العالم العربي والإسلامي بعد 11/ 9: أزمة تحتاج إلى إصلاح

(دراسة في فكر الدبابات الأمريكية)


“نحن نقبل الحق المكتوب في كُتب أهل الباطل”
أبو حامد الغزالي

مقدمة

جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتنهى بحث الولايات المتحدة الأمريكية عن عدو استراتيجي -بعد اختفاء الخطر الأحمر بانهيار الاتحاد السوفيتي- وتجسيده تحت ما سُمي بـ”الإرهاب الإسلامي”، والنظر إلى العناصر التي قامت بالهجمات ليس باعتبارهم مجموعة من الأشخاص يتبنون آراء متطرفة؛ وإنما حركة سياسية عقائدية أصولية لها مناخ عام، وبيئة نشأت بداخلها وتتحرك فيها.
ومنذ تلك اللحظة أصبح الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو ضرورة احتواء هذا الخطر الذي يكمن بالأساس داخل العالم العربي والإسلامي باعتبارهم -من وجهة النظر الأمريكية- مصنعًا للإرهاب والإرهابيين.
فالولايات المتحدة ترى أن هذان العالمان أصبحا معقلاً للعديد من الأخطار التي تهدد مصالحها، سواء كان هذا الخطر ممثلاً في الإرهاب، ووجود أسلحة دمار شامل، وصراعات إقليمية لها أبعاد دولية، وتدهور اقتصادي له انعكاسات عالمية، ووجود أيديولوجيات تسلطية…إلخ. وبما أن الكثير من المصالح الاستراتيجية الأمريكية تقع داخل العالم العربي والإسلامي فقد بات من الضروري تحليلهما لوضع الإستراتيجية المثلى للتعامل معهم.
وقد شهدت المرحلة التي تلت الأحداث بروز دور غير مسبوق لمراكز الفكر الأمريكية، أو ما يسمى بدبابات الفكر think tanks التي عملت بدأب في محاولة منها لتقديم إجابات للعديد من التساؤلات حول ماذا حدث، ولماذا حدث وكيفية التعامل معه؛ حيث بات الهدف الأساسي لمراكز الفكر الأمريكية في هذه المرحلة هو إعادة مراجعة السياسات الخاصة بالعلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي؛ لتوليد أفكار جديدة لتطوير هذه السياسات، تلك الأفكار التي تجسدت بالفعل في شكل مبادرات سياسية؛ مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير.
وبالنظر إلى الدراسات التي كتُبت في هذا السياق من جانب مراكز الفكر الأمريكية؛ نجد أن هناك شبه إجماع حول نقطة أساسية هامة وهي: أن هجمات 11/ 9 بقدر ما تعكس –ظاهريًّا- فكر إرهابيًّا متطرفًا، إلا أن النظرة المعمقة لها تؤكد حقيقة مهمة ألا وهي أن هذه الهجمات ما هي إلا نتاج ما يعانيه العالم العربي والإسلامي من أزمة داخلية عميقة متعددة الأبعاد: اقتصادية، سياسية، اجتماعية، وثقافية.
ومن ثم تحاول هذه الدراسة التعرف على رؤى مراكز الفكر الأمريكية للأزمة التي يعاني منها العالمين العربي والإسلامي، وكيفية التعامل معها؛ ومن ثم تطرح هذه الدراسة مجموعة من الأسئلة البحثية:
1- ما هي -من وجهة نظر مراكز الفكر الأمريكية- أسباب الأزمة الذي يعاني منها العالم العربي والإسلامي؟ ما هي أهم تجليات هذه الأزمة؟ وكيف تؤثر هذه الأزمة على الأمن الأمريكي؟
2- ما هي أهم ملامح رؤى مراكز الفكر لكيفية التعامل مع أزمة العالم العربي والإسلامي؟ وهل تمثل بالفعل رؤى جديدة أم أنها مجرد آليات مستحدثة لرؤى قديمة؟
3- كيف -من وجهة نظر مراكز الفكر الأمريكية- يمكن تحويل الرؤى إلى إستراتيجيات قابلة للتطبيق؟ وما هي أهم العناصر التي ستضمنها؟ وما هي أهم معوقاتها؟
وسوف تحاول الدراسة الإجابة على التساؤلات السابقة، من خلال القراءة في مضمون عدد من الدراسات الهامة التي أفرزتها بعض مراكز الفكر الأمريكية مثل مؤسسة بروكينجز وكارنجي وراند؛ وذلك على امتداد الفترة الزمنية التي تلت أحداث 11/ 9 إلى منتصف عام 2006.

أولاً- مراكز الفكر الأمريكية: طرح الفكر وتشكيل العقول

“الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك”[1]

عبر تطور التاريخ الإنساني لعب ويلعب وسيظل يلعب المفكرون دورًا هامًّا في قيادة وتطوير مجتمعاتهم؛ بحيث أصبح الفكر الآن من أهم عناصر القوة الرخوة للدولة، ويظل هذا العنصر كامنًا potential power حتى يتم تحويله إلى قوة فعلية قادرة على أن تتجلى وتُفرد نفسها لتغيير الواقع.
ولهذا تلعب مراكز الفكر بصفة عامة دورًا هامًا في تحويل عنصر كامن من عناصر قوة الدولة إلى قوة فعلية؛ وذلك من خلال الدور الهام الذي تقوم به لترجمة هذا الفكر إلى خطط وبرامج وسياسات تطبق على أرض الواقع.
وتعد مراكز الفكر الأمريكية من أبرز سمات النظام السياسي الأمريكي، ومن أهم مؤسسات مجتمعه المدني، وتمثل قوة ضغط هائلة سواء على مستوى صانع القرار الأمريكي، أو على مستوى الرأي العام. وتلعب هذه المراكز دورًا أساسيًّا في طرح رؤى وأفكار جديدة، من خلال خبرائها ومُحلليها، والتي يمثل منتجها مُدخلاً أساسيًّا في عملية صنع السياسة الأمريكية سواء الداخلية أو الخارجية.
ويرجع الدور البارز الذي تلعبه مراكز الفكر الأمريكية إلى عاملين أساسيين:
العامل الأول- خاص بطبيعة النظام الأمريكي، والذي يتسم بالطابع اللامركزي؛ مما يتيح لمراكز الفكر الفرصة لكي تلعب وتشارك الفواعل السياسية في صناعة السياسة الأمريكية.
العامل الثاني- خاص بوضع الولايات المتحدة الأمريكية في النظام الدولي وتنامي دورها العالمي؛ مما يتطلب رؤى جديدة للتفاعل[2].
وتلعب هذه المراكز عدة أدوار أساسية داخل النظام السياسي الأمريكي من أهمها:
1- صناعة الفكر: لعل أهم ما تقوم به مراكز الفكر الأمريكية هو عملية “توليد الفكر”، الذي تبنى عليه السياسة الأمريكية، وتقوم بذلك من خلال دراسة كافة المستجدات المحلية والدولية لمعرفة أثرها على المصالح الأمريكية، وتحديد السبل الأفضل لتحقيق تلك المصالح؛ وذلك في محاولة لإمداد صانع القرار بهذه الأفكار، بهدف تغيير رؤيته للعالم وما حوله، وكيفية التعامل معه. هذا الفكر قد يغير رؤية صانع القرار للمصالح القومية الأمريكية، وترتيب الأولويات، ومسارات الحركة… إلخ.
2- الباب الدوار: وهو من أبرز الأدوار التي تنفرد بها مراكز الفكر؛ ويعني إمداد الإدارات الأمريكية المتعاقبة بالخبراء والموظفين من ناحية، وأن تضم في كوادرها صناع القرار الذين تركوا مناصبهم في الإدارة الأمريكية ليصبحوا أعضاء في هذه المركز من ناحية أخرى، وبالتالي الجمع ما بين الخبرة العلمية والعملية.
3- نشر الوعي الثقافي وتنمية الثقافة المدنية لدى المواطنين: وتقوم بهذا الدور من خلال تعريف المواطنين بالعالم من حولهم، في محاولة لتشكيل الرأي العام لدعم رؤى هذه المراكز حول قضايا السياسة الخارجية.
4- ساحة هامة للنقاش والحوار: حيث يتم جمع الخبراء للتشاور والجدال في محاولة لبناء تفاهم مشترك حول البدائل السياسية المختلفة[3].
5- مصدر أساسي للمعلومات: تقوم مراكز الفكر بمد كافة عناصر عملية صنع السياسة الأمريكية (سواء التنفيذية أو التشريعية) بالمعلومات والتحليلات حول القضايا محل الاهتمام[4].
وللقيام بهذه الأدوار تستند مراكز الفكر الأمريكية إلى مجموعة من الأدوات الهامة، ومنها:
1- القيام بأبحاث ودراسات، ونشرها في مجالات وكتب وأوراق بحثية.
2- استخدام الأداة الإعلامية لنشر الأفكار؛ مثل الجرائد أو التلفزيون.
3- إمداد صانع القرار بالدراسات والمعلومات[5].
وتكمن خطورة هذه المراكز في أنها أصبحت من المؤثرات الأساسية على العصب السياسي الأمريكي، وبالذات مع وصول المحافظين الجدد للحكم. وقد وصلت درجة تأثيرها إلى حد القول بأنها أصبحت حكومة الظل الحقيقية داخل النظام الأمريكي. وقد حظرت مجلة الإيكونومست الأمريكية في افتتاحيتها في 15 فبراير 2003 بعنوان “هجمة دبابات الفكر” من خطورة الدور الذي باتت تلعبه هذه المراكز بالقول: “إن النفوذ في بدايته فكرة. في الواقع إن الأفكار المحركة للقرار الأمريكي الآن هو ذلك السيل المتدفق من مؤسسات ومراكز الدراسات الاستراتيجية”[6].

ثانيًا- العالم العربي والإسلامي: بين الاتهام والاهتمام

“أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنودٍ وزمن كنود.. لا ننتفع بما علمنا ولا نسأل عما جهلنا ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا..”
علي بن أبي طالب[7]

شهدت المرحلة التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر زخمًا شديدًا في كم الدراسات التي أصدرتها مراكز الفكر الأمريكية، والتي تناولت العالم العربي والإسلامي بالتفكيك والتحليل. كذلك قامت بعض المراكز بإنشاء برامج متخصصة داخل وحداتها المختلفة، ليصب جل اهتمامه بدراسة تلك المنطقة وقضاياها المختلفة.
فبالنظر إلى الموقع الإلكتروني لمعهد بروكنجز Brooking Institute، وهو من أقدم مراكز الفكر الأمريكية، والذي تأسس عام 1932؛ نجد أنه قام بتدشين ما سُمي بـ”مشروع بروكينجز للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم الإسلامي” وهو مشروع بحثي ضخم، تم إنشاؤه بعد الحادي عشر من سبتمبر، بهدف “الرد على التساؤلات التي طرحتها الهجمات الإرهابية على السياسة الخارجية الأمريكية”[8].
وقد أكد ستروب تالبوت مدير المعهد بأنه “منذ 11/ 9 تم توجيه دراسات المعهد لتركز على طرح أفكار ورؤى جديدة، من شأنها تطوير ومراجعة السياسات الأمريكية تجاه العالم الإسلامي[9].
أما مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية Center for Strategic and International Studies والذي تأسس عام 1962؛ فقد بلور برنامجًا لدراسة الإسلام يهدف إلى تحليل العلاقة بين الإسلام والقوة الاجتماعية والسياسية والثقافية الأخرى، والآثار المترتبة على تلك العلاقة، سواء داخل الدول الإسلامية أو علاقاتها بالخارج[10].
وقد أنشأ معهد المشروع الأمريكي للسياسات العامة American Enterprise Institute (والذي تأسس عام 1943) مشروعًا بحثيًّا سُمي “ديمقراطية العرب”، يهدف إلى تحليل أسباب غياب الديمقراطية في العالم العربي. وينطلق هذا المشروع من مقولة أساسية وهي “أن الإسلام لا يتعارض مع الحرية”[11].
أما مؤسسة راند Rand، والتي تأسست عام 1948؛ فقد قامت بإنشاء “مركز السياسات العامة للشرق الأوسط”، والذي يهتم بدراسة القضايا الملحة التي تنبع داخل الشرق الأوسط، ليتم صياغة برامج تهدف إلى: دعم الإصلاحات السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط، وخلق تفاهم مشترك بين شعوب الشرق الأوسط والشعب الأمريكي، تشجيع طرح الحلول السلمية للصراعات في الشرق الأوسط، صياغة برامج لمساعدة الشباب في الشرق الأوسط. وفى إطار هذا البرنامج تم تحديد أربعة مجالات للدراسة وهي: مساندة نجاح الدولة الفلسطينية، دعم شبكة من المسلمين المعتدلين، تقوية دراسات الإسلام والشرق الأوسط في أمريكا، عملية التحول الديمقراطي في العالم الإسلامي. ويهدف هذا المجال الأخير إلى دراسة الديناميكيات والتحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي في الدول العربية ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة، والتي تعانى من ضعف المؤسسات السياسية، وعلى رأسها مصر والسعودية[12].
وأخيرًا مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي Carnegie endowment for International peace، الذي يلقى برنامجه “الديمقراطية وسيادة القانون” جانبًا كبيرًا من اهتمامه بتحليل العقبات التي تواجه التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، والتحديات التي تواجه الولايات المتحدة في إطار دعمها للديمقراطية في المنطقة[13].
عند الاطلاع على مجموعة من الدراسات التي أفرزتها مراكز الفكر الأمريكية بعد أحداث 9/ 11، والتي تناولت العالم العربي والإسلامي؛ نجدها قد انطلقت معظمها من محاولة الإجابة على تساؤل أساسي وهو: ما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء أحداث 9/ 11؟ فهل أحداث 9/ 11 ما هي إلا مجرد عمل إرهابي أم هي انعكاس لواقع كامن أعمق؟
أجمعت الدراسات على أن أحداث 9/ 11 ما هي إلا نتيجة لأزمة عميقة؛ أزمة تكمن في العالم الذي أفرز هؤلاء الإرهابيين، وهي الأزمة الناتجة عن: فشل دول العالم العربي والإسلامي في التحديث. وهو الفشل الذي مثل الأرض الخصبة لنمو العناصر الإرهابية. وهنا تنطلق الدراسات في تفكيك هذه الأزمة لمعرفة تجلياتها، أسبابها، وكيف كانت السبب وراء أحداث 9/ 11.
فتبدأ الدراسات برصد دلائل هذا الفشل، والذي يتضح على عدة مستويات ومنها:

أ‌. على المستوى السياسي:
معظم النظم السياسية في العالمين العربي والإسلامي -وإن لم تكن كلها- ذات طبيعة تسلطية؛ فهى لم تصل للحكم بطريقة شرعية ولا تمثل شعوبها. وبسبب افتقار هذه النظم للشرعية، مع لجوئها الدائم للقمع الداخلي تتفاقم التوترات داخل مجتمعاتها، ويتنامى الشعور بالتغريب والتهميش. هذا الشعور يُستغل من جانب الجماعات المتطرفة لصالحها لكسب تأييد القاعدة الشعبية لها. وتلجأ هذه النظم للقضاء على الجماعات المتطرفة إلى الأساليب القمعية أو نفيها إلى الخارج، ويمثل ذلك مشكلة كبرى؛ فهذه الجماعات حين تُنفى إلى الخارج توجه عداءها تجاه الغرب بصفة عامة والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص؛ حيث تنظر للولايات المتحدة باعتبارها الحليف والداعم الأساسي لهذه الأنظمة[14].

ب‌. المستوى الاقتصادي:
تعاني معظم الدول العربية والإسلامية من تدهور شديد في أوضاعها الاقتصادية، وهو ما يتضح بالنظر إلى بعض المؤشرات ومنها على سبيل المثال:
· من بين 46 دولة لديها أغلبية مسلمة، فـ17 دولة منهم تصنف باعتبارها الدول الأقل تقدمًاleast developed countries و22 دولة منها تصنف باعتبارها دولاً نامية.
· النسبة التي تشارك بها دول العالم الإسلامي في التجارة العالمية لا تتجاوز 6.86%، وهي نسبة ضئيلة مقارنه بعدد تلك الدول. وتعتمد بالأساس على عدد قليل جدًا من السلع التصديرية، معظمها من قطاع البترول أو القطاع الزراعي وليس سلعًا صناعية أو خدمية.
· معظم الدول الإسلامية تعتمد بشكل أساسي على المعونات الاقتصادية الخارجية، ونتيجة لذلك يعانى شعوب هذه الدول من تدني شديد في أوضاعهم الاقتصادية، وانخفاض مستوى المعيشة؛ مما يزيد من حدة التوترات الداخلية[15].

ج. المستوى الاجتماعي:
تتفشى داخل الدول العربية والإسلامية العديد من المشاكل الاجتماعية ومنها:
· ارتفاع مستوى الأمية[16]، وبالذات لدى السيدات.
· توزيع الدخول غير العادل والمتمركزة في يد الأقلية، أما الأغلبية فتعانى من فقر شديد.
· انخفاض شديد في مؤشرات التقدم التكنولوجي والعلمي [17].
· ارتفاع مستوى البطالة وتفاقمها بسبب احتمالية حدوث ثورة ديمجرافية؛ حيث إن نصف المجتمع تحت سن 20، ومن ثم على المنطقة توليد ما يقرب من 100 مليون فرصة عمل خلال 15 عامًا لاستيعاب هؤلاء[18].
وهنا تنتقل الدراسات من مستوى الرصد إلى مستوى التحليل، في محاولة للتعرف على أسباب فشل تحديث العالمين العربي والإسلامي. وتقسم الدراسات أسبابها من الأوضاع الداخلية لهذه الدول، وأسباب خارجية تتعلق بأوضاع النظام الدولي؛ وذلك على النحو التالي:

أولاً- الأسباب الداخلية:

1. النظام الاقتصادى:
تتسم النظم العربية والإسلامية بالتدخل الشديد للدولة في الحياة الاقتصادية؛ مما مثل عائقًا أمام التحديث؛ مما ترتب عليه إضعاف دور القطاع الخاص نتيجة احتكار الدولة لعملية التنمية وتبنيها لمفاهيم وسياسات اشتراكية تتسم بالجمود وصعوبة الإصلاح. ومن خلال هذه السيطرة تنامت قوة الدولة في مواجهة قوة الشعب، مما يقف ضد مطالبة لمزيد من المشاركة والمساءلة.
2. تضخم المؤسسة العسكرية:
من خصائص هذه النظم وجود مؤسسات عسكرية ضخمة، تتمتع بنفوذ وتأثير كبير على كافة الأصعدة وبالأخص السياسية والاقتصادية. وتعود ضخامة هذه المؤسسة إلى فترة مقاومة الاستعمار، وحركات الاستقلال؛ حيث كان ينظر للمؤسسة العسكرية باعتبارها حامية لحرية الدولة وبنائها. ويضاف إلى ذلك وجود النزاعات الاقليمية والداخلية، والتي تستدعي وجود جيش ضخم وقوي يستطيع فرض سيطرته. هذا الإفراط في حجم وقوة المؤسسات العسكرية عرقل عملية التحديث لعدة أسباب منها:
أ. تم إعادة توجيه موارد الدولة من عملية التنمية الشامله إلى تنمية المؤسسة العسكرية.
ب. وجود تداخل في العلاقات بين العسكريين والفواعل الاقتصادية الداخلية ذات الصلة بالقوة السياسية؛ الأمر الذي يعرقل وجود فواعل اقتصادية مستقلة عن الدولة.
ج. الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية التي يتمتع بها أعضاء المؤسسة العسكرية.
3. تنامي الفوارق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية:
ويتضح ذلك فيما تعانيه المرأة في هذه المجتمعات من ظلم وتهميش للحقوق؛ مما يعني إهدار نصف الطاقة الإنتاجية في المجتمع.

ثانيًا- أسباب خارجية:

1- موروثات الاستعمار:
أ‌. رسمت القوى الاستعمارية حدودًا تعسفية بين دول العالم العربي والإسلامي، لا تنطبق مع التقسيمات العرقية وإلإثنية الموجودة على أرض الواقع؛ الأمر ومن ثم أشعلت الصراعات الإثنية والعرقية سواء داخل الدولة الواحدة، أو بين الدول بعضها وبعض وبروز الحركات الانفصالية؛ الأمر الذي تطلب وجود جيوش كبيرة ونظم مستبدة لقمع هذه الصراعات.
ب‌. استغلت القوى الاستعمارية مستعمراتها اقتصاديًا بما يتوافق مع مصالحها بشكل يبعد كل البعد عن مصلحة المستعمرة؛ وهو ما عرقل عملية تراكم رأس المال الوطني والاستثمارات؛ ومن ثم تدهورت القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
ج‌- وجود مؤسسات عسكرية قوية كرد فعل للحقبة الاستعمارية ووجود نظم تعبوية بدلاً من نظم ديمقراطية شعبية[19].
2- آثار الحرب الباردة:
أ. على نهج الاتحاد السوفيتى تبنت العديد من الدول العربية نماذج اشتراكية للتنمية الاقتصادية؛ مما أدى إلى مزيد من سيطرة الدولة على النشاط الاقتصادي على حساب نمو الطبقة الفقيرة والطبقة الوسطى.
ب- في إطار ديناميكيات الحرب الباردة دعمت القوتين العظمتين العديد من النظم الاستبدادية في المنطقة لتحقيق مكاسب استراتيجية، ولحماية مصالحها.
ج- تدخل القوتين العظمتين أو إشعالهم الصراعات الإقليمية داخل العالم العربي والإسلامي مما أدى إلى تقوية جيوش هذه الدول.
د- استغلال الحركات الاسلامية من جانب المعسكرين، وبالأخص المعسكر الغربي؛ من أجل تحقيق أهدافه السياسية؛ الأمر الذي أسبغ الطابع العسكري على الإسلام. ومن أهم الأمثلة على ذلك استغلال الولايات المتحدة الأمريكية الحركات الإسلامية في أفغانستان لمواجهة المد الشيوعي.
3- مصالح القوى الكبرى:
لم تتوافق عملية تحديث العالم العربي والإسلامي مع المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للقوى الكبرى، فالنظم الاستبدادية -بعكس النظم الديمقراطية- قادرة على حماية مصالحهم في المنطقة. ومن أهم تلك المصالح تأمين مصادر البترول والغاز الطبيعى؛ فأكبر نسبة بترول وغاز طبيعي في العالم تقع داخل دول العالم العربي والإسلامي؛ ومن ثم فإن اعتماد الدول الصناعية الكبرى على تلك الموارد وحاجتها إلى تأمين مصادرها أدى إلى دعمها للنظم الاستبدادية، خوفًا من تأثير التغيرات السياسية/ الاجتماعية داخل تلك المجتمعات على مصالحها.
4- النظم الاقتصادية والتجارية الدولية:
تصطدم خصائص هذه النظم بالضعف الهيكلي للدول العربية، ومن أهم هذه الخصائص: التوزيع غير العادل للقوة الاقتصادية، والقيود التجارية، والقدرة على الحصول على رأس المال؛ الأمر الذي أدى إلى المزيد من التدهور الاقتصادي، وعرقلة جهود التنمية والتحول الديمقراطي.
5- سياسات المؤسسات الدولية:
تتبنى بعض المؤسسات الدولية وبالذات التجارية والاقتصادية منها؛ العديد من السياسات التي تمثل عائقًا كبيرًا أمام تحديث العالم العربي والإسلامي. فعلى سبيل المثال من أهم الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي هي إلغاء الدعم على السلع الأساسية. هنا تجد الدول نفسها أمام أمرين؛ إما أن ترفض ما تمليه المؤسسة؛ ومن ثم عدم الاستفادة منها، أو أن تقبلها لتواجه سخطًا شعبيًّا مما يزيد من التوترات داخل المجتمع؛ الأمر الذي مثل عائقًا آخر أمام التحديث[20].
وتضيف إحدى الدراسات أن فشل الدول العربية والإسلامية في التحديث لا يرجع فقط لأسباب داخلية وخارجية؛ وإنما أيضًا بسبب عدم الوضوح في المفاهيم؛ حيث إن هناك خلط كبير في أذهان العرب والمسلمين بين مصطلح الحداثةmodernism والتحديث أو المعاصرة modernity. فالحداثة هي اقتراب فلسفي للوصول إلى الحقيقة، تقوم بالأساس على المنطق. أما التحديث فيعني التحول الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لأوروبا الذي تلا مرحلة التطور التكنولوجي والعلمي؛ ذلك التطور الناتج عن أسلوب الرشادة في التفكير والمنهج. وقد اقترن هذا التحول باستبدال الدين باعتباره أساس الشرعية السياسية بمصادر أخرى غير دينية؛ مثل الديمقراطية. هذا الخلط ما بين المفهومين أدى إلى رفضهم للتحديث باعتباره الحداثة، والتي ينظر إليها على أنها ضد الدين.
وخلاصة ما سبق تأكدت الدراسات -من خلال رصدها وتحليلها لواقع العالم العربي والإسلامي- من أن:
1- هناك بالفعل أزمة حقيقية، لها جذور عميقة، مركبة، متعددة ومتداخلة الأبعاد؛ فكل بُعد سبب ونتيجة لآخر.
2- تنبع خطورة هذه الأزمة من أنها ليست أزمة داخلية؛ وإنما تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي والمصالح الاستراتيجية الأمريكية.
ثالثًا- التحول نحو الديمقراطية: حل للخروج من الأزمة:
“الإسلام هو الحضارة الرئيسية الوحيدة في العالم التي يمكن الجدال بأنها لديها بعض المشاكل الأساسية مع الحداثة الأمريكية المسيطرة في السياسة الدولية… إن الصراع الحالي ليس ببساطة معركة ضد الإرهاب ولا ضد الإسلام كدين أو حضارة؛ ولكنه صراع ضد العقيدة الإسلامية الأصولية التي تقف ضد الحداثة الغربية”
فرانسيس فوكوياما[21]

توصلت تحليلات مراكز الفكر الأمريكية إلى نقطة أساسية وهي: أن العالم العربي والإسلامي يعانى من أزمة في التحديث؛ ومن ثم لم تعد القوة العسكرية عنصر فعال في مواجهة هذه الأزمة، وبالتالي أصبحت هناك حاجة إلى وضع استراتيجية جديدة لمواجهتها[22].
وبناء عليه طرحت الدراسات تساؤلاً مهمًا: كيف يمكن التعامل مع هذه الأزمة؟ أي ما هو الهدف الذي يجب أن تبنى عليه السياسة الخارجية الأمريكية في التعامل مع أزمة التحديث. هنا نجد أن معظم الدراسات اتفقت على أن دعم عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي هو الأسلوب الفعال لإصلاح أوضاع هذه الدول. فهذا الدعم من وجهة نظر مفكري المراكز سيدفع عجلة التحديث داخل تلك المجتمعات. وتحذر الدراسات من النظر إلى هذه العملية باعتبارها مجموعة من السياسات والبرامج التي تبدأ وتنتهي في مرحلة معينة؛ وإنما هي عملية إصلاح طويلة المدى، قائمة على استراتيجيات متعددة الأبعاد على مختلف المستويات: القومية، والإقليمية والدولية وليس بالنظر إليها باعتبارها قائمة على استراتيجيات متعددة الأبعاد.
وتبدأ الدراسات في طرح مجموعة من الأسئلة، والتي تمثل أجوبتها الأساس الذي ستبنى عليه هذه العملية:
1- ما هي أولوية دعم التحول الديمقراطي في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم العربي والإسلامي؟
2- ما هي المبادئ والأطر التي يجب أن تلتزم بها الولايات المتحدة عند دعمها عملية التحول الديمقراطي؟
3- ما هي أهم العناصر التي يجب أن تقوم عليها هذه العملية الإصلاحية؟
4- من هم القوى الداخلية التي يجب أن يُستهدفوا لتُناط بهم عملية الإصلاح؟
5- ما هي أهم المعوقات التي قد تواجه هذه الاستراتيجية عند التطبيق وكيفية التعامل معها؟
في البداية تؤكد الدراسات أنه حتى أحداث 9/ 11 لم تطرح دعم التحول الديمقراطي كهدف استراتيجي، ولم تحظَ بأولوية في أجندة السياسة الخارجية تجاه العالمين العربي والإسلامي. فحتى أحداث 9/ 11 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج سياسة تجاه الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي بصفة خاصة قائمة على دعم الوضع القائم، وإيجاد بيئة أمنية وسياسية مستقرة بهدف حماية مصالحها في المنطقة. ومن أجل المحافظة عليها تدعم الولايات المتحدة العديد من النظم التسلطية الموجودة بالمنطقة؛ اعتقادًا منها بأن تلك النظم هي الوحيدة القادرة على حماية مصالحها، وعلى رأسها تأمين مصادر البترول.
بدأت جهود الولايات المتحدة لإصلاح العالم العربي والإسلامي منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ولكن جاء تركيزها بالأساس على النمو الاقتصادي، باعتباره العنصر الأساسي لتأمين استقرار المنطقة، وبناء عليه قامت بدعم عملية الإصلاح الاقتصادي.
وقد شهدت بداية التسعينيات طرح قضية الإصلاح السياسي في “الشرق الأوسط” على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية، في إطار سياساتها العالمية لدعم الديمقراطية، والتي سادت في المرحلة التي تلت الحرب الباردة، ومع هذا لم تحظَ بأولوية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة؛ خوفًا من حدوث حالة من عدم استقرار؛ مما سيؤثر بالسلب على المصالح الأمريكية.
وتؤكد إحدى الدراسات على أولوية الإصلاح السياسي؛ حيث يصعب على حكومات الشرق الأوسط اتخاذ إجراءات إصلاحية بدون وجود إصلاح سياسي؛ وذلك لأن من أهم متطلبات النمو الاقتصادي وجود الشفافية، والمساءلة، واللتان تعتبران من أهم مكونات النظم الديمقراطية. ويضاف إلى ذلك أن الفجوة بين النظم والشعوب والتي تعانى منها الدول في الشرق الأوسط؛ تحد من قدرة هذه النظم على التعاون مع الولايات المتحدة في العديد من القضايا التي تمس جوهر المصالح الأمريكية، أو مساندة الجهود الأمريكية في محاربة الإرهاب، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل[23].
فهناك علاقة وثيقة -من وجهة نظر إحدى الدراسات- بين التسلطية والإرهاب، وليس بين الإسلام والإرهاب. وتستدل على ذلك بالحالة الهندية؛ فالهند دولة ذات أغلبية مسلمة إلا أن هناك غيابًا للإرهاب والحركات المتطرفة، ويعود السبب في ذلك إلى أن الهند دولة تتمتع بنظام ديمقراطي حقيقي وفعال؛ مما يحد من الحاجة للجوء إلى العنف ضد الدولة[24].
وفي تقييمها لجهود الولايات المتحدة السابقة في نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط على وجه الخصوص؛ ترى الدراسات أنها لم تتضمن إصلاحات سياسية حقيقية؛ وإنما فقط مساعدات تقنية، مع فتح قنوات للحوار مع الأنظمة التسلطية، بناءً على افتراضها الخاطئ بأن النخب الحاكمة في الشرق الأوسط جادين في بدء الإصلاح، ولكن ينقصهم فقط الخبرة، ولكن ترى احدى الدراسات أن المشكلة ليست مسألة خبرة؛ فالنخب في العالم العربي والإسلامي لا تريد أن تتنازل عن سلطاتها.
ومن ثم ظل التركيز الأكبر على الإصلاح الاقتصادي أملاً في أن النمو الاقتصادي سيؤدي إلى تقوية الطبقة الوسطى والمجتمع المدني داخل تلك الدول؛ مما يمثلان قوى ضغط داخلية للتحول التدريجي نحو الديمقراطية. ولكن مع نهاية العقد بات واضحًا أن الإصلاح الاقتصادي لم يؤدِّ إلى إصلاح سياسي؛ بل على النقيض، فغياب الإصلاح السياسي عرقل عملية الإصلاح الاقتصادي [25].
كما أن جهود الإصلاح الداخلية -والتي بدأت منذ نهاية حرب الخليج الثانية- لم تكن تهدف للتحول إلى نظم دبمقراطيَّة؛ وإنما فقط اتخاذ بعض الإجراءات نحو مزيد من الليبرالية، كرد فعل لبعض الضغوط الاجتماعية والسياسية والاستراتيجية، ولكن تظل هناك خطوط حمراء لا يمكن تعديها مثل: تظل القوة في يد السلطة التنفيذية ممثلة في عدد من الحقوق، منها حق تعيين أعضاء في البرلمان، والقيود على إقامة الأحزاب، وضعف المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية؛ ومن ثم ما يوجد الآن تحت مسمى “النظم التسلطية الليبرالية”[26].
وقد جاءت أحداث 11/ 9 لتتصاعد الجدالات داخل الأوساط الفكرية والسياسية الأمريكية ولتولد حالة من المراجعة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم العربي والإسلامي، القائمة على دعم الوضع القائم من حكم استبدادي على حساب الديمقراطية؛ وذلك لما يتوافق ذلك مع مصالحها في المنطقة، وللتوصل في النهاية إلى أن هذه السياسة هي من الأسباب الرئيسية وراء نمو الإرهاب داخل هذه الدول.
وبناء عليه حثت الدراسات صانع القرار الأمريكى على ضرورة إعادة تقييم استراتيجية الولايات المتحدة القائمة على دعم الوضع القائم، لضمان الاستقرار، وضرورة تبني استراتيجية بديلة قائمة على تغيير الوضع القائم، من خلال نشر الديمقراطية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة بما ستمثله من قوة دفع لعجلة التحديث ومحاربة الإرهاب؛ فإنهاء الحكم التسلطي ومشاركة المجتمع في تحديد مصيره سيقضي على الشعور بالتغريب داخل تلك المجتمعات؛ ومن ثم خفض تأييدها للفكر المتطرف؛ ومن ثم حماية المصالح والأمن الأمريكى على المدى الطويل[27].
وقد أوردت الدراسات مجموعة من المبادئ الرئيسية، التي يجب أن يلتزم بها صانع القرار الأمريكي في إطار دعمه لعملية التحول الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي ومنها:
1- أن عملية التحول الديمقراطي عملية طويلة المدى، ومتعددة الأبعاد.
2- يجب أن تنبع عملية التحول الديمقراطى من الداخل، ويجب عدم فرض أي معادلة أو نموذج للتحول الديمقراطي من الخارج.
3- عدم التعامل مع الحكام فقط وإنما مع الحاكم والمحكوم.
4- رفض مقولة إن الشعوب الإسلامية شعوب لا يمكن أن تتبنى الديمقراطية.
5- لكل دولة في المنطقة طابعها الخاص وتاريخها ومشاكلها وتحدياتها وفرصها، وبالتالي يجب أن تتبنى السياسات التي تناسب كلاًّ منها على حدة، من خلال وضع خطط قومية للإصلاح والتحول الديمقراطي الناتج عن الحوار المفتوح بين الحكومة والمعارضة السياسية، والمجتمع المدني.
6- الانتخابات الحرة لا تعني وجود نظام ديمقراطي.
7- عملية التحول الديمقراطي تقوم على مجتمع متعلم، لديه معلومات، وإعلام مستقل ومسئول[28].
وتنتقل الدراسات بعد ذلك لتحدد الأطر التي يجب أن يلتزم بها صانع السياسة الخارجية الأمريكية عند وضعه لاستراتيجية دعم التحول الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي ومنها:
1) يجب أن تصب عملية التحول الديمقراطي في صلب المصالح القومية الأمريكية طويلة المدى في الشرق الأوسط، وما تتضمنه من حماية الأمن الدولي، والحرب ضد الإرهاب، وتأمين موارد الطاقة وممرات المياه الاستراتيجية. ويعني ذلك أنه في حالة ما إذا كانت نتيجة الانتخابات في إحدى الدول قد تمس بهذه المصالح الأمريكية؛ فعلى الولايات المتحدة إعلاء مصالحها.
2) على الفاعلين السياسيين الذين سيسمح لهم بالمشاركة في عملية التحول أن يتسموا بالتعددية، والديمقراطية وعدم العنف، وعليهم الاعتراف بحقوق الأقلية، وحقوق المرأة، وحق وجود إسرائيل في المنطقة وتأمين حدودها. ويعني هذا إمكانية صعود أحزاب إسلامية للحكم، ولكن فقط في حالة تبنيها الديمقراطية؛ مثل حزب… في تركيا ولا يجب للولايات أن تسمح بوصول حزب إسلامي ينشد العنف وعدم الاعتراف بحقوق الآخرين.
3) عدم التعاون مع النظم التي تحكمها تنظيمات إرهابية؛ مثل حماس، حزب الله، والإخوان المسلمين، حتى وإن وصلوا للحكم بطرق شرعية، وعدم الاعتراف بهم على كافة المستويات، أو تقديم مساعدات اقتصادية مباشرة أو غير مباشرة لهم أو إضفاء أي شكل من أشكال الشرعية الدولية عليهم.
4) مساندة إسرائيل في الإجراءات التي تتخذها للدفاع عن نفسها ضد الإرهاب[29].
وقد تباينت الدراسات فيما بينها حول عناصر الاستراتيجية؛ أي السياسات التي يجب أن تتبعها الولايات المتحدة لتحقيق السياسة المنشودة في العالمين العربي والإسلامي، ويمكن إجمالها فيما يلي:
· في الداخل:-
أ- على المستوى السياسي:
1- ضرورة وضع قيود على السلطات التنفيذية، ليس فقط من خلال تقوية أحزاب المعارضة أو المجتمع المدني؛ ولكن من خلال إدخال إصلاحات دستورية؛ حيث إن معظم الدساتير العربية تضعف من قوة السلطتين التشريعية والقضائية في مواجهة التنفيذية.
2- ضرورة إيجاد سلطة قضائية مستقلة، وليس أداة في يد السلطة التنفيذية؛ للتغطية على ما تقوم به من انتهاكات[30].
3- زيادة الدعم المادي للمجتمع المدني والجماعات التي تنشد التحول الديمقراطي.
4- ممارسة الضغوط الدبلوماسية على قيادات تلك النظم؛ مثل منع الزيارات الرئاسية[31].
5- عدم الضغط من أجل عقد انتخابات حرة مبكرة، حتى يتم إعادة تنظيم القوى الداخلية البديلة.
6- عدم السماح للعسكريين بالخوض في الانتخابات.
ب- على المستوى الاقتصادي والعسكري:
1. استخدام القوة الاقتصادية الأمريكية للضغط على الدول العربية للإصلاح من خلال ربط التعاون الثنائي والمتعدد (مثل الاتفاقيات التجارية، والمعونات الاقتصادية) بمعايير التحول الديمقراطي. ومن الإصلاحات المطلوبة في المجال الاقتصادي: إنهاء نظام دعم السلع الأساسية تدريجيًا، ومنع عمليات الخصخصة التي تتم لصالح أعضاء السلطة التنفيذية[32].
2. تقليص الدور السياسي والاقتصادي للقوات المسلحة.
3. إعادة توجيه الموارد التي كانت تنفق في المجال العسكري إلى مجالات تنموية أخرى.
ج- على المستوى الاجتماعي والثقافي:
1- العمل على تنمية رأس المال البشري، من خلال التركيز على دعم مجالات التعليم، وبالذات التكنولوجي والعلمي.
2- العمل على دفع العملية الإنتاجية؛ وذلك من خلال تحسين مستوى الصحة العامة.
3- دفع عملية النمو الاقتصادي لخلق فرص عمل جديدة، وخفض الفجوة في مستويات الدخول.
4- العمل على وجود أداة إعلامية قوية وحرة[33].
5- وضع برامج تهدف إلى محو الأمية في المجتمعات العربية والإسلامية، والذي سيترتب عليه خلق فرص عمل جديدة؛ نتيجة لبناء المدارس[34].
وقد اختلقت الدراسات فيما بينها حول من هم القوى السياسية البديلة التي يجب أن يُناط بها عملية التحول الديمقراطي. وينقسم الاختلاف إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: يرى أنصاره أن على الولايات المتحدة دعم ما يسمى بـ”المسلمون المعتدلون”؛ وذلك في مواجهة “المسلمون الأصوليون”، وضرورة تأييدهم وترويج رؤيتهم للإسلام، ومنحهم منابر للتعبير عن آرائهم، ويتم ذلك من خلال:
· نشر أفكارهم في كتب وطبعها وبيعها بأسعار زهيدة.
· تشجيع الإسلاميين المعتدلين على الكتابة ومخاطبة الشباب.
· دمج الأفكار المعتدلة في المقررات الدراسية.
وفى نفس الوقت الوقوف ضد الأصوليين الإسلاميين المتطرفين؛ وذلك بإبراز نقاط ضعفهم، والتشكك في مصداقيتهم أمام المجتمع، وإظهار فسادهم وفهمهم الخاطئ للإسلام، وعدم قدرتهم على الحكم والقيادة؛ وذلك من خلال العديد من السبل من أهمها: كشف علاقاتهم بالجماعات المحظورة، وإظهار فشلهم في تنمية مجتمعاتهم[35].
كما يرى أنصار هذا الاتجاه أن الليبراليين العرب يعانون من ضعف وتفكك، ويفتقرون للقاعدة الشعبية؛ ومن ثم فإن استهدافهم أمر مهدر للجهود، فالديمقراطية لن تتحقق إلا إذا أصبح الإسلاميون جزءًا من عملية التحول[36].
الاتجاه الثاني: يرى أنصار هذا الاتجاه ضرورة دعم ما يسمى “الإصلاحيين” أو “التحديثيين”؛ وهم فئة موجودة داخل تلك المجتمعات، ولكن خطابها لا يجذب القاعدة الشعبية. ومن ثم يطالب أنصار هذا الاتجاه بضرورة العمل على إعادة تنظيم هذه الفئة وتجديد خطابها؛ للوصول للقاعدة الشعبية، ومساعدتها لتقديم الخدمات والبرامج الاجتماعية داخل المجتمع، والتي سوف ترفع من شعبيتها، والعمل على حمايتهم من أي ممارسات قمعية من جانب أنظمتهم[37].
· على المستوى الخارجي:
1- ضرورة حل المشاكل الإقليمية، وعلى رأسها الصراع العربى الإسرائيلي، والذي تستغله الأنظمة العربية لتعطيل عملية الإصلاح الداخلية.
2- ضرورة إنجاح تجارب الديمقراطية في أفغانستان والعراق، وإقامة نظام حكم ديمقراطي داخل البلدين؛ وذلك لرفع مصداقية الولايات المتحدة لدى الشعوب العربية.
3- إعطاء إيران أولوية في هذه الاستراتيجية؛ باعتبارها دولة إسلامية تتسم بدرجة من التعددية، مع وجود حركة شعبية ديمقراطية. فلا توجد دولة إسلامية لديها إمكانية لمزيد من التحول الديمقراطي مثل إيران، كذلك لا توجد دولة إسلامية أقرب إلى امتلاك أسلحة دمار شامل مثلها، وبالتالي ضرورة التركيز على دعم مزيد من التحول الديمقراطي في إيران.
4- العمل على إظهار مساوئ حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة مثل مصر والسعودية؛ لعدم الظهور، وكأنها تكيل بمكيالين.
5- ضرورة إيجاد نظام إقليمي أمني.
6- دعم التعاون الاقتصادي الإقليمي.
7- منح الحوافز الدولية للدول التي تتخذ خطوات حقيقية وفعالة نحو الإصلاح[38].
وتحذر الدراسات من مجموعة من الإشكاليات التي قد تواجه صانع القرار الأمريكي عند رسمه لاستراتيجية دعم التحول الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي:
أ. كيفية الموازنة بين ضغط الولايات المتحدة على الأنظمة العربية والإسلامية من أجل المزيد من التحول نحو الديمقراطية، وبين وجود مصالح اقتصادية واستراتيجية حيوية لها في المنطقة، وعلى رأسها تأمين مصادر البترول، والتعاون في الحرب ضد الإرهاب؛ وهي مصالح تتطلب وجود قدر من الاستقرار والتعاون مع الأنظمة الموجودة[39]. وتؤكد إحدى الدراسات على أن الأنظمة العربية سوف تتعاون مع الولايات المتحدة في حال ما إذا شعرت أن ذلك في مصلحتها[40].
ب. إن معظم المحاولات السابقة للولايات المتحدة الأمريكية في دعم الديمقراطية في أمريكا اللاتينية أو أوروبا الشرقية على سبيل المثال؛ كانت تتم في دول تمر بالفعل بتحولات سياسية، وفي هذه الحالة ما كان على الأطراف الخارجية إلا إعطاء الدفعة لهذا التحول. أما في الشرق الأوسط؛ فالوضع مختلف؛ فهي لن تقوم بالدفع، وإنما على الولايات المتحدة المبادرة لخلق واقع جديد. وإن كانت بعض الدول العربية قد سلكت نضجًا تجاه بعض الإصلاحات السياسية، إلا إنها لم تقم بذلك لإيمانها بضرورة الإصلاح؛ وإنما كاستراتيجية دفاعية للتقليل من الضغوط الداخلية والخارجية[41].
ج. كيفية دفع عجلة الديمقراطية، والحيلولة دون وصول الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى الحكم[42]. وهنا تواجه الولايات المتحدة تحديًا وهو كيفية غربلة الإسلاميين لمعرفة من الذي سيتبنى الديمقراطية كهدف، ومن الذي سيتبناها كوسيلة ومن ثم يتم استبعاده[43].
د. كيف ستدعم الولايات المتحدة الأمريكية المجتمع المدني في العالمين العربي والإسلامي؛ ليكون قوة دفع لعملية التحول دون الإضرار به أو بدوره.
هـ. كيف سيتم التعامل مع الفساد المنتشر داخل النظم العربية والإسلامية؛ حيث تحذر إحدى الدراسات بأن الخطر الحقيقي الذي يهدد عملية التحول الديمقراطي ليس الإرهاب، ولكن الفساد المتزايد والمتفشي داخل قيادات تلك النظم، والذي يتزايد بسبب عدم خضوع هذه النظم للمساءلة[44].
6- كيفية التعامل مع ضعف مصداقية الولايات المتحدة لدى شعوب المنطقة. ومن أهم أسباب هذا الضعف: التناقض بين مناداتها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وموقفها في العراق وفلسطين، وسياسة دعمها للنظم القمعية في المنطقة في مقابل تأمين مصالحها في المنطقة، وعلى رأسها تأمين مصادر البترول؛ ومن ثم على الولايات المتحدة الأمريكية العمل على بناء المصداقية؛ وهي عملية طويلة المدى، تحتاج إلى تبني سياسات متسقة وجهود حقيقية لدعم التحول السياسي، وذلك من خلال على سبيل المثال:
· توجيه مجهوداتها نحو إنعاش المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وممارسة الضغوط على إسرائيل.
· عدم استغلال بترول العراق أو السيطرة عليه.
· تخصيص موارد مادية ضخمة لدعم مبادرات الإصلاح في الوطن العربي[45].
7- مشكلة الإنقسام الشديد داخل المجتمع الدولي حول عملية دعم التحول الديمقراطي في العالمين العربي والإسلامي، وكيفية تحقيقه. فعلى نقيض ما تنادي به الولايات المتحدة الآن ترى العديد من الدول الأوروبية أهمية الحفاظ على الوضع القائم، وعدم الضغط للتغيير؛ لما سيسببه من حالة عدم استقرار في المنطقة. فمن مصلحة الدول الأوروبية -وبالذات الجنوبية منها- وجود أنظمة سياسية قوية في منطقة شمال البحر المتوسط لأنها هي الأقدر على حماية أوروبا من خطر مهم يهدد أمنها؛ وهو خطر اللاجئين غير الشرعيين[46].
وأخيرًا يجب الإشارة إلى نقطة مهمة؛ وهي أنه إذا كان الاتجاه الغالب في دراسات مراكز الفكر الأمريكية يؤكد على ضرورة تغيير السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالمين العربي الإسلامي، من دعم الوضع القائم إلى ضرورة العمل على دفع التحول الديمقراطي؛ إلا أن هناك تيار ضعيف ولكنه موجود يرفض ذلك، ويرى أن على الولايات المتحدة

الاستمرار في سياسة دعم الوضع القائم، بل بالعكس عليها العمل على تقوية حلفائها التقليديين، وعدم استبدالهم بقوى سياسية جديدة، مع دفعهم لتطوير بعض الأسس الديمقراطية في الداخل، من خلال إقناعهم بأن فتح الأبواب أمام المشاركة السياسية المحدودة داخل مجتمعتهم يحقق مصلحة جميع الأطراف، حتى وإن أدى ذلك إلى بعض التذمر الداخلى على المدى القصير. فيحذر أنصار هذا الاتجاه من خطر الدفع، والضغط لإحداث تحول راديكالي في المنطقة، مثلما حدث في التسعينيات داخل دول الاتحاد السوفيتي السابق، من ضغط لإجراء انتخابات مبكرة في ظل غياب مجتمع مدني قوي؛ مما أدى إلى زيادة قبضة النظام الاستبدادي[47].

الخلاصة:

كانت هذه الدراسة بمثابة جولة استكشافية داخل عقول المفكرين الأمريكيين في محاولة للتعرف على رؤيتهم لمصير أمتنا، ولن تكون هذه الخاتمة بمثابة خلاصة لاستنتاجات الدراسة؛ فالخلاصة واضحة وهي أن هناك رؤية واضحة تجسدت في شكل استراتيجية كبرى متكاملة متسقة محددة المعالم، وقابلة للتنفيذ؛ لإحداث تغيير داخل العالمين العربي والإسلامي، يتسق مع قيم الحداثة الغربية والمصالح الأمريكية. وإنما سوف تركز الخاتمة على طرح مجموعة من الإشكاليات التي مازالت تدور في ذهن الباحثة، وهي إشكاليات تهُم وتِهم الباحثة في آن واحد:
– أن الأمة الإسلامية هي أمة مريضة بالفعل، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، قد أتت الدراسات لتشخيص واقع الأمة، ولكن ما هو معيار هذا التشخيص؟ هل يختلف التشخيص باختلاف المنظور والمصالح، أم أن الواقع واحد لا جدال عليه؟
– أكدت الدراسات على أن أزمة الأمة تكمن في الشعور الداخلي العميق بالتغريب، وهو الشعور الذي يتغذى عليه الفكر الإرهابي، ولكن هل ستُحِلُّ هذه الرؤية التغرب محل التغريب؟
– لماذا لم تلجأ مراكز الفكر الأمريكية لدراسة الإسلام كمشروع تحديثي للخروج من الأزمة؟
– إلى متى سيظل عالمنا العربي والإسلامي غير مدرك حقيقة التغير في طبيعة القوة، وأهمية عناصر القوة الرخوة وعلى رأسها قوة “الفكر”؟ وإلى متى سيظل عالمنا العربي والإسلامي يعانى من الفوضى الفكرية؟ وهل بالفعل تم اغتيال العقل العربي والإسلامي؟؟
– كيف يمكن أن نستفيد من الدراسات عند نظرنا لواقعنا وحال أمتنا؟
*****

الهوامش:

(1) أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين ج1، القاهرة، مكتبة الإيمان، 1996.
(2) كريم القاضي، مراكز الدراسات المؤثرة على السياسة الخارجية الأمريكية، ملف الأهرام الاستراتيجي، القاهرة، يناير 2001.
[3] Haass Richard, Think tanks and US foreign policy: a policy makers perspective, US foreign policy agenda, 2002, http://usinfo.state.gov/journals/itps/1102/ijpe/pj73haass.htm
[4] Talbot Strobe, The Brookings institution: How a think tank works, US foreign policy agenda, 2002 http://usinfo.state.gov/journals/itps/1102/ijpe/pj73talbott.htm
[5] Abelson Donald, Think tanks and Us foreign policy: A historical view, US foreign policy agenda, 2002, http://usinfo.state.gov/journals/itps/1102/ijpe/pj73abelson.htm
(6) محمد حسنين هيكل، الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق، (القاهرة، دار الشروق، 2004)، ص 272.
(7) صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، القاهرة، دار الحديث، 2002، ص 56.
[8] The Brooking Institute website, http://www.brookings.edu
[9] Talbot Strobe, op-cit.
[10] The Center for Strategic and International Studies website: http://www.csis.org
[11] American Enterprise Institute for Public Policy website, http://www.aei.org
[12] The Rand website, www.rand.org
[13] The Carnegie Endowment for international peace website,www.carnegieendowment.org
[14] Singer PW, The Dilemmas facing US policy towards the Islamic World, Brooking Institute, http://www.brookings.edu/views/paper
[15] Hunter Shireen, Modernization and Democratization in the Muslim World: Obstacles and Remedies, Center for Strategic and International Studies, www.csis.org
[16] Benjamin Orbach and Bjorn Delaney, One key to Arab reform is improved literacy skills, www.washingtoninstitute.org , June 2 2004
[17] Hunter Shireen, ibid.
[18] Takeyh Ray, Close but no democracy, Council on foreign relations, www.cfr.org, Winter 2004/2005.
[19] Hunter Shireen, ibid.
[20] Hunter Shireen, ibid.
(21) محمد عمارة، الغرب والإسلام أين الخطأ وأين الصواب، القاهرة:مكتبة الشروق الدولية، 2002، ص 87-88.
[22] oss Dennis, How to boost Middle East Democracy, www.washingtoninstitute.org/templateC06.php?CID=933, June 4th 2006.
[23] Haas Richard, Towards Greater Democracy in the Muslim World, Center for Strategic and International Studies, Summer 2003
[24]-Haas Richard, ibid.
[25] Dunne Durocher Michele, Integrating democracy promotion into US Middle East Series, Carnegie Endowment for International Peace, www.carnegieendowment.org/pub
[26] Takeyh Ray, op-cit.
[27] Singer PW, op-cit.
[28] Haas Richard, op-cit.
[29] Cohen Ariel, State of the Union 2006: Democracy in the Middle East, The Heritage Foundation, February 1st 2006
[30] Takeyh Ray, op-cit.
[31] Takeyh Ray, op-cit.
[32] Takeyh Ray, op-cit.
[33] Ross Denis, op-cit.
[34] Benjamin Orbach and Bjorn Delaney, op-cit.
[35] Bernard Cheryl, Five Pillars of Democracy: How the west can promote and Islamic reformation, Rand review, Spring 2004
[36] Reuel Marc Gerecht and Robert Satloff, The Democracy Dilemma in the Middle East: Are Islamists the Answer?, www.washingtoninstitute.org/templateC06.php?CID=990
[37] Ross Denis, op-cit.
[38] Hunter Shireen, op-cit.
[39] Carothers Thomas, A better way to support Middle East reform, Carnegie Endowment for International Peace, www.carnegieendowment.org/pub
[40] Dunne Durocher Michel, op-cit.
[41] Carothers Thomas, op-cit.
[42] Singer PW, op-cit.
[43] Coffman Tamara, Promoting Democracy in the Arab World: The Challenge of Joint action, The Brooking Institute, www.brooking.org
[44] Rubin Michael, The Middle East Real Bane: Corruption, The American Enterprise Institute,www.aei.org, November 2005
[45] Ottaway Marina, Promoting democracy in the Middle East: The Problem of US credibility, www.carnegieendowment.org/pub, March 2003
[46] Robert Staloff, Promoting Democracy in the Muslim World: Assessing the Latest Exposition of U.S. Policy www.washingtoninstitute.org/templateC06.php?CID=739
[47] Clawson Patrick, Reversing the Tragedy of weak Arab Development , Washington Institute for Near East policy, www.washingtoninstitute.org/templateC06.php?CID=400, Jan 8, 2006.

نشر في حولية أمتي في العالم، عدد 2007

للتحميل اضغط هنا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى