز، الجزيرة، 8 ديسمبر 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/hblWY

 

[18] التطبيع العربي مع إسرائيل: مظاهره، ودوافعه، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 21 يونيو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://rb.gy/4yhoqz

[19] حسن البراري، التطبيع مع إسرائيل بين السلام البارد والسلام الدافئ، مرجع سابق.

[20] المرجع السابق.

[21] المرجع السابق.

[22]المرجع السابق.

[23] زياد غصن، اقتصاد التطبيع خريطة جديدة للتحالفات والمصالح، الميادين، 18 أكتوبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/AaB1r

[24] عبدالعليم محمد، “اتفاقيات أبراهام” والنموذج الجديد للتطبيع: قراءة تحليلية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، العدد 140، 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/JiAAE

 

 

[25] اتفاقيات أبراهام موجة التطبيع العربي مع إسرائيل، الجزيرة، 6 سبتمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي:https://shorturl.at/6YHYy

[26] زياد غصن، اقتصاد التطبيع خريطة جديدة للتحالفات والمصالح، مرجع سابق.

 [27] ارتفاع التبادل التجاري بين إسرائيل و4 دول عربية وتراجعه مع واحدة، الجزيرة، 22 أغسطس 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/mYYtV

 [28] زياد غصن، إسرائيل دول عربية: التطبيع الاقتصادي لتغيير المزاج الشعبي، مرجع سابق.

 [29] أوهام الاقتصاد من كامب ديفد إلى صفقة القرن إسرائيل تربح والعرب يخسرون، مرجع سابق.

  [30] عبد الحافظ الصاوي، مآرب تسويق الغاز الإسرائيلي لدول المنطقة، الجزيرة، 4 أكتوبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/pENMe

[31] حقائق الغاز “الإسرائيلي واعتباراته الاقتصادية والسياسية، مركز رؤية للتنمية السياسية، 19 ديسمبر 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/ZkPkR

 [32] إسرائيل” والإمارات.. تعاون مستمر ومشبوه في التكنولوجيا والأمن السايبيري، الميادين، 2 يونيو 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/TO03d

 [33] ما المكاسب الاقتصادية التي حققتها الإمارات بعد عام على التطبيع مع إسرائيل، فرانس 24، 14 سبتمبر 2021، متاح عبر الرابط التالي: https://rb.gy/qml8v4

 [34] الإمارات ومصر بالصدارة. زيادة حجم التجارة العربية مع “إسرائيل” خلال حرب غزة، الاقتصاد نيوز، 21 أكتوبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/CnIO0

[35]  كريم رمضان، خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من حرب غزة تضرب خطط التطبيع، العربي الجديد، 4 فبراير 2024، متاح عبر الرابط التالي:

https://shorturl.at/halkD

[36] يحيى كناكريه وحسام العسال، هل تعود “صفقة القرن” إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بي بي سي، 23 نوفمبر 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://shorturl.at/Psvyf

 [37] أحمد الجندي، إسرائيل والتطبيع بعد عملية طوفان الأقصى، منتدى الدراسات المستقبلية، مرجع سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى