الإبادة الجماعية في غزة والقبول بها: محاولة ضرورية للفهم والتفسير

مقدمة: في سياق الإبادة في غزة
في أحدث تصريح للمفوضية الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، في 15 سبتمبر 2025، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، https://www.unognewsroom.org/story/fr/2816/ohchr-special-procedures-press-conference-special-rapporteurs-on-opt-15-september-2025 ذكرت ما يلي:
- إن الأرقام المتوفرة تفيد بأن عدد القتلى في صفوف الفلسطينيين تجاوز 65 ألف شخص، 75% منهم من النساء والأطفال.
- أشارت إلى أن تقديرات بعض الخبراء المستقلين ترفع عدد الشهداء إلى 680 ألفًا، بينهم 380 ألفًا دون الخامسة من العمر، وشددت على ضرورة أخذ هذه الأرقام على محمل الجد.
- أوضحت أن قوات الاحتلال قتلت خلال 710 يومًا من الحرب 1581 عاملًا صحيًا و252 صحفيًا و346 موظفًا أمميًا.
- أكدت أن نحو 10 آلاف فلسطيني تم اعتقالهم، من بينهم مرضى وأطباء، وتعرض الكثير منهم للتعذيب وسوء المعاملة والاغتصاب، وقُتل 75 أسيرًا داخل السجون.
- ووصفت الوضع في الضفة الغربية بأنه “خطير”، مشيرة إلى أن الاحتلال قتل أكثر من ألف فلسطيني خلال الفترة نفسها، بينهم 212 طفلًا، وأجبر أكثر من 40 ألف شخص على النزوح القسري.
شارك في المؤتمر أيضًا كل من المقررة الخاصة المعنية بحرية التعبير، إيرين خان، التي تحدثت عن مخاطر العمل الصحفي في غزة، والمقرر الخاص المعني بتعزيز نظام دولي ديمقراطي وعادل، جورج كاتروغالوس، الذي تحدث عن امتداد الهجمات الإسرائيلية إلى دول مجاورة.
وقد طالب جميع المقررين المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف ما وصفوه بـ “الإبادة الجماعية“.
وفي اليوم الأخير من شهر أغسطس/آب عام 2025، أقرت https://genocidescholars.org/#iLightbox%5Bgallery38%5D/0 الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، وهي هيئة علمية تضم أكثر من 500 عضو، قراراً بتأييد 86% من المصوتين، وخلصت إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.
يدرس هؤلاء الباحثون الإبادة الجماعية بشكل احترافي، ويبحثون فيها، وينظرون إليها نظريًا، وينشرون عنها في مجلات محكمة.
تساؤل أول:
لن استرسل كثيرا في ذكر التقارير الحقوقية والتصريحات والبيانات الصحفية للمنظمات الدولية بشأن التأكيد على أن ما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة هو إبادة جماعية؛ فما يعنينا هو:
مدي توفر أركان تعريف الإبادة الجماعية –كما وردت في إتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (ديسمبر ١٩٤٨)، بما سمح لهم پاطلاق هذا الحكم علي أفعال إسرائيل.
خلصت https://www.ohchr.org/ar/hr-bodies/hrc/co-israel/index
اللجنة الأممية، التي تُعرف باسم “لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة“، في تقريرها الصادر 16 سبتمبر 2025، إلى أن إسرائيل ارتكبت أربعة من الأفعال الخمسة التي تُصنف ضمن الإبادة الجماعية، وهي:
- القتل
- التسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير
- فرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير الكامل أو الجزئي للفلسطينيين
- فرض تدابير لمنع الإنجاب.
كما أشار التقرير إلى أن كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ، حرضوا على هذه الأفعال.
أما الرابطة الدولية لعلماء الإبادة فقد توصل أعضاؤها إلي هذا الاستنتاج من خلال دراستهم بدقة المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، التي وقّعت عليها إسرائيل.
تُعرّف هذه المادة الإبادة الجماعية على النحو التالي:
“في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أيًا من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه، كليًا أو جزئيًا:
- قتل أعضاء الجماعة؛
- إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء الجماعة؛
- فرض ظروف معيشية متعمدة على الجماعة من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛
- فرض التدابير الرامية إلى منع المواليد داخل الجماعة؛
- نقل أطفال الجماعة قسراً إلى جماعة أخرى”.
يعتقد الكثيرون أن الإبادة الجماعية تتمثل في قتل جميع أفراد جماعة ما تقريبًا. مع ذلك، يوضح هذا التعريف القانوني التقني إمكانية إبادة شعب ما حتى لو نجا عدد كبير من أعضائه.
الإبادة الجماعية، كما هي مُعرّفة هنا، تتعلق بغرض العنف أكثر من جسامته. إذا قتلتَ أشخاصًا بسبب هويتهم واعتراضك على وجودهم، فلا يشترط قتل عدد كبير منهم حتى تُعتبر إبادة جماعية.
لذلك، فإن الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية أعلنت أن: “سياسات إسرائيل وأفعالها في غزة تُطابق التعريف القانوني للإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1948)”، وأكدت: “أن سياسات إسرائيل وأفعالها في غزة تُشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا لما يُعرّفه القانون الإنساني الدولي ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.
تساؤل ثان:
الخطير في غزة تحديدا، وقد استمرت الإبادة فيها ما يقرب من 24 شهرا وما يزيد على 700 يوما، هو “التطبيع مع العنف الممنهج”.
ويشير التطبيع، في سياق الإبادة الجماعية، إلى: العملية التي اعتاد بموجبها النظام الدولي والمجتمعات، لا سيَّما العربية، على العنف المروع والتدمير المنهجي الذي يحدث هناك، مما يسمح للحياة بالاستمرار كالمعتاد رغم هذه الفظائع، ويجعل الإبادة الجماعية المستمرة، مع التجويع، وقتل الأطفال والنساء، وقطع المياه والكهرباء، وقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وتدمير أحياء وعائلات بأكملها، تبدو كلها وكأنها أمر طبيعي يجري في خلفية الحياة الاعتيادية.
تساؤل ثالث:
وهذا يدفعنا إلى التساؤل: هل يمكن اعتبار ما يحدث في غزة منذ أكتوبر 2023 مؤشرًا على مستقبل يتعايش فيه العالم مع المآسي الناجمة عن الصراعات والحروب؟ وهل أصبح القتل الجماعي جزءًا لا يتجزأ من واقعنا المشترك ومستقبلنا؟
ترتبط الإبادة الجماعية في غزة بظاهرة أوسع نطاقًا تتمثل في “القتل الجماعي” الذي لوحظ في صراعات أخرى لا تزال مستعرة (اليمن والسودان ودول الساحل الإفريقي والمكسيك وأوكرانيا…).
يُظهر ذلك أن العنف المسلح اليوم يأخذ أشكالًا متنوعة، سواء كانت حروبًا تقليدية بين دول، أو حروبًا أهلية، أو عنفًا مرتبطًا بالجريمة المنظمة. وتشير هذه الأشكال مجتمعة إلى أن القتل الجماعي أصبح ظاهرة عالمية. ورغم الزيادة الهائلة في قتل المدنيين والنزوح القسري المرتبط بالنزاعات المسلحة عالميا، فإن الحماية الممنوحة لهم تتراجع.
ويرسم https://docs.un.org/en/S/2025/271 الأمين العام للأمم المتحدة صورة قاتمة في تقريره السنوي الصادر في مايو/أيار الماضي.
وفي الوقت نفسه، أصبحت الوسائل الدولية المعتادة لحل النزاعات غير فعالة أكثر من ذي قبل. ولذلك، من الضروري تسجيل التغييرات المهمة في حالات النزاع بصورة منهجية وعاجلة، وإعادة ضبط أساليب حماية السكان المدنيين على هذا الأساس.
لا تحظى الهجمات الواسعة النطاق على المدنيين في الحروب الدائرة في قطاع غزة وأوكرانيا والسودان وغيرها باهتمام دولي إلا نادرا. ومع ذلك، فإنها تُشير إلى تطور مفزع، فقد ازداد عدد الصراعات العنيفة وشدتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
ففي عام 2023، شهد العالم صراعات عنيفة أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، كما ارتفعت https://www.swp-berlin.org/10.18449/2025A38/ معدلات القتلى الإجمالية. وبين عامي 2021 و2024، كانت الأرقام هي العليا منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وباستثناء الإبادة الجماعية، يُمثل هذا أعلى عدد من القتلى في الصراعات العنيفة منذ بدء جمع البيانات عام 1989.
في الواقع، فإن عدد قتلى النزاعات في السنوات الأخيرة أعلى بكثير مما كان عليه في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، لكن تظل غزة نقلة نوعية كبرى عما سبقها، مما يكشف عن بُعد جديد في تأثير النزاعات العنيفة في المدنيين، سيكون له ما بعده.
أولا– الهدف وأسئلة البحث:
الهدف السؤال المركزي
يهدف هذا المقترح إلي الإجابة عن سؤال مركزي:
كيف يمكن تفسير وفهم “الإبادة الجماعية” (Genocide) في غزة في ضوء البني والهياكل التي أنتجتها وضمنت استمرارها وديمومتها حتي الآن، علي الرغم من أنها تبث علي الهواء مباشرة لمدة عامين؟
وكيف يتم تشكيل وصناعة “القبول” أو “التطبيع” الدولي والعربي لهذه الظاهرة ضمن الأطر الجيوسياسية والاقتصادية والإعلامية والفكرية والتكنولوجية القائمة؟
وهكذا، فإن هذا الجهد البحثي يبتغي تقديم إطار تحليلي “أكثر تفسيرية” لفهم محرقة غزة، التي لا يجب النظر إليها كحدث معزول، بل كنتيجة متجذرة في قوة اقتصادية وسياسية وإدارية وأيديولوجية وتكنولوجية مترابطة، ومتجددة بها.
إن وجود واستمرار هذه البني والهياكل يؤدي إلي التساؤل حول ما إذا كانت الإبادة في غزة تشير إلى مستقبل يتعايش فيه العالم مع القتل الجماعي كجزء لا يتجزأ من الإنسانية المشتركة؟
الأسئلة الرئيسية والفرعية
تتفرع الأسئلة التالية عن السؤال المركزي لتغطية جوانب التحليل والتفسير المختلفة:
الأسئلة الرئيسية
- ما هي الأطر القانونية والتاريخية التي تُستخدم لتأطير ونزع الشرعية عن تعريف الأحداث في غزة كـ “إبادة جماعية”؟
- ما هي المفاهيم النظرية الأكثر ملاءمة لتفسير وتأطير الواقع في غزة؟
الأسئلة الفرعية
- ما هو الدور الذي يلعبه الإعلام الغربي والخوارزميات (Algorithm) والخطابات السياسية -رسمية وغير رسمية- في تجريد الضحايا من إنسانيتهم، مما يسهم في القبول الضمني بالإبادة؟
- كيف تسهم مفاهيم النظرية التي تشرح سوسيولوجيا الموت في تحليل المنظومة السياسية والأمنية والسلطوية التي تدعم هذه الأحداث؟
- كيف يمكن فهم الاقتصاد السياسي للإبادة المتأصل في الاحتلال(Occupation) منذ عام 1967 وتأثيره في استدامة بني “عوالم الموت” (death-worlds) في غزة؟
- كيف تسهم التكنولوجيا في تسهيل الإبادة في غزة؟
- كيف تتفاعل أبعاد التقاطعية(Intersectionality) في تشكيل التضامن العالمي مع غزة؟
ثانيا- الإطار النظري: خارطة مفاهيمية لفهم الإبادة الجماعية والقبول بها في غزة
يتمحور الإطار النظري للمشروع حول دمج ثلاث مجموعات مفاهيمية رئيسية لتوفير عدسة تحليلية قوية:
- سوسيولوجيا الموت والسلطة | السياسة المُميتة (Necropolitics) | تحليل كيف تمارس السلطة السيادة من خلال تقرير من يُسمح له “بالعيش ومن يُترك ليموت” (to make live and to let die)، وكيف يتم إنشاء “عوالم الموت” (death-worlds) في غزة.
- الاقتصاد السياسي للعنف| رأسمالية آكلة البشر (Cannibal Capitalism) وتسليع المعاناة (Commodification of Suffering) | تفسير كيف تُستغل المعاناة والكارثة (في غزة) اقتصاديًا وسياسيًا، وكيف يُدَمَج هذا العنف والاستغلال ضمن النظام الرأسمالي العالمي.
- خطاب الإبادة والقبول | عقيدة الإبادة (The Obliteration Doctrine) و الدولة الحامية (The Garrison State) | تحليل الخطاب الذي يبرر الإجراءات العسكرية التي تجعل المحرقة ضرورة، وتفسير كيف تدعم المنظومة الأمنية الداخلية والخارجية هذه الأجندة، بما في ذلك الدور السلبي للإعلام/الخوارزمية.
يوفر هذا الدمج تحليلاً هيكلياً لكيفية إدارة الموت، وكيفية استغلال المعاناة، وكيفية تبرير هذا العنف وقبوله عالمياً.
أ– سوسيولوجيا الموت والسيادة (Necropolitics)
يركز هذا المحور على تحليل آليات السلطة التي تُنظِّم الحياة والموت بشكل استراتيجي.
- السياسة المُميتة (Necropolitics)
- المفهوم: تم تطويره من قبل آكيلي مبيمبي، ويشير إلى قدرة السلطة على تقرير من يجب أن يُسمح له “بأن يحيا” ومن “يُترك ليموت”. إنه شكل من أشكال السيادة يوجه آلياته ليس نحو الحفاظ على الحياة فحسب، بل نحو تعريض مجموعات معينة للموت المنهجي.
- الاستخدام التحليلي: يُستخدم لتفسير كيف تُدار غزة كفضاء استعماري حيث الحياة مُقيَّدة بشكل جذري. لا يقتصر التحليل على القتل المباشر، بل يشمل التدمير المتعمد والمُمنهج لجميع أشكال البنية التحتية الضرورية للاستمرار البيولوجي والاجتماعي للحياة، مما يفرض وجوداً تحت التهديد المستمر.
- عوالم الموت (Death-worlds)
- المفهوم: يشير إلى المساحات والظروف الاجتماعية والجيوسياسية التي تُصمم خصيصاً لتعريض السكان “للموت البطيء” أو “الوجود الهش”.
- الاستخدام التحليلي: تُعتبر غزة مثالاً صارخاً على “عالم الموت”، حيث يتقاطع الحصار، والانهيار الاقتصادي، والاعتداءات العسكرية لضمان أن يكون العيش نفسه عملاً صعباً ومحفوفاً بالمخاطر، مما يفسر الطبيعة الهيكلية والمستمرة للإبادة.
ب- الاقتصاد السياسي للعنف (Political Economy of Violence)
يبحث هذا المحور في الدور الذي تلعبه الموارد والربح الرأسمالي وتسليع المعاناة ضمن سياق الصراع.
- رأسمالية آكلة البشر (Cannibal Capitalism)
- المفهوم: يشير إلى نموذج متطرف من الرأسمالية المعولمة حيث يعتمد التراكم المادي على “استهلاك” المجتمعات البشرية والموارد البيئية بطريقة تدميرية.
- الاستخدام التحليلي: يهدف إلى فحص كيف تخدم الكارثة في غزة مصالح رأسمالية معينة، وكيف يتم دمج اقتصاد الصراع، بما في ذلك اقتصاد الاحتلال منذ عام 1967، في شبكات الربح العالمية (من إعادة الإعمار إلى تكنولوجيا المراقبة).
- تسليع المعاناة (Commodification of Suffering)
- المفهوم: عملية تحويل معاناة الضحايا وموتهم إلى سلعة إعلامية، سياسية، أو رأسمالية يتم استهلاكها أو استثمارها، مما يزيل وزنها الأخلاقي والسياسي الحقيقي.
- الاستخدام التحليلي: يُستخدم لتفسير كيف يمكن للمجتمعات العالمية أن تستهلك صور وأخبار الأزمة دون تحريك آليات المساءلة، حيث تتحول الأزمة الإنسانية إلى مشهد إعلامي يتم تداوله بدلاً من أن يكون دافعاً للعمل.
ج- خطاب الإبادة/المحو وتكنولوجيا القبول (Discourse & Technology)
يربط هذا المحور بين الاستراتيجيات العسكرية والخطابية وبين التكنولوجيا الإعلامية التي تشكّل الرأي العام وتصنع القبول.
- عقيدة الإبادة (The Obliteration Doctrine)
- المفهوم: إطار عسكري وسياسي يبرر العمليات العسكرية التي تتجاوز حدود التناسب إلى حد “الإزالة” أو “المحو” للمنشآت والبنى التحتية، مما يُؤسس لنمط جديد من الحروب لا يعترف بالفصل بين المقاتلين والمدنيين.
- الاستخدام التحليلي: يفسر الجذور الخطابية للعمليات العسكرية، وكيف يتم تأطير الهدف ليس كـ “هزيمة” عسكرية تقليدية، بل كـ “تدهور” شامل للبنية المقاوِمة، مما يسهّل القبول بالنتائج المدنية الكارثية.
- الدولة الحامية أو دولة الجند والقطائع (The Garrison State)
- المفهوم: أطروحة تحليلية تصف الدولة التي توجه كل إمكاناتها ومواردها نحو أهداف عسكرية وأمنية، حيث تتغلغل المؤسسة العسكرية في كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
- الاستخدام التحليلي: يساعد في فهم المنظومة التي تقود العنف، وكيف يُصبح الأمن والعسكرة هو المبدأ التنظيمي الأعلى الذي يبرر الإجراءات الخارجية ويمدها بالدعم الداخلي الشامل.
- الخوارزمية والتجريد من الإنسانية
- المفهوم: الدور الحاسم للخوارزميات (Algorithm) وتكنولوجيا الإعلام في ترشيح المحتوى، وصناعة الوعي الجمعي، ونشر خطاب نزع الطابع الإنساني (Dehumanization) للضحايا.
- الاستخدام التحليلي: يتم تحليل كيف تساهم المنصات الرقمية وتكنولوجيا الخوارزميات في “التدهور” الأخلاقي والسياسي، وكيف يتم حجب أو تقييد المحتوى الذي يكشف الفظائع، مما يسهّل القبول الضمني بالإبادة.
التركيب والعدسة التكاملية (Intersectionality)
سيستخدم المشروع مفهوم التقاطعية (Intersectionality) لدمج هذه المحاور، مؤكداً أن الإبادة الجماعية في غزة هي نتاج تقاطع:
- آليات السياسة المُميتة التي تدير الحياة والموت.
- آليات الرأسمالية الآكلة للبشر التي تستفيد من الكارثة.
- آليات خطاب المحو والخوارزميات التي تصنع القبول العام.
كما ستسهم التقاطعية في فهم طبيعة الاحتجاج العالمي علي الإبادة ومستقبله.
ثالثا- الغايات العلمية والعملية للمشروع
الغايات العلمية
- تطوير إطار نظري يدمج مفاهيم مثل “السياسة المُميتة” (Necropolitics)، “رأسمالية آكلة البشر” (Cannibal Capitalism)، “عقيدة الإبادة” (The Obliteration Doctrine)، و”تسليع المعاناة” (Commodifica of Suffe N:!M) لتفسير محرقة غزة بشكل يتجاوز الأطر التقليدية.
- إثراء حقل دراسات الإبادة الجماعية عبر تطبيق وتطوير المفاهيم لتفسير أشكال العنف الهيكلي والكامن والقبول المؤسساتي به.
- الكشف عن الآليات الفكرية والإعلامية والخطابية التي تحوّل الفظائع إلى “أمر واقع” مقبول أو مُستوعب دوليًا، خاصة في سياق الإبادة الخوارزمية (algorithm).
الغايات العملية
- توفير أساس للدعوة والمناصرة: تزويد المؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية والمقررين الخاصين (special rapporteurs on opt) بالبيانات والتحليل النظري القوي لتعزيز جهودهم في المساءلة.
- توعية الرأي العام: المساهمة في تفكيك الخطاب السائد وتوفير تحليل نقدي لآليات التغطية الإعلامية التي تساهم في نزع الطابع الإنساني (Dehumanization).
- تطوير مواد مرجعية: إنشاء مرجع بحثي يمكن استخدامه من قبل الباحثين والطلاب والمهتمين في فهم تعقيدات الإبادة.
رابعا- دراسات مقترحة
- من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة:
تُظهر الوقائع في محرقة غزة كيف أن الأنظمة الاقتصادية العالمية، مدفوعةً بمنطق رأسمالي مُتوحش، ومدعومة بقوى سياسية مُتورطة في التعتيم والتواطؤ، تختزل البشر بشكلٍ مُمنهج إلى مجرد سلعٍ قابلة للاستهلاك، أو مُدخلات اقتصادية، أو مجرد مُشاهدين.
وفق هذا المنطق، تدعم الشركات زيادة الحروب من خلال عدة آليات، مدفوعة في المقام الأول بالمصالح المالية، والتأثير السياسي، والترويج للتقنيات العسكرية الجديدة. ويصبح السؤال: كيف تدعم هذه الشركات الحروب الجديدة؟، وكيف تديمها لأطول فترة ممكنة؟
- الإبادة الخوارزمية؛ هكذا تقتلنا شركات التكنولوجيا؟
وفيها ندرس كيف تتم محرقة غزة بالاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة للغاية لتسهيل عملية التدمير، وكيف ننتقل من من “حق القتل” للجندي أو السياسي إلى “حق الخوارزمية في القتل”.
يبرز مع هذا النوع دور التكنولوجيا وخاصة المعلومات، وتطور طبيعة الأسلحة في القرن الحالي وتأثيرها في الإبادة.
والأمر الحاسم هو أن هذه القدرات الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قد تجعل الحرب “أكثر احتمالية وأكثر فتكًا“. الخطر أن تتمكن الأسلحة المستقبلية من اختيار أهدافها دون تدخل بشري، خاصة أن سياسة الجيوش الحالية يحركها المنطق العسكري القائل بأن السرعة في تدمير الأهداف ستكون ذات أهمية قصوى في الحروب عالية التقنية.
- أبرز وأهم سمات وملامح محرقة غزة من خلال قراءة في التقارير الحقوقية التي صدرت من منظمات حقوق الإنسان أو المنظمات الدولية، بالإضافة إلى التحقيقات الاستقصائية لوسائل الإعلام المتنوعة.
- خريطة المجموعات الفاعلة في مناهضة المحرقة، مع رصد لمساحات التقاطعية بين تطلعاتهم وبين تأييد الفلسطينيين.
بالطبع يمكن تخصيص دراسة مستقلة لموقف المجموعات اليهودية التي تساند الفلسطينيين: موقف اليهود المناهضين للإبادة، تحليل ورسم خرائط.
- دراسة لأبرز الشخصيات الفكرية أو الباحثين الغربيين والإسرائيليين المناهضين للمحرقة، مع تتبع تطور مواقفهم، والحجج التي استندوا إليها في بناء هذا الموقف.
- وهناك موضوع حساس، لكن لا يمكن إغفاله، وهي الممارسات الإبادية لحماس في يوم ٧ أكتوبر.
اعترفت حماس بهذا ضمنيا في الوثيقة التي أصدرتها شرحا لعمل الطوفان، كما أن هذا الجهد مفيد للمقاومة المسلحة علي المدي القريب والبعيد، فقد تعلمنا في دراسات تحويل النزاعات ضرورة تدريب المقاتلين في الصراعات علي القانون الدولي الإنساني بقصد احترامه، لأن هذا يكسبهم مزيدا من الشرعية الدولية والإقليمية، ناهيك عن ارتباطه الأساسي بمرجعية حماس الإسلامية.
- الجنوب والتحول من عدالة المنتصر إلي عدالة الضحية: وفيه نتخيل دورا مهما ومتطورا لدول الجنوب في منع الإبادة الجماعية، مسلطًا الضوء على مساهماتها التاريخية ونشاطها المعاصر المتزايد.
السؤال: هل يمكن لدول الجنوب العالمي أن تكون قوة حاسمة ومؤثرة بشكل متزايد في إعادة تشكيل القانون الدولي والحوكمة العالمية لضمان التنفيذ الكامل وغير التمييزي لاتفاقية الإبادة الجماعية، والتحرك نحو نظام يعطي الأولوية للوقاية والعدالة لجميع الضحايا، بدلاً من التأثر بالمصالح الجيوسياسية أو التحيزات التاريخية؟
- لماذا العمي الأخلاقي في إسرائيل؟: في تفسير موقف الجمهور الإسرائيلي من محرقة غزة، وطبيعة المشروع الصهيوني قي طبعته الحالية.
- كيف تتورط في إبادة جماعية؟
تسويغ الإبادة: دراسة في الخطابات العربية الرسمية وغير الرسمية التي أدت إلي القبول الضمني بالإبادة.
يرتبط بهذا ظاهرة أخري وهي كيف يتم “تسليع الإبادة” من خلال دراسة حالة غزة -كما ظهرت في السوشيال ميديا وتغطية بعض محطات الأخبار.
- الاعتبار والاستبصار: أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من محرقة غزة.
وعلي الله قصد السبيل ومنها جائر
الأول من أكتوبر/تشرين أول ٢٠٢٥