بين الأمن القومي والأمن الإقليمي… بزوغ التهديدات وغياب الاستراتجيات (قراءة في ضوء الحرب الإيرانية – الإسرائيلية)

يُقصد بالأمن الوطني –أو القومي-[1] للدولة القدرة على كفالة الحماية الكلية للمجتمع السياسي الوطني من أية أخطار أو تهديدات أو تحديات تجابهه من الداخل أو الخارج؛ بحيث يعيش المجتمع في حالةٍ من الاطمئنان والأمن من الخوف. أما الأمن الإقليمي[2]، فهو ينصرف إلى أمن مجموعة من الدول التي تمثل نظامًا فرعيًا في النظام الدولي، بجانب تحديد موضعها من القوى الكبرى، وأهم ما يدعم هذا المفهوم للأمن وجود هياكل واتفاقات وترتيبات ثابتة، سواء لتأسيس عناصر القوة المستقرة أو مواجهة التهديدات الطارئة. ذلك على أن يشمل المفهومان مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومع الأخذ في الاعتبار مضامين الأمن الإنساني والحضاري للمجتمعات[3]، وكذا روابط الدولة الثقافية والحضارية، وما تفرضه عليها من تشابكاتٍ في المصير والمخاطر والمصالح، إقليميًا أو عبر إقليميًا.

فهل ثمة رؤية إقليمية (للعالم العربي وجواره الحضاري) تتمثل تلك العناصر؛ بحيث يتم الارتكاز إليها في إدارة دول المنطقة لعلاقاتها الدولية وسياساتها الخارجية؟! هذا لاسيما أن دول المنطقة تجمعها كيانات تنظيمية؛ مثل جامعة الدول العربية، وكذا منظمة التعاون الإسلامي، فهل لها من فاعلية في درء المخاطر، خاصة تلك التي قد توصف بأنها مخاطر وجودية (كإعادة تشكيل هوية الإقليم وتحويله إلى إقليم وظيفي في سياق سياسات القوى الكبرى)؟

يمكن القول إن المؤشرات على غياب الرؤية والفاعلية كثيرة لا مجال لحصرها في هذا التقرير، ولكن ليس أدل من كون الإقليم كان محلا للعديد من المشروعات الدولية، لإعادة التشكيل والتفتيت، بداية من سايكس بيكو إلى الشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الكبير، وجميعها مشروعات ما زادت المنطقة إلا وهنًا… وقد كان المشروع الصهيوني في انجداله مع التصورات الأمريكية المتتالية الأكثر خطورة.. ذلك من حيث القدرة التي لا يمكن إنكارها على استغلال اللحظات الفارقة والنفاذ إلى المساحات المهيئة[4].

***

جاء الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران ليُعرقل مسار المفاوضات بين واشنطن وطهران بخصوص البرنامج النووي؛ مما أدى إلى إلغاء الجولة السادسة من المحادثات التي كان من المقرر عقدها في مسقط يوم 15 يونيو 2025[5]. يُعبر الموقف الإسرائيلي من البرنامج النووي الإيراني عن عقيدة إسرائيلية لا تقبل فكرة امتلاك دولة عربية أو إسلامية مشروعًا نوويًا حتى وإن كان سلميًا يشكّل لهذه الدولة أرضية علمية معرفية، قد تتحوّل إلى مشروع لإنتاج القنبلة النووية، كما حدث مع باكستان؛ ما يخلق بدوره توازنًا للردع مع إسرائيل التي تؤمّن -بتفوقها العسكري- ضمانة لسلامة وجودها. هذا ما دفع إسرائيل من قبل لاستهداف وتدمير مفاعل تموز النووي العراقي قرب بغداد في العام 1981[6].

وهنا يرد التساؤل: لماذا -رغم عدم الإعلان عن فشل المفاوضات- أصبحت إدارة ترامب منحازة للخيار الإسرائيلي؟ والإجابة هي التقاء التوجه الإسرائيلي –كالمعتاد- مع رؤية واستراتيجية أمريكية تجاه الإقليم؛ حيث وتقوم رؤية ترامب على تغيير خريطة موازين القوى في المنطقة لصالح إسرائيل؛ ومن ثم الامتلاك الأحادي للسلاح النووي من قبل إسرائيل[7]. لقد كان موقف ترامب، معززًا للخيار الإسرائيلي بتصريحه -قبل الهجوم- أنه من المرجح جدًا أن تُوجه إسرائيل ضربة لإيران؛ مضيفًا أنه لا يريد أن يقول إن هذه الضربة “وشيكة”، لكن ذلك يبدو “أمرا قابلا للحدوث”. كما أكد ترامب قبل ذلك بساعات أنه بات أقل ثقة تجاه موافقة إيران على وقف تخصيب اليورانيوم، بموجب اتفاق مع واشنطن[8].

لا يمكن إغفال أن اللحظة الراهنة كانت مواتية، وبشكل غير مسبوق لواشنطن وتل أبيب، لتوجيه مثل هذه الضربة لإيران كمقدمة لمرحلة جديدة من مراحل إعادة تشكيل الإقليم.. لماذا؟

  • على جانب، استغلال رفض المرشد الإيراني علي خامنئي العرض الأمريكي الأخير لطهران، والذي يسمح لإيران في المرحلة الأولى بمواصلة تخصيب اليورانيوم على أراضيها، بنسب منخفضة وتحت الرقابة، وفي المقابل، تخفف الولايات المتحدة العقوبات. وفي المرحلة الثانية، وبعد إنشاء كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم، يضم إيران، والولايات المتحدة ودولا عربية، تحصل إيران على إمكان الوصول إلى مادة مخصّبة، وفي الوقت ذاته، يُطلب منها التوقف عن التخصيب بنفسها.
  • على الجانب الآخر، رأت إسرائيل أن هزيمة طهران باتت أقل تعقيدًا بعد تصدع محورها؛ بضربات قاسمة لـ”حزب الله” واغتيال قادته، على نحو يحول دون القيام بوظيفته الإقليمية الرئيسة في تشكيل أداة الردع الخارجية الرئيسة لإيران. ومن ثم من المستبعد أن يُبادر “حزب الله” الذي يمتنع حتى الآن عن الرد على القصف الإسرائيلي المتواصل داخل الأراضي اللبنانية، إلى الرد على أي ضربة عسكرية خارج حدود لبنان. كما أن سقوط النظام السوري حرم إيران و”حزب الله” من ساحة تحرك رئيسة، كما أن الساحة العراقية باتت محكومة بضوابط عدة[9].

إذن ما تكشفه تلك الحرب الأخيرة ليس بالهين؛ فهي ليست اشتباكات عابرة بين أطرافٍ إقليمية، وإنما هي جرس إنذار ليس لإيران فقط، وإنما للعرب ومن ورائهم العالم الإسلامي أجمع.. ذلك أنها جاءت لتقول إن العدو الصهيوني يرى ما لا تراه الكثير من دول العالم الإسلامي من عوامل ضعفها وثغرات أمنها القومي التي أربكت سياساتها الإقليمية، فكان العجز عن صياغة استراتيجيات جامعة حتى في أوقات الأزمات.

وعليه، ينقسم هذا التقرير إلى محورين: يتناول الأول أبرز المواقف الإقليمية من المواجهات الإيرانية-الإسرائيلية؛ سواء على مستوى المؤسسات الجماعية، أو مستوى الدول وفق محددات واعتبارات أمنها القومي. بينما يرصد المحور الثاني دلالات الأزمة على مستوى النظام الإقليمي، وما يتعلق بمخططات إعادة تشكيله.

 

المحور الأول- أبرز المواقف الإقليمية:

مواقف جماعية:

جامعة الدول العربية: تحت لافتة مواجهة ما يمثله العدوان على إيران من تهديد مباشر لاستقرار الإقليم وأمنه الجماعي، عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا طارئًا في مدينة إسطنبول في 21 يونيو 2025، لبحث العدوان الإسرائيلي الأخير[10]. وقد شدد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري على ضرورة وقف هذا العدوان، وتكثيف الجهود الاقليمية والدولية لخفض التوتر وصولًا إلى وقف لإطلاق النار والتهدئة الشاملة. ودعت الجامعة في بيانها إلى العودة للمفاوضات للتوصل لاتفاق حول الملف النووي الإيراني. كما أعادت جامعة الدول العربية التأكيد على أن التهدئة الشاملة في المنطقة لن تتحقق إلا من خلال معالجة كل أسباب الصراع والتوتر، بدءًا بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري[11].

ورغم تطرق البيان إلى خطوات عملية مثل طلب عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن وتعزيز الجهد السياسي والدبلوماسي، وتأكيده الحاجة إلى استراتيجيات تنفيذية ملموسة لإيقاف العمليات العسكرية في إيران وعزة وجنوب لبنان، إلا أن الأزمات المتوالية يبدو أنها لم تشكل حافزًا لإيجاد تلك الاستراتيجيات والآليات.

ومن النقاط الاستراتيجية التي تطرق إليها البيان، والتي بحاجة إلى مزيد من الالتفات، ما يتعلق بتحوّل الطاقة من أداة للتنمية إلى أداة للصراع، في ضوء استهداف منشآت الطاقة النووية والبنية التحتية المرتبطة بها[12]. وهي مسألة تستحق الاهتمام وتسخير الجهود للمعالجة في الفترة القادمة.

منظمة التعاون الإسلامي: دعا وزراء خارجية العالم الإسلامي في «إعلان إسطنبول»، الذي صدر في ختام أعمال دورتهم الـ51، المجتمع الدولي إلى اتخاذ «إجراءات رادعة» لوقف هذه الاعتداءات، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها. وأكدوا أن استهداف أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية يعد تصعيدًا خطيرًا من شأنه أن يزيد حدة التوتر، وأن يهدد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. وقد اتخذ قرار بتشكيل «مجموعة اتصال وزارية» مكلفة بإجراء اتصالات منتظمة مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لدعم جهود تخفيف التوترات، ووقف العدوان على إيران، والتوصل إلى حل سلمي[13].

إلا أنه باتت مثل تلك الإعلانات مجرد حبر على ورق، ومجرد تسجيل مواقف لإبراء الذمم، وهو ما يعود لأسباب شتى منها تشتت الإرادات السياسية، وغياب الأطر الملزمة، فضلا عن الأوضاع الداخلية المأزومة للعديد من الأطراف –كما سنرى فيما يلي.

مواقف محور الممانعة… تجليات التراجع:

حزب الله:

  • على المستوى اللبناني الرسمي، نجد أنه منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، سارع كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، بتأكيد حياد لبنان، والتحذير من زجِّه في حرب جديدة[14]. وحتى رغم إعلان حزب الله إمكانية التدخل في حال تدخلت الولايات المتحدة (وهو ما أثار استياء أطراف لبنانية)، إلا أنه يمكن القول إن الحزب اتبع ما أطلق عليه إستراتيجية الاحتواء المشروط؛ حيث أعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن الحزب “لن يقف مكتوف الأيدي إذا تمادت إسرائيل في استهداف إيران”، لكنه أكد على ما أسماه “الردود المحسوبة”[15].
  • إن عدم تدخل “حزب الله” منذ اليوم الأول للحرب بين إيران وإسرائيل، كان بمثابة اعتراف ضمني أنه لم يعد قادرا على المساهمة المعهودة، فيما يسمى سياسة الردع الاستراتيجي لحماية إيران، بعد ما مر به من استهدافات واغتيالات، فضلا عن اعتبارات الأمن الداخلي اللبناني، ربما فقط كان سيتدخل الحزب عندما تكون الحرب على وشك الحسم لصالح إسرائيل[16].

أما بشأن سوريا:

  • أدَّى سقوط نظام بشار الأسد إلى خسارة إقليمية لإيران وخروجها من الساحة السورية. والتي كانت الممر الحيوي لنقل الأسلحة والإمدادات إلى حزب الله اللبناني، الذي مثل خط دفاع مُتقدِّم، لمحاصرة إسرائيل وإبعاد التهديد عن الحدود الإيرانية. من بين الخسائر الإيرانية: الديون المستحقة على نظام الأسد، والاستثمارات التي توقفت. هذا بجانب مشروعات استراتيجية مثل خط الأنابيب الذي كان مِن المقرر أن ينقل الغاز إلى أوروبا عبر سوريا، ويمكن أن يقوي موقف إيران في مواجهة الدول الأوروبية التي تبحث عن مصادر للطاقة بديلة لروسيا[17].
  • وعلى الجانب الآخر، عبَّر النظام السوري الجديد عن موقفه من إيران والعلاقة معها من خلال كبار قياداته، وعلى رأسهم أحمد الشرع، الرئيس الحالي للمرحلة الانتقالية، الذي انتقد الدور الإيراني في سوريا خلال السنوات الماضية، وطالب إيران بإعادة النظر في سياساتها. حتى إنه جاءت زيارة الشرع الأولى إلى الدولتين المنافستين لإيران على النفوذ في الإقليم، وهما السعودية وتركيا على الترتيب[18].
  • أما بشأن المواجهات الأخيرة، فقد حرصت دمشق على عدم الانخراط في الأحداث، وفي هذا السياق يُشار إلى نصح أردوغان نظيره السوري أحمد الشرع بعدم الانخراط في أي تصعيد عسكري أو سياسي قد يترتب عليه تداعيات إضافية على استقرار سوريا والمنطقة، وأن تحافظ دمشق على التزام الحياد الاستراتيجي[19]. فإن كان النظام السوري الجديد لا يمكنه تجاهل العداء القريب مع إيران، فهو في الوقت ذاته، لا يمكنه القفز على العداء التاريخي مع إسرائيل، وإن كان الاختيار الأنسب في هذه المرحلة التهدئة؛ لأن اعتداءات إسرائيل على سوريا وتوسيع برامج الاستيطان في الجولان المحتل قد يُربك أوضاع لم تهدأ بعد[20]. وإن كان ذلك لا يعني أن سوريا غائبة تمامًا عن الأحداث، أو أنها فقدت أهميتها الاستراتيجية، بدليل مشاركة الشرع في الاجتماع المشترك بين ترامب وقادة الخليج. فربما تعود سوريا بدور أكبر على الساحة الإقليمية، بينما لم تتضح ملامحه بعد.

العراق والميليشيات العراقية:

  • تعتبر تلك الحرب بالنسبة للعراق تهديدًا للاستقرار الإقليمي الذي صُنع عبر محاولات مضنية من قبل أطراف وطنية وإقليمية ودولية؛ حيث من شأنها في حال طالت العراق أن تضرب ثلاثية الاستقرار والأمن والتنمية، والتي تقوم عليها استراتيجية الأمن القومي العراقي 2025-2030 عبر إبعاد العراق عن الحرب واستثمار قدرات العراق الدبلوماسية[21].
  • وقد حافظ العراق على هذه التوجهات إزاء عملية التحول والتغيير في سوريا، عبر ضبط الحدود وعدم التدخل. نجحت الحكومة العراقية في بناء موقف مماثل تجاه الحرب الراهنة؛ من حيث إدانة استخدام المجال الجوي من قبل إسرائيل والحرب على إيران في مجلس الأمن والدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري. وصرَّح الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة صباح النعمان: “تطالب الحكومة العراقية الولايات المتحدة الأمريكية بتحمّل مسؤوليتها وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين البلدين، والأعراف والمواثيق الدولية؛ بما يؤدي إلى منع طائرات الكيان الصهيوني من تكرار اختراق الأجواء العراقية وتنفيذ الاعتداءات”[22].
  • فيما يتعلق بموقف المليشيات المسلحة الموالية لطهران، فإنه على مستوى التصريحات هناك إدانة من جانب المليشيات المسلحة للتصعيد الإسرائيلي إزاء طهران، على سبيل المثال هدد رئيس حركة النجباء “أكرم الكعبي” باستهداف المصالح الأمريكية وقواعدها في المنطقة في حال تدخل الولايات المتحدة في الحرب، وذلك في بيان نُشر في 19 يونيو 2025. إلا أنه بالرغم من هذه البيانات الصادرة عن المليشيات العراقية، لكن لم تدخل هذه المليشيات على خط التصعيد الإسرائيلي الإيراني في ظل الحذر من تبعات الانخراط على مستقبل نفوذها بالعراق[23].
  • وهناك اتجاه يُرجع عدم تصعيد المليشيات العراقية إلى التوجيهات الإيرانية بعدم الانخراط في الحرب من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وربما الاقتصار فقط على التلويح بتهديد المصالح والقواعد الأمريكية، بهدف الحفاظ على أحد الأذرع الإيرانية في بغداد، بعد الضعف الذي أصاب حزب الله في لبنان وخسارة سوريا. يضاف إلى ذلك، القيود المفروضة على حركة هذه المليشيات من حيث الرفض الداخلي بعدم زعزعة استقرار العراق[24]. وبشكلٍ عام، فقد طرحت هذه الحرب عدة تحديات على الحكومة العراقية، على سبيل المثال:
  • صعوبات إدارة العلاقة مع التحالف الدولي، فالحكومة العراقية تبنت منذ اليوم الأول لها في 22 أكتوبر 2022 قضية إنهاء مهام التحالف الدولي. وبالفعل مضت الحكومة بتسعة جولات للحوار، إلا أن تصاعد أزمة غزة في 2023 ألقت بظلالها. لكن العراق استعاد نقطة التوازن وتم وضع جدول زمني لإنهاء مهام التحالف الدولي عام 2025-2026، غير أن التطورات الأخيرة قد يكون لها قول آخر.
  • أيضًا، وفي حال لم تكن قد توقفت الحرب، كانت الخشية على حركة الإمدادات النفطية المصدرة إلى الشركات النفطية التي تشتري النفط من الدول المنتجة، ومنها العراق، عبر الموانئ الجنوبية للعراق المطلة على الخليج العربي[25].
  • الخوف من أن تقود الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية إلى تسرب إشعاعي إلى العراق في ظل القرب الجغرافي لها من إيران، وهو ما دفع رئيس الوزراء العراقي إلى إبقاء غرفة الطوارئ الإشعاعية العراقية في حالة تأهب مستمر[26].

الحوثيون باليمن:

  • خلال الفترة الأخيرة اختلفت موازين قوى المحور الإيراني، فقد وجد الحوثيون أنفسهم في موقع الرابح سياسيا على الأقل، بعد تراجع حلقات المحور في لبنان وسوريا[27]. وبالطبع أعلن الحوثيون دعمهم إيران خلال العدوان، على سبيل المثال، قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي في اليمن في بيان “في حال تورطت الولايات المتحدة في الهجوم والعدوان على إيران مع العدو الإسرائيلي، فإنَّ القوات المسلحة سوف تستهدف سفنها وبوارجها في البحر الأحمر”؛ علمًا أنه كان قد تم الاتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي في مايو 2025 على وقف لإطلاق النار لا يستهدف بموجبه أي من الطرفين الآخر[28]. وفي هذا السياق، حذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، من “عواقب وخيمة” على البلاد في حال تدخل جماعة الحوثي عسكريا في الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران[29].
  • ورغم تهديدات قيادات حوثية بالوقوف إلى جانب إيران، فقد لوحظ أن المليشيا أوقفت حتى هجماتها التي كانت تنفذها لمساندة قطاع غزة. وقد تكرر السؤال المطروح بالنسبة للميليشيات العراقية: هل عدم تدخل الحوثيين كان بتعليمات من إيران في إطار حرصها على عدم التصعيد، أم أنهم فضلوا التراجع خشية تعرضهم لضربات موجعة[30]؟

دول الخليج وحسابات معقدة:

  • مع اندلاع المواجهة اتجهت الأنظار نحو الخليج العربي، الذي يجد نفسه في قلب معادلة جيوسياسية معقدة. لذا أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارات الخارجية الخليجية تمسكًا بسياسة “النأي بالنفس”، والدعوة إلى ضبط النفس والحوار، وقد أدانت جميعها ما أطلقت عليه “العدوان الإسرائيلي على إيران”[31].
  • على سبيل المثال، ندد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، في بيان بالهجمات التي تشنها إسرائيل على إيران، وقال إن “اعتداءات إسرائيل على إيران تثبت استهتار حكومة إسرائيل وعدم اكتراثها بالقانون الدولي”[32]. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي: “إن المملكة تُدين الاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة والتي تمس سيادتها وأمنها، وتُهدد أمن المنطقة واستقرارها. وتدعو المملكة إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية، والعودة للمسار التفاوضي بين إيران والمجتمع الدولي”[33].
  • كما تعددت الجهود الدبلوماسية، على سبيل المثال بحسب بيان وزارة الخارجية الإماراتية فقد أجرى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “اتصالات دبلوماسية مكثفة ركزت على تعزيز الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وتفادي تمدده”. كما أجرى الشيخ محمد بن زايد اتصالا هاتفيا بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان، الذي تواصل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أيضا[34]. وقد حذر رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، من مخاطر التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، قائلا إن دول الخليج “تدفع ثمنا باهظا لهذا التصعيد الراهن”، وطالبها بالتحرك لدى أمريكا لوقف الحرب، مشيرًا إلى أنه ليس من مصلحة دول الخليج أن ترى “إيران الجارة الكبيرة تنهار”[35].
  • لكن الموقف الفعلي على الأرض يختلف بعض الشيء. فدول الخليج ليست على نفس المسافة السياسية من إيران وإسرائيل؛ فهناك عدة دول خليجية تملك علاقات مباشرة مع إسرائيل، وهناك من كان على الطريق وأخرته الأحداث كالسعودية على سبيل المثال.
  • تنظر دول الخليج بشكل عام إلى إيران بوصفها مصدر تهديد استراتيجي طويل الأمد، خاصة بعد تدخلاتها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، مستغلة الطوائف الشيعية. إلا أن المواجهة المباشرة مع إيران تظل خيارًا محفوفًا بالمخاطر، نظرًا لقدرة طهران على الرد[36].
  • وبشكلٍ موجز، يمكن النظر على المدى القصير أن الحرب على إيران تحقق بعض المكاسب لدول الخليج، منها: أن هذا التصعيد الإسرائيلي يُنظر إليه كأداة لإضعاف إيران دون أن تتحمل دول الخليج كلفة الحرب المباشرة، شرط أن يبقى ضمن حدود السيطرة. كما أن أي تراجع في صادرات النفط الإيرانية نتيجة التصعيد، أو إعادة فرض عقوبات غربية مشددة، يعني عودة دول الخليج، خاصة السعودية، إلى موقع القوة كمصدر طاقة موثوق.
  • أما على المستوى الاستراتيجي، فثمة ارتدادات أمنية داخل الحدود الخليجية لا مفر منها:
  • يشمل ذلك احتمال تعرض منشآت حيوية لهجمات إيرانية أو عبر وكلاء مثل الحوثيين، فهجوم أرامكو في بقيق وخريص (2019) لا يزال ماثلًا في الذاكرة، حين شلّت ضربة دقيقة نصف إنتاج السعودية من النفط في ساعات[37].
  • يَضاف إلى ذلك، وجود قواعد أمريكية في دول الخليج، وهذه القواعد كان من المتوقع أن تكون هدفًا مباشرًا للصواريخ الإيرانية في حال توسعت دائرة الحرب. لا سيما أن قائد “القيادة الوسطى الأمريكية” قد أعلن أنه قدّم لترامب ووزارة الدفاع، خيارات للتعامل عسكريا مع طهران، إذا ما فشلت المفاوضات. وهو إعلان استدعى ردا سريعا من وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، الذي قال: “في حال لم تصل المفاوضات إلى نتيجة، وحاول البعض فرض مواجهة ضدنا، فإن خسائر الطرف الآخر، ستكون أكبر من خسائرنا بالتأكيد”. وأضاف: “وفي هذه الحالة، ستضطر الولايات المتحدة إلى مغادرة المنطقة، لأن جميع قواعدها في متناول أيدينا… وسنستهدفها جميعا في الدول المضيفة”[38]. وهو ما تحقق في الهجوم الإيراني على القاعدة الأمريكية في قطر (العديد).
  • ومن ثم، كان من المرجح أن تتأثر استثمارات كبيرة إلى الخليج في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصناعة والأمن، حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه. كذلك رغم أن ارتفاع الأسعار يعزز إيرادات الدول المصدرة، فإن الأسعار المرتفعة تؤدي أيضًا إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، ما ينعكس سلبًا على الطلب[39].
  • ورغم التطورات الأخيرة بشأن القاعدة الأمريكية، فقد وظفت قطر علاقاتها المتقاربة مع طهران، وعدم انخراطها في اتفاقيات أبراهام، لتقديم نفسها كوسيط بين الغرب وإيران، وقد سبق لها لعب هذا الدور في ملفات مثل تبادل الأسرى بين واشنطن وطهران[40].

 

مصر وتركيا… محاولات النأي بالذات وتحجيم المخاطر:

مصر وتركيا دولتان من دول الأركان الإسلامية أدركتا خطورة التطورات على أمنهما القومي والإقليمي، وكان بذل العديد من المساعي لاحتواء الأمر، إلا أن الأحداث كشفت في الوقت ذاته عن أزمات داخلية بالدولتين، من شأن تجارزها دعم فاعليتهما الإقليمية.

الموقف المصري:

  • رفضت مصر العدوان الإسرائيلي على إيران، وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيانٍ لها ضرورة بذل كافة الجهود لوقف إطلاق النار واللجوء إلى المسار الدبلوماسي لاحتواء التصعيد، مشددة على أهمية تجنب أي إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط[41].
  • كما انتهجت مصر السبل الدبلوماسية وأجريت العديد من الاتصالات على مستوياتٍ مختلفة، على سبيل المثال أجرى وزير الخارجية المصري اتصالين هاتفيين مع ستيفن ويتكوف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، وعباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني بحث خلالهما سبل وقف التصعيد في المنطقة واستئناف المفاوضات بشأن الملف النووي. وأكد في اتصاله مع نظيره الفرنسي أن الحلول السياسية هي السبيل الوحيد لخفض التصعيد، داعيًا إلى وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني[42].
  • وقد جاء موقف الأزهر أكثر حزمًا من الكثير من الدول، إذ شن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، هجوما عنيفا على إسرائيل بسبب هجماتها على إيران، قائلا إن صمت المجتمع الدولي يعد “مشاركة في الجريمة”. ونشر الطيب، على فيسبوك، قائلا: “أدين بشدة استمرار عدوان الكيان المحتل على الجمهوريّة الإسلامية الإيرانية، وما يصدر عن هذا الكيان الغاصب المعتدي من اعتداءاتٍ ممنهجة وعربدةٍ متواصلة؛ لجرّ المنطقة إلى حافة الانفجار، وإشعال حرب شاملة لا رابح فيها إلا تجار الدماء والسلاح”[43].
  • ويمكن رصد أبرز التحديات التي فرضتها هذه الحرب على مصر في الآتي:
  • على المستوى الاستراتيجي، في حال هزيمة طهران في هذه الحرب كان ذلك سيمثل تهديدًا مباشرًا للأمن المصري، حيث ستجد تل أبيب أنها حققت القدر الذي كانت تطمح إليه من الأمان الإقثليمي، فلما لا تعطي مزيد من التركيز إلى تنفيذ مخططاتها على الحدود المصرية، وليس الحديث عن مخططات التهجير ببعيد.
  • على المستوى الاقتصادي، فقد احتلت المخاوف الاقتصادية مساحة كبيرة في السياسة المصرية، حيث التوجس إزاء احتمالات مزيد من ارتفاع معدلات التضخم، خصوصا سعر الدولار في مقابل الجنيه الذي ارتفع سعره بالفعل إلى 51 جنيه. وقررت الحكومة المصرية تشكيل لجنة أزمات برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية -الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأي مُستجدات بمختلف القطاعات[44]. وكانت البورصة المصرية من أبرز المتضررين من الحرب، إذ شهدت أسهم الشركات خسائر مرتفعة في أولى جلسة تداول منذ بدء الحرب بأكثر من ألفي نقطة، وبلغت الخسائر الرأسمالية 133 مليار جنيه (2,68 مليار دولار)[45].
  • أمن الطاقة، علقت إسرائيل صادرات الغاز إلى مصر، مما دفع وزارة النفط المصرية لإيقاف ضخ المازوت والسولار للمصانع التي تستخدمه كوقود في صناعات مثل الأغذية والأسمنت لمدة 14 يوما، بهدف توفير احتياجات محطات الكهرباء، في ظل إغلاق حقل “ليفياثان”. لهذا السبب، سارعت الحكومة المصرية إلى اتخاذ إجراءات عديدة في ظل هذا الوضع الشبيه بـ”اقتصاد الحرب”، خاصة في ظل اضطراب الملاحة الجوية والبحرية في المنطقة، بما في ذلك إغلاق المجال الجوي في دول مجاورة كالأردن ولبنان وسوريا[46].

 

الموقف التركي:

  • حذرت تركيا مبكرًا من تلك المواجهة، ففي أكتوبر 2024، حذّر وزير الخارجية، هاكان فيدان، من احتمالية نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى ضرورة استعداد تركيا لتلك الحرب الإقليمية المتوقعة[47].
  • وقد تبنت تركيا موقفًا رافضًا للهجمات الإسرائيلية، على سبيل المثال: اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بيان رسمي، أن الهجمات الإسرائيلية على إيران استفزازا ينتهك القانون الدولي، محذرا من أن نتنياهو يجر المنطقة والعالم نحو كارثة، وداعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف إسرائيل.
  • وفي لهجة أشد، تحدث دولت بهجلي، رئيس حزب “الحركة القومية” وأقرب حلفاء أردوغان، مؤكدا أن التصدي لإسرائيل مسؤولية تاريخية تمليها ضرورات الأمن القومي التركي، فضلا عن أهمية السلام الإقليمي، مشددًا على أن جميع السبل الدبلوماسية استُنفدت، وأن الوقت قد حان لاستخدام القوة لردع إسرائيل[48]. ذلك حيث اعتبر أن العملية الإسرائيلية ضد إيران “رسالة خبيثة موجهة إلى تركيا”، مؤكدًا أن “الهدف النهائي المخفي هو تركيا”[49].
  • كذلك صرح أردوغان في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي أن على الدول ذات النفوذ على إسرائيل عدم الاستماع إلى “سمومها”. ودعا أيضًا الدول الإسلامية إلى تكثيف جهودها لفرض إجراءات عقابية ضد إسرائيل، استنادًا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة[50].
  • وعلى أرض الواقع، انتهجت تركيا سبلا مختلفة لاحتواء الأوضاع المتفاقمة، بداية من الاتصالات الهاتفية المكثفة وحتى الزيارات. لكن الأبرز كان اتخاذ تركيا تحركًا مكثفًا على جميع الأصعدة العسكرية والأمنية، فقد أعلن أردوغان أنه في ضوء التطورات الأخيرة فإن بلاده سترفع مخزونها من الصواريخ متوسطة وطويلة المدى إلى مستوى الردع، لتحجيم كل من يفكر في التطاول عليها، وأن الوصول إلى هذا الهدف لن يستغرق وقتًا طويلًا. ومما يشار إليه أن مصادر في وزارة الدفاع التركية أعلنت إن القوات المسلحة تعاملت مع طائرات إسرائيلية انتهكت أجواء البلاد خلال تنفيذها هجمات ضد إيران[51].
  • ومن أهم المخاطر والتهديدات التي أثارت هذا القلق ودفعت تركيا إلى ما يسمى الحياد الإيجابي وإعلان الرغبة في الوساطة، رغم الرفض القاطع للهجمات الإسرائيلية، الآتي[52]:
  • تدخل الولايات المتحدة الأمريكية فعلًا في الحرب إلى جانب إسرائيل، لأن ذلك يعني أن قواعدها العسكرية في المنطقة ستكون أهدافًا مشروعة. ومن المعروف أن للولايات المتحدة الأمريكية وجود عسكري قوي داخل الأراضي التركية، فهناك جزء من قواتها تتمركز في قاعدة إنجيرليك الجوية.
  • توسع المواجهة سيمنح إسرائيل الفرصة للقيام بعمليات في العمق السوري، الأمر الذي يضر بالأمن القومي التركي.
  • تخشى أنقرة من تداعيات الحرب على أهم قطاعين اقتصاديين لديها، وهما قطاع السياحة والتصدير الذين تعتمد عليهما في رفع حجم عوائدها من العملات الأجنبية بما يكفل لها مواجهة التضخم.
  • الخوف من ارتفاع أسعار النفط، خاصة وأن تركيا تعتمد في تأمين 90% من احتياجاتها منه على الاستيراد من الخارج، بما يزيد من كاهل فاتورتها لتوفير أحد أهم مصادر الطاقة.
  • خشية توافد لاجئين إيرانيين إلى الأراضي التركية. وفي هذا الصدد، اتخذت أنقرة إجراءات أمنية مشددة على الحدود[53].
  • التخوف من العلاقات الكردية الإسرائيلية، حيث تفاعل المكون الكردي الإيراني مع ما أثاره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من احتمال تغيير النظام في إيران نتيجة للعمل العسكري الإسرائيلي؛ واعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (PDKI) أن الشرط الأول والأهم لإنقاذ الشعب الإيراني من هذه الأزمة والظلام هو إزالة النظام وإنهائه تمامًا[54].

 

الموقف الباكستاني… القوة النووية الإسلامية ووحدة التحدي:

  • تشترك باكستان مع إيران في حدود تمتد على 900 كيلومتر، معظمها تضاريس جبلية وعرة ومناطق خارجة عن السيطرة. ومن ثم فإيران ليست مجرد جار، بل أحيانًا يفرض الواقع الوقوف في خندق واحد من أجل البقاء المشترك[55]. كما أنه بالنسبة لكثيرين في باكستان، لم تكن هذه مجرد حرب أجنبية. بل كانت مواجهة روحية وتاريخية وأيديولوجية، امتدادًا لصراع بدأ عام 1947، حين وُلدت باكستان من رحم الهوية الإسلامية ورفضت الاعتراف بدولة إسرائيل[56].
  • وفي هذا الإطار، فرغم وجود بعض التوترات بين إيران وباكستان كتلك التي وقعت العام الماضي وتم تهدئتها سريعًا[57]، أعلنت باكستان دعمها لإيران خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة[58]. أيضًا، عندما ردّت إيران بإطلاق صواريخ على إسرائيل عقب الهجوم، دعت إسلام آباد إلى خفض التصعيد من دون أن تدين الضربة المضادة. وعندما أصدرت عواصم غربية بيانات تلقي باللوم على إيران لتأجيج الوضع الإقليمي، رفضت إسلام آباد التوقيع عليها[59].
  • كما أدانت إسلام أباد، في 23 يونيو 2025، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصف المفاعلات النووية الثلاثة، بعد يوم واحد فقط من تأييدها منحه جائزة “نوبل” لدوره في تسوية النزاع الأخير مع الهند في كشمير. وقد أعلنت باكستان قيامها بتفعيل أنظمة الدفاع الجوي ونشرها طائرات مقاتلة على مقربة من منشآتها النووية، ومن حدود البلاد مع إيران[60].
  • فرغم أن الحكومة الباكستانية تعلم أنها لا تستطيع تحمّل تبعات الانخراط في حرب لا تخصّها (فضلا عن علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة)، وتدرك أيضًا أنها لا تستطيع التزام الصمت، فهناك عدة تحديات تمس الأمن القومي الباكستاني:
  • إن باكستان بصفتها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا، تخشى في حال القضاء على إيران أن تلقى المصير ذاته[61]. وفي هذا الإطار، أكد وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، على هذا المعني في خطابه يوم 14 يونيو 2025 خلال جلسة للجمعية الوطنية الباكستانية، حيث قال إنه “إذا لم يتضافر العالم الإسلامي في مواجهة إسرائيل، فإن كل دولة في النهاية ستكون هدفًا لها”، مؤكدًا أن “الطريقة التي استهدفت بها إسرائيل اليمن وإيران وفلسطين تُظهر مخططًا أكبر، وأن معظم الدول الإسلامية تواجه بالفعل مخاطر أمنية”[62].
  • قد تتعرض باكستان لخسائر بصدد خط أنابيب الغاز الإيراني-الباكستاني، وهو مشروع استراتيجي بقيمة 7.5 مليار دولار ظل معلقا لفترة طويلة، بات اليوم في مرمى النزاع. وقد صُمم لنقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى المدن الباكستانية التي تعاني نقصًا حادًا في الطاقة[63].

 

المحور الثاني- دلالات ومآلات المواجهة على مستوى الأمن الإقليمي

تناولنا في المحور السابق، أبرز المواقف الإقليمية، وكيف نبعت من تخوفات ترتبط بأمنها القومي، تلك التخوفات وإن تشابهت بين دول الإقليم، إلا أنها تعكس غياب رؤية أمنية إقليمية تضم العالم العربي وجواره الحضاري، على الأقل لإدارة الأزمات، رغم تفجر الأوضاع وتداعي المخاطر منذ طوفان الأقصى أكتوبر 2023.

ومن ثم يمكن استعراض أهم المخاطر الاستراتيجية التي أعادت المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية التأكيد عليها فيما يلي:

أولا- التوازن العسكري:

وهنا نركز على المسارين التاليين:

  • القوة النووية: أعلنت إسرائيل أن أهدافها من الضربة التي وجهتها لإيران هي تقويض برنامجها النووي وتعطيل قدراتها النووية، وذلك وفقًا لبيان الجيش الإسرائيلي الصادر في 14 يونيو 2025. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على أن هذه الضربات تهدف إلى “تعطيل قدرات إيران على تطوير رأس نووي”[64].

إيران التي كان برنامجها النووي أداة ردعها الرئيسة للمحافظة على نظامها من خلال تقديمها تنازلات “نووية” تتيح لها إبرام صفقات مع الغرب، لم يعد برنامجها بالقوة نفسها. تشير تقديرات إلى أن الهجوم الإسرائيلي أعاد برنامج إيران النووي إلى الوراء 5 سنوات على الأقل”.

لكن السؤال الأهم يتعلق بدلالات هذه الخسارة التي تكبدتها طهران، لصالح من؟ لا شك أن الأمر في صالح إسرائيل في المقام الأول.. ربما تقل المخاوف الخليجية بعض الشيء إزاء الجارة الإيرانية، لكن خطر أشد وقعًا سيتفاقم يمثله كون الكيان المحتل القوة النووية الإقليمية الوحيدة، بل وخارج نظاق الرقابة الدولية.

  • الحرب السيبرانية: إن الحرب المفتوحة في الشرق الأوسط من قبل إسرائيل جعلت مفهوم السيادة يواجه تحديًا. فالمفهوم التقليدي القانوني للسيادة من حيث الحدود لا يأخذ العامل التكنولوجي والتقني في الاعتبار[65]. وهو ما أثبتت تطورات الحروب السيبرانية عدم جدواه.

فقد بدأت الحرب السيبرانية الإيرانية – الإسرائيلية قبل أن تُسمع أول طلقة في الميدان. ففي عام 2010، وقع حدث مفصلي، حين ضرب فيروس “ستاكسنت” منشأة نطنز النووية الإيرانية، مخلِّفا أضرارا بالغة طالت ما يقرب من ألف جهاز طرد مركزي كانت تستخدم في تخصيب اليورانيوم[66].

وفي المقابل، برزت إيران كواحدة من أكثر الدول استثمارا في تطوير قدراتها السيبرانية، ليس دفاعا فقط، بل كأداة هجومية ضمن استراتيجيتها. وقد أنشأت طهران عددا من المجموعات السيبرانية المرتبطة بالحرس الثوري، تُعرف باسم مجموعات “التهديد المستمر المتقدم” أو APTs (Advanced Persistent Threats)[67].

استمرت إسرائيل في تطوير قدرات سيبرانية هائلة، يقودها جهاز “الوحدة 8200” التابعة للاستخبارات العسكرية، التي تُعدّ من بين أكثر وحدات الحرب الإلكترونية تقدما في العالم. وتعمد إسرائيل إلى اختراق الأنظمة الإيرانية، وزرع برمجيات خبيثة، وتسريب بيانات حساسة[68].

وقد شهدت إيران في 17 يونيو 2025 هجوما سيبرانيا واسعًا نفذته مجموعة تطلق على نفسها اسم “الغراب المفترس”، وهي جهة “هاكرز” تُعرف بتأييدها لإسرائيل. مع بدء الهجوم الإسرائيلي، انطلقت المسيّرات من مواقعها داخل إيران مستهدفة بطاريات الدفاع الجوي ومنصات الإطلاق، مما أدى إلى تعطيل جزئي في منظومة القيادة والسيطرة[69]. كما تعتمد إسرائيل على شبكة بشرية واسعة النطاق داخل إيران. وبفضل هذه الشبكة، تمكنت من تهريب أنواع مختلفة من الأسلحة، ونشر عملاء لتنفيذ عمليات دقيقة[70].

كما أعاد الهجوم الإيراني الصاروخي على مركز “غاف يام نيغيف” التكنولوجي في بئر السبع، الذي استهدف منشآت عسكرية وسيبرانية تضم مقرا لشركة “مايكروسوفت”، تسليط الضوء على التحول الخطير لدور الشركة التكنولوجية العملاقة من مزود خدمات تقنية إلى شريك فعلي في الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد أقرت “مايكروسوفت” علنا بتقديم خدمات حوسبة سحابية وحلول ذكاء اصطناعي متطورة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته العسكرية في غزة[71].

ولعل السؤال الذي يجب أن يوضع نصب الأعين: هل فقط إيران الدولة المخترقة في المنطقة على هذا النحو الذي كاد يودي بها؟ وإن كانت إيران قد تمكنت من الرد نسبيًا، فهل غيرها من الدول الإسلامية بإمكانه ذلك؟

الاقتصاد وأمن الطاقة: يتعرض الإقليم برمته إلى مخاطر اقتصادية وكذا ما يتصل بأمن الطاقة، على سبيل المثال: جاء في تقرير لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل أدى إلى ارتفاع المخاطر الجيوسياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، وقد تتأثر الجدارة الائتمانية لبعض الدول سلبًا إذا ما تصاعد العنف أو انتشر[72].

هذا كما أن تأثر حركة الطيران والسياحة في المنطقة قد يهدد الإيراادات الخارجية لبعض الدول. فعلى سبيل المثال، من المرجّح أن يعاني قطاع السياحة في الأردن من تراجع جديد في عدد السياح الأوروبيين، مما ينعكس سلبًا على النمو والعائدات[73].

وفيما يخص أمن الطاقة، فقد تصاعدت التخوفات إزاء إغلاق مضيق هرمز، فرغم أنه لا يزيد عرض هذا المضيق عن 50 كيلومترا، يمر من خلاله ما يقارب 20 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط، إذ تصدر السعودية نحو 88 في المئة من صادراتها النفطية من خلاله، والعراق 98 في المئة، والامارات نحو نصف صادراتها منه، وكذلك صادرات النفط الكلية للكويت وقطر وإيران[74].

تأججت المخاوف مع إعلان البرلمان الإيراني الموافقة على إغلاق المضيق، وتواترت التساؤلات: هل تؤثر طهران على اقتصادات دول الخليج بينما هي تحاول أن تحسن علاقاتها معهم؟

ربما كان هذا الإعلان محفزًا أساسيًا لإنهاء الحرب، ودافعًا لدولة مثل قطر لوساطتها وقبول ضربة إيرانية على أراضيها.

 

  • هل تنجح إسرائيل في إعادة تشكيل الإقليم؟

جاء في تقرير للخبير التركي إيردال تانس قاراغول إن عجز الدول الإسلامية عن الاصطفاف في موقف موحّد تحت مظلة “التعاون الإسلامي”، بسبب اتخاذها مواقف متباينة تُراعي فيها مصالحها الوطنية، يعني أنها تُقِرّ بقبول تهديدٍ يُحدق بمستقبلها. وقد اتّضح أن منظمة التعاون الإسلامي، رغم كونها أكبر منظمة حكومية إسلامية في العالم، لا تلبّي الحد الأدنى من متطلبات التعاون والاندماج بين أعضائها[75].

إن الحرب الأخيرة ليست حربا تقليدية، بل مشروع استراتيجي شامل[76]. لقد ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2023، حاملا خريطة جديدة للشرق الأوسط؛ خريطة تُهمّش إيران بالكامل، وتضع “إسرائيل” في موقع القيادة الإقليمية، محاطة بدول عربية مُطبّعة[77].

وقد أشار الرئيس أردوغان إلى أن ادعاء إسرائيل بأنها ستُؤسس نظاما في المنطقة بأيديها الملطخة بالدماء، يُظهر مدى العمى والظلام الذي يعيش فيه من يديرون هذا البلد. وقال: “أود أن أؤكد أننا في تركيا لن نسمح بإقامة نظام سايكس بيكو جديد في منطقتنا، تُرسم حدوده بالدماء”[78].

نحن أمام واقع إقليمي تتمثل أهم ملامحه المحفزة لإعادة التشكيل إذا لم يتم تقويمه في الآتي:

بشأن تقدير القوة الإيرانية، هذه الحرب هي أول مواجهة عسكرية مباشرة وحقيقية بين اسرائيل وإيران، رغم أن العام الماضي شهد اشتباكين عسكريين، لكنهما كانا في كل مرة عبارة عن اعتداء إسرائيلي، ومن ثم يتبعه رد إيراني محدود وكان الجميع يُدرك بأن الرد الإيراني في المرتين لم يكن سوى «رد اعتبار»[79].

 نعم لا يمكن إنكار أن هذه الحرب أثبتت بأن اسرائيل ليست القوة العظمى التي كان يتم الترويج لها طوال العقود والسنوات الماضية، ونعم تمكنت إيران من إظهار قدرة على تبني إستراتيجية “الردع المتوازن”، وهي سياسة تهدف إلى توجيه ضربات نوعية رمزية تُظهر القدرة على إيذاء العدو دون الوصول إلى مستوى التصعيد الشامل[80]. وقد أشار تحليل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن الهجمات الإيرانية تمثل تطورًا نوعيًا في قدرة إيران على ضرب أهداف ذات قيمة إستراتيجية داخل إسرائيل، مما يؤكد تغير ميزان القوى في المنطقة. ذلك حيث فوجئت إسرائيل بوابل من الصواريخ بعيدة المدى والمسيرات التى شنتها إيران على المدن والمنشآت الإسرائيلية، حيث أسقطت القبة الحديدية العديد منها لكن الكثير منها استطاع الإفلات وإلحاق تدمير هائل وخراب كبير فى تل أبيب، وحيفا، وغيرها من المدن الإسرائيلية، الأمر الذي ألحق الضرر بقطاعات الاقتصاد، والسياحة، والتعليم[81].

لكن في الوقت ذاته، ثمة اختراق مخيف في الأمن الداخلي، حيث فشلت الدفاعات الإيرانية في كشف جميع الأسراب المسيرة المهاجمة.  هذا الفشل الأمني يثير الشك حول فعالية المنظومات الدفاعية الإيرانية وقدرتها على حماية المواقع الإستراتيجية، مما يعرضها لمزيد من الهجمات المستقبلية[82]. ولقد تجلت أبرز الخسائر الإيرانية جراء الاختراق في تمكن إسرائيل من النيل من مواقع مفصلية للنظام الإيرانى، وألحقت خسائر مباشرة فى المواقع الاستراتيجية والمنشآت، فضلًا عن خسارة القادة والعلماء وهى خسارة لا تقدر بمال[83].

لنقول إن التحدي الذي يواجه إيران في المرحلة القادمة هو تحد داخلي بدرجة كبيرة لإعادة تأمين الدولة والمؤسسات والقيادات والعلماء… فإلى أي مدى النظام الإيراني مخترق من داخله؟ وهل قد تحدث مواجهات بين أطرافه؟ وهل قد تنهار الدولة في هذا السياق؟ وما مآلات ذلك إقليميًا؟

إن سيناريو تحول إيران إلى “دولة فاشلة” على حدود الخليج سيكون بمثابة كابوس[84]. وهو ما يبدو أن السعودية أدركته مؤخرًا، حتى أن وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في زيارة له إلى طهران في أبريل الماضي (في سياق تحسن العلاقات بين البلدين)، صرح أن “الإسرائيليين يبحثون عن ذريعة للهجوم”، داعيًا إيران إلى التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي[85].

 

تركيا وباكستان؛ ليس لهما مصلحة في انكسار إيران، وهما دولتان جارتان لها، وتدركان تداعيات أي فوضى تنتج عن انهيار الدولة الإيرانية، على نحو ما أشير، كما أن إسرائيل لا تضمر لهما خيرًا في سياق التنافس الإقليمي، سواء عبر التلاعب بأمن الطاقة أو الأقليات. أما مصر، ففي حال سقطت إيران سنجد أنها في قلب المواجهة.

لكن يبقى الأرجح أن إيران لديها أوراق لم تحركها بعد، كما أن درجة قبولها بشروط أمريكية في أي مفاوضات تالية للحرب لن يجعلها ضعيفة بالدرجة التي قد يتصورها البعض[86].

فالقدرات الصاروخية الإيرانية مازالت تقلق إسرائيل، وإن تفوقت جويًا[87]. أيضًا الحوثيون يمثلون عنصر قوة بالنسبة للمحور الإيراني، فنجد أنه بينما توقفت الحرب بين إيران وإسرائيل جاء الصاروخ الحوثي، ليكسر الهدوء الظاهري، ويعلن أن المحور الإيراني لم تطو صفحته. ويمتاز الحوثيون عن بقية الفصائل التابعة لإيران المأزومة حاليًا. على سبيل المثال، المساحة الجغرافية المتواجد عليها الحوثي هائلة إذا ما قارناها بالمساحة التي يسيطر عليها حزب الله في لبنان، كما أن الجغرافيا في اليمن، يستطيع الحوثيون توظيفها، كما يتضح في المواجهات التي يخوضونها في البحر الأحمر[88].

 

على مستوى دول الخليج، أثبتت الأحداث افتقارها القدرة المتوقعة على التأثير في قرارات إسرائيل أو إيران أو تغيير نتائج هذه الحرب. باستثناء قيام كل من قطر وعمان بأداء دور الوسيط عبر اتصالاتها مع عواصم عدة بغية احتواء التصعيد[89].

الإشكالية الأبرز التي فجرتها تلك الحرب هو إشكالية القواعد الأمريكية والسيادة الخليجية، على ضوء ضرب يران لقاعدة العديد بقطر، وكانت الولايات المتحدة قد أفرغتها من الجنود والمعدات فى وقت سابق- وعمدت طهران إلى التنسيق مع الدوحة وأخبرت الولايات المتحدة بموعد الضربة المرتقبة رغبة منها فى عدم استفزاز واشنطن وتوسعة الصراع، لكن ما بدا أنه قد تعرض لخطرٍ حقيقي هو السيادة الخليجية على الأراضي المقام عليها قواعد أمريكية[90]. ومن ثم فلابد من تطوير آليات الدفاع الذاتي، حتى لا تجد دول الخليج نفسها في مرمى هجمات من هنا أو هناك، ربما لا تؤتمن عواقبها في مراتٍ قادمة.

 

قوى كبرى متربصة، في أثناء الحرب صرح مسؤولون في الولايات المتحدة بأنهم لم يتدخلوا في الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران، ولكنهم مهتمون بإنهائها. والأسئلة التي طرحت في المقابل: ألا تتدخل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بالفعل في هذه الحرب لصالح إسرائيل؟ هل إسرائيل تحارب إيران منفردة دون أية مساعدات ودعم لعمليتها العسكرية؟ هل اجتازت الأجواء لعدة دول دون تغطية وإمدادات لوجستية من القواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية النشطة في المنطقة بالفعل[91]؟

فقد تم نشر تقرير في 16 يونيو 2025، من قبل قناة كان الإسرائيلية، ورد فيه: “صحيح أن الأجواء مغلقة بسبب التصعيد مع إيران، لكن خلف الكواليس لا تزال الطائرات تصل إلى هنا محملة بالذخائر، ذخائر أمريكية، تشمل قنابل ثقيلة وقنابل خارقة للتحصينات، تصل من قواعد أمريكية في كل من أوروبا والولايات المتحدة. الأمريكيون، من جانبهم، لا يشاركون في الهجمات معنا، لكنهم، خلف الكواليس، يدعموننا عبر أنظمة الدفاع مثل “ثاد””.

ومما تجدر الإشارة إليه، المذكرة الأمنية الاستراتيجية الموسعة (فبراير 2025)،  تأتي المذكرة ضمن استراتيجية ترامب في بداية ولايته الثانية؛ لإعادة تفعيل سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران، والتي تدعو إلى تعزيز التعاون الأمني والتدخل العسكري المخطط بحزم للتصدي للبرنامج النووي الإيراني والمتغيرات في سلوك طهران [المقصود الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل (أبريل 2024 وما تلاه)]. وقد أعلن مسؤولون إسرائيليون أن الولايات المتحدة قد شاركت في عملية الخداع التي سبقت الهجوم الإسرائيلي تحقيقًا لعنصر المفاجأة وإرباك إيران[92].

كما أنه في الخامس من أكتوبر 2024، وأثناء حملته انتخابية في ولاية كارولينا الشمالية، صرّح ترامب، بأن على إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. فهو يدرك جيدًا أن اللوبي الداعم لإسرائيل يتمتع بنفوذ كبير داخل الكونجرس الأمريكي، وهو يعتمد على دعمه من أجل تمرير التشريعات والتعامل مع قضايا الميزانية. كما لا يمكن إغفال أهمية الرابطة الإنجيلية الصهيونية، التي تشكل عنصرا محوريا في هذا التحالف[93].

ما سبق بمثابة وقائع لا بد على صانع القرار الاستراتيجي بالعالم العربي وجواره الحضاري أن يعيها، وينطلق منها، لئلا يجد دولته وقد صارت دويلات، أو محتلة.

 

خاتمة- مرتكزات الأمن الإقليمي:

إن النزاع بين إيران وإسرائيل والظروف الراهنة المرتبطة به، تزيد من الحاجة المُلِحّة إلى إعادة ترتيب الاولويات والنظر في معايير الموازنة بين المصالح والمفاسد لتشكيل تحالفات جديدة، على أسس قوية فاعلة[94]. فثمة تحدٍ كبير يتعلق بكيفية صناعة منظور إقليمي للأمن في منطقة الشرق الأوسط يرتكز على الحوار والتعاون والتنمية. فالتنافس الإقليمي والتدخل الدولي والصراع الإقليمي-الدولي يجعل الطريق ليس باليسير[95]. لذا لا بد من تكوين دوائر للتفكير الاستراتيجي، والوعي بركائزه، وأهمها عامل الوقت، فإن انتهت تلك المواجهة في غضون أيام، فمن غير المعلوم متى تبدأ المواجهة القادمة؟ ومتى تنتهي؟ ومع من تكون؟. ومن أهم مسارات العمل المقترحة كمرتكزاتٍ للأمن الإقليمي:

  • الوعي بحال المجتمعات، لقد كانت التخوفات عميقة إزاء المجتمع الإيراني، في ظل تنامي مظاهر المعارضة للنظام، إلا أن الشارع الإيراني قدم دعمًا قويًا بما أبداه من صبر ودعم ضمني لرد النظام الإيراني على الهجمات الإسرائيلية. كما نجد أن رد فعل بعض الشخصيات الإيرانية المعروفة بانتقادها الدائم للنظام، مثل الأديب وعالم اجتماع الإيراني الأمريكي آصف بيات، المهتم بدراسة ديناميات تغيير الشعوب للأنظمة، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، صادق زيبا كلام، الذي تم اعتقاله وسجنه لمدة 3 سنوات – تتمحور حول أنه لا يمكن الاصطفاف وراء إسرائيل ضد إيران[96].

فهل إن صمد المجتمع الإيراني هذه المرة سيصمد مراتٍ قادمة؟ وهل مجتمعات دول الإقليم مهيأة للدخول في مواجهة مماثلة متى اختارت، أو متى فرضت عليها… هل تمتلك تلك المجتمعات مقومات قيمية واقتصادية للبقاء والاستمرار من منعطفٍ إلى آخر؟

إن رأس المال الاجتماعي هو ذخيرة هذه الأمة، فقد أثبتت الأحداث الأخيرة افتقاد الكيان الصهيوني إياه، حيث الهلع من الصواريخ الإيرانية حتى دون وقوع إصابات، فضلا عن الإسراع إلى الهروب من إسرائيل والتقدم إلى الحكومة الإسرائيلية بطلبات تعويض.

لذا لا بد من بذل الجهود للحفاظ على رأس المال الاجتماعي لشعوب الأمة التي قد تجبرها الأحداث رغمًا عنها إلى مجرد تأمين البقاء (مشاهد الموت في الطريق إلى المساعدات في غزة – اتساع الخوف المجتمعي من حرب نووية). إن الأمر يتطلب معالجة منظمة تشمل برامج دعم نفسي للشعوب عبر المدارس والجامعات والإعلام، فضلا عن دور العبادة بالطبع[97].

  • دعم القوة النووية الإسلامية، إن حيازة القوة النووية بات أمرًا يستحق المزيد من الانتباه من قبل الدول الإسلامية، خاصةً دول الأركان، دون أن يعني ذلك استخدامها لتصنيع أسلحة الدمار الشامل، وبالفعل هناك العديد من الدول الإسلامية التي اتخذت سبيلا على هذا المسار، ولكن لابد من هيئة توجه هذه القوة لمجالات التنمية المختلفة، وتسمح بتبادل الخبرات بين الدول الإسلامية، بجانب توفير غطاء من الشرعية والحماية الدولية.
  • الاهتمام بالأمن السيبراني، والوعي بأنه بات عنصرًا مركزيًا في معادلة الردع، يكمّل القوة العسكرية، ويتجاوزها في بعض الحالات. فبينما تحتاج الصواريخ والطائرات إلى إذن سياسي وكلفة دبلوماسية، فإن الهجمات السيبرانية يمكن أن تُنفَّذ دون ضجيج، وتُحدث أثرًا بالغًا دون الحاجة إلى إعلان حالة حرب[98]. يُشكل الصراع السيبراني تجسيدا حيا لـ “الحرب الباردة الرقمية”، حيث لا يوجد انتصار حاسم، بل سلسلة لا تنتهي من المناوشات، والتجسس، والتخريب، وحرب المعلومات[99].

– بناء نظام أمني إقليمي، يرتكز على عناصر القوة الجديدة، ويضم دول الأركان وفي مقدمتها مصر، على أن يكون له منظومة قانونية ملزمة، وقواعد عسكرية ثابتة بديلا عن القواعد الأجنبية.

وفي هذا الإطار، يمكن الاستفادة مما أحرزت أنقرة من تقدم في صناعاتها الدفاعية، وإن كانت –كإيران- تفتقر إلى شبكة دفاع جوي قوية، إذ لا تغطي أنظمة دفاعها الجوي المجال الجوي بشكل موثوق[100].

كما يجب أن يوفر هذا النظام الأمني تنويع طرق تصدير الطاقة لتقليل الاعتماد على مضيق هرمز، كما تفعل سلطنة عُمان والسعودية من خلال تطوير موانئ بديلة في بحر العرب والبحر الأحمر[101].

  • بالنسبة لإيران على وجه الخصوص، فثمة حاجة إلى إعادة النظر في استراتيجية الردع الإيرانية، التي تحتاج إلى إنفاقٍ مالي كبير وتواجد خارجي مكلف، بعد انهيارها في سوريا، ومن قبلها لبنان، فضلا عن عدم الاعتماد على الميليشيات الخارجية المسلحة والجبهات المتقدمة، التي تُعَد سببًا في توتر علاقات إيران الخارجية مع محيطها الإقليمي، ومِن ثمَّ مع القوى الدولية[102].
  • دعم المقاومة، ويعد هذا الدعم الضمانة الأقوى لبقاء النظام الإقليمي العربي، وإن تصورت بعض دوله خلاف ذلك. فرغم ما يبدو من ضعفٍ لوجستي للمقاومة جراء الحصار وطول أمد المواجهة مع العدو في غزة، إلا أن المقاومة كفكرة هي الأبقى على مر العصور… إن المقاومة ليست حلقة من حلقات المحور الإيراني، بل هي صمام أمان النظام الإقليمي العربي وجواره الحضاري.

 

[1] انظر: عبد المنعم المنشاط، الأمن القومي، سلسلة المفاهيم، المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، يونيو 2008.

[2] انظر على سبيل المثال: مصطفى علوي، الأمن الإقليمي بين الأمن الوطني والأمن العالمي، سلسلة المفاهيم، المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية العدد 4، أبريل 2005.

[3] حول رؤية متكاملة للأمن الإنساني الحضاري: سيف الدين عبد الفتاح، الأمن الإنساني: رؤية إسلامية بين تكافل المداخل والبحث المقارن، (في): أعمال تقرير التنمية الإنسانية الرابع، 2008.

[4] مدحت ماهر، نحو تصور أساس للمشروع الحضاري الإسلامي، أمتي في العالم، العدد 13،…

[5] كيف تراقب دول الخليج الحرب الإسرائيلية الإيرانية وهل من مصلحتها “انهيار الجارة الكبيرة”؟، فرانس 24، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/OXr7G

[6] أحمد الحيلة، لماذا لا ترغب تركيا وباكستان في انكسار إيران أمام إسرائيل؟، ترك برس، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/106028

[7] أمل مختار، قراءة في رؤية ترامب لـ”السلام” في الشرق الأوسط، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 24 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي://acpss.ahram.org.eg/News/21450.aspx

[8] إيلي القصيفي، ما بعد “الأسد الصاعد”… ما هي “ساحات المواجهة” بين إيران وإسرائيل؟، المجلة، 13 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/YrEk6

[9] المرجع السابق.

[10] خبراء لـ(أ ش أ): التحرك العربي بإدانة العدوان على إيران يعكس التزاما بضرورة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وكالة أنباء الشرق الأوسط، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2u.pw/n69iw

[11] الجامعة العربية: العدوان الإسرائيلي على إيران يهدد السلم الإقليمي، الغد، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://2u.pw/VaeGa

[12] خبراء ل(أ ش أ): التحرك العربي بإدانة العدوان على إيران يعكس التزاما بضرورة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، مرجع سابق.

[13] وزراء «التعاون الإسلامي» ينددون بسياسات إسرائيل والهجوم على إيران، الشرق الأوسط، 22 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15VN4

[14] فايزة دياب، هل يُدخل “حزب الله” لبنان في حرب مدمرة جديدة؟، المجلة، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/15T6Q

[15] قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران من حروب الوكالة للمواجهة المباشرة الجزيرة نت، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/D46Z7kh

حزب الله: لسنا على الحياد ونقف إلى جانب إيران، الجزيرة نت، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15T7A

[16] فايزة دياب، هل يُدخل “حزب الله” لبنان في حرب مدمرة جديدة؟، مرجع سابق.

[17] مستقبل العلاقات السورية الإيرانية بعد سقوط نظام الأسد، مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/gH1i

[18] المرجع السابق.

[19] أردوغان نصح الشرع بانتهاج “الحياد الاستراتيجي” خلال التصعيد الإيراني الإسرائيلي، ترك برس، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/105980

[20] مستقبل العلاقات السورية الإيرانية بعد سقوط نظام الأسد، مرجع سابق.

[21] العراق وحرب إسرائيل – إيران… تجنب المواجهة المفتوحة، المجلة، 18 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/15Hqs

[22] العراق يجدد رفضه لانتهاك أجوائه واستخدامها في الاعتداءات على دول الجوار، كردستان 24، 14 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.kurdistan24.net/ar/story/845807

[23] رحاب الزيادي، تنامي التهديد: التصعيد الإسرائيلي-الإيراني وتأثيره على العراق، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 23 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://ecss.com.eg/54194/

[24] المرجع السابق.

[25] العراق وحرب إسرائيل- إيران، مرجع سابق.

[26] رحاب الزيادي، تنامي التهديد: التصعيد الإسرائيلي-الإيراني وتأثيره على العراق، مرجع سابق.

[27] تحولات الصراع الاقليمي.. اليمن الحاضر-الغائب، موقع بلقيس، 25 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:   https://h1.nu/15T6s

[28] الحوثيون يتوعدون السفن الأمريكية إذا شاركت واشنطن بضرب إيران،  dw، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/

[29] اليمن يحذر من “عواقب وخيمة” حال تدخل الحوثي في حرب إسرائيل وإيران، وكالة أنباء الأناضول، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15HpD  مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، 18 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/11xek

[30] تحولات الصراع الإقليمي… اليمن الحاضر-الغائب، مرجع سابق.

[31] عمار الحديثي، الخليج بين إيران وإسرائيل.. بين الحياد العلني والانخراط الخفي، نون بوست، 15 يونيو 2025, متاح عبر الرابط التالي: https://www.noonpost.com/318007/amp /

[32] “استهتار بالقانون الدولي”.. أمين عام مجلس التعاون الخليجي يدين هجمات إسرائيل على إيران، سي إن إن عربي، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/jJpPz

[33] من إسطنبول.. دعوة سعودية للعودة إلى المفاوضات بين إيران والمجتمع الدولي، ترك برس، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/106055

[34] كيف تراقب دول الخليج الحرب الإسرائيلية الإيرانية وهل من مصلحتها “انهيار الجارة الكبيرة”؟، مرجع سابق.

[35] “انهيار إيران ليس من مصلحة الخليج”.. حمد بن جاسم يحذر من مخاطر التصعيد الإيراني الإسرائيلي ويطالب بالتحرك لوقف “الجنون”، سي إن إن عربي، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/0LOc2

[36] عمار الحديثي، الخليج بين إيران وإسرائيل، مرجع سابق.

[37] المرجع السابق.

[38] ما بعد “الأسد الصاعد”… ما هي “ساحات المواجهة” بين إيران وإسرائيل؟، مرجع سابق.

[39] عمار الحديثي، الخليج بين إيران وإسرائيل.. بين الحياد العلني والانخراط الخفي، مرجع سابق.

[40] المرجع السابق.

[41] مصر توجه رسالة لواشنطن وطهران، روسيا اليوم، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/11xil

[42] المرجع السابق. وويتكوف يبحثان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وكالة أنباء الأناضول، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15Hup

[43] شيخ الأزهر يشن هجوما لاذاعا على إسرائيل بسبب إيران، روسيا اليوم، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/15HuO

[44] مصر تتجه إلى “اقتصاد الحرب” وتستعد للأسوأ، مرجع سابق.

[45] المرجع السابق.

[46] المرجع السابق.

[47] سمير العركي، استراتيجية تركيا في مواجهة التصعيد الإيراني الإسرائيلي،  ترك برس (نقلا عن الجزيرة)، 15 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/105928

[48] مخاوف من حرب إقليمية بعد هجوم إسرائيل على إيران، المجلة، 15 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/11xti

[49] سمير العركي، استراتيجية تركيا في مواجهة التصعيد الإيراني الإسرائيلي، مرجع سابق.

[50] أردوغان: لا تستمعوا إلى سموم إسرائيل ولن نسمح بنظام سايكس بيكو جديد، العربي، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15Hzi

[51] تركيا: تعاملنا مع طائرات إسرائيلية انتهكت أجواءنا خلال هجماتها على إيران، ترك برس، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/11xnv

[52] مع تصاعد الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. سيناريوهات مقلقة أمام تركيا، ترك برس، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/11xnS

[53] تركيا تشدد إجراءاتها الأمنية على حدودها مع إيران وتنفي حدوث موجة هجرة غير شرعية، ترك برس، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/105983

[54] مارى ماهر، مخاطر وفرص الدور التركي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://ecss.com.eg/54151/

[55] باكستان أمام اختبار التوازن بعد الهجوم على إيران، المجلة، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15HAd

[56] المرجع السابق.

[57] اختبار الردع: دوافع التهدئة بين إيران وباكستان بعد التصعيد العسكري المتبادل، العرب، 28 يناير 2024، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/YUJu

[58] باكستان أمام اختبار التوازن، مرجع سابق.

[59] المرجع السابق.

[60] رانيا مكرم، كيف تعاملت باكستان مع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، متاح عبر الرابط التالي: https://acpss.ahram.org.eg/News/21449.aspx

[61] باكستان أمام اختبار التوازن، مرجع سابق.

[62]  رانيا مكرم، كيف تعاملت باكستان مع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية؟، مرجع سابق.

[63] باكستان أمام اختبار التوازن، مرجع سابق.

[64] قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران من حروب الوكالة للمواجهة المباشرة الجزيرة نت، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/11xpL

[65] العراق وحرب إسرائيل – إيران… تجنب المواجهة المفتوحة، مرجع سابق.

[66] ماركو مسعد “حرب سيبرانية” بين إسرائيل وإيران… ما أهدافها وأسلحتها؟ الحرب غير المرئية بين تل أبيب وطهران، المجلة، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15HC4

[67] المرجع السابق.

[68] المرجع السابق.

[69] المرجع السابق.

[70] عمر اونهون، مخاوف من حرب إقليمية بعد هجوم إسرائيل على إيران، مرجع سابق.

[71] ماركو مسعد، “حرب سيبرانية” بين إسرائيل وإيران… ما أهدافها وأسلحتها؟، مرجع سابق.

[72] “فيتش”: تصاعد صراع إسرائيل وإيران يرفع مخاطر الأمن الإقليمي، العربية Business، 18 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15HAQ

[73] المرجع السابق.

[74] مضيق هرمز… تاريخ من التحديات، موقع المجلة، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/15HBv

[75] خبير تركي: صراع إيران وإسرائيل يهدد دول المنطقة ويكشف هشاشة “التعاون الإسلامي”، ترك برس، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://www.turkpress.co/node/106039

[76] علاء خليل، إعادة تشكيل الشرق الأوسط من وراء دخان الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، عربي 21، 18 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://h1.nu/11xr

[77] المرجع السابق.

[78] أردوغان: لا تستمعوا إلى سموم إسرائيل ولن نسمح بنظام سايكس بيكو جديد، مرجع سابق.

[79] محمد عايش، الحرب بين إيران وإسرائيل… ودلالاتها الاستراتيجية، القدس العربي، متاح عبر الرابط التالي:

https://2h.ae/pGbW

[80] قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران من حروب الوكالة للمواجهة المباشرة، مرجع سابق.

[81] د. أبو بكر الدسوقي، أسباب وتداعيات إيقاف الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، مجلة السياسة الدولية،

24-6-2025 https://goo.su/SJlGj

[82] قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران، مرجع سابق.

[83] د. أبو بكر الدسوقي، أسباب وتداعيات إيقاف الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، مرجع سابق.

[84] كيف تراقب دول الخليج الحرب الإسرائيلية الإيرانية وهل من مصلحتها “انهيار الجارة الكبيرة”؟، مرجع سابق.

[85] دول الخليج العربية تعمل على احتواء تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران، أسبار، 26 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://asbarme.com/?p=8006

[86] غازي دحمان، حرب إيران وخطر بلقنة الشرق الأوسط، عربي 21، 20 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/15HEV

[87] د. نجلاء سعد البحيري، توازن الردع بين إيران وإسرائيل..قراءة في القدرات العسكرية والتقنية، مجلة السياسة الدولية، 19 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/e199l

[88] هجمات حوثية جديدة على إسرائيل.. هل تعيد إيران تحريك أذرعها في المنطقة؟، موقع بلقيس، 26 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://2h.ae/awkB

[89] كيف تراقب دول الخليج الحرب الإسرائيلية الإيرانية وهل من مصلحتها “انهيار الجارة الكبيرة”؟، مرجع سابق.

[90] د. أبو بكر الدسوقي، أسباب وتداعيات إيقاف الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية -الإيرانية، مرجع سابق.

[91] د.دلال محمود، حرب إسرائيل وإيران.. هل إسرائيل بمفردها؟!، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 17 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://ecss.com.eg/54110 /

[92] المرجع السابق.

[93] عمر اونهون، مخاوف من حرب إقليمية بعد هجوم إسرائيل على إيران، مرجع سابق.

[94] خبير تركي: صراع إيران وإسرائيل يهدد دول المنطقة ويكشف هشاشة “التعاون الإسلامي”، مرجع سابق.

[95] العراق وحرب إسرائيل – إيران… تجنب المواجهة المفتوحة ، مرجع سابق.

[96] رانيا مكرم، كيف يمكن فهم سلوك الداخل الإيراني تجاه الحرب مع إسرائيل؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 26 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://acpss.ahram.org.eg/News/21452.aspx

[97] انظر حول الآثار النفسية للأحداث الراهنة على الشعوب:

د. منى بركة، “فوردو” .. الوعى الجمعى لشعوب الشرق الأوسط بين صواريخ الردع وندوب النفس، مجلة السياسة الدولية، 24 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/vpUsTYU

[98] د. خالد وليد محمود، كود الردع: الصراع السيبراني بين إيران وإسرائيل، الدستور، 21 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://h1.nu/15HHh

[99] سلمى حامد، القوة السيبرانية كساحة للنزاعات الدولية.. تحديات متجددة، مجلة السياسة الدولية، 3 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.su/32b5R3

[100] مارى ماهر، مخاطر وفرص الدور التركي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، مرجع سابق.

[101] ما تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران على منطقة الخليج؟، راصد الخليج، 16 يونيو 2025، متاح عبر الرابط التالي:

https://www.gulfobserver.org/essay.php?id=38288&cid=326&catidval=228

[102] مستقبل العلاقات السورية الإيرانية بعد سقوط نظام الأسد، مرجع سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى