وثيقة حماس والردود عليها: الدلالة الرئيسية للقضية الفلسطينية

مقدمة

تعرَّضت القضية الفلسطينية على مدار تاريخها الحديث، إلى حالة تأثير وتأثُّر متبادل دومًا، بين أوضاع العالم الاسلامي بصفة عامَّة، والمنطقة العربية منه تحديدًا، لذلك مثَّلت انعطافات ومنحدرات القضية الفلسطينية مادَّة لتحفيز الحراك الشعبي لعموم الأمَّة العربية والإسلامية، وكذلك الحراك الفكري والثقافي الذي حاول تأسيس بناء نظري يربط بين المعوقات التي تعرقل نهضة الأمَّة، وبين تواجد الاحتلال الصهيوني في قلبها، وهو ما ترجم في حالة السخط الشعبي ضدَّ السياسات التي من شأنها أن تحقِّق تطبيعًا مع الصهاينة؛ لذا كانت القضية الفلسطينية عادة في قلب كلِّ الأزمات، وهذا ما جعلها جوهر الحل لأزمات الأمَّة الإسلامية في ذات الوقت، لذا كُتبت المقالات، ونُشرت الكتب والدراسات، التي تؤكِّد أنَّ تحرير الأمَّة العربية من مصائب الاستبداد وكوارث التبعية، تبدأ عند تحرير فلسطين، فأضحت القضية الفلسطينية محور الهم العربي ونقطه توقُّده ومركز تحرُّكاته واحتجاجاته.
ومع ذلك، لم تمثل محورية القضية الفلسطينية في المعادلة العربية والإسلامية نقطة قوَّتها الكبرى، بل لقد كانت في أحيان كثيرة نقطة ضعف ولها عواقب وسلبيَّات عظيمة، تمثَّلت ذروتها في الحرب التي شَنَّهَا الجيش الأردني ضدَّ فصائل المقاومة الفلسطينية عام 1969م، عندما كانت متمركزة في الأردن كنقطة انطلاق للعمليات الاستشهادية ضدَّ العدو الصهيوني، فيما سُمِّيَ بأحداث أيلول الأسود، وهو ما حدث مرة أخرى عندما انتقلت المقاومة إلى لبنان عام 1982م؛ حيث تعرَّضت لذات المصير نتيجة خشية تلك الدول من تعرُّض أمنها القومي للخطر جرَّاء ردِّ الفعل الصهيوني على تحرُّكات المقاومة من هذه المناطق؛ وهو سبب معارضة الشيخ أحمد ياسين لعمليات المقاومة تلك؛ حيث أكَّد في حواره في برنامج “شاهد على عصر الانتفاضة” أن اندلاع المقاومة من مناطق خارجية، سيحقِّق اشتباكًا داخليًّا بين المقاومة وبين جيوش هذه المناطق(1).
ونظرًا لاختلاف رؤية حماس مع فتح حول استراتيجية المقاومة، حيث كانت ترى ضرورة اندلاع المشهد النضالي من الداخل الفلسطيني وليس خارجه، أو حتى المناطق المحيطه به، فقد جاءت انتفاضة الحجارة عام (1987 – 1990م) لتؤكِّد على صمود قضية فلسطين في وجه اتفاقات التطبيع ومعاهدات الاستسلام من جهة، ودخول القضية الفلسطينية مرحلة جديدة بعودة الجهاد من داخل الأراضي المحتلة مجدَّدًا من الجهة الأخرى. ولقد اشتعل العالم الإسلامي والعربي مع الانتفاضة، خاصَّة على مستوى الشعوب، مؤكِّدة على ثبات موقفها من التحرير ودعمها للمقاومة، فأنتجت الانتفاضة حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس)، التي مثَّلت مركز عمليات واتخاذ قرارات الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987م، الأمر الذي سيتَّضح أكثر بعد دخول حركة “فتح” في العمل السياسي، بعد سنوات من النضال المسلَّح، الذي سيحلُّ محلَّه التوجُّه نحو المفاوضات السياسية والمبادرات الدولية، ونبذ آليات المقاومة المسلحة.
وفي محاولة منها لتدارك التجارب المؤلمة التي حدثت في الأردن ولبنان، حاولت “منظمة التحرير” بقيادة ياسر عرفات إحداث توافق بين رؤاها وبين مواقف الدول العربية، فكانت مفاوضات العرب ومن خلفهم منظمة التحرير مع إسرائيل، لاسيما مع زيادة الزخم المحلي والإقليمي حول الانتفاضة والتفاف الداخل والخارج حولها، ومحاولات إسرائيل والدول الداعمة لها الانقضاض على مكاسب الانتفاضة، فقد انتهت تلك المفاوضات بتفاهمات “مدريد” 1991م، التي نتج عنها في الأخير “اتفاق أوسلو” 1993م، وبمقتضاه منحت فلسطين حكمًا ذاتيًّا على المناطق غير المحتلة، تقوده سلطة فلسطينية وطنية تحت الوصاية الدولية اسمًا، والإسرائيلية واقعًا.
لكن انتفاضة الأقصى عام 2000م أظهرت فشل ذلك المسار (التسوية السياسية) وغضب الشعب الفلسطيني من نتائجه. وقد استمرَّت حركة “حماس” في طريق الجهاد المسلح ورفضت الرضوخ لمتطلبات “أوسلو”، فجاءت ذروة جهادها في الانتفاضة الثانية مع استهلال القرن الجديد لتؤكِّد أن خيار المقاومة خيار استراتيجي وليس تكتيكيًّا.
كما ألقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بتداعياتها الخطيرة على المنطقة العربية بصفة عامة، والقضية الفلسطينية بصفة خاصة، فكانت هيمنةُ الولايات المتحدة الأمريكية ورأسِ حربتِها في المنطقة إسرائيل على مسار الأحداث في بلادنا، لاسيما بعد العدوان الأمريكي المتغطرس على العراق عام 2003م(2)، وشعرت إسرائيل بتوافر عوامل تصفية القضية الفلسطينية بالكامل؛ إذ مثَّلت عملية احتلال بغداد ضوءًا أخضر للكيان الصهيوني لتجديد عملياته العدوانية، فاجتاح جنوب لبنان عام 2006م ضدَّ المقاومة اللبنانية، ثم شَنَّ عدوانًا شرسًا على قطاع غزة عام 2008م من أجل القضاء تمامًا على القوة العسكرية لحركة “حماس”.
فقد دخلت القضية الفلسطينية منعطفًا جديدًا ومفصليًّا بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006م، والتي نتج عنها فوز “حماس” بعدما قرَّرت الدخول في المعترك السياسي، وهو ما دفع البعض حينها للقول بأن “حماس” تتَّجه إلى مصير “فتح” من ترك الميدان المسلَّح والتوجُّه إلى عالم المفاوضات بمساراتها السياسية التي لا تنتهي، إلا أن الانقلاب الذي حدث على تلك الانتخابات وسيطرة “حماس” على قطاع غزة، سرعان ما أدخل فلسطين في مرحلة تاريخية صعبة تجلَّت فيها مظاهر الانقسام الفلسطيني بين حركتي “فتح” و”حماس” عام 2007م.
مع تزايد قوَّة “حماس” وصعود نجمها في ريادة المشهد الفلسطيني المقاوَم شعبيًّا على الأقل، استشعرت إسرائيل بخطر ذلك، فاتَّجهت نحو تبنِّي الخيار العنيف الاستئصالي لإزاحة “حماس” من المشهد تمامًا، فكان العدوان الاسرائيلي على حماس (ديسمبر 2008 – يناير 2009) ليتحوَّل بعدها الصراع من العربي-الإسرائيلي، ثم بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ليصل إلى صراع بين حماس/غزة وإسرائيل، شَنَّتْ فيه الأخيرة عدوانًا عسكريًّا، استُخدمت فيه الأسلحة المحرَّمة دوليًّا من أجل إخضاع قطاع غزة لسيطرتها واستئصال الفصيل المقاوِم منها. وبالرغم من الكوارث التي خلَّفها العدوان على القطاع، إلا أن التطوُّر العسكري الذي شهدته فصائل المقاوَمة في الرَّدِّ على العدوان الصهيوني، قد أدَّى لتصدُّرها أكثر من السابق، بل وترسيخ فكرة إمكانية نجاح المقاومة العسكرية الداخلية رغم سياسات الاحتلال القمعية التي أغلقت المجال العام تمامًا أمام أيِّ تحرُّكات.
جاء الربيع العربي بعد حالة من الترهُّل في المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية، أظهرته بوضوح مواقف وردود أفعال العدوان الأخير على غزة، فقد أحيا أحلام التحرُّر والكرامة والعدالة من جديد، فكان الرفض الشعبي والرسمي الشديدان لعدوان غزة عام 2012م، إلا أن هذه الحالة لم تدُم كثيرًا؛ إذ سرعان ما انشغلت الشعوب العربية بقضايا فشل الربيع العربي، وتم تهميش قضية المسجد الأقصى مجدَّدًا.
كما دخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة عام 2013م، وبالتحديد مع سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتراجع أحلام الربيع العربي لحساب هيمنة قوى الثورة المضادة؛ إذ حدث تغيُّر في معادلة القوى الإقليمية مع تراجع بعض الأنظمة لحساب تقدُّم أنظمة أخرى. لقد ألقى تراجع محور (مصر مرسي – قطر – تركيا)، لصالح محور (الإمارات – السعودية – مصر السيسي)، بظلاله على القضية الفلسطينية، وتحديدًا حركة “حماس”؛ فوُضعت “حماس” بين مطرقة تحالف الثورة المضادة وسندان الكيان الصهيوني؛ إذ قام النظام المصري بإحكام الحصار على غزة؛ بغلق حاجز رفح، وإغراق الأنفاق التي كانت تمثِّل منبع الحياة للقطاع بالمياه، كل ذلك بحجة دعم حماس للعمليات الإرهابية في الداخل المصري، كما لم تجد إسرائيل مناسبة أفضل ممَّا تتعرَّض له حركة “حماس” التابعة للإخوان المسلمين، بالتزامن مع الحرب التي يشنُّها محور الثورة المضادة على تيار الإسلام السياسي في المنطقة، فجاء العدوان الإسرائيلي البري على غزة 2014م بهدف تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية وبنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد تلك الفصائل(3)، وقد نتج عنه غلق لكافَّة أنفاق المقاومة الفلسطينية، التي تمثِّل شريان حياة القطاع، والدخول بعمق وصل لألف فدان داخل القطاع حسب بعض الإحصاءات.
على إثر ذلك، حاولت “حماس” البحث عن موضع قدم يحفظ لها دورها في حماية القضية الفلسطينية، في ظلِّ سياق إقليمي ودولي يرفض الإسلام السياسي ويصنِّفه على قوائم الإرهاب، وفي هذا التوقيت، ومن خلال ذلك السياق، يمكن قراءة وثيقة المبادئ والسياسات العامة -والردود التي تعرَّضَتْ لها- التي أصدرتها حركة “حماس” أول مايو 2017 في محاولة منها لتقديم نفسها من جديد في ظلِّ هذا الظرف المحلِّي المتَّسم بالصراع الحادِّ بين الحركة وبين السلطة الفلسطينية من جهة أولى، ورفض الثورة المضادَّة للحركة إقليميًّا من ناحية ثانية، وقدوم ترامب المناصر لكافَّة توجُّهات ورؤى الكيان الصهيوني، وتزايد قوة اليمين القومي والعنصري من جهة ثالثة.
تسعى هذه الورقة إلى قراءة الوثيقة السياسية التي أصدرتها حركة “حماس”، بداية من بحث مضمون الوثيقة، وصولا إلى قراءة الثابت والمتغيِّر فيها مقارنة بما سبقها من ميثاق ومواقف واتجاهات ماضية، في محاولة لاستشراف مصيرها في ضوء التوجُّهات التي أعلنت عنها الوثيقة.
لذا ستبدأ الورقة بالحديث عن السياق الداخلي والخارجي الذي رأت فيه الوثيقة النور، ثم قراءة الوثيقة قراءة موضوعية وتاريخية، وكذا البحث في طبيعة الجدل الذي دار حول الوثيقة، في ضوء المواقف والاتجاهات التي قُرئت بها الوثيقة، وأخيرًا استشراف اتجاهات واستراتيجيات “حماس” المستقبلية في ضوء مبادئ ونصوص الوثيقة.

أولًا- الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني

بدايةً، يعود جذور هذا الصراع للانتفاضة الأولى عام 1987م؛ إذ “لم يكن بين الفصائل الفلسطينية، قبل ظهور “حماس”، ثمَّة خلافات أيديولوجية حقيقية، وإنما كانت عناوين لتبرير القبليات الجديدة التي ظهرت في الساحة. “فتح” مثلًا كانت تجمُّعًا لكل الأفكار السائدة؛ ففيها اليمين، وفيها اليسار.. فكانت تجمُّعًا وطنيًّا غير مهتمٍّ بمسألة الأيديولوجيات ويعدُّها كلامًا فارغًا”(4). وقد مثَّل ظهور “حماس” على السَّاحة بخطابها المقاوم الحادِّ مقدِّمة لبروز الخلافات بين رؤى وبرامج حلِّ القضية الفلسطينية، لاسيما بعد إعلان “حماس” رفضها لمخرجات “أوسلو” 1993م، وتعاملها مع ما أسمته “فتح” بمساومات سياسية بأنه تنازلات عن حقوق الشعب الفلسطيني، لا يملك أحدٌ التفريط فيها تحت أي حجة. “وفي عام 1994 ومع قيام السلطة الفلسطينية وتسلُّمها غزة وأريحا وباقي المدن الفلسطينية في فترة لاحقة، زاد الشرخ تعمُّقًا بتنفيذ السلطة حملات اعتقالات واسعة تركَّزت على قيادات حركة “حماس” وعناصرها وجهازها العسكري بعد كلِّ عملية ضدَّ الاحتلال”(5).
علاوة على ما تقدَّم، فقد أسهم إخفاق الانتفاضة الثانية 2000م في تحقيق أهدافها، في تفاقم حدَّة التفكُّك في اللحمة الفلسطينية، لاسيما مع تزايد تآكل شرعية النظام السياسي وفي مقدِّمته مؤسَّسة الرئاسة الفلسطينية. ومع تصاعد الاستقطاب الداخلي، مثَّلت الانتخابات التشريعية عام 2006م فرصة تاريخية لترميم بنيان الفصائل الفلسطينية، وتوحيد الحدِّ الأدنى من الاستراتيجية الوطنية لتحرير فلسطين، إلا أن إعلان محمد دحلان مؤسس جهاز الأمن الوقائي في غزة(6)، رفضه مشاركة “فتح” في الحكومة مع “حماس”، مصرِّحًا بأنه من العار على “فتح” مشاركة السلطة مع “حماس”، أدَّى إلى أن شكَّلت “حماس” الحكومة برئاسة إسماعيل هنية في غياب “فتح”.
“ونظرًا لرفض الأجهزة الأمنية التعاطي مع الحكومة الجديدة، شكَّل وزير الداخلية آنذاك الشهيد سعيد صيام قوة مساندة تعرف بـ”القوة التنفيذية”، لكن حركة “فتح” شَنَّتْ عليها حملة واسعة وصلت لحدِّ الاصطدام مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وذلك بالتزامن مع حملة اغتيالات في غزة واعتقالات إسرائيلية للنواب في الضفة”(7). انفجرت الأمور على إثر ذلك، ودخلت الأمور مرحلة الاحتراب الأهلي، وقضى فيها العشرات من الفلسطينيِّين في الضفة وغزة نحبَهم، ورغم بعض محاولات رأب الصَّدع، مثل “وثيقة الأسرى” من قيادات الحركتيْن، وما تلاها من “اتفاق مكة” الذي رعاه العاهل السعودي الملك عبد الله في محاولة لتجاوز حالة الاحتراب الداخلي، “ولكن، وبعد اتفاق مكة بأسابيع قليلة، تجدَّدت الاشتباكات بين مسلَّحي “فتح” و”حماس”؛ وهو ما انتهى بسيطرة “حماس” على قطاع غزة، ليتحوَّلَ الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي يوم 14 يونيو 2007″(8)، والذي نتج عنه ميلاد سلطتين وتفكُّك فلسطين إلى أشبه ما يكون بدولتين: دولة الضفة، ودولة غزة.
وفي الواقع، كان الفشل نهاية منطقية لكافَّة محاولات رأب الصَّدع؛ لأنها لم تقم بمعالجة فعليَّة لنقاط الخلاف الجوهرية بين رؤيتي “حماس” و”فتح”، ما يبرِّر ما طُرح من شروط في وثيقة حماس لإتمام المصالحة الوطنية، حتى لا تدور في دائرة مفرغة من المحاولات الفاشلة للتصالح.
وبالرغم من تمنِّي البعض بأن تكون “وثيقة حماس” الأخيرة فرصة لتجاوز محنة الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني، من خلال تراجُع الحركة عن بعض مقولاتها بخصوص منظمة التحرير الفلسطينية، ورغم تغيُّر الخطاب الحمساوي نوعًا ما بخصوص درجة الحدَّة التي كان يتعامل فيها مع المنظَّمة، إلا أن الوثيقة تعاملت مع هذا الصراع بأسلوب مكاشفة واضح للعيان، بأن “حماس” لا ترغب بأن تكون بديلا عن منظمة التحرير، أو تحلَّ محل حركة “فتح”، ولكن كل ما في الامر أنها تحتاج إلى إعادة هيكلتها من جهة، وأن تكون جزءًا من المشهد الفلسطيني الذي تتصدَّره “فتح” ولا ترغب في إشراك أحدٍ معها -على حد رؤية حماس- ولذلك “ستعزِّز الوثيقة إشكالية “حماس” مع “منظمة التحرير”؛ فمن جانب، لم تعترف الوثيقة بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؛ حيث قالت الوثيقة بشكل واضح: إن “المنظمة” هي إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه بل وإصلاحه وإعادة بنائه على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة جميع القوى الفلسطينية، مع تأكيد بـ”ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية”. ومن جانب آخر، أكَّدت الوثيقة أن المشاركة في المؤسسات الوطنية تكون وفق برنامج يستند إلى استراتيجية التمسُّك بـ”الحقوق والمقاومة” دون الإشارة إلى أشكال المقاومة التي يمكن التوافق عليها، ما يعني ضمنًا أن المشاركة إذا حصلت فستكون أقرب إلى رؤية “حماس” منها إلى رؤية “فتح” التي تقود “منظمة التحرير” في الوقت الحالي”(9)؛ لذا فمن المتوقَّع استمرار حالة الانقسام الفلسطيني على المدى القريب والمتوسط.

ثانيًا- السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس

رغم حجم الضغوط والتعقيدات التي تتعرَّض لها الحركة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، استطاعت حركة “حماس” تنظيم انتخاباتها الداخلية؛ وهو ما يمثِّل مستوى درجة النُّضج والتطوُّر الذي أضحت تتمتَّع بهما الحركة.
كما شهدت نتائج الانتخابات الأخيرة التي عقدتها حركة “حماس”، موجة من الانتقادات والسخط الكبير في جانب منها، ومدح وتبشير في الجانب الآخر. فقد تعرَّضت النتائج التي جاءت بيحيى السنوار، رئيسًا للمكتب السياسي لحماس، لحالة من الاستهجان تمثَّلت ذروتها في التصريحات الإسرائيلية المندِّدة بقدومه، كما انتقد آخرون قدوم شخصية ذات خلفية عسكرية لإدارة القطاع في الوقت الذي يسعى فيه البعض لإدامة التهدئة بين “حماس” والحكومة الصهيونية، لاسيما مع تفاقم أوضاع المنطقة العربية بصفة عامَّة، وقطاع غزة بصفة خاصة، حيث سيتفاقم الوضع أكثر في حالة تحوُّل “حماس” نحو عسكرة القطاع من أجل الرَّدِّ على الاستفزازات الصهيونية، خاصَّة بعد تعرُّض القطاع لاستنزاف كبير في الحرب الأخيرة عام 2014؛ إذ نتج عنها “مقتل 1742 فلسطينيًّا: 81% منهم من المدنيِّين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة و64 لم يتمَّ التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، ومقتل 340 مقاومًا فلسطينيًّا، وجرح 8710 من مواطني القطاع. كما قُتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيِّين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف. ودَمَّرَ القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئيًّا، وكنيسة واحدة جزئيًّا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقدَ نحو مئة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلًا، وأصبحوا بلا مأوى”(10)، إلى جانب تعرُّض جزء كبير من البنية التحتية العسكرية لفصائل المقاومة لتدمير كبير؛ لذا سيصعب معها الدخول في حرب جديدة تسعى لها إسرائيل، التي قامت باغتيال القيادي الحمساوي مازن فقهاء؛ لجرِّ “حماس” لاتِّخاذ قرارات متسرِّعة تقوم إسرائيل بتسويغها لاستئصال “حماس” تمامًا.
على الجانب الآخر، هَلَّلَ كثيرون بنجاح السنوار في تولِّي رئاسة المكتب السياسي؛ نظرًا لحاجة “حماس” إلى إعادة هيكلة الجناح العسكري الذي أنهكه العدوان الإسرائيلي الأخير. لذا يأتي دور السنوار في إعادة ترميم ما هُدم من البنيان، وأحُرق من الكيان، لاسيما أن السنوار “يُعَدُّ من بين القيادات المؤسِّسة لـ”كتائب عز الدين القسام”، والمسؤول الأول عن تأسيس جهازها الأمني “المجد”، مع كل من محمد الضيف وصلاح شحادة وآخرين عام 1985م، وهو الجهاز المسؤول عن مكافحة العملاء من الفلسطينيِّين المتعاونين مع إسرائيل. كما أنه فور الإفراج عنه في إطار “اتفاق تبادل الأسرى” بين “حماس” وإسرائيل عام 2011م الذي عُرف بـ”صفقة شاليط”، تم تعيين السنوار مستشارًا لهنية، وأصبح من أبرز قيادات الحركة في غزة وأحد أعضاء مكتبها السياسي إلى جانب صديقه في الأسر روحي مشتهى -وبات للرجلين دور كبير داخل مؤسَّسات الحركة- وأصبح السنوار ممثِّلًا لكتائب القسام داخل المكتب السياسي لحماس، ما جعله المنسِّق الأول بين القيادتين العسكرية والسياسية”(11).
يأتي السنوار الذي يتمتَّع بعلاقات جيِّدة مع الجانب الإيراني، في وقت مليء بالغيوم والتعقيدات، وتصاعد الصراع الطائفي في المنطقة العربية مع الجمهورية الإيرانية، إلا أن الجدل حول هذا الأمر لم يَدُمْ كثيرًا، بعد قيام “حماس” بإصدار وثيقتها السياسية التي أخذت الأضواء كافَّة تتَّجه إليها.
يبقى التساؤل الذي ستحاول الورقة أن تقدِّم له بعض الإجابات حول ماهيَّة الحركة بعد تجربتها العسكرية والسياسية، إذ أعلنت “حماس” أن وثيقتها، نتاج للاشتباك مع الواقع المعاصر وقراءة لموقعها في ضوء المعادلة الداخلية والخارجية وموقع القضية الفلسطينية منهما.
أشارت بعض القراءات إلى فكرة دخول “حماس” في مرحلة تأسيس جديدة، تحاول من خلالها تدارك أخطائها السابقة، التي أدَّتْ في النهاية إلى تصنيفها على قوائم الإرهاب، ولكن إلى أيِّ مدى يمكن أن تستطيع “حماس” فعل ذلك، دون أن تتعرَّض لمرحلة تحوُّل استراتيجي في رؤيتها ومنظومتها وخطابها وممارساتها؛ وهو الأمر الذي ربما يُظهر عكس ذلك من جهة مناهضة، فقد تشير إلى محاولات “حماس” الجمع بين المتناقضات التي تمكِّنها من تجاوز هذه المرحلة الحرجة، واللعب في مساحات التباين بين الخصوم، ممَّا يمكِّنها من تقوية علاقاتها العربية في جانب، دون التخلِّي عن حليفها الإيراني في الجانب الآخر، وهو ما يظهر في رأي أنصار الحركة الذين يعتقدون أن القراءة الجيِّدة التي تتمتَّع بها “حماس” ستمكِّن قادتها ومؤسساتها، من تجنُّب مصير الاستبدال.

ثالثًا- بين الوثيقة والسياق

تتعرَّض القضية الفلسطينية لخطر كبير متمثِّل في المحاولات الحثيثة لتصفيتها، باعتبارها أيقونة لأزمات المنطقة، مع تراجع سقف المطالب العربية الرسمية تجاه هيمنة المشروع الصهيوني، وتضاؤل الاهتمام الشعبي بها، بعد أن تصدَّرت الهمَّ العربي والإسلامي على مدى عقود مضتْ منذ بدأ شعور المسلمين بأن المسجد الأقصى في خطر عندما أطلق بلفور غير المالك وعدَه للصهيونية التي لا تستحق، بالعمل على تأسيس وطن قومي لهم على أرض فلسطين عام 1917م.
تأتي الوثيقة السياسية الجديدة لحماس، في محاولة منها لمواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية من ناحية، والعمل من ناحية أخرى على الحفاظ على تنظيمها ومؤسَّساتها السياسية والعسكرية فى وقت تتعرَّض فيه تيارات الإسلام السياسي لمرحلة استئصال تستهدف تصفية جيوبها التنظيمية، والعمل على تفريغ وتفكيك خطاباتها ومقولاتها الأيديولوجية، بل حتى مبادئها العامة، وبالتحديد بعد سقوط جماعة الإخوان فى مصر عام 2013م.
لقد تعرَّضَتْ “حماس” لمجموعة من التحديات، بدأت مع تعرُّض ما يُسَمَّى بـ”محور الممانعة” المساند لها لسقوط مدوٍّ لكافَّة مقولاته بعد اندلاع الثورة السورية، وفقدان حليف قوي متمثل في النظام الإيراني بعد مشاركته في إبادة الشعب السوري، حيث حاولت “حماس” استبداله بالنظام المصري الذي شكَّله الرئيس مرسي، إلا أنها وُضعت في موقف مفصلي بعد سقوطه السريع وقدوم نظام عسكري في مصر يرفض كافَّة تنظيمات الجماعة الأم وهي ضمنهم، ويتَّهمها بممارسة عمليات إرهابية على أراضيه من جهة، بجانب حكومة إسرائيلية يمينيَّة متطرِّفة ترى أن الوقت قد حان للقضاء تمامًا على “حماس”، مع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية من جهة ثانية، وتماهي المقولات الإسرائيلية مع مقولات بعض الدول الخليجية التي أضحت تنادي بالتطبيع وترى فيه الضرورة الأهم في الوقت الحالي، وتشكيل ما يُسَمَّى بالتحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط الذي ستغيب عنه الهُوية العربية لصالح هيمنة تحالف التطبيع مع إسرائيل، بهدف مواجهة “الإرهاب الراديكالي والإيراني” الذي تمَّ تصنيف “حماس” باعتبارها أحد مكوناته، كما أعلن ذلك ترامب من الرياض من جهة ثالثة(12).
لقد وجدت الحركة أن القضية الفلسطينية، بين مجموعة كبيرة من التحديات العظمى على السياقين الداخلي والخارجي، القادرة على استئصالها تمامًا، لذا حاولت أن تتَّبع مجموعة من التكتيكات المرحلية التي من شأنها أن تهدِّئ من حدَّة الهجوم عليها، فكان العمل على مجموعة من المحاور التي توَّجَتْها بالوثيقة؛ إذ حاولت من خلالها تقليل خصومها المحليِّين والخارجيِّين، فبدأت بالتفاهمات مع القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان والذي ستتمكَّن من خلاله -بالإضافة إلى الأهداف الداخلية- من تهدئة الوضع الإقليمي ضدها، لاسيما مع تمتُّع دحلان بعلاقات إقليمية ودولية قوية، في مقدِّمتها علاقته مع الإمارات (محمد بن زايد – ولي عهد أبو ظبي)، وهو ما نتج عنه حدوث تهدئة مع الجانب المصري بالتبعية.
تُوِّجَتْ محاولات “حماس” في احتواء التحديات بالوثيقة، التي حاولت من خلالها تقديم صورة ذهنية جديدة عنها للنظام الدولي، وكذا تحويل الضغط عنها إلى الفصائل الفلسطينيَّة الأخرى، التابعة لأطراف إقليمية ودولية عديدة، وإلقاء حجر في مياه الرفض الراكدة لحماس.
داخليًّا، يُعاني القطاع الواقع تحت سيطرة “حماس”، من جملة من الأزمات الاقتصادية والمعيشيَّة والاجتماعيَّة الحادَّة وانقطاع شبه دائم للكهرباء، بالإضافة إلى العديد من الأزمات الصحية التي يعاني منها سكان القطاع نتيجة لطول الحصار، وهو ما دفع “حماس” لمحاولة إحداث توافق وطني مع الفصائل الفلسطينية، يمكِّنها من تفريغ هذا الغضب المشتعل بنفوس قاطني القطاع، الذين يرون أنهم لا ناقة لهم في هذه الحالة ولا جمل؛ في الخلاف القائم بين “حماس” و”فتح” لاسيما بعد تحوُّل غزة لمكان غير صالح للحياة.
تنوَّعت الرؤى والآراء التي اشتبكت مع “وثيقة حماس”، فبينما رآها البعض مناورة سياسية تظهر تلاعبًا بالخطاب أكثر من كونها تحوُّلًا استراتيجيًّا للحركة، خاصَّة مع وجود نصوص كثيرة تؤكِّد على استمرار ثوابت “حماس” الكليَّة، كان هناك اتجاه ثانٍ رأى أن الحركة تطوَّرت بالفعل نتيجة النُّضج والاستفادة من الخبرات التاريخية وتراكم تجارب فلسطين السياسية والعسكرية؛ إذ يؤكِّد هذا الاتِّجاه على تأثُّر “حماس” بالضغوطات الإقليمية والدولية ورضوخها لكثير من شروطه، غير أنه لا يؤكِّد حتميَّة انهيار المشروع المقاوِم لحماس، ولكنه يرى أن الحركة تمرُّ بمرحلة جَزْرٍ شديد ناتج عن السياق الخارجي لها؛ ولذا فهي -أي حماس- تحتاج إلى قراءة متأنية رشيدة للواقعين الداخلي والخارجي، وتحسُّس طريقها جيِّدًا حتى لا تتحوَّل لفتح جديدة.
وهناك اتجاه ثالث، يرى أن الحركة تمرُّ بمرحلة تأسيس جديدة بمشروع سياسي مغاير، ذي منطلقات جديدة متمثلة فى القبول بحلِّ الدولتين، والدخول فى مصالحة وطنية شاملة مع السلطة الفلسطينية تخضع فيها “حماس” لشروط الأخيرة، ومطالب الرعاة الإقليميِّين والدوليِّين.
تعتقد هذه الورقة أن “حماس” تعرَّضت لتطوُّر وتغيُّر فعليٍّ بدرجة ما، متمثِّل فى محاولة التأقلُم مع الوضع الدولى والإقليمي الجديد، غير أن عنصر المناورة لم يغِب عن نصوص هذه الوثيقة، خاصة مع استحالة الوصول إلى فكرة حلِّ الدولتين، وفقًا للواقع الجديد الذى فرضَتْه سلطة الاحتلال على أرض فلسطين، وهو الأمر الذى يدفع أكثر باتِّجاه هيمنة فكرة المناورة على توقيت ونصوص الوثيقة، حيث ظهرت “حماس” تقول -من خلال الوثيقة- للغرب أو للمجتمع الدولي، إنها فاعل سياسي مرن ومنفتح وليس عدميًّا؛ وبالتالي يمكن التواصل معها وطرح مبادرات عليها. هذا المعنى يغذِّيه لقاء مشعل مع قناة سي إن إن الذي قال فيه إن على الغرب “التقاط الفرصة” وإن إدارة ترامب “جريئة” ويمكن أن تقدِّم شيئًا للقضية الفلسطينية. وأكثر من ذلك، فإن قبول “حماس” لـ”دولة على أراضي 1967″ (بهذا النص والصياغة) يعني في المخيال السياسي الغربي وأدبيات السياسة الدولية أنها تقبل “حلَّ الدولتيْن”(13). ولذا هناك تحوُّل بالفعل، وهو نتاج للخبرة والضغط، ولكنه ليس تحوُّلًا استراتيجيًّا حتى الآن.

رابعًا- قراءة في مبادئ ونصوص الوثيقة: الثابت والجديد فيها

بدأت “حماس” رحلة تعريف نفسها من خلال “الميثاق” الذي أصدرته الحركة عام 1988م، والذي مثَّل برنامجها ورؤيتها للقضية الفلسطينية. وبسؤال رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل، عن الاختلافات بين الميثاق القديم والوثيقة الجديدة، أكد أنه لا تغيير في الثوابت، ولا انحراف عن الاستراتيجية، وأن الميثاق جاء في ظل واقع سابق، وأن الوثيقة جاءت لكي تلبي احتياجات المرحلة الراهنة والوقائع المتغيرة. فما هو الثابت الذي استمر؟ وما هو التطوُّر الذي تغيَّر لتلبية الوقت المعاصر؟ كما هي عادة الوثائق الرسمية، التي توضَع من أجل توضيح الرؤية وترسيخ الاستراتيجية، وتأكيد ثبات الغايات ورسم السُّبُل والوسائل لأجل تحقيق المآلات.
فقد جاءت وثيقة المبادىء والسياسات العامة لحماس، لكي توضِّح برنامجها السياسي ومشروعها التحريري بما لا يضع مجالًا للتساؤل حول تفسير اتجاهاتها ومساراتها. جاءت الوثيقة(14) في اثنتين وأربعين مادة، حاولت الإلمام بشتَّى محاور القضية الفلسطينية، من منظور الحركة، إذْ بدأت بالحديث عن نفسها، فعرَّفت هُويَّتها، بأنها “حركة تحرُّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها مواجهة المشروع الصهيوني، من منطلقات ورؤية وسُبل إسلامية”، ثم دخلت في المحور الثاني، وهو خريطة فلسطين، وحدودها، إذ أكَّدت على التمسُّك بتحرير الأرض الفلسطينية كاملةً، التي تمتدُّ من نهر الأردن شرقًا، إلى البحر المتوسط غربًا، ومن رأس الناقورة شمالًا، إلى أم الرشراش جنوبًا، وهى -حسب رؤية الحركة- وحدة إقليمية واحدة غير قابلة للتجزئة، ورافضة لأيِّ وجود استيطاني صهيوني، يستمدُّ شرعيَّته من قوَّة الأمر الواقع المفروض بالسلاح. وتؤكِّد الوثيقة على حقِّ الشعب الفلسطيني بكافَّة انتماءاته وطوائفه وأديانه، في استرداد هذه الارض كاملة، باستخدام شتَّى الأساليب المشروعة التي قرَّرَتْها المواثيقُ الدوليةُ والقيمُ الإنسانيةُ العادلةُ من أجل تمكين هذا الشعب من تقرير مصيره، باعتباره شعبًا محتلًّا تعرَّضَ لشتَّى أنواع الظلم والاضطهاد(15).
تحدَّثت الوثيقة عن رؤية الحركة للقضايا الفلسطينية التاريخية، التي تعكس استراتيجيتها الثابتة؛ حيث ذكرت العلاقة التي تربط الإسلام بفلسطين: النبوات والنبوءات، مهد المسيح عليه السلام، ومسرى ومعراج النبي صلى الله عليه وسلم، وأكَّدَت على استمرار تبني الحركة للإسلام كرؤية ومنهج لتحرير أرض فلسطين، مؤكدة على قيم الإسلام الكبرى، في إحقاق الحق، ونشر العدل، ومقاومة الظلم. وأمَّا عن علاقة الحركة بتنظيم الإخوان المسلمين، الذي أعلنت الحركة في ميثاقها السابق عن تبعيَّتها له في فلسطين؛ حيث قالت في ميثاقها قديمًا: “حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وتمتاز بالفهم العميق والتصوُّر الدقيق والشمولية التامَّة لكلِّ المفاهيم الإسلامية في شتَّى مجالات الحياة؛ في التصوُّر والاعتقاد، في السياسة والاقتصاد، في التربية والاجتماع، في القضاء والحكم، في الدعوة والتعليم، في الفن والإعلام، في الغيب والشهادة، وفي باقي مجالات الحياة”. ولكن -ربما- نظرًا، لما يتعرَّض له التيار الإسلامي السياسي بصفة عامَّة، وجماعة الإخوان تحديدًا، فقد فضَّلت الحركة عدم الزَّجِّ باسمها مجدَّدًا باعتبارها جناحًا للإخوان، لاسيما بعد تدهور الأوضاع بينها وبين القاهرة، بعدما أعلنت “حماس” رفض مخرجات مشهد الثالث من يوليو 2013، وكذا تصريح خالد مشعل عن تبعيَّة الحركة للمدرسة الإخوانية في فهمها للإسلام في رؤيته الشمولية، وتبعيَّة القرار داخل “حماس” للمؤسَّسات القياديَّة، ربما يُظهر رغبة الحركة في الانفصال ولو بصورة شكلية عن الجماعة، كتكتيك مرحلي، يراعي اختلاف توازنات القوى حاليًّا عمَّا سبقها في 2012م. وقد يكون هذا القرار بناءً على رؤية استشرافية من الحركة لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين في ظلِّ الأوضاع الحالية واحتمالية تعرُّضها للاستئصال الكامل، لاسيما بعد تفاقم حِدَّة الصراع الداخلي بين قياداتها، ناهيك عن الضربات الأمنية التي تعرَّضت لها منذ الانقلاب العسكري في 2013م.
والجدير بالذكر، أن قضايا القدس وحق العودة ورفض التسوية السياسية مستمرَّة في رؤية الحركة بنفس وضوح الميثاق، فقد أكَّدت الوثيقة على موقف الحركة الثابت من رفض اقتطاع أي جزء من المسجد الاقصى لصالح الصهاينة، وأن حقَّ العودة ثابت، لا يضرُّه انتشار اللاجئين في شتَّى بقاع العالم، وأنه لن يتمَّ قبول أيِّ تعويض عن حقِّ الفلسطينيِّين في العودة إلى وطنهم فلسطين، مهما حصلوا على جنسيَّات أخرى، لذلك جاء القول الفصل في رفض الوثيقة لكافَّة أشكال التفاوض السابقة التي نتج عنها اتفاقات أو تسويات، فاستمرَّت الحركة في تأكيد رفضها لاتفاق أوسلو؛ لأنه أهدر حقوق الشعب الفلسطيني، ومع ذلك لم ترفض الحركة مبدأ التفاوض ذاته، بل هي ترى أن السياق الحالي لا يصب في صالح استعادة حقوق الشعب الفلسطيني؛ ومن هنا فالمفاوضات باطلة؛ لأنها تهدر الحقوق انطلاقًا من مبدأ الأمر الواقع، وغياب الوسائل القوية التي تساعد الفلسطينيِّين في انتزاع حقوقهم.
إلا أن الوثيقة استطردت لتؤكِّد على فكرتين رئيستين في رؤيتها الاستراتيجية لتحرير فلسطين؛ الأولى تقوم على فكرة عدم العداء المطلق لليهود كيهود، وهى الدعاية التي يشنُّ بها الصهاينة حملات التشويه ضدَّ “حماس”، بل أكَّدت عداءَها للصهاينة أيًّا كانت ديانتهم وعرقيَّتهم؛ باعتبارهم محتلِّين مغتصبين للأرض، ومنتهكين للحقوق، ومزوِّرين للتاريخ. وأمَّا الفكرة الثانية فهي عدم رفض الحركة لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو 1967م، كمحاولة منها لتقريب وجهات النظر مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، باعتبارها تمهِّد لتأسيس صيغة وطنية مشتركة. ورغم أن هذا النص لم يأت بجديد، فقد كان هناك تصريح شهير للشيخ المجاهد الشهيد -بإذن الله- أحمد ياسين، أكَّد فيه عدم رفضه لتأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967م، إلا أن هذا النَّص في التوقيت الحالي يشير إلى ذكاء واضعيه في قراءة الواقع، في محاولة منهم لإبعاد صفة الجمود والتطرُّف عنهم، بتأكيد عدم ابتعاد الحركة عن التوافق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى. فقد قدَّمت الحركة هذا المبدأ لتؤكِّد فيه عدم اعتراضها على التوافق كمنطلَق، بل وقدَّمت خيطًا للبناء عليه رغم أن الأوضاع الحالية بعد أعوام من الحروب المتكرِّرة على غزة والضفة، وسياسات استيطانية متوسِّعة ومطَّرِدة، جعلت من فكرة تأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967م فكرة وهمية وخياليَّة، وغير ممكنة التطبيق؛ لذلك فهي مناورة قدَّمَتْها الحركة في صيغة سعيها نحو التوافق، ومحاولة التخلُّص من الانقسام الفلسطيني؛ ولذا من الصعب توقُّع ربط مصير “حماس” بذات السيناريو الذي حدث لحركة “فتح” انطلاقًا من هذا المبدأ؛ لأنه مبدأ إعلامي هدفه رمي الكرة في ملعب خصوم “حماس” في الداخل والخارج.
وجاء الجزء الثالث من الوثيقة، ليوضِّح رؤية الحركة عن المقاومة وأدوات الصراع، ومنظورها للنظام السياسي الفلسطيني؛ إذ أكَّدت على فكرة تنوُّع أساليب وتكتيكات الصراع، مع ثبات مبدأ المقاومة؛ باعتبارها عقيدة راسخة غير قابلة للتغيُّر مع تعدُّد أساليب إدارة الصراع. ومع ذلك، تؤمن الحركة بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة انطلاقًا من الاعتراف بشرعية التعدُّدية السياسية والأيديولوجية والدينية، اعتمادًا على آلية الانتخابات الحرة النزيهة التي تمكِّن الشعب الفلسطيني من اختيار ممثِّليه، وممارسة سيادته على السلطة؛ وهذا ما حاولَت الترويج له من خلال تجربتها في الانتقال الديمقراطي السلس في مؤسَّساتها الداخلية بعد قدوم السنوار.
وأخيرًا، تختم الوثيقة مبادئها بالحديث عن الأمَّة العربية والإسلامية، والعالم أجمع، من خلال تأكيد الحركة على محورية القضية الفلسطينية وشَرطيَّتها في تحقيق نهضة الأمة العربية والإسلامية وحصولها على حرِّيَّتها؛ من أجل إعادة إحياء حضارتها، كما أن تحقيق الأمن والسِّلم الدوليَّيْن سيظلُّ رهينًا بتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني.

خامسًا- اتجاهات واستراتيجيات “حماس” المستقبلية

انطلقت حماس من عباءة الإخوان المسلمين، لتقدِّم مجموعة من المقولات الجديدة التي دار حولها جدل كبير؛ حيث حسمت حالة التقطُّع في الأداء الجهادي الإخواني؛ إذ حوَّلته إلى مؤسسة لها طبيعة تنظيمية وسياسية وعسكرية؛ وأضحت “حماس” رأس حربة الجماعة، في ترسيخ ريادتها للعمل الإسلامي على مستوى الأمَّة العربية والإسلامية خارجيًّا، وخدمة العمل التنظيمي والتربوي والتعبوي للجماعة داخل قواعدها. كما أنهى تأسيس “حماس” جدلية “الدولة والمقاومة”، فبدلا من انتظار الإخوان لإقامة الدولة الإسلامية من أجل بدأ التحرير، أضحى التوجُّه نحو سير مشروعي الدولة الإسلامية ومقاومة المحتل باعبتارهما خطين مكمِّلين لبعضهما البعض(16).
لقد استطاعت “حماس” الصعود سريعًا باعتبارها فاعلا رئيسيًّا في مواجهة المحتل، من خلال الدعم الكبير الذي حصلت عليه من جماعة الإخوان المسلمين ولو على المستوى المعنوي، إلا أن الجدل الكبير الذي تعرَّضت له الوثيقة بعد تجاهل ذكر الإخوان المسلمين، قد دفع البعض للقول بأن “حماس” انفصلت بصورة رسمية عن الجماعة؛ وهو الأمر الذي رَدَّ عليه مشعل بأن “حماس” تنتمي للمدرسة الإخوانية، إلا أن لها شخصيَّتها المستقلَّة وقرارها المؤسَّسي الداخلي.
في الحقيقة، من الصعب توقُّع حدوث انتكاسة لحماس حتى لو انفصلت عن الإخوان؛ وذلك لأن مجموعة الأهداف التي تأسَّست من أجلها الحركة تَصُبُّ بالأساس في حماية القضية الفلسطينية، ومن أجل هذه الغاية تسخِّر كلَّ طاقاتها نحو تعزيز قدراتها وإمكانيَّاتها في تعاملها مع الشعوب والمنظَّمات والحكومات العربية والإسلامية، وحتى العالمية.
تمحورت أهداف الحركة بالأساس حول الإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة داخل نفوس الشعب الفلسطيني تحديدًا، والشعوب العربية والإسلامية بصفة عامة، وذلك للحيلولة دون التمدُّد الصهيوني الاستيطاني في العالمين العربي والإسلامي(17)؛ ولذلك تمثِّل “حماس” خطَّ الدفاع الأول حاليًّا عن العالم العربي والإسلامي كاملًا، ويبقى الحرص والخوف عليها مفسِّرًا لخشية عدد كبير من المنتقدين لبعض سياساتها واتجاهاتها.
ربما تشير أغلب القراءات الموضوعية للوثيقة إلى عدم حدوث تحوُّل استراتيجي على توجُّهات ورؤى الحركة؛ وعليه فمن المتوقَّع استمرار سياساتها القائمة على تنوُّع أدوات عملية إدارة الصراع، بما يضمن الاستفادة من كافة الأمور الممكنة في الوقت الحالي، بعيدًا عن التورط في تكتيكات قد تؤثِّر بصورة سلبيَّة على استراتيجية الحركة، مثلما حدث من قبل مع “فتح” التي تركت العمل المسلَّح.
ما زالت الحركة تؤمن بالمقاومة باعتبارها خيارًا استراتيجيًّا غير قابل للتبدُّل، وهو ما ظهر في موقف الحركة المستمرِّ في رفض التفاوض المباشر مع المحتل؛ نظرًا لغياب شروط نجاحه التي تصب حاليًّا في صالح الكيان الصهيوني. ناهيك عن تأكيدها على تبنِّي المنظور الإسلامي الشمولي؛ باعتبارها حركة تحرُّر سياسية وطنية ضمن السياج الإسلامي، رغم حالة الانحسار الكبير التي تتعرَّض لها تيارات ما يعرف بالإسلام السياسي.
من ناحية أخرى، لا يخفى على أحد أن انفصال الحركة عن الجماعة الأم، يشير بدرجة أو أخرى للعامل الخارجي، وسواء صدرت الوثيقة بضغط إقليمي أو نتاجًا لتفاهمات خارجية تضمُّ أطرافًا إقليمية ودولية، أو حتى نتيجة مبادرة ذاتيَّة للحركة تستهدف بها المناورة أو الانفصال بالفعل، فلن يؤثِّر ذلك بالسلب على الحركة، بل ربما يخفِّف عنها الضغوط التي تعرَّضت لها والتي يعيشها قطاع غزة نتيجة تبنِّي مواقف سياسية معيَّنة نحو بعض الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، كما فعلت مع مصر بعد إزاحة الجيش للرئيس محمد مرسي.
إن التجربة خير معلِّم، وبالتجربة قرَّرَتْ “حماس” أن الميثاق قد تجاوزه السياق، فقد جاء فى وقت التنازلات والتجاهلات، حيث أصدرت “منظمة التحرير الفلسطينية” مراجعات نبذ العنف، وبحث طرق الحل السلمي مع الاحتلال، وهو ما مثّل سقوطًا مدوِّيًا لمقولات الشعب الفلسطيني التي تبنَّت “منظمة التحرير” الدفاع عنها والإيمان بها، بالإضافة إلى التجاهل العربي الكبير الذي بدأ بعد حرب العاشر من رمضان، وبداية عصر الاستسلام لإسرائيل، فقد تجاهل النظام الدولي ومعه الحكومات العربية، حق الفلسطينيِّين في تأسيس دولتهم، وفقًا لمقرَّرَات الشرعية الدولية ورضوخ الجميع لشرعية الأمر الواقع؛ لذلك كان طبيعيًّا أن يستدعي الميثاق المقولات الكبرى للقضية الفلسطينية، وبنغمة عاطفية رنَّانة تُجَيِّش الشعب الفلسطيني وتعيده إلى قلب البوصلة في مواجهة المشروع الصهيوني؛ من أجل الذَّوْدِ عن مقدَّسات المسلمين في فلسطين، وحرمة باقى أراضي العالم العربي والإسلامي من تمدُّد المشروع الصهيوني، بعد شعورهم بتنازل الجميع عنه.
وما زالت الوثيقة تعبر أن ثوابت القضية الفلسطينية لدى “حماس” راسخة وثابتة لا تتبدَّل، فلم تتنازل الوثيقة عن ثوابت القضية الفلسطينية، ولم تتخلَّ عن تبنِّي المقاومة نهجًا واعتقادًا، ولم تعترف بشرعية مفاوضات “مدريد” و”أوسلو”، ولم تطالب بتجديد المفاوضات المتوقِّفة، بل أعلنت استمرار مواقفها الثابتة حيال تلك القضايا، وعدم الرضوخ لضغوط المجتمع الدولي، وهو ما عبَّر عنه مشعل في حديثه مع مجلة “دير شبيجل” الألمانية، عندما أكَّد بوضوح، أن طريق التنازلات لن يحقِّقَ مطالب وأهداف الشعب الفلسطيني، ورغم إعلان عرفات ومحمود عباس اعترافهما بالدولة الإسرائيلية، فإن ذلك لم تنتُج عنه مآلات إيجابية، لذا فقد أكَّد رفض “حماس” الدخول في طريق التنازلات ذلك.
إلا أن ذلك لا يمنع حدوث تحوُّل كبير في توجُّهات الحركة بعد دخولها المعترك السياسي، مع اعترافها المبدئى برفض أساسه وثوابته التي قامت عليه. فبالرغم من إعلان الحركة رفضها لاتفاق “أوسلو” وما تلاه من مفاوضات وتمظهرات سياسية، نتج عنها في الأخير تشكيل السلطة الفلسطينية، إلا أنها قرَّرَتْ فيما بعد دخول انتخابات للمنافسة عليها؛ ولذا هل يمنع تمسُّك الحركة بالجانب الجهادي اليوم، من انحسارها واكتفائها بالعمل السياسي غدًا، لاسيما أن الصياغة اللغوية للوثيقة تشير بدرجة غير قليلة لكونها موجَّهة للخارج أكثر من الداخل، فقد قدَّمت “حماس” نفسَها باعتبارها حركة متطوِّرة ومنفتحة ولديها قدر من المرونة، وهذا ما يدفعها بصورة ضمنية، للقول بطريقة غير مباشرة، أنها طرف يمكن التحاور معه وعدم الاكتفاء بحركة “فتح”؛ وهو ما قد يفتح الباب بعد ذلك للضغط عليها أكثر لتقديم مزيد من التنازلات، لاسيما مع تدهور الأوضاع المعيشية في غزة، وإعادة ظهور محمد دحلان للتصدُّر مجدَّدًا، ومن بوابة غزة/حماس هذه المرَّة.
لقد حاولَت “حماس” تقديم مسوغات تعطيها الشرعية الدولية كحركة مقاومة، وليس تنظيمًا إرهابيًّا، بتأكيد أنها محصورة في الأراضي المحتلة، ومن خلال تأكيدها عدم رفض تأسيس دولة فلسطينية على حدود 1967م، ورغبتها في المشاركة في “منظمة التحرير الفلسطينية” بعد إصلاحها، بالإضافة إلى نبذها للعنف الذي يمارس في حق المدنيِّين من قِبل الجماعات الجهادية كتنظيم الدولة والقاعدة، وإعلان جدِّيَّة الحركة في المشاركة في تقديم تنازلات فعلية، شريطةَ جِدِّيَّةِ الموقف الإسرائيلي في إقامة السلام الحقيقي، وهو ما يظهر الجانب السياسي البرجماتي للحركة، الذي يوازن بين الثوابت والتكتيكات، لاسيما مع يقينها بعبثية المفاوضات السياسية القائمة حاليًّا، وعدم جدِّيَّة الحكومة اليمينيَّة المتطرِّفة في تقديم شروط فعلية لتحقيق السلام. ومع ذلك لن تحقِّقَ هذه الوثيقة تغيُّرًا محوريًّا في تعامل المجتمع الدولي مع “حماس”، بسبب إصرارها على رفض أهمِّ شروط منح الشرعية؛ وفي مقدِّمتها رفض الاعتراف بدولة إسرائيل، وإصرار “حماس” على تبنِّي المقاومة وشتَّى أدوات الصراع وعدم القبول بشرط “نبذ العنف”، رغم إعلان “حماس” أن قضيَّتها قضية وطنية سياسية مع محتل، وليست دينية مع اليهود ككل.
وبالرغم من ذلك، استطاعت “حماس” من خلال مواقفها الأخيرة، وبنود وثيقتها السياسية، تقديم صورة جديدة عنها، تؤكِّد عدم رفضها لمقرَّرات الشرعية الدولية، شريطة تقديم الآخر سياقًا مناسبًا لتحقيق الثقة، وهو ما لم ولن يحدث وفق شروط الواقع القائم.
*****

الهوامش:

(*) باحث في العلوم السياسية.
(1) أحمد منصور، “الشيخ أحمد ياسين: شاهد على عصر الانتفاضة”، نسخة إلكترونية، 3 نوفمبر 2012، تاريخ تحميلها من الإنترنت 20 أغسطس 2017، موقع Kutub-pdf، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/7H1fne
(2) لم تكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر بداية وسببًا للغطرسة الأمريكية، بل إن تأريخ بداية هذا الواقع يمكن توثيقه مع سقوط الاتحاد السوفيتي، حيث توجَّهت القوة الأمريكية لتأسيس نظامها العالمي الجديد، على أشلاء المنطقة العربية والإسلامية، فكان التواجد الأمريكي بحجة تحرير الكويت، كما أن تفاهمات “مدريد” و”أوسلو” كانت جزءًا من تمظهرات النظام الجديد.
(3) “العدوان الإسرائيلي على غزة 2014″، موقع الجزيرة.نت، 5 ديسمبر 2014، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/mDYjx4
(4) شفيق الحوت، “قراءة نقدية في تجربة حماس وحكومتها 2006 – 2007″، تحرير: محسن صالح، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، الطبعة الأولى، 2007)، ص 10.
(5) “الانقسام الفلسطيني.. تسلسل زمني”، موقع وكالة فلسطين اليوم الإخبارية، 17 مارس 2011، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/wcd2yp
(6) كان يتولَّى هذا الجهاز مسؤولية اعتقال المعارضين لاتفاق أوسلو بشكل خاص، والسلطة وتوجُّهاتها بصفة عامَّة، لاسيما عناصر “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
(7) “الانقسام الفلسطيني”، مرجع سابق.
(8) المرجع السابق.
(9) وائل عبد العال، “وثيقة حماس وتأثيراتها على القضية الفلسطينية”، مركز الجزيرة للدراسات، 17 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/11rE11
(10) “العدوان الإسرائيلي على غزة 2014″، مرجع سابق.
(11) شيماء منير، “مأزق الخيارات الإقليمية لحماس بعد فوز يحيى السنوار”، موقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 23 أبريل 2017، https://goo.gl/TuWJLW
(12) تقدير استراتيجي، “مستقبل تموضع حركة حماس الإقليمي في ضوء وثيقتها السياسية وانتخاباتها الداخلية”، (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29 مايو 2017)، متاح عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2yoV1n3
(13) سعيد الحاج، “هل ستسير حماس على خطى فتح؟”، موقع المركز المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 5 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/F68TSn
(14) لقراءة الوثيقة كاملة، انظر: “وثيقة المبادئ والسياسات العامَّة لحركة حماس”، موقع الجزيرة.نت، 1 مايو 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://goo.gl/gTujyw
(15) قام الباحث بتقسيم الوثيقة إلى محاور وفقًا لرؤيته الخاصَّة، حيث لم يأتِ هذا التقسيم في الوثيقة الأصلية.
(16) عدنان أبو عامر، “الحركات الإسلامية في الوطن العربي (المجلد الثاني)”، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2013)، ص ص 2397 : 2398.
(17) المرجع السابق، ص ص 2400 : 2401.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى