تركيا وماليزيا في مواجهة أزمة كورونا(*)

مقدمة:

مثّل تفشي فيروس كورونا المستجد تحديًا لكافة الدول النامية منها والمتقدمة، لم يكن هذا التحدي قاصرًا على القطاع الصحي فحسب، بل شمل شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية… إلخ، حيث ألقت تلك الجائحة بظلالها على مختلف الأنشطة البشرية، وعطلت العديد من الممارسات اليومية، بفعل الإجراءات الوقائية للتصدي لتبعات انتشار هذا الفيروس. من هنا، أصبح النظر في طرق تعامل الدول المختلفة مع تلك الجائحة وإداراتها مؤشرًا لاختبار مدى فعالية السياسات والإجراءات التي تتبعها الدول في إدارة شئونها الداخلية بشكل عام، والتعامل مع الأزمات والكوراث بشكل خاص، وكاشفًا عن مدى اتصاف تلك السياسات بالشمولية والتكاملية والإستدامة، كذلك ما يمكن اعتباره دليل يمكن الاعتماد عليه فيما بعد لمواجهة أي أزمة تواجه الدولة، صحية كانت أو غير صحية.

وتعد التجربتان التركية والماليزية من الحالات الجديرة بالدراسة في هذا الإطار؛ حيث مرت كلتا الدولتين بعمليات تحديث وتطوير – في فترات شبه متقاربة – في مختلف المجالات جعلتهما من الدول المؤثرة في محيطها الإقليمي، وأضحى لهما دورًا رئيسيًا في قضايا العالم الإسلامي(***)، كما أسست هذه العمليات لبنية تحتية ساهمت في نجاح خطط مواجهة تفشي أزمة كورونا في كلا البلدين. حيث تخطت تركيا مرحلة الذروة في انتشار الوباء، فبعد أن بلغ معدل تسجيل الإصابات أكثر من 5000 حالة في 11 أبريل 2020، ثم ما يقارب من 3500حالة في الفترة من منتصف أبريل للخامس من مايو 2020، ثم أصبحت تسجل ما دون الألف حالة يوميًا بدءً من 14 يوليو 2020 والأعداد في تناقص مستمر[1]، كما استطاعت ماليزيا تجاوز موجتين على الأقل من تفشي الفيروس، بأقل خسائر بشرية ممكنة، ومن خلال خطة محمكة للتعافي والتعامل مع الوضع الجديد مع بعد كورونا(****).

وعليه، يستعرض هذا التقرير الوضع الصحي والاقتصادي لكلا البلدين في مواجهة الأزمة، من خلال تفكيك السياسات والاجراءات الصحية والاقتصادية التي اتخذتها البلدين، كذلك يعرض الدور الذي قام به المجتمع المدني بمختلف مؤسساته في مساندة إجراءات الحكومة لإدارة الأزمة، مع خاتمة تتضمن ما توصلنا إليه خلاصات واستنتاجات بشأن المقارنة التحليلة لسياسات البلدين في مواجهة الأزمة.

أولًا- تركيا وكورونا: مثلث سياسات المواجهة

واجهت تركيا أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد باستراتيجية تنبني بالأساس على ثلاث ركائز متكاملة، وهي: الاجراءات الصحية بما تنطوي عليه من مقومات البنية الصحية للدولة، الاجراءات الاقتصادية وما تتضمنه من حزم دعم وانعاش الاقتصاد للتغلب على تبعات الأزمة، المجتمع المدني بما يمثله من ترجمة عملية للاجراءات والتفاعلات الثقافية والمجتمعة مع مجريات الأزمة.

  • إجراءات الحد من تفشي الوباء:

سجلت تركيا أول إصابة بفيروس كورونا في الحادي عشر من مارس 2020 لرجل عائد من أوروبا[2]، ومع الوقت زاد عدد الحالات المصابة والوفيات بشكل متسارع سيرًا مع حالة تفشي الوباء عالميًا، بدايةً من نهاية مارس لتبلغ الذروة في منتصف أبريل ثم أخذ منحى الإصابات في الهبوط إلى أن وصل إلى مرحلة التسطيح في منتصف يوليو 2020.

ومع بداية الأزمة وقبل الإعلان عن أي إصابة قامت وزارة الصحة التركية في 6 يناير 2020 بتشكيل لجنة علمية من عدد من أساتذة الطب في التخصصات ذات الصلة بالأوبئة والأمراض المعدية، بالإضافة لعدد من كوادر الوزارة لبحث وتقييم حالة إنتشار الوباء وتقديم المشورة العلمية للوزارة والحكومة بشأن الإجراءات المطلوبة للحد من انتشار الوباء داخل البلاد[3].

بدايةً، واجهت تركيا الوباء بمستشفيات مجهزة تضم 100 ألف غرفة قابلة للتحول لغرف عزل صحي أو عناية مركزة، وبمتوسط عدد أسرّة 28 سرير لكل 10000 مواطن، كما استهدفت إجراء من 10000 إلى 15000 تحليل يوميًا للمواطنين، بخلاف أنها أخطعت 4 ملايين و603 آلاف مسافر قادم جوًا، و15 ألفا و200 مسافر دخل البلاد من المنافذ البحرية، و189 ألفا عبر الحدود البرية، للفحص بالكاميرات الحرارية[4]. وتتلخص الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية لمواجهة الأزمة فيما يلي[5]:

  • إيقاف رحلات الطيران من الدول الأعلى في تسجيل إصابات بالفيروس، وعلى رأسها الصين (3 فبراير) وإيران (23 فبراير) وإيطاليا (26 فبراير).
  • تعليق الدراسة في المدارس والجامعات والمعاهد، ووقف الفعاليات والتجمعات بمختلف أنواعها، بالإضافة لحظر السفر للخارج (12 مارس).
  • وضع قيود على حركة المواطنين وبخاصة من هم فوق سن الستين عامًا ودون العشرين عامًا، بالإضافة لقرار إلزام المواطنين إرتداء الكمامات عند الخروج من المنزل (5 أبريل).

وجاءت نتائج هذه الإجراءات وغيرها من إجراءات السلامة والوقاية من انتشار الفيروس في المنشاءات المختلفة في انخافض وتيرة الحالات الجديدة المـــُكتشفة، وتقاربها مع أعداد حالات الشفاء ابتداءً من نهايات أبريل 2020، مع زيادة فحوصات البحث والتقصي عن الحالات المــُشتبه إصابتهم بفيروس كورونا، وانخافض مستمر في أعداد الوفيات إلى ما دون الخمسين حالة منذ منتصف شهر مايو. وصلت هذه الأرقام حتى آخر تحديث في 26 يوليو إلى تسجيل 927 حالة إصابة جديدة، و17 حالة وفاة، وتعافي 92.65% من المصابين حتى بداية انتشار الفيروس في تركيا، مع وجود 12249 إصابة نشطة، بينهم 1249 في العناية المركزة.[6]

ومع ذلك يُلاحظ على هذه الإجراءات أنها جاءت متأخرة نسبيًا إذ أن الفارق بين إعلان ظهور أول حالة وإعلان حالة حظر التجوال كبيرة مقارنةً بما كان مطلوبًا كإجراءات احترازية ومقارنة بدول أخرى؛ كما أن بداية إدارة المشهد والتعاطي مع فيروس كورونا جاء فيه تخبط واضح؛ إذ كان أردوغان قد صرح بأن “تركيا أقوى من أي فيروس” ولا يمكن للفيروس أن يدخل أراضيها، ولا يمكن أن تتوقف عجلة الانتاج لأي سبب[7]، كما أثار إعلان وزير الداخلية في وقت متأخر يوم 11 أبريل 2020 حالة من الذعر بين المواطنين صاحبها تكدس على مراكز شراء السلع والخدمات، هذا التعامل هو ما دفع الأرقام في تركيا في الازدياد بشكل كبير يزيد عن المعدل العالمي في انتشار الفيروس.[8] وذلك على الرغم من تشكل اللجنة العلمية في وقت مبكر من الأزمة التي أضحت إجراءاتها –بعد هذه الصدمة- محور السياسات الحكومة في إدارة الأزمة، ورافقها التزام من قبل المواطنين وحزم في التنفيذ من قبل الجهات المختصة مع العديد من التسهيلات مثل توزيع الكمامات والمستلزمات بشكل مجاني، وكذلك حملات التبرع للفئات المتضررة من الحظر وكذلك حملات التوعية المستمرة بخطورة الفيروس وطرق الوقاية منه.

  • إجراءات اقتصادية لمواجهة تداعيات كورونا:

ألقت الأزمة بظلالها على الاقتصاد بشكل مباشر، فزادت من الأعباء المالية للحكومات، وطالت تأثيراتها التجارة الخارجية استيراداً وتصديراً وقطاعات السياحة والاستثمار والترفيه والرياضة، كما دفعت المواطنين لتقليل وإعادة توجيه الاستهلاك الداخلي. وفرض فيروس كورونا على الاقتصادات الصاعدة بصفة عامة، والاقتصاد التركي بصفة خاصة تحديين؛ الأول: الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي قدر الإمكان، والثاني: مرتبط بتجاوز خسائر الاغلاق والهروب من شبح الركود الكبير بأهم القطاعات الاقتصادية.

أتت جائحة كورونا في وقت كانت تركيا ما زالت تتعافى فيه من الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربتها صيف 2018، كما جاءت خطة الدعم التي اتبعتها الإدارة التركية في أعقاب الأزمة التي تعانيها الليرة التركية في مواجهة العملات الصعبة وحاجة البنك المركزي التركي لتعزيز الاحتياطي النقدي أمام العملات الصعبة[9].

لذلك دفعت الأزمة الحكومة التركية لاتخاذ عدة سياسات متوازية للتخفيف من حدة تلك التداعيات سواء على الشركات أو المواطنين أو الليرة التركية، فلجأت إلي إجراءات تستهدف الحد من انتشار الوباء دون إيقاف لعجلة الاقتصاد:

  • اتخذ المصرف المركزي التركي عدة قرارات لتخفيف الآثار السلبية التي أحدثها وباء كورونا عالمياً، هي؛ زيادة المرونة في إدارة السيولة النقدية لليرة التركية والعملات الأجنبية، تأمين سيولة إضافية للمصارف لضمان استمرار تدفق القروض بلا انقطاع، ودعم تدفق النقد للشركات المصدّرة من خلال تنظيم قروض إعادة الخصم[10].
  • كما أقرت أقرت الحكومة التركية خطة أسمتها “درع الاستقرار الاقتصادي” بقيمة 100 مليار ليرة (حوالي 15 مليار دولار)، وتشمل أهم بنودها: “رفع سقف صندوق القروض في مصرف “غارانتي” من 25 إلى 50 مليار ليرة، الاستمرار في دعم الحد الأدنى للأجور، رفع الحد الأدنى لراتب التقاعد إلى 1500 ليرة، تأمين 2 مليار ليرة إضافية لدعم العائلات المعوزة من خلال وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية، دعم مالي للمصدّرين بسبب البطء المؤقت في التصدير، تأجيل سداد أقساط مؤسسة الضمان الاجتماعي المستحقة لشهور أبريل ومايو ويونيو لمدة 6 أشهر، إلغاء تطبيق ضريبة الاستضافة حتى تشرين الثاني/نوفمبر القادم، تخفيض ضريبة القيمة المضافة في قطاع النقل الجوي من %18 إلى %1 لمدة 3 أشهر، تأجيل دفعات الشركات المتضررة من إجراءات مكافحة الوباء ولرجال الأعمال وصغار التجار لسد القروض للمصارف مدة 3 أشهر كحد أدنى وتأمين دعم مالي لهم في حال الحاجة”[11].
  • ونظرا لأهمية القطاع السياحي للاقتصاد التركي خاصة أن التقديرات الأولية تشير إلي أن قطاع السياحة ووكالات السفر والنقل الجوي والخدمات المرتبطة بهما من أهم مصادر الدخل القومي التركي، ففي عام 2018، بلغت عائدات السياحة في تركيا حوالي 29.5 مليار دولار أمريكي، وفي عام 2017 بلغت حوالي 26.2 مليار دولار أمريكي، وفي العام 2019، سجّلت الخطوط الجوية التركية الوطنية أرباحاً صافية بلغت 788 مليون دولار ومعدّل إشغال نسبته 81 في المئة[12].

واتخذت الإدارة التركية عدة إجراءات في محاولة لتدارك موسم الصيف لتقديم “السياحة الآمنة” باعتبارها أيضا فرصة لتعزيز مكاسب السياحة بصفة عامة والعلاجية منها بصفة خاصة؛ حيث أعلنت الخطوط الجوية التركية استئناف رحلاتها الداخلية في الرابع من يونيو بشكل محدود ومتدرج ضمن حزمة من الشروط والقواعد الجديدة التي تضمن سلامة المسافرين ومنع انتشار الفيروس مجدداً في البلاد منها: عمل كافة رحلات الباصات والقطارات والطائرات داخلياً وخارجياً بـ50% فقط من طاقتها الاستيعابية للركاب مع اتخاذ كافة الاجراءات الاحترازية.

بدأت محاولات انعاش قطاع السياحة في تركيا بعد العودة التدريجية للحياة الطبيعية في تركيا مع دعوة وزير الثقافة والسياحة التركي عددٍ من السفراء الأجانب والصحفين والوفود المعنية بالسياحة لتعريفهم ببرنامج السياحة الآمنة في 19 مايو 2020، وقد أشاد عددٍ منهم بجهود تركيا في تقديم سياحة آمنة وفق معايير سلامة وإجراءات احترازية عالية.[13] وقد شهدت أعداد الحالات المــُصابة بفيروس كورونا  بداية من 12 يونيو 2020 ارتفاعًا في حالات الإصابة وحتى 15 يوليو 2020 لتعود إلى ما دون الألف حالة مرة أخرى التي استقر عليها أعداد الحالات قبل الفترة السابقة بأسبوعين؛ وكانت تركيا قد بدأت منذ 20 مايو في استقبال عدد من السياح من جنسيات مختلفة –غير أوروبية- فضلًا عن استقبال المرضى القادمين من 31 دولة حول العالم بغرض السياحة العلاجية وذلك وفق التدابير الصحية؛ حيث يتوقع البعض ارتفاع الطلب العالمي على السياحة العلاجية في تركيا عقب افتتاح عدد من المدن الطبية الكبرى وما حققته من نجاح في التعامل مع مرضى فيروس كورونا[14].

وعلى الرغم من أنه لا يوجد تصريح واضح حول عدد الأجانب المــُصابين خاصةً بعد عودة السياحة، إلا أنه إذا أصفنا الملاحظة التي تُخص الفترة التي شهدت زيادة في أرقام الحالات المـــُسجلة داخل تركيا إلى تصريح وزير السياحة التركي الذي يقول فيه: إن “حالات الإصابة بكورونا في المدن السياحية بتركيا، تكاد تكون الأقل مقارنة مع المدن السياحية في أوروبا”[15]، بالإضافة لحظر الاتحاد الأوروبي السفر إلى تركيا، فإن في ذلك مؤشرين على أن هذه الزيادة في الأرقام ترجع بنسبة كبيرة منها إلى نشاط حركة السياحة في تركيا، وإلى عدم اطمئنان العديد من الدول إلى برنامج السياحة الآمنة في تركيا بصفة خاصة، وحالة انتشار فيروس كورونا فيها بصفة خاصة.

– ولترسيخ التكافل الاجتماعي حثت الحكومة التركية الميسورين من المواطنين للتبرع لذوي الحاجة ضمن حملة “نحن نكفي أنفسنا يا تركيا”، والتي جمعت حتى اللحظة ما قيمته ملياراً و 910 ملايين ليرة أي حوالي 27 مليون دولار، الأمر الذي انتقدته المعارضة واعتبره بعض رموزها مؤشراً على إفلاس الدولة واستدانتها من المواطن.

في المحصلة، مثلت السياسات الاقتصادية التي اتخذتها تركيا لمواجهة الأزمة ضلعًا رئيسيًا في مثلث نجاح الاستراتيجية التركية في مجابهة الجائحة، وغني عن البيان، فإن آثار وتداعيات أزمة كورونا لن تتوقف على التأثيرات الاقتصادية الوقتية، وإنما تمتد هذه التداعيات لفترة ما بعد كورونا، وهو ما يمثل تحدي تقييمي يتعلق بمدى عمق الأزمة والمدى الزمنى لإداراتها وكفاءة السياسات التي قامت بها الحكومة ومدى جدواها.

  • دور المجتمع المدني في مواجهة كورونا:

وظف الرئيس التركي -رجب طيب أردوغان- مؤسسات وفصائل المجتمع المدني في إدارة الأزمة لمساعدة مؤسسات الدولة وسبر قصورها في التعامل مع الجائحة والحد من تداعياتها على قطاعات المجتمع التركي، حيث وجّه الرئيس التركي بأن المجتمع المدني أحد ركائز المجتمع التركي الثلاث بجانب الدولة بمؤسساتها والقطاع الخاص[16]. وقد تم التنسيق بين أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني على نحوٍ مميز أتاح للأخير لعب دورٍ مؤثرٍ وفعال في دعم وإغاثة المتتضررين من آثار فيروس كورونا داخليًا وخارجيًا.

داخليًا، شهدت المجتمع التركي تآزر وتضامن كبير بين ثلاثية: منظمات المجتمع المدني الإغاثية والدولة بسلطتها وإداراتها المحلية والجاليات المختلفة داخل تركيا وعلى رأسها الجاليات العربية؛ فجاءت جهود المجتمع المدني بالتنسيق مع الدولة وداعمة لها؛ وبيرز من بين هذه المؤسسات على سبيل المثال: الهلال الأحمر التركي، مؤسسة “إليك خانة”، وقف التواصل عبر الثقافات، منارة البحر Deniz Feneri، وبشير Beşir، وجمعية شباب تركيا. حيث قدمت الأخيرة مساعدات غذائية وأدوات نظافة لما يقرب من 10 آلاف أسرة مُتضررة من مرض كورونا حتى نهاية أبريل، ولم يقتصر الدعم المــُقدم للمتضررين فقط بل امتد ليشمل تقديم هدايا للعاملين في الرعاية الطبية في المستشفيات كدعم معنوي لهم، وإطلاق مباردرات عبر الإنترنت لدعم القراءة والإقلاع عن التدخين ومحادثات عن بُعد لتدعيم الحالة النفسية للأتراك والمتواصلين مع الجمعية.[17] كما وفرت مؤسسة الهلال الأحمر الدعم المالي ل11ألف شخص قادم من الخارج وفي الحجر الصحي، كما استمرت في جهودها في التبرع بالدم، فضلًا عن تقديمها 150 خيمة للمستشفيات، وإعدادها ل 300 مستشفى ميداني، بالإضافة لتبيتها لاحتياجات 150 ألف أسرة بشكل اسثنائي خلال الأزمة. أضف إلى ذلك ما سامهت به إلى جانب المؤسسات الأخرى في رعاية كبار السن وقضاء حواجهم في فترة حظر التحرك التي فُرضت عليهم.[18]

كما شكلت الجاليات العربية في تركيا ما يشبه “خلية أزمة” بالتنسيق مع سفارات دولها والجهات التركية المختصة، إذ كانت هذه الجاليات عنصرًا فاعلًا ضمن استراتيجة الحكومة لمواجهة وذلك من خلال توظيف قدراتهم الطبية – حيث الأطباء – والتنسيقة في تدشين حملات التبرع والتوعية، فأطلقت الجالية اليمنية في تركيا مبادرة لتوفير عمل عن بعد لليمنين في تركيا وتقديم المشورة الطبية حول فيرس كورونا في طرق الوقاية والعلاج لأبناء الجالية وغيرهم، كما انطلقت حملة الإغاثة للفلسطنيين في تركيا التي تكونت من قبل الاتحاد العام لطلبة فلسطين بتركيا والتي استهدفت توفير سكن بديل للطلاب والمساهمة المادية في دفع الايجارات المتأخير وتوفير وجبات طعام جاهزة وسلات غذائية، كما أطلق أطباء سوريون ومصريون مبادرة تضم 250 طبيب لمساعدة السلطات الصحية التركية في تخطى الأزمة[19].

خارجيًا، إلى جانب المساعدات التي قدمتها الحكومة التركية لما يقرب من 34 دولة حول العالم في مواجهة الأزمة، قد نشطت منظمات المجتمع المدني كمؤسسة الإغاثة التركية (IHH)، التي قدمت خلال فترة ذروة انتشار الفيروس مساعدات بأدوات نظافة وتعقيم لأكثر من 59 ألف مستفيدًا بالاضافة لـ 40 ألف وجبة سحور، فضلًا عن تقديمها المساعدة لما يقرب من 2 مليون شخص في 120 دولة مختلفة حول العالم[20]. ووكالة التعاون والتنسيق التركية (TIKA) التي قدمت مساعدات بمستلزمات طبية وأدوات وقاية للعديد من الدول منها الجزائر وجنوب السودان وبنجلاديش وأوزباكستان وأفغانستان والسودان[21]، كما قامت مؤسسة “وقف الديانة التركية” التابعة لوزارة الشئون الدينية بتقديم العديد من المساعدات داخل وخارج تركيا بحجم وقف يصل إلى 12 مليون ليرة لـ 35 دولة حول العالم[22].

ثانيًا- ماليزيا وكورونا: ثلاثية الفرد والمجتمع والدولة:

تعد التجربة الماليزية في التعامل مع أزمة فيروس كورونا جديرة بالدارسة، حيث استطاعت ماليزيا تجاوز موجتين من تفشي الفيروس، بأقل خسائر بشرية ممكنة، ومن خلال خطة محمكة للتعافي والتعامل مع الوضع الجديد مع بعد كورونا.

  • بداية تفشي كوفيد-19 في ماليزيا:

بدأت الموجة الأولى في 25 يناير 2020، حيث اكتشفت السلطات الصحية الماليزية إصابة 3 أجانب صينيين أتوا عبر سنغافورة، بينما سُجِلت أول إصابة لمواطن ماليزي بكورونا في 3 فبراير 2020[23].

ولم تسجل الحكومة الماليزية أية إصابات جديدة خلال الفترة 16-26 فبراير 2020، لتبدأ الموجة الثانية من الإصابات في 26 فبراير[24]. غير أن تفشي الفيروس في الموجة الثانية لم يقتصر على ماليزيا فحسب، بل في جنوب شرق آسيا. حيث سجلت السلطات في بروناي في 11 مارس إصابة لمواطن محلي كان قد حضر مناسبة دينية تابعة لجماعة تبليغ الإسلام في مسجد قرب كوالالمبور، حيث عقدت تلك المناسبة الدينية في الفترة من 27 فبراير حتى 1 مارس 2020، وضمت حوالي 16 ألف شخص، نصفهم على الأقل ماليزيون، وقد ثبت بعدها أن أكثر من 50٪ من الحالات المكتشفة كانت قد حضرت أو اختلطت بأحد حضور هذا التجمع الديني[25].

في منتصف مارس، سجلت السلطات أول حالتي وفاة بين المرضى الماليزيين؛ ما أدى لانتشار الذعر بين المواطنين، وهو ما دفع الحكومة لاتخاذ الإجراءات للتخفيف من هذا الذعر[26] من جهة، وللسيطرة على الوباء من جهة أخرى. انقسمت هذه الإجراءات لإجراءات صحية واجتماعية لمواجهة تفشي الفيروس، وإجراءات اقتصادية لمواجهة التداعيات الاقتصادية لهذا التفشي، وهما ما سوف نستعرضهما بشيء من التفصيل في السطور التالية:

  • الإجراءات الصحية:

بدأت ماليزيا إجراءاتها الصحية مبكرًا، فبعد اكتشاف الحالات الصينية الثلاثة في 25 يناير، نصحت الحكومة الماليزية مواطنيها بعدم السفر للصين في نفس اليوم[27]. وفي 27 يناير، حددت السلطات 26 مستشفى كمراكز لفحص وعلاج الأفراد المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، كما تم تعليق دخول المواطنين الصينيين من مدينة ووهان ومقاطعة هوبي[28].

بدأت جهود وزارة الصحة للوقاية من انتقال المرض بتنفيذ الفحص الصحي في جميع نقاط دخول البلاد، لتعزيز الكشف عن الحمى بين السياح والمواطنين العائدين من الخارج، خصوصًا العائدين من ووهان، وتحديدهم، وعزلهم في مناطق الحجر الصحي الخاصة لمصابي كوفيد-19[29]. كما كثفت الدولة جهودها للبحث عن حضور تجمع جماعة التبليغ لإجراء الفحوصات الطبية لهم.

وفي 16 مارس 2020، وبعد تخطي عتبة الـ500 إصابة، أعلن رئيس الوزراء فرض إجراءات تقييد حركة المواطنين Movement Control Order (MCO) ابتداء من 18 مارس، والذي شمل حظر التجمع الجماهيري، والأنشطة الدينية والتجارية والتعليمية والرياضية والثقافية والاجتماعية، باستثناء المتاجر الكبرى والأسواق العامة ومحلات البقالة والمتاجر التي تبيع الضروريات الأساسية. كما سمح لمقيم واحد فقط من الأسرة بالخروج في وقت واحد وضمن 10 كم من السكن، وأنشئت نقاط التفتيش للتحقق من درجات الحرارة عند نقطة دخول المساكن ومحلات السوبر ماركت ومحلات المواد الغذائية. بالإضافة لحظر السفر من وإلى البلاد، وبين الولايات بعضها البعض[30].

وقد كانت الحكومة الماليزية حريصة على نفاذ إجراءات تقييد الحركة بشكل فعال، حيث يخضع المخالفون لتلك الإجراءات لغرامة تصل إلى 1000 رينغيت ماليزي و6 أشهر سجن كحد أقصى[31]. أدت الفجوة الزمنية بين إعلان  فرض إجراءات التقييد (16 مارس) ودخول تلك الإجراءات حيز التنفيذ (18 مارس) إلى زيادة كثافة حركة المواطنين في الأسواق وعودة المواطنين الماليزيين إلى بلادهم  قبل دخول القرار حيز التنفيذ؛ وهو ما انعكس على تزايد الحالات اليومية المصابة بالفيروس خلال الـ14 يومًا التالية[32]، ولكن تلك الإجراءات استطاعت -من جهة أخرى- أن تجنب ماليزيا قفزة كبيرة في عدد الإصابات التي كانت متوقعة في منتصف إبريل وفق العديد من الدراسات الإحصائية.

وقد تمثلت قدرات ماليزيا في استجابتها لتفشي كوفيد-19 في توفير 120 مستشفى فحص، و40 مستشفى لعلاج وحجر المرضى، بالإضافة إلى حجز أكثر من 4000 سرير مستشفى للمرضى، تمثلت نسبة الإشغال في أواخر مايو بنسبة 20% من تلك الأسرة[33]، وكجزء من خطة عمل وزارة الصحة، سيتم استخدام القاعات العامة والملاعب كحجر صحي حال وصلت الحالات اليومية إلى 1000، كما سيعود ثلاثة آلاف ممرض متقاعد كمتطوعين للمساعدة في علاج المرضى[34].

سعت ماليزيا (في التعامل مع أزمة تفشي كوفيد-19) لمحاكاة تجربة كورويا الجنوبية من خلال زيادة عدد الاختبارات والفحوص، وهو ما عبرت عنه رئيس قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى KPJ Damansara في كوالالمبور حيث قالت: “نحن نتبع النموذج الكوري الجنوبي لاختبار الجميع. اختبر، اختبر، اختبر – ثم اختبر مرة أخرى”[35]. وعلى الرغم من استهداف الحكومة الماليزية لإجراء 16500 اختبار في اليوم، إلا أن إمكاناتها لم تتجاوز بعد الـ11500 اختبار في اليوم. بالإضافة إلى تطوير استراتيجيتها لإجراء اختبار الأجسام المضادة، بدلًا من اختبار التفاعل المتسلسل (PCR)، للأشخاص المعزولين بسبب مخالطتهم للمرضى؛ اختصارًا للوقت وتوفيرًا للجهد، حيث أن اختبارات PCR يلزم أن تتم في المختبرات، في حين أن اختبارات الأجسام المضادة يمكن إجراؤها في نفس المكان[36].

  • الإجراءات الاقتصادية:

أثـّر فرض إجراءات تقييد الحركة سلبًا على الوضع الاقتصادي الماليزي، نظرًا لإغلاق العديد من المؤسسات والشركات والمصانع، واقتصار استمرار النشاط الاقتصادي على المواد الغذائية والحاجيات الضرورية والأدوات الصحية الطبية، ما دفع الحكومة الماليزية إلى ضخ العديد من حزم التحفيز.

بدأ تنفيذ حزمة التحفيز الأولى في نهاية فبراير، حيث أعلن رئيس الوزراء عن حزمة تحفيز مالي بقيمة 20 مليار رينغيت ماليزي للتخفيف من تأثير الجائحة استنادًا إلى ثلاث استراتيجيات رئيسة، وهي تقليل تأثير الفيروس، والنمو الاقتصادي القائم على الناس، وتشجيع الاستثمارات عالية الجودة. وبعد تغيير الحكومة، أُنشئ مجلس العمل الاقتصادي لمعالجة القضايا الاقتصادية المختلفة، حيث عُنِيَ بمراجعة حزم التحفيز السابقة، كما أعلن في 27 مارس عن حزمة جديدة «PRIHATIN»  كجزء من الجهود المستمرة للحد من آثار تفشي الفيروس، وقد بلغت قيمة الحزمة الثانية 250 مليار رينغيت ماليزي، تم تصميمها لتعزيز الاقتصاد وحماية رفاهية الناس، ودعم الأعمال، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة[37]. وفي 6 إبريل، خصصت الحكومة حزمة إضافية بقيمة 10 مليارات رينغيت ماليزي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم لتخفيف العبء عنها، ولضمان احتفاظ ثلثي القوى العاملة في البلاد بوظائفها[38].

وقد اعتبرت تلك الحزم من بين الحزم الأكبر في العالم، حيث بلغت حوالي 17٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، متفوقة على المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية اللتين أعلنتا عن حزم تحفيز بنسبة 16٪ و11٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الترتيب[39].

ومع تخفيف إجراءات تقييد الحركة (MCO)، بدأت تعود الحياة الاقتصادية بالتدريج، وقد أعلن رئيس الوزراء محيي الدين ياسين عن استراتيجية ماليزيا سداسية المراحل لتجاوز آثار كورونا، حيث تتكون من[40]:

  1. حل الأزمة، من خلال كسر سلسلة العدوى عن طريق فرض إجراءات تقييد الحركة.
  2. التركيز على ضمان مرونة اقتصاد البلاد.
  3. إعادة التشغيل، من خلال تخفيف إجراءات التقييد.
  4. الإنعاش الاقتصادي في مواجهة “الوضع الطبيعي الجديد”.
  5. تنشيط اقتصادي شامل.
  6. إصلاح اقتصادي هيكلي في مواجهة عالم ما بعد جائحة كوفيد-19.

غير أن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الماليزية لم تكن موجهة فقط إلى النشاط الاقتصادي، وإنما أيضًا مدت القطاع الطبي بالعديد من الحزم الاقتصادية. ففي 23 مارس، خصص مجلس العمل الاقتصادي 600 مليون رينغيت ماليزي لوزارة الصحة لمحاربة الفيروس، 500 مليون رينغيت منها لشراء أجهزة التنفس ومعدات الحماية الشخصية، في حين تذهب الـ100 مليون رينغيت التعيين 2000 ممرضة على أساس تعاقدي[41]. بالإضافة إلى زيادة البدل الشهري لموظفي الرعاية الصحية من 400 رينغيت إلى 600 رينغيت شهريًا، بدءًا من أول إبريل 2020، وحتى نهاية الجائحة[42].

  • دور المجتمع:

حتى 30 أبريل 2020، كان معدل الوفيات بسبب كوفيد-19 1,7% من إجمالي الإصابات، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 7.1%[43]، وبحلول 10 مايو، بلغت نسبة المناطق الحمراء “شديدة الخطورة” 0.34% من أصل 1178 منطقة في جميع أنحاء المملكة[44]، وحتى 10 يوليو، بلغ عدد الإصابات في ماليزيا نحو 8696 إصابة، و121 حالة وفاة، و8511 شفاء، وهي في المرتبة 76 عالميًا من حيث عدد الإصابة[45].

تشير تلك التقديرات إلى قدرة ماليزيا على تجاوز ذروة تفشي الفيروس وتسطيح منحنى الإصابات بفيروس كورونا. والحق أن ذلك الإنجاز لا يحسب للحكومة ووزراراتها فحسب، حيث لعب المجتمع الماليزي دورًا محوريًا في إنجاح الخطط الحكومية لمواجهة الفيروس، سواء من خلال الالتزام بالقرارات الحكومية الذي مثل عنصر نجاح أساسيًا لنجاح تدخلات الحكومة[46]، أو من خلال التعاون مع الكادر الطبي ووزارة الصحة بشكل مباشر.

فقد أنشأت وزارة الصحة الماليزية صندوقًا خاصًا يعرف باسم صندوق كوفيد-19 لجمع الأموال التي سيتم توجيهها إلى المرضى والمتأثرين ماليًا بسبب إجراءات الحجر الصحي، وقد تلقى الصندوق في البداية مليون رينغيت ماليزي من القطاعين الحكومي والخاص، وقام الأفراد والمنظمات غير الحكومية بالمساهمة في هذا الصندوق. وقد نجح الصندوق في توفير 100 رينغيت يوميًا لمعدومي الدخل طوال إجراءات الحجر الصحي والعلاج، كما استخدمت الأموال التي تم جمعها لتغطية النفقات الطبية مثل شراء المعدات الحيوية واللوازم الأخرى. ولتشجيع المساهمة في الصندوق، واتخذ مجلس الإيرادات الداخلية مبادرة عرض التخفيضات الضريبية على التبرعات النقدية والعينية لمساعدة المجتمعات المتضررة في تلبية احتياجاتهم الأساسية والمساعدة في بناء قدرتهم على مواجهة الأزمة[47].

كما تعاونت وزارة الصحة مع بعض مقدمي خدمات الرعاية الصحية المشاركين الذين يقدمون اختبار المسحة وجمع عينات من الأفراد والشركات داخل مبانيهم، بالإضافة إلى مواقع اختبار القيادة، من أجل تحديد هويات ومواقع حالات الاشتباه بالإصابة وتقليل فرص خروجهم من منازلهم. كما تلقت الوزارة دعمًا من قطاع التأمين، بشقيه التقليدي والإسلامي، بقيمة 8 ملايين رينغيت لتعزيز فحوصات فيروس كورونا، وذلك عبر إصدار وثائق تمكن حاملها من إجراء فحص في المستشفيات والمختبرات الخاصة بقيمة تصل إلى 300 رينغيت[48].

كما ساعدت منظمات المجتمع المدني المتضررين من الوباء وإجراءات تقييد الحركة، من خلال توفير الطعام والمأوى للمشردين، والأموال للمحتاجين، كما وفرت تلك المنظمات أقنعة واقية وغرف التطهير، وعملت على المساعدة في تثقيف المواطنين حول الفيروس[49].

وبعد انتشار مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لممرضات ماليزيات يستخدمن الأكياس البلاستيكية كبدلات لمعدات الحماية الشخصية، اجتمع كبار مصممي الأزياء المحليين وأعضاء جمعية المصممين الماليزيين الرسمية (MODA) معًا لخياطة وإنتاج ملابس ومعدات الحماية الشخصية، وقد رأى المصممون أن ذلك أفضل ما يفعلونه كمصممي أزياء. كما تم إنشاء موقع على شبكة الإنترنت يسمى #KitaJagaKita (نحن نعتني ببعضنا البعض) من قبل المؤلف الماليزي «حنا الكاف» حيث يمكن للناس التبرع بالمال ومد يد المساعدة إلى الخطوط الأمامية والمحتاجين خلال وقت الأزمة هذا، كما يمكن للماليزيين الذين يحتاجون إلى مساعدة مالية أو حتى تقديم المشورة أيضًا طلب المساعدة من موقع الويب[50].

  • ثلاثية النجاح الماليزية:

لقد استطاعت ماليزيا، إلى الآن، تحقيق عبور آمن من جائحة كوفيد-19 بعد موجتين من التفشي، حيث نجحت في تستطيح منحنى الإصابات، وباتت تسجل أرقامًا أحادية الخانة يوميًا، بعد تسجيلها حالات ثلاثية الخانة، ويمكن إرجاع هذا النجاح للثلاثية التالية:

  1. الكفاءة التكنوقراطية: حيث استطاعت الحكومة الماليزية الجديدة، ووزير الصحة بالأخص، تجاوز مخاضها العسير، وأثبتت كفاءتها في إدارة أزمة تفشي الفيروس، في ظل انقسامات سياسية وتنوعات عرقية. لقد برهنت التجربة الماليزية على أن الخدمة العامة القوية وذات الموارد الجيدة والقيادة غير المسيسة أنها لا تقدر بثمن[51].
  2. الإصرار الحكومي: كانت الحكومة الماليزية مصرة على إنجاح خطتها في مواجهة تفشي الفيروس، من خلال اتباع الطرق الموثوقة والاستفادة من تجارب الآخرين، بتتبع الحالات المشتبه بها، وتجديد فرض إجراءات تقييد الحركة مرتين، ورفعها بشكل متدرج، مع مراقبة المناطق الحمراء بدقة.وفرض معايير جديدة لإجراءات التشغيل، والسماح للقطاعات الاقتصادية بالفتح مع مبادئ توجيهية سارية؛ ومع ذلك، لا تزال الرحلات بين الولايات محظورة. فضلًا عن توقيف قرابة 2000 شخص لكسرهم إجراءات تقييد الحركة.
  3. التآزر المجتمعي والالتزام الفردي: استطاع المجتمع الماليزي إنجاح خطة الحكومة، من خلال ما قدمه من عون للقطاع الصحي والمتضررين من الجائحة، فضلًا عما لعبه الأفراد من دور فعال تمثل أساسًا باتباع القرارات الحكومية رغم ضيق البعض بها بسبب طريقة تشكيلها. فعادة ما يتصف الماليزيون باحترام هيراركية السلطة، حيث يرتبط المحكومون بعلاقات الاحترام والطاعة للحاكمين السياسيين والإداريين، كما أنهم يميلون للتكيف والصبر وتجنب المواجهة[52].

خاتمة

يمكن القول إن كلا البلدين قد نجحتا في إدارة الأزمة من الناحية الصحية باتباع إجراءات احترازية وسياسات إغلاق ملائمة بُنيت على أساس علمي وارتكزت على بنية صحية متطورة، بما ساهم في تحجيم تفشي الفيروس ومكافحة آثاره، مع الملاحظة بأن السياسات الصحية الماليزية تمتعت بعامل الاستجابة السريعة وعجلت من الاجراءات الوقائية، مع الآخذ في الاعتبار خصوصية وتميز الوضع القائم في كلا البلدين وعدد السكان ومدى التزامهم بهذه الاجراءات.

لا شك أن تركيا وماليزيا قدمتا نموذجًا جيدًا في التعامل مع الأزمة اقتصاديًا، من خلال تقديم إجراءات وسياسات اقتصادية تتناسب مع خصوصية اقتصاد البلد من جانب، وتتماشى مع الحالة العامة للاقتصاد العالمي وما يعانيه من ركود وإنكماش تأثرًا بالأزمة من جانب آخر، إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك العديد من التحديات التي ستواجه البلدين في فترة ما بعد كورونا، وكذلك الفرص التي سنتنجها هذه الفترة.

يبدو أن أداء تركيا أكثر من جيد في مواجهة الوباء صحياً، لكنه يضعها كغيرها من الدول أمام تحديات اقتصادية واضحة. بَيدَ أن الجائحة، كأي أزمة أخرى، تحمل في طياتها التحديات والفرص، ما يجعل المآلات النهائية رهناً بعمق الأزمة والمدى الزمني لانتهائها وكذلك مدى كفاءة الحكومة في مواجهتها[53]؛ حيث قلل تراجع أسعار النفط عالميا بمستويات غير مسبوقة من نسبة التضخّم وتقليص أعباءها المالية كدولة مستوردة للنفط وستستفيد منه الصناعة التركية على المدي المتوسط بالإضافة لهبوط سعر صرافة الليرة ما قد يجعل السوق التركي مقصدا رئيسيا لتعويض السوق الصيني[54]، إلا أن الأزمة أعادت تركيا إلى الثنائية صعبة التحقق مرة أخرى: فهي لحاجة لأموال سائلة بالعملة الصعبة آنياً، لكنها كذلك بحاجة إلى تقليل اعتماد اقتصادها عليها على المدى البعيد، في إطار سعي الحكومة لعلاج المشاكل البنيوية في الاقتصاد لجعله أكثر قوة وصموداً.

بجانب ما فرضته الأزمة على الاقتصاد الماليزي من تحديات عدة “عاجلة”، إلا أن التحدي الأهم يتمثل في إمكانية استدامة التنمية للحفاظ على المستوى المعيشى للأفراد كأولوية مقاصدية، والشروع في سياسات طويلة المدى تنطوي على حوافز لدمج وزيادة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص، كما ينبغي أن تقدم المساعدات للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت بفعل اجراءات إدارة الأزمة، فضلا عن أهمية قيام ماليزيا بمواصلة أجندتها الإصلاحية المتعلقة بالحوكمة والبيئة التنظيمة والحالة التنافسية بين القطاعات الاقتصادية والتعليم والاستثمار في رأس المال البشري.

وعلى الرغم من نشاط وفعالية دور المجتمع المدني في الدولتين، إلا أن الملاحظة تشير إلى تمايز دور المجتمع المدني التركي باتساع دائرة النشاط والتأثير داخليًا وخارجيًا وعلى مستوى الموارد والخبرة والتنظيم، حيث يلاحظ ضخامة حجم المبالغ المرصودة والجهود المبذولة من قبل مؤسسات المجتمع الأهلي في تركيا، كما يلاحظ امتداد نشاطها لما يقرب من 120 دولة حول العالم، في المقابل اقتصرت جهود مؤسسات المجتمع المدني الماليزي على مبادرات محدودة داخليًا.

*****

هوامش

(*) شكر لكل من الباحث أحمد سعيد الخليفة، والباحث عبد الرحمن فهيم على ما قدماه من عون للباحث في جمع المادة الأولية لهذا التقرير.

(***) مؤخرًا شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تنسيقًا عاليًا على مستوى القمة، حيث رحبت تركيا دعوة رئيس الوزراء الماليزي لعقد قمة إسلامية مصغرة لبحث قضايا العالم الإسلامي واقتراح حلول لها، انظر:

  • شيماء بهاء الدين، قمة كوالالمبور: تساؤلات حول واقع ومستقبل العالم الإسلامي، 12 يناير 2020، تاريخ الاطلاع: 12 يوليو2020،  متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2OCX1xg.
  • ياسين أقطاي، قمة كولالامبور الإسلامية .. ما الأسئلة والحقائق التي تطرحها؟، موقع الجزيرة. نت، 23-12-2019، تاريخ الاطلاع: 12 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2yrxS42 .

[1] احصائيات جوجل اليومية حول فيروس كورونا في تركيا، ينظر الرابط التالي: https://bit.ly/2ZL8Wj7 .

(****) وقد حدث كل ذلك بالتزامن مع أزمة سياسية حكومية إثر استقالة الدكتور مهاتير محمد من رئاسة الوزراء، وتشكيل حكومة جديدة عبر تغيير ولاءات البرلمانيين الحزبية، انظر:

– ماليزيا: توليفة حكومية على أنقاض تحالف الأمل، الجزيرة.نت، 10 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 12 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ZBjS2J

[2] تركيا تعلن اكتشاف أول حالة إصابة بكورونا، سكاي نيوز عربية، 11 مارس 2020، تاريخ الاطلاع: 13 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2WASXSv.

[3] سعيد الحاج، تركيا: هل تنجح “درع الاستقرار الاقتصادي” في مواجهة آثار كورونا، مركز الجزيرة للدراسات، 5 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 13 يوليو2020، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/32WFmsL

[4] قوجة يعلن جاهزية المستشفيات التركية لاحتواء كورونا، وكالة الأناضول، 19 مارس 2020، تاريخ الإطلاع: 13 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2R3choR .

[5] محمد الرنتيسي، تركيا وإدارة أزمة فيروس كورونا، TRTعربي، 9 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 14 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/39dWefQ .

[6] إحصائيات انتشار فيروس كورونا في تركيا، موقع إيلاف، تاريخ الاطلاع: 27 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/g2Cr3

[7] كانت هذه التصريحات موضع انتقاد لسياسات تركيا في تجاهل الفيروس بداية الأزمة داخليًا من معارضيه وخارجيًا من قبل عدد من المؤسسات الدولية؛ فقد أرجعوا تأرجعوا تأخر الإعلان عن حالات إصابة إلى ضعف إجراءات التقصى وإجراء الفحوصات على المشبته إصابتهم، وتجاهل الحكومة التركية التحليل لعدد من الوافدين من دول أخرى. للمزيد انظر:

  • مروة عبدالحليم، تركيا في مواجهة كورونا.. تحديات كبيرة واستجابات جزئية، المرصد المصري،14 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 26 يوليو 2020، متاح على الربط التالي: https://marsad.ecsstudies.com/27438/
  • نائب تركي: تهاون أردوغان بالتعامل مع كورونا أدى لانتشاره في تركيا، الوكالة العربية السورية للأنباء، 30 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 26 يوليو 2020، متاح على الرابط: https://www.sana.sy/?p=1130217
  • Impact of the Coronavirus outbreak in The Middle East, Special Report, 18 March 2020, available at: https://bit.ly/339vJqX

[8] التعامل مع أزمة كورونا يجبر وزير الداخلية التركي على الاستقالة، دويتشه فيلا، 12 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 26 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://p.dw.com/p/3aoNR

[9] سعيد الحاج، تركيا وكورونا: الأسوأ لم يأت بعد، عربي 21، 11 مايو 2020، تاريخ الاطلاع: 14 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3jkkkdm

[10] انظر:

  • طارق الشال، حزمة دعم اقتصادية…إجراءات تركيا لتقليل آثار كورونا الكارثية، صحيفة الاستقلال، تاريخ الاطلاع: 15 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3fJgKXP
  • رحلة انتعاش اقتصاد تركيا تستأنف في النصف الثاني 2020 (مقابلة مع رئيس البنك المركزي مراد أويصال)، وكالة الأناضول، 21 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 15 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3hk5QbH

[11] انظر:

  • “درع الاستقرار”…متنفّس الاقتصاد التركي في زمن كورونا، وكالة الأناضول، 21 مارس 2020، تاريخ الاطلاع: 15 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2WC6Xvj
  • قيمتها 100 مليار ليرة.. تركيا تطلق حزمة “درع الاستقرار الاقتصادي”، وكالة الأناضول، 18 مارس 2020، تاريخ الاطلاع: 15يوليو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2BckfXS

[12] طارق يوسف وأخرون، خبراء مركز بروكنجز الدوحة يستعرضون تداعيات فيروس كورونا المستجدّ على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مركز بروكينجز الدوحة، بتاريخ 26 مارس 2020، تاريخ الاطلاع: 15 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://brook.gs/3eK8mpY

[13] يُنظر على سبيل المثال:

  • وفد ألماني يمنح “علامة كاملة” لـ “السياحة الآمنة” بتركيا، وكالة الأناضول، 22 يوليو 2020، تاريخ الاطلاع: 27 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/2CGjQhj
  • السفير البريطاني بأنقرة: تركيا تطبق برنامج “السياحة الآمنة” بشكل جيد، وكالة الأناضول 8 يوليو 2020، تاريخ الاطلاع: 27 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/3hDrWWz

[14] يشيم سرت قره أرسلان، من 31 دولة.. تركيا تستأنف السياحة العلاجية بضوابط، وكالة الأناضول، 19 مايو 2020، تاريخ الاطلاع: 16 يوليو 2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/32FDBQm.

[15] سفراء يطلبون تزويدهم ببرنامج “السياحة الآمنة” التركي، وكالة الأناضول، 5 يوليو 2020، تاريخ الاطلاع: 27 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/2Ddkm60

[16] الرئيس أردوغان يدعو الأتراك للمشاركة في حملة كورونا، وكالة الأناضول، 31 مارس 2020، تاريخ الاطلاع: 16 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3fLgx6O .

[17] STK’ların koronavirüs salgınıyla mücadele mesaisi, Anadolu Ajansı, 28 Nisan 2020, erişilen: 28 Temmuz 2020, available at:  https://bit.ly/305nVED.

 [18] STK’lar sosyal yardımlarıyla koronavirüsle mücadeleye büyük destek veriyor, 25 Mart 2020, erişilen: 28 Temmuz 2020, available at:  https://bit.ly/332dnrQ.

[19] انظر:

– أطباء عرب في تركيا: معكم لمواجهة كورونا، وكالة الأناضول، 28 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 17 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/39amHKZ.

– ريم جبريل، المقيمون العرب في تركيا: حملات تكافل ودعم للمتضرين من العزل، نون بوست، 14 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 17 يوليو2020 ، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2ZHuddp.

– أحمد زكريا، تركيا.. الجالية المغربية تشكل خلية أزمة للمساهمة بمواجهة كورونا، وكالة أنباء تركيا، 25 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 17 يوليو2020، على الرابط: https://bit.ly/3fHzWFJ .

[20] مساعدات رمضان لميوني منكوب، هيئة الإغاثة الإنسانية، 24 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 17 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3jlknFG.

[21] للمزيد حول نشاط وكالة تيكا في ظل فيروس كورونا؛ راجع الموقع الرسمي للوكالة على الرابط التالي: https://www.tika.gov.tr/ar.

[22] الشئون الدينية التركية: سنوزع خلال رمضان مساعدات في 35 دولة، وكالة الأناضول، 20 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 17 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/3eKqYGn.

[23] Ain Umaira Md Shaha & Others, COVID-19 outbreak in Malaysia: Actions taken by the Malaysian government, International Journal of Infectious Diseases, 1 June 2020, Accessed: 18 July 2020, p.3, available at:  https://bit.ly/3ehVE1p

)2) Covid-19 Situation Overview In Malaysia, WHO, 29 April 2020, Accessed: 28 July 2020, available at: https://bit.ly/39wG2q5

[25] Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p.3

[26]  Ibid.

[27] Kuok Ho Daniel Tang, Movement control as an effective measure against Covid-19 spread in Malaysia: an overview, Springer, 13 June 2020, Accessed: 18  July 2020, p.2, available at:  https://bit.ly/3iZMwCi

[28]  Ibid, p.3

[29]  Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p. 4.

[30] Sonia Umair & Others, COVID-19 pandemic: stringent measures of Malaysia and implications for other countries, Postgraduate Medical Journal, 19 June 2020, Accessed: 19 July 2020, p.1, available at:   https://bit.ly/3elPv4j

[31]  Kuok Ho Daniel Tang, op. cit. p.1

[32]  Ibid, p.3.

[33] How Malaysia Beat Back Covid-19, CodeBlue, 29 May 2020, Accessed: 19  July 2020, available at:  https://bit.ly/3j6Ic3V

[34] Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p.5

[35] Athira Nortajuddin, How Malaysia Is Winning The War Against COVID-19, THE ASEAN POST, 16 April 2020, Assceed: 19  July 2020, available at:  https://bit.ly/3h19DdO

[36] Ibid.

[37] Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p.5

[38] Sonia Umair & Others, op. cit. p1

[39]  Ibid.

[40] PM Muhyiddin shares Malaysia’s six-pronged strategy in Covid-19 fight, The Straits Times, 5 May 2020, Accessed: 19  July 2020,  available at:  https://bit.ly/3ezueEr

[41] Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p.5.

[42] Ibid.

[43] Kuok Ho Daniel Tang, op. cit. p.1.

[44] Sonia Umair & Others, op. cit. p.2.

[45] Malaysia: Worldometer, Accessed: 11 July 2020, available at:  https://bit.ly/321Z3it

[46] Kuok Ho Daniel Tang, op. cit. p.4.

[47] Ain Umaira Md Shaha & Others, op. cit. p.4.

[48] Ibid, p.5.

[49] Ibid.

[50] Athira Nortajuddin, op. cit.

[51] Stewart Nixon, Commentary: Malaysia is beating all these brutal COVID-19 expectations, CAN, 4 May 2020, Accessed: 19  July 2020, 1:37, available at:  https://bit.ly/3j2HwfT

[52] محمد كمال محمد، ماليزيا: من الاقتصاد إلى السياسة والثقافة والعكس .. كيف؟، (في): نادية مصطفى (إشراف عام)، أمتي في العالم، (القاهرة: مركز الحضارة للدراسات والبحوث،  مفكرون، 2019)، العدد 14، ص 39.

[53] سعيد الحاج، ما الفرص التي يفتحها كورونا أمام تركيا؟، تي آر تي عربية، 20 مايو 2020، تاريخ الاطلاع: 28 يوليو 2020، متاح على الرابط التالي: https://bit.ly/2ZIvGAb

[54] كورونا واقتصاد تركيا…كيف تخطط أنقرة لتجاوز آثار الوباء العالمي؟، الخليج الجديد، 6 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع: 19 يوليو2020، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2CuQeDp

 

  • نشر التقرير في فصلية قضايا ونظرات – العدد الثامن عشر – يوليو 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى