مسلمو الإيجور: الملف الضائع بين الحملات الإعلامية المناهضة والموالية للصين

مقدمة:

تم تصعيد ملف مسلمي الإيجور في الصين دوليًّا في السنوات الأخيرة على نحو غير مسبوق. وتعالت في الفترة الأخيرة أصوات متباينة الاتجاهات بين مَنْ يقول بأن واقع الإيجور أكثر فظاعة ويعانون اضطهادًا وقمعًا وحشيًّا غير متصوَّر من قبل السلطات الصينية، واتجاه رأي آخر يقول بأن الأمر محض حملة إعلامية دولية يقودها الغرب ضدَّ الصين التي يصعد نجمها كقطب عالمي بشكل مطَّرد، وأن مقاطعة شينجيانج، أو تركستان الشرقيَّة معقل مسلمي الإيجور، هي جزءٌ مهمٌّ من مبادرة طريق الحرير الجديد، كما أنَّها منطقةٌ غنيَّةٌ بالموارد الطبيعيَّة، ممَّا جعلها محورًا مهمًّا في استراتيجية التنمية الصينية الراهنة، وبالتالي فهي محط أنظار وتركيز منافسي الصين وحملاتهم الإعلامية ضدها. فما واقع الأمر؟ وما أبعاد الحملات الإعلامية والحملات المضادة حول قضية الإيجور؟ ولماذا غاب ملف مسلمي الصين عن الوعي الجمعي الإسلامي بهذا الشكل؟ ولماذا قضية الإيجور بخاصة من مسلمي الصين؟ وكيف نسترد هذا “الملف الضائع” ونستعيد مسلمي الصين المنسيين إلى وعينا؟ وكيف نفعِّل دورنا في نُصرتهم؟ يتناول هذا التقرير هذه الأبعاد على نحو ما يلي:

أولًا- معلومات وحقائق أساسية عن المسلمين في الصين:

ولأن الصين تمثِّل نموذجًا لما يُسمَّى دولة “حضارة”؛ إذ تأسَّست فيها واحدة من أقدم الحضارات والثقافات عبر التاريخ، وعرفت عبر تاريخها كدولة إمبراطورية: شاسعة المساحة، مكتظَّة بالسكان، قوية في مختلف الأبعاد، مهيمنة على ما دونها وما حولها من دول، فهي المركز وما حولها الأطراف أو الهوامش (لذا سُمِّيَتْ بالممكلة الوسطى)، وصعوبة لغتها وتعدُّد لهجاتها، فضلًا عن بُعدها الجغرافي عن حواضر عالمنا العربي والإسلامي…، كل ذلك جعلها يصدق فيها القول: “المشكلة الحقيقية أن تنفذ إلى أعماق الصين لتصل إلى جوهر أية قضية، المسلمين أو غيرهم”[1].

وقد تأسَّست جمهورية الصين الحديثة على دعامتين أساسيَّتين: عرقية الهان، والولاء للنظام الشيوعي. فالهان يمثِّلون الأغلبية الساحقة من مجموع السكان (92% من الشعب الصيني)، وعلى الأقليات والعرقيات الأخرى أن تذوب في وسط هذا المحيط البشري الهائل كي تتجنَّب التمييز العنصري، فحتى الصينيون من ذوي الأصول الكورية يعانون من تمييز، رغم أن ملامحهم تكاد تتطابق مع الهان بشكل يجعل من الصعب على الغرباء التمييز بينهم. وشملت سياسات الحزب الشيوعي معاداة جميع الأديان والأيديولوجيات الأخرى، وألزمت الجميع الخضوع للحكومة الشيوعية وشمل الأمر إقليم التبت، التي يمثِّل المسلمون فيه أقلية، فتمَّ اضطهاد كل أشكال التدين فدُمِّرت آلاف المعابد والمساجد، واعتُقل الرهبان وعُذِّبوا بتهمة العمالة للغرب، ومُنع الجميع من ممارسة أي نوع من الشعائر الدينية، وسادت إثرها موجات من الفوضى. وقد مارس “ماو” خلال حكمه الذي امتدَّ لسبعة وعشرين عامًا أشكالًا مختلفة من الدمج القسري للأقليات من أجل أن ينصهر الجميع في سبيكة واحدة، وبلغت هذه السياسة مداها خلال فترة «الثورة الثقافية» الممتدَّة من عام 1966 إلى 1976. فخلال هذا العقد تعرَّض المتديِّنون في جميع أنحاء البلاد للتنكيل، حتى أتباع الكونفوشيوسية التي يعتنقها القطاع الأكبر من السكان، وتسبَّبت موجات العنف في مئات الآلاف من الضحايا، وتدمير جزء مهم من تراث البلاد الثقافي الذي لا يتوافق مع الشيوعية.

وعلى الرغم من موت “ماو” عام 1976، وانطلاق التحديث الاقتصادي بقيادة “دينج شيبينج”، واستمرَّت سياسة “الصيننة” في منحنى تصاعدي بشكل أكثر تخطيطًا من ذي قبل؛ فأصبح تعلُّم اللغة الصينية ملزمًا للأقليات لإثبات ولائهم الوطني، وتمَّ التركيز على شعبي “التبت” و”تركستان الشرقية” بالذات؛ فكلاهما يشغل الدينُ حيِّزًا كبيرًا في حياتهما، ولكل منهما هُويته وثقافته الخاصَّة، بالإضافة إلى نزعة الاستقلال لديهما، وهو ما يشكِّل قلقًا كبيرًا مستمرًّا لدى بكين[2].

المسلمون في الصين يمثِّلون أحد العرقيات ضمن 56 عرقية. يشكِّل المسلمون عامة في الصين أقل من 2% من إجمالي السكان، ويبلغ عدد الأقليات المسلمة في الصين عشرة أقليات تصنَّف إلى أربع مجموعات أبرزها الهُوِي والإيجور(*)، وهما الأقليتان اللتان تتقاسمان نفس الجذور العرقية مع المجموعة الرئيسية في البلدان المجاورة (فأقلية الهُوي تنحدر من بلدان كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وروسيا وأفغانستان، وأما أقلية الإيجور فهم مزيج من الأتراك والمغول، وقبائل السكان الأصليِّين)، وتعتبر العلاقة بين المجموعتين المذكورتين وبين الدولة علاقة أكثر أهمية؛ لأنهما يمثِّلان السكان المسلمين بنسبة 89.2% وهما أكبر أقلية في منطقة الشمال الغربي[3].

أمَّا الإيجور، فلم يندمجوا في شعب الهان، كما أنهم لم يتنازلوا عن هويتهم الإسلامية لصالح هوية الدولة الصينية. فشعب الإيجور مجموعة كبيرة (تقدَّر حاليًّا ما بين 10 و12 مليون نسمة)، كان أسلافهم من سكان شينجيانج القديمة (تُرْكستان الشرقية)، وخاصة المنطقة الجنوبية منها. وترجمتها “أرض الأتراك” بلغة الآريين في آسيا الوسطى، فهم مزيج من الأتراك والمغول، وقبائل السكان الأصليِّين. يعيش معهم في شينجيانج ملايين من القرغيز والكازاخ، وبعض الشعوب الصينية كقومية (الهان) بحوالي 6 مليون نسمة. وعلى الرغم من أن الإيجور عاشوا في شينجيانج لفترة طويلة، فلم يخضعوا للحكم الصيني حتى منتصف القرن الثامن عشر. ولم ينجح أيٌّ من الحكام الصينيِّين من استيعاب الإيجوريِّين في الثقافة الصينية؛ حيث إن أغلب الإيجوريِّين لا يتكلَّمون الصينية، فضلًا عن ندرة التزاوج ما بين شعبي الإيجور والهان، وتزداد الاحتكاكات بين الفريقين؛ بسبب كثرة الخلافات العرقية بينهما. لقد أثبت التاريخ أن قيادة شعب الهان، باعتبارهم المجموعة الحاكمة، عادة ما تطبِّق وسائل قمعية لتأمين سيطرتها في إقليم شينجيانج؛ لأنها تستبعد وجود فكرة الانتماء لدى الإيجوريين إلى الأمة الصينية الكبرى[4].

وأمَّا شعب الهُوِي، فرغم أنهم أكبر جماعة مسلمة من حيث العدد في الصين، فهم خلافًا للإيجور، اندمجوا إلى حدٍّ كبير من حيث اللغة والثقافة في شعب الهان ذي الأغلبية؛ ممَّا انعكس في إضفاء الطابع الصيني على تديُّنهم وإخضاع هُويَّتهم الإسلامية للهُويَّة الصينية الجامعة(*). فأصبح شعب الهُوي يمارس الإسلام من خلال المواد المترجمة إلى اللغة الصينية؛ مما يعكس إضفاء الطابع الصيني في توطين العقيدة الإسلامية للهوي. ولا يرى نظام جمهورية الصين الشعبية عقيدة أقلية الهوي على أنها تشكِّل خطرًا محتملًا على الحكومة؛ لأن معظم المسلمين الهوي يعتبرون أنفسهم صينيِّين، وهذا هو السبب وراء تخفيف القيود الدينية المفروضة عليهم[5].

ثانيًا– اضطهاد الإيجور حلقة من مسلسل متصل مع الحزب الشيوعي

حاول الإيجور الحصول على الحكم الذاتي من الجمهورية الصينية التي حكمت من عام ١٩١٢ إلى عام ١٩٤٩، أحيانا مع السعي إلى الحصول على بعض الدعم الخارجي. لسوء حظهم، كان المصدر الواقعي الوحيد لمثل هذا الدعم هو الاتحاد السوفيتي. في ثلاثينيات القرن العشرين أدَّت ثورة واسعة النطاق إلى إنشاء جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية في كاشغار، لكن موسكو فضَّلت الوقوف إلى جانب الحكم الصيني في حينه؛ فساعدت في سحق الثورة.

في الأربعينيات، دعم ستالين انتفاضة غربي تلك المنطقة ممَّا أدَّى إلى ظهور ما يعرف بجمهورية تركستان الشرقية الثانية حيث نالت استقلالها عام 1944. وتم التضحية بتلك الجمهورية عندما أبرم ستالين صفقة مع ماو للسماح لجيش التحرير الشعبي بالسيطرة على الإقليم فسقط وذلك في عام ١٩٤٩. وقام الشيوعيون بمجازر واسعة لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد ضحاياها، وإن قدَّرها البعض بقرابة مليون قتيل. أطلق الصينيُّون على الإقليم اسم “شينجيانج”، وهو ذات الاسم الذي سبق وأطلقتْه مملكة المانشو الصينية على الإقليم بعد احتلاله عام 1760. ثم تخلَّى الحزب الشيوعي عن التزامه بحقِّ تقرير المصير فيها، ولم يقدِّم سوى شكل محدود من “الحكم الذاتي الوطني”([6]].

أهمية مسألة شينجيانج، تركستان الشرقية معقل الإيجور:

تفوَّق شينجيانج بكثير كأولوية سياسية بغية تحويل هذه المنطقة الضخمة إلى منصَّة مستقرَّة يمكن من خلالها توسيع مبادرة الحزام والطريق للهيمنة على آسيا الوسطى المجاورة. تلك المنطقة الحدودية الحساسة على المستوى الجيوسياسي ظلَّت محط مساومات ومواءمات سياسية بين الصين وقوى دولية عدَّة. طالما تمَّ اللعب بورقة الإيجور مع الاتحاد السوفيتي سابقًا، وحاليَّا تلعب الصين بذات الورقة مع الولايات المتحدة منذ 2001 وتدشين الحرب الدولية المزعومة على الإرهاب[7].

ومنذ منتصف العام 2009 وللآن تتزايد وتيرة العنف الصيني ضدَّ الأقليات المسلمة من عرقية الإيجور، حيث تمثِّل “مجزرة أورومتشي” حدثًا فارقًا في سياسات الصين تجاه الإيجور وتوظيفها القضية إعلاميًّا إزاء الرأي العام العالمي؛ فقد حدثت المجزرة بتاريخ الخامس من يوليو 2009، عندما قُتل المئات من المسلمين الإيجور في إقليم تركستان الشرقية بطرق وحشية على أيدي عناصر موالية للحزب الشيوعي، وفوجئ الساسة في بكين بتسرُّب فيديوهات صادمة إلى مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها على أوسع نطاق حول العالم، وصدور إدانات دولية من منظمة المؤتمر الإسلامي وساسة دول إسلامية ومنظمات حقوقية، ونوقش الأمر في أروقة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى صدور تهديدات من تنظيم القاعدة بالثأر والانتقام، وتسليط الإعلام الدولي الأضواء على المجزرة بشكل لم يسبق حدوثه في مجازر أخرى راح ضحيتها عشرات الآلاف من الإيجور وغيرهم. فحجبت السلطات جميع مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، ووجَّهت مواطنيها لمواقع محلية بديلة، وشدَّدت الرقابة على الإنترنت، وانطلق بث تليفزيون الصين المركزي باللغة العربية، بعد 20 يومًا فقط من الحادثة، في محاولة لموازنة الدعاية السلبية عنها بين العرب الذين تستورد منهم معظم احتياجاتها النفطية، ويشكِّلون سوقًا مهمة لمنتجاتها. وامتلأ الفضاء الإلكتروني بمواد دعائية مقروءة ومرئية أنتجها موظفو الحزب الشيوعي، تتحدَّث عن حالة التعايش والانسجام التي تعيشها الأقليات الدينية في الصين، والرعاية والاحترام اللذين تتلقَّاهما من الدولة، في محاولة لعكس الصورة السلبية التي تكوَّنت بالخارج[8].

وفي الفترة ما بين عامي ٢٠١١-٢٠١٢، ظهر جدل حول إصلاح نظام الجنسية الرسمي في الصين، وإلغاء المناطق ذاتية الحكم، وأنه بتغيير أفكار الأقليات ومعتقداتهم وليس سياسات الحزب القمعية، سوف يؤدِّي ببساطة إلى معالجة استياء الناس ويحقق الاستقرار الداخلي!

ويُعَدُّ الرئيس الصيني “شي جين بينغ” الجاني الرئيسي، حيث أمر في عام 2014 بتغيير السياسة التي مهَّدت الطريق للقمع الحالي ضدَّ الإيجور والأقليات الإسلامية الأخرى. ومنذ 2017 تزايدت وتيرة السياسات القمعية والوحشية ضدَّ الإيجور تحديدًا، ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن الصين احتجزت مليونًا من هؤلاء المسلمين في “معسكرات إعادة تأهيل” في شينجيانج. ومنذ منتصف عام ٢٠١٧، تم بناء عدد هائل من مراكز الاحتجاز والسجون التي يبلغ عدد نزلائها المئات من الآلاف اليوم. وتجمع هذه المعسكرات بين الأساليب الوحشية لنظام “إعادة التعليم من خلال العمل” من أوائل الحقبة الشيوعية في الصين وبين أحدث آليات المراقبة والرصد ذات التقنية العالية. وعلى الرغم من أن معظم المعتقلين محتجزون دون توجيه أي تهم إليهم، يجد هؤلاء (ومعظمهم من الإيجور مع بعض الكازاخستانيين) أنفسهم معزولين عن العالم الخارجي في هذه السجون التي يقبعون فيها إلى أجل غير مسمَّى، ويتم الشك فورًا بأي شخص منهم تظهر عليه علامات الالتزام الديني أو ممَّن لديهم اتصالات في الخارج، حتى إن التحدُّث باللغة الصينية بشكل ركيك قد يشكِّل سببًا للاعتقال. أما أولئك الأقل حظًّا فقد يجدون أنفسهم عرضة للتعذيب والاستجواب اليومي. أما المحظوظون فعليهم الخضوع لجلسات “النقد الذاتي” وحفظ الشعارات الوطنية المضنية، المصمَّمة لحثِّهم على نسيان الولاء الديني لصالح الهوية الوطنية. إن هذه المعسكرات ليست سوى أحدث حلقة في سلسلة من السياسات القمعية التي اجترحها سكرتير الحزب الشيوعي “تشن كوانجو” منذ تولَّى حكم شينجيانج في عام ٢٠١٦. مثل: مراكز الشرطة التي توجد الآن عند كل تقاطع رئيسي، ونقاط التفتيش في كل مكان حيث يمر الصينيُّون بسهولة تامة فيما يصطف الإيجور قبل الخضوع لعمليات التفتيش المهينة، والتدريبات التي يجبر خلالها كبار السن من الرجال والنساء على حضور تدريبات مكافحة الإرهاب في الشوارع، في وقت يقوم التلفزيون والإذاعة بملاحقة الإيجور ليلًا ونهارًا لحثِّهم على محبة الحزب الشيوعي وتحميلهم المسؤولية عن كونهم مواطنين من الدرجة الثانية! وأفراد الشرطة المدجَّجين بالسلاح يوقفون الشبان الإيجور في الشوارع للتأكُّد من أن هواتفهم تحتوي على برامج التجسُّس الإجبارية التي تسمح للحكومة بالتلصُّص عليهم. ويغلق الجيش الصيني المدينة ويسيِّر كتائب من جيش التحرير الشعبي الصيني وهم يردِّدون هتافات حول إصرارهم على الحفاظ على “الاستقرار”. تظهر سياسات الحزب نظرة الدولة الصينية للإيجور على أنهم عدو داخلي. فوجود الإيجور في حدِّ ذاته هو تذكير غير مريح عن الهوية البديلة لشينجيانج باعتبارها الحافة الشرقية للعالم الإسلامي الناطق بلغة الترك، وهي حقيقة تفضِّل بكين أن تمحوها إن أمكن. قد لا يكون لدى الحزب أي نية حاليًّا لإزالة الإيجور فعليًّا من المقاطعة، ولكن جهوده لتهميش لغة الإيجور وإعادة كتابة تاريخ المنطقة بما يناسبه هي عملية تخدم أهدافًا مماثلة لسياسة التطهير العرقي[9].

نعم، تقع أعمال عنف إرهابية متفرقة في شينجيانج وأماكن أخرى في الصين، والتي أدَّى بعضها، بشكل مأساوي، إلى مقتل مدنيِّين من قومية الهان. ولقد ذهب ضحية الحرب الصينية على الإرهاب أيضًا المعارضون المعتدلون من داخل الحزب. أما ادِّعاء الحكومة الصينية انضمام بعض الإيجوريِّين لداعش والقاعدة فأمر ضعيف الحدوث فضلًا عن أن الدولة الصينية وحدها من يستفيد من وجود المقاتلين الإيجور في ساحات القتال البعيدة مثل سوريا في نهاية المطاف[10].

وفي مطلع مارس 2020 تواترت تقارير إعلامية أن الصين نقلت عشرات الآلاف من أفراد أقلية الإيجور المسلمة المحتجزين في معسكرات إلى العمل قسريًّا في مصانع تزود ما لا يقلُّ عن 80 ماركة عالمية تجارية بمنتجات مختلفة، وفق ما قال المركز الأسترالي للاستراتيجية السياسية أن أكثر من ثمانية آلاف من المسلمين الإيجور المعتقلين في منطقة شينجيانج في شمال غرب الصين نقلوا للعمل في مصانع “تملكها شبكات تزويد تابعة لـ 83 ماركة معروفة عالميًّا في مجال التكنولوجيا والنسيج والسيارات”.

ورغم أن كثيرًا من أحداث العنف هي ما بين قمع شديد من السلطات الصينية للإيجور وحدٍّ من حرياتهم الدينية، وبين ردودٍ تتمثَّل في هجمات من قِبل إيجوريِّين، والتي تزعم الحكومة الصينية أن المنظمات المؤيِّدة للاستقلال هي العقل المدبِّر وراء هذه الهجمات العنيفة، فإن الأدلة قد أظهرت أن تلك الحوادث تبدو عفوية؛ إذ قام بها دعاة وأتباع جماعات إسلامية سرِّية، حيث إن تلك الحوادث لم تكن مخطَّطة ومنفَّذة من قبل منظمات معروفة مؤيِّدة للاستقلال مثل حركة شرق تركستان الإسلامية (ETIM)، في المقابل ثمة أدلة قليلة جدًّا حول وجود أي علاقة مباشرة بين تلك الهجمات والمنظمات وأحداث العنف، على الرغم من أن الحكومة الصينية تصنَّف تلك المنظمات الانفصالية بأنها “إرهابية”، والتي ثبت ألَّا علاقة لها “بالمنظمات الإرهابية” الأجنبية -مثل تنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة- وأن الحركات والمنظمات العنيفة الداخلية تنطلق وتؤثِّر في مستوى القاعدة الشعبية لمجتمع الإيجور ولا صلة لها بالمنظمات الموالية للحركات الاستقلالية (مثل حركة شرق تركستان الإسلامية)، وإنما لها صلة بمعارضة الإيجوريِّين للنظام وسياساته القمعية تجاههم[11].

ورغم أن القانون الصيني ينص على كفالة حرية اعتناق الأديان رغم إلحاد الدولة وأعضاء الحزب الشيوعي الحاكم، إلا أن ممارسة الحزب والنظام الحاكم تقيِّد حرية العبادة بألَّا تخرج عن الحيِّز الشخصي وألَّا توجد أيَّة مظاهر جماعية أو مميزة لأتباع ديانة أو عقيدة أو أيدلوجية محدَّدة، وتتَّخذ من مبدأ عدم وجود نزعات انفصالية أو هُوية واضحة لأصحاب أية ديانة أو عرقية تكأة لقمع أي عرقية أو ديانة، ومن ذلك منع صوم شهر رمضان بالنسبة للمسلمين، واعتبار عرقية الإيجور ذوي نزعة انفصالية مما زاد من وطأة القمع ضدهم مقابل محاولات انفصالية ومعارضة من الإيجور للتخلُّص من وحشية النظام إزاءهم؛ حيث يمكن القول إن النسخة الصينية للشيوعية (الماوية) لم تأخذ من الشيوعية إلا القبضة الحديدية للحزب الحاكم داخليًّا ومعاداة الأديان في ظل المذهب الإلحادي للدولة، بينما لجأ النظام الحاكم في الصين إلى الكونفوشيوسية القديمة، كواجهة ثقافية للبلاد، والتي لا تدعو للقمع ولا لمعاداة الأديان، وبالتالي لا يعدو استحضار الكونفوشيوسية سوى أنه نوع من أنواع الدعاية التي لا تمثل الواقع!

هذا، ويكمن السبب الحقيقي وراء معارضة معظم الجماعات في المجتمع الإيجوري للدولة في عدم قدرة بكين على تحسين مستوى معيشتهم، واحترام هُويتهم الإسلامية، وحلِّ مشكلة التوترات العرقية بين الهان والإيجور، ووقف التداعيات السلبية الناجمة عن خطة التنمية الصينية الاحتكارية. الواقع أن بكين لا تحرِّك ساكنًا في مواجهة هذه المشاكل المستعصية والتي طال انتظار حلها، وتتجاهل طلبات الإيجور بهذا الصدد، لا بل بدلًا من حلِّها تلجأ إلى اعتماد طرق وحشية في التعامل معهم. فما على بكين أن تخشاه حاليًّا ليس أيًّا من المنظمات الإرهابية الأجنبية، بل هؤلاء الإيجوريون الغاضبون الذين يستشيطون غضبًا من القمع الوحشي الذي تمارسه بكين، والتجاهل المتعمَّد لمطالبهم. ولمواجهة ذلك تشرف الجبهة الموحَّدة بالحزب الشيوعي على مبادرة تسمَّى “طريق الحرير الروحي” بالتنسيق مع الدول السوفييتية السابقة لدعم صعود نموذج من التديُّن الإسلامي منزوع الهُوية يخضع للسلطات الحاكمة في كل دولة تحت شعار مكافحة الإرهاب وإبراز سماحة الإسلام[12].

ثالثًا- الحملة الإعلامية الصينية تجاه قضية الإيجور:

تتلخَّص الرؤية الصينية الرسمية تجاه قضية الإيجور في أن ما تقوم به من إجراءات وسياسات قمعية مستمرة تجاههم كلها مشروعة ومتوافقة مع القانون الخاص بالأقليات والشؤون الدينية وفقًا لدستور جمهورية الصين الشعبية. وما تروِّج له بكين عبر حملات إعلامية دولية وأذرع القوة الناعمة الصينية المتزايدة البروز والكثافة باطِّراد عبر مختلف أرجاء العالم، وخاصة العالم الإسلامي خلال السنوات الأخيرة، هو أن تطبيق هذه السياسات الصارمة تجاه الإيجور أمر لا بدَّ منه في مواجهة “الهجمات العنيفة” التي قام بها من تصفهم بالانفصاليِّين والإرهابيِّين، علمًا بأنه قد تكون الصين غير حريصة على فرض نظام شامل على الأنشطة الدينية، ولا حاجة بها لذلك؛ لأنه سيؤدِّي إلى تداعيات ضدَّ سياسات الحكم الصيني في شينجيانج وهي في غنى عنها[13].

إن عدم وجود ثقة سياسية للنظام بأقليتي الإيجور والتبت وراء القمع الوحشي الذي تمارسه تجاههما، حيث إن الحزب الشيوعي والدولة فشلا في إدراج أيٍّ منهما في الأجهزة الاستخبارية ممَّا صعب من اختراق نسيجهما الاجتماعي وممارسة السيطرة الكاملة عليهما، فيحاجج النظام بأن لجوء الصين إلى فرض القيود والحكم العسكري على هاتين الأقلِّيَّتين ليس بسبب العقيدة الدينية وحدها، بل بسبب تاريخ الحركة الاستقلالية وفشل الرقابة الاجتماعية معًا، لا سيما أنه في الأماكن الأخرى التي توجد فيها أقلِّيات مسلمة أو بوذية تبتية، لا تطبِّق الصين هذه السياسة الصارمة -كما هو الحال في شينجيانج والتبت- في مناطق شعب الهُوِي (المسلمين) في المقاطعات الشمالية الغربية الأخرى، كما أنها لا تفعل ذلك مع المنغوليين (البوذيين التبتيِّين) في منغوليا الداخلية؛ لأنه لا مخاوف من هذين النوعين في نظر النظام. قد تصرُّ الصين على أن ما تفعله يحظى بشرعية كاملة استنادًا إلى أنه يخضع للسياسات الخاصة بالأقليات والشؤون الدينية التي تطبَّق على جميع القوميات في الصين على السواء، وأن تصعيد الإجراءات الأمنية لا يستهدف الإيجوريِّين على وجه التحديد أو الإسلام؛ لأن هذه الإجراءات يمكن تطبيقها في أي مكان أو على أي مجموعة بُغْية التخلُّص من أيِّ تهديدٍ للأمن الوطني[14].

توظِّف بكين فكرة “الحلم الصيني” في التنمية في قضية اضطهاد الإيجور، حيث تزعم أن قوى دولية تدعم معارضة وانفصال الإيجور للتأثير سلبًا على استراتيجية الحزام والطريق ومحورها إقليم شينجيانج الشاسع الذي يمثِّل خُمس مساحة الصين والذي طالما كان يشكِّل هاجسًا أمنيًّا بالنسبة للسلطات الصينية لتقاطع حدوده مع خمس دول مسلمة. والغني بالطاقة؛ إذ يحوي الإقليم أكبر احتياطيات للغاز  الطبيعي في الصين، و40% من الفحم الموجود فيها و22% من نفطها. ويمثل محطة لرواسب أكبر من الطاقة في آسيا الوسطى، والحاجة لتحقيق استثمارات ضخمة في البنية التحتية اللازمة للاستفادة من تلك الموارد، بما في ذلك خط أنابيب للنفط يمتد من كازاخستان وخط أنابيب للغاز الطبيعي من تركمانستان[15].

فمن منظور بكين، تنضوي قضية الإيجور على ثلاثة محاور: حركة الاستقلال، والهجمات الإيجورية التي تصفها بكين بالإرهابية، والاندماج الوطني. حيث تصرُّ بكين على عدم السماح لأيِّ تدخُّل أجنبي في قضية الإيجور وتعتبرها من شؤون الصين الداخلية، وقضية “اندماج وطني” ورفض أية حركات انفصالية وتراها مزعزعة للأمن القومي ووحدة الصين الداخلية، فضلًا عن كونها تسمِّي أيَّة معارضة لسياساتها القمعية بأنها هجمات إرهابية وتحاول توظيف ذلك خارجيًّا والتعاون دوليًّا نحو إدراجها ضمن الحملة الدولية للحرب على الإرهاب؛ وهذا ما يفسِّر السبب وراء محاولة الصين الربط المباشر بين أحداث العنف المتكرِّرة في شينجيانج بالمنظمات الإرهابية مثل حركة شرق تركستان الإسلامية، وتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية، والقصد من ذلك هو تعزيز القول بأن المشكلة الإيجورية متعلِّقة بالانفصال والإرهاب، ولا علاقة لها بقضايا الحكم المرتبطة بالحرمان الذي يعاني منه الإيجور أو قضية حقوق الإنسان. والهدف النهائي هو جعل الإيجوريِّين يضعون في سُلَّم أولويَّاتهم الانتماء السياسي كأعضاء للأمة الصينية الجامعة[16].

وفي هذا السياق، تعتقد بكين أن تركيا ودولًا ومؤسسات غربية (مثل الصندوق الوطني للديمقراطية في الولايات المتحدة، والمؤتمر العالمي للإيجور، وحركة “الصحوة الوطنية لتركستان الشرقية” الانفصالية، التي تتَّخذ من واشنطن مقرًّا لها) يقدِّمون الدعم بتمويل الحملة على الصين والحشد الإعلامي لها برعاية الحكومة الأمريكية[17]. بل وترى بكين أن واشنطن تعمل على جلب إرهابيِّين من أفغانستان ومناطق أخرى لداخل الإقليم للقيام بعمليات إرهابية[18].

ويبقى إشكال كبير أمام حكومة بكين يتمثَّل في أن استيعاب الإيجور في الأمة الصينية الجامعة يتطلَّب مستوى معينًا من هضم الثقافة الصينية، متمثِّلًا في ثلاث خصائص على الأقل؛ أولًا- أن يقتصر الإسلام على المجال الثقافي، ثانيًا- أن تكون الهوية الإسلامية ثانوية دائمًا مقابل القومية الصينية، ثالثًا- يجب تعديل الممارسات والعادات الدينية في حال تعارضها مع سياسات الدولة ذات الصلة. وهذا التعارض بين السياسة العلمانية الإلحادية تجاه الأقليات من جهة والوعي الإسلامي المتنامي من جهة أخرى، هو الذي يُسهِم في تأجيج المعارضة الإيجورية لنظام جمهورية الصين الشعبية، وهو الذي يثير قلقًا واسعًا -أيضًا- في العالم الإسلامي حول مصادرة الحقوق الدينية للإيجور، وجعلهم أقلية محرومة في الصين[19]. خاصة مع بروز الاتجاهات السلفية في الداخل الصيني نفسه[20]؛ وفي الوقت الذي ترى فيه بعض الاتجاهات أن زيادة عامل الوعي الديني أحد أسباب تعقُّد  أزمة الإيجور بتأجيج ما تسمِّيه “الإلهام الإثني الديني” في مقابل ما تعتبره إسلامًا “وسطيًّا” معتدلًا” (نموذج مسلمي الهُوِي في الصين) هو في الواقع منزوع الهوية الإسلامية ومتماهٍ في الهوية الصينية بمعالمها الثقافية الهجين بين الوثنية الكنفوشية المتسامحة والشيوعية الإلحادية الرسمية[21].

وجاء تحرُّك الصين تجاه الحملات الخارجية ضدَّها بخصوص الإيجور على النحو التالي:

قامت وسائل الإعلام الصينية، وكذلك المسؤولون الصينيون، بإطلاق حملة مضادَّة، حيث أكدت أكثر من صحيفة صينية على أن “حماية السلام والاستقرار هي قمة جدول أعمال حقوق الإنسان في شينجيانج”، مؤكِّدين أن القبضة القوية للسلطات الصينية ضدَّ مسلمي الإيجور جنَّبت إقليم شينجيانج مصير أن تصبح “سوريا الصينية” أو “ليبيا الصينية”[22].

وتصدَّت السلطات الصينية لتقريرٍ صدر عن لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العنصري في 2018 مفاده أن الصين وضعت أكثر من مليون إيجوري في معسكرات للتأهيل الفكري وتغيير معتنقهم، إضافة إلى تقرير آخر حول نزاع بين السلطات الصينية والمشرفين على توسيع مسجد في مقاطعة نينغيشيا لقومية الهُوِي شمال الصين. حيث أكَّدت السلطات أنه تمَّ تجاوز القوانين في عملية توسيع المسجد، الأمر الذي تطلَّب اتِّخاذ إجراءات رادعة للحفاظ على القانون. ولخَّصت صحيفة “جلوبال تايمز” رؤية الحكومة الصينية للموضوع بتاريخ 13 أغسطس 2018 بالقول: “إذا لم تتفاعل الحكومة المحلية مع هذا العمل غير القانوني، فإنها ستغذِّي فكرة أن الأديان متفوقة على قوانين الصين. وبالتالي، قد تكون لها أسبقية خطيرة ويمكن أن تحذو المواقع الدينية الأخرى حذوها”.

بدورها تحركت وزارة الخارجية الصينية لتوضيح الموقف الصيني، وذلك في تصريح للمتحدِّث باسمها “لو كانغ” الذي قال: “يعدُّ الوضع في شينجيانج مستقرًّا، وزخم التنمية الاقتصادية سليم، وتعيش جميع الجماعات العرقية هناك في تناغم. وأضاف لو: “يقدِّر المواطنون من جميع الجماعات العرقية في شينجيانج حياتهم السعيدة والسلمية”، مؤكِّدًا أن جميع الإشاعات والافتراءات ستكون بدون جدوى. حيث أكَّد لو كانغ أن “بعض القوى المعادية للصين وجَّهت اتهامات خاطئة ضدَّ الصين لأهداف سياسية”، مهاجمًا “بعض وسائل الإعلام الأجنبية (التي) حرَّفت مشاورات اللجنة وشوَّهت التدابير التي تتَّخذها الصين لمكافحة الإرهاب والجرائم في شينجيانج”[23].

وعلى خلفية ما أثارته سياسات بكين القمعية ومعسكرات الاحتجاز القسري للإيجور 2019 من غضب للرأي العام في العالم العربي والإسلامي، صرَّح “لياو لي تشيانج”، سفير الصين في مصر، في حديث متلفز: إن الإعلام الغربي لم يكن عادلًا في نقل ما يحدث في إقليم الإيجور وأن الحملة ضد بكين ممنهجة، وأن هناك شائعات وأكاذيب منتشرة في السوشيال ميديا عن تعذيب الصين للمسلمين في الإيجور. وأكَّد أن تلك الحملة الغربية وراءها أغراض سياسية ؛ مؤكِّدًا أن التعاون بين الصين والعالم الإسلامي والعربي يشهد تقدُّمًا كبيرًا بسرعة فائقة، وهو ما لا يُرضي بعض القوى الكبرى في العالم. كما دعا سفير الصين في مصر، لاعب كرة القدم الألماني مسعود أوزيل (الذي أعلن تضامنه مع قضية الإيجور ولاقَى موقفُه صدًى وقبولًا واسعًا لدى الرأي العام العالمي) لزيارة إقليم شينجيانج حتى يتأكَّد من الحقيقة بنفسه[24].

رابعًا- الحملة الإعلامية الدولية ضد الصين: الدوافع والأدلة

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن وثائق حكومية صينية مسرَّبة تكشف تفاصيل قمع بكين للإيجور ومسلمين آخرين في منطقة شينجيانج وذكرت الصحيفة يوم السبت 16 نوفمبر 2019 أن عضوًا في المؤسسة السياسية الصينية” سرَّب هذه الوثائق التي تظهر أن الرئيس الصيني ألقى سلسلة من الخطب الداخلية على المسؤولين خلال وبعد زيارة قام بها في 2014 لشينجيانج عقب قيام مسلَّحين من الإيحور بقتل 31 شخصًا طعنًا في محطة للقطارات. ولم تَنْفِ وزارة الخارجية الصينية صحة المستندات لكنها وصفت تقرير صحيفة نيويورك تايمز بأنه “ترقيع أحمق لتفسيرات انتقائية” بعيدة تماما عن الحقائق. وأنها لا تسئ للإبجور بل توفر تدريبًا مهنيًّا للمساعدة في القضاء على التطرف الإسلاموي والانفصالية وتعليم مهارات جديدة. وقال قنغ شوانغ المتحدث باسم الخارجية: “الرأي العام في شينجيانج يؤيِّد الإجراءات الصينية قلبًا وقالبًا للحفاظ على الاستقرار”. وقالت صحيفة “جلوبال تايمز” الحكومية في مقال افتتاحي يوم الإثنين 18 نوفمبر 2019 إن هذا التقرير “يفتقد إلى الأخلاق” واتهم المقال البعض في الغرب “بالحرص على أن يعم العنف والفوضى الشديدة شينجيانج”، وقالت إن الصين اتخذت “إجراءات حاسمة” في المنطقة لضمان عدم تحولها إلى “جمهورية شيشان أخرى”[25].

وفي واشنطن، أعاد السناتور ماركو روبيو تسليط الضوء على مسألة الإيجور ومكانها في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين والأهداف الجيوسياسية الأمريكية في آسيا. في كتابه الموجَّه إلى السفير الأمريكي في بكين، طلب روبيو منه أن ينظر في القضية لأن “الحملة في إقليم شينجيانج تمس بمجموعة من المسائل ذات الأهمية الحاسمة لجهود الولايات المتحدة من أجل تأمين حرية وانفتاح منطقة المحيط الهندي والهادي”، كما قام السناتور روبيو بالإدلاء بتصريحات علنية حول معسكرات إعادة التعليم واحتجاز أفراد أسر موظفي إذاعة آسيا الحرة من قبل الصين. لكن في المقابل من السهل جدًّا على بكين تصوير موقف الغرب المدافع عن الإيجور على أنه مؤامرة غربية، وهو أمر مقنع لبعض الصينيِّين ممَّا يؤدِّي إلى حلقة مفرغة تبتعد عن محاولة إيجاد حلٍّ عادلٍ في شينجيانج، فضلًا عن أن فكرة توحُّد جهود غربية ودولية إزاء القمع الصيني للإيجور على خلفية التنافس الصيني الأمريكي على الهيمنة العالمية في ظلِّ الصعود الصيني الراهن، ليس من شأنه خدمة قضية الإيجور على نحو ما قد يُعتقد، بل يزيد من اتخاذ الحكومة الصينية له كحجَّة مضادَّة لحملاتها القمعية وتحسين صورة الصين في الداخل والخارج في ظلِّ تصاعد جهودها على محور القوة الناعمة. لذلك، من المهم فصل قضية شينجيانج عن المصالح الغربية في آسيا، ووضعها في إطار مختلف يؤكِّد على الرفض الدولي للعنصرية والتمييز[26].

استمرَّت الحملات الإعلامية الغربية في كشف القمع الصيني للإيجور؛ فوفقًا للتقرير الذي نشرته إذاعتا شمال وغرب ألمانيا وشبكة “دويتشه فيلله” الإعلامية وصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية، تأتي القوائم التي تضمَّنت بيانات شخصية عن أفراد خاضعين للمراقبة من منطقة قاراقاش بمقاطعة شينجيانج. وجاءت القوائم في نحو 140 صفحة وتضمَّنت معلومات مفصلة عن أكثر من 300 شخص كانوا أو ما زالوا معتقلين في هذه المعسكرات. إذ كشفت وثائق سرية من جهاز السلطة الصينية عن أسباب تعسُّفية جديدة لاعتقال أفراد من طائفة الإيجور المسلمة في معسكرات “إعادة التأهيل”. وبحسب القوائم التي تحدَّثت عنها مجموعة من وسائل الإعلام الألمانية والدولية يوم الثلاثاء 18 فبراير 2020، فإن ارتداء الحجاب أو إطالة اللحية أو طلب الحصول على جواز سفر أو السفر للحج أو وجود أقارب في الخارج أو حيازة كتب دينية قد يكون أي منها سببًا كافيًا لإيداع إيجوريِّين في هذه المعسكرات. وقد قام خبراء بفحص صحة هذه الوثائق، وقال الباحث من جامعة نوتينجهام، ريان ثام، بحسب إذاعة شمال ألمانيا، إن هذه الوثائق تثبت “فعلًا هائلًا من أفعال العقاب الجماعي” بدوافع عنصرية[27].

وبتاريخ 16 فبراير 2020، قدمت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تقريرًا عن وثائق مسربة توضِّح بالتفصيل حياة أولئك المسلمين المسجونين في معسكرات الاعتقال لممارستهم الإسلام. حيث يعيش المئات والآلاف من المسلمين في ظروف حكومية قسرية حيث يتم تكييفهم لقبول الثقافة الصينية ومعاقبتهم على مخالفة قوانين السلوك والتواصل الصارمة[28].

كما أشارت تقارير صحفية أخرى من جهات متفرقة استخدام الصين أقلية الإيجور في اختباراتها الطبية لإنتاج دواء لفيروس كورونا المستجد في مطلع فبراير 2020، حيث حذَّر خبراء من أنَّ تلك المعسكرات ستكون أرضًا خصبة لتكاثُر الفيروس وذلك للظروف القاسية وانعدام مقومات الحياة الأساسية والإهمال الطبي المتعمد في تلك المعسكرات، وقد نقل التقرير مخاوف نشطاء إيجوريِّين من تجربة الحكومة الصينية أدوية ولقاحات المرض على مسلمي الإيجور.

محصلة الحملة الإعلامية المضادَّة لسياسات الصين تجاه مسلمي الإيجور كانت ذروتها أن حظرت واشنطن إصدارات تأشيرات لمسؤولين صينيِّين لهم صلة بعمليات الاعتقال، وطالبت ألمانيا الأمم المتحدة بإجراء تحقيق أممي، ودعت باريس بكين إلى “وقف عمليات الاعتقال الجماعي التعسفية وإغلاق المعسكرات”، غير أن التنديد لم يصلْ إلى حدِّ وضع قرار للتصويت في مجلس الأمن أو إعلان قطيعة نهائية مع بكين. تَردُّدٌ قد يُفهم منه تنامي النفوذ الصيني في العالم، ومن ذلك “طرق الحرير الجديدة” التي تشارك فيها 123 دولة من كل قارات العالم، فضلًا عن قدرة التنين الصيني على بناء تحالفات مع قوى عالمية، ترتكز أساسًا على توفُّره على حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن[29].

وبينما عارضت بعض الدول الإسلامية، صمتت أخرى، ودافعت أخرى عن الصين، وكانت الأسباب والدوافع بين ضعف الاستقلالية الاقتصادية لهذه الدول عن الهيمنة الصينية المتزايدة والتي بدأت تطوق العالم باستراتيجية الحزام والطريق وفي قلبه دول إسلامية مهمَّة، وفي الوقت الذي سبقت دول غربية في الثامن من يوليو 2019، بتوقيع 22 دولة، منها ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا واليابان وكندا، رسالة موجَّهة إلى مجلس حقوق الإنسان، انتقدت فيها الصين على سياساتها في إقليم شينجيانج وطالبتها بوقف عمليات الاحتجاز الجماعي، وردَّت بكين بـ”توبيخ” الدول الموقِّعة واعتبرت الأمر تدخُّلًا في شؤونها الداخلية، وقالت لاحقًا إن معسكرات الاعتقال، هي مجرَّد مراكز تعليم مهني، من أهدافها تعليم اللغة المندرينية، وإبعاد السكان عن التطرُّف الديني. الملفت أن مجموعة من 37 دولة، وجَّهت هي الأخرى رسالة إلى الأمم المتحدة لدعم الصين. كان أمرًا عاديًّا ورود أسماء مثل كوريا الشمالية وروسيا والفلبين وكوبا، لكن المثير أن الرسالة حملت توقيع السعودية والجزائر وقطر والإمارات وسوريا وعمان والكويت والسودان والبحرين، كلها دافعت عن الصين التي “حقَّقت إنجازات لافتة في مجال حقوق الإنسان، واتَّخذت إجراءات لمكافحة الإرهاب”، بحسب تعبيرهم. ثم صرَّح ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، أثناء زيارته لاحقًا لبكين، أن بلاده “تثمِّن جهود الصين لحماية الأقليات العرقية”، وأن الإمارات مستعدة لـ”توجيه ضربة مشتركة للقوى الإرهابية المتطرِّفة” إلى جانب الصين[30].

وتشكِّل المصالح الاقتصادية سببًا وجيهًا للمواقف الرسمية لكثير من الدول العربية والإسلامية الصين، فالسعودية هي أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط، وقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 63.3 مليار دولار عام 2018، بارتفاع نسبته 26.7% عن العام السابق. بينما تصل القيمة الحالية للتبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والصين إلى 43 مليار دولار، وبينها وبين تركيا إلى 26 مليار دولار، وبينها وبين إيران إلى 31.2 مليار دولار، في حين أضحت الصين مستثمرًا مهمًّا في الجزائر، حيث فازت بالكثير من الصفقات العمومية[31].

ويربط رشيد أوراز، باحث اقتصادي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، مواقف جلِّ الدول العربية والإسلامية بالمشاكل الداخلية التي تعيشها، وبالشلل الكبير للمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ولذلك (بحسبه) تنسق غالبًا مع أنظمة سلطوية عالمية لهذا الغرض، وعلى رأسها الصين. ويقول أدريان زينز، الخبير الألماني في الملف الصيني، إن “حكومات المنطقة الإسلامية في غالبها أوتوقراطية، وهي نفسها تنتهك حقوق الإنسان، ولا اهتمام لها بالقيم، وإنما ترغب فقط في أن تحافظ على نفسها”[32].

وبالنسبة لإيران، فلم يظهر لها موقف معارض تجاه القضية. أما تركيا، الدولة التي تمثل الامتداد الطبيعي للإيجور اللذين ينحدرون من أصول تركية، فقد أدان رجب طيب أردوغان منذ كان رئيسا للوزراء سياسات الصين ضد الإيجور، فأدان “مجزرة أورومتشي” في الخامس من يوليو 2009، ودعم عدَّة احتجاجات مناهضة للصين وداعمة للإيجور في تركيا لسنوات حتى الآن.

وزادت حملة أردوغان لانتقاد الصين بشأن الإيجور بين عامي 2018-2019، ممَّا فسَّره البعض أن الموقف التركي نابع من العلاقات العرقية التي تربط الأتراك بالإيجور الذين يتحدَّثون اللغة التركية. ورأى آخرون بأن الهدف كان الانتخابات البلدية في تركيا العام الماضي لكسب الرأي العام الداخلي، بيد أن الأمر ضعيف التأثير على الانتخابات البلدية، فضلًا عن استمرارية موقف أردوغان من الإيجور لسنوات حتى قبل تولِّيه الرئاسة التركية. ورأي آخر قال بزعم أردوغان توطين بعض الإيجور في مناطق بسوريا…، لكن الأمر الذي لا يكاد يختلف عليه اثنان أن الرئيس التركي لطالما نجح في توظيف قضايا العالم الإسلامي في سياساته داخليًّا وخارجيًّا بما يحقِّق إلى حدٍّ كبير المواءمة بين المصالح والقيم، وهو ما نفتقده كعالم إسلامي في غالب قادتنا.

ومع دفاعه عن قضية الإيجور، لم يُفقد بلاده قطبًا اقتصاديًّا وسياسيًّا مهمًّا كالصين، ومع بياناته الرسمية المندِّدة باضطهاد الإيجور، جاءت تصريحاته الصحفية شديدة الدبلوماسية تؤكِّد على احترام تركيا لسيادة الصين ووحدة أراضيها، وقوله: “لن نسمح لأحد باستخدام الأراضي التركية لفعل أيِّ شيء يضرُّ بالمصالح الوطنية للصين والأمن القومي الصيني[33]. ففي فبراير 2019، صدر بيان رسمي بأن معاملة الصين للإيجور هي “عارٌ على الإنسانية”، لكن موقفه بدا أكثر لينًا عندما زار بكين، حيث صرَّح لوسائل الإعلام أن هناك “جهات تحاول استثمار قضية الإيجور لزعزعة العلاقات التركية-الصينية”.

وذلك على نقيض الموقف غير الرسمي من الرأي العام العربي والإسلامي الذي عكستْه حالة الغضب العارم ضدَّ الصين عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات والشهور الأخيرة.

خاتمة:

في الوقت الذي لا تخفى فيه الدوافع السياسية والاستراتيجية لقوى دولية عدَّة في الحملة الإعلامية الدولية ضدَّ الصين فيما يتعلَّق بمسلمي الإيجور، وهو ما ظهر من عناية مؤسسات إعلامية غربية كبرى بريطانية كالإندبندنت وشبكة “بي بي سي”، وألمانية كشبكة “دويتشه فيلله”، فضلًا عن أخرى أمريكية، وبعض القوى العربية والإسلامية، إلا أن الأمر لا يعدو كونه توظيفًا سياسيًّا لواقع مأساوي يعانيه مسلمو الصين من الإيجور خاصَّة في ظلِّ الحكم الشيوعي الشمولي الملحد المعادي لمظاهر التديُّن بمختلف أشكالها. فلقد وجَّهت سُنَّةُ التدافع ملف الإيجور نحو البروز للرأي العام العالمي والإسلامي شاخصًا صارخًا بعد أن كان وبحق يمثِّل “الملف الضائع”(*). ليذكِّر عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ويقيم الحجَّة على قادة الحكم والرأي فيهم تجاه واحدٍ من شعوب “المسلمين المنسيِّين”(**) عبر المعمورة بواجب النصرة تجاه هؤلاء المستضعفين.

وفي مقابل القمع الوحشي في سياسات الحكومة الشيوعية الصينية تجاه الإيجور، والتي لم تستطع غسل يديها منها رغم جهود الحملات الإعلامية والقوة الناعمة الهائلة التي تقوم بها بكين في هذا الصدد بين ادِّعاء أنها حركات انفصالية داخلية تارة، وتوظيفها في إطار الحملة الدولية على ما يسمُّونه “الإرهاب الإسلامي” أو في إطار حالة الإسلاموفوبيا تارة أخرى.

إذ ليس من المرجَّح أن توقف المعارضة الإيجورية من جهتها أنشطتها، إذ ثبت أنه رغم عنف بعضها فهي غير مرتبطة بعناصر أو منظمات إرهابية خارجية، بل هي محض احتجاج صارخ ضدَّ تعنُّت ووحشية حكومة بكين، والتي إن لم تكن قادرة على كسب قلوب الإيجوريِّين وعقولهم عن طريق حلِّ القضايا التي تثير غضبهم، وأهمُّها -وقبل كل شيء- احترام الهُوية الإسلامية الإيجورية، ليس في الحياة الثقافية وحدها بل أيضًا في المجال السياسي، وهو ما قد يعني منح مزيد من حقوق الحكم الذاتي من خلال رفع سيطرة الدولة عن الحكم المحلي. ثم بعد ذلك يجب على بكين رفع حالة الحرمان التي يرزح تحت نيْره الإيجوريُّون من خلال تحسين مستوى معيشتهم، وتعزيز القيم الإسلامية، وتطبيق سياسات تفضيليَّة على نطاق واسع. وأما الهدف بعيد الأمد الذي ينبغي على بكين السعي لتحقيقه فهو ليس دمج الإيجور في الثقافة الصينية، بل بناء علاقة بين مختلف الأعراق على قدم المساواة والاحترام، والتوفيق بين شعبي الهان والإيجور. من المفارقات أن جميع التدابير المذكورة أعلاه تتطلب مؤسسة سياسية ديمقراطية لتنفيذها وهو عكس طبيعة النظام الصيني الشمولي الاستبدادي[34].

من جهة أخرى، يمثِّل ضعف وسائل الإعلام العربية والإسلامية الموجَّهة للداخل الصيني عاملًا آخر في اتِّساع الهُوَّة بين مسلمي الصين وبقية مسلمي العالم، ممَّا يجعل أقلِّيات مسلمة كنموذج الإيجور منسيِّين أو متروكين فريسة بين مطرقة قمع أنظمتهم الوحشية وسندان التوجُّهات التكفيرية التي تجد في مثل ذلك المجتمع، الذي يعاني اضطهادًا شديد الوطأة، مرتعًا خصبًا لها.

فضلا عن ضرورة توظيف أبعاد ثقافية مهمَّة في الثقافة الصينية كالفلسفة الكنفوشية وفكرة مركزية التلازم بين الأخلاق الفاضلة والحكم (السياسة والأخلاق). وكذلك بيان أثر وفضل الحضارة الإسلامية على الصين في مختلف المجالات. تشير بيانات الواقع أن قدرًا من الامتزاج العرقي ينمو حاليًّا بين قومية الهان الغالبة في الصين وقومية الإيجور في تركستان الشرقية مما يجعل من السهل على الهان فهم أحقية الإيجور في سياسات عادلة والحد من القمع الذي يقع عليهم لمجرد اختلافهم، إذ هو محض تمييز عنصري غير أخلاقي يشابه لحدٍّ كبير ما يواجهه الصينيون عامَّة من تمييز عنصري في أجزاء عدَّة من العالم.

على دولنا العربية والإسلامية إذا ما أرادت نصرة فعلية لمسلمي الصين خاصَّة في ظلِّ ما يتعرَّض له الإيجور من وحشية النظام الصيني، أن توظِّف مصالح بكين الاقتصادية والسياسية مع الأقاليم والبلدان العربية والإسلامية المختلفة خاصَّة في ظلِّ استراتيجية الحزام والطريق الصينية التي تحتاج فيها كثير من مشاركة وتعاون دول إسلامية مختلفة، وتحتاج إلى مشاركة فعَّالة من مواطني الإيجور في إقليم شينجيانج الحدودي المهم في هذا السياق، وإقرار حقيقي للحريات الدينية والحد من حالة التهميش الحاصلة لمسلمي الإيجور.

إذن فمبدأ النصرة الإسلامي يستلزم العمل من مختلف مسلمي العالم المعنيِّين بالقضية على عدَّة محاور داخلية وخارجية لا تستبعد عامل المصالح وتوظيفه، ولا تتخلَّى عن العوامل القيمية والأخلاقية وإبرازها وربطها في ظلِّ استراتيجية حضارية متكاملة واجبة السعي لتفعيلها من قبل كل من له صلة أو معني بالأمر.

*****

([1]] فهمي هويدي، الإسلام في الصين، سلسلة عالم المعرفة 43، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يوليو 1998، ص12.

 [2]إسلام المنسي، لا مكان للأقليات: بناء الدولة القومية في الصين، 16 سبتمبر 2018، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/AY0QQ

(*) راجع بمزيد من التفصيل عن تاريخ المسلمين في الصين حنى الفترة المعاصرة: فهمي هويدي، الإسلام في الصين، مرجع سابق.

([3]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، تقرير لباحث صيني مترجم ومنشور على موقع مركز الجزيرة للدراسات، 18 أغسطس 2015، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/ey4yf

([4]] المصدر السابق.

– الإيجور هم قومية من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية وقبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين كان الإيجور قبائل متنقلة تعيش في منغوليا، وقد وصلوا إلى هذا الإقليم بعد سيطرتهم على القبائل المغولية وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن الميلادي. واللغة الإيجورية هي لغة قارلوقية، من اللغات الترکية، ويستعملون الحروف العربية في كتابتها إلى الآن.

(*) يذكر الأستاذ فهمي هويدي بعض معالم غياب الهوية الإسلامية عن مسلمي الهُوِي المعاصرين من خلال الفصل الخامس تحت عنوان: “مسلمون: كيف؟”، في: فهمي هويدي، الإسلام في الصين، مرجع سابق، ص ص  149-181.

([5]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

([6]] لماذا يشن الحزب الشيوعي بالصين حملات شرسة على الإيغور؟، موقع مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 22 ديسمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/YMpeV

([7]] المرجع السابق.

([8]] إسلام المنسي، بكين لا تعرف الحب: لماذا تفشل الصين في السياسة الناعمة؟، إضاءات، 11 أكتوبر 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/SuSC7

([9]] لماذا يشن الحزب الشيوعي بالصين حملات شرسة على الإيغور؟، مرجع سابق.

([10]] المرجع السابق.

([11]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

([12]] إسلام المنسي، بكين لا تعرف الحب: لماذا تفشل الصين في السياسة الناعمة؟، مرجع سابق.

([13]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

([14]] المرجع السابق.

[15] راجع بالتفصيل، الآتي:

– Thomashon Wing Polin, Gerry Brown,  Xinjiang : The New Great Game, Counterpunch, 24 September 2018, available at: https://2u.pw/y7G2U

([16]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

([17]] المرجع السابق.

[18] Cameron Orr, China’s alleged anti-Muslim campaign, People’s World, February 13, 2020, available at: https://2u.pw/a5rVf

[19] رايموند لي، مرجع سابق.

([20]] راجع في ذلك: روحان جونارانتا، السلفية التقليدية والسلفية الجهادية التكفيرية في الصين، في: أسامة عبد السلام، طوائف المسلمين في الصين.. الوجود والاختلافات، في: مجموعة باحثين، “الإسلام والمسلمون في الصين”، (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، الكتاب الشهري، سبتمبر 2015).

[21] راجع في ذلك دراسة: جيان بينغ وانغ، “أزمة المسلمين الويغور في الصين”، ترجمة: عمر الأيوبي، في: مجموعة باحثين، أزمات المسلمين الكبرى: التاريخ – الذاكرات – التوظيف، (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، الكتاب الشهري، نوفمبر 2016)، ص ص 41-60.

[22] الهجمة على الصين من باب ’حقوق المسلمين’.. بين التهويل والوقائع، موقع العهد الإخباري، 16 أغسطس 2018، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/N0gyq

([23]] المرجع السابق.

([24]] سفير الصين: الحملة ضد الصين في هذا الوقت هي حملة ممنهجة ورائها أسباب ودوافع سياسية، 27 ديسمبر 2019، بوابة الأهرام، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/ZgCow

[25] الصين – “سياسي يسرب تفاصيل قمع مليون مسلم في شينجيانغ” – بكين تقول إنها تكافح التطرف والانفصال، موقع قنطرة، 19 نوفمبر 2019، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/Djpee

([26]] لماذا يشن الحزب الشيوعي بالصين حملات شرسة على الإيغور؟، مرجع سابق.

([27]] الصين – وثائق سرية جديدة تكشف ملاحقة تعسفية لأقلية الأويغور المسلمة: “هذا ذو لحية وهذه منقبة”، موقع قنطرة، 18 فبراير 2020، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/nr3yw

[28] جون سادوورث، معتقلات الصين المخفية: ما الذي جرى لمسلمي الإيغور المختفين في إقليم شينجيانغ؟، موقع بي بي سي عربي، 31 أكتوبر 2018، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/xPsNO

([29]] إسماعيل عزام، قمع الإيغور المسلمين في الصين – دول إسلامية صامتة ودول غربية منددة، 27 نوفمبر 2019، موقع قنطرة، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/Yo1TQ

([30]] المرجع السابق.

([31]] المرجع السابق.

([32]] المرجع السابق.

([33]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

(*) الوصف للأستاذ فهمي هويدي وحمل عنوان فصل من كتابه: الإسلام في الصين، مرجع سابق.

(**) الوصف ورد في العدد الأول لحولية “أمتي في العالم” عن قضايا العالم الإسلامي 1998، حيث بدأ عنوان ملف دراسات عن المسلمين في أفريقيا بعبارة: “القارة المنسية”.

([34]] رايموند لي، المسلمون في الصين وعلاقتهم بالدولة، مرجع سابق.

 

  • نشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات – العدد السابع عشر- أبريل 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى